عيسى الأعرجي (توفي ١٣٣٣ هـ / 1914 م)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):
بني هاشمٍ أبناءُ حــــــربٍ ببغيها قد ارتكــــــــــبتْ منكمُ عظيمَ الــجرائمِ
نسيتمْ غداةَ (الطفِّ) أبــناءَ أحمدٍ على الأرضِ صرعى مِن عليٍّ وقــاسمِ
فقوموا غضاباً واشرعوها أسنّةً تــــــــــلوّى على الأكتافِ مــثلَ الأراقمِ (1)
الشاعر
السيد عيسى بن جعفر بن محمد بن حسن بن محسن الأعرجي الكاظمي، عالم وأديب وشاعر، ولد في الكاظمية من أسرة علمية علوية شريفة يعود أصلها إلى السيد عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر ابن الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقد لقبت الأسرة بالأعرجي نسبة إلى جدها عبيد الله الأعرج.
وقد أنجبت هذه الأسرة العديد من الأعلام في الفقه والعلم والأدب أبرزهم: السيد محسن بن حسن بن مرتضى الأعرجي الكاظمي المعروف بـ (المحقق الكاظمي) و(المحقق البغدادي)، الذي كان أبرز العلماء الأعلام في عصره.
نشأ السيد عيسى في أجواء العلم والأدب وورث عن آبائه العلم والفضيلة، ودرس في الكاظمية على يد جماعة من العلماء الأفاضل منهم: السيد مرتضى آل حيدر الكاظمي وأخوه السيد مهدي، والشيخ محمد تقي آل أسد الله، والشيخ محمد كاظم الكاظمي
ثم هاجر إلى النجف الأشرف فدرس الفقه والأصول على يد الشيخ محمد طه نجف، والسيد كاظم اليزدي، والشيخ محمد كاظم الخراساني ثم عاد إلى بلدته. (2)
قال عنه السيد محسن الأمين: (كان فاضلاً أديباً شاعراً) (3)
وقال الشيخ محمد السماوي: (كان فاضلاً خفيف الروح أديباً، رأيته واجتمعت به فرأيت منه الرجل الحصيف الرأي العالي الهمة المنبسط الوجه واليد وكان شاعراً...) (4)
وقال أيضاً في أرجوزته مؤرّخاً وفاته:
وكــــــــــــحفيدِه الأديبِ اللسنِ عيسى سليلِ جعفرَ بن الحسنِ
قد شعَّ في العلمِ شعاعَ الكوكبِ وناءَ في حـــملِ لواءِ الموكبِ
ثم التجى لــــــــــــجدِّه فابتهجا وأرخــــوا: لاذَ بأوفى ملتجى (5)
وقال الشيخ أغا بزرك الطهراني: (عالم كامل وأديب جليل من رجال أسرته الافاضل، وأعلام المعرفة الأماثل قرأ على علماء عصره وبدع في الأدب ولا سيما الشعر) (6)
وقال السيد محمد علي الحلو: (عُرفت مدرسة بغداد الأدبية بشعرائها المجيدين وكان السيد عيسى الكاظمي من ألمع هؤلاء المبدعين) (7)
وقال عمر رضا كحالة: (أديب، خطيب، شاعر، كاتب). (8)
توفي الأعرجي في الكاظمية ودفن في الصحن الكاظمي الشريف (9) ورثاه عدد من الشعراء منهم الشيخ عبد الحسين أسد الله والشيخ كاظم آل نوح (10)
شعره
قال عبد العزيز البابطين: (شعره قليل، يلتزم البناء العمودي، يعتمد وحدة البيت، وينظم في أغراض الشعر التقليدي... وجارى القدماء في صورهم..)
وقد جمع الشيخ محمد حسن آل ياسين ما عثر عليه من شعره في كتابه (شعراء كاظميون) (11)
قال من قصيدته في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) التي قدمناها وجمعنا ما ذكر منها:
إلى كـــــــــــم أُمنّي بالطلا والغلاصمِ عطاشى القنا والمرهفـــاتِ الصوارمِ
وحتى متى أطوي على الضيمِ أضلعاً وأغضي وفي كفّي رمحي وصارمي
ألستُ إلى البيــــــــــتِ المـشيدِ رواقه نمتني أباةُ الضيمِ مِــــــــــن آلِ هاشمِ
فإن لمْ أثبْ في شزّبِ الـــــخـيلِ وثبةً مدى الدهرِ يبقى ذكرُها فــي المواسمِ
فلستُ الذي في دوحةِ المجــدِ والعلى تفرّعَ قدماً مِــــــــــــــن عــليٍّ وفاطمِ
وإن لمْ أثرها في العجـاجِ ضـــوامراً عليها مــــــــــــثارُ النقعِ مثـلَ الغمائمِ
فلستُ قديماً بالذي راحَ يـنتمــــــــــي لعبدِ مُنافٍ في العلى والــــــــــمكارمِ
همُ الـــــــــــقومُ إمّا إن دعوا لفضيلةٍ فما لهمُ في فضلِــــــــــهم مِـن مُزاحمِ
تراهـــمْ إذا عن نابِها الحربُ كشّرتْ وقـــــــد أبرقتْ بيضَ الظبا بالجماجمِ
بدوراً زهــتْ تحتَ العجاجِ وجوهُها مرنّحةَ الأعــــــــــــطافِ ميلَ العمائمِ
إذا أسدلَ الــــــــــــــليلُ البهيمُ رواقَه عليهمْ أزاحوهُ بضــــــــــــوءِ المباسمِ
مهما تـرى فـي الدهــرِ منهمْ مُسالماً فما لابنِ حـــــــــربٍ فيهمُ مِــن مسالمِ
بني هاشــمٍ أبناءُ حــــــــــربٍ ببغيها قد ارتكــــــــبتْ منكمُ عظيمَ الــجرائمِ
نسيتمْ غــداةَ الطفِّ أبناءَ أحـــــــــمدٍ على الأرضِ صرعى مِن عليٍّ وقاسمِ
فقوموا غــضاباً واشــــرعوها أسنّةً تــــــــــلوّى على الأكتافِ مـثلَ الأراقمِ
وله قصيدة في مظلومية السيدة الزهراء (صلوات الله عليها) تبلغ (24) بيتاً نقل السيد جواد شبر مطلعها وقال إنه ضمنها في مخطوطه (سوانح الأفكار في منتخب الأشعار) (12) وقال الأستاذ عبد الكريم الدباغ بعد أن ذكر قول شبر: (والقصيدة نقلتها كاملة من أوراقي الخاصة ولم تنشر سابقاً) (13) يقول السيد عيسى الأعرجي فيها:
خطبٌ يُذيبُ من الصخـورِ صلابَها ويزيلُ مِن شمِّ الجبالِ هضابَها
فــــــلو أنّ ما قاسيتَ منـه صادفتْ صــــــمَّ الصفا معشارُه لأذابَها
خطـــبٌ لهُ أمسيتُ أصـفقُ راحتي وذرى المـعالي منهُ تقرعُ نابَها
أجداثُ تيمٍ لا سقــــــــتْ لكِ حفرةً ديـمُ الـسحابِ ويا عدمتِ ربابَها
كلا ولا ريحُ الـــــصبا لكِ روَّحتْ أرضــاً ولا روَّى الغمامُ ترابَها
قد ضمَّ قــــربَكِ مَن على أشراكِها يومَ الســـــقيفةِ أنكصتْ أعقابَها
لـــــــــــم ترعَ ذمَّةَ أحمدٍ مِن بعدِهِ فلها أطالَ اللهُ فـــــــــيكِ عذابَها
نسجتْ لها في الشركِ بُردَ ضلالةٍ ومِن الضلالةِ فصَّلتْ جــــلبابَها
عقــــــــدتْ بذلكَ بيعةً قد خرَّجتْ للمــصطفى الهادي النبيِّ دبابَها
اللهُ ممّا قد جــــــــــــنتْ إذ قدّمتْ مَن شادَ فــيه بنو الضلالِ قبابَها
قد أخّرتْ مَن كانَ غـامضُ علمِه لمــــــــــدينةِ العلمِ الرفيعةِ بابَها
فأتتهمُ الزهراءُ تطــــــــلبُ إرثَها ولهم أطالتْ فــي الكلامِ خطابَها
فغـــــــدتْ تنمِّقُ تيمُ مِن إشراكِها أخبـــــــارَ زورٍ ما عدتْ كذّابَها
حتى إذا لــــــــــمْ ترعَ ذمَّةَ أحمدٍ فيها ولا راعـــــــتْ لها أنسابَها
عطفـتْ على القبرِ الشريفِ برنّةٍ تشكو إلـــــيهِ مِن اللئامِ مصابَها
واللهِ مــــــــــا أدري لأيِّ مصيبةٍ تشكو فقد هــــدّ القوى ما نابَها؟
ألعِصرِها بالبـــابِ حتى أسقطتْ أم حرقِها ياللبــــــــــــريّةِ بابَها؟
أم لطمها حتى تــــــــناثرَ قِرطها وبه تقصّدَ عينُــها فأصــــــابَها؟
أم ضربها حتى تكسّرَ ضــــلعُها ضرباً يرومُ به الـــــزنيمُ أيابَها؟
أمْ غصبـــــهم مِن بعدِ ذلكَ نِحلة أم أنّــــــهمْ خرقـوا لذاكَ كتابَها؟
أمْ قودهم لإمـــــــــــامِهم بنجادِه كيما يُبايـــــــــــعُ جهرةً أذنابها؟
والطهرُ تهتفُ خلفَهــــم في رنّةٍ ملأتْ من الـــبيدِ القفارِ رحابَها
ما عندهم لنبيِّـــــــــــهمْ فيها إذا ما قد تولّى فـــي المعاد حسابَها
يومٌ به الزهراءُ تحمــلُ محسناً سقطاً فتذهلُ للــــــــورى ألبابَها
...............................................................
1 ــ ذكر منها السماوي (12) بيتاً ــ الطليعة ج 1 ص 172 وقال وهي طويلة / أدب الطف ج 9 ص 11 ــ 12 / ذكر منها (10) أبيات في موسوعة الشعراء الكاظميين ج 5 ص 305 ــ 306 / وذكر (9) أبيات منها في أعيان الشيعة ج 8 ص 382
2 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين للدباغ ج 5 ص 297
3 ــ أعيان الشيعة ج 8 ص 382
4 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 2 ص 98
5 ــ صدى الفؤاد إلى حِمى الكاظم والجواد (عليهما السلام) ص 64
6 ــ نقباء البشر ج 4 ص 1637
7 ــ أدب المحنة ص 296
8 ــ معجم المؤلفين ج 8 ص 22
9 ــ الطليعة ج 1 ص 172
10 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 5 ص 297 ــ 298
11 ــ شعراء كاظميون ج 2 ص 105 ــ 119
12 ــ أدب الطف ج 9 ص 12
13 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 5 ص 301 / الهامش
كما ترجم له:
السيد عادل العلوي / النفحات القدسيّة في تراجم أعلام الكاظميّة المقدّسة ص 256
أغا بزرك الطهراني / الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج ٩ ق ٣ ص ٧٧٨
اترك تعليق