718 ــ مصطفى محسن اللواتي

مصطفى اللواتي (ولد 1387 هـ / 1967 م)

قال من قصيدة في أبي الفضل العباس (عليه السلام):

وَصَفوهُ بالسَّاقي عطاشَى (كرْبلا)     صَدَقوا ومـاءُ الطَّفِّ فيهِ مُتَرْجَمُ

لـكِــنَّـــهُ الــعــبَّاسُ يَسْقي أعْصُراً     تَــنْــهَــلُّ مِنْ كفَّيْهِ، أينَ الزَّمْزَمُ؟

يَسقي البُطولَةَ مَـنْ أضاعَ عزيمةً     يَسقي الشَّجاعَةَ مَنْ يَخافُ فيَهرَمُ (1)

وقال في الإمام الحسين (عليه السلام):

تَفنى حَضاراتٌ وتَخْـــلُدُ (كَرْبلا)      ويَـزيدُها خَـلْقُ المَدى تَلْميعا

تلكَ الدُّموعُ الجاريـــاتُ بأرضِها     غَيْثٌ سَيُزْهِرُ زَهْرَةً وفُروعا

أوْ أنَّــةٌ مِــنْ طِــــــفـــلةٍ مَظلومةٍ     أو شَــهْــقـةٌ فيها اليَتيمُ أُريعا

أو صَــرخَــةٌ مِـــــنْ حُرَّةٍ مَثكولَةٍ     جــاءتْ تــؤيِّدُ للأُباةِ صَنيعا

تَبقى مَدى الأحْـقــابِ توقِظُ نَخْوَةً     وتُــثـيرُ في وَجْهِ البُغاةِ نَقيعا

الشاعر

مصطفى بن محسن بن عبد الله اللواتي، شاعر وصحفي، ولد في ولاية مطرح في عُمان، عمل صحفياً في جريدة الشبيبة العمانية وأسس بالتعاون معها أول مجلة للطفل في عمان.

له العديد من المقالات والبحوث وله مشاركات شعرية كثيرة في عُمان والعراق ومصر والمغرب والسعودية والكويت والبحرين والأردن ولبنان وإيران وتنزانيا ومدغشقر وجزر المالديف وغيرها.

شعره

قال من قصيدة (يا رسول الله ...):

أخْــنــى عَــلَـيْـكَ الدَّهْرُ قَيْحَ جِراحِـــــهِ     حــتَّــى رَماكَ بِكُلِّ قُبْحٍ تُوصَفُ

وَسَموكَ بِالإرْهابِ، كَمْ هُوَ مُضْحِـــــكٌ     أنْ يَنْعَتَ الذَّاتَ الشَّريفَةَ مُرْجِفُ

مــا أنْــصَــفــوكَ خَـــساسَةً وجَهالَـــــةً     أوَ هَــلْ دَرَيْـتَ بِحاقِدٍ قَدْ يَنْصِفُ

يا كــامِلاً زانَ الــكَــــمالَ وكُــــلُّـــــــهُ     قَــلْـــبٌ كَــبــيرٌ بالتَّسامُحِ يَنْطِفُ

يا رَحْـــمَـــةً عَــــمَّ الوُجودَ عَـــــبيرُها     مِنْها يَضوعُ عَلى الجَوانِحِ نَفْنَفُ

يا رَحْمَةً هَــطَــلَـــــتْ لِتُـــــحْيِيَ جَدْبَنا     فَـــالكُلُّ مِنْ غَيْثِ الهِدايَةِ يَرْشَفُ

يا رَحْمَةً فِيها الحَياةُ تَــــــــمَــــوْسَــقَتْ     طَرَبـــاً فَــغَــنَّتْ بِالمَحَبَّةِ أَحْرُفُ

جِــئْــنـــاكَ والإحْـــــــبـاطُ مِلءُ كَيانِنا     تَــلْــهـو بِأنْفْسِنا الـخُطوبُ وتَتْلِفُ

جِــئْــنـــاكَ مــــــا غَيْرُ التَّأَسُّفِ ثَغْرُنا     هَيْهاتَ لا يَـــجْـــدي هُناكَ تَأَسُّفُ

يُؤْذيكَ تَبْـــــصُرُ أمَّةً قَدْ صِـــغْـــتَـــها     وَسَطاً وَخَيْراً ما هُــنــالِكَ أشْرَفُ

يَلْهو بِرَوْعَـــتِـها الشِّرارُ وَلا تَـــــرَى     ذو غِيرَةٍ يُبْري اللـــسَانَ فَيَنْصِفُ

باتَتْ تُلاعِبُها الـــمَـذاهِبُ والهَـــــوَى     أخَذَ الـــتَّـشَرْذُمُ كُلَّ حُــــبٍّ يَكْنَفُ

وَغَدَتْ لِدِينِكَ تَـــسْــتَـبيحُ عِصَـــــابَةٌ     عــاثَــتْ بِــمَـنْهَجِهِ العَظيمِ تُحَرِّفُ

أسْــمَــتْــهُ ديــنــاً بــالِــياً مُتَـــــطَرِّفاً     يُــؤْذيـــكَ تَسْمَعُ في هُداكَ تَطَرُّفُ

يُــؤْذي فُــؤادَكَ والــكِتابُ مُغَـيَّـــــبٌ     لِــعِــقٌ بِــأفْـــواهِ المَطامِعِ يُخْطَفُ

يُــؤْذيــكَ يــا قَلْباً أرَقَّ مِنَ الصَّـــــبا     يُــسْــلــى فَــقــيــرٌ أوْ يُؤَلَّهُ مُتْرَفُ

فاكْــشِــفْ رَسـولَ اللهِ دَاءَ قُـــــلُوبِنا     فَــالْــعَــقْـلُ في حُلُمِ التَّمَنِّي يُسْرِفُ

وأزِحْ لِــثامَ الحُمْقِ يَـــــحْجِبُ عَقْلَنا     فــالْــحُــمْــقُ داءٌ كُـلَّ خَيْرٍ يَجْرِفُ

وأزِلْ أبا الزَّهْراءِ حَشْرَجَةَ الصَّدَى     وأنِــرْ بَــصـيــرَةَ مَـنْ هَواهُ يُطَفِّفُ

صَــلَّـــى عَــلَـــيْــكَ اللهُ نُوراً هادِياً     والآلِ مَنْ بِهموا الــرَّزايـا تُصْرَفُ

وقال في يوم الغدير:

عَطِشاً أتيتُ إلى الغديرِ لأسْتقي     نَــبْــعـاً رَوِيّاً في المدى لا يَنضبُ

فـغــديــرُ حيدرةٍ يَفيـضُ عُذوبةً     ما كانَ عنْ ظمأِ العطاشى يُحْجَبُ

وغديرُ حــيــدرةٍ يَــشُــعُّ بطولةً     إذ يَـسـتـبـيـحُ الـــنَّــاسَ غِرٌّ يَنْهَبُ

وغديرُ حيدرةٍ يُنيرُ عــقـــيــــدةً     حيثُ اليقينُ هو الـطريقُ الأرْحَبُ

وغديرُ حيدرةٍ يُـــؤسِــسُ سيرةً      الــعــدلُ دينُ اللهِ وهوَ الــمــــذْهَبُ

وغديرُهُ للمستضعـفـيـنَ مَلاذُهُم     قــلــبٌ رحــيــمٌ لــلـــرَّزايا مَنْكِبُ

وغديرُهُ لــلـسالكينَ ضَـــــمــانَةٌ     رَوْحٌ وريــحــانٌ وقُــرْبٌ أَعْــذَبُ

يَسْقي عليٌّ في الــغــديــرِ وإنَّما     في الحَشْرِ كَوْثَرُهُ الـغَديرُ الأطَيبُ

وقال في أمير المؤمنين (عليه السلام):

أَعْـظِمْ بِـــشَـــخْــصِكَ سامِقاً مَــحْمُـودا     أَكــرِمْ بِــشَأْنِــكَ شـاهِداً وَشَهِيدا

وَاسْمو بِـــدُنْــيـــاً حَيْثُ لا أَحَــدٌ سِـوَى     إلَّاكَ مَنْ مَــــلَكَ الـقُلوبَ وَحِيدا

أَعْـطـى الوُجُودُ لَــكَ الـــقِـــيــادَ وَقَبْـلَهُ     خَضَعَ الــمَلائِكُ بِـالسَّمَا تَمْجِيدا

يا نَفْـسَ خَـيْرِ الــكائِـــنـــــاتِ وَرُوحَـهُ     كُنْتَ الــوَصَيَّ لِـنَهْجِهِ وَعَضِيدا

يا بَابَ مَـــدْرَسَةِ العُـــلـــــومِ وَحِـــطَّةٍ     مَنْ كــانَ غَـيْرُكَ لِــلـهُدَى إقْلِيدا

فِــكْــرٌ أَقَــمْتَ بِــنــــــاءَهُ فــــــي أُمَّــةٍ     بُلِــيَ الزَّمانُ وَلا يَـزالُ جَـــدِيدا

فَتَوارَثَتْ مِنْكَ الــــدُّهـــــورُ حَــقــــائِقاً     كَـــانَــتْ لعَـوْجِ مَسيرِها تَسْدِيدا

وَتَشَبَّعَتْ مِنْـــكَ الـــعُــصُـورُ مَــعارِفاً     كَـانَــتْ لِــخـــالِقِ فِكْرِها تَجْدِيدا

فــشَـــرَعْــــتَ تَبذِلُ والنُّفُـوسُ شَحِيحَةٌ     وَشَرَعْتَ تَعْدِلُ في العَطاءِ تَليدا

أرْهَقْتَ نَفْسَكَ كَيْ تَرُوضَ عَـلىَ التُّقَى     وَأَبَـيْتَ مِنْ طِيـــبِ الطَّعامِ قَدِيدا

تَــجْــفُـــو الــكَــرَى إذْ باليَمامَــةِ جَائِعٌ     وَتَعِيشُ في جَشَبٍ، نَظَرْتَ بَعيدا  

هَــيْــهــاتَ يَــقْــنــعُ بــالإمَـــارَةِ حَيْدَرٌ     حَــتَّــى يَكُونَ الأُسْوَةَ المَقْصُودا

تَــحْــنُـو عَلى الأيْتامِ، صِرْتَ لَــهُمْ أَباً     مــا كَــانَ بَـابُكَ دُونَهُمْ مَوْصُودا

تَــأْبَــى الــرِّئــاسَــةَ إنْ بِها لَمْ تَنْــتَزِعْ     حَــقــاً وتَـــدْفَـــعَ بَاطِلاً ورُكُودا

فَــتَـدافَــعَــتْ كُــلُّ الــقُــلــوبِ بِلَهْـــفةٍ     لِـتنَـالَ مِنْ خُبْزِ الخَمِيصِ الزُّودا

وتَــجَــمْــهَــرَتْ عِـنْدَ الغَدِيرِ جَحــافِلٌ     لَمْ تَـرْضَ إلا في الوَصِيِّ وُرُودا

وقال في الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام):

بِنتَ المَحَبَّةِ وَهْوَ يَسْكُـــبُ رَحْمَةً     زَوْجَ الشَجاعَةِ يَنْتَضي الإعْصارا

أُمَّ الـــسَّـــخـاءِ ولا حُـــدودَ لبَذْلِهِ     أُمَّ الـــبُـــطـــولَــــــةِ لِلكَرامَةِ ثارا

زَهْــراءُ يا إسْماً يُـــرَدُّ بِهِ القَضا     إسْــمٌ بِـــهِ تَــشْـــدو السَّما مِدْرارا

زَهْـراءُ يا قَزَحَ الـــوُجودِ تَلَوَّنَتْ     مِــنــهــا الــــحَياةُ فأشْرَقَتْ أنْوارا

وَبَــتـــولَـــةٌ فــي فَيْئِها قَدْ أيْنَعَتْ     حُــمْــرُ الزُّهورِ لِتُمرِعَ الأبَصارا

وَتَخَلَّقَتْ أخْلاقَ رَبِّ العَرْشِ فانـ     ـسابَتْ شَــمــائِــلُ أحْـمَدٍ تَتَجارى

يا مــن بــعفّـتها المَلائِكُ أقْسَمَتْ     وَلَــهــا الــشَّــجاعَةُ تَنْحَني إكْبارا

يا وَاحَةَ الجَسَدِ العَليلِ وَراحَةَ الـ     ـقَــلْــبِ الـظَمِيِّ إذا النَّقاءُ تَوارى

مَـا لِــي سِــواكُمْ أرْتَمي فِي ظِلِّهِ     ظِــلٌّ بِـــهِ ظَــــلَّ الوُجودُ مُجارا

أنْــتُــمْ بِــكُمْ يَحْلو الحَديثُ وَإنَّكُمْ     لِــلْــكَــوْنِ لَــحْــنٌ يُـبْدِعُ الأفْكارا

تَــسْــبــيــحُ يونُسَ أنْتُمُ وَكَذا لَكُمْ     داودُ أطْــرَبَ عَــيْــــشَنا مِزْمارا

وَصُــواعُ يـوسُفَ فارِغٌ إلّا بِكُمْ     فَــغَــديـــرُ حَيْدَرَ يورِقُ الأعْمارا

يا فــاطِــمٌ والــعُمْرُ قِصَّةُ حُبِّكُمْ     يَــفْــنــى، وَيــبْــقى حُبُّكُمْ نَـضَّارا

فَــتَــرَفَّــقــي وَتَصَدَّقي وتَحَنَّني     إنــي أتَـــيْــتُــكِ أرْتَــجيكِ مَـسارا

إنِّــي قَــصَـدْتُكِ يا بَتولُ بِحاجَةٍ     مِــثْــلَ الــفَــقـيرِ إذا اجْتَدى كُبَّارا

عَـهْــدي بِكُمْ تَقْضونَ كُلَّ مَلَمٍّةٍ     كَــرَمٌ وَفَــيْــضٌ خُــفْــيَـةً وَجِهارا

وقال فيها (صلوات الله عليها):

قادتْ مسيرةَ رفـــــضِــهــــا بــبــكائِها     هــذي الأَراكـــةُ لــلـفدا ينبوعُ

وعـنْ الــدَيــاجــيِ فَلْــتَــسَلْ كـــرَّارها     مَنْ قَدَّ مرحـبَ واليهودُ جموعُ

خرجتْ تلُفٌّ عــلى النســـاءِ بــيــوتَـها     في جُنحِ لـيلٍ والجميـعُ هجوعُ

إنَّ الــدفــاعَ عــــن الذمــارِ عــــبــادةٌ     مِثلَ الصَلاةِ مِــنَ السما تشْريعُ

الأمرُ بالمـعــروفِ كــــان حياتَــــــها     هيهاتَ تهجــعُ والحقوقُ تضيعُ

قدْ وَاصلتْ بعدَ المــماتِ هجومَــــــها     الــدفـــنُ ســــــراً يا عليُّ لسيعُ

لــكــنَّـــهُ الإيـمانُ يــفرضُ موقــــــفاً     دربُ الإبــــاءِ مصائبٌ ونسوع

جاءتْ إلى حيثُ الرجالُ تجــمــعــوا     فــيــها الوقارُ مع التقى مجموعُ

خطبتْ بذاكَ الحشْدِ ترسِمُ منــهــــجاً:     إنَّ السكوتَ على القَذى ممنوعُ

هذي الــخـــلافةُ سَنَّها ربُّ الــــــسَّما     أمــرُ الإلــهِ لهُ الوجودُ خضوعُ

إختارَ حيدرةَ الــهِــزَبْــــرَ يــــــؤُمُّها     هوَ للنجاةِ ســفــيــنُــهــا وشـفيعُ

لِمْ خالَفوا الجبارَ في تـــعْـــــــيــيـــنِهِ     لِمْ غادَروا التوحيدَ وهوَ قَــطيعُ

أخَذتْ تُــحــاجِــجُهـمْ ربـيبةُ أحــمــدٍ     لا الوعظُ يــنْــفَـعُهمْ ولا التقريعُ

حبُّ الحياةِ أصَمَّـــهُـــمْ فـتـــجــاهَلوا     كــلٌّ عــلــيــهـــا سُـجَّدٌ ورُكوعُ

فمَشتْ إلى قبرِ الـنبـيِّ بــحُــــرقــــةٍ     حيثُ الحنينُ لِأحـــمــــدٍ ووُلوعُ

أخذتْ تُنادي والـحشَـى مُــتــوجِـــعٌ     قمْ يا أبي إنَّ الـمُصابَ فــظــيـعُ

قدْ حُرِّفَ الإسـلامُ حيـن تركــتَــنــا     هذا علياً ضَــــيَّـــعــوا فأُضِـيعوا

قُمْ يا أبـي فالخَطْبُ أثـقَلَ كــاهِـــلي     أوْ ضُــمَّـني حيثُ التُّـرابُ وسيعُ

آهٍ لــهـــا وقـــتَ الــلـقاِء تــمــدَّدتْ     مــهــضــومةً زانَ الأنـينَ دموعُ

وعنِ الـيسارِ حسيْنُها يــبــكي أسىً     وكذا الزكــيُّ عـنِ اليمينِ جَزوعُ

واهاً لِـزينبَ إِذْ تــشـــاهــدُ أمَّــهــا     فوقَ الفراشِ وقـــدْ دَنــــا التشييعُ

وأمــيـــرُهــا أحــنَــى عليها ساكباً     دمــعــاً وقــلـبُ مُصابِه مَصْدوعُ

إيهاً رفيقةَ عمريَ الأزْهــــى ومَنْ     وَقـــفــتْ تُـــدافــعُ حينَ عزَّ مَنيعُ

زهراءُ يا خيرَ النساءِ ومنْ مضتْ     حَـــرَّى الـــفــؤادِ وقلبُها موْجوعُ

هذا حــبــيــبــيَ يـــسْــتَـــرِدُّ أمانةً     حَــمْرا العـيونِ لها البكاءُ ضجيعُ

زهــراءُ أظْــلَــمَ منزلٌ بكِ قدْ زَها     مــنــهُ الـتُّـقى والعلمُ كانَ يَضوعُ

زهـــراءُ بعدَكِ هلْ تُجفُّ مَدامِعي     كــيــفَ الـتصَبُّرُ والفراقُ مَروعُ

ومضَى إلى الحَوْراءِ يحضِنُ قرةً     هيَ بَــعْــــدَ فـاطمَ للفِدا مشــروعُ

ويــقــــــولُ أمُّك يا بنيةُ قدْ مضتْ     تَحمي وتَدفعُ والـــطَريقُ يــروعُ

لــكــنَّــكِ الــحَــوْراءُ بَضْعَةُ فاطمٍ     تَــأْبـى الهزيمةَ والطفوفُ نجــيعُ

أمُّ الــرسولِ وأنــتِ وحــــدَك أمَّةٌ     يا مــنْ حـــوتْــهـا يثربٌ وبــقيعُ

يا خيرَ منْ ســـادَتْ نساءَ العالميـ     ـنَ ومنْ لها الكونُ العَظيمُ صَنيعُ

إنْ كـــان طــهَ خُــصَّ لــلدنيا أباً     فَــلَـــفَـــاطـــمٌ أُمٌّ لـــه وربـــيـــعُ

وقال في الإمام الحسين (عليه السلام):

يا أيُّـهـا الـسـبـطُ الــــــذي بهرَ المدى     وأبى بأن يرثِ الــحــيــاةَ ذليلا

يا من تـحـدَّرَ مــــــن أَرومـةِ هــاشـمٍ     رَأَوا الــكــرامـةَ منهجاً وسبيلا

مـا إنْ هويــــتَ عـلى العراءِ مُـسبِّحاً     حتى علوتَ على السنانِ جليلا

تأبى الـــحــياةَ على الصعيدِ مطأطِئٍ     هــامٌ تـــرفّـــعَ أن يـعيشَ أُفولا

أنــــشــــودةُ الــعــشقِ التي لـحَّـنْـتَـها     وعــزَفْــتَــها بدَمِ الشهادةِ جيلا

حـــريـــةٌ وعـــزيـــمـــةٌ وبــطــولـةٌ     وشهادةٌ تــبقى الشَّذى المأمولا

وشَمَختَ تصدَحُ أنّ مـــثــلـيَ لنْ يبا     يـــعَ فــاجــراً ومـعربداً ونغيلا

(هيهاتَ) تبقى منــهجَ الرفضِ الذي     كان السلاحَ عـلى العدا مسلولا

(كونوا) هي الدربُ الذي رسمَ الإبا     في فيئِها يقفُ الــكــريـمُ ظليلا

فلذا انــحــنــى هــامُ العلا لكَ باخعاً     زهــواً، وخـصَّك بالفدا تبجيلا

وفيه (صلوات الله وسلامه عليه) أيضاً:

بين الحنايا عِشتَ في نــبَضاتي     فأنا الظميُّ وأنتَ نبعُ فراتي

جئتُ الطفوفَ لكي أقيمَ صـلاتَه     تمشي إليكَ توسُّلاً خَطواتي

وأعدُّها إذْ أنَّـها حَــسَـــنـــــاتـي     حبُّ الإبـاءِ يقودُني وحياتي

نـحـو الــذي سَـــنَّ الـفدا بثباتِ     حتى إذا لاحتْ جِنانُ فراتِ

(تمشي إليكَ توسُّـــلاً خَـطواتي     وأعدُّها إذْ أنَّـها حَــسَناتـي)

وقال من حسينية أخرى:

يــا عُنْفُوانَ القَلبِ حَيْثُ تَجَمَّعَتْ     قِيَمُ الـــجَـــمــالِ تَــزينُهُنَّ مَـــآثِرُ

يا ساحِرَ الألْبابِ لَمْ يَحْمِلْ عَصاً     يا ذِبْحَ أحْـــمَـدَ سَـــــرْمَداً يَتَكاثَرُ

يا فُلْـــكَ نُوحٍ أنْقَذَتْ شَرَفاً هَوى     يــا صِـــنْوَ أيُّوبٍ وَصَبْرُكَ باهِرُ

يا رَأْسَ يَـــحْـــيَى وهوَ يَتْلو آيَةً     عَجَبَ الرَّقيمُ، وَمِنْهُ آصِفُ حائِرُ

سَيَظَلُّ يَرْوِيكَ الــــخُـلودُ رِسالَةً     وَتَظَلُ تُرْوَى مِنْ دِمــــاكَ غَدائِرُ

وَتَظَلُ أنْتَ مِنَ السَّـــماءِ إباءَها     وَيَــظَـــلُ إسْـــمُـــكَ عِزَّةً يُتَذاكَرُ

وَتُسَطِّرُ الأمْجَادُ أعْــظَـمَ لَوْحَةٍ     ما مِثْلَها عَـــبْــرَ العُصورِ نَظائِرُ

هَذا الحُسَيْنُ شِعارُ كُلِّ مُناضِلٍ     نَهْجٌ وَدَمْعٌ فِي الـــــسُّلوكِ شَعائِرُ

وقال في أبي الفضل العباس (عليه السلام):

قالوا هُوَ (السَّقَّاءُ)، تِــلـكَ حـــــقــيقةٌ     فالماءُ منْ كــفِّ الــبُـطولةِ بَلْسَمُ

عــبَّـــاسُ سَـــقَّــاءُ الفَضـــيلةِ بـالدِّما     فــي كـــفِّـــهِ نَبْتُ المَكارِمِ يُفْطَمُ

وَصَفوهُ بالسَّاقي عطاشَـــى (كرْبلا)     صَدَقوا ومـاءُ الطَّفِّ فيهِ مُتَرْجَمُ

لـكِــنَّـــهُ الــعــبَّاسُ يَسْقـــي أعْصُراً     تَــنْــهَــلُّ مِنْ كفَّيْهِ، أينَ الزَّمْزَمُ؟

يَسقي البُطولَةَ مَـنْ أضـــاعَ عزيمةً     يَسقي الشَّجاعَةَ مَنْ يَخافُ فيَهرَمُ

عــبَّــاسُ يــا نَــهراً جَـــرى بِدمائِهِ     يَرْوي بهِ المسْتضْعَفينَ إذا ظَموا

جِئـتَ الفُراتَ وَكُلُّــنــا مُــتَــرَقِّـــبٌ     هلْ تُبرِدُ القَلبَ الظَمِيَّ وتَــهْــجِمُ

هــلْ تَشرَبُ الماءَ القِراحَ وتَنثـــني     نَحوَ الــعِـــداةِ تَـــبــيدُهُمْ وتُحَطّمُ

فَـصَعَقْتَ تاريخَ الـوُجودِ بموْقِـــفٍ     هَــزَّ الــقُــلـوبَ ولا يزالُ يُدَمْدِمُ

وكَسرتَ مفهومَ "الأنا" بضَـــراوةٍ     حيثُ الوفاءُ مُــقــدَّسٌ ومُـــقـــدَّمُ

ورَمـــيتَ ما يَهَبُ الحياةَ بـــعَزْمَةٍ     ودَعَـوْتَ (هُوني) فالمَماتُ مُحَتَّمُ

يَلقى الحُسينُ المُصْطفى ظَمِئاً ولا     ألْـــقـــاهُ إلَّا والـــفُـــــؤادُ مُــنَـعَّمُ

هَــيــهـــاتَ ما هَذي فِعالُ مُروءَةٍ     حــاشَـــا، وكَـلَّا، لستُ مَنْ يَتَنَعَّمُ

أرْجَــعــتَ في نَهرِ الفُراتِ رُفاتَهُ     ورَأيــتَ أنَّ الــعَــلْــقَــمِــيَّ لَعَلْقَمُ

وأبَيْتَ تَـشــرَبُ، والفُراتُ يَوَدُّ لَوْ     يَــرْنـو إلــى تِــلـــكَ الشِّفاهِ فَيَلْثِمُ

ظَمِئَ الفُراتُ ولـيسَ يَظْمَأُ فارسٌ     ذِكْرُ الإله مَـــعــيــنُـــهُ والمَرْزَمُ

وقال في السيدة زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السلام)

لـمْ تحمِلِ الأصْلابُ أنــثــــىً مثلَها     مَــنْ غــيرُ حيدرةٍ سيُنْجِبُ صارمِا

تَـأْبـى الــهَـوانَ وأنْ تُــســامَ دَنــيَّةً     مِنْ صَفْوَةٍ كَسَروا الجُفونَ ضَياغِما

مِنْهمْ تَــعــــلَّــمــتِ الــبَـــريَّةُ عِزَّةً     رَسَموا الــشَّــهــادَةَ لــلحَياةِ مَناسِما

دَكَّتْ عُروشَ الظَّالِمينَ بِــعَــزْمَــةٍ     لَمْ تَخْشَ ضَيْماً أو تَــخـــافَ أراقِما

خَطَّتْ على صَدْرِ الدُّهورِ مِدادَها:     الــحَــقُّ يُــؤخَــذُ لا يَــجـيئُكَ حالِما

وقال في الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف):

يا سَيِّدَ الإنْصافِ في دُنْـــيـــاً بِـــها     جــارَ الـــبَـغِيُّ وَقَدْ تَقَحَّمَ مَوْقِعَكْ

وَالجَوْرُ عاثَ فَــمـــا لَــنا مِنْ مَلْجَأٍ     إلَّا الظُّهُورَ، فَهَلْ سَأَشْهَدُ مَطْلَعَكْ

قُرْآنُ جَـــدِّكَ ناحِبٌ مُــسْــتَــعْــبِــرٌ      فَاظْهَرْ فَدَيْــتُـكُ كَيْ أُلَمْلِمَ أَدْمُعَكْ

إسْــلامُ أحْــمَــدَ فِـي القُلوبِ مُـهَشَّمٌ      إمْنُنْ عَلَيَّ لِكَـــيْ أُعانِقَ أَضْلُعَكْ

مُسْتَضْعَفٌ فِي الأَرْضِ أنْتَظِرُ اللِّقا      سَيْفَاً يَمُنُّ اللهُ لِـــي أنْ أُشْـــرِعَكْ

................................................

1 ـــ زودني بترجمته وأشعاره الأستاذ علي التميمي ــ دائرة المعارف الحسينية / لندن

كاتب : محمد طاهر الصفار