874 ــ عبد الحسين أبو ذئب (توفي 1151 هـ / 1738 م)

عبد الحسين أبو ذئب (توفي 1151 هـ / 1738 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (79) بيتاً:

وسقْــــــــتَ كلَّ مثيرِ النقعِ قسـطله     يومَ (الطفوفِ) يحيلُ التربَ دخانا

حالتْ به القبّةُ الـزرقاءُ وانصبـغتْ     غـــــــــــــبراً بسيطتها بالدمّ ألوانا

بمفردٍ لم تــــــــحطه غيرُ شـرذمةٍ     قد فصّلتْ مـــــــن نجيعِ الدمِ أكفانا (1)

ومنها:

تــمثّلوا شخصَهم في الخلدِ وارتحلوا     وخلّفوا في محاني (الطفّ) أبدانا

وصافحوا صفحاتِ البيضِ واعتنقوا     قــــــــبيلَ ممـساهُمُ حوراً وولدانا

ســـالتْ على الأسلِ السامي نفوسهُمُ     فقرّبوا الـــــــنحرَ للأجسامِ قربانا

ومنها:

أغرّ يُــستسقى الظامي بغرّته     أمسى بشقّةِ أرضِ (الطفِّ) عطشانا

عـــــقّادَ ألويةِ الراياتِ سالبَها     أضـــحى خليّاً سليبَ النصرِ عُريانا

تقبّلُ الجامحاتُ الشامساتُ له     تحتَ الـــــــسنابكِ بالرمضاءِ جُثمانا

ومنها:

أمـستْ أحبّتُنا في (الطفِّ) شاخبةً     أوداجُــها وعلى الأنضاءِ أسرانا

تطوي ظهورَ الفلا في كلِّ عاريةٍ     تـــطوي المفاوزَ آجاماً وغيطانا

كأنــــــــنا من رعايا التركِ حوّلنا     ريبُ الزمانِ إلى الأشرارِ أولانا

ومنها:

لو كـنتُ أسمعُ يومَ (الطفِّ) داعيةً     تدعو أجيبوا لــداعي الحقِّ سُلطانا

لقُدتها كالسعالي في الوغى انتعلتْ     مِــــن مفرقِ القومِ هاماتٍ وتيجانا

تحــرّضُ الاُمّهاتِ المشفقاتِ على     أبنائنـــــــــــا لا تدانوا صفَّ ذئبانا

الشاعر

الشيخ عبد الحسين بن عبد الله بن محمد بن أحمد آل أبي ذيب، من آل المقلد المنتسبين إلى قصي بن كلاب أحد أجداد النبي (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله)، ولد في البحرين من أسرة علمية ــ أدبية، برز منها العديد من العلماء والشعراء والأعلام، منهم الشيخ ناصر أبو ذيب الخطي الذي ولي الحسبة في بلاد القطيف في زمانه وكان من تلامذة العلامة الكبير الشيخ سليمان الماحوزي البحراني الثاني، ومنهم الشاعر الكبير الشيخ يوسف أبو ذيب الشاعر المصقع الأديب (2) وهو أخو الشاعر عبد الحسين أبو ذئب.

وقال الشيخ علي البلادي البحراني عن الشاعر عبد الحسين أبو ذيب : (ومن أهل هذا البيت ـ أي بيت أبي ذيب ـ الشاعر الأديب الخير الشيخ عبد الحسين أبو ذيب من شعرائها المشهورين وأدبائها المذكورين، ومن شعراء أهل البيت المخلصين، له قصائد في الرثاء مشهورة...). (3)

وذكر البلادي أن الشيخ عبد الحسين والشيخ يوسف هما ابنا عم، غير أن السيد جواد شبر يقول في ترجمة الشيخ عبد الحسين: (أخبرني أحد أحفاده ان الشيخ عبد الحسين هو أخو الشيخ يوسف أبي ذيب). (4)

وذكر الكرباسي اسمه كما ذكرناه يعني أنه أخوه. (5)

وقال عنه الشيخ محمد علي التاجر البحراني: (الفاضل الأديب اللبيب الكامل...) (6)

 

شعره

قال في قصيدته الحسينية:

عجمَ الطلولِ ســـــــــــــــــقاكَ الدمعُ هتّانا     ما أفظعَ الخطــبِ لو أفصحتَ ما كانا

قد كـــــــــــنتُ أعـــهدُ فــيكَ الربعَ ملتئماً     مـــــــــــــل‏ءَ الـمعاهدِ جيراناً فجيرانا

دارتْ على القـــطبِ أيــدي النائباتِ فــما     أبقتْ صــــــــروفَ الردى للقومِ تِبيانا

أقوتْ معاهدُهــــم حــتى مضوا مثـــــــلاً     للمستبينَ وللـــــــــــــــــــعانينَ أحزانا

اُقلّبُ الطـــــــــــــــرفَ فيها لا اُطـيقُ بها     كلَّ الوقوفِ ولو حاولــــــــــتُ أزمانا

حـــــــــــــالتْ فما أبــقتِ الدنيا نضـارتَها     وحوّلتْ روضَها المـمطورَ كُـــــــثبانا

كانــــتْ لكَ الخيرُ للعــافي سحابَ نـــدىً     والمــــــــــــؤمنينَ عـداكَ العتبُ إيمانا

وكــــعبةٌ أصبحتْ طــوّافَ ســــــــاحتِها     لا تختشي من صــروفِ الدهرِ طوفانا

خانــــتْ بها مرجفــاتُ الـــسوءِ فانقلعتْ     بالنائباتِ ويا بؤســــــــــــــــاً لمَن خانا

كأنّــــها لم تــــــــــــــكنْ أضحتْ أحبّتُها     والقــــــــــــاطنونَ بـها شجواً وأشجانا

فــــي كلِّ صقعٍ لهمْ فــي الأرضِ فادحةٌ     خطبُ اللبـــــــــــيبِ إذا سـلّـى بها هانا

أيّ التراتِ التي يا دهــرُ تــــــــــــطلبُها     حتى قصدتَ لها مــــــــــثـنىً ووحـدانا

رمتْ خطوبُكَ أزكــى الــــمرسلــينَ بما     يقذي عيونَ العلا بالدمــــــــــعِ غـدرانا

سدَّدتَ سهمَ المنــايا فــــي أرومــــــــتِه     حــــــــــــــــتى أصبتَ له شـيباً وشـبّانا

فقُدتَ أشقى غـــــــــــــويٍّ من أذاكَ إلى     أزكى العبــــــــــــــادِ أمينِ اللّهِ‏ مــولانا

والبضعةُ الحــــــرّةُ الـحــوراءُ كمْ لقيتْ     هوناً يؤجّجُ في الأحـــــــــــشاءِ نـيـرانا

لو صُبَّ عـــــشرُ عشـــــيرٍ مِن حوادثِهِ     فـــــــــــــــي رأسِ راسيةٍ أو جلمدٍ لانا

وسبطه الــــحسنُ الزاكــي الذي شهدتْ     بـــــــــــــــفضلِه الآيُ تفضيلاً وإحسانا

أذقـــــــــــــــتِه السمَّ لم تــرعي له نسباً     شاءَ العلا شـــــــــــــرفاً والمجدُ عرفانا

وسقْـــــــــــــتَ كلَّ مثيرِ الــنقعِ قسـطله     يومَ (الطفوفِ) يحــــــــيلُ التربَ دخانا

حـــــالتْ به القبّةُ الـزرقاءُ وانـصبـغتْ     غـــــــــــــــــــبراً بسيــطتها بالدمّ ألوانا

بـــــمفردٍ لم تــــــــحطه غيرُ شـــرذمةٍ     قد فصّلتْ مــــــــــــــن نجيعِ الدمِ أكفانا

تــــمثّلـــوا شخصَهم في الخلدِ وارتحلوا     وخلّفوا في محـــــــــاني (الطفّ) أبدانا

وصـــافحوا صفحاتِ البيضِ واعتنقــوا     قـــــــــــــــبيلَ ممـســاهُمُ حوراً وولدانا

ســـالتْ على الأسلِ السامي نــفوســـهُمُ     فقرّبوا الــــــــــــــــنحرَ للأجسامِ قربانا

ظــــنّوا قراعَ المواضي وهيَ مـــرديةٌ     وبــــــــــــــاســقاتِ القنا رَوحاً وريحانا

تخالهـــــــــــمْ إن نحوا يوماً لمــــعركةٍ     بشدّةِ الـــــــــــعــدْوِ في الهيجـاءِ ظلمانا

يثني الجموعُ فــــراداهمْ وما رشــــفتْ     مِن سائغِ المــــــــــــــاءِ بالأفـواهِ قِدحانا

كادتْ على الجيشِ أن تأتي بواتــــرهمْ     لولا القضاءُ على الآجــــــــــالِ قَد حانا

باعوا على اللّهِ‏ أرواحــــــــاً مـــــقدّسةً     وما رضوا غيرَ دارِ الــخلدِ أثـــــــــمانا

أمسوا وريحُ الصبا تعدو أعــــاصرُها     ثـــــــــوباً فيضفي على الأشــلاءِ أردانا

تسنّمتْ روسُهمْ لما أبوا شــــــــــــرفاً     مِن شاهـــــــــقاتِ القنا الخطّيِّ خِرصانا

وراحَ وتـــــــراً بَعيدُ الـــــدارِ منفرداً     مَن كان يُــدعى لِـــــــــــعَينِ العلمِ إنسانا

قد قلّدته المنايــــــــا شـــــطرَ ساحتِها     من بعدما أهـــلكتْ أهــــــــــــلاً وإخوانا

يذوذُ حدَّ المواضــــــــي غيرَ مكترثٍ     مثلَ الـــــــــــــعفرنى إذا وافاكَ غضبانا

يسـتأصلُ الجيشَ ضــرباً لو قذفتَ بهِ     جبالَ رضـــــــــــوى لأوهى منه أركانا

تــــضيءُ سودُ الليــالي إن لها بزغتْ     بـــــــــيضُ المــواضي على هاماتِها آنا

تثيرُ تــــــــحتَ ظــلالِ النقعِ مسرعةً     تــــــــأتي علــى الصفِّ فرسانا ففرسانا

أغرّ يُــستسقى الــــــــــــظامي بغرّته     أمــــسى بشقّــةِ أرضِ (الطفِّ) عطشانا

عـــــقّادَ ألويةِ الرايــــــــــــاتِ سالبَها     أضـــــــحى خــليّاً سليبَ النصرِ عُريانا

تقبّلُ الجامحاتُ الــــــــــــشامساتُ له     تحـــتَ الـــــــــسنابكِ بالرمضاءِ جُثمانا

كـــــــــريمُه فــوقَ مطرورِ القنا علمٌ     ســـــــــــــــــــامٍ يناطحُ في علياهُ كِيوانا

وغـــادروا أهــلَه شعثاً على مضضٍ     تقلّبُ الكفَّ إســـــــــــــــــــراراً وإعلانا

إذا دجـــــــــــا الليلُ ألـجتها شواغلها     حزناً فتهتفُ لا حـــيّيتَ مــــــــــــمسانا

كانتْ أوائلــنــــــــــــــا واللّهُ‏ يخبر ما     تــــــــــــــخشى وتحذر ما تـلقاهُ أحزانا

يا محنةً لــيسَ ننســــــاها وإن بعدتْ     والبــعدُ يُحـــــــــــــدث للإنـسانِ نسيانا

ووقعةً أورثــتنا في الوغـــــى نصباً     يأتي عــلى صبرِ أدنـــــــــــانا وأقصانا

أذمُّ دهــري على خطبٍ شـــرقتُ بهِ     لأنه عن قــصـيِّ البغي أصمــــــــــــانا

أمـــستْ أحبّتُنا في (الطــفِّ) شاخبةً     أوداجُـــــــــــــها وعلى الأنضاءِ أسرانا

تطـوي ظهورَ الفلا في كــلِّ عاريةٍ     تـــطوي المفــــــــــــاوزَ آجاماً وغيطانا

كــأنــــــــنا من رعايا التـركِ حوّلنا     ريبُ الزمانِ إلــى الأشـــــــــرارِ أولانا

مكشوفــــــــــةَ الوجهِ للنظّارِ يقدمنا     حـــــــــــــــــوصُ الركائبِ بلداناً فبلدانا

الــــــــليلُ أشخصنا الظلماءَ يكتمها     حتى إذا الصبــــــــــــــــحُ للنظّارِ أفشانا

في الأسرِ نرفلُ في قيدِ الحديدِ على     سفنِ الفيافي إلـى الشامـــــــــاتِ مسرانا

غذاؤنا من طــــــعامِ الثاكلاتِ ومِن     دمـــــــــــــــــوعِنا قد ملأنا البرَّ غُدرانا

وواحــــدُ الناسِ سلطانُ الحقائقِ مِن     بيُــــــــــــــمنِ طلعتِه الرحـمنُ أحضانا

الـعابدُ الــــــساجدُ الصوّامُ خيرُ فتىً     نعدّه كهفَ دُنــــــــــــــــــــــيانا واُخرانا

فـي أسرِ جــــــــامعةٍ للأسرِ جامعةٌ     تخالها قصمتْ للعمــــــــــــــــــرِ رَيعانا

يـدعو إذا طوّحـــــــتْ أيدي مهجَّنةٍ     بــــــــــــــــــــجـسمِه ولوى مطلاً وليّانا

هبّـي اُميّةَ قد بُوِّئتِ مُـــــــــــــــثقلةً     يومَ الجزا مِـــــــــــن عطاءِ اللّهِ‏ خُسرانا

أبـدتْ أوائـــــلكِ البغضا وما قنعتْ     حتى قصدتِ لنا ظــــــــــــــلماً وعدوانا

فقتّلـتْ وسبَتْ واســــتأجرتْ وقلَتْ     وما رعـــــــتْ للورى في البعثِ رعيانا

لكنّـــــــــــــــــــما أمرنا للّهِ‏ نحسبُه     في ذمّةِ اللّهِ‏ مــــــــــــــــــــــوتانا وأحيانا

يا بنَ العواتكِ والساداتِ مِن مُضرٍ     والـــــــــــمقمحي الخيلَ عدناناً وقحطانا

والــمشرفاتُ على هامِ العُلا شرفاً     عن شيـبةِ الـــــــــحمدِ والمحمودِ عمرانا

لو كـنتُ أسمعُ يومَ (الطفِّ) داعيةً     تدعو أجـيبوا لــــــــــداعي الحقِّ سُلطانا

لقُدتها كالسعالي في الوغى انتعلتْ     مِــــن مفـرقِ القومِ هــــــــاماتٍ وتيجانا

تحــرّضُ الاُمّهاتِ المشفقاتِ على     أبنائنــــــــــــا لا تدانوا صـــــــفَّ ذئبانا

قـــــــومٌ إذا ولجوا هيجاءَ معركةٍ     ظـــــنوا صدور القنـا في الصدر أشطانا

(قومٌ إذا الــــشرُّ أبدى ناجذيهِ لهمْ     طـــــــــــــــاروا إليـهِ زُرافاتٍ ووحدانا)

(لا يسألونَ أخـــــاهمْ حين يندبهمْ     في النائباتِ عــــــــــــلى ما قالَ بُرهانا)

لكن تأخرتِ الأيّـــــامُ بي فمضى     مِن المنى ظفراً والمــــــــــــــجدِ حُسبانا

فبتّ اُوقرُ سمعَ الـثــــــاكلاتِ بما     يُشجي وأخـــــــــــــــــطبُ للباكينَ آذانا

بكلِّ شاردةِ الأمـثالِ آنســــــــــــةٍ     تعدُّها بــــــــــــــــــــــلغاءُ الشعرِ فُرقانا

أسفارُ تــــــوراةِ إنجيلِ المحبّةِ قد     تعلّمتْ مِن زبورِ النـــــــــــــــوحِ ألحانا

ذيبيةٌ نلتُ مــــــرضاها فنلتُ بها     رضـــــوانَ يتحفني في الحشرِ رضوانا

تتلى فــــــتنفثُ أرواحَ الثناءِ كما     تــــــــــــــــــذكرَ النازحُ الأهلينَ أوطانا

أوردتها حوضَ آمالي بكمْ فغدتْ     تثيرُ لا تـــــــــــــــــختشي واللّهِ‏ حِـرمانا

حمّلتها من تضاعيفِ السلامِ كما     ضمنتها من لطيفِ الـــــــــــــــودِّ تبيانا

................................................................

1 ــ شعراء القطيف ج 1 ص 35 ــ 38 / ديوان القرن الثاني عشر ج 3 ص 93 ــ 103

2 ـــ أنوار البدرين للشيخ علي البحراني ص ٣٤٨ رقم 36

3 ــ نفس المصدر والصفحة

4 ــ أدب الطف ج 5 ص 220

5 ــ ديوان القرن الثاني عشر ج 3 ص 201

6 ــ منتظم الدّرين في أعيان الأحساء والقطيف والبحرين ج 2 ص 222

كما ترجم له:

الشيخ علي المرهون / شعراء القطيف ج 1 ص 35

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار