لعلي الأكبر .. وردُ الجنةَّ
مُدِّي على جسدِ القصيدِ حُطامي *** فالبوحُ مصلوبٌ على أقلامي
وتـعـكّـزي بِـبَـقـيـةِ اللُّـغـةِ الـتـي *** أشـتـقُّ مـنها سرمديِّ هيامي
لُمِّي حروفي كالـفراشِ تحلَّقتْ *** ثم انثُريها في المدى المُترامي
يا أبـجـديـاتٍ تـضـوّعُ حـزنـهـا *** تُـزجـي سـحاباً موجّعُ الإلهامِ
وتـهـاطـلـي فـي قـافياتي أنجماً *** واسـتـرسلي في مُنتهى آلامي
وتلوَّني بالأسودِ المُتَبتلِ
ثم استقيمي كالخُيوطِ بِمغزلي
لأحيكَ ما تتلو الملائكَ
رتِّليها
سُورةُ الحُزنِ المقدَّسِ ..
يا قصيدةُ رتِّلي.. .
نعيأً يَليقُ بفارسٍ
أو علَّهُ يرقى ليدنو من (علي)..
وتَسربلي في آهةٍ مبلولةٍ
بدموعٍ عطرٍ بنفسجٍ ..
بضجيجِ أنفاسي اكتسى..
يَنسابُ في رئةِ الأسى...
ويَميدُ حتى في مراسيمي رسا..
غرف الخيالُ بهاء وجدي واحتسى ..
يُصغي وقد فغَرَ الضلوعَ لتحتوي
آهات عرشٍ ثاكلٍ مُتزلزلٍ..
سَرَبَتْ من الملكوتِ حتى خافقي..
في شهقةِ الغيبِ الكئيب ..
تُعانقُ النبضَ المولول بالنحيب ..
فيا قصائد ولْوِلي..
الأكبرُ الـنُسخت ملامحهُ من الأصلِ النَّبيِ المُصطفى..
نبويةٌ سيماهُ
والخُلقُ الكريمُ مطابقُ ..
وكأنما قد فُصِّلت تفصيلا..
حتى إذا ما ينظرُ الرائي لهيبتهِ يقولُ مسبِّحاً ..
سُبحان مبدعِ آيةٍ الحُسن التي قد نُزِّلت في وجههِ تنزيلا ..
يزهو بميراثِ النبوَّةِ والجمالِ الأكملِ ..
غُصناً كوردِ الجنَّة الرَّيانِ
أينعَ مفعماً بالعنفوان ..
وإذا بنورِ الله فيهِ ينجلي..
وأراهُ يُشبهُ جدّه الكرارَ قد حصدَ الرؤوس..
وموّجَ الميدانَ فارتبكَ الصهيل..
ثار الغبارُ ..
كأنما ساخت بهم أرضُ الطفوفِ
فأوجفوا
في خيفةٍ وتوجلٍ..
وتدابروا..
حتى إذا انكشف الغبارُ فما ترى من مقبلِ..
لكنما ثقلُ الحديدِ
وذلك الظمأُ اللعين تعاضدوا..
حتى إذا ما كاد (مُرّة )..
ذلك الإبليسُ من جيش الظلام
مُيمَّما خسفَ الضياءِ بخفةٍ وتسللِ..
أهوى وفي عينيهِ يلتمعُ الجنون بضربةٍ في المقتلِ..
أيُغالُ هذا النور؟ !
باللهِ اخبروني...
كيف تُفلقُ هامة البدرِ البَّهي
وينزفُ الضوءُ المهيبُ توهجاً
في مهرجانٍ مذهلٍ ؟؟..
أم كيف تُقطفُ زهوةُ الوردِ الفتيِّ رعونةً بالمنجلِ ؟؟!!..
آآآآآآهُ من تلك الفجيعة..
أسمعُ الأنات رجعاً يستبيحُ الصمتَ في محرابِ روحي ..
والُّزغرداتِ كما هديلِ حمائمٍ في جلوةِ البطلِ الشهيد..
وعيونُ ليلى..
آآآآآآهُ من حُزنٍ تلألأ صاخباً في عينها ..
إذ تُسبلُ الوجعَ اصطباراً ....
كالسحابِ الحائرِ.
أو يستفيضُ كساقياتٍ من دموعٍ يستقي منها يباب مشاعري ..
فتداهمُ الرُّؤيا وتسكبُ زفرةً
تهتزُّ كل جوانحِ الكون الحزين
برجفةٍ في مشهدٍ ينشقُ من رؤيا الطفوفِ
مُجنحا بخواطري..
أستافُ من وحيِّ سكيبٍ في شفاهِ محابري
والسردُ مكلومٌ تفتَّحَ كالرِّتاجِ المُشرعِ..
إذ يستفيقُ الجرحُ من تنهيدةٍ كانتْ تُراوحُ أضلعي..
بحكايةٍ الرزءِ التي من عالمِ الذَّرِّ استهلتْ
في وميضِ محاجري..
من كربلاء تفتقتْ..
وتدفق الحقُ انهماراً زمزميُّ المنهلِ ..
فرشفت من دُنِّ الحقيقةِ وانطلقتُ مفوهاً ..
ينساب صوتي :
يا قصائد جلجلي..
إيمان دعبل
اترك تعليق