588 ــ مرتضى الحيدري (ولد 1365 هـ / 1946 م)

مرتضى الحيدري (ولد 1365 هـ / 1946 م)

قال من قصيدة (أهوى الحسين) وتبلغ (41) بيتاً:

وزلزلتْ وقعةٌ ضاقَ الـفـضـاءُ بـهــا      و(كربلاء) تسامى وجهها التربُ

وصـولـةُ الـحـقِّ تـأبـى وهـيَ فاجعةٌ      بما سيجري وأهوى العلم والأدب

وتنتهي الحربُ إن شمرُ الخنوعِ جثا      يحزّ رأسَـكَ لـيـتَ الأرض تنقلبِ (1)

ومنها:

زُرْ (كربلاءَ) ودُرْ حولَ الضريحِ تجدْ      جناتِ عدنٍ تـسـامتْ فوقها القُبَبُ

وزُرْ أبا الفضلِ واندبْ رزءَ مصرعِهِ      واطلبْ مرادَكَ فالحاجاتُ تُكتسبُ

إذا دعـتـنـي إلـى الـتـألـيـفِ قـافـيـتــي      فـإنّـهـا لـمـقـامِ الـعـشـقِ تـنـسكبُ

ومنها:

للهِ أبـوابُ بـابٍ عـنـدَ كـعـبـتِــه      و(كربلاء) فـغـرِّدْ أيُّـهـا الـذهــبُ

هذا قصيدي وهذا فيضُ قافيتي      كـشـمـعـةٍ عـنـدَ جنحِ الليلِ تلتهبُ

هـذا الـخـلـودُ لأهلِ البيتِ كلّهمُ      والظالمونَ هُمُ الأشواكُ والحطبُ

وقال من قصيدة في الزهراء (سلام الله عليها):

هذا أبيُّ الـضـيمِ قا     تلَ واستماتَ وقـال: لا

يا (كربلا) يا دمعةً      الـوجـهِ مـنـه تــبــلّــلا

إني أحبُّكِ مُـعـلـنـاً      أهوى ربوعَكِ (كربلا)

الشاعر

السيد مرتضى بن عبد المجيد بن عبد الحسين بن جواد بن حيدر الحسني الكاظمي، ولد في الكاظمية من أسرة علوية حسنية شريفة، عرفت بـ (الحيدري) يعود نسبها الشريف إلى الحسن المثنى بن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام).

أكمل الحيدري دراسته في مدينته وتخرج من كلية التجارة (الإدارة والاقتصاد) فرع المحاسبة وإدارة الأعمال، وعمل موظفاً في الدوائر الحكومية، ثم ترك الوظيفة وعمل بالتجارة، وكانت الرغبة في الشعر تشده منذ الصغر فألف المحافل الشعرية التي كانت تقام في الحسينية الحيدرية، ولا سيما في مناسبات المعصومين (عليهم السلام)، وقد تأثر بابن عمه الشاعر الكبير طالب الحيدري.

شعره

قال من قصيدة (أهوى الحسين) وتبلغ (41) بيتاً:

صوتُ الطفوفِ كلحنِ الذكرِ نسمعُه      فـي كـلِّ يـومٍ ولا يـنـتـابُـنـا الـتــعبُ

قـالَ الـحـسـيـنُ نـعـمْ لـلـموتِ أطلبُه      وقـولـه الـصـدقُ بـل أعـداؤه كـذبوا

مـنـافقونَ على الإرهابِ قـد مـردوا      أسـاسُـهـم دنِـسٌ أفـعـالـهـمْ شــغـــبُ

مضى الـحسينُ ليروي الدهرُ مأتمَه      إلى الشعوبِ وحيث العالمُ الـرحــبُ

مضى وروضـتُـه تـعـلـو مـنـائـرُها      إلى السماواتِ حيث البدرُ والـشـهبُ

مضى وتربتُه تشفي الـمريضَ متى      ما شاءَ ربُّكَ فـهـيَ الـطـبُّ والسـببُ

مـضـى وقـبَّـتُـه تـسـمـو بأنـجـمِـهـا      وتحتها يُـسـتجابُ السؤلُ والــطـلـبُ

مضى وكعبتُه يحلو الـجـلـوسُ بـها      وقد هوى عـندها الـيـاقـوتُ والذهبُ

مـضـى وخـلَّـفَ للأجـيـالِ قـادتَـهـا      لأشرفِ الخلقِ طهَ المصطفى نُسبوا

مـضـى إلـى اللهِ فـي نصرٍ وملحمةٍ      مـع الـخـلـودِ سـتـبقى وهيَ تنتصبُ

وقال من قصيدة في الإمامين الكاظمين (عليهما السلام) ويتشوّق فيها إلى مدينته وقد كتبها في مكة المكرمة:

إلـيـكَ أبـعـثُ يـا مـوسـى تـحـيـاتــي      مُــعــطــراتٍ زكـيـاتٍ نـقيَّاتِ

ونسمةً من رُبى الأحرارِ أحـمـلـهــا      وأنتَ تزهو وتعلو بالـمـقاماتِ

هـيَ الـشـهـادةُ كـمْ ألــبـسـتَـهـا حُللاً      ممزوجة بالمعالي والكرامـاتِ

هذي الملايينُ تسعى نحوَ حضرتِكمْ      مشياً وعزماً تحيي بـالـنداءاتِ

كأنَّ نـعـشَـكَ يـمـضـي نـحـوَ كعبتِهِ      وفـوقـه ألـفُ قـنـديــلٍ ومـشكاةِ

على المحبَّةِ والـتـرحابِ يـجـمـعُـنـا      كلٌّ يشاركُ في هذي الشعاراتِ

أبـتْ مـديــنــتُـنــا إلّا الـعـلا عـلـمـاً      وكافحتْ كلَّ أشكالِ الـعـداواتِ

مـديـنـــةٌ هيَ للأحــرارِ عــاصـمـةٌ      قويّةُ العزمِ في كلِّ الـمـجـالاتِ

تصارعُ الـذلَّ والإرهـابَ عـن ثقةٍ      هيهات يغلبُها الطغيانُ هـيـهـاتِ

وقال فيهما (عليهما السلام) أيضاً:

(لــذ إن دهــتـكَ الرزايا)      بمن تـمـسَّـكتَ تسعدْ

واندبْ لموسى المصائبْ      والـبسْ ثيابَ التوجُّدْ

فـالـيـومَ حــزنٌ عــمـيـقٌ      في ذروةِ المجدِ يُعقَدْ

والـيـومَ نـعـشُ جــــــوادٍ      يُـشـالُ والناسُ تشهدْ

وقال من قصيدة (يوم الطفوف):

يقولونَ الـطـفـوفَ حـيـاةُ عزمٍ      فقلتُ العزمَ من يومِ الــطــفـــوفِ

ومـنـهـا نـسـتـمدّ العونَ حـتـى      نـحـطّـــمُ رائـــدَ الــكـفرِ المخوفِ

إذا ما الـحـقُّ يـدعـونـا لحربٍ      نوافيها على أولى الــصـــفــــوفِ

تـغـذّيـنـا عـلـى أفـكــارِ هـديٍ      فـكـانَ الــنــصــرُ مِــنَّــا بالسيوفِ

فـلا مـوتٌ يـزلـزلـنـا وخـوفٌ      وهل نخشى المماتَ على الوقوفِ

على نارِ الضراوةِ راح يذوي      فـيـطــلـــــبُ شربةَ الماءِ الغريفِ

فـمـا سـمعته غيرُ سهامِ جُـورٍ      لتملأ صـــدرَه مـــاءَ الـــحــتوفِ

ويقضي نـحـبَـه لا مِـن شفيقٍ      يُــواســي حــالـــه لا مِــن لـطيفِ

فودَّعَها شـهـيـداً فـي شـمـوخٍ      لــوجـــهِ اللهِ والـــديــنِ الــحــنيفِ

وقال في الإمام الحسين (عليه السلام):

حـبُّ الـحـسينِ قصيدتي وولاؤهُ      في اللهِ قـافـيـتـي وذا ما أنـشـدُ

حبُّ الحسينِ هوَ الهدايةُ والمنى      وهوَ السعادةُ والطريقُ الأوحدُ

حبُّ الحسينِ عـقـيـدةٌ وفـريضةٌ      قـد خـطّـهـا لـلـعـالـمـيـنَ مُحمَّدُ

وقال فيه (عليه السلام) أيضاً من قصيدة طويلة:

يومَ الـحـسـيـنِ مـعَ الـزمـانِ مُـخــلّـدُ      تمضي الـعـصورُ ومثله لا يولدُ

عـظـمَ المصابُ وما الزمانُ بشامـخٍ      إلّا بـمـن ضـحُّـوا به واستشهدوا

صانوا النفوسَ عن الهوى وتزهَّدوا      ومشوا على شوكِ القتادِ ليُسعدوا

هُـمْ لـلـبـريَّـــةِ شــعـلــةٌ وقّــــــــادةٌ      وعليهمُ الأملُ الـمُـرجَّـى يُـعـقـــدُ

هــذا هــوَ الـسـفـرُ الـعـظـيـمُ وإنّـما      بـالـديـنِ كـلُّ حـيـاتِــنــا تــتـوطّدُ

ومضى الحسينُ يعيدُ صـفـحـةَ جدِّهِ      وأبـيـهِ والآمـــالُ فـيـهِ تُـــجـــسَّدُ

ضـحّـى بـمـهـجـتِـهِ فـأوقــدَ شـمعةً      سـتـظـلُّ فـي أفــقِ الــعُــلا تتوقّدُ

وتـألّــقَ الـعـبـاسُ يـحـمـلُ رايةَ الـ     إســلامِ وهــوَ الـفـارسُ الـمُـتـجلّدُ

سـالـتْ دمـاؤهـمُ عـلـى أرضٍ بها      ولـدَ الـفـداءُ غــداةَ عــزَّ الــمــولدُ

واسـتـبـسـلـوا بــضـراوةٍ عن قائدٍ      نـحـوَ الـرَّدى يـمـضـي ولا يتردّدُ

ذادوا عـن الشرفِ الرفيعِ ومزّقوا      حُـجُـبَ الـضـلالِ بـثـورةٍ تـتـخـلّدُ

وتقحَّموا القدرَ العبوسَ وشعشعتْ      إشـراقــةٌ لـلـنـصـرِ وهـوَ المقصدُ

فأعـيـدَ لـلإسـلامِ فـجـرٌ ضــاحـكٌ      وأزيـحَ عـن دنــيــاهٌ عــيـشٌ أنكدُ

واسـتـشـهـدوا ودمـاؤهــمْ مكتوبةٌ      تـتـبــدَّدُ الــدنــيـــا ولا تــتــبــــدَّدُ

نـلـتَ الــشــهادةَ وهيَ مجدٌ رائعٌ      وعـلـى ضـريـحِكَ لا يـزالُ الفرقدُ

يا نورَ شمسِ الطفِّ وهيَ جميلةٌ      ألــبـسـتـهـا حُـلـلاً تـضـيءُ وتسعدُ

....................................................

1 ــ ترجمته وشعره عن: موسوعة الشعراء الكاظميين ج 7 ص 303 ــ 317

كاتب : محمد طاهر الصفار