609 ــ عبد الصاحب البرقعاوي (1350 ــ 1416 هـ / 1931 ــ 1995 م)

عبد الصاحب البرقعاوي (1350 ــ 1416 هـ / 1931 ــ 1995 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (48) بيتاً:

هلْ أنَّ ذكراكَ الجليلةَ في الـدنـــا      حـفـلٌ لـكـلِّ مُــفـــوَّهٍ مُـترنِّمِ

يشدو بآياتِ الـخـيـالِ فــيـرتـــمي      شـوقـاً إلـيـهِ كـلُّ قـلـبٍ مكلمِ

وتضجُّ زغردةُ الحناجرِ إن همى      عذبُ القصيدِ وخطبةُ المتكلّمِ

لمْ تُـجـدِ نـفـعــاً في الحياةِ كأنـهـا      ملهاتنا إن حلَّ يومُ الـمـوسـمِ

حـاشـا فـذكـراكَ الــجـلـيـلةُ وثبةٌ      يندكّ فيها عرشُ طـاغٍ مجرمِ

فكأنَّ موقفَكَ الجريءُ بـ (كربلا)      ديـنٌ لـكـلِّ مُـظـفَّـــرٍ لمْ يقحمِ (1)

وقال من قصيدة في رثائه (عليه السلام):

(كربلا) جئتكِ مشبوبَ الودادِ      حاملاً في مـوجةِ الدمــعِ فــؤادي

أتـقـرّى مـوطـنَ الـــرزءِ وقد      أشرقَ الرمـــلُ بـأســـرارِ الجهادِ

ألــثـمُ الـتـــربَ أناجي ربــوةً      أسـألُ الـتـــــلَّ أنـــادي عند وادي

ها هنا زينبُ صاحتْ يا أخي      يا بنَ أمّي هـــجمتْ خيلُ الأعادي

ها هنا فـتـيـةُ مــجـدٍ عــبـروا      لجَّةَ الـمــــوتِ إلى طهرِ الــمـرادِ

وهنا طفلٌ هــوى مـن نـبـلــةٍ      فــطـمـتـه فـــمــضــــى للهِ صادي

وهنا خيلُ ضـلالٍ طــحـنــتْ      أضـلـعَ الـسـبـــطِ بمسعورِ الطرادِ

وبـجـنـبِ الـنهـرِ نهرٌ لمْ يزلْ     رغمَ كبرِ الموتِ يسقي كلَّ صادي (2)

وقال من أخرى:

أبا الشهداءِ رزؤكَ فــي فــؤادي      جــراحٌ لا تــذلُّ إلى ضـمـادِ

كـأنَّ الـطـفَّ فــي عـيـنـيَّ أفــقٌ      تسامى بالدمـاءِ عـلى السوادِ

وذكـراكَ الـتـي مــن قـبـلِ ألـفٍ     تـأطّــرَ بـالـظــبـا بدلَ الحدادِ

إذا ذكــرَ الـحـسـيـنُ يـضـجُّ فينا      نــداءُ اللهِ يــنـذرُ بــالــجــهادِ

وتشخصُ (كربلاء) ومِن ثراها     بها امتازَ الضلالُ من الرشادِ (3)

الشاعر

الشيخ عبد الصاحب بن عبد الهادي بن جياد البرقعاوي، خطيب وشاعر، ولد في النجف الأشرف ودرس فيها العلوم الدينية على يد والده الشيخ عبد الهادي، وعدد من أساتذة النجف منهم: الشيخ حسين زاير دهام، والشيخ حسين شرع الإسلام (4) ودرس أيضاً على يد أستاذه الشاعر الكبير الشيخ عبد المنعم الفرطوسي وكان يحضر البحث الخارج عند جملة من العلماء كالسيد محسن الحكيم، والسيد الخوئي، والسيد محمد صادق الصدر، والسيد حسين بحر العلوم، والسيد السيستاني، وغيرهم. (5)

كما تخرج من الدورة التربوية لرجال الدين وعمل مدرساً في المدارس الابتدائية، وبُعث وكيلاً شرعياً في الديوانية والمسيب وسدة الهندية من قبل السيد محمد الصدر والسيد حسين بحر العلوم. نشر قصائده في الصحف العراقية والعربية وشارك في العديد من المهرجانات والندوات الأدبية والشعرية في العراق وخارجه، وهو عضو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين والعرب، ومن مؤسسي ندوة الأدب المعاصر (6)

قال عنه الأستاذ الأديب علي العبودي: (الشاعر الذي ارتجل الحروف إبداعا وتألقا وخلق جوا من التشويق في ارض كلها شعر وهو الشعر بعينه كان لا يطيق الصمت لا يحب الملل كانت قدماه لا تكل أو تتعب في نشاط واستمرارية في الحياة محب للشباب لأنه الوحيد الذي أعطى كل جهوده للشباب وصقل مواهبهم والاهتمام بهم بحيث سمي الأب الروحي لكل الشباب عشق الشعر بجنون متواضع له حضور متميز في كل المهرجانات التي شارك فيها عرفناه مؤسس لندوة الأدب المعاصر في السبعينات التي راعت بدورها للشباب وقد صقلت وراعت أيضا المواهب الجديدة وكان للشيخ الدور الفعال في ذلك وله الأثر الجميل في الرابطة الأدبية التي تعتبر من اهم المؤسسات الثقافية في النجف

نعم الإنسان هو ..... فقد اتسم بالصفات الرائعة... لنا معه ذكريات جمة هو المربي والشاعر والمعلم لقد اخذ حيزا آخر من العطاء والتفاني في سبيل إيصال ما يمكن إيصاله كي يجعل من الأجيال بذرة إبداع وسمو فقد كان يطمح إن تكون الكلمة سيفا بوجه الظلام لقد تحدى كل الأيام وكل الهم والعوز ولم يكن إلا مغوار في مواقفه اتجاه بلده وأبناء هذا البلد فقد استطاع إن يزرع في النفوس حب الله والوطن والكرامة لم نجده خاضعا لأحد بل كان شجاعا ضد كل الأخطاء والنوايا الشريرة عرفناه حنونا رغم كل الآلام التي تدور حوله في ذلك الزمان زمن الطاغية وأعوانه فلم يسلم من جبروتهم فقد اعتقل عدة مرات لكنه المغوار الذي اتسم بالصبر والقوة وله دور في تنشيط الحركة النقدية من خلال آرائه السديدة رغم جفاف النقد في النجف واعطى اهتماما للقصة ايضا وشجع الكثير من الادباء والاديبات في هذا الاتجاه) (7)

وقال عنه الأستاذ كامل سلمان الجبوري: نظم الشعر وأجاد فيه، ونشرت له الصحف العراقية الشعر الرائع، وهو شاعر له مكانته المرموقة بين شعراء النجف، ويعتبر من المبدعين والمجددين في الشعر

تتلمذ على يد البرقعاوي كثير من الشعراء الشباب منهم: عبد الإله الياسري، عبد الرسول البرقعاوي، عبد الأمير الحصيري، عز الدين المانع، توفيق الزاهد، عبد الأمير معلة، غياث البحراني، ضرغام البرقعاوي (8)

توفي البرقعاوي في النجف ودفن فيها وترك ديوان شعر

شعره

قال من قصيدة (تحية إلى أرض الطف) وتبلغ (26) بيتاً:

أحييكِ أرضَ الطفِّ يا مشرقَ الإبا      وألـثـمُ تــربـاً بـالـدمـاءِ تـخـضّـبـا

وإنَّ دمــاً مِـن قـبـلِ ألــفٍ ضـيـاؤه      يشعّ على الدنيا إلى الآنِ مـا خـبا

تفجَّرَ كـالـبـركـانِ حـتـى تـهــدّمتْ      صروحٌ بها تمشي الضغينةُ عقربا

وثارَ فلمْ يـتـركْ بــنــاءً لــظــالـــمٍ      يـشـيِّـدُه الإجـرامُ إلّا تــخـــرَّبــــــا

تحرَّرَ من صلبِ الدهورِ مشاعـلاً      تــنـيـرُ دروبَ الـسـالـكينَ إلى الإبا

وأولدَ للأجـيـالِ وعــداً يـقــــودُها      ومــا ظــالــمٌ إلا ومــنــه تـــــــأدّبا

فما عـصـفـتْ لـلـحقِّ والنارِ ثورةٌ      عـلـى مُــعــتــدٍ إلّا وكــــانَ لها أبا

فهيا سيوفُ الطفِّ فيضي بغضبةٍ      مِــن الـثـأر إنَّ السيلَ قد بلغَ الزّبى

فإنَّ دمَ الأحرارِ بـركــانُ نـقـمـــةٍ      إذا ثــارَ لــمْ يــتـــركْ لـئيماً مُخرِّبا

أحـيـيـكِ أرضَ الـطــفِّ إنَّـا لأمةٌ      نــسـيـرُ عـلـى نـهجٍ زرعتيهِ بالظبا (9)

وقال من قصيدته الميمية التي قدمناها وتبلغ (48) بيتا:

ذكراكَ فــي قـلـبـي يـؤجِّجُها دمي      وحـيـاً يـمـوجُ بـأفـقِها المتجهّمِ

فصهرتُ روحي في ولاكَ قصيدةً      فـتـفجَّرتْ آيا بحبِّكَ مـن فـمـي

وقبستُ من إشراقِ روحِكَ قـبــسةً      يـنـجـابُ فـيـهـا كـلُّ ليلٍ مُظلمِ

وأخذتُ من إشعاعِ عزمِكَ شـعــلةً      يضرى بها عـزمٌ كحدِّ المخذمِ

لأقومَ من ذكراكَ أنــشــدُ أمَّــتـــي      لحنَ الشهادةِ والجهادِ المضرمِ

وأقولها إنَّ الـحـسـيـنَ بــنـهـضــةٍ      لـيـسَ الـحـسـيــنَ بمولدٍ وبمأتمِ

هذا طريقُكَ وهو في عرفِ الإبــا      نهجٌ تعبِّدُه الـبـطـولـةُ بــالــــدمِ

ومـــتـوَّجٌ بــالــخـالــداتِ مــآثــراً      تـسـمـو بـآفــاقِ الـعلا كالأنجمِ

حـيـيتُ نهضتَكَ الـجـلـيـلـــــةُ إنّها      لـحـنٌ يــرفُّ بـنـغـمـةِ المترنّمِ

........................................................

1 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 3 ص 132 ــ 134

2 ــ نفس المصدر ج 1 ص 395 عن مستدرك شعراء الغري ج 2 ص 111 ــ 112

3 ــ نفس المصدر ج 1 ص 396

4 ــ نفس المصدر ج 4 ص 195

5 ــ علي العبودي ــ الشاعر الشيخ عبد الصاحب البرقعاوي ..... الأب الروحي / موقع النور بتاريخ 4 / 11 / 2007

6 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 4 ص 195

7 ــ الشاعر الشيخ عبد الصاحب البرقعاوي ..... الأب الروحي / موقع النور بتاريخ 4 / 11 / 2007

8 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 4 ص 195

9 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 1 ص 149 ــ 150

كما ترجم له:

أغا بزرك الطهراني / نقباء البشر في القرنين الثالث عشر والرابع عشر ج 3 ص 1260

كاظم عبود الفتلاوي / مستدرك شعراء الغري ج 2 ص 108

محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام ج 1 ص 227

كامل سلمان الجبوري / معجم الشعراء ج 3 ص 169

اسراء مهدي كاظم ــ الأثر القرآني في شعر عبد الصاحب البرقعاوي / رسالة ماجستير ــ جامعة كربلاء

عبد الإله الياسري / شهادات ومذكرات ــ في ذكرى الشاعر الشيخ عبد الصاحب البرقعاويّ ــ صحيفة المثقف بتاريخ 14 / 5 / 2019

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار