779 ــ محمد خليل العماري (1312 ــ 1393 هـ / 1894 ــ 1973 م)

محمد خليل العماري (1312 ــ 1393 هـ / 1894 ــ 1973 م)

قال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (133) بيتا وقد ألقاها الشاعر في العاشر من المحرم سنة (1385 هـ / 1965 م) في جامع الأنصاري ونشرت في مجلة العدل النجفية سنة (1386 هـ / 1966 م)

ضاءَ العــــــراقُ بنورٍ مِن وجوهِهمُ     فهمْ بدورُ الهدى في (كربلا) غربوا

هــــــــــذا الحسينُ ومن تهواهُ أفئدةٌ     وحــــــــــبُّهُ طاعةُ الرحمنِ والقربِ

فجدُّه المصطفى الهادي الرسولُ به     نالَ العلا مـــن له في الكونِ ينتسبُ  

فالأمُّ فاطــــــــــمةٌ والمجتبى حسنٌ     أخوهُ والمرتـــــضى وهوَ العليُّ أبُ

فيا له نسبٌ ما حــــــــــــــازهُ بشرٌ     سوى الحسينِ فــــفيه العزُّ والحسبُ (1)

ومنها:

يا قاصداً (كربلا) نحوَ الحسينِ فسِرْ     فالسيـــــــرُ لا تعبٌ فيه ولا نصبُ

سِــــــرْ لابنِ بنتِ رسولِ اللهِ فاطمةٍ     تـــــــــلقَ المُنى كلما تدنو وتقتربُ

فإنْ وصـلتَ الحمى في متنِ مركبةٍ     ضاعفْ خُطاها إذا ما لاحتْ القُببُ

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (128) بيتاً ألقاها الشاعر في العاشر من المحرم سنة (1386 هـ / 1966 م)

أدمُ الــحسينِ يُباحُ فيكَ بـ (كربلا)     والطفُّ يصبحُ ربضةَ الآسادِ

عـــاشورُ قد لاحَ الصديعُ ومُذ بدا     نــارُ الوغى شبَّتْ بقدحِ زنادِ

حميَ الوطيسُ بنارِ حربٍ أوقدتْ     تحــــــــتَ العجاجةِ أيَّما إيقادِ

وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (101) بيت وقد ألقاها في العاشر من محرم سنة (1387 هـ / 1967 م) في جامع الأنصاري:

بــكَ (كربلا) عزَّتْ وفيكَ تشرَّفتْ     لمّـا نزلتَ بها وكانَ المصرعُ

دمُكَ الزكيُّ جرى وقد لاثَ الثرى     فغدا الثرى من طيبِهِ يتضوَّعُ

طــــــــــــهرٌ وطيْبٌ طيِّبٌ يستافُه     عـندَ الصلاةِ الساجدونَ الرُّكّعُ

الشاعر

محمد بن خليل بن إسماعيل بن بن عبد اللطيف القرغولي، ولد في مدينة العمارة جنوبي العراق، وفيها درس القرآن الكريم ومبادئ النحو والفقه على الشيخين مصطفى أفندي، مدرس الجامع الكبير في العمارة، ومحمد سليم أفندي، المفتي في جامع علي أفندي، ودرس الفرائض عند الشيخ أمين أفندي المدرس في جامع الحاج سالم.

لكن الظروف اضطرته لمواصلة الدراسة والتوجه للعمل وطلب الرزق لإعالة عائلته بعد أن أسر أبوه من قبل الانكليز بعد احتلالهم للعمارة وإرساله إلى سمر بور في الهند.

عمل العماري في المحكمة الشرعية في قضاء علي الغربي، ثم توجه للعمل الحر، وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وعودة أبيه من الأسر وتعيينه قاضياً، عمل العماري (كاتب عشائر العمارة)، ثم انتقل إلى المنتفك ــ الناصرية ــ ومنها إلى أبي صخير، فالكوت فكربلاء، ثم انتقل إلى بغداد وفيها شغل منصب ورئيس هيئة لتدقيق حسابات البلديات في مديرية البلديات العامة، وبمقتضى عمله تنقل بين الديوانية والسماوة والموصل ودهوك وزاخو والسليمانية،، ثم عُيِّن مديراً للتموين في الحلة، ثم انتقل إلى أربيل ومنها إلى ديالى، وبعد هذه الرحلة التي امتدت لربع قرن عاد العماري إلى مسقط رأسه وتوفي فيه. 

نشر قصائده في الصحف والمجلات العراقية منها بغداد، والإيمان، والعدل، كما عمل صحفياً في جريدة التهذيب، ومديراً للتحرير في المنتفك، وقد أنشأ العماري أول مطبعة في العمارة سمِّيت بـ (المطبعة العمارية) عام 1924 صدرت عنها أول جريدة هي جريدة (التهذيب) سنة 1926

له ديوان شعر بعنوان (الدموع) ــ وهو جزء من ديوانه الكبير ــ طبع في مطبعة الأسواق التجارية عام (1387 هـ / 1967 م) قدم له الشاعر الأديب خليل رشيد فقال في مقدمته:

(الخليل في ديوانه الأول المسمى بـ (الدموع) يصور لنا مواكب الغناء فتؤخذ بروعة التصوير.

أوجدت الطبيعة شاعرنا قطعة منها ليفرغها نغماً شجياً وهتافاً ساحراً على أوتار القلوب الحساسة والعواطف الجياشة، فعبَّ الكأس مترعة بالألم، الألم الذي يحسه الشاعر ويلمسه الأديب، فانكب على الحقيقة المرة اكباب النهم فاستوعب ما تضمنته الحقيقة، حقيقة الموت بذهن متوقد ومزاج شاعري حاد يحز النفس ويبعث فيها المرارة والألم.

تجد براعة الوصف ودقة التصوير تنساب من ريشة فناننا الخليل حين يرثي الحسين (عليه السلام) الذي كان السبب في جمع ما تناثر من رثائه لمحبيه في هذا الجزء من ديوانه الكبير تجدها قطعاً منتزعة من قلبه ليلبسها جيد الخلود شعراً.

فإذا ما حلق متساميا في دنيا الرثاء خرت المعاني أمامه صاغرة مستسلمة خاضعة ليختار الجيد الجميل منها ليلبسه جيد الخلود فيرجع بغنيمة الظافر المنتصر وهي منقادة أمام الفكر المبدع الخلاق.

وما الدموع هذه التي انتظمت في سلك البيان شعراً إلا قطعاً منتزعة من كبد الخليل، وما الكلم هذا إلا درراً متساقطة على أقدام مجده.

فما أروعه حينما تداعب ذؤابة قلمه ما تحجر من العواطف وما تبلد من الشعور فحيا الله الخليل وحيا قلمه)

كما قرظ ديوانه الشيخ عبد الغفار الأنصاري فقال:

للهِ دوماً أحــــــــــمدُ      فيما أقولُ وأنــــــشدُ

وابنُ الخليلِ بـنظمِهِ      يرثي الحسينَ فيُسعدُ

للهِ مِــــن مجـموعةٍ      فيها محــــــمدُ يُحمدُ

أرِّخ (بـــهاءُ قـلائدٍ      نظمَ الدموعَ مــحمدُ)

وقد كتب الشاعر في مقدمة ديوانه عن سيرته فقال: (عُينت كاتباً للمحكمة الشرعية في قضاء علي الغربي في عهد الحكومة العثمانية. وفي عهد الانكليز فضلت الاشتغال بالكسب الحر على التوظيف وعندما وضعت الحرب أوزارها وبعد عودة الوالد من الاسر وتعيينه قاضياً بعد تشكيل الحكومة الوطنية (نتيجة ثورة العشرين) عُرضت عليَّ وظيفة مدير تحرير فرفضت ذلك لأني آثرت الانصراف عنها إلى خدمة الصحافة والأدب من جهة. ولأني لا أميل إلى السلطة المحتلة ونهجي الذي يخالف رغبتها من جهة ثانية. إلا أنني اضطررت أخيراً لقبول وظيفة (كاتب عشائر) العمارة في حزيران 1924م درءاً لأبعادي عنها حيث كان المشاور الانكليزي مقرراً ذلك...)

ويقول العماري عن ديوانه (ديوان العماري محمد الخليل): (يشتمل على مختلف المواضيع الشعرية ولكثرته تعذر علي طبعه لما يتطلب من مادة أولا، ومن جهد في تنقيحه وتهذيبه وخطه ثانياً.

وبناء على رغبة أخواني العماريين التقطت منه القصائد المنظومة في جرح أمير المؤمنين ومقتل سيد الشهداء الحسين عليهما السلام، وقمت في خطها بقلمي والحقت بها كل ما نمته من المراثي وتواريخ الوفيات بحق العلماء والسادة والإخوان خلال السنين السابقة واللاحقة. وأثبتها في هذه المجموعة وأسميتها ديوان (الدموع) من ديوان محمد الخليل العماري ورتبتها كما هو مسطور فيه. وأجري على الله الكريم ونبيه العظيم وآله الطيبين الطاهرين. وأنا على يقين من قولي هذا:

الــــــــــــــشعرُ يبقى إذا ما ماتَ ناظمُه     ذكرى إلــيه مدى الأعوامِ والدهرِ

والشعرُ في مدحِ آلِ المصطفى وبني الـ     ـزهراءِ أو في رثاءِ السادةِ الطهرِ

إن قيلَ نــــــــــــــــالَ مِن الرحمنِ قائله     أجـــــــراً ويؤنسُه في وحدةِ القبرِ

وسوفَ يلقاهمُ عندَ الحســـــــــــابِ غداً     وهم وقــوفٌ له في موقفِ الحشرِ

شعره

قال الشاعر في مقدمة ديوانه: (بينما كنت نائماً ليلة الجمعة في 20 ذي الحجة سنة 1383هـ رأيت نفسي امشي في فضاء واسع وانا في ظمأ شديد فنظرت على بعد اناساً يزدحمون فقصدت ذلك الازدحام واذا هم على باب (مدخل) وهناك واقف شخص نوراني طويل القامة وعلى رأسه عمة خضراء فناداني تعال يا محمد الخليل فأنفرج المزدحمون ودخلت من بينهم فسلمت عليه فرد عليَّ السلام وقال لي انت عطشان اذهب الى ذلك الحوض حيث يجلس عليه والدي امير المؤمنين فقصدته واذا هو شيخ ذو لحية بيضاء مستديرة صبيح الوجه قصير القامة وعلى رأسه عمامة بيضاء جالس على مصطبة بجنب الحوض، فقال لي تعال يا محمد الخليل انك عطشان، فانظر اولا هذه قصيدتك التي القيتها في جامع الانصاري في اليوم العاشر من شهر محرم المنصرم في رثاء ولدي الحسين قد احتفظنا بها كما تراها معلقة فرفعت رأسي اليها واذا بها القصيدة الهمزية وهي بخط يدي فتعجبت لأني لم اعطها لأحد، ولم استطع السؤال عن ذلك للرهبة التي اعترتني، فقال هاك الماء واشرب من حوض الكوثر لأنك ظمآن، وناولني ما يشبه الطاسة فأخذتها من يده وشربت حتى ارتويت، وانتبهت وأن أرتعد هيبة مما رأيت).

قال من قصيدة (يوم الإمام) وهي في رثاء أمير المؤمنين (عليه السلام) وتبلغ (33) بيتاً وقد ألقاها الشاعر في الحفل الذي أقيم بالمناسبة في هيأة المكتبة الإسلامية في العمارة في (23 / رمضان / 1386 هـ) ونشرتها مجلة الإيمان في عام (1387 هـ)

ما للقلوبِ أراها تشتكي ألــــــــــــــــــما      وللأســـــــــى ضرمٌ فيها قد اضطرما

وحادثُ الكوفةِ الحمــــــــــــــراءِ بارقُه      أضنى النفوسَ وأشجى العربَ والعجما

حلّتْ على أمةِ الإسلامِ كـــــــــــــــارثةٌ      منها المحاجــــــرُ فاضتْ بالدموعِ دما

تلكَ الفجيعةُ لا أخــــــــــــــرى تـماثلها      وهولها أذهلَ التــــــــــــــاريخَ والأمما

فيالَه حادثٌ ما كـــــــــــــــــــانَ أفـدحَه      لمَّا ألمَّ وخطبٌ وقعه عــــــــــــــــــظما

قد زلزلَ الأرضَ والأطوادَ ضعضـعها      وهزّ أمَّ القرى والبيـــــــــــتَ والحـرما

يـــــــــومُ الإمامِ عليِّ الطهرِ مصرعُه      أبكى الأنامَ وأودى بالعيونِ عـــــــــــمى

هذا ابــــــــــــنُ عمِّ رسولِ اللهِ ناصرُه      في كلِّ موقعةٍ أرســــــــــــــى بها قـدما

سَلْ عـــــنه بدراً وسَلْ مِن بعدِها أحداً      ومَن لمعركةِ الأحزابِ قد قــــــــــــــدما

فبعضُهم قــــــــتلوا والبعض قد وقعوا      أسرى وباقيهمُ قد عــــــــــــــادَ مُنهزما

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (45) بيتاً وقد ألقاها الشاعر في يوم العاشر من محرم عام (1383 هـ / 1963 م) في الاحتفال الذي جرى بالمناسبة في جامع الأنصاري:

هلَّ المحـرَّمُ والأسى عمَّ الورى     فَبِكُلِّ بيـــــــــــتٍ مأتمٌ لعزاءِ

بمُحـــــــــرمٍ كانَ القتالُ محرَّماً     والعربُ لم تسفكْ دمَ الأعداءِ

أيـــــحلُّ فيه ولم يحرَّم في اللقا     قتلَ الحسينِ وآلــــــهِ الشهداءِ

عظمَ المصابُ بهِ وأيُّ مصيبةٍ     تحكى مصيبةَ يومِ عــاشوراءِ

فيزيدُ قد ورِثَ العداوةَ عن أبٍ      ووراثةُ الآبــــــــــاءِ لــلأبناءِ

قلْ في مـــــعـاويةٍ مقالكَ بابنهِ     كلٌّ علــــى قـدرٍ أتـى بــسواءِ

بطليقِ سوأتِـــه معاويةَ ارتقى     والغدرُ لا يغـدو بنـي الطــلقاءِ

ويزيدُ في عمَرِ ابنِ سعدٍ مثله     لــــــمَّا أتى بـجحافـلٍ غــوغاءِ

لقتالِ ســبطِ محمدٍ وهوَ الفتى     ذو عـــــــزّةٍ وعـزيـمةٍ وإبــاءِ

فأبوهُ حيـــدرةُ الوصيُّ وجدُّه     طهَ الرســولُ وسـيدُ الـبطــحاءِ

وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) أيضا من قصيدة تبلغ (73) بيتاً:

بــــــــــــــنو أميّةَ ضلّوا حينما حكموا      فأضمروا لبني الزهراءِ أضغانا

فالمجتبى الحسنُ الزاكي الشهيدُ قضى      إذ أطعـــــموه فدته النفسُ ذيفانا

وللحسينِ يــــــــــــــــزيدُ الغرُّ حاربَه      وزادَ في بـــــغضِهِ سرّاً وإعلانا

فجهَّزَ الحملةَ النكراءَ عـــــــــــــارمةً      يقــــــــــودُ قـائـدُها جنداً وأعوانا

جاءتْ تجرُّ ذيولَ الخـــــــزيِّ جائرةً      وفوزُها كان فـي الدارينِ خُسرانا

عدتْ عليهِ وقد لاقـى جحــــــــــافلَها     وصــدرُه الرحـبُ بالإيمانِ ملآنا

فنفسُه كرُمــــــــــــتْ مِن أن يمدَّ يداً      فيها يصــــــــافحُ فــسّاقاً وشيطانا

ربُّ الآباءِ أبيُّ الضـــــيمِ مِن صغرٍ     سمتْ كرامتُه بــــــــالــشأوِ كيوانا

يأبى الخضوعَ لمأفونٍ ومـــغتصبٍ      له الخلافةُ لا تحتـــــــــــاجُ برهانا

ناداهمُ هاتفٌ هذا ابنُ حيــــــــــدرةٍ      لكنّهم قد غدوا صمَّاً وعــــــــــميانا

وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (133) بيتاً:

شُلّتْ يدٌ أضرمتْ بالحقدِ نـــارَ وغى     مِن قبلُ كانـتْ لهذي النارِ تحـتطبُ

إنَّ الحسيــــــــنَ وسيفاً كـــانَ يحمله     بــــــاتا علــى ظمأٍ والماءُ منـسربُ

يراقبُ النجمَ طــولَ الليـلِ مِـن أرقٍ     وعينُـــــــــــه لطلوعِ الفجرِ ترتــقبُ

حتى إذا لاحَ نورُ الـشمسِ مُـنتشراً     على البطـــــاحِ ونارُ الحربِ تــلتهبُ

لقد غدا السيفُ رياً مـــــــن دمائهمُ     وقبضةُ السيفِ فيها الكفُّ مــختضبُ

وإنّه لم يذقْ ماءً يبــــــــــــــــلُّ به     غليلَ قلبٍ وقـــــــد أودى بــه الشربُ

نهرُ الفراتِ وقد فاضتْ روافُـــــده     فكيفَ يُمنعُ عنـــــــــــــه ماؤهُ العذبُ

بقى وحيداً ومن وافى بصـــــحبتِه     قضوا عطاشا وكاساتُ الردى شربوا

فخرَّ للأرضِ عن متنِ الجوادِ وقد     نـــــــــالته سمرُ القنا والنبلُ والقضبُ

عاشورُ فيكَ سويعاتٌ قد انصرمتْ     بنو أمـــــــــــيةَ فيها بئسَ ما ارتكبوا

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (128) بيتاً ألقاها الشاعر في العاشر من المحرم سنة (1386 هـ / 1966 م):

يا أمَّةً قامتْ بــــــحشدِ جمـوعِها     ومشتْ بغيرِ هدىً وغيرِ رشـادِ

غدرتْ بـــــــسبطِ نبيِّها وسيـوفُها     فــــي وجهِـه سُلّتْ مِن الأغـمادِ

جاءَ الــعراقَ ولمْ يجدْ مِن نـاصرٍ     وكــــــــأنّهـمْ كانوا إليهِ أعـادي

فــــــــتخاذلوا وتخلّفـوا عنـه وهمْ     سدّوا عـــــــليهِ منافذَ الأرصـادِ

فسرى وقد رصدَ الـحمامُ مـسيرَه     وغدا يماشي الركبَ بالمـرصادِ

ركبٌ به قطعَ الرحـــــابَ لنينوى     فاناخَ فيها واســــــــتقرّ الحادي

وأتى ابنُ سعدٍ باحـثاً فـــي جيشِهِ     يطوي الفدافدَ مِـن ربــىً ووهادِ

نادى حسيناً أن يمدَّ لــه يـــــــــداً     ومحذّراً بالوعـدِ والإيــــــــــعادِ

إذ لا سبيلَ إلى النجـــــاةِ بغيرِها     والحربُ قائـمةٌ على استعـــــدادِ

فأبو الإباءِ أبى فلمْ يـمــــــددْ يداً     ليزيدَ منقاداً ولا ابـنَ زيــــــــــادِ

لا يبتغي بحياتِه عـــرضَ الــحيا     ةِ ولا لما زانتــــــــــــه بالمنقادِ

نظرَ الحياةَ ذليـــــــــلةً في عينِه     فاختارَ عنها رحلةً لبــــــــــــعادِ

ونوى إلى دارِ البـقــــــاءِ مُنعّماً     فأرادَ رحلتَه عـــــــلـى استشهادِ

منعوهُ عن ماءِ الفــراتِ ووردِه     والماءُ لمْ يُمنعْ عن الــــــــــورَّادِ

وجدَ الرَّدى كأساً يهونُ شرابُها     عن ماءِ عذبٍ بالهـــــــوانِ برادِ

وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (101) بيت وقد ألقاها في العاشر من محرم سنة (1387 هـ / 1967 م) في جامع الأنصاري:

نلتَ الشهادةَ وهيَ أعدلُ شــــــــــاهدٍ      يومَ الــــــــــــــــلقا ودمٌ به متنجِّعُ

بكَ كربلا عزَّتْ وفيكَ تـــــــــشرَّفتْ      لمَّا نزلتَ بها وكانَ المــــــــصرعُ

دمُكَ الزكيُّ جرى وقـــد لاثَ الثرى     فغدا الثرى من طيبِـــــــهِ يتضوَّعُ

طهرٌ وطيبٌ طيِّبٌ يــــــــــــــــستافُه      عندَ الصلاةِ الســـــــاجدونَ الركَّعُ

إن أودعوا الجسمَ الـشريفَ بأرضِها      فبكلِّ قلبٍ في الحقيقةِ مُــــــــــودَعُ

إنَّ المواليـــــــــــــــنَ الذينَ عهدتهمْ      فعيونُهم في ليــــــــــــلِهمْ لا تـهجعُ

كلٌّ غدا أرقـــــــــــــــاً يئنُّ ويشتكي      وبجنبِه لا يستقرُّ المـــــــــــــضجعُ

فأمضُّ خـطبٍ كانَ خطبُكَ في الدنا      ولآلكَ الخطبُ الــــــممضُّ الـموجعُ

لــــــــــــــهفي على أولادِ آلِ محمدٍ      صرعى تُرضُّ صدورُهمْ والأضلعُ

فجسومُهمْ رهنُ العراءِ على الثرى      ورؤوسُـــــــــــهمْ فوقَ الأسنَّةِ تُرفعُ

.........................................

1 ــ ترجمته وشعره عن: ديوان (الدموع) للشاعر ــ مطبعة الأسواق التجارية 1387 هـ / 1967 م تقديم الأستاذ خليل رشيد

كما ترجم له:

جبار عبد الله الجويبراوي ــ صورة مدينة العمارة في الجيل الماضي / ملاحق المدى بتاريخ 31 / 3 / 2013

سامي ندا جاسم الدوري / موسوعة شعراء العرب ص 114 ــ 115

محمد منير اللكود / لكود القشعم ص ج 1 ص 175

أبو طالب عبد المطلب الهاشمي / العمارة الكحلاء في العقد الثالث من القرن الماضي / الفصل الخامس

ماجد البلداوي ــ تاريخ الصحافة في محافظة ميسان / موقع ميسان ماسة العراق الجديد بتاريخ 30 / 7 / 2008

الشاعر / مقدمة ديوانه ص 7 ــ 13

كاتب : محمد طاهر الصفار