271 ــ الشفهيني الحلي: توفي (القرن الثامن الهجري)

الشفهيني الحلي: (توفي بين عامي 740 ــ 750 هـ / 1340 ــ 1350 م)

قال من قصيدة في أهل البيت (عليهم السلام) تبلغ (120) بيتاً ومنها في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

واللهِ لـو أنَّ الـنـبـيَّ وصــنــــــوَه     يوماً بعرصةِ (كربلا) شهداكِ

لم يـمـس مـنهتكاً حِماكِ ولم تمط     يـومـاً أمـيّة عنكِ سجفَ خباكِ

يا عينُ إن سُفحتْ دموعُكِ فليكن      أسفاً عـلى سبطِ الرسولِ بكاكِ (1)

ومنها:

أو أنَّ والدَكِ الوصيَّ بـ (كربلا)     يـومـاً عـلـى تـلكَ الرمولِ يراكِ

لـفـــداكِ مـــجــتـهـداً وودّ بـأنّـه     بالنفسِ من ضيقِ الشِراكِ شَراكِ

قد كنتِ شـمساً يُستضاءُ بنورِها     يـعـلـو عـلـى هامِ السماكِ سماكِ

وقال من أخرى تبلغ (176) بيتاً ومنها في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

 يا ليتَ في الأحياءِ شخصُكَ حاضرٌ      وحسينُ مطروحٌ بعرصةِ (كربلا)

عريـانَ يـكـسـوهُ الـصـعـيدُ ملابـسـاً     أفـديـه مــسـلوبَ الـلـباسِ مُـسربلا

مـتـوسِّــــداً حرَّ الـصـخـورِ مُـعـفّـراً     بـدمـائِــهِ تَـرِبَ الـجبـيـنِ مُـرمّــلا (2)

الشاعر

الشيخ أبو الحسن علاء الدين علي بن الحسين الحلي الشفهيني.(3) فقيه وعالم وأديب وشاعر من شعراء أهل البيت الذين خصّوا أشعارهم فيهم (عليهم السلام)، وقد اشتهر بقصائده المطوّلات السبع التي تخطت كل واحدة منها المائة بيت استعرض فيها فضائلهم وخصائصهم ومظلوميتهم وخاصة رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) وتفاصيل واقعة كربلاء وما جرى على آل الرسول فيها.

وللشفهيني في الحلة ــ وتحديداً في محلة المهدية ــ قبر يُزار كان فيما مضى داره أو مسجده، ولكن لم تشر المصادر إلى تاريخ ولادته ووفاته.

يقول الشيخ محمد علي اليعقوبي: (وكم تحرّيت قبره منقباً في الزوايا التي تحت قبّته لعلّي أجد صخرة أو لوحة عليها تاريخ وفاته فلم أجد شيئاً) (4)

وقد حددت المصادر أنه عاش في القرن الثامن الهجري واستندت على ذلك كونه من المعاصرين للشيخ محمد بن مكي العاملي المعروف بـ (الشهيد الأول) المقتول سنة (٧٨٦ هـ) والذي قام بشرح إحدى قصائد الشفهيني. فافتخر الشفهيني بذلك ومدحه بعشرة أبيات، (5) كما كان الشفهيني معاصراً لابن فهد الحلي المتوفى سنة (841 هـ)

نسبته

أما نسبته ولقبه (الشفهيني) فيذهب الشيخ داود الإنطاكي إلى أنه جاء من أمه، حيث يقول: (أنه جاء من ابن الشفهينة) (6)

وقيل نسبة إلى شفهين وهي قرية في جبل عامل أو البحرين، ثم يقول: (وليس في كلا القطرين قرية تعرف بهذا الاسم) (7)

ونفى السيد محسن الأمين أيضاً نسبته إلى جبل عامل حيث يقول: (أكثر ما وجدناه الشفهيني ولعله الأصح ويوجد العاملي وهو غلط). ثم قال: (لا نعلم هذه النسبة إلى أي شيء ولعل الشهيفنية قرية بنواحي الحلة نُسب إليها) فـ (الرجل حلي لا عاملي كما صرح به في مجالس المؤمنين والرياض في الترجمة الأولى وصاحب أمل الآمل وصرح به المترجم نفسه) (8)

ثم يفصل اليعقوبي الحديث في نسبته فيقول:: (في كتاب المزار من (فلك النجاة) للعلامة الشهير السيد مهدي القزويني الحلي في بيان قبور علماء الحلة كالمحقق والشيخ ورام وآل نما وآل طاووس وعدّ منها قبر الشافيني ــ من غير هاء - ومن هنا يغلب على ظني بل يترجح لديّ أنه منسوب الى (شيفيا) أو (شافيا) وهي قرية على سبعة فراسخ من واسط ذكرها ياقوت في معجمه وذكر أسماء جماعة من أهلها والنسبة اليها (الشيفياني) أو (الشافياني) وإنّما حرّفت من الرواة والنسّاخ إلى شافيني وشفهيني وما شاكل ذلك. فلا يبعد أن يكون أصل المترجم منها، وبعد ابتداء الخراب في واسط وما جاورها من القرى والضواحي على أثر سقوط الدولة العباسية وغارات التتار على البلاد هاجر المترجم إلى الحلة لكونها في ذلك العهد دار الهجرة ومحط رِحال العلماء والأدباء) (9)

ويستشهد اليعقوبي على رأيه بنماذج من أشعار الشفهيني في حنينه إلى بلده فيقول: (ويؤكد ما رجحناه من عدم كونه (حليّاً) بالأصل حنينه في شعره إلى بلد كان قد نشأ فيه واستوطنه قبل الحلة فتراه دائماً يتذمر من غربته في قصائده التي قالها في الحلة ويبكي لنأي أحبابه ويندب فيها عصر شبابه من ذلك قوله:

أبكي اشـتـيـاقـاً كلـمـا ذُكروا     وأخو الغــرامِ يـهـيـجُـه الذكرُ

ورجوتهم في مُـنـتهى أجـلي     خـلـفـاً فأخــلـفَ ظـنـيَ الـدهرُ

وأنا الغريبُ الدارِ في وطني      وعلى اغترابي ينقضي العمرُ

وقوله:

وقد كـنـتُ أبـكـي والديارُ أنيسةٌ     وما ظعنــت للـظـاعنينَ قفولُ

فكيف وقد شطّ المزارُ وروّعتْ      فريق الــتـدانـي فرقة ورحيلُ

إذا غـبـتـمُ عـن ربـعِ حـلّـة بابلٍ     فـلا سحبتْ للسحبِ فيه ذيولُ

وما النفعُ فيها وهيَ غير أواهلٍ      ومـعـهدُها ممن عهدتَ محيلُ

تـنـكـر مـنـهـا عـرفـها فـأهـيلها     غـريبٌ وفـيها الأجـنبيُّ أهيلُ

وقوله:

أقـسـمتُ يا وطني لم يهنني وطري     مـذ بـانَ عـنـي فيكَ البانُ والأثلُ

لـي بـالـربـوعِ فـؤادٌ مـنـكَ مــرتـبعٌ     وفي الرواحلِ جسمٌ عنكَ مرتحلُ

لا كنتُ إن قادني عن قاطنيكَ هوى      أو مالَ بي مللٌ أو حالَ بي حولُ) (10)

وقد تبنى رأي اليعقوبي أيضاً السيد جواد شبر فقال في ترجمة الشفهيني: (والمرجح أنه منسوب إلى (شيفيا) أو (شافيا) وهي قرية على سبعة فراسخ من واسط ذكرها ياقوت في معجمه، والنسبة إليها (الشيفياني) أو (الشافياني) وإنما حرفت من الرواة والنسبة إليها شافيني وشفهيني وما شاكل ذلك.

ولما ابتدأ الخراب في واسط وما جاورها من القرى والضواحي على أثر سقوط الدولة العباسية وغارات التتار على البلاد هاجر المترجم إلى الحلة، لكونها في ذلك العهد محط رجال العلم والأدباء، ويؤكد ذلك حنينه في بعض قصائده إلى بلد كان قد نشأ فيه واستوطنه قبل الحلة). (11)

وقد ذكر ياقوت الحموي هذه البلدة فقال: (شيفيا ويقال شافيا قرية على سبعة فراسخ من واسط وقد نسب إليها جماعة) (12)

وهذا يعني أن الشفهيني ولد في حدود واسط. وانتقل إلى الحلة ولم يفارقها حتى وفاته كما يدل على ذلك قوله:

مولاي دونكها بكراً منقّحةً     ما جاورت غير مغنى (حلّة) بلدا (13)

ما قيل فيه:

قال عنه الشيخ الأميني: (عالم فاضل، وأديب كامل، وقد جمع بين الفضيلتين علم غزير وأدب بارع بفكر نابغ، ونظر صائب، ونبوغ ظاهر، وفضل باهر). (14)

وقال عنه السيد نور الله التستري الحسيني: (كان من فضلاء الشعراء المتأخرين وله في مدح أهل البيت (عليهم السلام) قصائد كثيرة وقد شرح الشيخ الأجل الشهيد أبو عبد الله محمد بن مكي قدس الله روحه واحدة منها في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) فلما اطلع الناظم على هذا الشرح ورأى اعتناء الشهيد بقصيدته مدح الشهيد بعشرة أبيات أظهر فيها الافتخار والتشكر على ذلك) (15)

وقال عنه الشيخ علي كاشف الغطاء: (كان عالماً محققاً فاضلاً مدققاً، وشاعراً مفلقاً..) (16)

وقال عنه الشيخ محمد السماوي: (من شعراء أهل البيت عليهم السلام، وقصائده الرنانة السائرة الطافحة بالحجاج، الزاهية بالرقائق، المشحونة بالدقائق، المتبلجة بالمحسنات البديعية على جزالة في اللفظ، وحصافة في المعنى، ومتانة في الأسلوب، وقوة في المبنى، ورصانة في النضد، ورشاقة في النظيم في مدائح أمير المؤمنين ومراثي ولده الإمام السبط أعدل شاهد لعبقريته، وتقدمه في محاسن الشعر، وثباته على نواميس المذهب، واقتفائه أثر أئمة دينه عليهم السلام) (17)

وقال عنه الدكتور سعد الحداد: (كان عالماً فاضلاً وتقياً ناسكاً وأديباً كاملاً وشاعراً اختص شعره بأهل البيت (عليهم السلام) ومن ألمع رجالات القرن الثامن الهجري) (18)

شعره

عرف الشفهيني بطول نفسه الشعري وجودته وقد رُوي إن له ديواناً كبيراً لكنه فُقد وبقي من شعره مطولاته وبعض القصائد قال عنها السيد الأمين (له قصائد متعددة في مدح أمير المؤمنين ورثاء ولده الحسين (عليه السلام) وجدنا له من ذلك ثمان قصائد في مجموعة كتبت سنة 1172 بخط الشيخ محمد حسين ابن الشيخ محمد رضا ابن الشيخ عبد الحسين ابن الشيخ ناصر الكاظمي ووجدنا بعضها في مخطوط قديم أيضاً بعضها يبلغ 187 بيتاً وبعضها 176 وبعضها 157 وبعضها 120 وبعضها 124 وبعضها 105 وبعضها 56) (19)

يقول من قصيدته (الأولى) في أهل البيت (عليه السلام) وتبلغ (120) بيتاً وقد قدمناها:

أولاكِ حـبَّ مــحــمـدٍ ووصـيِّــه     خــيــرِ الأنـامِ فـنـعـمَ ما أولاكِ

فهما لعمركِ علّماكِ الدينَ في الـ     أولى وفي الأخرى هما عَلماكِ

وهـمـا أمـانـكِ يـومَ بعثكِ في غدٍ     وهما إذا انقطعَ الرجاءُ رجاكِ

وإذا وقفتِ عـلى الصراطِ تبادرا     فـتـقدّمـاكِ فـلـم تـزلْ قــدمــاكِ

وإذا انتهيتِ إلى الجـنـانِ تـلـقّـيـا     كِ وبـشّـراكِ بـهـا فيا بُـشـراكِ

هذا رسولُ اللهِ حسـبُـكِ فـي غــدٍ     يـومَ الحسابِ إذا الخليلُ جفاكِ

ووصـيُّه الـهـادي أبو حـسـنٍ إذا     أقـبـلـتِ ظـامـيـةً إلـيـهِ سـقـاكِ

ومنها:

يا أمّـة نـقـضتْ عـهــودَ نـبـيِّـهـا     أفمنْ إلى نقضِ الــعـهــودِ دعاكِ

وصَّـاكِ خـيـراً بالوصـيِّ كأنّـمـا     مـتـعـمِّـداً فـي بـــغضـه وصّاكِ!

أو لـمْ يـقـلْ فـيـه الـنــبـيُّ مـبـلّغاً     هـذا عـلـيُّـكِ فــي الـعلى أعلاكِ؟

وأمينُ وحي اللهِ بعـدي وهـو في     إدراكِ كـلِّ قــــضـــيـــــةٍ أدراكِ

والمؤثرُ المتـصـدِّقُ الوهــابُ إذ     ألـهـاكِ فـي دنـيـاكِ جــمــعُ لهاكِ

إيَّـاكِ أن تـتـــقــدّمـــــيــــهِ فـإنّـه     فــي حكـمِ كـلِّ قـضـيّةٍ أقـضــاكِ

فـأطـعـتِ لـكـنْ بـاللسانِ مـخافةً     مـن بـأسِـه والـغـدرُ حشـوُ حشاكِ

حـتـى إذا قُبضَ النبيُّ ولم يـطـلْ     يـومـاً مـداكِ لـه سـنــنـتِ مُــداكِ

وعدلتِ عـنـه إلى سواهُ ضلالـةً      ومـددتِ جـهلاً في خطاكِ خطاكِ

وزويتِ بضعةَ أحمدٍ عن إرثِـها     ولـبـعـلِـهـا إذ ذاكَ طـــــــالَ أذاكِ

يا بضعة الهادي النبيِّ وحقِّ مَنْ     أسـمـاكِ حـيـن تـقـدّسـتْ أسـمـاكِ

لا فـازَ مـن نـارِ الـجـحـيمِ معاندٌ     عـن إرثِ والـدكِ الــنــبـيِّ زواكِ

ومنها في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

يا عينُ إن سُفحتْ دموعُكِ فلـيـكنْ      أسفاً على سبطِ الرسولِ بكاكِ

وابكي القتيلَ المستضامَ ومَن بكتْ      لمصابِهِ الأمـلاكُ في الأفـلاكِ

أقسمتُ يـا نـفـسَ الـحـسـيـنِ ألـيّـة     بجميلِ حسنِ بـلاكِ عـند بلاكِ

لو أنَّ جدَّكِ فـي الـطـفوفِ مشاهدٌ     وعـلـى الـتـرابِ تـريبةٌ خدّاكِ

مـا كان يؤثرُ أن يرى حرَّ الصفا      يوماً وطاكِ ولا الخـيولُ تطاكِ

وقال من (الثانية) وتبلغ (110) أبيات:

وما أنسَ لا أنسى الـحـسينَ مجاهداً     بـنفسٍ خلتْ من خلّـها وعـشــيـرِها

يـصـولُ إذا زرقُ الـنصولِ تأوَّهتْ     لنزعِ قنيٍّ أعجمتْ مـن صـريـرِهـا

ترى الخيلَ في أقدامِها منه ما ترى     مـحـاذرةً إن أمَّـهـا مــن هـصورِها

فـتـصـرفُ عـن بـأسٍ مـخـافةَ بأسِهِ     كما جفلتْ كدرُ القطا من صقورِها

يـفـلّـق هـامـاتِ الـكـمــاةِ حــسـامُـه     لـه بـدلاً مـن جـــفــنِـهـا وجـفـيـرِها

فـلا فـــرقـــة إلا وأوســــعَ ســيـفَـه     بها فرقـاً أو فـرقـة مـن نـــفــورِهـا

أجـدّكَ هل سمرُ العواسلِ تُـجـتــنى     لـكـمْ عـسـلاً مـسـتعذباً من مريرِها؟

أم اسـتـنـكـرتْ أنسُ الحياةِ نـفاسـةً     نفوسـكُمُ فاسـتـبـدلـتْ أنـسَ حـورِها؟

ومنها:

بدورٌ بأرضِ الطفِّ طافَ بها الردى     فأهبطها من جوِّها في قـبـورِها

كواسرُ عـقـبـانٍ عـلـيـهـا تـعـاقــبــتْ     بغاثٌ بغاةٌ إذ نأتْ عن وكـورِها

قـضـتْ عـطـشـاً والماءُ طامٍ فلم تجدْ     لـهـا مـنـهـلاً إلا دمـاءَ نـحورِها

عـراةٌ عـراهـا وحــشــة فـــأذاقـــهـا     وقـد رميتْ بالهجرِ حرَّ هجيرِها

ينوحُ عليها الوحشُ من طولِ وحشةٍ     وتندبها الأصـداءُ عند بـكـورِهـا (20)

وقال من الثالثة وهي تبلغ (156) بيتاً:

بأبي القتيل ومَن بمصــرعِـه      ضعفَ الهدى وتضاعفَ الكفرُ

بأبي الـذي أكـفـانُـه نُسـجـتْ     مـن عـثـيـرٍ وحـنـوطـه عــفــرُ

ومُـغـسّـلاً بـدمِ الـوريــدِ فـلا     مــاءٌ أُعِـــدَّ لـه ولا سِــــــــــدرُ

بـدرٌ هـوى مـن سـعدِه فبكى     لـخـمــودِ نـورِ ضـيـائِـه البــدرُ

هوتِ الـنـسـورُ عليه عـاكفةً     وبـكـاهُ عـنـد طـلـوعِـه الـنـسـرُ

سلبت يدُ الـطـلـقـاءِ مـغـفـرَه     فـبـكى لـسـلـبِ الـمـغـفرِ الغـفرُ

وبـكـت مـلائكةُ السّـمـاءِ لـه     حـزنـاً ووجـهُ الأرضِ مـغـبَــرُّ

والدَّهرُ مـشـقوقُ الرداءِ ولا     عـجـبٌ يـشـقُّ رداءَه الــدهــــرُ

والـشـمـسُ نـاشـرةٌ ذوائـبَـها     وعـلـيـه لا يُـسـتــقـبـحُ الـنـشـرُ

بـرزتْ لـه فـي زيِّ ثـاكــلـةٍ     أثـيـابـهـا دمـويَّــــة حــــمــــــرُ

وبكتْ عليه المعصراتُ دمـاً     فـأديـمُ خــــدِّ الأرضِ مـحـمــرُّ (21)

ويقول من الرابعة وتبلغ (176) بيتاً وقدقدمناها:

فعليُّ نـفــسُ مـحـمــدٍ ووصـيُّه     وأمـيـنُـه وسواهُ مـأمـونٌ فــلا

وشـقـيقُ نبعتِه وخـيرُ من اقتفى     مـنهاجَه وبـه اقـتـدى وله تلا

مـولىً به قبلَ الـمــهـيـمـنُ آدمـاً     لـمّـا دعــا وبـه تــوسَّـلَ أوّلا

وبه اسـتـقرَّ الـفـلــكُ في طوفانِه     لـمّـا دعـا نـوحٌ به وتـوسَّــلا

وبه خبتْ نارُ الخليلِ وأصبحت      برداً وقد أذكت حريقاً مشعلا

ومنها:

يا علّةَ الأشياءِ والـسـبـبُ الـذي     معنى دقيق صـفـاتِـه لمْ يــعــقـلا

إلا لمنْ كـشـفَ الغطاءُ له ومن      شُقَّ الحجابُ مـجرّداً وتــوصُّــلا

يـكـفـيكَ فخراً أن ديـنَ مـحـمـدٍ     لولا كـمـالكَ نقـصَـه لن يكـــمَـلا

وفرائضُ الصـلواتِ لولا أنّـهـا      قُرنتْ بذكرِكَ فرضُها لن يــقـبلا

يا من إذا عـدّتْ مـنـاقـبُ غيرِهِ     رجحت مناقبه وكـان الأفـــضلا

إني لأعذرُ حاسديكَ على الذي      أولاكَ ربُّكَ ذو الـجـلالِ وفـضّلا

إن يحـسـدوكَ على علاكَ فإنّما      متسافلُ الدرجاتِ يحسدُ من علا

وقال من القصيدة (الخامسة) وتبلغ (130) بيتاً:

قـتـيـلٌ بـكـتْ حـزناً عـلـيــهِ سـماؤها     وصبّ لها دمعٌ عـلـيـه همولُ

وزلـزلـتِ الأرضُ الـبـســــيـط لفقدِهِ     وريـعَ لـه حـزنٌ بـها وسـهولُ

أأنـسـى حـسـيـنـاً لـلـسـهــــامِ رمـيّـةً     وخيلُ العدى بغياً عليهِ تجولُ؟

صـؤولٌ إذا كـرَّ الـكـمـــيُّ مــنـاجـزٌ     بـلـيـغٌ إذا فــاهَ الـبـلـيـغُ قـؤولُ

له من عليٍّ في الـخـطــوبِ شجاعة      ومــن أحـمـدٍ عند الخطابةِ قيلُ

إذا شمختْ في ذروةِ الــمجدِ هـاشـمٌ     فـعــمّـاهُ مـنـها جـعـفـرٌ وعقيلُ

كـفـاهُ عـلـوّاً فـي الــــبــــريـــةِ أنّـه     لأحمــدَ والطهرِ الـبتولِ سـليلُ

فـمـا كـلُّ جـدٍّ فــي الـرجـالِ مـحمدٌ     ولا كـلُّ أمٍّ فـي الـنـسـاءِ بـتولُ

حسينٌ أخو المـجدِ الـمنيفِ ومَن له     فخـارُ إذا عُـــدّ الـفـخـارُ أثـيـلُ

أرى الموتَ عذباً في لهاكَ وصابُه      لـغيـرِكَ مــكــروهُ المذاقِ وبيلُ

فـمـا مـرَّ ذو بـأسٍ إلـى مـرِّ بـأسِـهِ     عـلـى مـهــلٍ إلا وأنتَ عجـولُ

كأنَّ الأعادي حين صـلـتَ مـبارزاً      كـثـيبٌ ذرته الـريحُ وهوَ مهيلُ

ومـا نـهـلَ الـخـطيُّ منكَ ولا الظبا     ولا عـلّ إلا وهـوَ مـنـكَ عـليلُ (22)

وقال من القصيدة السادسة وتبلغ (125) بيتاً:

وبـدّلـوا قـولـهـمْ يـومَ الـغـديــرِ لـه      غدراً وما عدلوا فـي الحبِّ بل عدلوا

حتّى إذا فيهمُ الهادي البشيرُ قضى     ومـا تـهـيّـا لـه لـحــدٌ ولا غـســـــــلُ

مـالـوا إلـيـه سراعاً والوصيّ برز     ءِ الـمـصـطـفـى عـنـهـمُ لاهٍ ومُشتغلُ

وقـلّـدوهـا عـــتـــيـــقـاً لا أبـاً لـهـمُ     أنّـى تـسـودُ أسـودَ الـغـابـــةِ الـهُـمـلُ

وخاطـبـوهُ أمـيـرَ الـمـؤمنـيــنَ وقـد     تـيـقّـنـوا أنّـه فـي ذاكَ مُـنـتــحِــــــلُ

وأجـمـعـوا الأمرَ فيما بينهم وغوتْ      لـهـم أمـانـيّــهـمْ والـجـهـلُ والأمــلُ

أن يـحـرقـوا منزلَ الزهراءِ فاطمة      فـيـا لـه حـادثٌ مـسـتـصـعــبٌ جـللُ

بيتٌ به خـمـسـةٌ جـبـريـلُ سـادسهمْ      مـن غـيـر مـا سـبـبٍ بـالـنارِ يُشتعلُ

وأخـرجَ الـمرتضى من عقرِ منزلِه      بـيـن الأراذلِ مـحـتـفٌّ بــهـم وكــلُ

يـــا لـلـرجـالِ لـديـنٍ قــلّ نـاصــرُه     ودولـةٍ مـلـكـتْ أمـلاكـها الــســفــلُ (23)

ومنها في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

لولا الأولى نقضوا عهدَ الوصيِّ وما      جاءتْ به قدماً فـي ظلـمِـها الأولُ

لم يُـغـلِ قـومـاً عـلـى أبـنــاءِ حـيـدرةٍ     مـن الـمواردِ مـا تروى به الغـللُ

يا صاحَ طفْ بي إذا جـئـتَ الطفوفَ      على تلك المعالمَ والآثارِ يا رجـلُ

وابـكِ الـبدورَ التي في الــتـربِ آفـلـة     بعد الكمالِ تغشّـى نـورَها الظـللُ

يا آلَ أحـمـدَ يـا سـفـنُ الـنـجـاةِ ومَـن     عـلـيـهـمُ بـعدَ ربِّ الـعرشِ أتّــكـلُ

وحـقّـكـمْ مـا بـدا شـهرُ الـمـحـرَّمِ لـي     إلا ولـي نـاظرٌ بالـسـهـدِ مُـكـتحلُ

ولا اسـتـهلَّ بـنـا إلا اسـتـهـلَّ مِـنَ الـ     أجـفـانِ لـي مدمعٌ في الخدِّ مُنهملُ

حـزنـاً لـكـمْ ومـواسـاةً ولـيـسَ لـمـمـ     ـلـوكٍ بـدمـعٍ عـلـى مـلّاكـهِ بُـخـلُ

فإن يكن فـاتـكـمْ نـصـري فـلـي مـدحٌ     بـمـجـدِكـمْ أبـداً مـا عشتُ تتّصلُ

وقال من القصيدة السابعة وتبلغ (194) بيتاً:

إلا الذي جحدَ الوصيَّ وما حـكى      فـي فـضـلـهِ يـومَ الغديرِ محـمّدُ

إذ قـامَ يـصـدعُ خـاطـبـاً ويـمـيـنُه     بـيـمـيـنِه فـوقَ الـحـدائـجِ تُـعـقدُ

ويـقـولُ والأمـلاكُ مـحـدقــةٌ بــه     واللهُ مـــــطّـلـعٌ بـذلـكَ يـشـهــــدُ

مـن كـنـتُ مـــولاهُ فـهـذا حـيـدرٌ     مـولاهُ مـن دونِ الأنـامِ وســــيّدُ

يـا ربِّ والِ ولـيَّـه وأكـبـتْ مـعـا     ديـهِ وعـانـدْ مَـن لـحـيـدرَ يـعندُ

واللهِ مـا يـــهــــــــواهُ إلا مـؤمـنٌ     بـرٌّ ولا يــقــلـوهُ إلا مُـــلــــحِـدُ

كـونـوا لـه عـونـاً ولا تـتـخاذلوا      عن نصرِهِ واسـترشدوه تُرشدوا

قالوا: سمعنا ما تقولُ وما أتى الـ     ـروحُ الأمـيـنُ بـهِ عـلـيكَ يـؤكّدُ

هـذا عـلـيّ إمـامُـنـا وولـــيُّـــنـــا     وبـه إلـى نـهـجِ الـهدى نستـرشدُ

حـتـى إذا قُـبـضَ الـنـبيُّ ولم يكن      فـي لـحـدِه مـن بـعدِ غسلٍ يُلحدُ

خـانـوا مـواثـيـقَ الـنـبـيِّ وخالفوا     مـا قـالـه خـيـرُ الـبـريّـة أحـمـدُ (24)

ومنها في أهل البيت (عليهم السلام)

يا عينُ إن نفدتْ دموعُكِ فاسمحي      بـدمٍ ولـسـتُ أخـالُ دمـعكِ ينفدُ

أسفاً على آلِ الـرسولِ ومـن بـهـم      ركنُ الهدى شرفاً يُشادُ ويعضدُ

مـنـهـم قـتـيلٌ لا يـجـارُ ومن سُقي     سـمّـاً وآخـر عـن حـمـاهُ يُـشرّدُ

ضـاقـت بـلادُ اللهِ وهـي فـسـيـحـةٌ     بـهـمُ ولـيـس لـهـمْ بأرضٍ مقعدُ

مُـتـبـاعـدون لـهـم بـكـلِّ تـنـوفــــةٍ     مُـسـتـشـهـدٌ وبكلِّ أرضٍ مشهدُ

أبني المشاعرِ والـحـطـيمِ ومَن همُ      حججٌ بهم تـشـقـى الأنامُ وتسعدُ

أقسمتُ لا يـنـفـــكُّ حـزنـي دائـمـاً     بكمُ ونارُ حـشـاشـتـي لا تـخـمدُ

بـكـمُ يـمـيـناً لا جـرى في ناظري     حـزنـاً عـليكم غير دمعي مرود

يـفـنى الـزمـانُ وتـنـقـضـي أيـامُه     وعليَّ كم بـكـمُ الـحـزيـنُ المكمدُ

وقال في أمير المؤمنين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (56) بيتا:

يا روح أنــــــسٍ من اللهِ البدي بدا     وروحَ قدسٍ على العرشِ العليِّ بدا

يا علّةَ الخلقِ يا مَن لا يقارب خيـ     ـرَ المرســــــــــلينَ سواهُ مشبهٌ أبدا (25)

................................................................

1 ــ شعراء الحلة ج 4 ص 101 ــ 107 / أدب الطّف ج 4 ص 151 ــ 156 / الغدير ج ٦ ص ٣٧٨ ــ 383 / أعيان الشيعة ج ٨ صف ١٩٥

2 ــ شعراء الحلة ج 4 ص 113 ــ 120 / أدب الطّف ج 4 ص 168 ــ 176 / الغدير ج ٦ ص ٣٨٣ ــ 390 / أعيان الشيعة ج ٨ صف ١٩٢

3 ــ أعيان الشيعة ج ٨ ص ١٩١

4 ــ البابليات ج 1 ص 93

5 ــ نفس المصدر ص 95 / أدب الطف ج 4 ص 147 / ديوان القرن الثامن للكرباسي ص 65

6 ــ تزيين الأسواق ص 186

7 ــ البابليات ج 1 ص 94

8 ــ أعيان الشيعة ج 8 ص 191

9 ــ البابليات ج 1 ص 95

10 ــ نفس المصدر ص 96

11 ــ أدب الطف ج 4 ص 150

12 ــ معجم البلدان ج 5 ص 328

13 ــ أمل الآمل ج ٢ ص ١٩٠

14 ــ الغدير ج 6 ص 366

15 ــ أعيان الشيعة ج 8 ص 196

16 ــ الحصون المنيعة ج 2 ص 29

17 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 146

18 ــ الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 59

19 ــ أعيان الشيعة ج 8 ص 192

20 ــ شعراء الحلة ج 4 ص 96 ــ 101 / أدب الطّف ج 4 ص 156 ــ 161 / الغدير ج ٦ ص ٣٧٣ ــ 378 / أعيان الشيعة ج ٨ ص ١٩٦

21 ــ شعراء الحلة ج 4 ص 89 ــ 96 / أدب الطّف ج 4 ص 161 ــ 168 / الغدير ج ٦ ص ٣٦٦ ــ 373 / أعيان الشيعة ج ٨ ص ١٩٦ ــ 197

22 ــ شعراء الغري ج 4 ص 107 ــ 113 / أدب الطّف ج 4 ص 176 ــ 182 / الغدير ج ٦ ص ٣٩٥ ــ 401 / أعيان الشيعة ج ٨ ص ١٩٤ ــ 195

23 ــ شعراء الحلة ج 4 ص 120 ــ 126 / أدب الطّف ج 4 ص 182 ــ 188 / الغدير ج ٦ ص ٣٩٠ ــ 395 / أعيان الشيعة ج ٨ ص ١٩٦

24 ــ أعيان الشيعة ج ٨ ص ١٩٥ ــ 196 / شعراء الحلة ج 4 ص 82 ــ 88 / أدب الطّف ج 4 ص 188 ــ 196 / الغدير ج ٦ ص ٣٥٦ ــ 364

25 ــ شعراء الحلة ج 4 ص 88 ــ 89 / أمل الآمل ج ٢ ص ١٩٠ / الغدير ج ٦ ص ٣٦٤ / أعيان الشيعة ج ٨ ص ١٩٣

كما ترجم له:

أغا بزرك الطهراني / الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج 14 ص 13

السيد حيدر موسى الحسيني / مزارات الحلة الفيحاء ج 1 ص 291

الدكتور سعد الحداد / موسوعة أعلام الحلة ج 1 ص 169

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار