بناء دولة على الدماء

لقد أحكم معاوية على الناس قبضته وأرعبهم بسلطته المتجبّرة, وكما أعدّ لهذه الوسائل الوحشية أزلاماً وزبانيةً، فقد أعدّ لتبرير هذه الجرائم، جيشاً من جنود إبليس من فقهاء الشريعة الأموية، أمثال: كعب الأحبار وسمرة بن جندب وأبي هريرة وغيرهم، ليرددوا شعاره: (يؤتي الملك من يشاء)، وبناءً على ذلك، فكل سلوك له مهما بلغت وحشيته ودناءته يستمد من هذا الاختيار..! هكذا تلاعب معاوية بمعنى هذه الآية الشريفة، وحرّفها من غير وازع من دين، وقد نظّر وعاظ السلاطين من هذا الشعار، وفلسفوا فاكتشفوا المذهب الجبري، فكانت الجرثومة التي عانى منها الجسد الإسلامي لفترة طويلة ومازالت بقايا هذا المرض المزمن تنشر فيروسها في البلاد الإسلامية.

ولا أدري أية دولة هذه التي تُبنى على سحق كل القيم الإنسانية ويكون بُناتها من القتلة والمجرمين والإنتهازيين ؟ ثم أي بناء هذا الذي تزعزع بالثورات الغاضبة والصرخات المستنكرة من قبل أعلام الأمة نفسها، وفي مقدمتهم، الحسين ابن نبي الأمة، وخليفته الشرعي ؟ حتى تقوّضت هذه الدولة بدمه الطاهر، فذهب يزيد إلى مزبلة التاريخ، ليعلن ابنه معاوية الأصغر على الملأ براءته وخروجه من هذه الدولة الفاسدة التي جرّت الويلات على الناس، وليقتله مروان وتنتقل الخلافة من السفيانيين إلى المروانيين الذين لم يزد عمر دولتهم على نصف قرن حتى انهارت على يد العباسيين.

هذا ما عمل معاوية لأجله من إزهاق الأرواح البريئة وانتهاك الحرمات وسحق القيم والنكث بالوعود ووو...إلى كثير من موبقاته في تأسيس دولته ثم انتهاج سياسة مستبدة.

في ذلك الصراع العنيف على المناصب والمغانم، غلبت المصلحة على الدين ووصلت الأخلاق إلى أقصى درجة من الإنحدار فأصبح شتم علي بن أبي طالب في الصلاة وعلى المنابر سُنة يجب أن تُتّبع !! وأصبح قتل الأخيار من الصحابة الكبار أمثال حجر بن عدي الكندي، وأصحابه، وقتل عمرو بن الحمق الخزاعي ورفع رأسه على رمح، وهو أول رأس يرفع في الإسلام، ثم وضعه في حجر زوجته آمنة بنت الشريد وهي في سجن معاوية في الشام هو تطبيق للشريعة ! فقد خرج هؤلاء على طاعة الخليفة باعتراضهما على سب علي !!!! هذا هو الإسلام الأموي البشع الذي جرّ الويلات على الأمة الإسلامية ولا تزال آثار تحريفه وانحرافه إلى الآن.

المرفقات