278 ــ عبد الحسين الأعسم: (1177 ــ 1247 هـ / 1763 ــ 1832 م)

عبد الحسين الأعسم: (١١٧٧ ــ ١٢٤٧ هـ / 1763 ــ 1831 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (35) بيتاً وهي من قصائد الروضة:

عرّجا بـي فهذهِ (كربلاءُ)     أبـكِ فيها وقلَّ منِّي البكاءُ

واسائلْ صعيدَها كمْ عـليه     سُفكتْ من بني عليٍّ دماءُ

فتيةٌ أصـبحَ النبيُّ مصـاباً     بـهـمُ والـوصيُّ والزهراءُ (1)

ومنها:

حـلـؤوهـمْ عـن الـشرائعِ حتى     أوردتهمْ ورودَها (كربلاءُ)

ليتني فـزتُ بـالـشـهـادةِ فـيـها     حـيـنَ نـالَ السـعادةَ الشهداءُ

إذ ينادي الحسينُ فيها ألا هلْ     مـن نـصيرٍ فلا يُجابُ النداءُ

ومنها:

أينَ من (كربلاءَ) طيبةُ مثوا     كِ ومثـوى أهـلـيكِ والبطحاءُ

أيَّ كـربٍ قـاسـيـتَـه وبـــلاءٍ     عندها إذ جرى عليكَ القضاءُ

أيَّ عـذرٍ بـين الورى لعيونٍ     قـلَّ مـنها على الحسينِ البكاءُ

وقال في رثائه (عليه السلام) في حرف الباء وتبلغ (67) بيتاً:

وغصَّتْ إلى قربِ النواويسِ (كربلا)     بـأشـلاءِ قـتـلاكـمْ مـوسَّـدةِ التربِ

وظـلـتْ تـجـرُّ الـعـاديـاتُ عـلــيـهـــمُ     ذيولُ سوافي المورِ منهنَّ والنكبِ

فـمـا أخـذوا إلا بــغــرَّةِ كــتــبــــهـــمْ     فـسـحـقـاً وخسراناً لمرسلةِ الكتبِ

وقال في حرف التاء وتبلغ (26) بيتاً:

هيَ (كربلاءُ) فقِفْ على عرصاتِها     ودعِ الجفونَ تجودُ في عبراتِها

سـلـهـا بـأيِّ قِـرىً تـعـاجـلتِ الألى     نـزلـوا ضـيـوفاً عند قفرِ فلاتِها

مـا بـالـهـا لـم تـروهـمْ مـن مـائِهـا     حـتـى تـروَّتْ مـن دمـا رقـباتِها

ومنها:

أيهٍ مصارعُ (كربلا) كمْ غصَّةٍ     جـرَّعـتِ آلَ مـحـمـدٍ كـربـاتِها

وافـتـكِ رايـةُ سـبـطِـهِ منشورةً     فطويتِها وحطمتِ صدرَ قناتِها

أيـنَ الـخـيـامُ تـذبُّ عـنـهـا فتيةٌ     ركـزوا رمـاحَـهـمُ إلى جنباتِها

ومنها:

ولكمْ مـررتُ بـ (كربلا) متمثّلاً     شهداءها صرعى على ربواتِها

فـوقـفتُ واستوقفتُ فيها عصبةً     وقـفـوا نـواظـرَهم على عبراتِها

يا ابنَ النبيِّ كمِ احتملتَ فجائعاً     مـن أمَّـةٍ ضـلـتْ سـبـيـلَ نـجاتِها

وقال في حرف الثاء تبلغ (21) بيتاً:

كـمْ جـرَّعـوهُ بـ (كربلاءَ) مصائباً     شـنـعـاءَ كـلُّ فمٍ بـهـنَّ يُـحـدِّثُ

قـدمِـتْ ودائـمُ حـزنِــهـا مُـتــجـدِّدٌ     فـكـأنَّـهـا فـي كـلِّ حـينٍ تحدثُ

أضحتْ لها الزهراءُ ثكلى وجهها     من شجوِها بادي الكآبةِ أشعثُ

وقال في حرف الخاء وتبلغ (25) بيتاً:

مصارعُهمْ في (كربلا) لا تهاونتْ     بسقياكَ أخلاقُ الغمامِ النواضخُ

تـضـمَّـنـتِ أجـساداً بها نلتِ رفعةً     عنتْ لعلاها الشاهقاتُ الشوامخُ

أقـامـتْ بـكِ الـزهـرا عـليهمْ مآتماً     تعجُّ ليومِ البعثِ فيها الصوارخُ

ومنها:

وأجسادُهم فـي (كـربلاء) تكفَّلتْ     بـتـكـفـنـيهنَّ الساقياتُ النوافخُ

بنفسي غريبُ الدارِ لم يبقَ عندَه     حميمٌ يحامي عن حماهُ ولا أخُ

أحاطتْ به الأعـداءُ مـنـفرداً ولا     ظـهيرٌ له إلّا نـسـاءٌ صـوارخُ

وقال في حرف الدال وتبلغ (80) بيتاً:

كمْ رزايا في (كربلاء) كستِ الـ     إيـمـانَ أحـزانُـها ثيابَ حدادِ

قـلَّ فـيـهـا الـبـكـاءُ بـالـدمِ لا بالـ     ـدمعِ وعط الأكبادَ لا الأبرادِ

يـومَ ذلَّ الإسـلامُ وانـتـسـفتْ في     أوجـهِ الـمـسلمينَ كثبُ رمادِ

وقال في حرف الذال تبلغ (22) بيتاً:

لاحتْ لعينكَ (كربلاءُ) فما الذي     تُرجى له عبراتُ ناظرِكَ القذي

عهديْ بطرفِكَ عندما اتّخذَ البكا     عـهـداً عـلـيـهِ لـغـيـرِها لم يؤخذِ

فيها أريقَ دمُ ابنِ فـاطـمـةِ الذي     قـلـبـي بـغـيـرِ ولائِـهِ لا يـغـتذي

وقال في حرف الراء تبلغ (51) بيتاً:

كـأنَّ كـلَّ مـكـانٍ (كــربـــلاءَ) لـــــــدى     عـيـنـي وكـلَّ زمانٍ يومَ عاشورا

لـهـفـي لـظامٍ على شاطي الفراتِ قضى     ظـمآنَ يرنو لعذبِ الماءِ مقرورا

لا غروَ أن كسفتْ شمسُ الضحى حَزَناً     على من اقتبستْ من نورِه النورا

وقال في حرف الزاي تبلغ (40) بيتاً:

وأضِـيـعـتْ دمـاؤهـا بعدما أر     وتْ حضيضاً من (كربلاءَ) ونشزا

كمْ عرانينَ أرغمتْ لم تكن تُر     غـمُ إلّا للهِ جـــلِّ وعـــــــــــــــــزَّا

ونحورٌ عزَّتْ يعزُّ على المخـ     ـتار بـعـد الــتـــثــامـهـا أن تــحــزا

وقال في حرف الضاد وتبلغ (38) بيتاً ومنها مضمناً بيت الشريف الرضي:

(ضارباً في (كربلا) خيمته     ثـمَّ مـا خـيَّـمَ حتى قوِّضا)

بأبي من وسعتْ كل الورى     يدُه ضاقَ به رحبُ الفضا

حـيـثـمـا ضُويقَ يزددْ مـنعةً     كحسامٍ زاده الصقلُ مضا

وقال في حرف الياء وتبلغ (34) بيتاً:

تبتـلُّ منكمْ (كربلا) بدمٍ ولا     تـبـتـلُّ منِّي بالدمـوعِ الجارية

أنَستْ رزيَّتُكمْ رزايانا التي     سلفتْ وهـوَّنـتِ الرزايا الآتية

وفـجـائـعُ الأيـامِ تـبقـى مدةً     وتزولُ وهيَ إلى القيامةِ باقية

ومنها:

لهفي لركبٍ صرِّعوا في (كربلا)     كـانـتْ بـهـا آجـالـهمْ متدانية

تـعـدو على الأعداءِ ظامئةَ الحشا     وسيوفُهم لدمِ الأعادي ظامية

نصروا ابنَ بنتِ نبيِّهمْ طوبى لهم     نـالوا بنصرتِه مراتبَ سامية

الشاعر

الشيخ عبد الحسين بن محمد علي بن حسين بن محمد الأعسم الزبيدي النجفي، عالم وأديب وشاعر ولد في النجف الأشرف من أسرة نجفية علمية برز منها العديد من أعلام الفقه والأدب.

درس الأعسم ــ بداية ــ العلوم الدينية على يد أبيه، ثم تتلمذ على يد الشيخ محسن الكاظمي الأعرجي، والشيخ جعفر كاشف الغطاء، والسيد محمد مهدي بحر العلوم. حتى أصبح من العلماء وتصدَّر حلقات التدريس. وإضافة إلى بروزه في ميدان العلم فقد عُرف في الأوساط الأدبية شاعراً كبيراً في النجف والعراق

وللأعسم عدة مؤلفات في الفقه منها:

1 ــ ذرائع الأفهام في شرح شرائع الإسلام في ثلاثة أجزاء

2 ــ شرح منظومة المواريث لوالده في (508) أبيات

3 ــ مناسك الحاج

توفي الأعسم في النجف في الطاعون الذي عم العراق ودفن في مقبرة الأسرة إلى جنب والده في الصحن العلوي الشريف وأعقب بنتاً واحدة تزوجها السيد صالح بن أحمد الطباطبائى، وهي أم العالم الكبير السيد مهدي الطباطبائى الحكيم صاحب كتاب (تحفة العابدين) (2)

زخرت المصادر بترجمة الشيخ عبد الحسين الأعسم وتوحدت كلمات المؤلفين والمصنفين في الثناء عليه ومما قالوه:

قال الشيخ أغا بزرك الطهراني: (من أعاظم العلماء) (3)

وقال أيضاً: (كان فقيهاً بارعاً وعالماً جليلاً وتقياً ورعاً … من أعلام النجف الأفاضل آنذاك بلغ في الفقه والأصول مكانة سامية، وخلّف والده على فضله ومزاياه) (4)

وقال الشيخ محمد حرز الدين: (عالم محقق، فقيه، شاعر، أديب، وكامل أريب، سريع البديهة، عربي صميم، وربما قيل إنه أعلم من أبيه … وأشعر، مدحه جُلّ المعاصرين بالعلم ودقة النظر … واستحدث كثيراً من كتابه الذرائع بعض عظمائنا ممّن تأخر عنها من مؤلفي الكتب المشهورة نقلًا وتفصيلًا) (5)

وقال السيد محسن الأمين: (كان عالماً فقيهاً أصولياً ثقة محقّقاً مدققاً مؤلفاً أديباً شاعراً مفلقاً مشهوراً يفضل على أبيه في الشعر) (6)

قال الشيخ جعفر آل محبوبه: ((وكان أشهرهم في العلم والأدب فخلف أباه في كل مزاياه وشابهه في كل فضيلة وكان عالماً عاملاً، فقيهاً أصولياً، ثقةً، وكان بليغاً لبيباً، وشاعراً مجيداً، وهو أمتن شعراً من أبيه وأغزر أدباً، له ذكر يتجدّد ببقاء المنابر الحسينية، وسُمعته باقية ببقاء الأدب ...). (7)

وقال السيد جواد شبر: (كان عالماً فقيهاً، محققاً مدققاً، مؤلفاً أديباً شاعراً ...) (8) 

وقال الشيخ علي كاشف الغطاء: (كان عالماً فاضلاً حاوياً لجملة من العلوم وأديبًاً شاعراً … وله روضة كبيرة في مراثي آل البيت (عليهم السلام) عدا ما نظمه … في قوافي مختلفة) (9)

وقال الشيخ عبد الحسين الحلي: (رأيت له من الآثار العلمية الخالدة عند بعض آل الأعسم كتاب (ذرائع الافهام في شرح شرائع الإسلام) في ثلاثة أجزاء تدل على سعة إحاطته ودقة نظره، وهذا الشرح الوجيز لتلك الأراجيز شاهد صدق على ذلك لمن أعطاه حق النظر..) (10)

وقال الشيخ محمد طاهر السماوي: (كان فاضلاً مشاركاً في الفنون، وأديباً ناظماً للمحاسن والعيون، وشاعراً نائحاً أهل البيت (عليهم السلام)، معروفاً بذلك معرفة الكميت،…وصنّف في الفقه…ومحاسنه لا تنتهي) (11)

وقال الأستاذ علي الخاقاني: (برع في ميادين مختلفة، فاصبح شاعراً مجيداً، وكفاه مزية وفخراً اشتهار مراثيه ومدائحه، فهي مدونة في مجاميع الذاكرين المخطوطة، ومجاميع الرثاء المطبوعة، وله ذكر يتجدد ببقاء المنابر الحسينية وسمعة باقية ببقاء الأدب) (12)

وقال الشيخ جعفر النقدي: (كان علامة في المعقول والمنقول، وفهامة في الفروع والأصول وكانت له اليد الطولى في الأدب) (13)

وقال الشيخ درويش على البغدادي: (عالم فاضل جليل، وأديب شاعر نبيل) (14)

وقال عنه السيد حسن الصدر: (عالم عامل، شاعر مشهور، فاضل ثقة، فقيه كامل، أصولي ماهر، من تلامذة السيد محسن الكاظمي..) (15)

شعره

قال من روضته الحسينية في حرف الهمزة

أيَّ عـذرٍ بـيـنَ الـورى لـعـيـونٍ     قلَّ منها على الحسينِ البـكـاءُ

ويـحَ قـومٍ جـنـتْ عـليهِ وأغرتـ     ـهـمْ بـه الـجـاهـلـيـةُ الـجهـلاءُ

لـمْ يـجـودوا عـلـيكَ بالماءِ حتى     بـخـلـتْ أرضُـهـم بهِ والسماءُ

بـأبـي طـفـلـكَ الـرضـيـعُ تلظّى     عطشاً حين غِيضَ عنكَ الماءُ

جِـئـتَ مُـسـتـسـقـيـاً بـهِ فـسـقَـته     مـنـهـمُ الـحـتـفَ طعنةٌ نجلاءُ

لهف نفسي على بـنـاتِـكَ تُـســتا     قُ سـبـايـا كـمـا تُـساقُ الإماءُ

لهف نفسي على خليفِتِكَ السجـ     ـادِ مـسَّـتـه بــعـــدَكَ الأســواءُ

لـسـتُ أنـسـاهُ فـي دمشقَ بحالٍ     شـمـتـتْ بـازدرائـهـا الأعـداءُ

يـا لـهـا وقـعـة تـجـدِّدُهــا فـــي     كـلِّ عـامٍ عـلـيَّ عــاشــــوراءُ

تـركـتـهـا مـآتــمــاً بـــاقـــيـاتٍ     أبـدَ الـدهـرِ مـا لـهـنَّ انـقضاءُ

وقال في حرف الباء:

بـأيَّـةِ عـيـنٍ يـنـظـرونَ مــحـــمــداً     وقـد قَـتـلـوا صـبـراً بـنـيــهِ بـلا ذنـــبِ

وجاءوا بها شوهاءَ خرقاءَ اركِسوا     بـهـا سـبَّـة شـنـعاءَ ملءَ الفضا الرحـبِ

شـقـوا وسـعـدتمْ وابتلوا واسترحتمُ     وخـابـتْ مـسـاعـيـهمْ وفـزتمْ لدى الربِّ

عـمـىً لـعـيـونِ الشـامتينَ بعظمِ ما     تـجـرَّعـتـمـوهُ مـن بـلاءٍ ومــن كـــربِ

ألا فـي سـبـيـلِ اللهِ سـفـكُ دمـائِـكم     جـهـاراً بـأسـيـافِ الـضـغـائنِ والنصبِ

ألا فـي سـبـيـلِ اللهِ سـلـبُ نـسـائِكمْ     مـقـانـعـهـا بـعـد الـتـخـدُّرِ والــحُــجــبِ

ألا فـي سـبـيـلِ اللهِ حـملُ رؤوسِكمْ     إلى الشـامِ فـوق الـسمرِ كالأنجمِ الشهبِ

ألا فـي سـبـيـلِ اللهِ رضُّ خـيـولِهمْ     جسومَكُمُ الجرحى من الطعنِ والضربِ

فـيـا لـرزايـاكـمْ فـرَيـنَ مــرارتــي     بـجـوفـي وصـيَّـرنَ البكا والجوى دأبي

وفـتْ لـكـمُ عـيـنـي بـأدمـعِـهـا فإن     ونـتْ لــمْ يـخـنـكـمْ فـي كـآبـتِــهِ قـلـبـي

التاء

اللَه أكـبـرُ يـا لـهـا مــن وقــــعـــــةٍ     ذابـتْ لـهـا الأحـشـاءُ في حرقاتِها

بـأبـي وغـيـرِ أبـي أمـيـراً ظـامـئـاً     مـنـعـتـه حـربٌ مــن ورودِ فراتِها

حـتـى قـضـى عـطـشـاً قتيلَ أراذلٍ     تـسـتـحـقـرُ الـشـفــتـانِ ذمَّ صفاتِها

تـبـكـي الـسـمـاءُ دمـاً عـلـيهِ وليتها     أروتـه قـبـل الـقـتـلِ مـن قـطراتِها

يا ليتَ شعري ما اعتذارهمُ إلى الـ     زهـراءِ فـي أبـنـائِـهـا وبـنـــاتِــهــا

عـلّـقـتـمـوهـا بـالـنـبـيِّ خـصـومـةً     سـتـرونَ فـي أعـقــابِـكـمْ تـبـعـاتِـها

يـا لـيـتـنـي كـنـتُ الـفـداءَ لأنـفـسٍ     فـدتِ ابـنَ بـنـتِ نــبـيِّـهـا بـحـيـاتِـها

للَهِ جـأشُـكَ مـا أشــدَّ ثـبـاتِــــــــــه     في الحربِ إذ أفردتَ في عرصاتِها

للَهِ صـحـبُـكَ إذ وقــوكَ بــأنـــفـسٍ     بـذلـوا لـنصرِكَ في الوغى مهجاتِها

خـلـعـتْ قـلـوبـهـمُ الـحـيـاةَ وأقبلوا     يـتـهـافـتـونَ عـلـى ورودِ مـمـاتِـهـا

الثاء

لهفي لمُفترسِ الضـياغمِ في الوغى     أضحى فريسةَ كلِّ كلبٍ يـلهثُ

قصموا به رأسَ العلاءِ ورضَّضُوا     صدراً علومُ الغيبِ عنه تحـدِّثُ

رفـعـوا لـه فـوقَ الـعـواسـلِ طـلعةً     بـضـيـائِـهـا لـلـنـيِّـريـنِ تُـثـلّــثُ

نـظـرتْ لـهـا فـتـيـانُـه فـتـسـاقطتْ     للأرضِ تحثو للترابِ وتـبـحـثُ

بـأبـي كـريـمتُـه الـخـضـيبةُ بالدما     وعواصفُ الأرياحِ فيها تـعــبثُ

روحي الفـدا لأثـيـلِ مـجدٍ طيِّبِ الـ     أعـراقِ جـارَ عليه وغدٌ أخبــثُ

ومـقـيَّـدٍ يـشـكــو الـعـنـا رقَّـتْ لــه     أعـداؤه مـن عـظـمِ مـا يـتغـوَّثُ

ومـخـدَّراتٍ مـا أذيــعَ حــديـثُــهــا     أضـحـتْ أحـاديـثـاً لـمَنْ يتـحدَّثُ

تـعـسـاً لـمَـن تـسـبـي بـنـاتِ نـبيِّها     فـبـأيِّ عـذرٍ عــنــده تـتـشـبـــثُ

اللَه أكـبـرُ يـا لـهـا مــن فــجــعـــةٍ     في الدينِ عن أهلِ الفعيلةِ تورثُ

الجيم وتبلغ (36) بيتاً:

لـقـتـلِـكَ رُجَّـتِ الأرضونُ رجَّا     وضجَّتْ في السما الأملاكُ ضجَّا

وبـاتَ أبـوكَ حـيـدرةٌ شــجــيَّـاً     عـلـيـكَ وجـدُكَ الـمـخـتـارُ أشـجى

تـركـتَ جـوارَ جدِّكَ في نحيبٍ     ورحـتَ تـزجُّ لـلـتـرحـــالِ زجَّـــا

بـرغـمِ الـمـجـدِ إن خذلتكَ ناسٌ     قـطـعـتَ لـهـم مـن الـبـطحاءِ فـجَّا

شـقـوا فـعـدا بـهمْ عمرُ بن سعدٍ     عـلـيـكَ لـوهـمِ جعلِ الريِّ خَـرجا

تـقـدَّمـهـمْ إلـيـكَ بـرمـي ســهـمٍ     بـهِ سـاءَ الـنـبـيُّ وســــرَّ عــلــجـا

حموا عذبَ الفراتِ عليكَ حتى     ظـمـئـتَ فـلـيـتَ ذاكَ الـعـذبُ أجَّـا

تـمـوتُ عـلـيـه ظـمـآنـاً تــــراهُ     تـرقـرقُ شـاطـئـاً وارتـــــجَّ لــجَّـا

سطوا فصدمتَ سطوتهمْ ببأسٍ     خـلـجـتَ بـهِ كـمـاةَ الـحـربِ خـلجا

سـقـيـتـهـمُ بـه أقــداحَ حــتــفٍ     بـمـنـصـلـتٍ يـمـجُّ الـحـتـفَ مـجَّــا

الحاء وتبلغ (31) بيتاً:

حـقـيـقٌ عـلـيـنـا أن نـنـوحَ بـمـأتمٍ     بـنـاتُ عـلـيٍّ والـبــتـولِ نـوائـحُـه

مصابٌ تذيبُ الصخرَ فجعةُ ذكرِهِ     فكيـفَ بـأهلِ البـيتِ حلَّتْ فوادحُه

وأضـحـوا أحـاديـثـاً لباكٍ وشامتٍ     يماسي الورى تذكارَها ويصابحُه

مـصـائـبُ عـمَّتكمْ وخصَّت قلوبَنا     بـحـزنٍ عـلـى ما نالكمْ لا نبارحُه

تـداركـتـمُ بـالأنـفـسِ الـدينَ لم يَقمْ     لـواهُ بـكـمْ إلا وأنـــتــــمْ ذبـائـحُـه

غـداةَ تـشـفَّـى الـكفرُ منكمْ بموقفٍ     أذلّـتْ رقـابَ الـمـسلمينَ فضائحُه

جُـزِرتمْ بهِ جَزرَ الأضاحي وأنتمُ     عطاشى ترونَ الـمـاءَ يلمعُ طافحُه

أقـمـتـمْ ثـلاثـاً بـالـعـراءِ وأردفتْ     عـلـيـكـمْ بـرمضاءِ الهجيرِ لوافحُه

بنفسي أبيُّ الضيمِ فرداً تزاحـمتْ     جـمـوعُ أعـاديـهِ عـلـيـهِ تـكـافـحُه

تـمـنَّـعَ عِـزَّاً أن يصافحَ ضـارعاً     يـزيـدَ ولـو أنَّ الـسـيوفَ تصافحُه

الخاء

بنفسي آلُ المصطفى كمْ تصرَّعتْ     على الطفِّ شبَّـانٌ لـهـمْ ومشايخُ

عـشـيَّـةَ سـامـوهـمْ هـواناً فـنافرتْ     بهمْ شِـيـمُ الصيدِ الأبـاةِ الـبـواذخُ

رأوا قـتلهمْ في العزِّ خيراً من البقا     أذلاءَ فـي أحــشـائِـها الهمُّ راسخُ

لئن كـادَهم هضمُ الأعادي فعارُها     عـلـى خاذليهمْ ليس يمحوهُ ناسخُ

وإن تُركـوا صـرعى فكمْ لهم علا     مقامٍ على السبعِ السماواتِ شامخُ

بنفسي ضيوفاً فـي فـلاةٍ تـجـرَّعوا     بـهـا غـصـصـاً مـا بينهنَّ برازخُ

ظِـمـاءً وقـتـلاً وانـتـهـاكَ مــحارمٍ     يُصدَّعُ منها الشامخاتُ الرواسـخُ

رؤوسـهـمُ فـي الشامِ يرنو شـماتةً     إلـيـهـنَّ طـاغٍ عـن أمـيَّـــةَ بــاذخُ

فـيـا وقـعـةً لـم تـبـلَ إلا تـجـدَّدتْ     وأحزانُـهـا بـيـن الضلوعِ رواسخُ

هيَ الـفـتـنةُ العيماءُ أضرمَ نارَها     علـى الـديـنِ من عصرٍ تقدَّمَ نافخُ

الدال

طـمـعـتْ فـيـهِ أن يــســالــمَ لـكـن     دونَ ضـيـمِ الأبـاةِ خـرطُ القتادِ

أتـراهُ يـعــطــي ابـنَ آكـلــة الأكـ     ـبـادِ كـفَّ الـمـسـتـسـلـمِ الـمُـنقادِ

كـيـفَ يـسـتـسـلـمُ الـحـسـينُ وينقا     دُ لـضـيـمٍ وهـوَ الأبــيُّ الـقــيـادِ

ألخوفِ الـردى ولـيــس لـديـهِ الـ     ـمـوتُ إلّا تـهـويـمـةً عـنْ سـهادِ

أمْ لـحـبِّ الـحـيـاةِ بـيـن من اخـتا     رتْ عـلـيـهِ يـزيـدَ وابــنَ زيـــادِ

حـاشَ للهِ أن يـحــومَ عـلــى مـر     عـى أبـتْــه شـــهــامـةُ الأمـجــادِ

فـهـنـاكَ اتـكـى عـلـى قـائمِ السيـ     ـفِ ونـادى فـديـتُـه مـن مـنــادي

أيِّها الـصـحـبُ ليسَ للقومِ قصدٌ     غـيـرَ قـتـلـي فليغدِ من هوَ غادي

فأجادوا الجوابَ واخترطوا البيـ     ـضَ احتجاجاً إلى جلادِ الأعادي

وانـثـنـوا لـلوغى غضابَ أسودٍ     عصفتْ في العدى بصرصرِ عادِ

الذال

بـأبـي الـذي غـذّاه أحــمــدُ جــــدُّه     بـلـسـانِـه فـزكـا الـغـذا والـمـغتذي

ما زالَ يـرشـفُ ثـغـرَه مـستـنـشقاً     طيبَ الجنانِ بطيبِ مرشَفِهِ الشذي

لا غروَ أن شغفتْ حـشـاشـتـه بمَن     بـسـوى انـتـشـاقِ شـذاهُ لـمْ يـتـلذذِ

فـالأمُّ فـاطـمُ والأبُ الــكـــــرارُ لا     أبُ فــي الأنـامِ كــذا ولا أمٌّ كــذي

أوصى الـنـبـيُّ بـهـمْ وبـلّـغَ مُـشفقاً     إنَّ الـوصـيَّـةَ بــعـــدَه لـم تــنــفـــذِ

ما بـالـهـا انـقلبتْ على الأعقابِ إذ     تـبـعـتْ هـوى شـيطانِها المستحوذِ

نبذتْ ولاءَ أبيكَ خـلـفَ ظـهـورِها     تـعـسـتْ فـغـيـرُ حـظـوظِها لم تنبذِ

وسقتْ أخاكَ وما سقتكَ سوى ظبا     شُـحـذتْ لـذبـحِـكَ لـيـتـها لـم تشحذِ

لـهـفـي لجسمِكَ بالعرى ملقىً وكم     بـذَّ الـكـمـاةَ بـصـولـةٍ لـم تُــنــبــــذ

لـم يـسـلــبـــوه الـدرعَ إلا بـعـدمـا     جـعـلـتـه أسـهـمُ بـغـيـهـم كـالـقـنـفذِ

الراء

لـهـفـي لـمَـنْ ودُّهـمْ أجـرُ الـرسـالةِ لمْ     يروا سوى على الشحناءِ منشــورا

مَن مُبلغِ الـمـصـطـفـى اسـتعمالَ أمَّتهِ     مـن بعدِهِ نسخَ وحي اللَهِ بالشــورى

جـاشـتْ عـلى آلهِ ما ارتـاحَ واحـدهـمْ     من قـهرِ أعداءِ حتى ماتَ مقهـورا

قـضـى أخـوهُ خـضـيبَ الرأسِ وابنتُه     غضبى وسبطاهُ مسموماً ومنحـورا

أفـدي غـريـبَ رسولِ اللَهِ إذ شخصتْ     بهِ من الـبـيـتِ كتبٌ ضُمِّنـتْ زورا

سِـيـمَ الـدنـيَّـةَ فـاخـتارَ الـمـنــيَّـةَ لـــم     يخطرْ على بالهِ الـمحذورَ محـذورا

تـبَّـتْ يـدا ابـنِ زيـادٍ كـيـف يطمعُ في     إذلالِ من لمْ يزلْ بالـعـزِّ مـذكــورا

هوَ الحسينُ الأبيُّ الضيمِ مَنْ شرعـتْ     عـلاهُ نـهـجـاً لـصوتِ العزِّ مأثورا

فـازتْ بــنــصــرتِــهِ للَه أســدُ شــرىً     كـانـتْ مـخـالـبـها البيضَ المـباتيرا

للَهِ كـمْ لـهـمُ مـن ســطــوةٍ تــركـــــوا     بـهـا ظـهـيـرةَ ذاكَ الـيـومِ ديـجورا

الزاي

بـأبـي أفـتـدي قــتــيــلاً عــلـيــهِ     عُـزِّيـتْ فـاطـمٌ فـلـمْ تــتــعــــزّا

واسـتـذلـتْ بـقـتــلــهِ مـلَّـة الإسـ     ـلامِ من بعدما اكتستْ منهُ عِـزَّا

فـلـيـشـقّ الإسـلامُ ثوباً على مَن     كـانَ كـهـفـاً لـلمـسلمينَ وحِـرزا

ويـلَ قـومٍ تـخـاذلـوا عنه ما أشـ     ـنـعَـهـا سـبَّـةً عـلـيـهـمْ وأخـزى

كـيـفَ خـانـوا نـبـيَّـهـمْ فـي بنيهِ     أبـهـذا خـيـرُ الـنـبـيـيـنَ يُـجـزى

لهفُ نفسي على الحسينِ فلا زا     لَ فـؤادي بـرزئـهِ مُـســـتــفَــزَّا

حـسـبـوهُ يـرضـى بـذلٍّ ويـأبـى     أن يـعـيــشَ الأعــزَّ إلا أعــــزَّا

واسـتـثـاروا بـقـتـلِ والـدِه الـكرَّ     ارِ مـنــهـمْ عـبَّـادُ لاتٍ وعــزَّى

واعـتـلـى طـرفُـه بـلامةِ حربٍ     لا ترى مثل طرزِهِ العينُ طرزا

فـأصـمَّ الـشـقـاءُ مـنـهـمْ قـلـوبـاً     حرزتها ضغائنُ الشركِ حــرزا

السين وتبلغ (51) بيتاً:

وخامسُ أصحابِ الكسا ما خـطتْ لهم     يـدُ الـفـضـلِ إلا جـبـرئـيـلٌ بـســــادسِ

وهـيـهـاتَ أن يـرضـى الـحـسـينُ بذلَّةٍ     أبـتـهـا أصـولٌ زاكـيـاتُ الـمـغــــارسِ

فـحـلّـق عـنها وامـتطى صهوةَ الردى     يرى الذلَّ أخـزى وصمةٍ في المعاطسِ

ويُـرسـلُ مــن كـوفـانَ لـلـشـامِ رأسُــه     إلـى فـاجـرٍ فـي غـمـرةِ الـكـفـرِ راكسِ

وتُـسـبـى إلـيـهِ الـفـاطـمـيـاتُ آلــفـــــا     تَـشـفِّـيـه مـن تـقـريـعِـهـا فـي الـمجالسِ

فـلـهـفـي عـلـى تـلـكِ الـدماءِ فلم تـزلْ     تـلـظّـى لـهـا فـي الـقـلـبِ شـعـلـةُ قابسِ

ولـولا تـرجِّـي الـنـفسِ طـلـعـةَ ثـائــرٍ     بـهـا أنـا مـن نـصـري لـه غـيـرُ آيــسِ

لـمـا كـنـتُ أسـتـبـقـي لها بعدَ رُزئـهم     حـيـاةً بـهـا ضـاقـتْ عـلـيَّ مــنــافــسي

إلـى أن يـعـزَّ اللهُ ديـنَ الـهـدى بـمَــنْ     يـــــجـــدِّدُ مــــــن آثــارِهِ كــــلَّ دارسِ

ويـخـصـبُ مـن سـاحـاتِـهِ كـلَّ مُمحِلٍ     ويـــورقُ مــن أغـصـانِـهِ كـلُّ يــابــسِ

الشين وتبلغ (36) بيتاً:

لـهـفـي ولا يُـشـفي الجـوى تلهُّفي     لمَن بشاطي النهرِ ماتوا عطشا

لـم أنـسَ يـومَ جـعـجـعَ الـعـدا بهمْ     وأنـزلـوهـمُ الـعـراءَ الـمـوحشا

تـخـاذلـتْ عــنــه رعـايـاهـمْ إلـى     أن بلغتْ مـنه عداهـمْ مـا تـشـا

هنالكَ اســتـلَّ ابنُ حـيـدرَ الـظـبـا     شـهـامـةً شـبَّ عـلـيـهـا مُذ نشا

عـافَ الـحـيـاةَ والأبــيُّ الضيمِ لم     يـطـقْ بـدارِ خـيـمـةٍ تــعــيُّــشـا

واخـتـبـرَ الــنـاسَ بـبــذلِ نـفـسِـه     ولو يريدُ الـبـطـشَ فـيـهم بطشا

فـهـبَّ لـلـهـيـجا بـجــأشٍ طـامـنٍ     لم يكترثْ بالكونِ جاشَ أم جشا

شـدَّ عـلى خـــمــيــسِـــهـمْ كـأنّـه     ليثُ شرىً شدَّ على قـطـيـعِ شـا

تـطـايـرَ الـنـبـلُ إلـيــهِ لــم يــكــدْ     يـسـلـمُ عـضـوٌ مـنه إلا خـدشـا

حتى قضى بالسيفِ عطشاناً ولم     يبرحْ ندى كفَّيهِ يروي العـطـشا

الصاد وتبلغ (33) بيتاً:

أفدي قتيلَ الطفِّ خيرَ من اعتلى     أسراجَ خيلٍ أو رحالِ قـلاصِ

فـزعـتْ أمـيـةُ إذ تـطـلّـعَ نحوهمْ     فزعَ الظباءِ بـطلعةِ الــقـنـاصِ

نصرتهُ قومٌ أرخصـوا أرواحَهـم     للدينِ والأرواحُ غــيرُ رخاصِ

شـقـيَ ابـنُ سـعـدٍ واسـتبـدَّ بلعنةٍ      شـمـلـت ذؤابـتُــهـا أبـا وقاصِ

نـشـبـتْ بـكـلـكِـلِـه مـخـالـبهمْ فلمْ     تمكنه منهمْ فرصةُ اسـتخلاصِ

فـحـمـى ذمـارَ عـيـالِـهِ بـمـهـنــدٍ     لمْ تـحـمَ مـنـه سـابـغاتُ دِلاصِ

ويظلُّ يفحصُ مـن ظـماءٍ طفلها     والـهـفـتـاهُ لـطـفـلِـهـا الـفحَّاصِ

جـزّتْ نـواصـيها العُلى لمصيبةٍ     لمْ تطفَ جذوتُها بجزِّ نـواصي

حتى نرى ابنَ العسكريِّ يقودُها     شـعـثـاً يـطيعُ بهنَّ كلُّ مُعاصي

فلتخشَ صولتَه الأعـادي ويـلهمْ     أينَ الـمـفـرُّ ولاتَ حـينَ مناصِ

الضاد

يا عليَّ المرتضى دعوةَ ذي     شغفٍ لم يرضَ غيرَ المرتضى

عـظّـمَ اللَهُ لـكَ الأجـرَ بــمَـنْ     كـظّ أحـشـاهُ الـظما حتى قضى

بأبي من ليسَ يـنـفكُّ القـضا     طوعه أودى به صـرفُ الـقضا

حـرَّ قـلـبي لقتيلٍ غـمـضـتْ     عينُ دينِ المصطفى إذ غَـمَضَا

رأسُه فوقَ القنا يشجي الذي     يـتـولاهُ ويـشـفـي الـمُـبـغـضــا

وعلى وجـهِ الـثـرى جثمانُه     وطأتهُ الـخـيـلُ حـتّـى رُضِّضا

ومريضٌ مثقلُ الأغـلالِ قـد     زادَه أسـرُ الأعــادي مَــرَضَــا

أركـبـوهُ ظـهرَ صعبٍ كلّما     خـرَّ عـنـه لـم يـطقْ أن يـنهضا

وسـبـايـا لــرســـولِ اللَهِ لـمْ     يـرعَ فـيـها عهدَ حـقٍّ فـــرضـا

لم تذقْ أجفانُها الـنـومَ وهلْ     جـمـدتْ أعـيـنُـها كــي تغـمضا

الطاء وتبلغ (26) بيتاً

ظـمـآنَ عاثَ بـه الظـما حتى اغتدى     رحـبَ الـفـضـاءِ لديهِ سمَّ خياطِ

مـنـعـتـه أن يـرِدَ الـفــراتَ عـصـابةٌ     سـدَّتْ شـرائـعَـه بـكـلِّ صِــراطِ

فـسـطـا عـلـى تـلـكَ الـجـموعِ بنفسِهِ     للَهِ شـدّة بـأسِ ذاكَ الــســاطـــي

وغـدا يـواطـي خــيـلـهـمْ بـرجالـهـمْ     بـشـديـدِ بـطـشٍ لـلـجبالِ يُواطي

وربـــيــطُ جــأشٍ رابَـط الأعـداءِ إذ     عـزَّ الـنـصـيـرُ لـه أشـدّ ربـــاطِ

لـم يـعـطــهـمْ مـادامَ يـمـلـكُ سـيــفَـه     نهجاً بسمحةِ جيدِه الـمُـتـعـاطـي

مازالَ يوردُها الـردى بالضربِ في     هـامـاتِـهـا والـطـعـنُ في أوساطِ

حـتـى هـوى مـتـشـحـطـاً بـدماهُ مِنْ     سهمٍ أصابَ حشاهُ من يدِ خاطي

سـهـمٌ أصـابَ نـيـاطِ قـلـبِـكَ لــيــتَـه     قد كانَ دونَـكَ قـد أصابَ نياطي

إن أنـسَ لا أنـسَ افـتـجـاعَ نـسـاهُ إذ     هجمتْ خيولهم على الـفـسـطاطِ

الظاء وتبلغ (21) بيتاً:

لـهـفـي لـرأسِ ابـنِ الـبـتولِ على قناً     أشـقـى أعـادي جدِّه الأقـظـاظِ

يـتـلـو الـكـتـابَ لـوعظهمْ ويزيدُ في     تـقـريـعِـه الـغـلـظـاءِ بالأغلاظِ

يـا واعـظـاً مـا كـنـتُ أحـسـبُ قـبلَه     أنَّ الـرمـاحَ مـنـابـرُ الـوعَّـــاظِ

إن مـثـلـتْ بـكَ مـيـتـاً كـمْ غـظـتـها     حـيَّـاً بـنـظـمِ كـفـاحِـكَ الـغـيَّـاظِ

أيـقظتَ مَـن مـا زلـتَ نـومـةَ عـينهِ     وأنمت مَنْ هوَ منكَ في استيقاظِ

لهفي لجسمِكَ في العرى ملقىً على     رمـضـا أشـدِّ هـواجـرِ الأقـيـاظِ

مـن بـعـدِ مـا كـظّ الـظـما أحـشـاءَه     فـتـفـتّـتْ بـلـظـى الظـما الكظّاظِ

ويـلـي عـلـى خـفـراتهِ إذ غُـودرتْ     عبرى العيونِ خـواشـعَ الألحـاظِ

احـتـجـنَ تكليمَ الأجـانـبِ وهـيَ لـمْ     تـفـكـكْ لـهـمْ أفــواهـهـا بـشظاظِ

كمْ حرمـةٌ لـلـمصطفى هُتكتْ على     أيـدي شـدادٍ فــي الــعـتـوِّ غـلاظِ

الغين وتبلغ (36) بيتاً

بـمـصـيـبـةٍ أورتْ بـلـبِّ حـشـاشتي     شـعـلٌ يـطـيـشُ دخـانُها بدمـاغي

نـزلـتْ بـمـن طـهَ زعـيـمُ رضـاعِهِ     طفلاً وجـبـريـلُ الأمـيـنُ مُـنـاغي

منعتهُ شربَ الماءِ من نكصتْ على     عقبٍ لـيـشـمـتَ مـن أميَّةَ طـاغي

لا سـاعةً وردَ الـفـراتَ ولــم يـفــزْ     ظـامـي الـحـشا من وردِهِ بـمَساغِ

وجـدتْ أمـيَّـةُ فـرصــةٌ لـطـلابِـهــا     بـدراً بـغـاةٌ مــنــهـــــمُ وطـــواغِ

زعموا الحسينَ عــليهمُ مُـتـبـاغـيـاً     وسيعلمونَ غـداً من الـمُـتـبـاغــي

نفضتْ من استسلامِه اليدَ حيث لم     تـرَ فـيـه إذ عضَّتْ ركينَ مَضـاغِ

فنضى ابنُ حـيـدرةٍ حـساماً قدْ أبى     إغـمـادَه إلا بــهــامـــةِ بــــاغـــي

فحمى وطيسَ وغىً بـظلِّ سلاحِها     بـهـديـرِ شـقـشـقـةٍ الـفنيقِ الراغي

وجـلا تـلاتـلَـهـا وغادرَ شـوسَـهـا     صرعَى على الجبهاتِ والأصداغِ

الفاء وتبلغ (45) بيتاً:

مصابٌ لهُ الـسـبـعُ الـسمواتُ أسبلتْ     دمـوعُ دمٍ والـجـنُّ بـالنوحِ تـهتفُ

وقـطّـعَ أحـشــائـي انـقـطـاعُ كـرائـمٍ     لأحمدَ يستعطفنَ من ليسَ يـعطفُ

وجفَّتْ من العينِ الدموعُ فـإن بـكـتْ     فما هيَ إلا مِنْ دمِ الـقلبِ تـرعفُ

ومخلسةً من دهشةِ الخطـبِ لم تطق     نشيجاً سوى أن الـمـدامـعَ تـذرفُ

بـرغـمِ الـعُـلـى تُـسـبـى بـناتُ محمدٍ     على هزَّلٍ يطوي بها البيدَ مُـعنفُ

تـلاحـظ فـوقَ الـسـمـرِ رأسـاً قلوبُها     تـحـومُ عـلـى أكـنـافِـه وتـرفـرفُ

بنفسي من استجلى له الرمحُ طـلـعةً     لبدرِ الدجى بالأفقِ أبهى وأشرفُ

أحاملُ ذاكَ الرأسِ قلْ لي برأسِ مَن     تـمـايـلَ هـذا الـسـمـهـريُّ المثقَّفُ

ألـمْ تَـعِـهِ يـتـلـو الــكــتــابَ ونــورُه     يشقُّ ظلامَ الليلِ، واللـيـلُ مُـسدِفُ

أيُهدى إلى الشاماتِ رأسَ ابنِ فاطمٍ     لـيـشـفـيَ مـنـه ضـغـنَـه الـمُتحيِّفُ

الياء

ولـقـد يـعـزُّ عـلى رسـولِ اللهِ أنْ     تُسبى نساهُ إلى يزيدَ الطاغـيـة

ويـرى حـسـيـنـاً وهــوَ قرَّةُ عينِه     ورجاله لم تبقَ مـنـهـمْ بـاقـيـة

وجسومُهم تحتَ السنابِكِ بالعَرى     ورؤوسُهم فوقَ الرماحِ العالية

ويـرى ديـارَ أمــيـةِ مـعـمـــورةً     وديارَ أهـلِ الـبـيـتِ منهمْ خالية

ويـزيـدُ يـقـرعُ ثـغـرَه بـقـضـيبِهِ     مُـتـرنِّـماً منهُ الـشـمـاتـةُ بـاديـة

أبـنـي أمـيَّـةَ هـلْ دريتِ بقبحِ ما     دبَّرتِ أم تـدرينَ غيرَ مُـبـالـيـة

أو ما كفاكِ قتالُ أحـمـدَ سـابـقـاً     حـتـى عـدوتِ عـلـى بـنيهِ ثانية

أيـنَ الـمـفـرُّ ولا مـفـرَّ لكمْ غداً     فالخصمُ أحمدُ والمصيرُ الهاوية

تـاللهِ إنَّـكَ يـا يـزيــدُ قـتـلــتــــه     سـرَّاً بـقـتـلِـكَ لـلـحـسـينِ علانية

ترقى مـنـابـرَ قـوِّمـتْ أعوادُها     بـظـبـا أبـيـهِ لا أبـيـكَ مـعـاويــة

وإضافة إلى قصائد الروضة فللأعسم قصائد أخرى في أهل البيت

مضى ابنُ عـليٍّ أملسَ الثوبِ لم يشبْ     بعلوٍ ولم يطلبْ به الوترَ طالبُ

قـضـى فـاسـتشاط الدينُ حزناً وأقذيتْ     لـه مـقـلٌ أجـفـانـهـنَّ ســواكـبُ

قـضـى فـالـمـعـالـي الغرُّ تنعى ثواكلاً     عليه جوى والمكرماتُ نـوادبُ

قضى وهو مطويُّ الضلوعِ على ظماً     له شعلٌ من حرِّها القلبُ لاهبُ

فـلـيـتَ عُـبـابُ الـمـاءِ غِيضَ ولم تكنْ     تـدرُّ بـمُـنـهـلِّ القطارِ السحائبُ

وإن أنـسَ لـن أنـسَـى عـقـائـلَ أحـمـدٍ     وقد نَهبتْ أحـشـاءهنَّ المصائبُ

تـحـنُّ حـنـيـنَ الـنـيـبِ وهـيَ ثـواكـلٌ     تنازعُ منهنَّ الـقـلـوبُ الـنـوائـبُ (16)

وقال من قصيدة في مدح الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) عند زيارته سامراء وتبلغ (26) بيتاً:

ولنْ يجبِهُ الرحـمـنُ بالردِّ سائلاً     مـؤيِّـدُه ابـنُ الـعـسـكـريِّ وشــافـعُــه

له المعجزاتُ المستنيرةُ لم تزلْ     ترى العينَ منها فوقَ ما الوهمُ واسعُه

إليهِ أحـاديـثُ الـمـفـاخـرِ تنتهي     إذا جـمـعـتْ أهـلُ الـكـمـالِ مـجـامـعُه

مـلـيـكُ تـرى الأقـدارَ مـلقيةً له     أزمَّـتَـهـا يـقـتـادُهــا فــــتـــــطـــاوعُـه

خبيرٌ بما تخفي الـصدورَ كأنّها     يـطـالـعُ أسـرارَ الــورى وتـطــالـعُــه

دنا وعدُه طوبى لـمَنْ نالَ عنده     مـقـامـاً بـه يـحـوي الـسـعـادةَ طـالـعُـه (17)

..........................................................................

1 ــ نشرت قصائد هذه الروضة حسب التسلسل الهجائي في: شعراء الغري ج 5 ص 51 ــ 82 / رياض المدح والرثاء ص 341 ــ 355 و 679 ــ 684 و 716 ــ 722 / الدر النضيد في مراثي السبط الشهيد، للسيد محسن الأمين ص 13 و 43 و 60 و 75 و 79 و 81 و 91 و 94 و 145 و 186 و 193 و 196 و 203 و 205 و 207 و 231 و257 / أعيان الشيعة ج ٧ ص ٤٥٣ ــ 457 / أدب الطف ج 6 ص 287 ــ 294 / الحصون المنيعة ج 9 ص 321، وهذه الروضة في الأصل تحتوي على (28) قصيدة على عدد الحروف ابتداء بالهمزة وانتهاء بالياء، وقد جمعها مع باقي شعره الشيخ محمد السماوي في ديوان، غير أن بعض القصائد منها قد فقدت، يقول الخاقاني: (وفقد منها حرف العين والقاف والكاف واللام والميم والنون والواو والهاء) شعراء الغري ج 5 ص 51

2 ــ شعراء الغري ج 5 ص 42 ــ 44

3 ــ طبقات أعلام الشيعة ج 1 ص 414

4 ــ نفس المصدر ص 717

5 ــ معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء ج 2 ص 24

6 ــ أعيان الشيعة ج 7 ص 452

7 ــ ماضي النجف وحاضرها 2 ص 27

8 ــ أدب الطف ج 6 ص 287

9 ــ الحصون المنيعة في طبقات الشيعة ج ٩ ص ٣٢١ 

10 ــ مقدمة شرح منظومة والد الشاعر عبد الحسين الأعسم في الإرث المطبوع بالنجف سنة ١٣٤٩ هـ

11 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 2 ص 28

12 ــ شعراء الغري ج 5 ص 42

13 ــ الروض النضير ص 60

14 ــشعراء الغري ج 5 ص 44 عن كنز الأديب للبغدادي

15 ــ شعراء الغري ج 5 ص 44

16 ــ الدر النضيد ص 46 ــ 47

17 ــ شعراء الغري ج 5 ص 47 ــ 48

كما ترجم له

الشيخ أغا بزرك الطهراني / الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج 9 ص 82 / و ج 10 ص 23 ــ 168

محمد علي تبريزي / ريحانة الأدب ج 1 ص 152

الشيخ عباس القمي / الكنى والألقاب ج 2 ص 43 / وهدية الأحباب ص 99

خير الدين الزركلي / الأعلام ج 3 ص 278

المؤرخ الميرزا محمد علي حبيب آبادي / مكارم الآثار في أحوال رجال القرنين الثالث عشر والرابع عشر ج 4 ص 1313

الشيخ محمد هادي الاميني / معجم رجال الفكر والأدب في النجف ج 1 ص 165 ــ 166

كوركيس عواد / معجم المؤلفين العراقيين في القرنين التاسع والعشرين ج 9 ص 257

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار