570 ــ عبد الصاحب الموسوي الهندي (ولد 1354 ــ 1425 هـ / 1935 ــ 2004 م)

عبد الصاحب الموسوي الهندي (1354 ــ 1425 هـ / 1935 ــ 2004 م)

قال من قصيدة في مولد أمير المؤمنين (عليه السلام) تبلغ (27) بيتاً:

وتمادى بنو أميَّةً جوراً      ومضى بغيهمْ إلى (كربلاءِ)

ويـمرُّ الزمانُ لكنَّ بغياً      بـدأوهُ قـد ظـلَّ دونَ انـتـهـاءِ

فإلى يومِنا يزيدٌ يُداري      سـوأتـيـهِ بـالـبـغي والافتراءِ (1)

الشاعر

السيد الدكتور عبد الصاحب بن حسين بن باقر بن محمد بن هاشم الموسوي الهندي، ولد في النجف الأشرف من أسرة علوية علمية نجفية معروفة ينتهي نسبها الشريف إلى الإمام علي الهادي (عليه السلام) وقد برز منها العديد من أعلام الفقه والأدب منهم عمه السيد صادق الهندي وابناه باقر وموسى، والسيد رضا بن محمد بن هاشم ــ جد الشاعر لأمه ــ والسيد أحمد بن رضا الهندي ــ خاله ــ وقد ترجمنا لها في موضوع السيد باقر والسيد رضا الهندي

درس الهندي على يد والده السيد حسين، والسيد جعفر شبر، والسيد صادق الهندي، انتقل إلى الكاظمية وأكمل فيها المرحلة الثانوية ودخل كلية التجارة ولكنه فصل منها بسبب نشاطه السياسي، وكان في الكاظمية أحد أقطاب المجلس الأدبي الذي كان يقيمه عمه السيد صادق الهندي في حسينية النواب والذي كان يحضره جمع كثير من الأدباء والشعراء الشباب ومنهم ابنا عمه السيدان باقر وموسى.  

قال الأستاذ راضي مهدي السعيد: مجلس السيد صادق الهندي الموسوي، كان ينعقد في حسينية مجلس النواب ليلا، أو في بيته، وكان يحضره كثير من العلماء والأدباء الشباب وكان ابناه السيد موسى الموسوي والسيد باقر الموسوي، وابن أخيه السيد عبد الصاحب الموسوي من أعمدة هذا المجلس.

أقام الهندي في الكويت عام 1966 وعمل في التعليم كما قدم بعض الأنشطة الأدبية عبر الإذاعة والتلفزيون، ثم سافر إلى بيروت عام 1973 ودرس في الجامعة العربية / قسم اللغة العربية وتخرج منها عام 1978، ثم سافر إلى القاهرة ودرس في جامعة الأزهر وحصل على شهادة الماجستير في قسم الأدب والنقد بمرتبة الشرف الأولى، ثم حصل على الدكتوراه عام 1986.

أقام في الكويت وعمل في التعليم، ثم أقام في القاهرة، ومنها هاجر إلى كندا وفيها أنشأ المعهد العالي للدراسات العربية لتدريس الطلبة العرب من الجامعيين الراغبين بمواصلة دراستهم عن الإسلام واللغة العربية. كما استحدث مركزاً للبحوث العربية والإسلامية، صدرت عنه بعض المطبوعات.

للهندي مؤلفان هما:

الشيخ محمد علي اليعقوبي شاعراً ــ دراسة نقدية تحليلية، رسالة الماجستير

حركة الشعر في النجف الأشرف وأطواره خلال القرن الرابع الهجري ــ دراسة نقدية، أطروحة الدكتوراه

كما قام بتحقيق ديوان جده السيد رضا الهندي،

وأصدر ديوانين هما:

أحلام الفجر ــ 1951

المرفأ القديم ــ 1969

توفي السيد عبد الصاحب الموسوي في إيران ودفن في مدينة مشهد المقدسة.

شعره

كتب الأستاذ ضياء الدين الخاقاني مقدمة لديوان الموسوي (المرفأ القديم) قال منها: (في هذه المجموعة اتّجاه فني قلّما يتوفر اليوم في المجاميع التي نقرأ، فهي تحتفظ من أول قصيدة إلى آخر قصيدة بمستوى من الإبداع الفني، وخلق الصور المعبرة بأصالة، مما يدفع القارئ إلى الاعتقاد بأنها قد اختيرت اختياراً، والواقع أن للشاعر قصائد كثيرة ذات قيمة فنية عالية لم يثبتها في مجموعته هذه.

إن شاعرنا الموسوي كان وما زال يسير في نفس الطريق الذي ابتدأ به انطلاقته الشعرية، رغم ما مرَّ به عبر مسيرته الحافلة في هذه الفترة، فإنك تستعرض روحه في كل لوحة من روائعه، وتتلمس انعتاقه من القيود، وثوريته الهادفة في كل مقطع من قصائده، فإن لحياته الاجتماعية أثرا قويا في تكوين شخصيته الأدبية ووجوده الشعري ...)

ومما قاله عبد العزيز البابطين في معجمه في ترجمة الشاعر: (اصطبغ شعره بلون همومه وأحزانه ... كتب الشعر باتجاهيه الذي يلتزم الوزن والقافية، والجديد الذي عرف بشعر التفعيلة، اتسمت لغته باليسر وخياله بالحيوية والنشاط)

قال الموسوي من قصيدة في مولد النبي (صلى الله عليه وآله):

يا أبا الأمَّةِ شكـوى ظـامــئٍ      فـاتـه أن يدركَ الريَّ ابـتـداءَ

أينَ منَّا وجهُـكَ السمحُ الذي      ألهمَ الـفـجـرَ شـروقــاً وسناءَ

أيـنَ مـنَّـا طـلـعةُ النورِ التي      مـزَّقـتْ لـيلَ الضلالاتِ هباءَ

يا أبا الأمَّــةِ ضـاعـتْ أمَّــةٌ      كنتَ ترعاها صباحاً ومـسـاءَ

أفـلا تـدركـهـا أنــتَ الـــذي      يـعـهـدُ الـنـبـتَ يـوالـيهِ رواءَ

ولقد ضـاقـتْ عـلـيـنـا محنٌ      تقتلُ الصبرَ ولا تُـبـقي رجـاءَ

فمتى يؤذنُ يا راعي الحِمى      أن يـعـمَّ الـخيرَ أرضاً وسماءَ

بـابـنِكَ المهديِّ في صارمِه      يرتقي الحقَّ على الدنيا ارتقاءَ

وقال من قصيدة في مولد أمير المؤمنين (عليه السلام) (27) بيتاً:     

أشرقي يا مطالــــعَ الــــعظماءِ      بـسـنا مولدِ التُّقى والــفــداءِ

بسنا مولدِ الـــــذي اخــتارَه الله      وليداً في الــكــعـــبةِ الغرَّاءِ

أشرقي بالــسنا فحسبُكِ وجــــهٌ      ما تهاوى لـــصخرةٍ صمَّاءِ

عـرفَ اللهَ والــنــبـــيَّ فـــأبـلى      في سبيلِ الـــهُدى أجلَّ بلاءِ

لمْ يكنْ غيرُه على مـــثلِ ما كا     نَ ولاءً أعــظـمْ بهِ مِن ولاءِ

شبَّ في واحةِ النبوَّةِ طــهــــراً      واغتدى نورَ قدسِها الوضَّاءِ

كانَ للمصطفى يمـــيناً وســيفاً      وأمــانـــاً مـن غدرةِ الأعداءِ

كانَ رمزاً لكلِّ نــصـرٍ عــظيمٍ      وسُراجاً فــــي الليلةِ الظلماءِ

كانَ ما شاءَ ربُّـــه مِن مـــعانٍ      قاصرٌ دونـــها مدى الحكماءِ

وهــوَ صـنــــوٌ لأحمدٍ، وأخوهُ      وهما اثنانِ فــي إهابِ الإخاءِ

وهوَ يفدي الدينَ الحنيفَ بنفسٍ      عظمتْ أن تـرى لغيرِ الفداءِ

وقال من قصيدة في يوم الغدير الأغر:

أأبا الميامينَ الـهـــداةِ عزيزةٌ      ذكرى الغديرِ ونورُها يتوقّدُ

ما تمَّ دينُ مـحمدٍ حتى ارتقى      لـيـبـلّـغَ الـنـبـأ العظيمَ محمدُ

مَن كـنــتُ مولاهُ وتلكَ لقولةٌ      صدعتْ بحـقٍّ خالدٍ لا يُجحدُ

فتجرَّعتْ منها الغوايةُ أكؤساً      للموتِ تفري أكـبـداً وتُفصَّدُ

مَـن كـنتُ مولاهُ سبيلٌ للهدى      ومـنـارةٌ لـلتائهينَ ومـقـصـدُ

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الباقر (عليه السلام) تبلغ (40) بيتاً:

 فقِفْ عندَ البقيعِ على شموسٍ      يضيِّعُ رسـمَـها طاغوتُ حقدِ

ومـسَّ التربَ بالأهدابِ وجداً      عـلـى آلِ الـنبـيِّ قضوا بوجدِ

فـفـــاطمةٌ هـنـا وهـنـاكَ زاكٍ      قضى سُمَّاً بــغـدرِ ألـــدِّ وغدِ

وهذا مـرقــدُ الــسـجَّادِ يخفي      جراحاتٍ من البلوى ويــبدي

وهذي تربةٌ شـمــخــتْ عُـلوَّاً      فلمْ يـبـلـــــغْ ذراها أيّ طـودِ

بها شمسٌ من القرآنِ تـأبـــى      ويأبى اللهُ أن تــضــوى بلحدِ

بها نورُ الشريعةِ كيفَ يُخفى      شعاعُ محمدٍ في كــلِّ حــمــدِ

وهذا جعفرُ الـبـاني صروحاً      لــديـــــنِ اللهِ شامخةَ التحدّي

أولئكَ عترةٌ لولا دمــاهــــــمْ      تنيرُ الـــدربَ لم نظفرْ برشدِ

وقال من قصيدة في رثاء الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) تبلغ (44) بيتاً:

هــذا لــواؤكَ معقـودٌ لــه الــظــفــرُ      وهـذهِ رايةُ القرآنِ تــنــتــــشـــــرُ

يا رافعاً مــشــعـــــــلَ الهادي بأمَّتِهِ      مِــن بـعـدمـا غــيَّبتْ أنوارَه زُمَـرُ

ويــا مــزيـــحَ الديـاجي عن عقيدتِه      لـولاكَ لمْ يبقَ منها في الورى أثرُ

لولا جهادُكَ ضاعـتْ في قصورِهمُ      عقيدةُ الــمـصطفى الغرَّاءُ والسورُ

يا باعثَ الــديــنِ وضَّاحاً بِلا ريبٍ      ومَن بــه الـشـبـهـاتُ السودُ تندحرُ

دانتْ لعلمِكَ أربابُ الــعــلـومِ وهلْ      مــنـــابـعُ الــعـلـمِ إلّا مـنـكَ تنفجرُ

كمْ واردٌ طـابَ مِنها عذبُ مــوردِهِ      وصادرٌ عنكَ مـحـمـودٌ له الصدرُ

أسَّستَ في كـلِّ عـلـمٍ منهجاً فغدتْ      حضارةُ الزيفِ والـبـهتانِ تحتضرُ

...........................................................

1 ــ ترجمته وشعره عن: موسوعة الشعراء الكاظميين ج 4 ص 378 ــ 402

كما ترجم له

الأستاذ راضي مهدي السعيد / المجالس والندوات الأدبية في الكاظمية ص 12

حميد المطبعي / موسوعة أعلام وعلماء العراق ج 2 ص 83

عبد الرحيم الغراوي / مستدرك معجم شعراء الشيعة ج 1 ص 309 ــ 316

جودت القزويني / تاريخ القزويني ج 13 ص 326 ــ 327

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار