كاظم الهر: (1257 ــ 1333 هـ / 1841 ــ 1914 م)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (39) بيتاً:
وإن أنسَ لـنْ أنـســى غـريباً مشرَّداً لـدى (كربلا) بين الكروبِ البوائقِ
وهذا أبو الغرِّ الـمـيـامـيـنَ مـن سما وداسَ على شُهبِ النجومِ الشوارقِ
حسينٌ بأرضِ الطفِّ عانى حروبَها لدى آلِ حـربٍ بـيـن تـلـكَ الـفـيالقِ (1)
وقال من قصيدة في رثاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) تبلغ (35) بيتاً:
إذا ما جرى ذكرُ العلبلِ بـ (كربلا) تصبُّ عيوني الدمعَ صوبَ السحائبِ
مسجىً عـلـى نـطـعِ الأديمِ ولمْ يجدْ هـنـالـكَ مـن خـلٍّ لـديـهِ وصـــاحــبِ
عـلـيلٌ، من العوَّادِ خالٍ سوى الذي أتـاهُ لـذاكَ الــنــطـعِ أولُ ســـاحــــبِ (2)
ومنها:
فذا السيِّدُ الـسـجَّـادُ فـي طـفِ (كـربـلا) تـطـوفُ بهِ الأرزاءُ من كلِّ جانبِ
ويـنـظـرُ فـي عـيـنـيـهِ فــتــيــانَ هـاشمٍ تهشّمُ في بيضِ السيوفِ القواضبِ
عطاشى على وجهِ الصعيدِ بها ارتوتْ على نهلٍ عطشُ الرماحِ السواغبِ
وقال من قصيدة في الإمام علي الهادي (عليه السلام) تبلغ (41) بيتاً وفيها يتعرض لتهديم قبر الإمام الحسين (عليه السلام) من قبل المتوكل العباسي:
أوما سمعتَ صنيعَه في قبرِ مَن أمسى بوادي (كربلا) مـقـتـولا
قـبـرٌ سـمـا أودَ الـسـمـاكِ مقامُه واخـتـارَ فـوقَ الـفـرقدينِ مقيلا
ودَّ الضراحُ بأن يكونَ ضريحَه ليكونَ بالشرفِ الأصيلِ أصيلا (3)
الشاعر
الشيخ كاظم بن صادق بن أحمد بن عيسى الهر الحائري الخفاجي المعروف بـ (الهر)، عالم وفقيه وشاعر كبير من أعلام كربلاء ومفاخرها، ولد في كربلاء من أسرة علمية أدبية برز منها العديد من الأعلام منهم: جعفر وجواد وقاسم ومحمد علي وموسى الهر إضافة إلى كاظم الهر الذي يعد من أبرز أعلام هذه الأسرة.
نشأ الهر نشأة علمية أدبية فدرس الفقه والأصول على يد أعلام كربلاء أمثال: الشيخ زين العابدين المازندراني، والسيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني، والميرزا محمد حسين الأردكاني، والشيخ صادق خلف، والسيد محمد باقر الطباطبائي، والسيد هاشم القزويني، وميرزا جعفر الطباطبائي. (4)
أسرته
آل (الهر) أسرة كربلائية من الأسر المعروفة، برز فيها العديد من أهل الفضل والأدب والشعر، وترجع في نسبها إلى فخذ الطهامزة التابع لقبيلة خفاجة، وكان أول من سكن كربلاء منها هو جد الشاعر كاظم الشيخ أحمد بن عيسى الهر الحائري وتوفي ودفن فيها وهو أول من لقب بالحائري. (5)
يقول السيد سلمان هادي آل طعمة عن هذه الأسرة: (وآل الهر أسرة كربلائية معروفة بالأدب تخرج منها رعيل من الشعراء وأهل الفضل...) (6)
ويقول الشيخ موسى الكرباسي: (يعد بيت الهر من بيوتات كربلاء الشهيرة له نصيبه الوافر من العلم والأدب كما له مكانته في الوسط الاجتماعي لما قدمه رجاله من نتاجات أدبية وعلمية وتنحدر هذه الأسرة من أسرة عربية عريقة في القدم تعرف بآل عيسى) (7)
وقال السيد جواد شبر: (آل الهر أسرة أدبية علمية لها شهرتها ومكانتها) (8)
قالوا فيه
قال السيد محسن الأمين: (كان فقيهاً عالماً وله ديوان شعر جلّه مدح في آل البيت ورثاء لهم لم يطبع....) (9)
وقال السيد جواد شبر في معرض حديثه عن أسرة آل الهر: (وأشهرهم هو الشيخ كاظم ... ثم يقول: كان عالماً فقيهاً وكانت له حوزة للتدريس في مدرسة حسن خان، وله ديوان شعر جلّه في مدح آل البيت صلوات الله عليهم، لم يزل مخطوطاً ... ) (10)
وقال الشيخ نور الدين الشاهرودي: (أشهر فرد في أسرة الهر العلمية والأدبية، شبّ وترعرع على حب العلم والكمال، فقد درس المقدمات وسهر على علمي الفقه والأصول بالدراسة على أفذاذ عصره، فكان مثالاً صالحاً ومفخرة تعتز به كربلاء، وكانت له حوزة للتدريس في مدرسة حسن خان ... كان شاعراً وأديباً شهيراً إلى جانب علمه وفضله وتدينه... ثم يقول توفي في كربلاء ودفن فيها). (11)
وقال الشيخ محمد السماوي:
وكالأديبِ الكاظمِ بن الصادقِ ظريفِ آلِ الهرِّ في الحقائقِ
فـشعـرُه كـانَ لأهـلِ الــبـيـتِ مـشـتـهـرٌ كــغـرّةِ الـكـميـتِ
لاحَ لـه فـلـكُ نـجـاةٍ عــاصـمْ فــــــأرخوا راح لفلكٍ كاظمْ (12)
وقال أيضاً: (كان فاضلاً مشاركاً أديباً ظريفاً، حسن الفكاهة والحديث، خفيف الطبع على جسامة الأعضاء، رقيق القلب فوق العادة، وكان شاعراً منسجم الألفاظ سهلها، رأيته وهو شيخ فرأيته يذوب ظرافة، ويتقطر لطافة، إلى تقىً وديانة ونسك. وله ديوان شعر وفيه من المدائح الأمامية والمراثي أيضاً ما يطول به الكتاب لو ذكرناه) (13)
وقال السيد المحقق عبد الرزاق المقرم: (له فضل كبير في العلم والأدب ...) (14)
وقال السيد سلمان هادي آل طعمة: (من طلائع رجال الفكر والأدب في زمنه وقد طبقت شهرته الأندية الأدبية وأصاب شهرة رفيعة وصيتا بعيدا) (15)
شعره
ذكر كل من ترجم له أن له ديوان شعر جله في أهل البيت (عليهم السلام) لكنه بقي مخطوطاً ولم يطبع وهذا ما يدعو إلى الأسف الشديد من هذا الاجحاف الكبير بحق هذا الشاعر الكبير، لكن ما يسلو الخاطر أن المصادر التي ذكرناها نشرت بعض أشعاره فيهم (عليهم السلام) وحافظت بذلك على بعض التراث له
يقول السيد جواد شبر: (رأيت له قصائد مطولة ومنها مرثية في الإمام الحسن السبط، وثانية في الإمام السجاد علي بن الحسين، وثالثة في رثاء الإمام جعفر بن محمد الصادق، ورابعة في الإمام باب الحوائج موسى بن جعفر، وخامسة في الإمام محمد الجواد عليه السلام ...) (16)
قال الشيخ كاظم الهر من قصيدة في النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) تبلغ (57) بيتاً:
أو مـا درتْ أنِّـي بذكرِ الـمـصطفى مِن كلِّ طــارقةِ الــهـوانِ أراحُ
ويطيبُ لـي الـعيشُ الرغيدُ يحوطه مـن جـانبيهِ الــســعـدُ والإنجاحُ
وأفـوزُ بــالــدنـيـا وبـالأخـرى مـعاً تُـتـرى إلــيَّ بصفوِهـا الأرواحُ
يا صـاحـــبـيَّ ألا اسعداني وانعشـا روحي بـمن طابتْ بـه الأرواحُ
في طيبــةٍ طابَ الـحـديثُ وقد صفا صفوُ الـمـسرَّةِ والحـشـا يرتـاحُ
يا مـرقـــداً مـا انـفـكَّ أملاكُ السمـا ولـــــهـمْ غـــدوٌ عنـــده ورواحُ
وضـريـــحَ قــدسٍ قد تسامى شأنُـه وبه سما فـوقَ السمــاءِ ضِـراحُ
باهى الـسـما فخراً إذا مـا زانــهــا زهرٌ بــساطــعِ نورِهــا وضَّـاحُ
فـلـقــد عـــلاها مــعْ رفيـعِ مقامِهـا شرفٌ كمُنبلجِ الصـباحِ صِـراحُ
إذ فيكَ أقـصى غـايةِ الشرفِ الذي ربُّ الـــســـمـاءِ لـشأنــهِ مــدَّاحُ
يا سرَّ خـلقِ الكـــــائنـاتِ بأسـرِهـا لـــولاكَ ما الأشبــاحُ والأرواحُ
حارتْ بـوصــفِ فــخارِكَ المُـدَّاحُ وتـقاصرَ الإيضـاحُ والإفـصـاحُ
حاشا ثـناؤكَ أن يُحـاط بـكـنـــــهِـه يـا مَن به كتبُ السمـاءِ فِـصـاحُ
ما أنـتَ إلّا غـامـــضُ السرِّ الـذي آيُ الـمـهـيــمـنِ مـا لـه إيـضـاحُ
لولاكَ آدمُ مـا اصـــطــــفـاهُ ربُّــه ولــمـا أتــتـه قــوةٌ وســـــــمــاحُ
ولـفـلـكِ نـوحٍ أنـتَ فـــلـكُ نـجاتِـه لـولاكَ نـوحٌ طـالَ مِــــنـه نـواحُ
وبِـكَ اسـتجابَ دعاءَ أيوبِ الــذي قـد مـسَّــــه ضـرُّ الضـنـا اللفّـاحُ
وكـذا حليـفُ شــجــونِـه يعقـوبُهـا عــنـه بـجاهِـكَ ولّــتِ الأتـــراحُ
وبكَ الكليمُ غـدا الــكــلــيـمُ لــربِّـهِ وإلــيـه أسرارُ العلــومِ تُــــــبـاحُ
وبجاهِكَ السامي لعيسى قد غـدتْ تـحـيـى عقيبَ مـماتِـهـا الأشبـاحُ
وضحـتْ كـبدرِ التمِّ منكَ مـناقـبٌ والـبــدرُ عــنـد تــمــامِـه وضَّـاحُ
وبليلةِ الإسراءِ كــمْ لـكَ مــفــخـرٌ تـعـبتْ بشـرحِ يـســيـرِه الشـرَّاحُ
سـبـحــانَ من أسرى بشـأنِـكَ آيـةً مـنها تَـشعشَعَ في عـلاكَ صـبـاحُ
ومِن الـقـداحِ لـكَ الـمُـعلّـى حينمـا بـيـنَ الـكرامِ الـرسـلِ جـالَ قِـداحُ
ولقد كفى في قابِ قوســينِ الــذي فـــيـه لآيـة مـجـدِكَ الإيــــضـاحُ
يا خيرَ كلِّ الـمــرسلينَ ومَـن بــهِ بـلـوى جـمـيـعِ الـعالـمـيـنَ تُـزاحُ
ولوِ اســتــــمـاحَ الخافقـانِ نـوالَـه لـجـرى عـلــيهـا غـيـثُـه السمَّـاحُ
حاشا مكارمِكَ التي عن بـعضِهـا ضاقتْ فجاجُ الأرضِ وهيَ فِساحُ
إن ترجعُ اللاجي بخـــيــبـةِ آيـسٍ ويــفــــوتـه مـــــــمَّـا لديــهِ فلاحُ
هيهاتَ ييأسُ من نَداكَ وقد جرتْ مـنه الـبــحـارُ وغــمـرُهـا طفّـاحُ
هـبـنـا فقد عظمتْ كبائـرُ جرمِنـا وتـسـوَّدتْ بــســــوادِهـا الألــواحُ
فـلأنـتَ لـلـعـاصينَ أعظـمُ شافـعٍ وإلـى رضـا ربِّ الـسـمـا مـــنّـاحُ
أفـهـلْ سـواكَ لـكـلِّ بـابٍ مُـقـفـلٍ ولـفـتـحِ أبـوابِ الـمُــنـى مـفــتـاحُ (17)
وقال من قصيدة في رثاء أمير المؤمنين (عليه السلام) تبلغ (40) بيتاً:
عليكَ بقطبِ الـكـائـنـاتِ حِـمـى عليْ اذا ما رحى الأيامِ دارتْ بـمُعضلِ
توسَّـلْ بـه فـي الـنـشـأتـيــنِ فقد كفى وغـيـرُ ولـيِّ اللهِ لــيـسَ لـنـــا وليْ
وإنْ كنتَ ظمآناً إلى الحوضِ في غدٍ مـشـوقاً إلى رمـي العطاشِ بمنهلِ
فـدونـكَ فـاقـصـدْ سـلـسـبـيـلَ ولائــهِ فـهـذا سـبـيـلُ الــظـامـئـينَ لسلسلِ
تـدرَّعَ مـــن وافــــى عـــلــيـــاً بجُنَّةٍ وفــي جـنَّةِ الفـردوسِ رُقِّيْ بمنزلِ
هـوَ الـبـابُ بـابُ اللهِ إن جـئتَ مُقبِلاً إلـيــهِ تـرى الإقــبـالَ يـسعى لمُقبلِ
ويـفـتـحُ أبـوابَ الــرجـــاءِ لــمُــرتَجٍ ولمْ تـلـقَ مـن بـــابٍ لـديــهِ بـمُقفلِ
أيـيـأسُ مـن جـدوى لديكَ أخـو الولا وأنـتَ عـلى أعـداكَ أفضلُ مُفضِلِ
ألستَ على الطاغي ابنِ ملجمَ مُنعماً بـأفـضـالِ بـرٍّ بـالــمـواهـبِ مُجزلِ
خليليَّ عوجا بي عـلى المسجدِ الذي تـخـضَّبَ فـي حـمرِ الدماءِ به عليْ
وإن جِــئـتـمـا مـحــرابَ أفضلِ قائمٍ إلـى اللهِ فـــي فــرضٍ لـه وتــنـــفُّلِ
فـبـاللهِ عـن خـيـرِ الـمـصـلّينَ فاسألا سـؤالَ شجـــيٍّ مـن يدِ البينِ مُرحلِ
فأيـنَ أبـو الأشـبـــــالِ قوَّضَ راحلاً فـوا خيـبــةِ الآمـــالِ عـنــدَ المُؤمَّلِ
عجبتُ ولـلـدهـرِ الـمـشـومِ عـجائبٌ وكـمْ غامـضٍ منه لـدى اللبِّ مُشكلِ
أيـقـتـلُ خـيـرُ الـمـتّـقـيـنَ أمـيـــرُها بـصـارمِ أشــقـى الــظـالـمينَ وأرذلِ
فـديـتُ إمـامـاً كــانَ لـلـشـركِ قامعاً وكمْ فـلَّ مــنـهـمْ جـحفلاً بعدَ جـحفلِ
وسيفاً من الباري المهيمنِ مـنتضىً على كلِّ مـفتولِ الــذراعِ شـمـــردلِ
تـعـجَّـبتُ من سـيـفِ المراديِّ نازلٌ عـلـى مـفـرقِ الـعُــلـيـا ولـمَّـا يُـفـلّلِ
أجـلْ إنَّ عـيـنَ اللهِ مـا بـيـنَ خـلـــقِهِ لـدى عـيـنِ بـازيـهِ أصـيـبَ بمـقـتلِ
فـيـا أيُّـهـا الـرأسُ الـذي شـعَّ نــورُه كـصـبـحٍ بـأنـوارِ الـهــدايـةِ ينــجلي
نـعـمْ إنَّ سـيـفـاً قـد أصـابــكَ حـــدَّه أصابَ جهاراً رأسَ أشرفِ مُـرسـلِ
ألـسـتَ أخـا الـهـادي الـنـبـيِّ ونفسَه بـوحيٍ من الباري المهيمنِ فـيــصلِ
فـيـا نـازلاً وادي الـغـريِّ بـلـيـلــــةٍ وكـان بـهـا الـقـرآنُ أشـرفَ مـنــزلِ
شـرحـتَ لـنـا مـن ليلةِ القدرِ مُجمَلاً أيا مُوضحاً في الدينِ أغمضَ مُجملِ
ولـكـنَّـكَ الـسـرُّ الـذي هـوَ غــامضٌ وحـارتْ بـهِ الألـبـابُ عـنـدَ الـتـعقّلِ
ولمْ يدرِ معناهُ سوى الخالقِ الذي ار تـضـاكَ أمـيـرَ الـمـؤمـنـينِ لنا عليْ
إلـيـكَ أبـا الـسـبـطـيـنِ شـكوى أبثّها وفـي الـديـنِ والـدنـيـا عـليكَ مُعوَّلي
تـمـرُّ عـلـيَّ الـنـائــبــاتُ عــواديـــاً وأجـرعُـهـا مُـرَّاً بـكـاسـاتِ حـنـظـلِ
وإنْ خـابـتِ الآمــالُ يومـاً لـقـاصدٍ فـمـا خـابَ لـي قـصـدٌ وأنـتَ مُؤمَّليْ
فـخـذهـا ولـيُّ اللهِ نــفــثــةَ مُـكـمَــدٍ وغـيـرُ ولـيِّ اللهِ لـيـسَ لـنــا ولـــــيْ
عـلـيـكَ مِـن اللهِ الـسـلامُ صــلاتُــه بـأفـضـلِ مـا صـلّـى مُـصـلٍّ وأكـمـلِ (18)
وقال في رثاء بضعة الرسول وريحانته السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) من قصيدة تبلغ (42) بيتاً:
وترى الخلافةَ أصــبـحـتْ في أكـوعٍ وترى أمـيرَ الــمـؤمـنـيـنَ خـلـيعا
يـا مَـنْ بـذاتِ فـقـارِهِ مـهـمـا ســـطــا فرداً أبـادَ مـــن الـكـمـاةِ جــموعا
أومـا عـلـمـتَ بـفـاطـمٍ قد رُوِّعـــــتْ فـي دارِها ولَـكَـمْ أغـثـتَ مَـروعا
قد كـسَّـرتْ مـنـهـا الــعــداةُ ضـلوعا أضحى الكتابُ بكسرِها مصدوعا
وبـقـرعِـهـا بـسـيـاطِ قـنــفــذَ لــمْ أجدْ إلّا فـؤادكَ بـالســيـاطِ قــــريــعــا
مـاذا يـريـدُ الـقـومُ بـالـبـيـــتِ الــذي زكّى أصـولاً قــد سـمـتْ وفروعا
أوليسَ هذا البيتُ بيتُ الـمـصـطـفـى الـمــرتـــجى يومَ الجـزاءِ شـفـيـعا
ما ذنـبُ أمِّ الـنـيِّـراتِ ومَــــــن بـهـمْ قد شعَّ ضوءُ النـيِّـــــراتِ سطوعا
إذ أسـقـطـوهـا مُـحسناً فـتـسـاقـطـتْ دُرَرُ الدموعِ من الــــفــخارِ نجيعا
يا بضعةَ الهادي التي في فـخـرِهـــا سـادتْ نـسـاءَ العالميـنَ جـمـيــعــا
مـا بـالُ أرثِـكِ من أبـيـكِ وقــد غـدا دونَ الـبـريـةِ كــلـهـا مــمـنـــوعــا
مـاذا أقـولُ وفـي الـفـؤادِ سـرائـــــرٌ مـا كـنـتُ فـي عـلنٍ لهـنَّ مُذيــعــا
لـكـنْ أقـولُ إلـى الـصـحـابـةِ سـائلاً وأودُّ لو أنّــــي سـألـتُ ســمـيــعــا
هـلْ كـانَ فـي شرعِ الـنـبـيِّ مـحـمدٍ حكمُ التوارثِ بـدعـــــةً تــشـريـعـا
بـشرى الـصـحـابـةِ أنّـهم قد شاققوا حكمَ الإلهِ ونهـجَـه الـمـــــشــروعا
قد أنكروا الوحيَ الـمـبـيــنَ مُصدّقاً دعوى البتـولِ فلمْ يـكنْ مــسـمـوعا
شَرَوا الضـلالةَ بـالـهـدى ولـطـالما تخذوا الهدى ديـناً لـهـم مــتـبـــوعا
يـهـنـى الـخـلافـةَ إنَّها فـي مـعـشـرٍ قد غادروا أنفَ الـهـدى مـجــدوعا
نـبـذوا كـتـابَ اللهِ خـلفَ ظـهورِهمْ واستحدثـوا ديـنـاً هــنـاكَ بــــديـــعا
قد ضـيَّـعـوا الـثـقـلـينَ قرآنَ الهدى ظلماً وبـنـتَ الـمصـطفى تضــيـيعا
مـا كانَ أشـجـاهـا وأقصرَ عـمرِها مُـذ جُـرِّعتْ كــأسَ الأسى تجريـعا
نـزعـتْ يـداً من إرثِـهـا وحـقـوقِـها وتــلـفّـعـتْ ثـــوبَ الأسـى تـلـفيـعا
ولبيتِ أحزانِ البتولِ قـد اكتسى الـ ـبيتُ الـحـرامُ مـــن الحـدادِ دروعا
مـهـمـا تـذكـرتُ الأراكـةَ نـحتُ ما نـاحَ الحمامُ على الأراكِ ســـجوعا
قـطـعـوا أراكـتَـهـا عـنـاداً لـيـثـمـا أضـحـى وتـيـنُ قـطوفِها مـقــطوعا
وا حـسـرةَ الـديـنِ الـحـنـيفِ لنكبةٍ قـد فـجَّـرتْ صـلـدَ الـصـفا يــنبوعا
أتـطـولُ بـلـواهـا ويـقصرُ عمرُها وتـروحُ فـي أثـرِ الـنـبـيِّ ســريــعـا
يا ليتَ شعري والأسى ملؤ الحشا ولقد طويتُ على الشجونِ ضـلـوعا
ما بالُ قبرِ الطهرِ بنتِ المصطفى مـا بـيـنَ هـاتـيـكِ الـقـبـورِ أضـــيعا
يا بنتَ خيرِ الـمـرسـلـيـنَ ومَن له شـادَ الإلـهُ سـمـاكَـهـا الـمـرفــــوعا
صـلّـى عليكِ اللهُ ما هـبَّـت صـبـا أو سـجَّـعـتْ ورقُ الـحِـمى تسجـيعا (19)
وقال في أئمة البقيع (عليهم السلام) وتهديم قبورهم من قبل الوهابيين من قصيدة تبلغ (46) بيتاً:
ولـكـنَّ تـذكـارَ الـبـقـيـعِ أهــاجــنـي سـقـيـتَ أيا وادي الـبقيعِ دموعي
رُعيتَ أيا وادي الـبـقـيــعِ ولـمْ أقـلْ سُـقـيـتَ بـهـطّـالِ الـسحابِ مُريعِ
فـفـيـكَ انـطـوتْ مـن آلِ أحمدَ أبحرٌ تـفوقُ على طاغي الـعبابِ وسيعِ
حويتَ الزكيَّ المجتبى وأخـا الندى وأمنِ مخوفٍ بالـخـطـوبِ مروعِ
بـكَ الـسـيـدُ الـسـجَّـادُ زيــنُ عبادِها ومـحـيـي لـيـالـيـها بطولِ ركوعِ
وبـاقـرُ عـلـمِ اللهِ خـــازنُ ســـــــرِّهِ أبـو سـبـعـةٍ تُـنـمـى لـخـيـرِ شفيعِ
وفـيـكَ مِـنَ الـنـورِ الـسماويِّ جعفرٌ تـحـلّـى بـه نـورُ الـهدى بسطوعِ
فـلـلـهِ أجـــداثٌ هــنــاكَ تـغـيَّـــبـتْ بـهـنَّ بــدورُ الـتـمِّ بـعـدَ طــلــوعِ
بـهـنَّ مِـنَ الـغـرِّ الـمـيـامـيـنَ سـادةٌ وأركـانُ بـيـتٍ لـلـنـبــيِّ رفــيــــعِ
وهُمْ آلُ بيتِ الوحي والأسرةُ الألى أتى مدحُهم في خيرِ وحي صدوعِ
بـهـنَّ كـنـوزٌ لـيـسَ يَـعـرفُ سـرَّها سـوى حـافـظٍ لـلـسـرِّ غـيـرِ مـذيعِ
فويلاهُ ما يحوي الـبـقـيـعُ لقد حوى جـواهـرَ قـدسٍ فـي أكـفِّ مُـضـيعِ
أسفتُ وما يجدي الـتـأسُّفُ والأسى ولو عشتُ دهراً في حنينِ فَـجـوعِ
على بابِ بيتٍ فيهِ خُـزَّانُ حـكـمــةٍ ولـيـسَ لـهـمْ مـن سـامـعٍ ومـطـيـعِ
قبورٌ وأملاكُ الـسـمــاءِ بــأســرِهـا تـنـزَّلُ فـيـهـا فـي عـظـيمِ خـشـوعِ
تضوعُ ولكنْ ضـيِّـعـتْ عندَ معشرٍ كما ضُيِّعَ المعروفُ عـنـدَ وكـــيـعِ
وكنَّ بـهـاتـيــكِ القبورِ مـصـاحـفـاً حـوتـهـا يـدا رجـسٍ هـنـاكَ شـنـيـعِ (20)
ومنها في الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام):
فـديـتُ كـريـمَ الـبـيـتِ الـحـسنَ الــذي أتـانـا بـمـعـنـى في النوالِ بديعِ
ويـا لـيـتَ أرواحُ الـخـلائـقِ كـلّــــهــا فداءَ إمامٍ بـالــبـقـيـعِ ضـجـيـــعِ
هوَ المجتبى والمصطفى الطـهـرُ جدُّه وأعظمُ جدٍّ في الحسابِ شـفــيعِ
هوَ العلمُ الـمـنـصـوبُ لـلـخـلـقِ حجَّةً وأقـومُ حـصـنٍ لـلـعـبـادِ مـنـيــعِ
تـنـازعُـه أيــدي الـشـــقـاقِ وطـالـمـا شقتْ في أصولٍ للهدى وفـروعِ
رفيعٌ يُسامُ الـخـفـضَ مـن كـلِّ أكـوعٍ ومِن كلِّ مخفوضِ المقامِ وضيعِ
يُقاسي ممضَّاتِ الخـطـوبِ ومــرَّهــا بـأقـطـعَ مـن ذي شـفـرتينِ لميعِ
وقد عاشَ مهضومَ الـنـقـيـبةِ صـابـراً وللهِ من خـطـبٍ هـنـاك فـظـيــعِ
ويـسـمـعُ مـن أذنـيـهِ مـا لا أطـيـقُـــه بـيـانـاً ولـم تـحـمـلـه أذنَ سـمـيعِ
تـجـلـبـبَ ديـنَ الـحـقِّ سـودَ مـلابـسٍ وأسـبـلَ حـمـرَ الـدمـعِ شبهَ نجيعِ
غداةَ اكـتـسـى الـزاكي بكفِّ جـعـيدةٍ مِـن الـحُـلـلِ الـخـضـرا بسمِّ نقيعِ
على رغمِ آنافِ الـمـكارمِ قـد قـضى ورحـنَ بـأنـفٍ يـا هـضـيـمَ جديعِ
وهـــذي ربوعُ الـمـكـرماتِ دوارسٌ وقد كـنَّ عصراً في رياضِ ربيعِ
ولهفي على الزاكي تلـهُّـفُ مـفـجــعٍ يـعـضُّ لـمـا لاقـاهُ ســنَّ قــريـــعِ
وإن أنسَ لمْ أنسَ التي تصدعُ الصفا وقـد فـجَّـرتْ مـنـه عـيـونَ دموعِ
ودهيــاءُ شــبَّــــتْ بالقلوبِ ضرامَها فـلـمْ تـطـفَ في دمعٍ هناكَ هموعِ
ولمْ أنسَ نعشاً شـيَّــعـتـه مـــلائــــكٌ ومـالـتْ لـه الـسـبـعُ الـعلا لوقوعِ
ويـا لـيـتَ لا أدري بـمـا صـنعتْ بهِ بـقـيـةُ عـادٍ مـن أمــضِّ صــنـيـعِ
ولـيـتَ سـهـامَ الــقــومِ أخطأنَ نعشَه ويـا حـبَّـذا لـو كـنَّ بـينَ ضلوعي
ولمْ تسمعِ الآذانَ من قــبــلِ يــومِــهِ بـنـعـشٍ أراشـتـه ســهــامُ لـكـيــعِ
فـتـلـكَ ســهــامٌ فــي فـــؤادِ مــحـمدٍ ذواتُ كـلـومٍ لـم تـزلْ وصــــدوعِ
أصـبـنَ كـلامَ اللهِ حـيـنَ أصــبــنَـــه فـلـمْ يُـخـطـئ الـثـقلينَ سهمَ وقوعِ
أبـيـتُ عـلـى آلِ الــنــبــيِّ بــلــوعةٍ وحـسـرةِ مـتـبـولِ الـفـؤادِ ولـــوعِ
ألا أنَّ ســكّـــانَ الـبـقـيـعِ وحـــقّـهم بـهـمْ طــالَ تـهـيـامي وزادَ ولوعي
عليهمْ سلامُ اللهِ مــا هــبَّـــتِ الصَّبا تـروحُ وتـغـدو فـي ريـاضِ رفـيـعِ
وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (39) بيتاً:
وعرِّج على وادي الطـفــــوفِ مُحدّثاً أحـاديـثَ مـتـبـولِ الـحـشـاشـةِ وامقِ
وحـدِّثْ بـفـتـيـانِ الـحـسـيــنِ ورهطِهِ بني الحسبَ الوضَّاحِ زاكي المعارقِ
وللهِ فـتـيـانٌ هــنــــاكَ تــعــانــقـــــوا مع الـبـيـضِ بيضُ المرهفاتِ الذوالقِ
فـديـتـهـمُ مـن خـاضـبـيـــنَ أكـفَّـــهـمْ لدى الـروعِ في حمرِ الدماءِ الهوارقِ
طـروبـيـنَ لـلـحـربِ الـعـوانِ كأنَّـمـا لـديـهـا الـرمـاحُ الـلـدنُ زهرُ الحدائقِ
بعينيَّ مـسـودّ الـصـبــاحُ لـرزئـــهـمْ ويـحـمـرُّ طـرفـي بـالـدمـوعِ الـدوافقِ
وقـد عـادَ وجـهُ الـدهـرِ بـعد ضـيـائهِ بـلـيـلٍ مـن الأرزاءِ أســودَ غـــاســقِ
وإن أنسَ لـنْ أنـسـى غـريـبـاً مشرَّداً لـدى (كربلا) بـيـن الـكـروبِ البوائقِ
وهذا أبو الغرِّ الـمـيـامـيـنَ مـن سـمـا وداسَ عـلـى شُـهبِ النجومِ الشوارقِ
حسينٌ بأرضِ الطفِّ عانى حروبَـهـا لـدى آلِ حـربٍ بـيـن تـلكَ الـفـيــالـقِ
يحوط به الجيشُ الخميسُ عـرمــرماً يـغـصُّ بـه رحـبُ الـفضـا بـالتضايقِ
برغمِ الـمـعـالـي الغرِّ أصـبحَ مفـرداً وأضـحـى سـهـامـاً لـلـسـهامِ الرواشقِ
خلّي عن الــخـلّانِ مـن غيرِ ناصـرٍ يـعـانـي عـظـيـمَ الـمـفـجـعـاتِ البوائقِ
أبيٌّ أبـى إلا إبـاءً ومـــا ارتــضـــى سـوى الـسـيـفِ مـن خـلٍّ لـديـهِ مرافقِ
إذا اسودَّ لـيـلُ الـنقعِ في يومِ مـعركٍ جـلاهُ بـصـبـحٍ مـن سـنـا البيضِ بارقِ
إذا انقضَّ في ماضي الغرارِ حسبته شـهـابـاً هـوى فـوقَ الـعـتـاةِ الـمـوارقِ
وكـمْ زمـجرتْ منه صواعقُ سطوةٍ وولّـتْ عـداهُ مـنـه خـوفَ الـصـواعـقِ
غـداةَ أبـي الـسـجَّـادِ قد خرَّ صاعقاً كـمـوسـى كـلـيـمِ اللهِ أشـــرفَ صـاعـقِ
وأينَ كــلــيــمُ اللهِ مــن ذا مـصـابِـه يـصـدّعُ شـمَّ الــراســيــاتِ الــشــواهقِ
فـوقـعـةُ يومِ الطفِّ قبلَ وقــوعِــهـا أقـيـمـتْ لـهـا الأرزاءُ فــوقَ ســــرادقِ
وقلبُ كـلـيـمِ اللهِ أضــحـــى مـكـلّماً كـمـا أنَّ روحَ اللهِ فـــي جـــــدِّ وامـــقِ
وذلكَ ريـحـانُ الــنــبـــــيِّ وروحُه غــدا مـركـضـاً لـلـعـاديـاتِ الـسـوابــقِ
وهذا حـسـيـنٌ فـي الـصـعيدِ مُزمَّلاً وذاكَ يـزيـدٌ فـــوقَ بــاهــي الــنـمـارقِ
يُـسـارُ عـلـى رأسِ الـسـنانِ برأسِهِ إلـى شـرِّ خـلـقٍ مِـن أمـيَّــــةَ مــــــارقِ
فيا من حوى عـلـمَ الــنــبــيِّ محمدٍ وقـد حـازَ سـرَّ الـخـافــيــاتِ الــدقـائـقِ
عـلـيـكَ أبـا الـغـرِّ الميامينَ لم تزلْ صـلاةُ إلـهِ الـعـرشِ ربِّ الـمـشـــــارقِ (21)
وقال في رثاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (36) بيتاً:
فيا مطـلقَ الأسرى إذا ما دُعوا به ونالَ به الداعونَ أسنى الرغـائبِ
أأنتَ الـذي تسري أسيراً مع السبا فـمـا ذاكَ إلّا مِـن بـديـعِ الغـرائبِ
على متنِ مهزولِ المطيِّ بلا وطا بـجـسـمٍ كـمـحـنـيِّ الأهلّةِ شـاحبِ
ويا من أيـاديـهِ عـلـى الخلقِ جمَّةٌ تـطـوِّقُ أجـيـادَ الـمـلا بـالـمواهبِ
عـجـبـتُ إلـى أيـديـكَ قُيِّدنَ بعدما أيـاديـكَ قـد أطـلـقـنَ رهنَ النوائبِ
مصائبُ زينِ الـعـابـديـنَ تفاقمـتْ وجلّتْ عن الإحصاءِ يوماً لحاسبِ
ولـكـنَّ يـومَ الـشـامِ أعـظـمُ نـكـبةٍ تصغّرُ صغراها لكبرى المصائبِ
وسـبُّ أبـيـهِ فـوقَ أعــوادِ مِـنـبرٍ لأفظعِ خطـبٍ جاءَ من شرِّ خاطبِ
فديتُ إماما عاشَ ما عاشَ مكمداً ولـم يـهـنِ مـن مـاءٍ بـلـذّةِ شــاربِ
ودسَّـتْ إلـيـهِ الـسـمَّ غـدراً أمـيـةٌ وما السمُّ بدعاً من ذواتِ الـعقاربِ
وقال في الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (43) بيتاً:
وانحِ الإمامَ الـصـادقَ الــبــرَّ الـذي عن جودِه يُروي الندى والـجـودُ
وعـلـى يـقـيـنٍ أنّه مــن جــعـفــــــرٍ فـاضـتْ بـحـارٌ مـالــهــا تـجديدُ
فـابـيـضَّـتِ الآمـالُ بـعـدَ ســوادِهـــا واخضرَّ في ورقِ الرجاءِ العودُ
فـمِـن الـتـجـا يـومـاً بـحـصـنِ ولائِهِ مـا راعَـه يـومَ الـوعـيــدِ وعـيـدُ
إن قـلـتَ شـيـعـةَ جـعـفــرٍ سعدتْ بهِ فـاللهُ خـيـرُ الـشـاهـديـنَ شـهـيـدُ
فـابـشـرْ نـجـيَّـاً مـسـعـداً بــولايـــــةٍ فـولاؤهُ فـي الـنـشــأتينِ سـعــودُ
يـا مَـنْ بـطـوعِ يـمـيـنِـهِ أمـلاكُـــهــا فـهــمـــو قـيـامٌ عـنــدَه وقـعــودُ
لُـعـنَ الـذيـن جـنـوا عـليكَ بضـعفهمْ لـعـنٌ بـهِ عـادُ الألـى وثــــمــودُ
هجموا عليكَ وأنتَ في غلسِ الدجى قـد طـالَ منكَ إلى الإلهِ سـجــودُ
أهجومُ أرجاسِ العدى في بـيـتِــكــمْ يـا لـيـتَ شـعري حادثٌ وجـديــدُ
مِـن بـعـدِ تـكـفـيـنِ الـنـبـيِّ تواثــبوا وسطتْ على أسدِ العرينِ قـــرودُ
أكذاكَ مع قـصـرِ الـزمـانِ وقـربــهِ لـمْ تُـرعَ للهـادي الـنـبـيِّ عــهـودُ
أكــذا أمـيـرُ الـمـؤمــنــيــنَ تــقـودُه مِـن شـرِّ أرجـاسِ الـطـغـاةِ عـبيدُ
مـاذا أقـــولُ بـمـوقـدِ الـنــارِ الـتــي لـم يخبَ منها في القلـوبِ وقــودُ
وحديثُ فـاطـمةٍ وكـسـرُ ضـلـوعِها لـم يـسـتــطعْ يـصـغي إلـيهِ جـليدُ
يا شـيـبـةَ الـحـمـدِ التي من نـورِهـا قـد شعَّ مـن فلقِ الصباحِ عــمـودُ
أولـيـسَ هــذا شـيـخُ أعــلامِ الـهدى عـلـمـاً لـه عـلـمُ الـهدى مـعـقــودُ
اللهُ أكـبـرُ كـيـفَ يـســـمـعُ جـعـفــرٌ كَـلِـمَا يـذوبُ لسـمعِـها الجلـمــودُ
ويـرى تـحـكّـمَ فـيـهِ ضـليلُ الورى يـا سـاءَ ضــلـيـلٍ هــنــاكَ مــريدُ
ولـقـد تـأسَّـى فـي يـزيـدَ بـمـا جنى وكـلاهـمـا فــيـمـا جـنـاهُ يـــزيــدُ
إذ أوقِـفَ الـسـجـادُ زيــنُ عـبـادِهـا ويـزيدُ فـي فـرطِ الــسرورِ يـزيدُ
وبـمـوقـفـيـنِ تـشـابـهـا وتـــوافـقــا ولـقـد تـشـــابَــه والـدٌ وولــيــــــدُ
لـكـنَّ زيـنَ الــعــابــديـــنَ مُــقـــيَّـدٌ قـد أنـحـلـتـه مــن الـحـديـدِ قيـودُ
في طوقِ جامعةِ الحديـدِ لدى السبا وفـؤادُه مـن ذا وذا مـكـمــــــــودُ
ما لـلـقـيـودِ ومـدنـفٌ بادي الضنى أفـديـه دهـرَ مُـقـيَّـــدٍ مــصـفـــودِ
يا قبَّحَ الـمـنـصـور شـرَّ مــعــانِـــدٍ بـصـلاةِ مـن ذاتِ الوقــودِ وقـودُ
أوما درى أن الإمـــامَ مـتـى يـــردْ شـيـئـاً فـجـبَّـارُ الـسـمـــاءِ يريــدُ
حتى دنا أمـرُ الـقـضـاءِ ولـم يـكـنْ أبـداً لـمـحـتـومِ الـقـضـــا مـردود
إذ غـالـه بـالـســـمِّ ألأمَ خــلــقِـهـــا فـغـدا قـتـيـلَ الـسـمِّ وهـــوَ شـهيدُ
حُـيـيـتَ يـا وادي الــبـقـيـعِ بــأربعٍ وحباكَ في أقصى السعـودِ سعودُ
للهِ أربـعـةٌ بـهـــا الــسـبـعُ الـعـلــى لـقـد اسـتـقـامـتْ واسـتـقامَ وجـودُ (22)
وقال من قصيدة في رثاء الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) تبلغ (53) بيتاً:
وهلمَّ نقصـدُ خـيـرَ بـابٍ لــلـرجـــــا مـتـكـفّـلٍ لــلـقـاصـديـنَ ضـمـيـنُ
بابَ الـحــوائـجِ من روتْ عن كفّــهِ بعضُ الـندى ديمَ السحابِ الجونِ
موسى بــن جعفرَ كاظمُ الغيظِ الـذي قـد كـانَ عـلّـة عـالـمِ الـتــكـويـنِ
هذا الــذي موسى الـكـلـيـمُ بـســــرِّهِ أضـحى كـلـيـمَ مـلـيـكِ يومِ الدينِ
بيتُ الـــنـبـوَّةِ بيتُه سـامـي الــــذرى كـمْ فـيـهِ مـن سـرٍّ بــه مـكـنــونِ
أي والــذي رفـعَ الـسـماءَ هــوَ الذي فـيـهِ نـجـا لـمَّــا الـتجى ذو النونِ
قـســمــاً بــهِ وبـجـدِّهِ وهــــــوَ الـذي مِـنْ حـوضِ كـوثـرِهِ غداً يسقيني
إنّــي بــنـيـلِ نــوالِـــهِ مـــتــــيـقّـــنٌ ومِـن الـيـقـيـنِ سـعــادةً بـيـقــيــنِ
أفديهِ من حلفِ الـضــنى مـسـجـونِ قـاسـى أمـضَّ نـوائـبٍ وشـجــونِ
ولقد حكى الصديقَ يــوسفَ إذ رأى لـلـسـجـنِ محبوساً بـبـضـعِ سـنينِ
لـكـنّــمــا شـتّــانَ بــيــنــهــمـــا فـذا قـد عـاشَ أزمـانـاً عـقـيـبَ سجونِ
وهوَ الـعـزيـزُ بـمـصـرِهِ فــي رفعةٍ وقـريـرُ طـرفٍ بـالـهـنــا مـقـرونِ
وغريبُ بغدادٍ ثوى فـي ســـجـنِــــهِ نـائـي الـديـارِ يـحـلُّ دارَ الـهـــونِ
يـلـقـى الـذي لاقــاهُ مَّـــمَــا ســــاءَه مـن كـلِّ هــمَّـــازٍ هـنــاكَ مــهـينِ
تـبَّـتْ يـدُ الــسـنـديِّ فـــيــمــا جـاءَه ولـسوفَ يُـصـلـى في لظى سجينِ
أفـديـهِ مـسـمـومــاً بـســـمٍّ قــاتـــــلٍ أصـمـى الـحـشاشةَ من بني ياسينِ
ويـلاهُ مِّـمَـا لا أطـيـــــــقُ ظـهـورَه مِـن مُـضـمـرٍ بـيـن الضلوعِ كمينِ
فـدعِ الـصـراحـةَ واكــتـفـي بإشارةٍ عـمَّـا يـفـجِّــرُ أعــيـنــاً كـعـيــــونِ
يـومُ الـنــداءِ وأيِّ يــــــومٍ إنَّــــــــه يـومٌ يــدكُّ ســهـولَــهــا بــحـــزونِ
والله يـمــتـازُ الـخـبـيــثُ مـن الـذي أنـشـاهُ نـوراً قـبــلَ خـلـقِ الـطـيـنِ
فمصابُ موسى بالأسـى يـفـريـنــي أبـداً وذكــرُ شـجـونِــه يـشـجـيـنـي
وغـريـبُ بـغـدادٍ لـه فـي أضـلـعـي قـبـسٌ بـقـدحِ زنــادِه يُـــوريــنــــي
لـكـنَّ يـومَ الـطـفِّ أشــجـى فـــادحٍ وأمـضّ يـومٍ بـــالأسـى مـشــحـونِ
لمْ أنسَ في أرضِ الطفوفِ مصائباً بـقـيـتْ وأفـنـتْ سـالـفــاتِ قـــرونِ
تـفـنـى الـلـيالـي وهـي باقٍ ذكرُهـا فـي كــلِّ وقــتٍ لا تـــزالُ وحـــيـنِ
يـومٌ بـهِ ســـبـط الـنـبـيِّ مــحـــمـدٍ تـبــكــي لـه حـزنــاً عـيــونُ الـديـنِ
يـومٌ بـهِ نــادى الـحـسينُ ولم يـجـدْ بــيـنَ الــعـدا مـن نــاصــرٍ ومـعينِ
يـومٌ بــهِ شــمـرُ الخنا يـرقى عـلى صـدرٍ إلــى عـلـمِ الـنـبـيِّ مــكــيـنِ
يومٌ بهِ ذاتُ الـبـروجِ لـقـد بـــــدتْ مـحـمـرَّةً تــبـكـي بــغـيــرِ رنــيـــنِ
يومٌ بهِ شـمـسُ الـضحى قد كُوِّرتْ والــبـدرُ أمـسـى فـي ثـيــابِ حـزينِ
يـومٌ بــهِ قـد زلـزلـتْ زلــزالــهـــا سـبـعُ الـطـبـاقِ ودُكَّ كــلُّ رصــيـنِ
لا غروَ إن مـطرتْ سحائبُ مقلتي بـدمٍ كـمـنـهـلِّ الـسـحـابِ هـــــتـونِ
وبـقـيـةٌ اللهِ الــذي يُــنــــــمـى إلـى جـدٍّ لأسـرارِ الــكــتــــابِ مُــبـــيـنِ
يـبـقـــى ثـــلاثــاً بالـتــرابِ مُعفّـراً دامٍ بـحـدِّ حـسـامِــهــا الـمــســنـونِ
مُلقـىً ولكنْ نـــسجُ أنفــاسِ الصَّبـا أضـحى لــه بـدلاً مـن الــتـكـفـيـــنِ
يومٌ بهِ غدتِ الـخـيـامُ خـــوالــيـــاً مـن كـلِّ حـصـنٍ لـلـعـبـادِ حـصـيـنِ
إلّا الــعـلـيـلُ رهــيـنـةً فـي قــيــدِهِ روحـي الـفـدا لـمـقـيَّـــدٍ مـرهــــونِ
بـغـريـبِ بـغـدادٍ حــلــفـتُ بـسـيِّـدٍ وكـفـى بـه يُـمـنـاً وصـــدقَ يـمـيــنِ
لـمْ أسـتـطـعْ مـدحـاً بــسـاداتِ بهمْ نـزلَ الــمــديــحُ بـمـحـكـمِ الـتـبـيينِ
ولأنتَ يا بابَ الحوائــجِ مــلـجـأيْ فـي الـديــنِ والـدنـيـا مـعـاً تـكـفـيني
وأفـوزُ مـنـكَ بـنـيـلِ مــا أمَّــلـتُــه وتـقـرُّ فــي نـيـلِ الـمـرامِ عــيــونـي
وأعـودُ في أسنى السـعودِ ولمْ أقلْ مـالـي أبـيـتُ بـحـسـرةٍ وأنـيــــــــنِ (23)
وقال في رثاء الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (46) بيتاً:
فـيـمِّـمْ إلـى طـــوسٍ وكرِّرْ حـديـثَـهـا حديثاُ به المسكُ العبيقُ يـطـيــبُ
وقـد شُـرِّفـتْ طـوسٌ عـلى قبَّةِ السما غـداةَ بـهـا لـلـبـدرِ كــانَ مـغــيبُ
فإنْ فـخـرتْ يــومــاً بـأنـجــمِ سـعدِها فطوسٌ بها نـجـمُ الإمـامِ غـروبُ
ودونكَ إن شئتَ الرضا فاذكرِ الرضا فأنتَ إلى الرضـوانِ منه مصيبُ
إمـامُ هـدىً قـد أوجـــــــــــبَ اللهُ ودَّهُ وودَّ ذوي الــقـربى الهداةِ وجوبُ
نـمـتـهُ مـن الـغـرِّ الـبـهـالـيـلِ ســـادةٌ بهمْ جادَ ودقُ السحبِ فهوَ سكوبُ
مـتـى أمـطروا يـومـاً سحابةً جودِهم ويورقُ غصنُ العيشِ وهوَ رطيبُ
ولـكـنّـمـا والـدهـرُ شـتـى صـروفُــهِ تـجـيـشُ لـه بـالأكـرمـيـنَ حـروبُ
أراشَ سـهـامـاً عـن قـسـيِّ مـكــايــدٍ ويـرمـي بـهـا آلَ الـنـبـيْ فـيصيبُ
فإن كنتَ في ريبٍ وما ارتابَ بالذي أقـولُ بـه واري الــزنــادِ لـبـيـــبُ
أنـبِّـئـكَ بـالـمـأمونِ والطرفُ ساكبٌ ومـلـؤ فـؤادي زفــرةٌ ونــحــيـــبُ
ألا أنّـه قـد كـانَ أبــدى بـشــاشـــــةً نـفـاقـاً فـوجـهُ الـحـقـدِ مـنـهُ قطوبُ
ومـن كـيـدِهِ الـلـسَّـاعِ قـد دبَّ عقرباً وكـمْ مـنـكِ يـا عـوجـاءُ سـاءَ دبيبُ
لـقـد حـاربَ الـهـادي الـنـبـيَّ فسيفُه بـفـيـضِ دمِ الـهـادي النبيِّ خضيبُ
مـصـابُ الـرضـا أدمـى فؤادَ محمدٍ وأمـسـى كـتـابُ اللهِ وهـوَ كـئـيــبُ
أيـتـحـفُـه بـالـسـمِّ حـتـفـــاً ومـــالــه سـوى أنـه ربُّ الـفـخــارِ ذنــــوبُ
وقال في رثاء الإمام محمد الجواد (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (51) بيتاً:
وهـنـاكَ الـمـولى الــجــوادُ جـــوادٌ قد كفى صيِّبَ الـسـما أن يصـوبا
وإذا ما اسـتـوتْ سـفـيـنةُ قــصــــدٍ نـحـوَ جـوديِّ جـودِه لـن يــخيــبا
وهـمـا الـكـاظـمـــانِ لـلـغـيظَ عفواً عن مـسـيءٍ ويــمـحوانِ الـذنـوبا
وهـمـا نـــــــيِّـرا سـمـاءِ الـمـعـالي وبـبـــــغـدادَ آفـــلانِ غــــروبــــا
لستُ أدري وفي الـحـشـا نـفـثــاتٌ أوشـكـتْ مـهـجـتـي بـها أن تذوبا
فـلـمـاذا غـريبُ بـغـدادَ مــوســــى وهوَ بابُ الـرجـاءِ عانى الخطوبا
وعلامَ الرشــيــدُ قــــد ضـلَّ رشداً ولـنـهجِ الـضـلالِ كـانَ مُـصـيــبـا
ويـلَ بـنـتِ الـمــأمونِ ممَّـا جـفـتـه سوفَ تصـلـى يومَ الـحسابِ لهيبا
قـد أحـالـتْ ضـوءَ الـنـهـارِ دجـيَّـاً مُـذ أثـارتْ يـومَ الشـجـونِ عصيبا
مـكـرتْ مـكـــــرَها بـخـيـرِ جـوادٍ لـمْ يـزلْ لـلـرضا رضـيَّـاً حـبـيـبـا
غـيرَ بدعٍ منها الــخـيـانـةُ ظـلــمـاً لـيـسَ غـدرَ الـخؤونِ شـيـئاً عجيبا
إنَّ مـكـرَ الـنـسـاءِ دكَّ الــرواسـي فـتـهـاوتْ مــنــهــا كـثـيـبـاً مـهـيبا
خـبـثـتْ مـنـتـمـــىً إلى شــرِّ قـومٍ طـبَّـقـوا الـمـشـرقـيـنَ مـنهمْ عيوبا
ليتَ شعري ما ذنبُ ظـامٍ غـريـبٍ راحَ والـمـاءُ كــان مـنــهُ قـريــبـا
يا جواداً من جودِهِ السحبُ جارتْ عـن مـن الـيـسـرِ الروي أن نحيبا
ومـغـيـثَ الـداعـي الـصريخَ لماذا أنـتَ تـدعـو ولـسـتَ تـلـقـى مجيبا
يا قـتـيـلاً بــالــســمِّ قُــــوِّضَ لـكنْ فـي فـؤادِ الإســلامِ أبـقـى نــدوبـا
أنتَ حاكيتَ عمَّكَ الـحـسـنَ الـــز كـيَّ كـريـمَ الـبـيـتِ الذي فاقَ طيبا
أنـتـمـا فـي الـشـجـا رضـيعا لبانٍ وجـــوادانِ بـالـسـمــومِ أصِـــيــبـا
وعـلـى الـنـيِّـريـنِ مِــن آلِ طـــهَ حـقَّ يــا نـيِّــرَ الـسـمـا أن تـغـيــبـا
وبــيـومِ الـجـوادِ أذكــرُ يــومــــاً مِـن شـجـا ذكــرِه يـفـتُّ الـقــلـــوبا
يـومَ يـدعـو بـالماءِ في آلِ صخرٍ وأبــتْ آلُ صـخـرِهــا أن تــجـيــبا
فقضى ظامي الـحـشـاشــةِ لـكــنْ كـانَ حـدُّ الـسـيـوفِ مـنــه شـروبا
ولـكـمْ قـلـتُ والــعـيـونُ عــيـونٌ مـن دمـوعٍ أكــفُّ مـنـهـا الـغـروبا
لغريبٍ في أرضِ بغدادَ أشــجـى وأصــابَ الـمـلا شـبــابـــاً وشيـبــا
يا فـقـيـداً قـصـيــرَ عمرٍ ولــكـنْ طــالَ حــزنٌ لـه يـذيـــبُ الـقـلــوبا
مثلَ نجمِ الأسـحارِ غبتَ سريـعاً وبـدارِ الــســلامِ شــنــتَ الــغـروبا
بلْ كبدرِ الـسـمـاءِ إذ تـمَّ ضـوءاً وبـوادي الــطــفــوفِ آوى مـغـيــبا
ذاكَ ريــحــانــةُ الـحـسـينِ عليٌّ مـن بـنـي حـربِـهـا يـعـاني الحروبا
فـكـأنَّ الـهـيـجـاءَ كانتْ عروساً قـد تـهـادى لـهـا مـشـوقــاً طـــروبا
وانـتـشـارُ الـسـهـامِ كــان نثاراً حـيـث قـد هـلـهـلَ الـرَّدى عـنـدلــيبا
ظـلـلـتـه الـسـيـوفُ ظـلّاً ظليلا واكـتـسـى لـلـزفـافِ ثــوبــاً قـشــيـبا
مثلَ لونِ الشقيـقِ يزهو نضاراً إذ بـحـمـرِ الـدمـاءِ أضـحـى خـضيبا
وبـثـقـلِ الـحـديـدِ قـد زادَ جهداً وبـلـفـحِ الـهـجـيـرِ عـانـى الـخـطـوبا
قـد تـروَّتْ مـنـه الـحِدادُ ولكنْ هـوَ بـالـمـاءِ لـيـسَ يــروي الــلـهــيبا
لـهـفَ أمِّ الـعـلـى عـليهِ عفيراً وبـوجـهِ الـتـرابِ أمــســى تــريــبـــا
بالإمامِ الـجـوادِ نـاديــتُ غوثاً لـيـسَ يـرضـى الـجـوادُ أن لا يـجـيبا
مـن بـعـيـدٍ مـددتُ كـفّـي إلـيهِ أولـيـسَ الـبـعـيــدُ مــنــه قــــريــــبــا
ذاكَ فــي جــودِهِ يـسـرُّ القلوبا مـثـلَ مـا جـلّــهــم يـــخــطـا الـذنـوبا
وعـلـيـهِ مـن الإلـهِ ســــــــلامٌ كـلّـمـا خـفـقَ الـــنــسـيــمُ هـــبــوبـــا (24)
وقال من قصيدة في رثاء الإمام علي الهادي تبلغ (41) بيتاً:
أفـــلا أدلّـكَ بـالــذي يُـــدعــى بـــهِ فيجيبُ لـلداعي به المسـؤولا
ذاكَ الإمــامُ عـلــيُّـهـا الـهادي الذي ما ضـلَّ ملتجئٌ إليهِ سـبـيــلا
هـذا الــذي مـهــمـا أســائـلُ بـاخلاً في بـخلِهِ أسدى إليكَ جـمــيلا
فأرِحْ قلوصَ الـقصـدِ نحوَ ضريحِهِ لتريحَ قلبـاً بـالـعـنـا مـتـبــولا
طافتْ لعمرِ أبــيـهِ حـولَ ضـريحِهِ زمـرُ الملائكِ بكرةً وأصــيلا
وتـبـرَّكـتْ شــرفـاً بـلـثـمِ تـــرابِــهِ واستشعروا التكبيرَ والتهــليلا
أولـيـسَ فــي بـيـتِ الـنـبـوَّةِ بــيـتُه فـيـكً الـمـلائـكٌ نُزِّلتْ تنــزيلا
لـكـنـه قــد ضـاعَ بـيـنَ عــصــابةٍ قـد ضيَّعوهُ وضيَّعوا التنــزيلا
هـذي بــنـو الـعـبـاس فـاعـلـمْ أنَّها جذّتْ فروعاً للهدى وأصــولا
وعـلــى الـهـداةِ بـني عـليٍّ لم يزلْ يـا لـلحمـيـةِ سـيـفُــها مـسلولا
لله يـــوم بـنـي عـلـيٍّ فـــيـــهـــــمُ قد كانَ يوماً في الزمانِ مهولا
ما بـيـنَ نـأيٍّ فـي الـديــارِ مـشرَّدٍ ودمٍ أضـيـعَ بـسـيـفِـهم مطلولا
فانظرْ إلى صنعِ الرشيدِ وما جنى وأسـلْ دمـوعَ الناظرينَ سيولا
وكفاكَ بـالـمـنـصورِ أصدقَ شاهدٍ فاجملْ مقالَكَ واتركِ التفصيلا
ولـقـد تـأسَّـى بـالـرشـيـدِ خـؤونُها فـانـصاعَ بالغدرِ الدفينِ خؤولا
تـبـتْ يدُ الـمـتـوكِّلِ الطاغي الذي حـســبـي عـلـيـهِ بـالإلـهِ وكيلا
أو ما سمعت بما جـناهُ على الذي يحمي الـذي يأوي حماهُ دخيلا
أومـا سـمـعـت بـمـا يـحدِّرُ أدمعا لـم تـطـفُ من حرِّ الفؤادِ غليلا
لمَّا دعاهُ لـمـجـلـسِ الخمرِ الـذي مـا انـفـكَّ يـخـمرُ للطغاةِ عقولا
ويـرومُ ألـحـانَ الـغـناءِ من الذي قـد شـرَّعَ الـتـحـريـمَ والتحليلا
أومـا سمعتَ صنيعَه في قبرِ منْ أمـسـى بـوادي كـربــلا مقتولا
قـبـرٌ سـمـا أودَ الـسـمــاكِ مقامُه واخـتـارَ فـوقَ الفـرقـدينِ مقيلا
ودَّ الضراحُ بأن يكونَ ضـريحَه ليكونَ بالشرف الأصيل أصيلا
ويـودُّ بـرجُ الـنـيِّــراتِ بـــأنّــــه جـدثٌ يـكـونُ به الحسينُ نزيلا
لـكـنّـمـا والـدهـرُ جــمَّ صــروفِهِ أمـسـى ثـلاثاً في الترابِ جديلا
وعلى غريبِ الطفِّ سبطِ محمدٍ لا تحسبُ الصبرَ الجميلِ جميلا
لـبـسـتْ أميَّةَ في مشومِ صنيعِها عـاراً لـدى الـدنـيـا يدومُ طويلا
وأتـتْ بـنـو العباسِ ظلماً بالذي مـلأ الـعـوالــمَ رنَّــةً وعــويـــلا
اللهُ لـي نـعـمَ الـوكيلِ على الذي قـد شـاقـقَ الـتـنـزيـلَ والـتـأويلا
إذ مـا شـفـا قـتـلُ الحسينِ غليلَه حــتــى تـتـبَّـــعَ قـبـرَه مـقـتــولا
ولـقـد سـعـى جـهداً ليخفي قبرَه فـانـصـاعَ فـيـمـا رامَـه مـخذولا
ويـريـدُ إطـفـاءً إلـى النورِ الذي قـدْ تـمَّ مـا تـمَّ الـمـدى تـكـمـيـلا
قـسـمـاً بـعـزَّةِ شـأنِـه فـهوَ الذي قـد كان في عرشِ الجليلِ جليلا
لـم أستطعْ مدحاً لساداتِ الهدى كـلا ولا لـرثـائِــهــمْ تـفـضـيــلا
وعـلـيهمُ ما نسَّمتْ ريحُ الصبا تـروي الـتـحـيَّـةَ بـكـرةً وأصـيلا (25)
وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) تبلغ (25) بيتاً:
وإذا أســاءكَ مِـن زمــانِــكَ مــاردٌ ينحوكَ في كيدِ الخطوبِ رجيما
فارحمْ شياطينَ الـهـمـومِ بــســـادةٍ بزغوا نجوماً في السماءِ رجوما
ومتى دهتكَ من الـخطوبِ عساكرٌ فـالـعـسـكـريُّ تـراهُ فـيكَ رحيما
هذا الإمامُ أخو الندى الحسنُ الذي مـا انـفـكَّ يـومـي في نداهُ عديما
تـلـقـى الـذي فـيـهِ تـؤمِّـلُ مـثل ما تـلـقـى بـجــنَّـاتِ الـنـعـيـمِ نـعـيما
مـهـمـا ذكـرتُ الـعـسكريَّ ويومَه يـنـهـدُّ طــودُ تـصـبُّـري مـهدوما
لا غـروَ إن خدّتْ خدودي أدمعي أو أن تــخـفَّ مـن الـصعيدِ أديما
فـعـلـى المقيَّدِ في الحبوسِ ظلامةٌ قـد حـلَّ مـطـلقُ مدمعي مسجوما
أكذا بنو العباس ويل صـنـيـعــهمْ ولسوفَ تصلى في الجحيمِ حميما
قد بـدَّدتْ مــن آلِ هــاشـمَ شـملها قـد غـادرتْ أنـفَ الـفـجارِ هشيما
تـاللهِ بـالـحـسـنِ الـزكـيِّ إمـامِــها جـاءتْ بـمـفـظـعـةِ الصنيعِ ذميما
ما كـانَ ذنـبُ الـعـسـكـريِّ لـديهمُ إذ غـادروهُ فـي الـحـبـوسِ سقيما
أو مـا شـفوا غلَّ الصدورِ بسجنِهِ حـتـى أذاقـوهُ الــردى مـسـمــوما
ما ذنـبُ من منه ابنُ متّى قد نجا مُـذ عـادَ مـن حـوتِ البحارِ سليما (26)
........................................................................
1 ــ شعراء كربلاء ج 4 ص 70 ــ 72
2 ــ نفس المصدر ص 72 ــ 74
3 ــ نفس المصدر ص 85
4 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ١٠
5 ــ تاريخ الحركة العلمية في كربلاء / نور الدين الشاهرودي ص 239
6 ــ شعراء كربلاء ج 4 ص 42
7 ــ البيوتات الأدبية في كربلاء ص 631
8 ــ أدب الطف ج 8 ص 238
9 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ١٠
10 ــ أدب الطف ج 8 ص 238
11 ــ تاريخ الحركة العلمية في كربلاء ص 240
12 ــ أرجوزة مجالي اللطف بأرض الطف ص 78
13 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 180
14 ــ قمر بني هاشم ص 144
15 ــ شعراء كربلاء ج 4 ص 62
16 ــ أدب الطف ج 8 ص 238
17 ــ الطليعة ج 1 ص 179 ــ 180
18 ــ شعراء كربلاء ج 4 ص 63 ــ 65
19 ــ نفس المصدر ص 65 ــ 67
20 ــ نفس المصدر ص 67 ــ 70
21 ــ نفس المصدر ص 70 ــ 72
22 ــ نفس المصدر ص 72 ــ 74
23 ــ نفس المصدر ص 76 ــ 79
24 ــ نفس المصدر ص 79 ــ 82
25 ــ نفس المصدر ص 85 ــ 87
26 ــ نفس المصدر ص 87 ــ 88
اترك تعليق