612 ــ علي محمد تقي الجواهري (توفي 1441 هـ / 2019 م)

علي محمد تقي الجواهري (توفي 1441 هـ / 2019 م)

قال من قصيدة (الدم الملتهب) وتبلغ (41) بيتاً:

وكلّـمـا خـمـدتْ آهـاتُ عـاطـفـتـي      يثيرُها ذكرُ من في (كربلا) نُهبوا

تـثـيـرُها حـسـراتُ الــطـفِّ قاذفةٌ      عـلى القصيدِ دمَ الأحرارِ يختضبُ

مصيبةٌ تركتْ في الأرضِ ملحمةً      مِـن الـدمـاءِ فـما جفّتْ لها السحبُ (1)

الشاعر

الشيخ علي بن محمد تقي بن عبد الرسول بن شريف بن عبد الحسين بن محمد حسن صاحب كتاب جواهر الكلام ــ الذي لقبت به الأسرة ــ بن باقر بن عبد الرحيم بن محمد بن عبد الرحيم المعروف بـ (الشريف الكبير)،

ولد في النجف الأشرف من أسرة علمية ــ أدبية، وتخرج من كلية الفقه عام 1970 وعُيِّن موظفاً في نفس الكلية ثم انتمى للحوزة العلمية وتفرغ للدراسة فيها وواصل دراسته على يد أساتذة الحوزة حتى وصل إلى البحث الخارج.

نشر قصائده في الصحف والمجلات النجفية، وله ديوان مخطوط، وكتاب مخطوط أيضاً بعنوان: (زيد الشهيد وثورته)

والشيخ علي الجواهري هو نجل الشيخ الشهيد محمد تقي الجواهري الذي كان من أعلام الجهاد ضد الحزب البعثي الكافر فاعتقل لمعارضته سياسة الحزب وغُيِّبَ في سجون النظام البائد ولم يُعرف مصيره. (2)

شعره

قال من قصيدته (الدم الملتهب) وتبلغ (41) بيتا وقد قدمناها:

دمٌ على صفحاتِ الطفِّ مُـلـتـهــبُ      تمضي القرونُ ولن يُطــفى له لـهبُ

وثــورةٌ هــزَّتِ الــدنــيــا بـفكرتِها      حـتـى تـسـاقـطتِ الأقــمارُ والـشهبُ

لأنَّــهـا فـكـرةٌ أنــوارُهــا شــهـــبٌ      لـلـعـالـمـيـنَ ونـبــــراسُ الإبـا قطبُ

لأنّها عزّةٌ يــرضـى الـضـمـيرُ بها      دوماً إلى جانبيها الـــمـجـــدُ يـنجذبُ

دامتْ عـــلى ربواتِ المجدِ شامخةً      كأنَّ من دمِها الـمـــسـفـــوحِ تـلـتهبُ

وحطّمــتْ من صروحِ الكفرِ قاعدةً      كانت عليها ضــروعُ الــغيِّ تحتلبُ

فأشرقـــتْ من مرايا الأفقِ وانبثقتْ      فـجـراً فـكانت إلـــى الـعلياءِ تنتسبُ

يـكـفـيــكَ فـخـراً أبا الأحرارِ أنَّ لنا      بـكـمْ مـنـارُ هـــدىً تـعلو بـه الرتبُ

لــولاكـمُ ما بقي الإسلامُ مـنـتـشـراً      فـوقَ الـوجـودِ ولكن أنـتــمُ الـسـبـبُ

ضـحَّـيـتـمُ بـدمــاءٍ طــالــما ركعتْ      لها العصورُ وضجَّتْ حـولها التربُ

وكوَّنتْ مِن دمــاءِ الـتضحياتِ فما      عــبــرَ الــقـرونِ عليهِ الـفكرُ ينتحبُ

تـقـدّســتْ أحــرفٌ للحقِّ مـشـرقـةٌ      بها الدماءُ عــلــى الــتــاريخِ تنسكبُ

لن يبردَ الدمُ في عرقِ الحسينِ وما      زالتْ به الأرضُ تغلي وهيَ ترتقبُ

ثـأراً يـعـيـدُ لـهـا الإسـلامَ صارخةً      أصواتُه فهوَ مـنـصـورٌ ومُــرتــهبُ

مـاذا أقــولُ ونارُ القلبِ قد تـركـتْ      منّي الضلوعَ لهيباً حاطه الـحـطــبُ

بعثتُ من خـافـقـي نـاراً يُـؤجِّـجُـها      ذكرُ الحسينِ وقد أودى به الـسـغـبُ

وقال من قصيدة (شهيد الطف) وتبلغ (45) بيتاً:

فداءٌ ففي الأضلاعِ لي كبدٌ حــرَّى      يـــضـــيــــــــقُ به صدري فيقذفُه شِعرا

وحزناً على يومِ الـحـسـيـــنِ يهزُّه      نجيعٌ ليومِ الطفِّ قد صبغَ الــــفــــجـــرا

وحزناً على مرِّ الـسـنـيـنِ تـثـيــرُه      دماءٌ من الأوداجِ خـــــضَّــــــبتِ النحرا

رفـعـتَ عـلـى تـلـكَ الدماءِ رسالةً      فــــــخــــلّـــــــدْتها فخراً وكنتَ لها ذخرا

وهــذا طــريــقُ الــثــائـرينَ بعزَّةٍ      يـــضـــيــــقُ بــــــهِ قولي فيحضنُه فخرا

فــســرتَ عــلــيــهِ للرَّدى متقحِّماً      فــنــوَّرتـــه دربـــاً بـــفـــاجـــعـــةٍ غــرّا

وقـدّمـتَ أبــطــالاً عـلـى كلِّ أدهمٍ      يضيقُ الفضاءُ الرحبُ إن شهَّروا السمرا

نسورٌ على الأعداءِ في كلِّ جحفلٍ      لــيــوثٌ وبــيــــــضُ الهندِ تحمدهمْ شكرا

فـدكَّ عـروشَ الـظـلـمِ شـبلُ محمدٍ      وجـــدَّدَ مـــــن ضرباتِ حــيــدرةٍ ذِكــرا

وعـبَّـدَ دربـاً لــلــحــيـــاةِ بـــعــزَّةٍ      هوَ الخلدُ مــهــمــا كــانَ مــســلكَه وعرا (3)

وقال من قصيدة (عبير الذكرى) وتبلغ (27) بيتاً:

بكَ تستنيرُ قـــصـائدُ الــشــعــراءِ      وبهذِه الــذكـرى أزفُّ ولائي

وبفجرِكَ الــمــيـمونِ يشرقُ دائماً      سرُّ الأديبِ برقَّةٍ حــســنـــاءِ

وتـسـابـــقَ الشعراءُ كـلٌّ مــنـهــمُ      يطوى ويأتي آخرٌ بــثــنــــاءِ

يشدو القصيدُ وكلُّ شخصٍ يرتجي     قممَ الجبالِ وذروةَ الــــعلياءِ

فمضيتُ فـيـكَ أبـثّ شعري مولعاً      ولأنتَ فوقَ الشعرِ والشعراءِ

يا صاحبَ الــذكـــرى إليكَ ندائي      وعلى ثراكَ تحيَّتــي وفــدائي

وليومِكَ المجروحِ يــخــشعُ دائماً      هذا الضميرُ وتنحني أعضائي

وبجنبِ مهدِكَ رفَّ قلبٌ راجـــيـاً      عــفـــوَ الإلـــهِ بـدمعةٍ حمراءِ

لمْ أدرِ هلْ يعفو الإلهُ لــســـــــادةٍ      حضروا احتفالكَ سيدَ الشهداءِ (4)

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (32) بيتاً:

فجَّرتَ يا من ســـراجُ الــحــقِّ ثـورتُه      درباً عليهِ من الـــعــلــيــاءِ أنوارُ

إلى الــخــلــــودِ وما في الخلدِ غـيركمُ      إلّا على خطهِ الأبـرارُ قد ساروا

لكَ الإبا والعُلى والــفـخـرُ تـجـمـعُـــه      دماؤكمْ فــهــيَ فـــي الآفاقِ تذكارُ

سارتْ ومــا زالَ فـي تــيَّــارِهــا حِممٌ      عبرَ الــقــــرونِ فلا يطفا لها نارُ

أبا عليٍّ وصوتُ الحقِّ قد نُــشـــــرتْ      راياتُه بــنــجــيــعٍ فــيـــهِ إعصارُ

مُمجَّداً مــوقــفــاً فــيـه شـمـائـلـكــــــمْ      تأبى الخضوعَ فكيفَ المجدُ ينهارُ

هذي أمــيــةُ ظــنَّــتْ أنّــهـا انتصرتْ      على الحسينِ وشعَّتْ عنـدها الدارُ

وما درتْ أنَّ في التاريخِ صفحتُها اسـ     ـودتْ وحاطَ بها من خزيها العارُ

وهـل تـحـط أيـــادي الــظــلـمِ مِن أحدٍ      إلا بــصـاحــبِــهــا فــالظلمُ ينهارُ (5)

وقال من أخرى:

وكـيـف تـهـدأ أرضٌ بالطفوفِ بدا      فـيـهـا مـن الـحـقِّ آيــاتٌ وأنوارُ

وكـيـفَ يُــغـلــبُ حـــقٌّ قالَ بارئهِ      هيهاتَ أن يغلبَ الأحرارَ أشرارُ

نورٌ فدى الحقَّ بالأعناقِ فانفجرتْ      دماؤهم وهي لا يُـطـوى لها ثارُ (6)

وقال:

نطقَ القلبُ فالقوافي دمــــــوعُ      فـانـظـرْ الحرفَ ذابلاً يا رفيعُ

كيفَ يقوى على الـــرثاءِ وفـيهِ      مِن جراحِ الطفوفِ قلبٌ وجيعُ

يـتـلـظّــى وبــيـــــنَ جنبيهِ نارٌ      مِن شــراراتِها تذوبُ الضلوعُ

كيفَ ننساكَ والقلوبُ بها الجر     حُ ينادي هـذا الحسينُ الصريعُ

كيفَ ننساكَ والــفــــداءُ به النو     رُ جليّاً يــمـوجُ فــيــه الــنجيعُ

كيفَ ننساكَ والإباءُ على الدهـ     ـرِ يـنـادي إمــامــنــا يــا شفيعُ

كـيـفَ نـنـساكَ والدموعُ غِزارٌ      والصدورُ الحرَّى بها التصديعُ (7)

..........................................................

1 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 1 ص 108 ــ 109

2 ــ نفس المصدر ج 4 ص 225

3 ــ نفس المصدر ج 2 ص 125 ــ 127

4 ــ نفس المصدر ج 1 ص 76 ــ 77

5 ــ نفس المصدر ج 2 ص 71 ــ 72

6 ــ نفس المصدر ج 2 ص 73

7 ــ نفس المصدر ج 2 ص 225

كاتب : محمد طاهر الصفار