775 ــ عبد الهادي المخوضر (ولد 1389 هـ / 1969 م)

عبد الهادي المخوضر (ولد 1389 هـ / 1969 م)

قال من قصيدة (الزهراء على تراب الطف.. واولداه) وهي متعددة القوافي وتبلغ (41) بيتاً:

يا دهرُ كمْ فيكَ أســــــــىً ماله     بعدَ مآسي الطـفِّ مِن موئلِ

فيهِ رسولُ اللهِ مصـــروعُ والـ     ـزهراءُ يا مظــــلومةَ الأوَّلِ

هذا عليُّ المرتضى فــــــي دمٍ     يا نائحاتُ الدهرِ فابكي علي

والحسنُ المسمومُ في (كربلا)     مـجدّلٌ في دمِه الـــــــمرسلِ

إن قيلَ: الـسـبطُ قتيـــــــلٌ بها     فمـصرعُ الأطهارِ قد قيلَ لي

للطــــــــفِّ ثـأرُ فاطـلبي ثأرَه     وعن حسينٍ أمّتي فاســــألي

تريهِ مـــا زالَ وفــوقَ الثرى     والشمرُ ما زالَ فيــــها اقتلي (1)

وقال من قصيدة (الكفان القطيعتان) وتبلغ (29) بيتاً:

مـقطوعتانِ.. لم تزا     لا في شجونِ الأعصرِ

وكانتا حـمى الحسيـ     ـنِ الـــسبطِ خيرِ البشرِ

أحزانُ عاشـوراءِ ثأ     رُ الله يــــــومَ المحشرِ

و(كربلاءُ) شـــمعةُ     منها انصبـــــابُ العِبَرِ (2)

وقال من قصيدة (الثأر يا زهراء...)

وامضي لـ(كربلاءْ)

وصـــــــبِّغي اليدين

من مــــنــــحرِ فوَّارْ

مقطّعِ الأوصــــــال

هذا دمُ الحسـيــــــنْ

ورأسُـــه يُـــــــــدارْ (3)

الشاعر

الشيخ عبد الهادي بن عبد الله بن مهدي بن حسن المخوضر، ولد في قرية السنابس بالبحرين، وفيها نشأ نشأة علمية ــ أدبية، وبعد إكماله الثانوية، هاجر إلى النجف الأشرف للدراسة، لكنه اضطر للعودة إلى بلاده بسبب أحداث العراق في التسعينيات فعاد إلى البحرين ليكمل دراسته الحوزوية في حوزة الشيخ عبد الأمير الجمري وحوزة السيد علوي الغريفي وكان من مرافقي الشيخ الجمري.

فاز بالمركز الأول في الشعر على مستوى الخليج العربي، وله ديوان مطبوع بعنوان: (عليك تبكي السماء ــ دار الهادي بيروت 1992)، وقد أسس جمعية الإمام السجاد (عليه السلام) للأعمال الخيرية، كما أسس دار للعصمة للنشر ودار أخرى طبعتا أكثر من 150 كتاب أدبي وثقافي، وشغل منصب عضو مجلس إدارة في حوزة الإمام زين العابدين (عليه السلام)، ومؤسس جمعية الإمام السجاد (عليه السلام) للأعمال الخيرية. (4)

قال عنه السيد محمد علي الحلو: (إذا كان العقد الرابع الميلادي قد شهد نقلةً جديدةً في بناء القصيدة الشعرية على يد بدر شاكر السياب ونازك الملائكة فان العقد التسعيني من القرن الميلادي قد شهد ولادة القصيدة العربية من الشعر الحر البحراني على يد مبدعه الأستاذ عبد الهادي المخوضر.

وإذا كانت الرؤى السياسية المختلفة قد شاركت في صياغة التركيبة الفنية للشعر الحر، فإن الضرورة العقائدية التي دفعت بأديب البحرين، "عبد الهادي المخوضر" إلى أن يبعث بالقصيدة العربية من الشعر الحر ليبثّها في أرجاء المعمورة الأدبية، وإذا استطاع بدر شاكر السياب أن يؤسس مدرسته الشعرية التجديدية تعبيراً عن نزعته الفكرية، فان عبد الهادي المخوضر قد أسس مدرسته الابداعية تعبيراً عن مبتنياته العقائدية.

هكذا تميزت مدرسة المخوضر الابداعية، فالحس الفاطمي الذي يحمله مشروعه الأدبي، قد سجّل حضوراً مهمّاً في إثبات المأساة الفاطمية، والجهد الابداعي قد وظّفهُ المخوضر للتعبير عن الرؤية البحرانية التي يعيشها الشاعر فيحمل هواجس البحرانيين إلى الأمة الإسلامية، ولعل ابداعيات المخوضر الأدبية، دعوة كريمة إلى رواد الحواضر الأدبية لتكريس الجهود الابداعية من أجل اثبات قضية أهملتها المشاريع السياسية، وأماتتها المحاولات التنظيرية المبطّنة.

أعاد المخوضر أمجاد الولاء البحريني، كما أعاد إلى الأذهان انبعاث القصيدة الملتزمة، ولعل المشاريع التجديدية التي شهدتها القصيدة الأدبية كانت على حساب المسلّمات والثوابت، لكن "محاولات المخوضر" الأدبية كانت تجديداً لصياغة هذه المسلمات والثوابت، أي أن "مدرسة المخوضر" التجديدية كانت انبعاثاً فنياً طموحاً، تلتقي مع مدرسته التقليدية الناضجة، فتعبّر عن توجهات الشاعر الملتزمة.

استطاع "المخوضر" أن يشارك في المشروع الفاطمي بصياغته الجديدة، ووفّق في الوقت نفسه أن يحافظ على ثوابت هذا المشروع فيبعثهُ إطلالةَ تاريخ على أمة مظلومة.

في ديوانه الموسوم "عليك تبكي السماء" قدّم محاولاته الناجحة، وعبّر عن صياغة مشروعه الأدبي الذي يلتزم مشروعاً تاريخياً ـ عقائدياً، وأسس مدرسته التجديدية، كمحاولة أضافها إلى مشاريع الولاء البحريني). (5)

وجاء في مقال عن الشاعر: (يمثل الشاعر الشّيخ عبد الهادي المخوضر ــ من مؤسّسي تيّار الوفاء الإسلامي ــ أحد الوجوه الشعريّة البارزة في البحرين، والتي كان لها تأثير واضح في بناء القصيدة الشّعريّة، وخصوصاً في القصائد الموكبيّة والعزاء الحسيني. واستطاع الشيخ المخوضر أن يضع لمسةً خاصةً في مسار الشّعر الحر بالبحرين، حيث حرصَ على إدخال القضايا المحليّة من خلال لغةٍ شعريّة تحافظ على التركيبة الفنيّة للشّعر، مع استحضار الرسائل الموجّهة.

بالعودة إلى الأعمال التأسيسيّة، فإن القصيدة الموكبيّة “أمة الله أجيبي”، التي كتبها الشّيخ المخوضر في العام 1988م، تعدّ مثالاً نموذجياً للالتزام الشعري الذي حافظَ عليه المخوضر، وطوّره مع الوقت فنيّاً وأدبياً. في هذه القصيدة التي تمثل “إحدى” ملاحم مواكب العزاء في بلدة السنابس، وفي تاريخ العزاء الحسيني الحديث في البحرين؛ قدّم الشيخ المخوضر مقاربة شعريّة بين الواقع والتاريخ، أي بين المشهديّة الحاضرة والعبر التاريخيّة التي يختزنها العقل الشيعيّ على مدى الزمان.

في هذه القصيدة، تحضر مفردات الظلم، والاستكبار، والغي، والدماء، والاعتداء، باعتبارها دائرة معجميّة متكررة في سلوك المعتدين، وهو ما يفترض اجتناب التعاطي معهم والحذر من الدنوّ منهم ومعايشتهم والحذر من شعارات “السلم “التي يرفعها الأعداء. ويوسّع النصّ معاني هذا الظلم ليشمل حرية التعبير عن الرأي، وممارسة الدين وطقوسه، فضلا عن القضايا المعيشية التي تتعلق بالبطالة والجوع.

تزخر هذه القصيدة بفكرة الاستنهاض، والموقف الثوري والثأري، والتأكيد على ضرورة المفاصلة مع كلّ الخطوط التي يمثلها العدو، مهما كانت محاولاته في الالتفاف وفي لبْس الأقنعة.

ديوانه “عليك تبكي السماء”؛ شكّل خلاصة للغة الشعريّة التي كانت مليئة بالحداثة، ولكنها حافظت على رونقها الأصيل، حيث انفتحت موضوعاتها على باب الزهراء وثأر الإمام الحسين وترانيم الظهور المخلّص للمهدي الموعود. وكان الاهتمام لدى الشيخ المخوضر هو مدّ الموكبَ العزائي بالقصائد التي تُضفي على طقوس العزاء حيويتها “الرجولية” واتزانها الحاسم في سبر الأحداث واختزان الأصول. وهو في كلّ الأحوال والتقلّبات؛ لم يذهب بعيداً عن خُطى الجمرة وحرارتها التي تتفجّر منها أحجارُ الثورة ولهيبها.

استحضر الشيخ المخوضر في شعره الموضوع السياسيّ جنباً إلى جنب التأصيل الديني والعقائدي، وكان بناؤه الشّعري يجمع بين الدلالات الرمزيّة التي تعبّر عنها الشخوص والرموز الدّينية، وما يحمّله إياها من دلالات معاصرة ذات صلة بالواقع المعاش.

لم يكن الطرح السياسيّ في شعر الشيخ المخوضر مطبوعاً باللغة المباشرة، كما لم يقدّم شعراً معزولاً عن البناء العقيدي الذي اجتهد في جعله عنوان للالتزام الشعري.

دمجَ الشيخ المخوضر الولاءات الفكريّة والعقائديّة باعتبارها انتماءا أصيلا للبحرانيين، وبعثَ في القصيدة تلك المعاني التي تنبع بالولاء من جهة، وبالتجديد الأدبي من جهة أخرى.

في قصيدة “أمّة الله أجيبي” التي كتبها في العام 1988م، وقدّمها الأشقاء الثلاثة جعفر وحسين ومهدي سهوان، نوّع الشيخ المخوضر في تقديم المظلومية، وواقع الاستكبار والتعدي، ونسج على نحو بانورامي المعاني القيميّة التي حرص الفكر الثوريّ، في عقد الثمانينات، على ثبيتها، ضمن محاولة بارزة للنهوض بالمفردة والمعنى الرمزي لها.

الثأثر الفاطمي، بما هو مشروع متواصل في الاحتجاج والثورة، كان من بين الموضوعات الأساسيّة التي اشتغل عليها شعرُ الشيخ المخوضر ووضع فيها لمسات أدبيّة جديدة؛ فتح من خلالها مآلات الواقع المعاصر، والممتد منذ الحدث الفاطمي الأليم) (6)

شعره

قال من قصيدة (الزهراء على تراب الطف.. واولداه):

تمشي وفي أضــــــلاعِها هزةٌ     ورعـــــشةٌ تسليها عارمه

إذ وقفــــــــــــتْ وعـينها أدمعٌ     وصرخـةٌ.. وعبرةٌ هائمه

تخمشُ وجهَ الحـبِّ في حسرةٍ     ورأسُها ـ لو ترها ـ لاطمه

وقد رمتْ في الطفِّ أوجاعها     مَن؟ قيلَ هـذي أمُّهُ فاطمه

تحنو على أوصـالِه تــــــــارةً     وروحُها فـــي حسرةٍ آلمَه

حسينُ.. أينَ الــــرأسُ هذا دمٌ     منبعثٌ في ثــــورةٍ عارمه

أبحثُ عن رأسِــــــكَ في أمَّةٍ     عليكَ لم تبرح هــــنا ناقمه

..........................................

واولداهُ إن قـــــــــــــلبي دمٌ     عليكَ.. فالجـــرحُ به مؤلمُ

أراكَ والــسيوفُ في غدرِها     يا جسدٌ تنــــــهشهُ الأسهمُ

سهمٌ عـلى قلبِكَ في خاطري     ثلَّثَ قـــــلبي فاستفاقَ الدمُ

يــــــا ولدي جسماً قتيلاً ولم     يبــــــرحْ وما غسّله مسلمُ

بل جالتِ الخيلُ على صدرِهِ     كـسّرتِ الأضلعُ والأعظمُ

يا ولدي أجبْ فؤادَ الأســـى     أليسَ في قلبِ الأسى مأتمُ؟

...........................................

مَن الذي جدّلَ أوصــــــــاله     مَن حــفرَ الصدرَ ومَن كسرا؟

واحتضنتْ فاطمُ فــــي لهفةٍ     ريـــــحانةَ القلبِ.. فما ذا أرى

أرى السماءَ عانــقتْ حزنَها     واهتزتِ الأرضُ وذابَ الثرى

واولداهُ إنَّ جــــــــرحي هنا     مجدّلُ الأوصـــــالِ فوقَ العرا

وأولــــــداهُ... وانثنتْ فاطمٌ     في ألمٍ تقبّلُ المنــــــــــــــــحرا

لـــــكمْ فقدتُ والفؤادُ انبرى     لكن كيومِ الطـــــــــفِّ ما أثّرا

يا للأسى والنحرُ في فيضهِ     يبقى ويبقى في دمٍ أدهــــــــرا

...............................................

يا ولــــدي حسين ريحانتي     أصبغ شعري بدمِ الـــــــــــمنحرِ

أطــــلبُ ثأراً لكَ في لوعةٍ     مِن ألمِ الأيـــــــــــــامِ والأعـصرِ

زهراءُ هذا ابنكِ ما زالَ لمْ     يبرحْ دماً والثـــــــــــــأرُ لم يثأرِ

الجرحُ مــا زالَ فأينَ الذي     يُشفيهِ... يــــــــا فاطمُ هيّا اثأري

خذي سيـــوفاً من دمٍ هادرٍ     مِن عرصةِ الطفِّ ومنها اعبري

زهراءُ أن صــــبرتِ على     أضلاعِكِ فالآنَ لا تصبـــــــري

أتبعثينَ الأرضَ ثــــــوريةً     أم تطلبين الثـــــــأرَ في المحشرِ

....................................................

قالتْ: أنــــــــــا الزهراءُ ثأرُ وذا     ثأرٌ جديدُ الجــــــــرحِ لا يندملْ

إن كـــان صبري يوم إن كُسِّرتْ     أضلاعُ صدري والأسى ينهملْ

أو إنْ صبرتُ إن هوى (محسنٌ)     فكيفَ صبري والـــحسينُ قتل؟

والخيلُ فوقَ الصــــــــدرِ ردّاحةٌ     تكسِّر الأضــــلاع.. لا أحــتملْ

سأحملُ اليومَ سيوفَ الـــــــــــفدا     قِدماً، ولـــــــــــلجليلِ فلأبــتهلْ

يا ربِّ أينَ ثـــــــــــــــأرُه؟ أينه؟     (وذا حسينٌ في العرا مُنجــدلْ)

أثورُ للحسينِ أفدي دمـــــــــــــي     ومِـــــــن دماهُ بدمي المتّــصلْ

.....................................................

يا دهرُ كمْ فيكَ أســــــــىً ماله     بعدَ مآسي الطـفِّ مِن موئلِ

فيهِ رسولُ اللهِ مصـــروعُ والـ     ـزهراءُ يا مظــــلومةَ الأوَّلِ

هذا عليُّ المرتضى فــــــي دمٍ     يا نائحاتُ الدهرِ فابكي علي

والحسنُ المسمومُ في (كربلا)     مـجدّلٌ في دمِه الـــــــمرسلِ

إن قيلَ: الـسـبطُ قتيـــــــلٌ بها     فمـصرعُ الأطهارِ قد قيلَ لي

للطــــــــفِّ ثـأرُ فاطـلبي ثأرَه     وعن حسينٍ أمّتي فاســــألي

تريهِ مـــا زالَ وفــوقَ الثرى     والشمرُ ما زالَ فيــــها اقتلي

وقال من قصيدة (الكفان القطيعتان):

يشعُّ يومَ الحـــــــــــــشرِ     يفتنُ لوجــــــــــــهٍ نيِّرِ

واقــــــــــــــــــفةٌ فاطمةٌ     نوراءُ مـــــــــثلَ القمرِ

أطلَّ منها الحــــزنُ والـ     أسى بــــأشجى الصورٍ

فــــــــــــاطمةٌ دامـيةُ الـ     ـعيــــــنينِ يومَ المحشرِ

واقـــــــــــــفةٌ على ذيـو     لِ جـــــــــــــنّةِ المقتدرِ

ـ فاطمة مــــــــــــا لِوقو     فكِ؟ ادخليهـا وابشـري

زهراء.. هــــــــذه الجنا     نُ فانعميها واصـــبري

أدارتِ القلــــــــــبَ وأبـ     ـدتْ مِن شجونِ الــذكرِ

ما أشعـــــــــلَ الفؤادَ هـ     ـذا حزنُها فــــــي الأثرِ

ظلامتي ربّــــــــــــاهُ قد     أشجتْ عــــــيونَ القدرِ

يا عدلُ.. يــا حكيمُ.. شـ     ـعَّ العــــــدلُ بينَ البشرِ

تـــــــــــنعَّمَ الخلقُ وحز     ني فـي اللظى المستعرِ

فيسكـــــنُ الخاطرَ جـبـ     ـرئيلُ: زهراءُ... اثأري

واعرضـــي ظلامـةَ الـ     أيـــــــــــــامِ كالمعتصرِ

زهراءُ أيــــــنَ يـبدأ الـ     ـثأرُ بأشـــــــجى الفِكر؟

بالحسنِ المسـمـومِ، مِن     فؤادِه المنفــــــــــــــطرِ

أمْ بالحسينِ يــــــا صبا     بةَ القميـــــصِ الأحمرِ!

تقولُ: لا.. يقــــولُ: أمْ     بضلعِكِ المُنـــــــــــكسرِ

تصيحُ: لا يقـــــول: أمْ     بالمحســـــــــــنِ المعفَّرِ

لا، فأجالَ الطرفَ.. يا     لدهشـــــــــــــــةِ التحيُّرِ

فأوفـــــــــدتْ أحزانَها     في لوعةِ التصـــــــــبُّرِ

وأخرجتْ كـفي أبي الـ     فضلِ شهيــــــــدِ الغيرِ

ما ذنبُ هــــــاتين سلا     حُ ثائــــــــــــرٍ مُنتصرِ

وكانتا سيفاً تـــــــــــقا     رعانِ.. عبـــــــرَ السّيرِ

وكانــــــــــــتا تقارعا     نِ سلطـــــــــــــةَ التجبّرِ

مقطوعتانِ.. لـــم تزا     لا في شجـــونِ الأعصرِ

وكانتا حمى الـــحسيـ     ـنِ السبطِ خــــــيرِ البشرِ

أحزانُ عاشـــوراءِ ثأ     رُ الله يومَ المـــــــــحشرِ

وكربلاءُ شمــــــــعةُ     منها انصبــــــــابُ العِبَرِ

وقال من قصيدة (أدرت النظر)

أدرتُ الــنظرْ     وصـغتُ الفِكرْ

وهمــتُ على     سـايحاتِ الذكرْ

وعـــادتْ لنا     ذكرياتُ السنين

فسرحتُ مِن     ذكرياتــي العبرْ

وطفتُ وإذ أنا بيـــــنَ الشهــــور     وإذ هلَّ شهرُ المآسي (صفرْ)

فأوقــدتُ حزني على الطيبــــين     عـــــلى الطاهرينَ هداةِ البشرْ

ففــي سبعةٍ منه سبطُ الرســــول     مصـــــــابٌ عـليه وحزنٌ أمرْ

تــجرَّعَ من غصصِ العــــادياتْ     وروحي فـــــداهُ من السمِّ خرْ

وفيه الرضا الأريحيُّ المُــــهابْ     غريباً قضى مثـــــلَ بدرٍ أغرْ

على فقدِه زفرةٌ وشـــــــــــجونْ     أيا سيداً مثل بدرٍ عـــــــــــــبرْ

عليهِ فؤادي يصبُّ الأســــــــى     على ثــــــــائرٍ مِن هـداةِ مُضرْ

وفيه تزورُ السبـــايا الــــحسينَ     وقد أتعبنها طــــــــــويلُ السفرْ

وقد تتلوّى عليها الـــــــــــسياط     تذوقُ الأسى والعــــذابَ الأمَرْ

وزينبُ فيه تـــــــــــــحبُّ اللقاءَ     وتجرعُ من كلِّ حـــــــزنٍ أمَرْ

وعادتْ وقد لوّحـــتْ بالرؤوسِ     رماحُ الأعادي تهيجُ الــــــذكرْ

ألمّتْ بهنَّ خطــــــــوبُ الزمانِ     فعُدنَ أســـــــارى بثوبِ الكدرْ

 (أعدْ ذكرَهم) فالــفؤادُ عــــلى     مصابِ الأحبَّـــــــــاءِ آه انفطرْ

وقبل مضيٍّ لأيّــــــــــــــــــامِهِ     مصيبةُ فقدِ رســـــــــولِ البشرْ

وفاطمةٌ ودمـــــــــوعُ الــــفؤادِ     ترشّحُ منها دمـــــــــــوعُ الفِكرْ

"أبي من لنا يرفعُ الــــــعادياتْ     فهذا فؤادي عليكَ اعـــــتصرْ"

وتعدو الليالي على فـــــــــاطمٍ     ويُكسرُ ضلعٌ ويُــــــحمى ظهرْ

ومسمارُ بابٍ عرى صـــدرَها     وخدرٌ وعزٌّ مضــــــى وانحسرْ

على قلبِنا كلُّ حزنٍ جــــــــديد     إذا ما مضى الدهرُ عـادتْ ذِكرْ

أراكَ على القلبِ مثلَ السيوفِ     وآهٍ عليكَ (مآسي صـــــــــــفرْ) (7)

وقال من قصيدة (في ظلمةِ الليل) وهي في رثاء الزهراء (سلام الله عليها):

في ظلمةِ الليل

والحزنُ مدرن

يخبّىء الأجساد

قد حملوا الجسمَ على الأعواد

شهيدةٌ خبّأها الثوار

في ظلمةِ الليل

والحزنُ في أفئدةِ ثكلى...

ـ أين يخبئونها وها هموا عادوا

سيفتحون قبرَها

ويجمعونَ الحطبَ والنار

وما استطاعوا يحرقونَ الدار

سيحر قونَ الجسدَ المذبوح

ويحرقونَ ضلعَها المكسور

ويشعلونَ النار

فضَّجتِ الثورةُ في الأعماق

شقّوا لها القبرَ وخطوا بدموعِ الحزن.. أين الثار؟

فانتفضَ الترابُ مثل النورِ

وضجّ:َ أين الثار؟

فعانقَ الحسينُ من ترابِها الثورةَ والإصرار

بالودجِ المنحور..!!

فداؤكِ يا أمّ أوداجي

فداءُ هذا الضلعِ نحري

صدريَ المرضوض

وطفلكِ بطفليَ المذبوح

ـ على ذراعي ـ لن يجفَّ دمُه الفّوار

وحرقُ دارِكِ بحرقِ خيمي.."

وصاحَ "يا أمّاه لا

لا لنْ يضيعَ الثار

لا لنْ يضيعَ الثار

وعانقوا القبرَ وعادوا والخُطى جرحٌ

تذكّروا أن لهمْ أمّاً

ثائرةً... دماؤها على بقايا عتباتِ الدار!!

وقال من قصيدة (الثأر يا زهراء...)

الثأر يا زهراء..

الثأر يا زهراء

هذا دمُ الحسينْ

ومهجة الحسنْ:

تصيحُ: أين الثار

قلبٌ على السموم

نحرٌ على الدماء

يستنهضُ الأحرار

الثأرُ للحسنْ

الثأرُ للحسينْ

(بتولُ) أينَ الثأر؟

سبطانِ يُقتلان

فأينَ الحسنان

شرارةُ الثوار

قفي على البقيعْ

ولتذرفي الدموعْ

واستنهضي الآثار

ولفِلفي... زهراء

فؤادَه الجريحْ

يا بضعةَ المختارْ

وانسي دمَ الضلوعْ

وطعنةَ المسمارْ

وعصرةَ الجدارْ

وامضي لكربلاءْ

وصبِّغي اليدين

من منحرِ فوَّارْ

مقطّعِ الأوصال

هذا دمُ الحسينْ..

ورأسُه يُدارْ

وعرِّجى البقيعْ

وصبّغي الحسنْ

مِن منحرِ الحسينْ

وصيحي أينَ الثارْ (8)

................................................

1 ــ أدب المحنة ج 1 ص 657 ــ 659 عن ديوان: (عليك تبكي السماء) ديوان عبد الهادي المخوضر ــ دار الهادي بيروت، طبعة أولى 1992 م.

2 ــ نفس المصدر ص 660 ــ 661

3 ــ نفس المصدر ص 661 ــ 664

4 ــ موقع الأبدال بتاريخ 7 / 8 / 2019

5 ــ أدب المحنة ص 653 ــ 655

6 ــ مقال تحت عنوان: يأبى الله لنا: الشاعر الشيخ عبد الهادي المخوضر.. أمّة الله أجيبي / موقع تيار الوفاء الإسلامي بتاريخ 13 / 8 / 2019

7 ــ أدب المحنة ج 1 ص 664

8 ــ نفس المصدر ص 655 ــ 657

كاتب : محمد طاهر الصفار