سلسلة إضاءات قرآنية (3): الوباء الخطير في نظر القرآن

إضاءات قرآنية (3):

(أَلَمْ تَرَ إِلَی الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) سورة النساء (49)

الوباء الخطير في نظر القرآن

 

‏1- قوله تعالی: (بَلِ اللَهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا) إضراب عن تزكيتهم لأنفسهم، وردّ لهم فيما زكوه، وبيان أن ذلك من شؤون الربوبية يختص به تعالی فإن الإنسان و إن أمكن أن يتصف بفضائل، و يتلبس بأنواع الشرف والسؤدد المعنوي غير أن اعتناءه بذلك و اعتماده عليه لا يتم إلا بإعطائه لنفسه استغناء واستقلالا وهو في معنى دعوى الألوهية والشركة مع رب العالمين.

 

2- وأين الإنسان الفقير الذي لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتا ولا حياة، والاستغناء عن الله سبحانه في خير أوفضيلة؟

 

‏3- والإنسان في نفسه و في جميع شؤون نفسه، والخير الذي يزعم أنه يملكه، وجميع أسباب ذلك الخير، مملوك لله (سبحانه وتعالى) محضا من غير استثناء، فماذا يبقی للإنسان؟

 

4- وهذا الغرور والإعجاب الذي يبعث الإنسان إلی تزكية نفسه هو (العُجب) الذي هو من أمهات الرذائل، ثم لا يلبث هذا الإنسان المغرور المعتمد علی نفسه دون أن يمس غيره فيتولد من رذيلته هذه رذيلة أخری، و هي رذيلة التكبر و يتم تكبره في صورة الاستعلاء علی غيره من عباد الله فيستعبد به عباد الله سبحانه، و يجري به كل ظلم وبغي بغير حق وهتك محارم الله وبسط السلطة علی دماء الناس وأعراضهم وأموالهم.

 

5- وهذا كله إذا كان الوصف وصفا فرديا، و أما إذا تعدی الفرد و صار خُلقاً اجتماعيا وسيرة قومية فهو الخطر الذي فيه هلاك النوع و فساد الأرض، وهو الذي يحكيه الله (سبحانه وتعالی) عن اليهود إذ قالوا: (لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ‌) سورة آل عمران (75).

.

.

.

المصدر:

تفسير الميزان

: رياض حسن آل رحمة