محسن أبو الحب الصغير (1305 ــ 1369 هـ / 1888 ــ 1950 م)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (54) بيتاً:
يا زائـراً بقعةً فوقَ الضِراحِ سَمَت عزّاً ونـالـت فـخاراً قطّ لم ينلِ
لـ (كربلا) تربةٌ طابتْ وقد طَهُرتْ فيها الشفاءُ منَ الأسقامِ والعللِ
ضمَّتْ حُـسيناً وقد حازَتْ به شرفاً ورفـعـةً ومقاماً من علاهُ علي (1)
قال من قصيدة في أبي الفضل العباس (عليه السلام) أيضاً:
يا قـاصِـداً لـزيـارتـي فـي (كـربلا) هذا حِمى الـلاجي وكرُّ الـمُـبتلى
إن زرتَ أرضَ الطفِّ أشرفَ بقعةٍ قِـفْ عـنـدَ بــابٍ لـلـولا مـتوسّلا
إنّـي بـذلـتُ لـسـبـطِ أحـمـدَ مُـهجتي وقدِ اِتّخذتُ على الشريعةِ منزلا (2)
وقال من قصيدة تبلغ (28) بيتاً:
لـكـنْ يـحـقّ لـنا البكاءُ على الذي أمـسـى بـلا غـسـلٍ ولا تـكـفـيـنِ
سبط النبيِّ ومَن بقي في (كربلا) في الشمسِ منه الجسمُ غيرُ دفينِ
وَبنو أبيهِ وصـحـبـه فـوق الثرى مـا بـيـنَ مـنـحـورٍ وبـيـنَ طـعينِ (3)
قال من قصيدة تبلغ (24) بيتاً:
ما كنتَ إلّا واحداً في (كربلا) أضحى لأعـيُنِ أهلِها إنسانا
فـأَتـتـكَ للـتـوديـعِ تظهر ودّها وتـريـكَ إخلاصاً لها وحنانا
ماذا أعـدّدُ من مـعـالـيـكَ الّتي أخرست عنها مَن أرادَ بَيانا (4)
وقال من قصيدة تبلغ (27) بيتاً:
هـبـةٌ لـــــديـنِ اللّه أَنـــتَ وإنّــمـــا قـد بـتّ لـلـدينِ الحنيفِ تقيمُ
لـكَ جــمّ آيــاتٍ وجــمّ فـضـائــــلٍ كالمسكِ تُنشرُ إن يهبّ نسيمُ
بِجَبينكَ الوضّاحِ أضحتْ (كربلا) تَـزهـو وفـيكَ لها هنا ونعيمُ (5)
الشاعر
الشيخ محسن بن محمد حسن بن محسن أبو الحب الكبير بن محمد الحويزي الحائري، شاعر وخطيب ولد في كربلاء من أسرة علمية عربية تعود في نسبها إلى قبيلة خثعم، (6) وصادف عام ميلاده نفس عام وفاة جده الشاعر والخطيب الكبير محسن أبو الحب، فشغل موقعه كخطيب وشاعر، وقد لقّب بـ الصغير تمييزاً عن جده، وكانت أسرته تسكن الحويزة فهاجرت إلى كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري لطلب العلم فتدرج أبناؤها في المجالس العلمية والمنابر الحسينية. (7)
ولأسرة أبي الحب ورجالاتها تاريخ أدبي حافل، يقول الشيخ موسى الكرباسي: (لبيت أبي الحب فرسان مشهورون في حلبات الأدب لهم صيتهم ولهم مكانتهم في المجتمع الكربلائي، فقد حفلت لهم الأندية الأدبية بألوان متنوعة من النتاج الأدبي تضم سيراً لواقعة الطف المشرفة ووصفا رائعا لمجريات الواقعة في فصول التضحية والفداء) (8)
نشأ أبو الحب وسط هذه الأجواء ودرس العلوم الأولية على يدي أبيه الخطيب الشيخ محمد حسن وعدد من علماء عصره ثم تخصص بالخطابة وبرع فيها ونال شهرة واسعة حتى عُدّ خطيب كربلاء الأول.
وبلغ من شهرته أن الدعوات كانت تأتيه من مدن العراق ومن الكويت والبحرين وبلاد الشام وإيران فقرأ في هذه البلدان لكنه كان يرفض أية دعوة تأتيه من خارج كربلاء في شهري محرم وصفر حيث كان مجلسه يغصّ بالجمهور في الصحن الحسيني الشريف.
يقول السيد سلمان هادي آل طعمة عن مجلس أبي الحب: (وقد أتاني الحظ أن أحضر بعض مجالسه الدينية وهو في آخر حياته فكانت مزدحمة بحشد كبير من العلماء والفضلاء والجماهير الشعبية الأخرى، وكنت أعجب بتفننه في الخطابة حيث كان يعالج البحوث الإسلامية المهمة والقضايا التاريخية الغامضة، ويأتي بأروع الأمثلة ذات الجدة والطرافة، ويحسن الانتقاء للروايات الصادقة المستقاة من أوثق المصادر فكان بعيد الغور، متضلعاً في القضايا الفكرية، وله إلمام واسع في الشعر الفارسي حيث يجيده إجادة تمكنه من تلاوته بصورة متقنة) (9)
وقال الشيخ موسى الكرباسي: (كان شاعراً كبيراً وخطيباً يتمتع بصوت جهوري وإلقاء يدعو إلى الإعجاب فازدحم على مجالسه المعجبون به وتنافس عشاقه على ارتياد أنديته فحظي من لدن الوسط الكربلائي بمكانة مرموقة ومنزلة عالية) (10)
وقال عنه الشيخ محمد السماوي:
وكالخطيبِ المحسنِ بن الحسنِ بنِ أبي الحبِّ الخطيبِ اللسنِ
فـكـمْ له من درِّ سمطٍ في الرثا إذا وعاهُ سائقُ الـظـعـنِ جـثـا
رأى الـجـزاءَ فـي الحياةِ أزهو لـدى الـردى فـقـيلَ أرّخ خذه (11)
كان أبو الحب صاحب مدرسة خطابية تخرج منها كبار الخطباء في تاريخ كربلاء منهم:
1 ــ مرزا صادق واعظ
2 ــ الشيخ هادي الكربلائي
3 ــ الشيخ عبد الزهراء الكعبي
4 ــ الشيخ علي الحلي
5 ــ السيد مصطفى الفائزي آل طعمة
6 ــ السيد صدر الدين الشهرستاني (12)
ومن نشاطاته الأدبية تأسيس جمعية ندوة الشباب العربي في مدينة كربلاء عام (1941 م) وقد تولى عمادتها لفترة كما كانت له محاولة لفتح فرع في كربلاء لجمعية الرابطة الأدبية التي مقرها في النجف الأشرف.
كما وكانت له مواقف وطنية في ثورة العشرين حيث دعم الثورة بيده ولسانه يقول السيد سلمان آل طعمة: (ساهم الشاعر في ثورة العشرين الكبرى فكان خطيبها الأول الذي ألهبت خطبه حماس الجماهير، وأثارت عواطفهم الهائمة وزعزعت كيان الاستعمار البغيض). (13)
وكانت له مكتبة ضخمة اشتملت على اُمّات كتب الفقه والتاريخ، والأدب والشعر، معظمها مطبوع بالطبع الحجري, وهي غنية بما تشتمل عليه من ذخائر فريدة، ونفائس جليلة من المخطوطات, وبعد وفاته انتقلت إلى نجله الخطيب الشيخ محمّد حسن أبو الحبّ والدكتور جليل أبو الحبّ (14)
ولم يزل يرفد الساحة الأدبية والعلمية بشعره ومنبره حتى وفاته في كربلاء فدفن في صحن أبي الفضل العباس (عليه السلام) وأقيم له حفل تأبيني كبير، وقد سعى السيد سلمان هادي آل طعمة بتحقيق ونشر ديوانه وطبع بمطبعة الآداب بالنجف الأشرف سنة ١٣٨٥ هـ / ١٩٦٦ م.
شعره
قال السيد سلمان هادي آل طعمة: له ديوان شعر كبير يضم (3000) بيتا يتناول معظمه مدح ورثاء أهل البيت عليهم السلام (15)
قال من قصيدة في النبي (صلى الله عليه وآله) تبلغ (56) بيتاً:
أمُحمّدُ الهادي البشيرُ المصطفى أُهـديـكَ مَـدحي واصفاً معناكا
يـا سـيّـدَ الـسـاداتِ جِئتُكَ قاصداً أرجو رِضاكَ وأحتَمي بحِماكا
واللّه يـا خـيـر الــخـلائـقِ إنّ لي قَـلـبـاً مَـشـوقـاً لا يرومُ سِواكا
فوحقّ جاهِكَ إنّـنـي بـكَ مُـغــرمٌ واللّه يـعـلـمُ أنّـنـــي أهـــواكـــا
أنـتَ الـذي لولاكَ ما خُلقَ اِمرؤ كـلّا ولا خُـلِـقَ الـوَرى لولاكا
أنـتَ الذي لمّا رُفِعتَ إلى السما بـكَ قَـد سَـمَـت وتـزيّـنتْ لِلِقاكا
أنتَ الذي نـاداكَ ربّكَ مـرحـبـاً وَلَـقـد دَعــاكَ لِـقُــربــهِ وحَباكا
أنتَ الـذي فـيـنـا سـألتَ شفاعةً نـاداكَ ربّـكَ لَـم تَـكُــن لِـسـواكا
أنـتَ الـذي لـمّـا تـوسّــــــلَ آدمٌ مِـن ذنـبـهِ بِـكَ فـازَ وهـو أباكا (16)
وقال من قصيدة في أمير المؤمنين (عليه السلام) تبلغ (26) بيتاً:
بدَت للوَرى أنوارُ حـيـدرَ تسطعُ وبـرقُ سَـنـاها لـلـمـحـبّـيــنَ يـلـمـعُ
إمامُ الـهـدى صـنوُ الـنـبيِّ محمّدٍ بـهِ عُـمـدُ الإســلامِ والــدينُ تُـرفَــعُ
عـلـيٌّ أمـيـرُ الـمـؤمنينَ ومَن له مـلائـكـةُ الـرحـمـنِ تـعـنو وتخضـعُ
وَمَن ولدته أمُّه الـطـهـرُ فـاطــمٌ وفي البيتِ لا مولودَ من قبلِ يوضعُ
بهِ شرَّفَ البيتَ الحرامَ وقد علا فَـمِـن نـشـرهِ أركــانــهُ تـتـضــــوّعُ
فأكـرِمْ بـمـولـودٍ زكـيٍّ مُـطـهَّـرٍ له سـيّـدُ الـبـطـحـا كـفـيـلٌ ومرضعُ
وَربّاهُ خيرُ المرسـلـيـنَ بـحجرِهِ وكـانَ لـه شـأنٌ وجــاهٌ ومــــوقـــــعُ
وأيّـده الـرحـمـنُ مــنــه بــقــوّةٍ بِـهـا قـد غـدا بـابـاً لـخـيـبــــــرَ يقلعُ
وفي كـلِّ حربٍ كان فيها مقدَّماً وأعـداؤه فــي حـيـرةٍ قــد تـسـكّــعوا
عـلـيٌّ أمـيـرُ المؤمنينَ وفي غدٍ لـكـلِّ مُــحـبٍّ شـــافـــعٌ ومــشـفّــــعُ
وقال من قصيدة في مولد سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام)
لَـقـد سَـطَـعَتْ أنـوارُ فاطمةَ الزهرا فَـأَضـحـتْ بِها الآفاقُ باسـمـةً ثَغرا
هيَ اِبنةُ طهَ المصطفى سيّدُ الورى بهِ ليلةُ المِعراجِ ربُّ الـسـما أسرى
وحـيـدرةُ الـكـرّارِ ذو الـفـخرِ بَعلُها بهِ شِرعةُ المُخـتـارِ قد نالَتِ الفَخرا
هـيَ الـبـرَّةُ الـطـهـرُ البتولةُ مَن لها مـلائكةُ الـرحـمنِ قد خَضَعَتْ طرّا
لَـقَـد فَـرِحـتْ فـيـهـا خـديـجـةُ أمُّـها وَقَد سُعدتْ في وقتِ مولِدِها بشرى
بنورِ مـحـيَّـاهـا قـدِ اِنـقـشَــعَ الدجى ونورُ سَناها يخجلُ الشمسَ والبدرا
على بضـعـةِ الـمـخـتـارِ خيرُ تحيّةٍ لها مِن إلهِ العرشِ لا بَرِحَتْ تُترى
وَنَـرجـو بـهـا نـيلَ الشفاعةِ في غدٍ لِـكـي بـولاها نُدركُ الفوزَ والأجرا
شَـفـيـعـتُـنـا يـومَ الـقـيـامــةِ فـاطــمٌ وإنّ لـنـا فـي حـبّـها النعمةُ الكبرى
بـوالـدةِ الـسـبـطـيـنِ سـيّـدةِ الـنـســا تـمسُّكنا لا نختشي البؤسَ والضرّا
وقال في الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (51) بيتاً:
سبط النبيّ أبـو الأئــمّــة مَـن للـخلائقِ جـاءَ رَحمه
هذا الـحُـسـيـنُ ومَن بسا قِ الـعَـرشِ خـطّ اللّهُ إِسمه
وَبِـقـلـبِ كــلِّ مــوحّــــدٍ قَد صـوّرَ الـرحمنُ رَسمه
هـذا سـلـيـــلُ مـحـمّــــدٍ لِبني الولا كهـفٌ وعِصمَه
هذا اِبن بِنتِ المُصطفى مَولىً لــه شــــأنٌ وحُرمه
مِن أهلِ بـيـتٍ زانــهــم كـرمٌ ومــعـروفٌ وحِشمه
مِن أُسـرةٍ عـلـويّــــــــةٍ هيَ فـي البـريّـة خـير أمّه
هُـم عـتـرة لـمـحـمّـــــدٍ وقــرابـةٌ قــربـى ولـحـمـه
هـو لـلـمـوالـي رحـمـة وعَـلى العِدى سخط ونِقمه
لـبـسَ الـفـخـارَ مُـحـبّـه وكُسي ثيابَ العارِ خصمه
وقال من قصيدة في رثاء الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) تبلغ (26) بيتاً:
لـهـفـي عـلـى بابِ الحوا ئجِ ماتَ في سِجنِ الرشيدِ
بـالـسـمّ يَـقـضـي نـحـبـهُ تـفـديـهِ نـفـسـي مِـن شَهيدِ
قـد مــاتَ وهــوَ مـغـلّـلٌ رهـنَ الـسـلاسـلِ والـقيودِ
لـم يُـحـضِــروه أهــلـــه مـا مِـن قـريـبٍ أو بـعـيـدِ
فَــرداً يـعـالـجُ نــفــسَــه ويـئـنّ مـن ألــمِ الـحـديـــدِ
حتّى قَضى فرداً وحــيـ ـداً أفـتتديـهِ مــن وحــيـــدِ
يا عين لاِبن المُصطفى بـالـدمعِ والزفَراتِ جودي
أضحى وحـمّـالون تَحـ ـمـلُ نَـعـشـهُ بـيـدِ الـعـبــيدِ
وعـلـيـهِ أعـلِـنَ بـالـنـدا ءِ بـأمـرِ جـبّـــارٍ عـنـيــــدِ
هـذا إمـامُ الـرفــض ما تَ بِحتفهِ في الناس نودي
وقال من قصيدة في رثاء الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام) تبلغ (22) بيتاً:
لـمُـصـابِ الإمـامِ بابِ الـمرادِ سالَ دَمعي دماً كصوبِ الغوادي
كيفَ لا تذرفُ العيونُ دموعاً كـلُّ حـيـنٍ شـجـواً لـرزءِ الـجوادِ
لـسـتُ أنـساهُ وهو يـطلبُ ماءً مِـن لـهـيـبٍ مـعـطـبٍ فـي الفؤادِ
حـيـنَ دَسّـتْ لـه الـخبيثةُ سمّاً فـي طـعـامٍ فــيـا لـه مـــــــن زادِ
قـطّـعَ الـسـمُّ قـلـبَــه فــحــشاهُ مِـن لـهـيـبِ الظما والسمِّ صادي
مَـنَـعـتـهُ الماء المعين ونادَتْ سـوفَ تــأتـي تَـسـقـيك أمُّ الهادي
قـتـلـتـهُ ظـلـمـاً ومـا أنـصفتهُ وأضــاعَـت لـه حـقــــــوقَ الودادِ
فَـقَـضـى نـحـبـهُ شـباباً شهيداً غصصُ الموت جرّعته الأعادي
يـالـرزءٍ بـكَـت لـه كـلّ عـينٍ وَكَـسـا الـدهـرَ حـزنُـــه بـالـسوادِ
وقال من قصيدة في الإمامين العسكريين (عليهما السلام) تبلغ (33) بيتاً:
لُذْ واِسـتَـجِـرْ بـالـعـتــرةِ النجباءِ حتّى تنالَ بهم عـظيمَ رجـــاءِ
واِقصدْ زِيارتَهم وطُفْ بقبورِهم لـتـكـونَ فـي أمنٍ بـيـومِ لـقاءِ
بالعسكريّينِ الإمـامـيــنِ اِعتَصِمْ وَاِخصُصهُـمـا بـمودّةٍ وولاءِ
قــد فــازَ مَن والاهما بسـعــادةٍ وأُصيبَ مَن عـاداهـمـا بشقاءِ
آلُ الـنـبــيّ هـمُ الذخيرةُ في غدٍ وهُمُ الوسيلةُ لي وهم شُفَعائي
وقال في ولادة الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) من قصيدة تبلغ (41) بيتاً:
بُشرى الإمامِ العسكري بـالـقائــمِ الـمـنـتـظـرِ
بِصاحـبِ الـزمــانِ مَن سادَ جـمـيعَ الــبـــشرِ
هو اِبن سـاداتِ الورى وَالـنُـجـبــاءِ الــغــررِ
إمـامُ صــدقٍ طــاهـــرٌ مِـن طـاهــــرٍ مطهّرِ
قَـد وَلَــدته نــرجـــــسٌ في يومِ خامسْ عشرِ
وقـد تـجـلّـى نـــورُه الـ ـزاهـرُ وقـتَ السحرِ
وشـعّ نـــورُ وجــهــــهِ في الكونِ مثلَ القمرِ
شـعـبـانُ شـهـرٌ طـيّـبٌ فـاقَ جـمـيـعَ الأشهرِ
فـيـه بَـدى مــهـديُّـنــــا كـالـكـوكبِ المُزدهرِ
وأشـرَقَـــتْ أنــــــوارهُ فـيـهــا جلاءُ البصرِ
وقال من قصيدة في أبي الفضل العباس (عليه السلام):
لأبي الـفـضـلِ رِفــعـةٌ ومــقــامُ ومـحلٌّ بـالـعـزّ لـيـسَ يُــرامُ
هوَ نـجـلُ الـوصـيِّ شـبـلُ عليٍّ وحِــمـانـا إن جـارَتِ الأيّــامُ
وهوَ ساقي العِطاشِ بالطفّ لمّا أن أحــاطـتْ بالطاهرينَ لئامُ
كَـم بـيـومِ الـوغـــى أبادَ رجالاً مُذ سَطا في يمينه الصمصامُ
وَفَـدى الـسـبـطَ بـاذلاً منه نفساً قـد أبَـت عـزّة فـلـيـسَ يُضامُ
قَد رَقى فوقَ هامـةِ الفخرِ عزّاً إذ هـوَ الـبـاسلُ الكميُّ الهمامُ
صيتهُ في الأنامِ قـد شـاعَ طرّاً إنّـه خـيـرُ فـارسٍ ضـرغــامُ
وبـيـومِ الـكـفـاحِ لـيـثٌ هـزبـرٌ ثـابـتُ الـجـأشِ حـازم مـقدامُ
هـو لاِبـنِ الـنـبـيّ خـيـرُ وزيرٍ ويـمـيـنٌ وســاعـــدٌ وحـسـامُ
شـيّـدَ اللّه قـبـرَهُ فـهـو قـبــــــرٌ فـيهِ تشفى الأوجاع والإسقامُ
وقال من قصيدة من السيدة الحوراء زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السلام):
بِأبي الّتي وَرِثَت مصائبَ أمِّها وبِها البلاءُ أحاطَ من شانيها
لـكـنّـهـا وَرِثَـت خـلائـقَ حيدرٍ في رأفـةٍ وطـلاقـةٍ تُـبـديـهـا
فكأنّما هيَ لم تُصَب بـمـصيبةٍ بـفـراقِ إخـوتِـهـا وفـقدِ بَنيها
وقال من قصيدة في رثاء الشهيد مسلم بن عقيل (عليه السلام) تبلغ (37) بيتاً:
وَبِهم لَقَد غـدرَ الـزمـانُ بـفـعلـهِ وَكـذاكَ يـفـعلُ دهـرُنا الـغدّارُ
الـغـدرُ شـيـمـتُه كـمـا فـي مسلمٍ غَدروا بـه وعليه بَـغياً داروا
وافـاهـمُ بـنـيـابـةِ اِبــنِ نـبـيّــهـمْ فـبـدا لَهم بـقـدومـهِ اِســتـهتارُ
كـثُـرَ اِخـتـلافـهـمُ إلـيـهِ وبايعوا طَـوعـاً فـلا كـرهٌ ولا إجـبـارُ
وبيومِهمْ نكـثوا ولم يـرَ مَـن لـه يهدي الطريقَ وما لـه أنصارُ
فَـدعوهُ أن يُعـطي الـقـيادَ مـذلّة وَمحالَ وهوَ الـضـيغمُ الكرّارُ
لم أنسَ إذ حـاطتْ بـهِ أعــداؤه وهوَ الهزبرُ الأشوسُ المِغوارُ
فنَضا عليهم مُرهفاً من عـزمهِ ولـهَ رُؤوسُ الـدارعـيـنَ نـثارُ
ظـنّـوا بـه يـغـتـرّ عـنـه أمانهمْ والـكـلُّ مـنـهـمْ خـائــنٌ غــدّارُ
وتقمّصوا بالزورِ عند ضلالهم بِـثـيـابِ خـزيٍ حشوهنَّ العار
وقال من قصيدة في رثاء ولدي مسلم بن عقيل (عليهما السلام):
دَمعُ المَحاجرِ قد تفايــضَ بالدمِ لمُصابِ مظلومينَ طـفلَيْ مُسلمِ
بـدرانِ مِـن بـيتِ النبــوّةِ أشرَقا كـالـفـرقَـديـنِ بـجنحِ لـيلٍ مُظلمِ
جارَ الدعيُّ علـيهما فـي سجنهِ وَقَسا ولَم يـعـطـفْ ولــم يترحّمِ
مَكَثا بقعرِ السجـنِ عـاماً كاملاً وغَـدا مـصـيـرُهما لرجسٍ ألأمِ
رقّتْ لحالِهما العجوزُ وأفردتْ بـيـتـاً لـكـي تـأويـهـمـا بـتـكـتّـمِ
فإذا الشقيُّ عليه قد غلبَ الشقا يرجو العطـاءَ مـنَ الـدنيِّ الآثـمِ
لَـم يـستـقرَّ وباتَ يحرسُ دارَهُ حـتّـى تـحـرّى ما بها مِن أرسمِ
فإذا الـشـقـيـقُ مـعـانـقٌ لشقيقهِ وهُما على خـوفٍ وقـلبٍ موجمِ
فَدَنا وشدَّ بـحـبـلِـه كـنـفـيـهـمـا ظُـلـمـاً كـشدِّ عرىً وثيقٍ محكمِ
فَـهُـنـاكَ شـدّ عـلـيهما بحسامهِ إذ لا مُعينَ ولا نصيرَ ولا حَمي
وقال من قصيدة في رثاء الشهيد القاسم بن الإمام الحسين المجتبى (عليهما السلام) تبلغ (34) بيتاً:
يا عينُ جودي بـدمـعٍ مـن دمٍ هتنِ للقاسمِ اِبن الإمامِ المجتبى الحسنِ
أتـى إِلـى عـمِّـه في حـيــنِ شـدّتـهِ وقـد أحـاطَـتْ بـه عـبّـادةُ الـوثـنِ
فـجـاءَ يـطـلــبُ مـنـه رخصةً وله قـلـبٌ تـوقّـدَ بـالأحـزانِ والـشجنِ
فـمُـذ رآهُ حـســيـنٌ فـاضَ مـدمـعَهُ وقـلـبُـهُ ذابَ من وجدٍ ومن حزنِ
وبـعـدَ أن جـدّلَ الأعـدا بـصارمِهِ وصـالَ فـيـهم بذاكَ المقولِ اللسنِ
أتاهُ أشقى الوَرى والسيفُ في يدهِ فـشـقَّ مـفـرقَـهُ إذ خـــرَّ لـلـذقـــنِ
فـجـاءهُ الـسـبـط يـبـكـيـهِ ويـنـدبـه بـنـيَّ هـانَ عـلـيـكَ اليومَ تتركني
بُنيّ خلّـفـتـنـي فــرداً ولا أحــــــٌد يـحمي حمايَ فيَرعاني ويسعدني
عليّ عـزّ بـأن تـبـقى رهينَ ثرى مـوزّعُ الـجـسـمِ شلواً عافرَ البدنِ
...........................................................................
1 ــ شعراء كربلاء ج 4 ص 170
2 ــ موقع ديوان / موقع موسوعة الأدب العربي
3 ــ موقع بوابة الشعراء بتاريخ 9 / 5 / 2014
4 ــ نفس المصدر والتاريخ
5 ــ موقع ديوان
6 ــ تراث كربلاء ص 155 / شعراء كربلاء ج 4 ص 133
7 ــ شعراء كربلاء ج 4 ص 166
8 ــ البيوتات الأدبية في كربلاء ص 31
9 ــ شعراء كربلاء ج 4 ص 167
10 ــ البيوتات الأدبية في كربلاء ص 42
11 ــ مجالي اللطف بأرض الطف ص 78
12 ــ شعراء كربلاء ج 4 ص 168
13 ــ شعراء كربلاء ج 4 ص 168 عن كتاب الثورة العراقية الكبرى للسيد عبد الرزاق الحسني ص 87
14 ــ تراث كربلاء ص 326
15 ــ شعراء كربلاء ج 4 ص 166
16 ــ القصائد عن موقع بوابة الشعراء بتاريخ 9 / 5 / 2014
كما ترجم له:
السيد جواد شبر / أدب الطف ج 9 ص 333
حيدر المرجاني / خطباء المنبر الحسيني ج 1 ص 86
محمد علي الحوماني / بين النهرين ص 73
اترك تعليق