ابن معصوم المدني: (1052 - 1119 هـ / 1642 - 1707 م)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (54) بيتاً:
يا وَقعَةَ (الـطَــــفِّ) خلَّدتِ القلوبَ أَسىً كـأَنَّـمـا كُــــلّ يَـومٍ يـوم عـاشـورِ
يا وَقعـــــةَ (الـطـفِّ) أَبكيتِ الجفونَ دماً ورُعـــتِ كـلَّ فـؤادٍ غيرِ مذعورِ
يا وقعةَ (الطفِّ) كَم أَضرَمتِ نارَ جوىً في كُلِّ قَلبٍ من الأَحزانِ مَسجورِ
يا وَقعةَ (الطفِّ) كَـــــم أَخـفَيتِ من قَمرٍ وكـم غـمــــرتِ أَبيّاً غيرَ مَغمورِ
يا وَقعةَ (الطفِّ) هَل تَـــدريـن أَيّ فَـتـىً أَوقـعـتِـه رهـنَ تَـعـــقيرٍ وَتَعفيرِ؟
يا وَقعةَ (الطفِّ) هَل تَـــــــدريـن أَيّ دمٍ أَرقـته بـيـن خلفِ القَومِ والزورِ؟ (1)
ومنها:
هذا الحسينُ ثوى بـ(الطفِّ) مُنفرداً تسفي عليهِ سوافي التربِ والمورِ
هــــــــــــذي بناتُكَ للأشهادِ بارزةٌ يُشــــهرنَ بين الأعادي أيَّ تشهيرِ
آهٍ لرزئكـــــــــمُ في الدهرِ مِن خبرٍ باقٍ على صفحاتِ الدهرِ مسطورِ
الشاعر:
السيد صدر الدين علي خان المدني الحسيني الشيرازي، المعروف بـ(ابن معصوم) من أعلام الإسلام في العلم والأدب والفكر والفلسفة والسياسة. ينتهي نسبه الشريف إلى زيد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) فهو:
علي بن الأمير أحمد بن محمد معصوم بن أحمد بن إبراهيم بن سلام الله بن مسعود بن محمد بن منصور بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن إسحاق بن علي بن عربشاه بن أمير بن أميري بن الحسن بن الحسين بن علي بن زيد بن علي بن محمد بن علي بن جعفر بن أحمد بن جعفر بن أبي عبد الله الشاعر بن محمد بن محمد بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين بن الحسين أبي عبد الله سيد الشهداء ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) (2)
ولد ابن معصوم بالمدينة المنورة (3) في أسرة علمية شيعية اثني عشرية هاجرت من إيران إلى الحجاز ولها جذور في الحجاز والعراق وإيران.
يقول عنها الشيخ عبد الحسين الأميني: (أُسرة كريمة طنّب سرادقها بالعلم والشرف والسؤدد، ومن شجرة طيّبة أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء تؤتي أُكلها كلّ حين، اعترقت شجونها في أقطار الدنيا من الحجاز إلى العراق إلى إيران، وهي مثمرة يانعة حتى اليوم، يستبهج الناظر إليها بثمرها وينعه، وأوّل من انتقل من رجال هذه العائلة إلى شيراز علي أبو سعيد النصيبيني، وأول من غادر شيراز إلى مكة المعظّمة السيّد محمد معصوم) (4)
كان السيد أحمد ــ والد ابن معصوم ــ من العلماء الكبار فهيّأ لابنه سُبُل التعلم وسهّل له طريق العلم، فدرس اللغة والنحو والأدب والحساب والفقه وعلم الكلام على يد كبار علماء المدينة أمثال: الشيخ محمد بن محمد الشامي، والشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني، إضافة إلى والده الذي كان مجلسه حافلاً بطلاب العلم.
ولما أتم دراسة العلوم الأولية في المدينة المنورة، رحل إلى مكة المكرمة ودرس فيها أيضاً لمدة سنتين، ثم هاجر مع والده إلى الهند عام (1068 هــ / 1658 م) وله من العمر ست عشرة سنة وبقي في الهند لمدة (45) عاماً حتى عام (1114 هـ / 1703 م) وقد أقام ابن معصوم في حيدر آباد مع والده وهو يواصل تعليمه وكان أبوه آنذاك يشغل منصب نائب السلطنة في عهد قطب شاه.
بعد وفاة قطب شاه تولى السلطنة أحد وزرائه وكان ناقماً على ابن معصوم ووالده ففرض عليهما الإقامة الجبرية حتى وفاة والد ابن معصوم عام (1086هـ / 1676 م) فشعر ابن معصوم أن هناك مؤامرة تُحاك لقتله فانتقل إلى برهان بور عند السلطان محمد أورنك شاه الذي أكرمه واحتفى به وجعله والياً على لاهور وتوابعه ثم ولاه رئاسة الديوان ومنحه لقب (خان) وجعله رئيساً على ألف وثلاثمائة فارس.
لكن هذه العلاقة بين ابن معصوم وأورنك شابها ما يعكرها فخرج ابن معصوم من الهند إلى مكة المكرمة فحج بيت الله الحرام ومنه قصد المدينة المنورة لزيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله)، وكان في قصده أن يقيم في مسقط رأسه لكنه وجد كل شيء قد تغير بعد قرابة نصف قرن على فراقها، فقصد العراق فزار البصرة والنجف وكربلاء وبغداد، وأيضاً لم يجد في العراق أمنه واستقراره بسبب الأوضاع السياسية المتوترة.
ثم رحل إلى إيران وتنقل في قم وخراسان وأصفهان التي لم يلائمه الإقامة فيها حيث كانت تشهد اضطرابات سياسية في عهد الشاه حسين الصفوي، وأخيراً وجد ضالته في شيراز التي كانت فيها حركة العلم على قدم وساق حيث المدارس العلمية التي كانت تعج بالعلماء وطلاب العلم، فاستقر فيها وتفرغ للتأليف والتدريس.
وقد روى عنه أعلام الإسلام منهم: العلامة المجلسي صاحب البحار بالإجازة، والشيخ علي بن فخر الدين محمد ابن الشيخ حسن صاحب المعالم ابن الشهيد الثاني، والسيّد الأمير محمد حسين ابن الأمير محمد صالح الخاتون آبادي، والشيخ باقر بن محمد حسين المكي.
ولم يترك ابن معصوم القلم حتى توقفت يده عن الحركة فدفن قرب قبر السيد أحمد بن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) المعروف بـ (شاه جراغ) في شيراز قرب قبر جده منصور بن محمد بن إبراهيم. (5)
قالوا فيه
قال عنه الشيخ عبد الحسين الأميني: (من ذخائر الدهر، وحسنات العالم كلّه، ومن عباقرة الدنيا، فنّي كلّ فنّ، والعلَم الهادي لكلِّ فضيلة، يحقُّ للأُمّة جمعاء أن تتباهى بمثله ويخصّ الشيعة الابتهاج بفضله الباهر، وسؤدده الطاهر، وشرفه المعلّى، ومجده الأثيل، والواقف على آيات براعته، وسور نبوغه ــ ألا وهو كلّ كتاب خطّه قلمه، أو قريض نطق به فمه ــ لا يجد مُلتحداً عن الإذعان بإمامته في كلّ تلكم المناحي، ضع يدك على أيِّ سفر قيّم من نفثات يراعه، تجده حافلاً ببرهان هذه الدعوى، كافلاً لإثباتها بالزبر والبيّنات ...) (6)
وقال الحر العاملي: (من علماء العصر، عالم، فاضل، ماهر، أديب، شاعر). (7)
وقال أحمد بن محمد بن علي الأنصاري اليمني: (السيّد علي خان المدني صاحب سلافة العصر، هو الإمام الذي لم يسمح بمثله الدهر). (8)
وقال محمد أمين بن فضل الله المحبي: (إنه أبرع من أظلَّته الخضراء، وأقلَّته الغبراء، وإذا أردت علاوة في الوصف قلت: هو الغاية القصوى، والآية الكبرى، طلع بدرُ سَعْدِه فنسخ الأهِلَّة….). (9)
وقال الشيخ عبد الله الأصفهاني: (كان من أعيان حيدر آباد وأمرائها معظماً عند ملوكها ثم لما غلب اورنك بيك زيب ملك الهند على تلك البلاد سار إلى الملك المذكور وصار من أعاظم أمراء دولته...) (10)
ووصفه الميرزا النوري بـ(المتبحّر الجليل) (11)
وقال السيّد الخونساري: (السيّد النجيب، والجواهر العجيب، والفاضل الأديب، والوافر النصيب… وكان من أعاظم علمائنا البارعين، وأفاخم نبلائنا الجامعين، صاحب العلوم الأدبية، والماهر في اللغة العربية، والناقد لأحاديث الإمامية، والمقدّم في مراتب السياسات المدنية، والرئاسات الدنيوية والدينية) (12)
وقال الشيخ عباس القمّي: (السيّد النجيب والجوهر العجيب، العالم الفاضل الماهر الأديب، والمنشئ الكاتب الكامل الأريب، الجامع لجميع الكمالات والعلوم، والذي له في الفضل والأدب مقام معلوم، الذي إذا نظم لم يرض من الدرّ إلّا بكباره، وإذا نثر فكالأنجم الزهر بعض نثاره، حائز الفضائل عن أسلافه السادة الأماثل، صاحب المصنّفات الرائقة، والمؤلّفات الفائقة) (13)
وقال الشيخ محمد السماوي: (كان أميراً للفضل المحشد، وصارماً للأدب المهنّد، وعلماً للعلم لا تستره صفة، وطرازاً للكمال موضوعاً على عمة كلّ ذي معرفة، له المصنّفات في أغلب الفنون، وكلّها محاسن وعيون) (14)
وقال العلامة ميرزا محمد علي مدرس: (كل كتاب من تأليفاته الظريفة برهان قاطع وشاهد ساطع على علو درجاته العلمية، وحدة ذهنه، ودقته، وفطانته) (15)
وقال السيد غلام علي آزاد: (هو من مشاهير الأدباء، وصناديد الشعراء، بيته بشيراز بيت العلم والفضل، والمدرسة المنصورية بشيراز منسوبة إلى جده المير غياث الدين منصور، وهو مشهور مستغن عن البيان) (16)
مؤلفاته
تميز ابن معصوم بثقافته الموسوعية وهذا ما جعل مؤلفاته غزيرة بمحتواها العلمي والأدبي وقد ألف في شتى العلوم وأصبحت مؤلفاته مصدراً مهماً من مصادر المؤلفين والمؤرخين وقد عد السيد محمد صادق بحر العلوم (18) منها (17) وهي:
1 ــ سلافة العصر في محاسن أعيان العصر: وهو تراجم لأدباء القرن الحادي عشر الهجري
2 ــ الطراز في اللغة: وهو على نسق القاموس
3 ــ أنوار الربيع في أنواع البديع
4 ــ سلوة الغريب وأسوة الأديب: وهو وصف رحلته من مكة إلى حيدر آباد
5 ــ الدرجات الرفيعة في طبقات الإمامية من الشيعة
6 ــ رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين
7 ــ نغمة الأغان في عشرة الإخوان: أرجوزة
8 ــ الكلم الطيب والغيث الصيب في الأدعية المأثورة عن النبي وأهل البيت (صلوات الله عليهم)
9 ــ الحدائق الندية في شرح الصمدية للشيخ البهائي
10 ــ ملحقات السلافة مشحونة بكل أدب وظرافة
11 ــ رسالة في أغاليط الفيروز آبادي في القاموس
12 ــ موضح الرشاد في شرح الإرشاد: في النحو
13 ــ التذكرة في الفوائد النادرة
14 ــ المخلاة في المحاضرات
15 ــ الزهرة: في النحو.
16 ــ رسالة في المسلسلة بالآباء: شرح فيها الأحاديث الخمسة
17 ــ ديوان شعر
18 ــ شرحان على الصمدية
شعره
قال من قصيدة تبلغ (44) بيتاً أثناء تشرُّفِه بزيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله):
يا عَينُ هَذا الـمُصطَفى أَحمَدُ خَيــرُ الوَرى والسيِّدُ الأَمجَدُ
وَهـذه الـقــــبَّـةُ قـد أَشـرقَـتْ دونَ عُـلاها الشَمسُ والفرقدُ
وَهذه الـــرَوضَةُ قد أَزهرتْ فيها المُنى والسؤلُ وَالمقصدُ
وَهــــذه طـيـبـةُ فـاحَـت لـنـا أَرجـاؤُهـا وَالـسَـفحُ والغَرقَدُ
وَعـيـنُها الزَرقاءُ راقَت وَلَم يَــــحـلَّـهـا الإثـمِـدُ والـمِـروَدُ (18)
ومنها:
خَيرُ قُرَيشٍ نَسَباً في الوَرى زكـا بـه الـــــعُنصرُ والمَحتِدُ
وَخـيـرَةُ اللَه الــذي قــد عَـلا بـه الـــعُلى والمَجدُ والسؤددُ
غُرَّتُه تَجلو ظَـــــلامَ الدُجى وهـو الأَعزُّ الأَشرفُ الأَسعدُ
الـفـاتـحُ الخاتِمُ بحــرُ النَدى وَبَـرُّهُ وَالـمـنـــهــجُ الأَقـصَـدُ
فـضَّـلـهُ اللَهُ عـلـى رُســـلـهِ وَسـائـرُ الـرســــلِ بــه تَـشهدُ
آياتُه كـالشَـــمسِ في نورِها أَبـصَـرَهـا الأَكـمَــهُ والأَرمَدُ
ومنها:
فيا رَسولَ اللَه يا خَــــــيرَ مَــن يـقـصــدُهُ الـمُـتهمُ والـمُنـجدُ
حبُّك ذُخـري يــــومَ لا والــــدٌ يُــغـنـي ولا والـــــدةٌ تُـسعِدُ
وَأَنتَ في الـدارين لــي موئـلٌ إذا جــــــفا الأَقـربُ والأَبعدُ
فاِكشف بَلائي سيِّــدي عاجِلاً علَّ حَــــراراتِ الأَسى تَبرُدُ
وأدنني منك جِــــــــــواراً فقد ضاقَ بيَ المضجَعُ والمرقَدُ
وَبَـوِّئَـنّـي طَـيـبَـــةً مَــــوطِـنـاً فـإنَّـهـا لــي ســابقاً مَـــــولِدُ
وَهيَ لَعمري مَقصِدي والمُنى لا الأَبــــلقُ الفَردُ ولا ثَـهمَدُ
ثُمَّ سـلامُ اللَه سـبـــــــــــحـانَـهُ عـلـيـكَ صَــبٌّ دائـمٌ سَـرمدُ
وَآلِك الغرِّ الكــــــــــرامِ الألى لـهـم أَحـاديـثُ العلى تُســنَدُ
وقال أيضاً في زيارة أخرى لقبره (صلى الله عليه وآله) من قصيدة تبلغ (59) بيتاً:
مقـــامُ النبيِّ المصطفى خيرُ من وفى مـحـــــمـدٌ الـمـحـمـودُ فـي مُنزلِ الذكرِ
رسولُ الهدى بحرُ الندى منبعُ الجدى مبيدُ العدى مروي الصدا كاشفُ الضرِّ
هو المـــجتبى المختارُ مـن آلِ هـاشمٍ فـيـالـكَ مــــن فـرعٍ زكـيٍّ ومــن نـجـرِ
قضى الله أن لا يجـــمعَ الفضلَ غيرُه فـكـان إلـيـــــه مُـنـتـهى الفضلِ والفخرِ
وأرسله الرحـمـنُ لـلــــخـلـقِ رحـمـةً فـأنـقـذهـمْ بـالــــــنـورِ مـن ظـلمةِ الكفرِ (19)
وقال من قصيدة في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):
أَميرَ المؤمنـيــــــنَ فدتكَ نَـفــسـي لنا من شأنِـكَ العجـبُ الـــعجابُ
تَـولّاك الأُلـــــى ســعـدوا فَـفـازوا وَنــاواك الــذين شـــــقوا فخابوا
وَلَـو عَـلِمَ الـورى ما أَنتَ أَضـحوا لوجهِــكَ ساجــــدينَ ولم يُحابوا
يـــــميـنُ اللَه لَو كُشِـفَ الــمـغـطّى ووجـــــهُ اللَه لـو رُفِـع الـحجابُ
خفيـتَ عـن العيونِ وأَنـتَ شَــمسٌ سَمــــتْ عــن أَن يُجلِّلَها سحابُ
وَلَـيـسَ عـلى الصَـــبـاح إِذا تـجلّى وَلَـم يُبصِرْهُ أَعـمى العينِ عابُ
لـسـرٍّ مـا دَعــــاك أَبـــــــا تــرابٍ مُــــــحـمَّـدٌ الـنَـبــيُّ الـمُستطابُ
فكانَ لكُلِّ مـــــن هــو مــن تـرابٍ إِلـيـكَ وأَنــتَ عـــــــلَّته اِنتسابُ
فَلَولا أَنـتَ لـم تُـــــخــــــلـقْ سماءٌ وَلَولا أَنـــــتَ لــم يُـخـلق تُرابُ
وَفيكَ وفي ولائِــــــــكَ يـومَ حـشرٍ يُـعاقبُ من يُـــــــعاقبُ أَو يُثابُ
بفضلكَ أَفــصحــــتْ توراةُ موسى وإنـجـــــــيلُ ابنِ مريمَ والكتابُ
فَيـا عـــجـبـاً لمــــن نـــاواكَ قِـدماً ومــــــن قــومٍ لـدعـوتِهمْ أَجابوا
أَزاغوا عن صِـــــراط الحقِّ عمداً فضــلّوا عنـك أَم خفيَ الصوابُ
أَم اِرتابـــــــــــــوا بما لا ريبَ فيه وهل في الحَقِّ إِذ صَدعَ اِرتيابُ
وهَل لِسـواكَ بعد غديـــــــــــرِ خُمٍّ نَــصيــبٌ في الخلافةِ أَو نِصابُ
أَلَـم يـجــعـلـــــــكَ مــــولاهم فذلَّت عَـلى رغـــــمٍ هناكَ لكَ الرِقابُ
فَلَم يَـطـمَــــــــــــــحْ إلـيها هاشميٌّ وإن أَضـــحى له الحسبُ اللُبابُ
فمَنْ تيــــــــمُ بن مرّةَ أَو عَــــــديٌّ وهُمْ سيّــانَ إِن حضَروا وغابوا
لَئِن جَحدوكَ حقَّـــــــكَ عن شقـــاءٍ فـبـالأشـقـيـــــــنِ ما حلَّ العِقابُ
فَكَم سفهتْ عليكَ حــــلـــــــومُ قومٍ فـكـنــــــــتَ البَدرَ تنبحُه الكِلابُ (20)
وقال في أمير المؤمنين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (38) بيتاً وقد عاد من الحج فبدت له القبة الشريفة، وهي من أروع قصائده:
يا صاح هذا المشهدُ الأقدسُ قرّت به الأعــــــــينُ والأنـفسُ
والنجفُ الأشـرفُ بـانـتْ لنا أعـلامُــــــــه والمــعهدُ الأنفسُ
والقبّةُ الـــبيضاءُ قـد أشرقتْ يـنــــجابُ عن لألائِـها الحندسُ
حضرةُ قدسٍ لــم ينلْ فضلُها لا المسجدُ الأقصى ولا المقدسُ
حـلّـت بـمـن حـــلّ بها رتبةً يقصرُ عنها الفلكُ الأطـــــــلسُ
تودُّ لو كانت حصــا أرضها شـهبُ الدجى والكنّسُ الخــنّسُ (21)
ومنها:
خليفةُ اللهِ العــــــــظيمِ الذي من ضوئِه نورُ الهدى يَقبسُ
نفسُ النبيِّ المصطفى أحمدٍ وصـــــنوُه والـسيِّدُ الأرؤسُ
الـمـعـلـمُ الـعـيلمُ بحـرُ النّدا وبرُّه والــــــــــعـالمُ النقرسُ
فـلـيـلُـنـا من نـورِه مُــــقمرٌ ويومنا من ضـــوئه مشمسُ
أقــســمُ بــــــــاللهِ وآيــاتِــه ألـيّـة تـنـجـي ولا تــــغـمـسُ
إن عـلـيَّ بـن أبـــي طالب مـنـارُ دينِ اللهِ لا يــــــطمسُ
وقال في أمير المؤمنين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (61) بيتاً:
هيهات يــأبى الغدرُ لـي نسبٌ أُعـزى بـه لـــــعـلـيٍّ الـطهرِ
خيرِ الورى بعد الرسولِ ومَن حازَ العُــــــلا بمجامعِ الفخرِ
صنوِ الــــــنبيِّ وزوجِ بضعتِه وأمــيـنِـه فـي الـسـرِّ والجهرِ
إن تنكرِ الأعــــــــداءُ رتـبـتَـه شـهـدتْ بها الآياتُ في الذكرِ
شـكـرتْ حُنينُ له مــــــساعيه فـيــهـا وفـي أحـدٍ وفــي بـدرِ
سَلْ عنه خيبرَ يومَ نازلَـــــــها تـنـبـيـكَ عـن خَبرٍ وعن خُبرِ
من هدَّ منها بـابَـهـا بـيـــــــــدٍ ورمى بـهـا فـي مـهـمـهٍ قـفـرِ
واسأل براءةَ حـيــــن رتّـلَـهـا مَن ردَّ حـامـــــلـهـا أبـا بـكـرِ
والطيرَ إذ يــــدعو الـنـبـيُّ له مــــن جـاءه يـسـعـى بلا نـذرِ
والشمسَ إذ أَفَلَتْ لمن رجعتْ كيـــــــما يقيمَ فريضةَ العصرِ
وفـــــــراشَ أحمدَ حين همَّ به جـمـعُ الـطـغاةِ وعصبةُ الكفرِ
من بـــــــاتَ فيه يقيهِ مُحتسباً مـن غــيـرِ ما خوفٍ ولا ذعرِ
والكعبةَ الغـــــرّاءَ حين رمى من فـوقِــــهـا الأصنامَ بالكسرِ
من راح يرفعُــــــه ليصدعَها خـيرُ الــورى منه على الظهرِ
والـقـومَ مـن أروى غــــليلَهمُ إذ يـجــــــأرون بـمهـمـهٍ قـفـرِ
والصخرةَ الصّـمَّـاءَ حـــوّلَها عن نهــــــرِ ماءٍ تحتها يجري
والـنـاكــثــيـــن غــداةَ أمَّـهُـمُ مـــــــــن ردَّ أُمَّــهـمُ بـلا نـكـرِ
والقاسطيــــــن وقد أضـلّـهـمُ غـــيُّ ابـنِ هـنـدَ وخدنِه عمرِو
من فلَّ جيشَـهمُ على مضضٍ حـتــــــــى نجوا بخدائعِ المكرِ
والمارقين من اسـتـبـــاحـهـمُ قـتـــــــلاً فلم يُفلِتْ سوى عشرِ
وغديرَ خمٍّ وهـــو أعـظـمُـها مــــــن نـالَ فـيـهِ ولايـةَ الأمرِ
واذكر مـبـاهـــلـةَ الـنـبـيِّ به وبـــــــزوجِـهِ وابـنـيـهِ لـلـنـفـرِ
واقرأ (وأنفـسنا وأنـفــــسكم) فكفــــــى بها فخراً مدى الدهرِ
هـذي المفاخرُ والمـــكارمُ لا قعبــــــــــــان من لبنٍ ولا خمرِ (22)
قال من قصيدته الرائية في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) والتي تبلغ (55) بيتاً:
أَلَيلَةُ الحَشرِ لا بَل يَومُ عــــاشورَ وَنَفخَةُ الصُّورِ لا بل نفثُ مصدورِ
يَومٌ بِه اِهتَزَّ عَرشُ اللَه من حَزَنٍ عـلـــــــــــى دَمٍ لرَسولِ اللَه مَهدورِ
يَومٌ بِهِ كُسفتْ شَمسُ العُلى أَسَــفاً وأَصـبحَ الــــدينُ فيه كـاسِفَ النورِ
يَومٌ به ذهـبـتْ أَبـنــــــاءُ فاطِـمَـةٍ لـلـبَـيـنِ ما بيــــنَ مَـقتولٍ ومأسورِ
فأَيّ دَمـعٍ عـلـيـه غـيرُ مُــــنهـمِلٍ وأَيُّ قَـلـبٍ عـلــــــيه غَيرُ مَفطورِ
وَلَوعَةٍ لا تَزال الدَهرَ مُسعـــــرَةً بين الجوانحِ نـاراً ذات تَـــــــسعيرِ
ومنها:
يا وَقعَةَ الـطَــــفِّ خلَّدتِ القلوبَ أَسىً كـأَنَّـمـا كُــــلّ يَـومٍ يـوم عـاشـورِ
يا وَقعـــــةَ الـطـفِّ أَبكيتِ الجفونَ دماً ورُعـــتِ كـلَّ فـؤادٍ غيرِ مذعورِ
يا وقعةَ الطفِّ كَم أَضرَمتِ نارَ جوىً في كُلِّ قَلبٍ من الأَحزانِ مَسجورِ
يا وَقعةَ الطفِّ كَـــــم أَخـفَيتِ من قَمرٍ وكـم غـمــــرتِ أَبيّاً غيرَ مَغمورِ
يا وَقعةَ الطفِّ هَل تَـــدريـن أَيّ فَـتـىً أَوقـعـتِـه رهـنَ تَـعـــقيرٍ وَتَعفيرِ؟
يا وَقعةَ الطفِّ هَل تَـــــــدريـن أَيّ دمٍ أَرقـته بـيـن خلفِ القَومِ والزورِ؟
وقال في رثائه (عليه السلام) أيضاً:
نَفسي الفِداءُ لمـــــــــقتولٍ على ظمأٍ لَم يُسقَ إلّا بحدِّ الـــــبيضِ والأَسلِ
نَفسي الفداءُ له مِن هالكٍ هـــــــلكتْ لـه الهـدايةُ مِــــــن علمٍ ومِن عملِ
قَرَّت به أَعينُ الأَعــــــــــداءِ شامتةً وأسـخِنَتْ أَعيــنُ الأَملاكِ والرُسلِ
أَفديهِ مستـــــــنصراً قـد قلَّ ناصرُه وَمُـستَضامـــــاً قَليلَ الخيلِ والخَولِ
يا صرعةً صُرِعَت شمُّ الأنوفِ بها وأَصبــــــحَ الدينُ منها عاثِرَ الأَمَلِ
قد أثكـــــلَتْ بضعةَ المختارِ فاطمةً وأَوجَعتْ قلبَ خَيرِ الأوصـياءِ علي (23)
وقال في أهل البيت (عليهم السلام) من قصيدة تبلغ (63) بيتاً:
وَأَحمَـدُ خَيرُ المرسَلينَ وصِنوهُ عَليٌّ أَبــــــو ريحانَتيه وَفاطِمُه
وأَبنــاؤُه الغرُّ الجحاجحةُ الألى بهم أَكــملَ الدينَ الإلهيَّ خاتمُه
هـــــم سادةُ الدُنيا وَساسةُ أَهلها فـمن ذا يناوي فخرَهمْ وَيُقاومُه
عليهم سَلامُ اللَه ما هلَّ عارضٌ وَمــا شامَ برقٌ بالأُبيرق شائمُه (24)
وقال في يوم عاشوراء:
ما عادَ عاشــــــــوراءُ إِلّا همَت عَيني بِدَمـعٍ هاطلٍ ساكبِ
وجداً على سِبط الرَسول الحسيـ ـن بن عليِّ بنِ أَبي طالبِ (25)
وقال من قصيدة في أبي طالب (عليه السلام) عمّ النبي (صلى الله عليه وآله) تبلغ (43) بيتاً:
أبو طـالـبٍ عــمُّ النبيُّ مـــــــــحمدٍ بــه قامَ أزرُ الدينِ واشتدّ كــــــــاهـلُه
كفاهُ فـخاراً فــي الــــــــمناقبِ أنه مــؤازرُه دونَ الأنــــــــــــامِ وكـافــلُه
لئن جهلتْ قـــــــــومٌ عظيمَ مـقامِه فما ضرَّ ضوءُ الصبحِ من هوَ جاهلُه
فلولاهُ مــــــــا قـامتْ لأحمدَ دعوةٌ ولا انجابَ ليلُ الغيِّ وانـزاحَ بـــاطله
أقـــــــــرَّ بـديـنِ اللهِ ســرّاً لحكمـةٍ فـــــــــقـالَ عـدوُّ الــحـقِّ ما هوَ قائله
وماذا عليه وهو في الــدينِ هضبةٌ إذا عصـــــفتْ مـن ذي العنادِ أباطلُه
وكـيـفَ يـحـلُّ الـذمُّ ســـاحـةَ ماجدٍ أواخــــــــــــــــرُه مـحـمـودةٌ وأوائلُه
عـلـيـه سـلامُ اللهِ مـــــا ذرَّ شـارقٌ ومـــــــــــــا تُـلـيتْ أحسابُه وفضائلُه (26)
وقال من قصيدة في جواب عفيف الدين بن عبد الله بن حسين الثقفي المتوفى بشيراز سنة تسع عشرة ومائة وألف:
تبدّى عــــــلى رُزء الحُسين مـسوَّداً وَما زالَ يـــولي في الهَوى (كربَلا) منعا
وَقَـد سَـلَّ مـن جَـفـنـيـه عَضباً مهنَّداً كـــــــــــأَنَّ لــه فـي كُـلِّ جـارحـةٍ وقــعـا
هناك رأَيتُ المــــوتَ تَندى صفاحُه وَناعي الأَسى يَنعي وأَهل الهوى صـرعا (27)
وقال في رثاء أحد الأعلام:
فكمْ ضمَّ مِن مجدٍ وكمْ حازَ مِن علاً وكمْ حازَ من رُشدٍ وكم نالَ من نُسكِ
يــــــعزّ على أرضِ الغريِّ وكربلا وطــــيبةَ ذات الطِّيبِ والحرمِ المكِّي
بأنَّكَ فــــــــــي أرضٍ سواهنَّ ملحَدٌ ولو أنَّهـــا تعلو السَّماكين في السَّمكِ (28)
...........................................................
1 ــ ديوانه ــ المكتبة الشاملة بالرقم 66809 ص 47 ــ 49 / أدب الطف ج 5 ص 177 ــ 179 عن ديوانه المخطوط في مكتبة المدرسة الشبرية بالنجف الاشرف
2 ــ مقدمة الطراز الأول والكناز لما عليه من لغة العرب المعول للبن معصوم ــ مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، قدم له السيد علي الشهرستاني ص 46 ــ 47 / رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) – لابن معصوم تحقيق السيد محسن الحسيني الأميني مؤسسة النشر الإسلامي قم ص 6 ــ 7 / الغدير ج ١١ ص ٣٤٦ / مقدمة أنوار الربيع لابن معصوم ــ تحقيق شاكر هادي شكر ج ١ ص ٥ / أعيان الشيعة ج ٨ ص ١٥٢ / مقدمة الدرجات الرفيعة لابن معصوم ــ قدم له السيد محمد صادق بحر العلوم ص 3
3 ــ رياض العلماء ج 3 ص 363
4 ــ الغدير ج 11 ص 456
5 ــ مقدمة رياض السالكين لابن معصوم ج ١ ص 7 ــ 12 / مقدمة الطراز الأول والكناز لما عليه من لغة العرب المعول ص 46 ــ 51 / أعيان الشيعة ج ٨ ص ١٥٣ / مقدمة الدرجات الرفيعة كلمة المقدم السيد محمد صادق بحر العلوم ص ٤
6 ــ الغدير ص 457
7 ــ أمل الآمل ج 2 ص 176 رقم 529
8 ــ أعيان الشيعة ج 8 ص ١٥٢ عن حديقة الأفراح لليمني
9 ــ نفس المصدر والصفحة عن نفحة الريحانة للمحبي
10 ــ رياض العلماء ج 3 ص 363
11 ــ خاتمة المستدرك ج 2 ص 59
12 ــ روضات الجنّات ج 4 ص 394 رقم 420
13 ــ الكنى والألقاب ج 2 ص 412
14 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 2 ص 7 رقم 174
15 ــ ريحانة الأدب ج 2 ص 92
16 ــ أعيان الشيعة ج ١ ص ١٥٢ عن سبحة المرجان في آثار هندستان
17 ــ مقدمة الدرجات الرفيعة ص 5 ــ 6
18 ــ أدب الطف ج 5 ص 187
19 ــ ديوانه ص 37 / أدب الطف ج 5 ص 190 ــ 192
20 ــ ديوانه ص 131 / الغدير ج 11 ص 346
21 ــ ديوانه ص 55 ــ 57 / الغدير ج 11 ص 350 ــ 351
22 ــ ديوانه ص 34 ــ 38 / الغدير ج 11 ص 344 ــ 345 / مقدمة الدرجات الرفيعة ص 8 ــ 9
23 ــ ديوانه ص 136 /
24 ــ ديوانه ص 103 ــ 104
25 ــ ديوانه ص 132
26 ــ ديوانه ص 81 ــ 82
27 ــ سلافه العصر في محاسن الشعراء بكل مصر لابن معصوم ج 1 ص 144
28 ــ ديوانه ج 1 ص 289
كما ترجم له وكتب عنه الكثير منهم:
الشيخ عباس القمي / الفوائد الرضوية في أحوال علماء المذهب الجعفري ج 1 ص 452
مصطفى بن عبد الله الشهير بحاجي خليفة / كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ج 1 ص 68
أسماعيل باشا البغدادي / هدية العارفين في أسماء المؤلفين وآثار المصنفين ج 1 ص 763
يوسف إليان سركيس / معجم المطبوعات العربية والمعرّبة ج 2 ص 244 ــ 245
عبد الصاحب الدجيلي / أعلام العرب في العلوم والفنون ج 3 ص 132
السيد عباس المكي الحسيني الموسوي / نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس ج 1 / 322
الشيخ أغا بزرك الطهراني / الذريعة إلى تصانيف الشيعة في مواضع كثيرة
وكتب عنه من الدراسات والبحوث والرسائل والأطاريح:
علي الشهرستاني ــ المنهج الاستدراكي النقدي في اللغة ودور السيد علي خان المدني في تطويره وتنميته
عبد الجليل آل السيد علي خان المدني ــ كنز العرفان في معرفة آل السيد علي خان المدني
الدكتور عادل عباس هويدي النصراوي ــ الجهود اللغوية والنحوية عند ابن معصوم المدني
عادل عباس النصراوي ــ ابن معصوم المدني ومنهجه في كشف الدلالة القرآنية
الدكتور عادل عباس هويدي النصراوي ــ عبد الهادي فليح الكعبي ــ أسس الترجيح في الخلاف النحوي عند ابن معصوم المدني في كتابه (الحقائق الندية في شرح الفوائد الصمدية)
عادل عباس النصراوي ــ الآثار العلمية لابن معصوم المدني
كريم علكم الكعبي ــ الغربة والحنين إلى الوطن في شعر ابن معصوم المدني
ماجد بن عوض السلمي ــ البحث البلاغي عند ابن معصوم المدني
حبيب آل جميع ــ السيد ابن معصوم المدني عالماً شاعراً
عثمان سمير يحيى السراج ــ جماليات تشكيل المكان في شعر ابن معصوم المدني
نصر الله شاملي ــ جماليات الصورتين التشبيهية والاستعارية عند ابن معصوم المدني
شاكر هادي شكر ــ رحلة ابن معصوم المدني
حمد البلهيد ــ غربة شعر وشاعر / ابن معصوم المدني
علي عباس علوان ــ المباحث اللغوية في رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين لـ (علي خان المدني)
اترك تعليق