869 ــ درويش علي البغدادي: (1220 ــ 1277 هـ / 1805 ــ 1860 م)

درويش علي البغدادي: (1220 ــ 1277 هـ / 1805 ــ 1860 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (22) بيتاً:

وقضى بـ(الطفوفِ) غوث البرايا     فبكائي لفقــــــــــــــدِ غيثِ النوالِ

فالسمـــــــــــاواتُ أعولتْ بنحيبٍ     فهيَ تبكي بــمدمــــــــــــعٍ هطّالِ

وبـــــــكى البدرُ في السماءِ وحقٌّ     أن يُـــــــــــرى باكياً لبدرِ الكمالِ (1)

وقال من حسينية أخرى:

عُــــــــجْ بـ(الطفوفِ) وقبِّلْ تربةَ الحرمِ     ودعْ تــــــــــذكّرَ جيرانٍ بذي سلمِ

يا عُجْ وعجِّلْ إلى أرضِ (الطفوفِ) فقد     أرستْ على بـقعٍ في السهلِ والأكمِ

راقتْ وجــــــــــــاوزتِ الجوزاءَ منزلةً     كــــــما بمدحِ حسينٍ راقَ مُنتظمي (2)

الشاعر

الشيخ درويش بن علي بن الحسين بن علي بن محمد البغدادي الحائري الدرويش المعروف بـ(درويش علي البغدادي)، عالم وأديب وشاعر، ولد في بغداد، ودرس فيها العلوم الدينية، ولما تفشى الطاعون في بغداد عام (1246 هـ) توفي أبوه وأمه وسائر أهله، فسافر إلى كربلاء (3) ودرس عند علمائها حتى أصبح في عداد العلماء الأعلام وتصدر التدريس، وبقي في كربلاء حتى وفاته ودفن بباب الزينبية عند مشهد الإمام الحسين (عليه السلام) (4) بوصية منه (5).

قال عنه السيد جواد شبر: (كان عالماً فاضلاً أديباً مطبوعاً أحد شعراء القرن الثالث عشر المتفوقين بسائر العلوم الغريبة وكانت له اليد الطولى في تتبع اللغة والتفسير وعلوم الأدب والدين وصنف كتباً كثيرة) (6)

وقال الشيخ آغا بزرك الطهراني: (سافر الى كربلاء وجالس بها وأخذ عن علمائها حتى صارت الأفاضل تشير إليه بالأنامل وبرزت له تصانيف مفيدة) (7)

وقال الشيخ محمد حرز الدين: (هاجر الى كربلاء وأقام فيها وهو ضابط لمقدماته العلمية باتقان فحضر على علمائها الأعلام الفقه والأصول والكلام حتى صار عالماً فقيهاً محققاً بارعاً) (8)

وقال الشيخ عبد الحسين الأميني: (كان عالماً فقيهاً متكلماً شاعراً طويل الباع في التفسير واللغة وعلوم الادب... وله تأليف ممتعة وشعره حسن). (9)

وقال الشيخ جعفر السبحاني: (كان فقيهاً إمامياً، متكلماً، شاعراً، متبحراً في علوم العربية...) (10)

وقال عنه ولده الشيخ أحمد: (كان عالماً عاملاً فقيهاً أديباً كاملاً شاعراً ماهراً متكلماً وقوراً مهيباً متبحراً في العلوم العربية قرأ في بغداد على علمائها في العلوم الأدبية وبعد سنة 1246 هاجر إلى الحائر فاخذ عن علمائه الفقه والأصول وحاز المعقول والمنقول) (11)

وقال السيد الرضا بن علي الموسوي البحراني الصائغ: (كان عالماً كاملاً فقيهاً فاضلاً أديباً شاعراً سريع البديهة في النظم والنثر جامعا بين جودة السبك وحسن المعنى متكلماً وقوراً مهيباً زاهداً ناسكاً تقياً نقياً ورعاً عفيفاً حسن الخلق والسيرة سليم الذات نقي السريرة عارفاً باللغة والتفسير وعلم البلاغة والنحو والتاريخ والسير غير مدافع قرأ في بغداد على علمائها ثم هاجر بعد وفاة أمه وأبيه في الطاعون الكبير الذي عم البلاد وأهلك العباد سنة 1246 إلى كربلاء فقرأ على علمائها وبقي مقيما بكربلاء مشتغلا بالتدريس ونشر العلم إلى أن توفي) (12)

وقال عنه السيد سلمان آل طعمة: (كانت له اليد الطولى بتتبع اللغة والتفسير وعلوم الأدب والدين وصنف كتبا كثيرة) (13)

وقال المحقق عباس العزاوي: (كان عالماً أديباً شاعراً) (14)

له من المؤلفات، (غنية الأديب في شرح مغني اللبيب لابن هشام ــ في ثلاث مجلدات)، (معين الواعظين)، (تنبيه الغافلين ــ في المواعظ والأخلاق وأصول الدين)، (الشهاب الثاقب في الرد على النواصب)، (الجوهر الثمين)، (قبسات الأحزان في مقتل الحسين عليه السلام)، (شرح دعاء السمات)، (بغية الطلب في شرح الزيارة الجامعة في رجب)، (الأجوبة الحائرية في انتصار مذهب الجعفرية)، (قبسات الأحزان في مقتل الحسين عليه السّلام)، (المزار)

شعره

يقول آل طعمة: (للشاعر قصائد ومنظومات في مدائح ومراثي الإمام الحسين الشهيد وأهل بيته المعصومين عليهم السلام كما رثى أصدقاءه العلماء والأدباء، وهذه النماذج التي بين أيدينا وإن كانت قليلة، إلا أنها تدل على غزارة علمه واتقان معرفته، فشعره جزل اللفظ، منسجم التركيب، سلس الطبع، رائق الأسلوب، يخلو من الصنعة، ولا يتعدى الأغراض المألوفة (15)

وقد نقل مقاطع من بعضها:

قال من قصيدته في الإمام الحسين (عليه السلام):

عينُ سحِّـــــــــي دماً على الأطلالِ     بربوعٍ عفتْ لصــــــرفِ الليالي

قد تولّى سعودُ أنســـــــــــي بنحسٍ     بعدَ خسفِ البـــدورِ بعــدَ الكمالِ

ما لهذا الـــــــــــــزمانِ يطلبُ بالثا     راتِ ما للزمـــانِ عنــدي ومالي

أيـــــــــــنَ أهلُ التقى مهابطُ وحيٍ     الله أينَ الــــــــهداةُ أهــلُ المعالي

آلُ بيتِ الإلهِ خيرُ الــــــــــــــبرايا     خـــــــــيرةُ العالمينَ هــمْ خيرُ آلِ

جرِّعوا مِن كؤوسِ حتـــفِ الـمنايا     وردَ بيضِ الظبا وســمرَ العوالي

ليتَ شعري وما أرى الـدهرَ يوفي     بذمامٍ لسادةٍ ومـــــــــــــــــــوالي

غــــــــيرَ مُجدٍ في ملّتـي نوحُ باكٍ     لطلــــــــــولٍ بــمدمعٍ ذي انهمالِ

بل شجــــــاني ناعٍ أصـابَ فؤادي     بابنِ بنتِ الـــــنبيِّ شمسِ المعالي

كوكبُ النيـــــــــرينِ ريــحانةُ الها     دي النبيِّ الرســــولِ فرعُ الكمالِ

بأبي سبطُ خاتمِ الـــــــرسلِ إذ صا     رَ يقاسي عظــائــــــــــمَ الأهوالِ

لـــــــــستُ أنساهُ وهــوَ فردٌ ينادي     هل نصيرٌ لنـا وهلْ مِـــن موالي

لم تجبـــــــــــه عصــابةُ الكفرِ إلّا     بقنـــــــــا الــخطِّ أو برشقِ النبالِ

وغدى يظهـرُ الـــــــــــدلائلَ حتى     لمْ يدعْ حـــــــــــــــجّةً لقيلٍ وقالِ

وأتــــــــــــــــته تــشنُّ غارةَ غدرٍ     فسقاها مِــن المــــواضي الصقالِ

وهوَ فردٌ وهـــــــــــمْ ألوفٌ ولكنْ     آيةَ الــــــــــسيفِ يومَ وقعِ النزالِ

بطلٌ يرهبُ الأســـــــــــودَ إذا ما     حكّمَ البيـــضَ مِــن رقابِ الرجالِ

وقضى بـ(الطفوفِ) غوث البرايا     فبكائي لفقــــــــــــــدِ غيثِ النوالِ

فالسمـــــــــــاواتُ أعولتْ بنحيبٍ     فهيَ تبكي بــمدمــــــــــــعٍ هطّالِ

وبـــــــكى البدرُ في السماءِ وحقٌّ     أن يُـــــــــــرى باكياً لبدرِ الكمالِ

فعزيزٌ عــــــــلى البـتولةِ تلقى الـ     ـرأسَ منه يســـــري على العسَّالِ

وبناتُ النبيِّ تُهـــــــــدى إلى الشا     مِ أسارى من فوقِ عجفِ الجمالِ

وقال من قصيدته الأخرى:

عُــــــــجْ بـ(الطفوفِ) وقبِّلْ تربةَ الحرمِ     ودعْ تــــــــــذكّرَ جيرانٍ بذي سلمِ

يا عُجْ وعجِّلْ إلى أرضِ (الطفوفِ) فقد     أرستْ على بـقعٍ في السهلِ والأكمِ

راقتْ وجــــــــــــاوزتِ الجوزاءَ منزلةً     كــــــما بمدحِ حسينٍ راقَ مُنتظمي

أخلاقُه وعطاياهُ وطــــــــــــــــــــــلعتُه     قد استنارتْ كضوءِ النارِ في الظلمِ

يكــــــــــــفي حسيناً مديحُ اللهِ حيث أتى     في هلْ أتى وســـــبا والنونِ والقلمِ

كانَ الزمـــــــــــــــــانُ به غضَّاً شبيبتُه     فعادَ ينذرُنا مِن بُعــــــــــــدُ بالهرمِ

قال السيد جواد شبر: (ورأيت في كتابه (قبسات الاشجان) كثيرا من شعره في رثاء الامام الحسين عليه السلام فمن قصيدة يقول في أولها:

هلَّ المُحرَّمُ لا طـــــــــــــالتْ لياليهِ     طولَ المدى حيث قد قامتْ نواعيهِ

ما للســـــــــرورِ قد انسدّتْ مذاهبُه     وأظـــــــلمَ الكونُ واسودّتْ نواحيهِ

فــــــــــمطلقُ الدمعِ لا ينفكُّ مطلقُه     جارٍ يــــروّي ثرى البوغاءِ جاريهِ

يعززْ عليكَ رسولُ اللهِ مصرعُ مَن     جبريلُ في المهدِ قد أضحى يناغيهِ

وله من قصيدة حسينية مطلعها:

صروفُ الدهرِ شبَّتْ في غليلي     وجسمي ذابَ مِن فرطِ النحولِ (16)

وقال مخمساً ميمية الفرزدق في الإمام زين العابدين عليه السلام:

هـــذا الذي طيَّبَ الباري أرومــــــــــــــتَه

قدماً وأعلى على الجــــــــــــــوزاءِ رتـبتَه

هذا الذي حــــــــــــــــــوتِ الآياتُ مدحتَه

هذا الــــــــــــــذي تعرفُ البطحاءُ وطأتَه     والبيتُ يعرفُه والحلُّ والــــــــــــــــــحرمُ

هذا ابنُ مَن تُعــــــــــــرفُ التقوى بقربهمُ

والعــــــــــــــــــلمُ والدينُ مقرونٌ بعلـمِهمُ

وما السعادةُ إلّا نيلُ حبِّهـــــــــــــــــــــــمُ

هذا ابنُ خيـــــــــــــــــــــرِ عبادِ اللهِ كلهمُ     هذا التقيُّ النقيُّ الطاهرُ العــــــــــــــــــلمُ

هذا الذي ضلَّ نهـــــــــــــجُ الحقِّ جاحدُه

وفي سبيــــــــــــــلِ الهدى لم يعمَ قاصدُه

هذا الذي قطّ لا تُحصى مـــــــــــــحامدُه

هذا الذي أحـــــــــــــــــمدُ المختارُ والدُه     وابـــــــــــنُ الوصيِّ الذي في سيفِه النّقمُ

هذا الذي سـمتِ العليا بــــــــــــــــسؤدَدِه

هذا الذي لا يُــــــــــــــضاهى في تهجُّدِه

هـــــــــــــــذا الذي لا ترى خلفاً بموعدِه

ما قــــــــــــــــــــالَ لا قط إلّا في تشهُّدِه     لولا التشهّدُ كانتْ لاؤهُ نــــــــــــــــــــعمُ

هذا الذي مَن قــــــــــــــلاه في لظى نُبذا

ومَـــــــــــــــــن تولاهُ حقّاً لم يصبه أذى

كم هالكٍ بولا هـــــــــــــــــــــذا قد انتقذا

مَن يعــــــــــــــــرفُ اللهَ يعرفْ أوليةَ ذا     فالدينُ مِن بيتِ هــــــــــــــــذا ناله الأممُ

سَلْ هل أتى هل أتتْ في غيرِهمْ وطرتْ

وســــورةُ النـجمِ سَلْ في حقِّ مَن ذكرتْ

وسَلْ بــــــــــمَن آيةُ التطهيرِ قد سطرتْ

يُنمى إلى ذروةِ الـــــــــعزِّ التي قصرتْ     عن نيلِــــــــــــها عربُ الإسلامِ والعجمِ

هذا الذي حرمـــــــــــــةُ الجبَّارِ حرمتُه

هذا الذي شرعةُ المختــــــــــارِ شرعتُه

هذا الذي صــــــــــــــحفُ الجبارِ تنعتُه

مشتقةٌ من رسولِ اللهِ نــــــــــــــــــبعتُه     طابتْ عنـــــــــــــاصرُه والخيمُ والشيمُ (17)

وله أيضاً تخميس قصيدة البردة (18)

.......................................................................

1 ــ أدب الطف ج 7 ص 95

2 ــ نفس المصدر ص 98

3 ــ أدب الطف للسيد جواد شبر ج 7 ص 95 / شعراء كربلاء للسيد سلمان هادي آل طعمة ج 2 ص 75

4 ــ شعراء كربلاء ج 2 ص 77

5 ــ أعيان الشيعة ج ٦ ص ٣٩٦

6 ــ أدب الطّف ج 7 ص 95

7 ــ الكرام البررة ج 2 ص 516

8 ــ معارف الرجال / ج 1 ص 305

9 ــ شهداء الفضيلة ص 374

10 ــ موسوعة طبقات الفقهاء ج 13 ص 263

11 ــ أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ج ٦ ص ٣٩٦ عن كنز الأديب أحمد بن درويش

12 ــ نفس المصدر عن الشجرة الطيبة للبحراني

13 ــ شعراء كربلاء ج 2 ص 75

14 ــ تاريخ الأدب العربي في العراق ج 2 ص 141

15 ــ شعراء كربلاء ج 2 ص 77

16 ــ أدب الطّف ج 7 ص 98

17 ــ شعراء كربلاء ج 2 ص 78 ــ 79

18 ــ أعيان الشيعة ج ٦ ص ٣٩٧

كما ترجم له:

الشيخ أغا بزرك الطهراني / الذريعة ج 16 ص 17 و33 و65

خير الدين الزركلي / الأعلام ج 4 ص 281

كامل سلمان جاسم الجبوري / معجم الأدباء ج 4 ص 261

كاتب : محمد طاهر الصفار