266 ــ عبد الرضا الصافي (1352 ــ 1409 هـ / 1933 ــ 1988 م)

عبد الرضا الصافي (1352 ــ 1409 هـ / 1933 ــ 1989 م)

قال من قصيدته (البديعية) في الإمام الحسين (عليه السلام) والتي تبلغ (220) بيتاً:

إن رمتَ سلعاً فسَلْ عن (كربلا) فلقد      أضحوا بكربِ البلا لا ربعِ ذي سلمِ

واسـتـشـعـرِ الـحزنَ فيما نابَ مُكتئباً      وامزجْ دموعَ الأسـى فـي ذكـرِهِ بدمِ

يـكـادُ يُـطـفـئ نـيـرانَ الـجـحــيـمِ إذا      أريـقَ قـطـرةُ دمــعٍ مــن مـــحــبِّهـمِ (1)

ومنها:

فـهـذه (كـربـلا) لـولا وقـائــعُــهـا      مـا قـامَ لـلدينِ إسـنادٌ على قدمِ

وادي الطفوفِ سلامُ اللهِ ذي النعمِ      عليكَ طـافتْ بكَ الأنواءُ بالديمِ

حـيـا رُبـاكَ الـحـيـا من كلِّ بارقةٍ      كثيرةِ الرعدِ والإبراقِ والسجمِ

الشاعر

الشيخ عبد الرضا بن علي بن محمد حسين الصافي، عالم وخطيب وشاعر، ولد في كربلاء وتلقى تعليمه في بداية عمره في المدارس الرسمية لكنه تركها وآثر عليها المدارس الدينية والعلوم الحوزوية، فدرس على يد علماء كربلاء الأفاضل أمثال: السيد ميرزا مهدي الشيرازي، والشيخ يوسف الخراساني، والسيد محسن الجلالي، والشيخ محمد علي الملقب بـ (سيبويه)، والشيخ محمد علي الشاهرودي وغيرهم من أعلام العلماء.

بعد إكمال دراسته أصبح أستاذاً في مدرسة الخطيب، والمدرسة الحسنية، والمدرسة الهندية، فكان يدرِّس علوم العربية والفقه والأصول، وعُرف ــ إضافة إلى العلم ــ بالتقوى والورع، فمنحه السيد المرجع الراحل محسن الحكيم (قدس سره) وكالة خطية يفتي من خلالها على أسئلة الناس، كما منحه هذه الوكالة السيد المرجع أبو القاسم الخوئي (قدس سره) وكان الصافي محل اعتمادهما وثقتهما.

كما كان الصافي يؤمّ المصلين في جامع العلقمي وجامع صالح عوز، ويقيم مجلساً للوعظ والارشاد، ويجيب على أسئلة الناس الدينية، ويعقد محفلاً لتعليم القرآن الكريم مع الشيخ عبد الحميد الحائري لتعليم القرآن وتلاوته. وبقي الصافي يرفد الساحة العلمية والأدبية حتى وفاته في كربلاء فدفن في الجامع الذي كان يؤم الناس به وهو جامع صالح عوز. (2)

وقد ذكر السيد سلمان هادي آل طعمة (أن الصافي استشهد من أجل الحق) (3)، فقد تمت تصفيته على يد أزلام النظام البعثي المجرم في الحملة التي قادها ضد رجال الدين وخطباء المنبر الحسيني.

وقد رثاه عدّة شعراء منهم: الشاعر محمد علي داعي الحق الذي قال من قصيدة:

دعـا الـداعـي فـلـبَّـيـتَ الــنـداءا      وجـسَّـدتَ الـشـهامةَ والوفاءَ

وأدَّيـتَ الـرسـالـةَ بــاجــتــهــادٍ      وكـنـتَ لـهـا بـلا نــدٍ كـفـــاءَ

أخـي عـبـد الـرضـا وأبـا عـلـيٍّ      بكيتُ بكَ الـرجـولةَ والـوفاءَ

فـقـدتُـكَ فـي زمـانٍ مُــدلــهــــمٍ      وفـقـدُكَ قـد أمـضَّ بـكـربلاءَ

وغـادرتَ الـحـيـاةَ وكـنتَ دوماً      تُـفـزُّ الـسـيـرَ لـلـعـليا اعتلاءَ

عرفتكَ في دروبِ الخيرِ تسعى      وللحقِّ الصِّراحِ سنىً مضاءَ (3)

كما رثاه وأرخ وفاته الشاعر عبد الستار محسن فقال:

قبرٌ به قد عُفتَ وهجُ      لكَ فـي بـنـي المختارِ نهجُ

يـبـقـى يـشـعُّ مُـخـلّداً      عـمـلاً به فـي الحشرِ تنجو

وبـهِ يـظـلُّ مُـؤرِّخــاً      (عبد الرضا مولاهُ يرجو) (5)

وقال عنه نجله الشيخ محمود الصافي: (كان دؤوباً على زيارة مواليه الأئمة الأطهار (عليهم السلام) مكثر الدعاء لإتباع أهل البيت (عليهم السلام) ومستمر المناجاة لربه، ومثالا أخذت به العديد من العلماء والخطباء كفضيلة الشيخ الراحل قارئ المقتل الشيخ عبد الزهراء الكعبي (رحمه الله) (6)

وقال عنه الباحث والإعلامي تيسير سعيد الأسدي: (من صفاته العلمية التي امتاز وعُرف بها الورع والصلاح والزهد والعبادة وحُسن الخلق والتواضع، وسلامة الذات وطهارة النفس، وهذا ما جعله قريب من الناس إذ كان يعيش آلامهم ومشاكلهم) (6)

مؤلفاته

للصافي عدة كتب مخطوطة ولكن للأسف لم يُطبع منه سوى كتاب واحد، وهذه الكتب هي تراث مهم نرجو أن يرى النور في قادم الأيام ومن مؤلفاته:

1 ــ بلاغة الإمام الحسن / يتضمَّن خطبه ورسائله وكلماته (عليه السلام) وقد طبع في مطبعة الغري في النجف الأشرف عام (1966). وهو الأثر الوحيد الذي طبع.

2 ــ الإسلام مع الطب الحديث / بجزأين

3 ــ الأخلاق النفيسة / بجزأين

4 ــ الثار في أحوال المختار

5 ــ المعاد أو غاية سير الإنسان

6 ــ حقيبة الجواهر أو كشكول الصافي

7 ــ المأساة العظمى في عالم الخلود

8 ــ ديوان شعر (7)

إضافة إلى مجموعة كبيرة من الرسائل والمواضيع والبحوث والمقالات المنشورة في الصحف والمجلات الكربلائية.

يمتلك الصافي شاعرية كبيرة ونَفَس طويل في مجاراة القصيدة والوصول إلى الغاية، وله قصائد مطوَّلة وتخاميس كثيرة لشعراء كبار من مختلف العصور، فقد خمَّس ميمية أبي فراس الحمداني الشافية، وتائية دعبل الخزاعي المشهورة، وميمية الفرزدق في الإمام زين العابدين (عليه السلام)، كما خمس قصائد في أهل البيت (عليهم السلام) لجمال الدين الخليعي، وكذلك قام بتخميس ألفية الشاعر الكبير عبد الحسين الحويزي (فريدة البيان) والتي تبلغ أكثر من ألف بيت وسماها: (بديعة الجمان في تخميس فريدة البيان). (8)

قال السيد سلمان آل طعمة عن شعره: (عُرف الشاعر بموهبته المبدعة وعطائه الغزير الذي لا يقف عند حد، فوصل إلينا من شعره مجموعة ضخمة لم تزل مخطوطة تنتظر يد النشر والظهور إلى حيز النور.

ولو ألقيت نظرة فاحصة إلى شعره للمست المتانة والسبك والجمال والدقة في المعنى، فشعره يرقى إلى مستوى الشعراء المبدعين، وقد حافظ على مقومات الشعر العربي وأصوله وكان هدفه الرئيس في حياته تسخير طاقاته الشعرية لأهل البيت عليهم السلام كما نلمس ذلك في قصائده ...) (9)

وقال السيد صادق آل طعمة: (الصافي محافظ في الموضوعات والمشاعر والأفكار، استفاد بما اطلع عليه في عصره من أنماط الحياة الاجتماعية وآدابها وأفكارها على نطاق واسع، فاصطبغ بها عقله ووجدانه وذوقه..) (10)

وقال عبد العزيز البابطين: (المتاح من شعره يدل على قدرة شعرية واضحة، وهو صاحب صنعة فنية في التعبير عن ذاته، وفي شعره جدّة وطرافة ودعوة للاعتزاز بالسلف، في لغة طيّعة وعبارة سلسة قريبة المأخذ، وخياله طريف) (11)

قال الصافي من قصيدة (لولاك ما كان الوجود) وهي إلى النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) في يوم مبعثه الشريف:

وحـبـاكَ ربُّ الـعـالـمـيـنَ بنصرِهِ      إذ كـفَّ عـنـكَ الـهازئينَ دفاعا

وعدتْ عليكَ قريشُ حينَ دعوتَها      للـرشـدِ فامتنعتْ تجيبُ سماعا

وتـألّـبـتْ حـشـداً عـلـيـكَ بـكـيدِها      فكـفاكَ ربُّـكَ كـيـدَها والـبـاعـا

قد بتَّ في ثـورٍ وباتَ وصيُّـكَ الـ     ـفادي عليُّ في الفراشِ شُجاعا

وغـدا يـقـيـكَ بـنـفــسِـهِ لا وانـيـاً      عـن طـاعــةٍ وَجِـلاً ولا مُرتاعا

وغدوتَ ترفعُ للورى علمَ الهدى      يـومَ الغديرِ وكـانَ مـنـكَ وداعا (12)

وقال من قصيدة في أمير المؤمنين (عليه السلام) تبلغ (28) بيتاً:

خـضـعـتْ لعزةِ ذاتِـكَ الأملاكُ      وعلى وجودِكَ دارتِ الأفلاكُ

وعلى مُـحـيَّاكَ الجلالةُ أشرقتْ      بـمـهـابـةٍ خشعتْ لها الأملاكُ

نسجتْ برودَ الحمدِ فوقَ كمالِهِ      وجمالِه بـحُـلـى الـمـديحِ يُحاكُ (13)

وللصافي ملحمة شعرية في أمير المؤمنين (عليه السلام) تبلغ (280) بيتاً سمَّاها (يا أيها النبأ العظيم) مطلعها:

كمْ فيكَ قاسيتُ الشقاءَ طريدا      وجعلتُ حظي من لقاكَ سعيدا (14)

وله في مولد حجة الله في أرضه الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) عدة قصائد يقول من إحداها:

يـا حـجَّـة الـرحـمـنِ قـد طـالَ الـمـدى      فـي الانـتظارِ متى ترومُ قياما

تـرضـى بـنـا أن الـعـدوَّ يـسـومُــنــــا      سـوءَ الـعـذابِ بـجورِه إرغاما

ونـمـيـرُ عـذبِـكَ لـلـقـلـوبِ مـنــاهــلٌ      يـشـفـي الغـليلَ ويـدفعُ الأسقاما

فمتى نرى الشمسَ الـمنيرةَ أسـفـرتْ      عن صبحِ ليلِ الانـتـظـارِ لِـثاما

ومتى نرى الشمسَ الـمـنـيرةَ قد بدتْ     بـضـيـائِـهـا عمَّ الوجودَ سـلاما

ومـتـى نـرى الـعـدلَ اسـتـقـامَ بركنِهِ      واسـتـلَّ من كفِّ الولاةِ زِمـامـا

ومتى نراكَ وقد ملأتَ العـدلَ في الـ     ـدنـيـا وأسـقـيـتَ الـعـداةَ حِـماما

ومـتـى نـراكَ وقد نشرتَ الحكمَ فـي     أقـطـارِهـا واخضرَّتِ الآجـامـا

ومـتـى نـراكَ وقـد أقـمـتَ حــــدودَه      ونقضتَ حكمَ الجائرينَ ضراما

ونـهـضـتَ بـالـديـنِ الـحنيفِ مـحكَّمَا      وأذقـتَ أعـداكَ الـعـقـابَ عقاما (15)

ويقول من أخرى في مولده الشريف (عليه السلام) أيضاً:

شـمسُ الوقارِ وهـيـبـةُ الـرحـمـنِ      ظهرتْ بيومِ النصفِ من شعبانِ

نـورٌ تـلألأ عـنـدَ غـرَّةِ فــجــــرِهِ     فـأنـارَ مـنـه مـعـالــمَ الأديـــــانِ

والبدرُ أشرقَ لامعاً فجلا عن الـ     ـفـكـرِ الـعـلـيـلِ غياهبَ العرفانِ (16)

البديعية

قال السيد سلمان طعمة عنها: (وقد خلف بديعية في مدح الإمام الحسين عليه السلام عدتها (220) بيتا وجعل كل بيت مثالا شاهدا لنوع بيتها، ننشها بكاملها، وهي تمثل جمال أدبه خير تمثيل وتكشف هذه البديعية وأمثالها عن روح العصر، وفيها يلمس القارئ التصوير البارع والعاطفة المتأججة وحسن اللفظ وانسجام القريحة والاعتماد الكبير على البديع ...) (17)

وهذه البديعية هي على وزن واحد وقافية واحدة وكما احتوت على أنواع البديع فقد احتوت على الوعظ والارشاد والحكمة إضافة إلى مدح ورثاء سيد الشهداء (عليه السلام) يقول في مطلعها:

يا قاصدَّ الطفِّ طُفْ في روضةِ الحرمِ      واحرمْ كإحرامِ من قد حـلَّ في الحرمِ

فـتـلـكَ روضـةُ قـدسٍ قـدِّســتْ شــرفــاً      ثوى بـهـا سـبـطُ طـهَ ســـيــدِّ الأمــمِ

وقُـلْ لـسـاكـنِـهـا هـلْ رحــمــةٌ لــشـــجٍ      صبٍّ رماهُ الهوى في غـمرةِ الرحـمِ

مـتـيَّــمٌ حـشـوَ أحــشــاهُ لــظـــى مــقـةٍ      أودى به الودُّ في ضحضاحِها الحممِ

ومنها في تصرم العمر وزواله:

مالي ألامُ عـلـى ضيفٍ ألمَّ بنا      قسراً بشِعبٍ على الفودينِ بالضرمِ

فسرعةُ الفلكِ الدوَّارِ في عملٍ     تـطـوي لـيـاليَ أعماري على هرمِ

وهلْ يعودُ شبابٌ بعدما ذهبتْ      أيامُه ويروقُ الـشـيـبُ فـي الـقــممِ

وقـد كـسـتني يدُ الأيامِ بردتَها      فلم أجـدْ صـحَّـةً تُـرجـى مــع الألمِ

ومنها في الوعظ والتمسك بالدين:

فخلِّ عنكَ الهوى واعمدْ إلى عملٍ      ينجيكَ من هولِ ما تخشاهُ والتزمِ

عـلـيـكَ بـالـدينِ والتقوى تفزْ بهما      فـطـاعـةُ اللهِ ركـنٌ غـيـرُ مـنـهدمِ

وخُذ من الـعـيـشِ مـا يُكفيكَ بغيته      فـنـعـمـةُ الـعـيـشِ تـبليها يدُ السقمِ

لا تـغـترِرْ بنعيمِ الدهرِ مُـبـتـهـجـاً     فالدهرُ ذو غيرٍ يـرمـيــكَ بـالسهمِ

أتـحـسـبُ الوهمَ علماً دونَ معرفةٍ      هيهاتَ ليسَ يـقـاسُ الـنورُ بالظلمِ

ومنها في الزهد والاعراض عن لذائذ الدنيا:

زَويـتُ عـن لـذّةِ الـدنـيـا ورغبتِها      نـفـسـي فـلـم أكترثْ بالمالِ والحشمِ

غيري مُكبٌّ على الدنيا ومحتطبٌ      حطامَها من دياجي الحرصِ والنهمِ

تـلـكَ الـحـيـاةُ سرابٌ صفوُها كدرٌ      يـغـتـرُّ فـيـهـا جـهـولٌ فـاقـدُ الـفـهمِ

ومنها في التحلّي بالأخلاق والفضيلة والصفات الحميدة:

حسبي من النفسِ أن أجني فضائلها      وارتـدي حـلّـةَ الأخـلاقِ والـكـرمِ

إنَّ الـفـضـائـلَ تـسـمو بالنفوسِ عُلا      لو أشرقتْ بالسجايا الغرِّ والشـيـمِ

إذا هـيَ انـطـلـقـتْ طـاقـاتُـها ملأت      دنيا الوجودِ ضياءً وهيَ في الظلمِ

فـقـدْ رحـلـتُ بـأكـنـافِ التقى كرماً      ومـا رحـلـتُ عـن الغاياتِ والهممِ

وقـد مـددتُ يـدي فـي كـلِّ صالحةٍ      أدعـى إلـيـهـا وتسعى للعلى قدمي

ثم يعرِّج على مدح الإمام الحسين (عليه السلام) فيقول:

فـمَـنْ يـفـوهُ بـمدحِ السبطِ مـنـطـلـقـاً      يـفـوحُ طـيـبَ ثـنـاءِ الحمدِ نطقُ فمي

الـمـاجـدُ الـفـذّ مـن أرسـتْ مكارمُه      على ربى المجدِ في أعلى ذرى القممِ

مـهـدُ الأمـانِ ومعوانُ الأنامِ ومصـ     ـباحُ الـظـلامِ يُـجـلّـي حـالـكَ الـظـلـمِ

غيثُ المغيثِ وغُوث المستغيثِ إذا      تـدفّـقـــتْ بــالـرزايـا مـوجــــةُ الأزمِ

حـلّالُ مـشـكـلـةٍ كـشّـافُ مـعـضـلةٍ      فـكّـاكُ أغـلالِ ذي الأوزارِ والـلــمـمِ

ولّاجُ مـلـحـمـةٍ فـرَّاجُ مـظـلــمـــــةٍ      روَّاجُ مـكـرمـةٍ سـاعٍ إلــى الــكــرمِ

هـبَّـتْ مـواهـبُـه فـانـبـثّ نـائـلــهـا      عـلـى الـخـصـاصـةِ والإملاقِ والعدمِ

ومنها في مدح أهل البيت (عليهم السلام):

مِن معشرٍ خلدَ الذكرُ الجميلُ لهم      مـجـداً على كاهـلِ الـجـوزاءِ لـم يـرمِ

غُرُّ الـفـعـالِ متى عُدّت فضائلهم      (تـنـاهـبـوا الـفضلَ دونَ الناسِ كلّهم)

وهـلْ أتـى لـسـواهمْ قط ما نزلت      في مدحِهم هل أتى والطور في القسمِ

لم يسألِ اللهُ أجـراً عـن رسـالـتـه      سـوى الـمـودَّةِ في القربى وفي الرحمِ

فـهـمْ سـفـيـنةُ نوحٍ من بها علقتْ      يـداهُ يـنـجـو مـن الأهـوالِ والـشـجــمِ

ثم يعود إلى مدح الإمام الحسين (عليه السلام):

كـم بـيـنَ مـن شـيَّدَ الإسلامَ موقفُه      وبـيـن مـن نـالَ بالإسلامِ حقنَ دمِ

من لاذَ في مهدِه العاصي فنالَ بهِ      عفواً كمنْ لاذَ بالطاغوتِ والصنمِ

وجودُه شعَّ في الآفـاقِ نـورَ هدى      وجودُه في الـبـرايـا فـاضَ بـالنعمِ

ومنها في عزمه وهمته وإبائه (عليه السلام) ورفضه بيعة البغي والضلال وخروجه على الظالمين:

شـكـى إلـيـه الـضـنـى ديـنُ الهدى فغدا      لـه طـبـيـبـاً يـداوي عـلّــة الـســقــمِ

فـلـمْ يـجـد لـشــــفـاهُ دون أن يـــرِدَ الـ     ـردى ومـوردُه طـامـي الـبــلا يــهـمِ

تـحـفُّـه مـن بـنـي عـدنانَ كــوكــبـــــةٌ      مـثـل الـكـواكبِ تحمي موكبَ الحرمِ

قد ساوموا في الوغى العمرَ النفيسَ له      وأرخـصـوا دونـه غـالـي نـفـوسِـهـمِ

مـا هـاجـنـي غـيـر ركبٍ بالعرا نزلوا      عن ربعِ سلمى عدوا سَلْ ما عدا بهمِ

مـواكـبٌ بـيـتُـهـا زهـرُ الـكـواكبِ من      أبـنـاءِ فـخـرِ الـمـلا مـن هـاشمِ الشهمِ

بـهـا مـعـالـمُ ديـنٍ أشــرقـتْ حُــجـجـاً      يـنـجـابُ عـنـهـا ظلامُ الريبِ والوهمِ

فـكـمْ بـدورٌ بـهـا نـالـتْ خسوفَ ردى      فـأشـرقـتْ فـي سـمـاءِ الـمجدِ بالعظمِ

غدتْ لحربِ العدى محرابَ مرهفِـها      صـلّـتْ عـلـيـهـا مـواضـيها ولم تصمِ

ومنها في شجاعته (عليه السلام):

وهلْ أتاكَ حديثُ الطفِّ إذْ كسفتْ      شمسُ الهدى وغشاها حندسُ الظـلـمِ

خطبٌ ألمَّ عـلـى الإسلامِ فانتُهكتْ      بـهِ مـحــارمُ ديـنِ اللهِ فـــي الــحــرمِ

أقامَ دونَ نـصيرٍ في الوغى فوفى      حـقَّ الإبـا بـصـمـودٍ راســخِ الــقـدمِ

بـكـفِّـهِ صـارمُ الأعـمـارِ يـرسِـلـه      عـلـى الـجـمـاجـمِ والأعـنـاقِ بالـنـقمِ

ماضٍ لماضٍ يجلّي النقعَ جـوهرُه      ويـرتـدي حـلّـةً حـمـراءَ كــالـــعـنـمِ

يجتازُ عبرَ رقابِ الشركِ صارمُه      فـسـالَ مـن مـهـجِ الأعـداءِ بـالـعـرمِ

إذا استطارَ سحابُ النقعِ في رهجٍ      طارتْ قلوبُ الأعادي من صدورهمِ

ومنها في استشهاده (عليه السلام) وما أعطاه الله من الكرامة والمنزلة الرفيعة:

مضى شهيداً على نهجِ الهدى فقضى      بـيـن الـقنا وسيوفِ الهندِ والرجمِ

فنهضةُ الـسـبـطِ أحـيـتْ لـلـهدى سُنَنَاً      تدومُ للحشرِ في طولِ المدى ولمِ

للهِ تــربـتُـه كـمْ عــلــةٍ شــفـيــــــــتْ      بــهـا وكـم أطفئتْ من جذوةِ الألمِ

هـيَ الـــدواءُ لــــــــداءٍ لا دواءَ لـــه      تقضي على عِللِ الأوجاعِ والسقمِ

ويختمها بقوله:

حـيـا الـحـيا جدثاً ضمَّتكَ تربته      (قمينة لطفتْ من بارئِ النسمِ)

تُتلى عليكَ صلاةُ الله ما طلعتْ      شمسُ النهارِ وآبَ الليلُ بالظلمِ (18)

وله قصيدة في أهل البيت تبلغ (16) بيتاً يقول فيها:

شربتُ حبَّ الولا من ثدي والدةٍ     كانتْ على طاعةِ الرحمنِ منتهضه

فــــــــأنتَجَ الحبُّ إيماناً بمَن لهمُ     عـــــــــليَّ طاعتَه في اللهِ مفترضه

آلُ النبــــــيِّ فهمْ فلكُ النجاةِ بهمْ     أنجو إذا ظــــلّتِ الأهواءُ معترضه (19)

.................................................

1 ــ شعراء كربلاء ج 3 ص 17 ــ 44

2 ــ نفس المصدر ص 14 ــ 15

3 ــ نفس المصدر ص 56

4 ــ نفس المصدر ص 57

5 ــ نفس المصدر ص 56 ــ 57

6 ــ الشهيد الشيخ عبد الرضا الصافي علم انساني وخطيب حسيني قضى شهيداً بكربلاء / وكالة نون الخبرية بتاريخ 29 / 11 / 2011

7 ــ شعراء كربلاء ج 3 ص 56 / الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء ج 2 ص 97

8 ــ نفس المصدر ص 17

9 ــ نفس المصدر ص 15

10 ــ الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء ج 2 ص 98

11 ــ المعجم ص 3811

12 ــ شعراء كربلاء ج 3 ص 48 ــ 49

13 ــ نفس المصدر ص 49 ــ 50

14 ــ ذكر منها السيد سلمان آل طعمة في شعراء كربلاء ج 3 ص 44 ــ 45، 8 أبيات وأشار إلى عددها / كما ذكر منها السيد صادق آل طعمة في الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء ج 2 99 ــ 100 وأشار كذلك إلى عددها

15 ــ شعراء كربلاء ج 3 ص 47 ــ 48 / الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء ج 2 ص 100 ــ 101

16 ــ نفس المصدر ص 48

17 ــ نفس المصدر ص 17

18 ــ نفس المصدر ص 17 ــ 44

19 ــ الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء ج 2 ص 103 ــ 104

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار