437 ــ مهدي الخاموش (1260 ــ 1332هـ / 1844 ــ 1914 م)

مهدي الخاموش (1260 ــ ١٣٣٢ هـ / 1844 ــ 1913 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام)

تناديهِ مُذ ألفته في (الطفِّ) عارياً     بأهلي مـرضوضَ القِرى والجوانبِ

فـــيا ليتني مِن قبل مُتّ ولــمْ أكنْ     أراكَ كسيرَ الصدرِ دامي الرواجبِ

فـمَـنْ لـلـيتامى يا ابنَ أمِّ وللـــنسا     إذا طـوّحــتْ فـيـهـا حـداةُ الـركـائبِ (1)

قال من قصيدة في مدح السيد مهدي الأعرجي عند قدومه من زيارة الإمام الرضا (عليه السلام):

واليومَ أصبحَ كلُّ مَن في (كربلا)      في نعمةٍ عظمى وعيشٍ أرغدِ

ولـقـد سـمـتْ فيكمْ إلى أن طاولتْ      هـامَ الـثـريَّــا رفـعـةً والـفـرقدِ

حسدتْ علاها المدنُ لمَّا أن سمتْ      قـدراً وأيُّ عـلـيـةٍ لــمْ تُـحـسـدِ (2)

وقال من أخرى في مدح السيد مهدي المعروف بـ (شمس الفقهاء):

ثم وافـى مسرعاً يسعى لوادي (كربلا)

راجياً يُسقى من الحوضِ رحيقاً سلسلا

قـسـمـاً عـنـهـا يـمـيـنـاً صادقاً لو رحلا

مـلأ الـعـالـمَ عـلـمـاً ومـعـانـي ونـجــار (3)

وقال من أخرى في الشيخ محسن كمونة:

إنّـي أتـيـتُـكَ قـاصـداً مــن (كربلا)      الـحـمدُ ذكري والهناءُ ثنائي

من خيرِ من لبَّى وطافَ ومَن سعى      ومَن ارتدى بالشكرِ والآلاءِ

سـعـدتْ بـه الـتـقـوى سروراً مثلما      سـعـدتْ منىً منه بخيرِ مَناءِ (4)

الشاعر

الشيخ مهدي بن عبود الحائري المعروف ب‍ـ (الخاموش)، شاعر وخطيب، ولد بكربلاء، وخاموش هو لقبه شخصياً وليس لقب أسرته، وهي كلمة فارسية تعني الصوت الخفي، ويُقال أنه جاءه من بحّة في صوته فصار إذا تحدث للناس لا يُسمع صوته كاملاً، فكان بعض الإيرانيين يقول عنه: خاموش شد ـ أي خفي صوته ـ (5)

درس الخاموش القرآن الكريم وتعلم القراءة والكتابة في الكتاتيب في كربلاء وتدرّج في مجالس العلم وأندية الأدب حتى صار خطيباً بارعاً وشاعراً مفلقاً وأصبح لمنبره طابعاً مميزاً وتخرّج على يده علم من أعلام الخطابة وهو الخطيب الكبير السيد جواد الهندي، توفي الخاموش في كربلاء ودفن الصحن الحسيني الشريف. (6)

قال عنه السيد جواد شبر: (برع في الخطابة بحسن التعبير وجميل الأسلوب ونظم في كثير من المناسبات من مدح ورثاء وتهان وأعظم حسنة له أن تخرّج على يده السيد جواد الهندي خطيب كربلاء، وعمّر الخاموش حتى تجاوز السبعين من العمر، وأكثر شعره في أهل البيت (عليهم السلام). (7)

ولكن للأسف لم يذكر السيد شبر من شعره الذي قال عنه أن أغلبه في أهل البيت سوى بيتين في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) وفيهما يصف ندبة عيال الحسين على مصارع القتلى وهما:

تناديهِ مُذ ألفته في الطفِّ عارياً     بأهلي مرضوضَ القِرى والجوانبِ

فـمَـنْ لـلـيتامى يا ابنَ أمِّ وللنسا     إذا طـوّحـتْ فـيـهـا حـداةُ الـركـائبِ

وقال عنه السيد سلمان هادي آل طعمة: (شبَّ خطيباً ذاكراً للإمام الحسين عليه السلام امتاز عن غيره بفصاحة التعبير وحسن الأسلوب وقرض الشعر فألمَّ به إلماماً واسعاً وكان يشهد مناظرات الأدباء وما يتخلل مجالسهم من الأخبار والسير والأشعار) (8)

ثم يقول آل طعمة: (واقتصر شعره على رثاء أهل البيت ومديح بعض سراة كربلاء ورجال العلم والإصلاح) (9)

ولكن آل طعمة لم يذكر أيضاً شيئاً من شعره في أهل البيت (عليهم السلام) واكتفى بنقل بعض قصائده في مدح ورثاء بعض الأعلام والتهاني.

كان الخاموش كثير السفر وقد أفقده ذلك كثير من شعره. يقول الشيخ موسى إبراهيم الكرباسي: (وجد في تطوافه وتجوله في بقاع الأرض بين البحرين إلى الإحساء ــ إلى القطيف ــ إلى الهند ما قوم ظروفه المعاشية ولكنه في نفس الوقت أفقد الشاعر مجموعته الشعرية فضاع الكثير منها في تطوافه هذا... ويحتفظ السيد أحمد السيد صالح آل طعمة وآل الرشتي بقسم من هذه المجموعة.. وعن طريقهما تمكنا من الاطلاع على شعره ومعرفة لونه وأسلوبه) (10)

ويقول السيد سلمان آل طعمة: (عاش الشاعر بين أحضان البؤس والفاقة ولم تسعفه الظروف القاسية لتدوين شعره، ولا غرو فإن معظم شعراء تلك الفترة قد أهملوا تدوين شعرهم ونشره بين الناس وهذا سبب من أسباب ضياع تراثنا الأدبي وقد تفضل جدنا السيد أحمد صالح آل طعمة مشكوراً بتقديم قصائد إلي وهي بخط الشاعر نفسه إذ كان الشاعر خدينه المقرب إليه وروى لي نبذة من حياته فقال: كان من خطباء كربلاء المبرزين ومن أشهر تلامذة السيد جواد الهندي خطيب كربلاء وكان يجوب البلاد وينتقل بين الأمصار فكثيراً ما آثر التطواف في ربوع البحرين والإحساء والقطيف والهند وذلك انتجاعاً للرزق والتلاوة في المجالس الحسينية هناك سيما في شهري محرم وصفر ولكثرة تطوافه من مكان لآخر ولبؤس حاله لم يتوفر له المجال لأن يدوّن شعره فقد ضاقت به الحال واشتدت به عسرة العيال وقد جاوز السبعين من عمره توفي في كربلاء ودفن في إيوان الوزير في الروضة الحسينية وله قصائد كثيرة...) (11)

وقال عنه الشيخ نور الدين الشاهرودي: (برع في الخطابة وإشتهر بحسن التعبير وجميل ألأسلوب ،وإلى جانب براعته ومقدرته في الخطابة فقد كان شاعرا مجيدا ، وأكثر شعره في مدح ورثاء أهل البيت (عليهم السلام) ، وأعظم حسنة له أن تخرج على يده السيد جواد الهندي خطيب كربلاء الذائع الصيت) (12)

وقد اخترنا من قصائده بعض الأبيات فيما يخص أهل البيت (عليهم السلام):

يقول من قصيدة في السيد أحمد صالح آل طعمة:

يا ابـنَ الـذينَ سما لويٍّ رفعةٌ     فيهمْ بسابقِ مفخرٍ لا يسبقُ

قومٌ إذا ركبوا الجيادَ حسبتهمْ     أسْـداً بـألـحاظِ المنيَّةِ ترمقُ

حلفا ندى لـلـسـائلينَ عطاؤهمْ      لا ينتهي عـدداً ولا يـتفوَّقُ (13)

وقال من قصيدة نقشت بالقاشاني على باب مسجد السيد جواد بن مهدي الصافي مؤرخا تشييده عام (1329 هـ):

هـلـلَ الـديـنُ وكـــبَّرْ      حـيـنَ وجــهُ الـحـقِّ أســفـرْ

بــنـجـــومِ الأرضِ آ     لِ المصطفى والطـهرِ حيدرْ

سـادةٌ فـيـهـمْ مدى الـ    أيـامِ أضـحـى الـفـخــرُ يفخرْ

سـادةٌ لـيـسَ يـجاري     مـجـدَهـم كـسـرى وقـيـصـرْ

سـادةٌ فـيهمْ قضى الـ     ـرحـمـنُ مـا شـــاءَ وقــــدَّرْ

كوِّنوا من قبلِ تكويـ     ـنِ الـورى فــي عـالــمِ الـذرْ (14)

.................................................

1 ــ ذكر منها (4) أبيات في البيوتات الأدبية في كربلاء ص 230 / وذكر منها بيتان في: تاريخ الحركة العلمية في كربلاء لنور الدين الشادرودي ص 260 / و (3) أبيات في أدب الطف ج 8 ص 261

2 ــ شعراء كربلاء ج 6 ص 94

3 ــ شعراء كربلاء ج 6 ص 99

4 ــ شعراء كربلاء ج 6 ص 105

5 ــ أدب الطف ج 8 ص 260

6 ــ شعراء كربلاء ج 6 ص 91 ــ 92

 7 ــ أدب الطف ج 8 ص 260

8 ــ شعراء كربلاء ج 6 ص 92

9 ــ نفس المصدر والصفحة

10 ــ البيوتات الأدبية في كربلاء ص 229

11 ــ شعراء كربلاء ج 6 ص 92

12 ــ تاريخ الحركة العلمية في كربلاء ص 259

13 ــ البيوتات الأدبية في كربلاء ص 230

14 ــ شعراء كربلاء ج 6 ص 97

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار