191 ــ خليل الحاج فيصل: ولد (1395 هـ / 1975 م)

خليل الحاج فيصل (ولد 1395 هـ / 1975 م)

قال من قصيدة (معناهُ يُشيِّدُ الصَّبر) وهي إلى الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)

كأنَّ الصخورَ السمر تاجٌ مرصَّعٌ      إلــى (كربلاءِ) اللهِ مدَّ ضريحَه

كأن له قربَ الحسيـــــــــنِ منارةً     وتقصدُ جدباءُ النفوسِ نضوحَه

ولو ضاقتِ الدنيا وضجَّتْ بأهلِها     لمـــا ضيَّقتْ كلُّ الهمومِ فسيحَه (1)

الشاعر

خليل بن عكار بن رسن الغريباوي، ولد في قضاء قلعة سكر في مدينة الناصرية وفيها أكمل دراسته الإعدادية وتخرج من جامعة الموصل / كلية الهندسة، له مشاركات في المهرجانات والمحافل الشعرية داخل مدينته وخارجها منها مهرجان المربد، والجواهري، وعالم الشعر.

فاز بجائزة مسابقة شعر المقاومة بدورتها الأولى في النجف الأشرف 2011، وجائزة الجود العالمية في نفس السنة.

شعره

قال من قصيدة (نور الله) وهي في النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)

بروضِكَ من مهــــجةٍ حامية     تلوذُ أفـــــــــــانينُها الذاوية

تُقبِّلُ كفّيــــــــــكَ كلُّ الورودِ     وتفرشُ أحلامُـها النــــامية

وترفعني رايةً للدعـــــــــــاءِ     فتنسلُّ قبليَ أشـجـــــــــانِيهْ

وتعلمُ أنّيَ مهــــــــــما كتمتْ     جراحي وهمِّـي وأحـزانيهْ

فؤادٌ تســــــــــرَّدَ مـن جانبيهِ      فأصبحَ كالخـرقــــةِ الباليةْ

وعمرٌ تبعثرُه في الـضيــــاع     رياحٌ دقــــــــــائقهُ العاتية

ويخبرهُ الموتُ ألّا شـــــراع      ســــينقذُه من لظى الهاوية

فأركبُ سفرَك كـــي أرتقيك     عظيماً وبعضُكَ أسرى بِيه

لألقاكَ فوقَ امتــدادِ العصورِ     تُحارُ بأوصـــــافِكَ القافية

ترى كيفَ تحمـــلكَ القافيات     وميمُ ابتدائِكَ أضنـــــــانيه

وكيف سيدركــــكَ العارفون      وتبلغُ عليــــــــاءكَ الدانية

بلى أنتَ نــــورُ الإلهِ القدير     خُلقتَ من الصفوةِ الصافية

فلا طالَ مجدكَ من مجَّدوك     ولا ساءكَ البــغي والباغية

همــــــــستَ لشامخةِ راسِية     فخرّتْ لبوحِ الســـما جاثية

وعلّمتَ جفنَ الردى أن ينام     لعينٍ على صبرِهــــا باكية

وكمْ كنتَ وحدكَ والخانعون     ذئابٌ على بعضِها ضارية

وكمْ كنتَ وحدكَ والأمـهات     بـــــــرتقِ أساريرِها لاهية

لموؤودةٍ لا يــــزالُ التراب      يضـــــجُّ بصرختِها الدانية

فمن ذا يصدّقُ أن الجبـــالْ      بكــــــــلِّ تفاصيلِها القاسية

تمدُّ لها كفُّ جــــــرحٍ يتيم     تحدَّرَ من ســـــــدرةٍ سامية

لتقلبَ طغيانَها والــــغرور      معينــــــــــــاً يقطرُ إنسانيه

وقال من قصيدة (ما تجهلُهُ الرياح) وهي في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):

نَزفَ السّؤالُ وفي السّؤالِ جـــــراحُ     أتُراكَ عن عرش القلوبِ تُـزاحُ؟!

أتُراكَ إن سَرَقوكَ مِنْ عينِ الـضُّحى     تــــــغفو وغيركَ ساطعٌ وضّـاحُ!

أنّى؟.. وأنتَ على صدورِ أراملِ الـ     ـدنيا إذا شـــــــحَّ الزمانُ.. وِشـاحُ

أنّى؟! وأنتَ ببابِ كــــــــــــــلِّ مُيَتَّمٍ     عطفٌ يَدُقّ ورأفــــــــــةٌ وسـماحُ

أنّى.. وأنـــــت أبو ترابٍ في الوغى     مجدٌ وسيفٌ في الكفــــاحِ وســاحُ

أوصـــــدتَ قلبَكَ مُذْ رمَوْكَ وراحوا     تشقى وأسرابُ الجـــرادِ.. تُــراحُ

تــــــطوي السنينَ بواذراً وحواصداً     وسيؤكلُ المحصولُ والــــــــفلّاحُ

مُذْ همهماتِ الصُّبحِ وحدكَ والطوى     والآنَ.. لَوّحَ للمساءِ جنـــــــــــاحُ

تمضي وبحـــرُ التيهِ.. خلفكَ صائحٌ     غُلِقَ المآبُ.. وضُيِّعَ المــــــــفتاحُ

يا أيُّها المدفــــــــــــونُ في حَسَراتِهِ     ما عادَ ليلُكَ يقتفيهِ صــــــــــــباحُ

زَرّرْ قميصَ الجُـــــرحِ واكتـمْ نَزفَهُ     سيُباحُ سِرُّكَ إن بكى وتُـــــــــباحُ 

ستظلُّ .. تحملُكَ السنيــنُ مُغيَّـبَ الـ     أبعادِ..!! تجــــهلُ شاطئيـكَ رياحُ

وتظلُ. تُكتبُ.. ما مَـــحوكَ فـيمّحي     أثَرٌ ويُكتبُ في السمـــــــا إيضاحُ

وتظلُّ.. تتلوكَ الـمروءةُ.. كُـــــــلّما     ضـــجَّ (الفقارُ).. وحاورتْهُ رماحُ

فلأنتَ.. قمحٌ يـــوسفيٌّ.. أسمرُ الـ     ــقَسَماتِ حتّى في (العجافِ) مُتاحُ

كَمْ فُحْتَ طيباً والعِــــــدا كمْ فاحـوا     فـــــوقفتَ طـوداً شامخاً إذْ طاحوا

ما زلتَ ريحَ الأقحوانِ ومـــــا يزا     لُ يغــــــــــــارُ من أنفاسِكَ القدّاحُ

ما زلتَ مذبوحَ الدواةِ ومن دمـــــا     كَ الحبرُ سيــــــلٌ والمدى إفصاحُ

ما زالَ (خمُّك) يا عليُّ يقولـــــها:     المجدُ مجدكَ أقبـــــــــلوا أم راحوا

وقال من قصيدة (ترتيلة الجرح) وهي في سيدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام)

إذا لمْ يكنْ يدري بأنّكِ واقــــــفة     فــمنْ بدمِ القرآنِ روّى مـصاحفَه

ومَنْ كتبَ التاريخَ شقّينِ نـــازفاً      سقتهُ كؤوسُ الدهـرِ صاباً ونازفه

ومَنْ تركَ الأيّـامَ شيباً مُخضّـــباً     ونـــــحراً فُراتاً مـنه دنياهُ راشفة

وأوردةً كــــــلمى وكفاً قطيـــعةً     وأقبيةً مــــن آخـرِ الصبرِ عازفة

وليلاً ببابِ الليلِ كمْ ظلَّ واقـــفاً      يرتّله صمــــــــــتٌ وتتلوهُ عاطفة

يرتّله معناكِ أمَّـــــــــا حـــنونةً      وصاحبةً من جذوةِ العطفِ راجفة

يرتّله معناكِ ضلعاً مـــــــهشّماً     تناثرَ أضلاعاً على الهــولِ زاحفة

تناثرَ منذُ امتدَّ في البابِ مسـقفاً      لآخرِ منظـــــــــــورٍ يناظرُ قاطفه

وقال من قصيدة (معناهُ يُشيِّدُ الصَّبر) وهي في الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)

تحشّدَ طوفانٌ فحَشَّدَ نوحَــــــــــــه     لينفخَ في روحِ النهاياتِ روحَـــــــــه

هوَ الحسنُ المعنيُّ في كلِّ صرخةٍ     تعمَّدَ صمتُ الدهرِ إلا يـــــصـــــيحَه

هو النخلةُ الشمَّاءُ ما اهـتزَّ جذعُها     وإنْ جدَّتِ الأيَّامُ فـــــي أن تُــــطيحَه

عجيبٌ كمعنى الوردِ يــمتدُّ قاطفٌ     بكلِّ أكفِّ الحقدِ كــــــــــــي يستبيحَه

فيبدِله عطراً قميــــــــــــصٌ معتَّقٌ     توارثَ أبنــــــــــــــــاءُ النبيينَ ريحَه

من الغسقِ الــــــــورديِّ ينسجُ قبَّةً      ويُتقِنُ ما بيـــــــــــنَ الغمامِ صروحَه

يؤثِّثُ عرشاً فــي النجومِ وإنْ يكُن     يجيدُ برمــــــــــــضاءِ البقيعِ جروحَه

فيُتلى على الـــرملِ القديمِ ملامحاً     إلى السمـــــــــرةِ الأولى تعيدُ نزوحَه

كأنَّ الصخـورَ السمر تاجٌ مرصَّعٌ      إلى كربـــــــــــــــلاءِ اللهِ مدَّ ضريحَه

كأن لــــــــــه قرب الحسين منارةً     وتــــــقصدُ جــــدباءُ النفوسِ نضوحَه

ولو ضـاقتِ الدنيا وضجَّتْ بأهلِها     لما ضــــــيَّقتْ كلُّ الهمومِ فسيـــــــحَه

أنــــــــــاديكَ والأيامُ تزهقُ لهفتي      بـــــــــقسوةِ غابٍ تستبيحُ جــــــريحَه

أيا شاهقاً بالجودِ قد جاوزَ العُــلى     وتخشى الجبالُ الشامخـــــــاتُ سفوحَه

ويا ذو الفقارِ اللهِ في كفَّةِ الســــما     يبيِّنُ مذ يومِ ابـــــــــــــــنَ ودٍ رجوحَه

ويا ملهمَ القدَّاحِ نكهةَ عــــــــطرِهِ     فهل يســــــــــتطيعُ الوردُ أنْ لا يفوحَه

أراكَ كأنَّ الليلَ يضمـــــــرُ كُنهَه     ويــــــــضفي على عينيكَ سرَّاً جموحَه

ليكتبَ تاريخَ الأبــــــــــاةِ بمعزلٍ     عن الضوءِ حتى صرتَ أنتَ وضوحَه

فعينكَ في عـــينِ الرَّدى لا تميلها      ووجــــــهُك في وجـهِ الرَّدى لم تشيحَه

تراهنُ من شادَ القصورَ بصخرةٍ     ستبقى وتـــــــــــذرو الذارياتُ طموحَه

لأنَّــــــكَ مـعنىً في القلوبِ مُشيَّدٌ      عظيمُ المباني ما سعــــــــــى لن يزيحَه

لأنَّكَ ثـــــــأرُ الله في كفِّ صبرِهِ     وقبرُك ســـــــــــــــــــرُّ اللهِ حتى يبوحَه

وقال من قصيدة (مجد على جيد الزمان) وهي في سيد الإباء وأبي الأحرار أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)

ناداهُ ينسابُ النداءُ خــــــــــــــــــفيَّا     كـــان العراقُ ولم يكنْ زكريَّا

ناداهُ والمحرابُ يخنقُ صـــــــــوتَه     هبْ لي الأمانَ فقد بلغتُ عِتيَّا

هَبْ لي الأمانَ فقد تركــتُ موائدي     قفراً وبعـــــــــتُ جبينهنَّ نديَّا

وتركتُ مجداً مـــــــــــــزَّقته نيابُهم     وتركتُ في رَحِمِ الحياةِ صَبيَّا

أنا من كســـوتُ الكونَ جوداً حينما     شحَّ الزمانُ وقــــــفتُ فيه أبيّا

ودفــــــــــــــعتُ أبنائي لدهرٍ غادرٍ     يقضونَ مقتولاً بــــــــه وسبيا

ونسجتُ من خبرِ الحسينِ خرائطي     قد ذبتُ فيه فذابَ مـــــجداً فيّا

وقال من قصيدة (كبرياءٌ من قِبابِ الصَّبْر) وهي في بابِ الحوائج موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)

تدُقّ ثواني الصمتِ والصــبرُ يَحمِلُهْ     غريباً وأعمـــــــــاقُ السجونِ تُرتِّلُهْ

إذا مــــــا انطفى ليلاً وَهَــوَّمَ جُرحُهُ     تُفَزِّعُهُ القُضْبَانُ والفجرُ يُشــــــــعِلُهْ

رآهُ حديـــــــــــــــدُ الـقيـدِ كفَّاً سخيَّةً      تجودُ على الدنيا فأهــــــــــوى يُقَبِّلُهْ

ومهزومةً تأتيهِ كـــــــــــــلُّ عظيمةٍ      إذا قامَ للخطبِ الـــــــــــجليلِ يُزلزِلُهْ

إذا ما انتضى صبراً وَسَــــنَّ دُعاءَهُ      وَسَلَّ صـــــــــــــلاةَ الليلِ لا بدَّ يقتُلُهْ

تدقُّ ثواني الصمتِ والصبـرُ يَحملُهْ      وما ساءَهُ من صُفرَةِ العمـــــرِ أرذلُهْ

على صفحةِ الأيَّامِ يختطُّ مـــــــجدَهُ     ليزدادَ في عمقِ السنينِ تـــــــــــوغُّلُهْ

تذودُ قبابُ الصبــــــرِ عـن كبريائهِ      كما ذادَ عن قمحِ ابن يعقــــوبَ سُنبلُهْ

وتطرقُ بابَ الليلِ فـــحـوى ضيائهِ      شموساً يحارُ الدهرُ أيَّــــــــــانَ يُؤفَلُهْ

ويُلقى رداءً في غيابَــــــــاتِ سجنهِ      كأيِّ يقينٍ شــــــــــــــــكَّ دنياهُ يخذُلُهْ

كأيِّ عظيمٍ عادَ جرحاً مُــــــــكابِراً     تُشاغلُه الدنيَا بمَا ليـــــــــــــسَ يُشغلُه

لأنَّ ضحى النصرينِ للموتِ موعدٌ      تُعجِّلُهُ حيـــــــــــــــــــناً وحيناً تُؤجِّلُهْ

تَدقُّ ثواني الصمتِ والصبرُ يَحمِلُهُ     فآخرُهُ سرٌّ يُـــــــــــــــــــــواريهِ أوَّلُهْ

إذا الحُجُبُ الظلماءُ أرختْ سُدولَها      عليه وأغــــــــــــــــــلالُ المنايا تُكبِّلُهْ

تهاوى كفيضِ النورِ يجمعُ بـعضَهُ      ويقــــــــــصفُ أرجاءَ الملماتِ جَحفَلُهْ

يمدُّ لها كفَّاً ككــــــــــــــــفِّ سميِّهِ      تحوكُ الضحى وعداً وقد ضاعَ مِغزَلُهْ

تُخبِّرُ عن ليثٍ عدا الصبـرَ صبرُه      وذلَّلَ أرقــــــــــــــــــابَ السنينِ تَحَمُّلُهْ

طواها عِجَافاً والظما يحملُ الظما      وأدبرَ والمجدُ التليــــــــــــــــــــدُ يُظلِّلُهْ

لِيرسمَ للأجيالِ سجناً مُـــــــــمزَّقاً     وصورةَ سَجَّانٍ بها الظلــــــــــــمُ يأكلُهُ

وكوخاً علا فوقَ الثّريَّا بعِـــــــزِّهِ     وقصراً ذليلَ الوجهِ في البابِ يــــــسألُهُ

وقال من قصيدة (نقش في عين الغروب) وهي أيضاً في الإمام موسى بن جعفر الكاظم (سلام الله عليه):

تراها عـــجافاً والمنيّــــــــــــاتُ سائرَة     وعينكَ ما عـادتْ علـى الصبرِ قادرَة

تراهـــا تلفُّ الموتَ لفّاً وتــــــــــنحني     عــــــــــــليهِ تــباعاً صـابراتٍ مكابرَة

يجـــرِّدُها من أمسِـــــــــها جُرْدَ لحظةٍ      وذاكرةٍ نـــــــــامتْ عـلى رأسِ ذاكرَة

فيـــا من تخذتَ الـــــليلَ خلَّا إلى متى     تظلُّ أمانينا بـبـــــــــــــــــــابِكَ ساهرَة

نـــظلُّ نجــــــــــرُّ الآهَ ملءَ صدورِنا     وتصلبُ رجوانا عــلى الصبرِ صاغرَة

فقمْ مـــن سنـــينِ القحطِ يا زخَّةَ الندى     خنــــــــــاجرُهم تــدري بأنّكَ خاصرَة

بــــــــما فـــيكَ من كنهٍ قصدتُكَ خائفاً     عيــــــــــــوني إلـى دنــيا أمانِك ناظرَة

فيا مؤنـــسَ القضبانَ هبْ لي صرخة     تمدُّ إلى روحـــــــــــــــــي أكفاً مغامرَة

ويا سيّــــدي امنحْ هـــــــــوايَ بحزنِهِ      ثـــــــــــــــــمالةَ منحــورٍ يناظرُ ناحرَه

أنا مــــن بلادِ الصمتِ جئتـــــكَ لائذاً     على صخـــــــبِ الأغــلالِ يلقي دفاترَه

أتـــى وردُك المدفونُ قلباً ممــــــــزَّقاً      أوائله تشـــــــــــــــــــــكو إليكَ أواخرَه

أنـــا في عيونِ الزينبياتِ دمعـــــــــةٌ     معلّقةٌ في آخرِ الليلِ حـــــــــــــــــــائرة

تـــفتِّشُ عن أفقٍ يلمُّ احتضــــــــارَها      وتغريدةٍ من فيضِ نـــــــــجواكَ طاهرة

فتنقشُ في عينِ الغروبِ وحيــــــــدة     وتسكــــــــبُ في عينِ الخــطايا مغادرة

تكالبَ دنياها عليها فأصبـــــــــــحتْ     إلى كلّ أبـــــــــــوابِ الرجـــاءِ مهاجره

فقلْ لي بأي الصبرِ أرجــــــــعْ دُلني     على صفـــحةٍ في سفرِ غيـــرِكَ ناضره

على أيِّ ريحٍ قد يتـــــــــــوقُ للثمِها     عـــــــمانا على قمصانِ غيــرِكَ عاطره

وخذني إلى حيثُ اصطبارِك لم أعدْ      كما كــــــنتُ روحاً في الشــدائدِ صابره

وقال من قصيدة (في حضرةِ الليل) وهي في السيدة زينب بنت علي (عليهما السلام)

الليلُ.. ما زالَ يَدريها.. وتَــــــــــدريهِ     على لَظى جمــــــرِها ذابتْ مَآقِيهِ

كمْ ذا رآها؟ وكفُّ العُسرِ تعْــــــصِرُها     وحُزنُها.. رحـــــــلةُ الأيَّام تَحكِيهِ

كمْ ذا رآها؟ قلوبُ النــــــــــــاسِ نائمةٌ     وقلبُ محـــــرابِها.. تَصحُو لياليهِ

كمْ ذا رآها؟ يــــــــــــــربِّيها أبو حسنٍ     ودهـــــــــــــرُها بيدٍ عسراً تُربِّيهِ

فحلُ الفحـــــــــولِ.. (عليُّ اللهِ) والدُها     تَخشى رقـابُ المنايا من مواضيهِ

ومــــــــــــن بهِ.. قالتْ الدنيا بأجمعِها     (فذلكنَّ الـذي لـــــــــــــمتُنَني فيهِ)

رأى عيونَ أبيها.. كــــــــيفَ تُخبرُها      عن كلِّ مـا زُمَرُ الأحــــقادِ تُخفيهِ؟

عن رحلةٍ.. هـــــزَّت ألدنيا بصرختِها      ودربِ مـجدٍ بكِبرِ الأرضِ تـمشيهِ

وعــــن حسينٍ بها في الطفِّ مُؤتَزِراً      أنَّـى سيـــــــــــوفٌ وأوغادٌ ستُثنيهِ

بها يخوضُ غِمارَ الحربِ إن عصفتْ     حـتى عن السيفِ عندَ الهولِ تغنيهِ

وعن أخٍ.. كــــــــــــلُّ آياتِ الوفاءِ به      يفاخرُ الفخرُ لو يــــــــوماً يؤاخـيهِ

سعى إلى الموتِ والأحــــقادُ مشرعةٌ      والجودُ يتبعه .. والنهرُ يــــــــبكيهِ

الليلُ كان دِثاراً ..لفَّ غــــــــــــربتَها     في حفرةِ الصمتِ كمْ جرحٍ يُواريهِ

صـــــــحائفُ الوجعِ المكتومِ يحفظها      وسِــــــفرُ وحدتِها الحيرانُ يُحصيهِ

ما بينَ أضــــــلاعِها نامَ الجوى زمناً      يُدمي حــــــــشاها وما كانتْ لتُبديهِ

كشمعةٍ ذبلتْ.. والــــــــــهمُ في دمِها     خيطٌ من النارِ فـــي الأحشاءِ تُطفيهِ

مضى صباها.. سنيــنُ الحزنِ تقطفهُ      تبتاعهُ غصــــــــصُ الدنيا وتشريهِ

مذ لحظةٍ أمطرتْ فيهــــا السماءُ دماً     وسالَ ضلعٌ وأدمـــــــــــاها تشظيهِ

للآن ما زالَ ملءُ الكونِ مــــن دمِها     عِطرٌ يفوحُ.. وأنَّــــــــــــاتٌ تُناغيهِ

للآن يؤرِّقنــــــــــــــي قبرٌ رأيتُ به     غريبةً فوقَ ما فيها مــــــــــــــآسيهِ

فقلتُ: عُمْراً ببيتِ الــــــــوحيِ تبدأه     فما حَـــــــــداها لأرضِ الشامِ تُنهيهِ

فقالَ لي شاعرٌ مدَّ الهوى سُــــــــبُلاً     حتى بغربتِها كـــــــــــــانتْ تُواسيهِ

الذلُ كمْ ذا ترجَّـــــــــــــاها وسائلها      ماتتْ.. فماتَ بمنفاها تـــــــــــرجِّيهِ

وقال من قصيدة (نهرٌ بلا حياء) وهي في أبي الفضل العباس (عليه السلام):

سيضنيكَ بحرُ الجودِ بالجـــــــــودِ يا زَبَدْ     فَشَتّانَ بينَ النصــــلِ في الحَرْبِ والغَمَدْ

وبينَ مِدادٍ يُشبِهُ النــــــــــــــزفَ إن هَمَى     وآخَرَ لا يُجديكَ إن زادَ أو نَــــــــــــــفَدْ

وما بينَ نَهرٍ بــــــــــــــــــاعَ للذِّلِّ روحَهُ     وآخَرَ كالعَبَّــــــــــــــاسِ روحٌ بِـلا جَسَدْ

غَضاضَةُ وَردِ الكونِ من بعـــــضِ طَبعِهِ     ولـــــــــــــكنَّهُ في زحمة الموتِ كالوَتَدْ

ثَباتٌ إذا ما الحربُ صـــــــــالَت بريحِها      وعزمٌ كعزمِ الطودِ مـــــــــــــا هَزَّهُ أَحَدْ

رأى الجيشَ آلافاً تُـــــــــــــحَشِّدُ بَـعضَها      فَلَملَمَ أســـــــــــــــــــفارَ النبيّينَ واحتَشَدْ

رَحَى حَـــــــــــــــربِهِ دارَت وكَـفَّاهُ فَيلقٌ      فــــــــــــسيّان إن فَرَّ الفتى منهُ أو صَمَدْ

هو الموتُ مِهطالٌ إنِ اغتـــــــاضَ غيمُهُ      فيا نهرُ قُلْ لي: كيف إن صالَ وارتَعَدْ؟!

أَتَدفُنُ بُركانَ المنيّــــــــــــاتِ بـالحصى؟      فَهَبْ أنّه فــــــــــــــاضَ اللظى فيهِ واتّقَدْ

سَيَلقَاكَ بحراً ليسَ كالمـــــــــــوجِ مَوجُهُ     على جَزرِهِ مـن هيــــــبةِ الجَزرِ أَلفُ مَدْ

وَيَلقاكَ موتاً في الصبـــــــــاحـاتِ هابطاً      وَيَلقاكَ موتاً فـي المســــــاءاتِ إن صَعَدْ

أَتَذكُرُهُ كَفَّينِ والمــــــــــــــــــــاءُ طَوعُهُ     وَلُبُّ الحشا يغلـي وَألقاهُ وابْـــــــــــــــتَعَدْ

وَصَــــــــــــــــــفعتهُ ظَمآنَ ناداكَ رُدَّها     ولكنّها يا أيّها النــــــــــــــــــــــهرُ لا تُرَدْ

كَحَمّالةٍ جُرفاكَ أَحــــــــــــــطابُها الظَّما     تُوَجِّرُ نارَ الحِــــــــــــــقدِ والماءُ من مَسَدْ

تُــــــــــــــــــــــــخَبِّرُكَ الأيّامُ أنّكَ هالكٌ      وكلُّ امرئٍ يمضــــــــــي إلى حيثُ يُفتَقَدْ

وكم من فتــــــىً قد جَدَّ في ساحةِ المُنى     وشَادَ الأماني في فضــــــــــاها وما وَجَدْ

وَأَفنــــــــــــــى سنينَ العُمرِ فيها بواذِراً      فَبانَ اصفرارُ الرّوحِ شَيــــــباً وما حَصَدْ

فَقِفْ مَوقـفَ الأحرارِ ما عُـــدتَ جاهلاً     فَموقِفُهُ أنباكَ ما الحُـرُّ إن وَعَــــــــــــــــدْ

وأَنْبَاكَ إنّ الفضـــــــــــــــلَ إرثٌ وإنّهُ     عَلِيٌّ إذا صــــــــــــــــــلّى.. عَلِيٌّ إذا زَهَدْ

إذا قـــــــــــــــامَ يهتزّ المدى لانقطاعِهِ      ويبلغُ ما بعدَ السّجــــــــــــــــــودِ إذا سَجَدْ

عَجيبٌ أيا ابنَ الصّخرِ ما زلتَ سائغاً؟     ولا بدّ أن يُدعـــــــــــــــى إلى الوالدِ الوَلَدْ

تُرى كيفَ أبصـــــرتَ المروءاتِ كلّها     بِرأسٍ شبـــــــــــــــــيهِ البدرِ يغتالُهُ العَمَدْ

وكيفَ رأيتَ المــــــــــوتَ يرزحُ آكلاً     ثنايـــــــــــــــــاهُ.. والقدّاحُ في لحدِهِ التَحَدْ

وكيفَ عُجافُ الذُّلِّ تجتــــــــــــاحُ أمّةً     مــــــــن العزّ ظُلماً.. والكراماتُ تُضطَهَدْ

وسَهمٌ بِعُمرِ الشَّوكِ يَــــــصطادُ لحظةً     من الوردِ من مِــــــــنهَالِها العطرُ كم وَرَدْ

فَبُشرى لَكَ النيرانُ مأوىً.. سَـــعيرُها      إذا صُـــــــــــــبَّ ماءُ الكونِ فيها لَما خَمَدْ

وقال من قصيدة (في حضرة القمر) وهي أيضاً في قمر بني هاشم أبي الفضل العباس (عليه السلام)

عطاشى بنارِ الــــــــــصبرِ ذابتْ قلوبُها     لجودٍ بنارِ الـــــــــــصبرِ ذابتْ قلـوبُها

رأتْ رايــــــــةً تهوي فماتَ اصطبارُها     لتُصـــــــــــــلبَ أحلامٌ ويبكي صـليبُها

تلثّم وجهُ الشـــــــــــمسِ واصـفرَّ خاجلاً     وجرجرَ أذيالَ الحياءِ مــــــــــــــغيبُها

إذا غـــــــــــابتِ الأمجادُ عـن أيِّ محفلٍ     تصدَّرَ جودُ الـــــــــفضلِ عـنها ينوبُها

رؤىً مزَّقتْ صمتي وضـجَّــــتْ بخافقي     لتــــــــــــــرسمَ لي طـفَّاً ولـيثاً يجوبُها

ونهراً بطعمِ الموتِ ســـــــــالتْ به الدِّما     وصورةَ حربٍ والغبـــــــــــارُ يشوبُها

رأيتُ بها ســـــــــــــــــهماً بـعينٍ وقربةٍ     تجودُ لأطفـــــــــــــالٍ وسـهماً يصيبُها

وحفنةَ أرواحٍ بــــــــــــــــــــكفٍّ قطيعةٍ     تعوَّدَ أن يسقي الغمـــــــــــــــائمَ طيبُها

وصــــــــــــوتاً يهزُّ الكونَ فــي كبريائِهِ     ألا تبّتِ الـــــــــــــــــدنيا وتـبَّ لعوبُها

فهِمْتُ بآلامي وهاجتْ مواجــــــــــــعي     ســـــــــقيماً وحسبُ النفسِ أنتَ طبيبُها

تنوحُ ويعلو في الطفــــــــــــوفِ نحيبُها     تُرى غيرَ (سبعِ الكونِ) من ذا يجيبُها؟

وغيرَ الذي في الـــــــــطفِّ لـما تكالبتْ     عليهِ المنـــــــــــــــايا واستطالَ لهيبُها

تكشّفَ عـــــــــن نصلٍ تسـامتْ أصولُه     وجرَّ ذؤابــــــــــــــــاتِ الظلامِ يشيبُها

ومـــــــــــرَّغَ وجهَ الذلِّ بالـمجدِ والعُلى     وأضحى كشمـسِ الصبحِ ماذا يـعيبُها؟

جثا فوقَ صدرِ الأرضِ والأرضُ تـحتَه     فريـــــــــــــسةَ ليثٍ قد رماها نصيبُها

فرفرفَ من تحتِ اليميـــــــــــنِ شمالُها     ورفـــــــرفَ من تحتِ اليسارِ جنوبُها

سيفقأ عينَ الشمسِ إنْ ســـــــــــلَّ سيفَه     ليحفرَ في خـــــــــــــدِّ السماءِ غروبُها

ويُبكي عيونَ المـــــــــــوتِ حتى كأنّما     هـــــــــوَ الموتُ يسعى للنفوسِ يريبُها

يذكّرُها بالنهروانِ ومـــــــــــــــا جرى     ومـــــــــــــوقعةً فوقَ العجابِ عجيبُها

بقنطرةِ الأشباحِ ذابــــــــــــتْ نحورُهم     وللآنَ تحكي للزمـــــــــــــانِ خطوبُها

تمرُّ بها الأرواحُ من غيرِ أجــــــــــسدٍ     لأنَّ لهيــــــــــــــبَ السـيفِ كادَ يذيبُها

فإن أقــــــــبلَ العباسُ حارتْ وجوهُهمْ     وإنْ غضــــــبَ العباسُ يعلـو شحوبُها

فقبَّلَ كفَّ الــــــــــــموتِ فيها شجاعُها     وقبَّلَ كفَّ العـــــــــــــــــارِ فـيها لبيبُها

ولمْ يُجْدِها ما حاربتُه حــــــــــــشودُها     ولمْ يُجدِها رغمَ الهـوانِ هـــــــــروبُها

فهذا ابن قـــــــــــــــــتَّالِ الطغاةِ عليُّها     وهذا ابنُ من طهرِ الـحليبِ حــــــليبُها

وهذا الذي من زينبٍ أخـــــــــــذَ الإبا     أخوها.. وحـــــــــامـي ظعنها وربيبها

ينادي طفـــــــــوفَ اللهِ قد حانَ حينُها     وهذا حسينُ اللهِ فيــــــــــــــــها غريبُها

وهذي خيامُ العزِّ تسبــــــــــــحُ بالدما     تتمتمُ والأقمـــــــــــــــــــارُ عزَّ طبيبُها

وهذي حشودُ الحقدِ تزحـــــــفُ بالقنا     فإن زمَّرتْ قرعَ الطبــــــــــولِ يجيبُها

لئيماً ليومِ الحشـــــــــــــرِ يبقى لئيمُها     نجيباً ليومِ الحشرِ يبقى نـجـــــــــــيبُها

وهذي وجوهُ الفاطميـــــــــاتِ أمحلتْ     فتغلي ظمىً أمْ للفــــــــــــــراقِ قلوبُها

فقامَ ليسقي الجودَ من قعرِ كـــــــــــفِّه     ويتركُه عيناً يفيضُ عذوبُــــــــــــــــها

ويصفعُ وجهَ المــــــــاءِ صفـعتُه التي     لفرطِ الوفا قامَ الـــــــــــــــوفاءُ يـهيبُها

وشدَّ عنانَ النهرِ خلــــــــــــفَ جوادِه     وجاءَ به نحوَ الطفوفِ يجـــــــــــــوبُها

ولما رأى الهيجاءَ حلّتْ لجـــــــــامَها     وضجَّتْ بها الدنيا وتاهــــــــتْ دروبُها

أتاها بما تهوى فصــــــــــارَ غرامَها     وشدَّ المُنى حتى شفاهُ ركــــــــــــــوبُها

وقال من قصيدة (شمسا كربلاء) وهي في شبيه رسول الله (ص) خَلقاً وخُلقاً ومَنطقاً.. علي الأكبر (عليه السلام) وهو يشاطر عمه العباس (عليه السلام) صولات البطولة في كربلاء:

على كبرياءِ المــــــــــاءِ مدَّ ذراعَـه     وأوصــــدَ بابَ الـعمرِ زُهداً وباعَه

تورّثَ عن شــــــمسيهِ نوراً مـورَّداً     وأملى على الليلِ العصيِّ انصياعَه

هوَ الصبحُ ما طالتْ مواويلُ صمتِهِ     يمارسُ رغــــــمَ المعتماتِ اندلاعَه

تشاطرَ والعباسَ مجــــــــــداً وعزةً     ولو شاطرَ المـــوتَ الزؤامَ أضاعَه

ولكنّه العباس بــــــــــــــوابةُ السما     إذا شاءَ أن يزجــــي الفراتَ أطاعَه

له من قلوبِ النـاسِ قلبُ طــــــفولةٍ     تشظى إذا ما العيـــدُ أرخى شراعَه

ومن كبرياءِ الليــــثِ ما يشبُه الدِّما     إذا ساقَ غابٌ للمنايــــــــــا ضباعَه

وقال من قصيدة (العباس في ذاكرة الماء):       

لَمَّ الجراحَ فــــبعثرتْ خيلُ     ونوى فصـلّى خلفه النخلُ

هو ظــــــــامئٌ أنفاسُه قبلٌ     ولهـــــــــاته بالعطرِ يبتلُّ

ومــــــقطّعُ الأوداجِ مُبتسِمٌ     ومخضَّبٌ رغم الدما يحلو

نــــــحوَ المنيَّةِ سائرٌ بطلاً     وحسامُها لنــــــشيدِها يـتلو

قد جاءَ من أقصى طفولتِه     وبدلوِ شيخٍ في الـعلى يـدلو

وبنحــرِهِ قد صاغَ معجزةً     تنبيكَ أن الأرضَ لن تـخلو

تنبيكَ أن المـــــوتَ منيتهُ     وبأنَّ عادةَ أهلهِ القـــــــــتلُ

وقال من قصيدة (تجاعيد على وجه الصليب) وهي إلى أمِّ وهب.. شهيدة كربلاء

على أيِّ مدٍّ تعبرينَ لجــــــــــــــــــزرِه     ومن أيِّ بــــــــابٍ تدخلينَ لصبرِه

وهلْ تكتبُ الأحزانُ إلّا على لـــــــظى     ينوءُ بها من غاصَ في بحرِ وزرِه

أيا أمُّ نامَ الليلُ نامتْ نجــــــــــــــــومُه      وها أنتِ ذا تـــــــــــأبينَ ذلّةَ فجرِه

تباعُ المنايا والقلوبُ ســــــــــــــــواترٌ     على أيِّ قلبٍ تتكـينَ لــــــــــــسترِه

ومنْ أيِّ عمرٍ تغــــــــــــرفينَ ولمْ يعدْ     بعمرِكِ ماءً تــــــــــــسكبينَ لجمرِه

كأنَّ سماءَ اللهِ ألقتْ حجــــــــــــــــابَها     ومريمُ تســـــعى بـابنِها نحوَ عسرِه

فلا نخلةٌ في الأرضِ تـــــعرفُ سرَّها     وفي جـــــــوفِها مـن لا يبوحُ بسرِّه

أيا أمُّ هـــــــــــــــذا الـطفُّ مدَّ صليبَه     وكمْ من مسيحٍ صـامَ من غيرِ نحرِه

وجاءتْ بشوكِ الأرضِ من كلِّ حفرةٍ      لتسلــــــــبَ وردَ اللهِ.. نـكـهةَ عطرِه

فجئـــــــــــــتُ بمنْ معناهُ حلوٌ لحلوِه      ولكنه مرُّ المعــــــــــــــــــــاني لمرِّه

بسيفٍ على الأعنــــــــاقِ يتركُ إثرَه      عجيبٌ كمن يمشي بأنفــــاسِ خضرِه

تصوغُ لغاتُ الموتِ لهــــــفةَ عرسِهِ     وتبكي مساءاتُ الزفــــــــــافِ لبدرِه

فلا تحسبي دنياكِ ما ازدانَ طــــبعُها     إذا راودتْ عينيـــــــــــهِ يـا أمُّ تُغـرِه

فألقيتِهِ في اليمِّ والمــــــــــــوتُ ناظرٌ     وموجُ الدما يسعى لمينــــــاءِ عـمرِه

وعزَّ على عينيكِ إذ أخضـــلتْ جنى     بأنَّ يستردَّ النحرُ من بعدِ دثـــــــــرِه

وقال من قصيدة (تجاعيدٌ على وجهِ الأرض) وهي في أبطال الحشد الشعبي:

على وطنٍ قد ضاعَ في الأرضِ ثارُه     توضّأُ بالموتِ العتيــــــــــــقِ صِغارُه

إذا مــــــــــــــــرَّهُ يوماً نبيٌّ تقاسمتْ     دِماهُ الظُبى ظلماً... وقُدَّ اسمــــــرارُه

يُطأطئُ مشغولاً بـــــــــــرتقٍ مـشوَّهٍ     حمائمُهُ تُسبى.. ويُـــــــــــــــردمُ غارُه

تراودُه الشكوى فيصلبُ صــــــــامتاً     كأيِّ عزيزٍ.. لم يَرُقهُ انكـــــــــــــسارُه

كأيِّ فتىً.. قد صاغَ من ملحِ صـبرِهِ     ضماداً تصدّى للنزيفِ احــــــــــــتقارُه

ويكتبهُ المحـــــــــــــوُ المؤجَّلُ كـلّما     دنتْ ساعةٌ أرجى الشـــــــــروقَ نهارُه

على وطنٍ منّي وفيَّ نــــــــــــوائبٌ     أخاطبُها كُرهاً بصمـــــــــــــــتٍ أحارُه

يشاطرُني عمري ويصطادُ لحـظتي     ويقطفُني بــــــــــــــــالنائباتِ اصفرارُه

ولكنني... ما كنتُ أعــــــرفُ غيرَهُ     أبــــــــــاً مرَّتْ الدنيا.. وظلَ اصطبارُه

أباً.. كلما تذرو الرياحُ عيـــــــــــالَهُ     مشتْ للسلالِ البيضِ – طوعاً – ثمارُه

وما إنْ دنتْ من كبريــــــــــاءِ اُباتهِ     مــــــــــــــــــواسمُ ذلٍ ضاعَ فيها بذارُه

تناسلَ من عمقِ النبوءاتِ هــــاطلاً     رجالاً وأودى بالعجـــــــــــــافِ إدّخارُه

رجالاً كسا وجهُ الترابِ وجوهَـــهم     فساقوا جنوبَ النهرِ حيثُ انــــــــحدارُه

وجاءوا يجرونَ الحياةَ بموكـــــــبٍ     من البذلِ غيمُ الأمنيــــــــــــاتِ انهمارُه

فمن غيرةِ الأشواكِ جاءوا بصرخةٍ     تضجُ.... إذا ما الوردُ مُسَ نـــــــضارُه

ومن كبرياءِ الليثِ ما يشبهُ الــــدما     إذا ساقَ ضـــبعاً للعــــــــــرينِ اغترارُه

فهم كلُ من روَّى المروءة بالـــدما     ومن.. قامـتْ الدنيا إذا جــــــــــاعَ جارُه

ومن حـاورته الريحُ طفلاً فلم يزلْ     لجـــــــــــاماً لكلِ الناعقيــــــــــنَ حوارُه

أجلْ إنهــم.. شـــيخٌ عميقٌ تهافتتْ     على بابهِ الدنيا لــــــــــــــــــــــتهتزّ دارُه

فلا عاقرتْ خوفــــاً تجاعيدُ عمرهِ     ولا انطفـأتْ رغمَ الـشحيحـــــــــاتِ نارُه

ومُدّتْ على طولِ الـــجفـافِ يمينهُ     فـــــــلمـا دهاهُ القحـطُ مُـــــــــدّتْ يسارُه

مُذ النهرُ أغرى ماءَهُ بــــــدمـائِهم     على بــــابِ قصرٍ أتـقنَ الغــــــــدرَ ثارُه

هناكَ إذ امتدتْ أضاحٍ تـعـــــوّدتْ     على الجوعِ أزجى مُـتخماً إندحــــــــارُه

لفتيانِ حـربٍ غامرتْ بانتهاكِــــهم     ففزُّوا كبـــــــــــــــــــركانٍ حداهُ اقتدارُه

همُ الحشدُ همْ بابُ المنايا بصبحِهم     يُماطُ عن الليلِ الملثـــــــــــــــــــمِ عارُه

.....................................................

1 ــ زودني الشاعر بسيرته وقصائده عبر الانترنيت

كما جاءت ترجمته في كتاب (الجود) وهو إصدار وثائقي خاص بمناسبة الجود العالمية الثانية عن أبي الفضل العباس (عليه السلام) والتي أقامتها العتبة العباسية المقدسة ص 94 ــ 97 سنة 1432 هـ وقد فازت قصيدته (في حضرة الجود) بالمركز العاشر

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار