233 ــ فضل الله الراوندي: (483 ــ 571 هـ / 1090 ــ 1175 م)

فضل الله الراوندي: (483 ــ 571 هـ / 1090 ــ 1175 م)

قال من قصيدة يمدح فيها عبيد الله بن الفضل بن محمود وكان قد عزم على الحج عام 523هـ فيذكره بزيارة مراقد الأئمة الأطهار عليهم السلام بعد مناسك الحج وزيارة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم تبلغ (36) بيتاً:

وزُرِ الـشـهيدَ بـ (كربلا)      ذاكَ الــذي أودى أوامـا

وبسرِّ من را الـعـسكريَّ      ونـجـلـه الـبـطلَ الغُلاما

فـهـوَ الـذي يـبـدو فـيــمـ     ـسحَ عن مفارقِنا القـتاما (1)

الشاعر

السيد أبو الرضا ضياء الدين، فضل الله الكاشاني الراوندي الحسني، من أعلام الإمامية الكبار وزعيم الطائفة في القرن السادس الهجري، ومن أفذاذ العلماء والفقهاء في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، ينتهي نسبه الشريف إلى البيت النبوي الطاهر فهو السيد الأجل:

فضل الله بن علي بن عبيد الله (الثالث) بن محمد بن عبيد الله (الثاني) بن محمد بن عبيد الله (الأول) بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسن بن جعفر بن الحسن المثنى، ابن الإمام الحسن المجتبى ابن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).

كما تنتمي أمّه إلى هذا النسب الشريف فهي السيدة الجليلة العلوية: فاطمة بنت الحسين بن محمد بن عبيد الله (الثالث)

ولد الراوندي في راوند وهي قرية كبيرة من قرى بلدة كاشان في طريق قم، وتُوفّي ودفن فيها وله قبر يُزار ويُتبرك به.

وكان جده عبيد الله (الثاني) وهو أول من انتقل من هذه الأسرة إلى راوند (2)

أسرته

نشأ الراوندي في أسرة علمية عريقة برز منها كثير من أعلام الفقه والعلم والأدب، وهناك كثير من الأسماء الكبيرة في تاريخ هذه الأسرة منهم:

أحمد بن عبيد الله (الأول) قتيل الديلم ببلدة همدان الذي كان من الفقهاء والمتكلمين والأدباء (3)

الحسين بن محمد بن عبيد الله الثالث

جد الأسرة السيد عبيد الله الثاني الذي كان أول من انتقل من هذه الأسرة إلى راوند، وكان فقيهاً شاعراً محدّثاً

السيد جعفر بن الحسن المثنى الذي كان سيداً عالماً جليلاً من خطباء بني هاشم.

أبو المحاسن أحمد بن عبد الله الحسني من أعمامه وكان من جهابذة العلماء والزهاد والكرماء، توفي سنة 524 ه‍، ورثاه ابن أخيه السيد فضل الله الراوندي بقصيدة، مطلعها:

أما والزرقِ تخطرُ وهيَ سمرُ      وبيضِ الهندِ تقطرُ وهيَ حمرُ

كما كان الراوندي حلقة وصل لهذه السلسلة العلمية فقد حل أولاده الثلاثة عز الدين علي، وتاج الدين محمد، وكمال الدين أحمد، محل أبيهم في المكانة العلمية فكانوا من كبار علماء الفقه وفحول الأدباء. (4)

كما برز من أحفاده أعلام العلماء (5)

يقول عنه السيد علي خان الحسيني المدني في ترجمة عز الدين علي ابن فضل الله الراوندي: (هو شبل ذلك الأسد، وسالك نهجه الأسدّ، والعلم ابن العلم ومن يشابه أبه فما ظلم، كان سيداً، عالماً، فاضلاً، فقيهاً، ثقة، أديباً، شاعراً، ألف وصنّف، وقرط بفوائده الأسماع وشنف، ونظم ونثر...) (6)

أما تاج الدين أحمد فكان عالماً وفقيهاً ومحدثاً وقد عُرف في عصره بلقب حجة الإسلام، ترجم له معاصره الشيخ منتجب الدين بن بابويه، وقال في حقه: (عالم، فاضل، قاضي قاشان). (7)

كما ترجم له معاصره أيضاً العماد الأصفهاني فقال: (كان شاباً يتوقّد ذكاءً، محبوب الشكل، عزيز المثل، غزير الفضل، طالما أنِسنا بفوائده، واقتبسنا من فرائده، وتجارينا في حلبة الأدب، وتجاذبنا أعنة الأرب، وأجلنا قداح الآراء، وجلونا أقداح الآلاء، وهو شريف الفطرة، كريم النشأة، لطيف العشرة، مُتّقد الفطنة، حلو الفكاهة، خلو من السفاهة) (8)

وقد جرى أولاده وأحفاده مجرى جدهم، يقول السيد محسن الأمين في ترجمة السيد فضل الله الراوندي: (وأولاده وأحفاده وأسباطه كلهم علماء أتقياء منهم: السيد أبو المحاسن أحمد بن فضل الله عالم فاضل قاضي كاشان، والسيد عز الدين أبو الحسن على بن ضياء الدين أبي الرضا فضل الله ..) (9)

شخصيته ومدرسته

حذا الراوندي حذو آبائه في منهاج العلم وسار على طريقتهم فأنشأ مدرسة علمية كبيرة في كاشان وكان يدرِّس فيها مختلف العلوم كالفقه والتفسير والحديث والرياضيات، كما لم تقتصر الخدمات التي تؤديها المدرسة على التعليم بل كانت مأوى للناس، يقول السيد علي خان المدني: (وله مدرسة عظيمة بكاشان ليس لها نظير على وجه الأرض، يسكنها من العلماء والفضلاء والزهاد والحجاج خلق كثير). (10)

وقد أقام العماد الأصفهاني الكاتب في صغره فترة في كاشان هو وأخوه فكتب عن تلك الفترة يقول: (وأقمنا سنة نتردد إلى المدرسة المجدية إلى المكتب، وكنت أرى هذا السيد ــ أعني أبا الرضا ــ وهو يعظ في المدرسة، والناس يقصدونه، ويردون إليه، ويستفيدون منه... (11)

وكان يقيم الجمعة والجماعات ب‍ (المدرسة المجدية) ويعظ بها الناس ويخطبهم في الجمعات ولياليها والأعياد وأيام مواليد الأئمة ووفياتهم وكان يفتي للمؤمنين ويراجعون في مسائل الحلال والحرام، وكان يقضي بينهم بالأيمان والبيّنات، سالكاً سبيل الدقة والحزم، عادلاً مستقيماً في هذا الشأن. يدرِّس لطلبة العلم في ضروبه من الفقه والكلام والحديث والتفسير والأدب وغيرها، يناظر مخالفي الشيعة ويفحمهم بالبراهين الساطعة، يحضر في حلقة الأدباء، ينشئ الشعر وينشد، وكثيراً ما كان حكماً يرجع إليه في جودة المنظومات وعدمها وكان داره محطاً لرحال الغرباء ومأوى للرحالة من أقطار العالم ويقصده أهل الفضل من كل فج عميق للاستفادة من أماليه ومروياته). (12)

أسفاره

كان الوضع السياسي في العصر الذي عاش فيه الراوندي عصراً مضطرباً كثرت فيه الفتن والانقلابات السياسية، وقد راح ضحية هذه الفتن كثير من العلماء منهم أستاذه الشيخ عبد الواحد بن إسماعيل الروياني الذي قتل سنة (502 هـ)‍، (13) مما حدا بالراوندي إلى كثرة السفر والتنقل، وكان في كل مدينة يصلها كان يدرس ويتعلم ويعلم ويجالس علماءها فزار مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والنجف الأشرف، وكربلاء، ومشهد الرضا عليه السلام، وقم المقدسة، وطهران، وقزوين، وآوه، وسبزوار، ودامغان، وشيراز وزنجان، وساوة، وأبهر، ونيسابور، وبغداد، والحلة وغيرها وحج وزار مشاهد الأئمة عليهم السلام ومراقدهم مرارا. وقد استفاد كثيراً من أسفاره واطلع على آراء العلماء وجالسهم وناقشهم. (14)

أساتذته

درس الراوندي عند كبار فقهاء الشيعة وأساطين العلماء والمحدثين الإمامية الثقات في عصره منهم:

1 - الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي: صاحب تفسير مجمع البيان

2 - الحسن ابن أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي المعروف بـ (المفيد الثاني).

3 - أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد التميمي الطبري الروياني

4 - والده السيد علي بن عبيد الله الثالث الحسني الراوندي.

5 - عبد الجبار بن عبد الله بن علي بن محمد بن الحسين الطوسي الرازي.

6 - عبد الرحيم بن أحمد بن محمد بن محمد بن الأخوة البغدادي الشيباني.

7 - محمد بن علي بن الحسن المقري الشجاعي.

8 - علي بن الحسين بن محمد الرازي.

9 - محمد بن أحمد النطنزي الكاشاني

10 - علي الدهخداه ابن نجيب الدين يحيى بن عبد الله بن محمد بن يحيى الراوندي.

11 - محمد بن علي بن الحسن المقري النيسابوري.

12 - محمد بن إسماعيل الحسيني المشهدي

13 - المرتضى بن الداعي بن القاسم الحسين الحسني الرازي

14 - الحسن بن محمد الحديقي

15 - السيد علي بن أبي طالب السليقي الآملي

16 - محمد بن علي بن المحسن الحلبي

17 - علي بن علي عبد الصمد التميمي النيسابوري السبزواري.

18 - الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد الرازي

19 - ذو الفقار بن محمد بن معبد بن الحسن بن أحمد، المعروف بـ بحمدان بن إسماعيل

20 - عبد الرحمان بن أحمد بن محمد بن شيدة السكري الأصفهاني.

21 - السيد صفي الدين محمد الموسوي الحلي.

22 - أبو عبد الله، الحسين بن عبد الملك الحلال الأصفهاني الأثري

23 - أبو عبد الله، النافع، الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الحارثي، ابن الدباس البغدادي الأديب المقري

24 - الحسين بن محمد بن عبد الوهاب البغدادي.

25 - محمد بن الفضل الفزاري الصاعدي النيسابوري.

26 - إسماعيل بن الفضل الأخشيدي الأصفهاني السراج

27 - أبو الفتح، محمد بن الحسن الكاتب.

28 - أبو الحسين، علي بن محمد بن عبد الرحيم بن دينار.

29 - أبو حرب، السيد المجتبى بن الداعي بن القاسم الحسني الرازي.

30 - محمد بن علي بن عبد الصمد التميمي السبزواري.

31 - أبو نصر، أحمد بن عمر بن محمد الأصفهاني الغاري

32 - الشيخ مكي بن أحمد بن المخلطي

33 - السيد نجم الدين، حمزة بن السيد أبي الأعز الحسيني، نقيب كربلاء.

34 - أبو عبد الله، جعفر بن محمد الدوريستي.

35 - عماد الدين، أبو محمد، الحسن بن محمد بن أحمد الأستر آبادي القاضي ببلدة الري.

36 - محمد بن عبد الله بن أحمد الأرغياني الأصفهاني.

37 - أبو القاسم، علي بن طلحة بن كردان النحوي، الشهير بالسخائي.

38 - أبو العباس، أحمد بن يحيى بن أحمد بن زيد بن ناقة المسلي الكوفي

39 - أبو عبد الله، الحسين بن المؤدب القمي.

40 - أبو القاسم، زاهر بن طاهر بن محمد النيسابوري الشحامي الشروطي المستملي

41 - السيد ظفر بن الحسين بن المظفر.

42 - أبو الفتح، محمد بن محمد ابن الجعفرية الحائري.

43 - أمين الدين، أبو القاسم، مرزبان بن الحسين بن محمد، ابن كميح.

44 - أبو جعفر، ابن الحسين بن محمد، ابن كميح، أخو أبي القاسم المتقدم.

45 - هبة الله بن دعويدار القمي.

46 - أبو السعادات، ابن الشجري، هبة الله بن علي الحسني البغدادي

47 - أبو الحسين النحوي. (15)

تلاميذه:

ودرس على يد الراوندي طائفة كبيرة من طلاب العلم الذين أصبحوا من أعلام العلماء أبرزهم:

1 - أبو عبد الله، منتجب الدين، علي بن عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن بابويه القمي الرازي

2 - أبو جعفر، محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني رشيد الدين السروي صاحب كتاب (مناقب آل أبي طالب عليهم السلام)

3 - أبو الفضل، محمد بن الحسن الجهرودي، والد العلامة الخواجة نصير الدين المحقق الطوسي، الفيلسوف الشهير وابن أخت نصير الدين عبد الله بن حمزة الطوسي، فإنه قد قرأ وروى عن السيد الراوندي كثيرا، وله رسائل في الكلام

4 - أبو سعد، السمعاني عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي، صاحب (الأنساب)

5 - تاج الدين أبو تراب، علي، ابن شيخ الطالبية في عصره السيد عبد الله مجد السادة ابن علي بن عبد الله بن أحمد بن حمزة الجعفري الزينبي القزويني.

6 - ناصر الدين، راشد بن إبراهيم بن إسحاق ابن محمد أبو إبراهيم البحراني

7 - نجم الدين، عبد الله بن جعفر الدوريستي.

8 - السيد المجتبى الجعفري القزويني

9 - برهان الدين، محمد بن محمد أبي عبد الله بن حمدويه القزويني المافي نزيل الري، الأديب، الفقيه، المحدث، المفسر.

10 - السيد محمد بن الحسن العلوي القاشاني.

11 - أبو علي، الحسن بن طارق بن الحسن التاجر الشاعر الأديب، المعروف بابن الوحش

12 - القاضي سديد الدين، أبو محمد، الحسن بن الحسين بن علي الدوريستي، نزيل كاشان.

13 - أفضل الدين، الحسن بن أبي عبد الله بن إبراهيم الخومجاني.

14 - أبو حفص، زيد بن علي بن محمد بن قشام الحلبي

15 - أبو علي، عبد الجبار بن الحسين بن أبي القاسم.

16 - نصير الدين، أبو طالب، عبد الله بن حمزة بن عبد الله بن حمزة بن الحسن بن علي الشارحي الطوسي.

17 - أبو نصر، علي بن أبي سعد بن الحسن بن أبي سعد الطبيب.

18 - عماد الدين، أبو الفرج، علي بن قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي.

19 - القاضي جمال الدين، علي بن عبد الجبار بن محمد الطوسي.

20 - زين الدين، أبو جعفر، محمد بن أبي نصير بن محمد بن علي القمي.

21 - السيد محمد بن عز الدين، أبي عبد الله، الحسين بن المنتهى، ابن الحسين الحسيني المرعشي.

22 - ناصر الدين، محمد بن الحسين الحمداني.

23 - القاضي فخر الدين، محمد بن خالد الحنفي الأبهري.

24 - قوام الدين، محمد بن محمد البحراني.

25 - تاج الدين، محمد بن محمد الشعيري.

26 - محمد بن الحسين بن الحسن البيهقي، المعروف بقطب الدين الكيذري (2) صاحب شرح نهج البلاغة، المسمى ب‍ (حدائق الحقائق).

27 - ابنه، السيد شمس الدين، محمد بن فضل الله الراوندي.

28 - ابنه، السيد عز الدين، علي بن فضل الله الراوندي.

29 - ابنه، السيد كمال الدين، أحمد بن فضل الله الراوندي. (16)

مؤلفاته

ترك الراوندي رصيدا ضخما من الآثار العلمية والأدبية منها:

1 - أدعية السر

2 - الأربعين في الأحاديث

3 - ترجمة العلوي للطب الرضوي

4 - الحاشية على أمالي المرتضى

5 - الحماسة ذات الحواشي: وهو شرحه على حماسة أبي تمام

6 - خبر مولانا القائم عليه السلام

7 - ديوان الراوندي: يبدو ان شعره مجموع في حياته، فكثير من قصائده أدرجها في كتابه (المدائح المجدية).

8 ــ رمل يبرين

9 - شرح نهج البلاغة

10 - ضوء الشهاب: هو شرح (شهاب الأخبار) للقاضي القضاعي

11 - قصص الأنبياء عليهم السلام: وقد يشتبه بقصص الأنبياء عليهم السلام للقطب الراوندي.

12 - قنوت موالينا الأئمة المعصومين عليهم السلام

13 - الكافي في التفسير

14 - المدائح المجدية

15 - مقاربة الطية إلى مقارنة النية.

16 - مناجاة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، المشهورة ب‍ (المناجاة الإلهيات)

17 - الموجز الكافي في علمي العروض والقوافي.

18 - نظم العروض للقلب المروض.

19 – النوادر (17)

قالوا فيه:

كثيرة هي أقوال أعلام العلماء بحق الراوندي دلت على شخصيته العظيمة بينهم ومكانته السامية في الأوساط العلمية نختار بعضها:

قال تلميذه منتجب الدين القمّي: (علّامة زمانه، جمع مع علوّ النسب كمال الفضل والحسب، وكان أستاذ أئمة عصره). (18)

وقال السيد علي خان المدني: (علّامة زمانه وعميد أقرانه، جمع إلى علوّ النسب كمال الفضل والحسب، وكان أستاذ أئمة عصره، ورئيس علماء دهره، له تصانيف تشهد بفضله وأدبه).  (19)

وقال الشيخ النوري الطبرسي: (هو من المشايخ العظام الذي تنتهي كثير من أسانيد الإجازات إليه… ويروي عن جماعة كثيرة من سدنة الدين وحملة الأخبار، وله تصانيف تشهد بفضله وأدبه، وجمعه بين موروث المجد ومكتسبه، ومنه انتشرت الأدعية الجليلة المعروفة بأدعية السرّ). (20)

وقال الشيخ عباس القمّي: (العالم العيلم والطود الأشم والبحر الخضم، معدن العلم ومحتده، ومصدر الفضل ومورده، علّامة زمانه وعميد أقرانه، فريد دهره، وأُستاذ أئمّة عصره). (21)

وقال السمعاني: (اني لما وصلت كاشان قصدت زيارة السيد أبي الرضا المذكور فلما انتهيت إلى داره وقفت على الباب هنيهة انتظر خروجه فرأيت مكتوبا على طراز الباب هذه الآية المشعرة بطهارته وتقواه انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا فلما اجتمعت به رأيت منه فوق ما كنت اسمع عنه وسمعت منه جملة من الأحاديث وكتبت عنه مقاطيع من شعره). (22)

ويقول العماد الكاتب الأصفهاني: (إن السيد فضل الله الراوندي شخصية قل نظيرها، وامتاز بالنسب الشريف والأخلاق العالية). (23).

ويقول العماد أيضا: (الشريف النسب، المنيف الأدب، الكريم السلف، القديم الشرف، العالم العامل، المفضل الفاضل، قبلة القبول، وعقلة العقول، ذو الأبهة والجمال، والبديهة والارتجال، الرائق اللفظ، الرائع الوعظ، متقن علوم الشرع، في الأصل والفرع، الحسن الخط والحظ، السعيد الجد، السديد الجد، له تصانيف كثيرة في الفنون والعيون، واعظ قد رزق قبول الخلق وفاضل أوتي سعة في الرزق، مقلي الكتابة، صابي الإصابة عميدي الاعتماد (1) في الرسائل، صاحبي العصمة (2) لأهل الفضائل...) (24)

وقال معاصره الشيخ عبد الجليل الرازي: (السيد الإمام ضياء الدين عديم النظير في البلاد في علمه وزهده). (25)

وقال بهاء الدين محمد بن حسن بن اسفنديار: (من كبار العلماء والأشراف في العراق... الخواجة الإمام، فقيه آل محمد، أبو الفضل الراوندي ...). (26)  

وقال محمد علي السهوري: (من فقهاء الأمة المقتصدة، الفرقة المهدية الموحدة، السيد العلامة الإمام ذو الشرفين المقتدى المقدام شيخ المحققين شمس الشرف، نجم العلى نجل علي الصفي البدر ذو ضوء الشهاب الثاقب، كنز المعالي صاحب المناقب مفخر راوند الشريف السيلقي، مجد الكرام ذو المكارم التقي ضياء دين الله سامي الجاه، أبو الرضا المفضال فضل الله عز الأعالي علم الآفاق، محيي الهدى في خامس الطباق ...) (27)

وقال الميرزا محمد باقر الموسوي الخوانساري: (هو من جملة أجلة السادات وأعاظم مشايخ الإجازات، وأفاضل المتحملين للروايات، وله مشيخة عظيمة تزيد على عشرين رجلاً كابراً من الشيعة الإمامية ....) (28) .

وقال السيد محسن الأمين: (كان فاضلاً جليلاً رئيساً أديباً شاعراً مصنّفاً له ديوان شعر) (29)

توفي السيد أبو الرضا الراوندي قدس سره في كاشان، وقبره بها في الزاوية الجنوبية من مقابر (پنجه شاه) في شمال المسجد الجامع القديم، ولا زالت مقبرته عامرة باسم، مقبرة السيد أبي الرضا، في شارع بابا أفضل، مطل على الشارع، في قلب البلد، ولا زال مزاراً لأهل البلد والواردين إليه، قال حبيب الله الكاشاني: (السيد فضل الله بن علي العلوي الحسني الكاشاني، المعروف بالسيد أبي الرضا، كان عالما فاضلاً، زاهداً، يحكى منه الكرامات، ومقبرته بكاشان معروفة، يزورها ذووا الحاجات (30)

شعره

كان الراوندي أديباً متضلعاً في الأدب، بليغاً متمكناً من البلاغة، شاعراً قوياً في النظم. (31)

قال في مدح الأئمة المعصومين (عليهم السلام):

بني الـزهـراءِ إنّكمُ الأئـمـة      وفـي أيـديـكـمُ مِنّا الأزمّة

أرادكمُ الحـسـودُ بكيدِ سوءٍ      فلا يكُ ما أرادَ عليهِ غُمّة

يريدُ ليطفِئ النورَ المصفّى      ويـأبـى اللهُ إلاّ أن يُــتـمَّـه (32)

وقال من قصيدة تبلغ (51) بيتاً في الملك الأصفهبذ علي بن قارن ومنها في مدح النبي وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين):

محمدُ خيرُ مبعوثٍ وأفـضـلُ مَـن      مشى على الأرضِ من حافٍ ومنتعلِ

مَن ديـنُـه نـسخَ الأديـانَ أجـمـعَها      ودور مــلّــتــه عـفّـا عـلــى الــمــلـلِ

ثـم الإمـامــة مـــهــداةٌ مــرتّــبــةٌ      مـن بـعـدِه لأمـيـرِ الـمؤمـنـيــنِ عـلي

من بعدِه ابناهُ وأبـنـا بنـتِ سـيـدِنا      مـحـمـدٍ ثـم زيــنُ الـعـابـــديــنَ يــلـي

والباقرُ العلمِ عن أسرارِ حكـمـتِهِ      والـصـادقُ الـبـرُّ لـم يـكـذبْ ولـم يحلِ

والكاظمُ الغيظ لم ينقضْ مريرته      ثـم الـرضـا سـيـدٌ لــم يـؤتَ مـن زلـلِ

ثـم الـتـقـيُّ فـتىً عافَ الأنامَ معاً      قـولاً وفــعـلاً فـلـم يـفــعــلْ ولــم يـقـلِ

ثم التقيُّ ابنه والـعـسـكـريُّ ومن      يُـطـهِّرُ الأرضَ من رجـسٍ ومن دخلِ

الـقـائـمُ الـحـقّ والـحاكي بطلعتِه      طـلـوعَ بـدرِ الـدجـى فـي دامسٍ طـفلِ

تنشقُّ ظلمة ظلمِ الأرضِ مِن قمرٍ     إشـــــــــــراقُ دولتِه يأتي على الدولِ (33)

وقال:

يـا ربِّ مـا لـي شـفـيـعُ يـوم مـنـقـلـبي     إلّا الـذيـنَ إليـهمْ يـنــتـهـي نـسـبـي

الـمـصـطـفـى وهـو جـدّي ثـم فـاطـمةٍ     أمّـي وشيـخي عليُّ الخيرِ فهو أبي

والـمـجـتـبـى الـحسـنُ الـميـمونُ غرَّته     ثـم الحـسـيـنُ أخـوه سـيِّـدَ الـعـربِ

ثـمّ ابـنـه ســـيــدُ الــعـــبَّــادِ قــاطــبــة     وبـاقـرُ الـعلمِ مكشوفٌ عن الحُجُبِ

والـصـادقُ الـبـرًّ فـي شـيءٍ يـفـوهُ بـه     والكاظمُ الغيظ في مستوقدِ الغضبِ

ثم الرضا المرتضى في الخلقِ سيرته     ثـم الـتـقـيُّ نـقـيـاً غـــيــر مـا كـذبِ

ثم الـنـقـيُّ ابــنــه والــعــسكـريُّ ومـا     لي فـي شفاعةِ غـيرِ القومِ من إربِ

ثـم الـذي يـمـلأ الـدنــيــا بأجــمــعِـهـا     عدلاً وقـسـطـاً بـإذنِ اللهِ عـن كـثبِ

وتـشـرقُ الأرضُ مـن لألاءِ غــرَّتِــهِ     كـالـبـدرِ يطلعُ من داجٍ من السـحبِ (34)

.....................................................................

1 ــ ديوان السيد الإمام ضياء الدين أبي الرضا فضل الله الحسيني الراوندي القاساني ــ عني بتصحيحه وطبعه السيد جلال الدين الأرموي / مطبعة مجلس ــ إيران 1374 هـ ص 11 ــ 12

2 ــ مقدمة كتاب النوادر للراوندي ــ تحقيق سعيد رضا على عسكري الناشر: دار الحديث المطبعة: دار الحديث الطبعة: الأولى 1377 قم دار الحديث ص 17 ــ 18 ترجمة المؤلف

3 ــ عمدة الطالب ص ١٨٥

4 ــ النوادر ص 43 ــ 44

5 ــ نفس المصدر ص 46 ــ 47

6 ــ الدرجات الرفيعة ص ٥١١

7 ــ بحار الأنوار ج ١٠٢ ص ٢١٠

8 ــ مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت ج ٣٥ ص ١٨٣ عن خريدة القصر وجريدة العصر / قسم شعراء إيران

9 ــ أعيان الشيعة ج ٨ ص ٤٠٨

10 ــ الدرجات الرفيعة ص 506

11 ــ النوادر ص ٣٧

12 ــ نفس المصدر ص 37 ــ 38

13 ــ نفس المصدر ص 42

14 ــ نفس المصدر ص 39

15 ــ نفس المصدر ص 18 ــ 24

16 ــ نفس المصدر ص 24 ــ 27

17 ــ نفس المصدر ص 27 ــ 31

18 ــ الفهرست ج 96 ص 334

19 ــ الدرجات الرفيعة ص 506

20 ــ مستدرك الوسائل ج 19 ص 174

21 ــ الفوائد الرضوية ص 354

22 ــ الأنساب ج ٤ ص 426

23 ــ خريدة القصر وجريدة أهل العصر / قسم شعراء إيران

24 ــ النوادر ص 33

25 ــ النقض 198

26 ــ تاريخ طبرستان ص 119

27 ــ النوادر ص 36

 28 ــ روضات الجنات ج ٥ ص ٣٦٥

29 ــ أعيان الشيعة ج ٨ ص ٤٠٨

30 ــ لباب الألقاب ص 64

31 ــ النوادر ص 28

32 ــ ديوانه ص 64 / أعيان الشيعة ج ٨ صفحة ٤١٠ وفيه البيت الأول:

ألا يا آلَ أحمدَ يا هداتي     لقد كنتم أئمة خيرَ أمة

33 ــ ديوانه ص 154 ــ 159 / النوادر ص 29 / مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 322 / أعيان الشيعة ج ٨ ص ٤١٠

34 ــ مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ٣٢٢ / النوادر ص 28 ــ 29 / أعيان الشيعة ج ٨ ص ٤١٠

كما ترجم للراوندي:

الحر العاملي / أمل الآمل ج 2 ص 217

عبد الله الأصفهاني / رياض العلماء ج 4 ص 364

ابن عنبة الحسني / عمدة الطالب ص 185

السيد الخوئي / معجم رجال الحديث ج 14 ص 339

إسماعيل البغدادي / هدية العارفين في أسماء المؤلفين وآثار المصنفين ص 821

محمد السماوي / الطليعة ج 2 ص 11

عباس القمي / الكنى والألقاب ج 2 ص 435

حسن الصدر / تكملة أمل الآمل ج 4 ص 230 رقم 1709

الزركلي / الأعلام ج 5 ص 152

المامقاني / تنقيح المقال رقم 9494

البروجردي / طرائف المقال ج 1 ص 112

ابن الأثير / اللباب ج 3 ص 7

لباب الألقاب: 64 معجم المؤلفين: 8 / 75

الحائري / منتهى المقال ص 242

السيد جلال الدين الأرموي / مقدمة ديوان الراوندي.

السيد عبد العزيز الطباطبائي / في رحاب نهج البلاغة ــ نهج البلاغة عبر القرون شروحه حسب التسلسل الزمني / مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت ج ٣٥ ص 161 ــ 188

كما أفرد له آية الله المرعشي النجفي كتاباً سمّاه: (لمعة النور والضيا في ترجمة السيد أبي الرضا) في (204) صفحة طبعت في طهران سنة 1383 ه‍ـ

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار