نقش على لوح الخلود

عَنْ سِرِّ ضَوئكَ لَسْتُ أَمْلِكُ أَجْوِبَة مَهْمَا يَشِيخُ الحَرْفُ، نَـزْفُـكَ خصّبه

عَنْ كُلِّ تِلكَ الشَّاخِصاتِ مَعَالِماً *** تَـحْـنُـو إِلـيـكَ مُــشِــيْـرَةً مُـتَعجِّبة

تـنزاحُ كالقوسِ المُحدّبِ راكعاً *** لا يـرتـجـي يـومـاً يـقـوّم مـِنْــكَـبَه

وتُبعثر الأوهامَ عنْ طقسِ النوى *** لـمّا أتـى فصلُ الـغـرامِ ليـصلُبَه

وحيٌ بطعمِ الآهِ خِلْتُ مـذاقـهُ *** فـيـبـثُّ نـجـوى الـعـاشقين مكـهربة

ويسيحُ بي كالليلِ فـيـه تلامعتْ *** أضـواءُ نجمٍ راحَ يسحَرُ كـوكـبـه

(قيسٌ) من الهيمانِ راحَ يشُدّني *** عن وجد (ليلايَ) الغرام مُحـبّـبة

وإلى مسـافـاتِ الحنينِ تزاحمتْ *** رجـلايَ تـدفعها لعشقِكَ مَـسـغبة

قِفْ هاهُنا جاءَ الصَّدى مِنْ صَادِحٍ *** لا ليس وهـمـاً أستقيه فأشربهْ

بل مِنْ شِغافِ الرُّوحِ مِنْ لُبِّ الحَشَى كانَ النِّداءُ، فَحَقَّ لي أنْ أصحبَهْ

حيثُ انهمارُ الذكرياتِ عواطراً *** حيثُ انسكابُ الـدمع ناراً مُلهِبة

حيثُ انـعـكـاساتُ النهارِ مُويجةً *** تـنـسـابُ عـابـرةَ الـرؤى لِـتُقلّبه

عنْ كربلاءِ الحُزنِ عن أحداثها *** سال الزمانُ على مشاهد مُرعبة

فبها استحالَ الكبرياءُ شوامخاً *** صـعبٌ على غيرِ الأُلى أنْ تركبه

وكـأنّهُ الثوبُ اللصيقُ بهاشمٍ *** مـا كـانَ أجـمَـلَـهُ عـلـيـهـم مـنـقـبـة

فركوا مغانطَ عِشْقِهِم فتبوصلوا *** حـولَ الـحسينِ بمحتواها مُعرِبة

لـمْ يـشربوا ليل انتظارِ رحيلهم *** إلا وصـالاً طـعـمُـهُ مـا أطـيـبـه

ولذا أحـالوا أخـريـاتِ حـياتـهم *** ضَـحـكاً وطـوراً بـالعِبادةِ مُتعبة

وبـشـوقِـهـم لـلـحورِ كان حديثهم *** أنـسـاً فـأرواحٌ لـهـم مـتـرقّـبـة

ومع انـدلاعِ الـفـجرِ هبّوا نسمةً ** تسري فتُعشِبُ كلَّ أرضٍ مُجدِبة

رحلوا كما شـاء الإله وذكرُهم *** كـانـت بـه شَـفَـةُ الخلودِ مُرطّبة

من بعد أنْ ملأوا فراغَ حقولهم *** قـمـحاً سماويَّ الصفاتِ لهُ هبة

لم يبقَ غيرُ فنارِ ضوئكَ هاديًا *** تـنـمـو الـحياةُ عليهِ رغمَ المذأبة

كانت مـآلاتُ الـفـراقِ مـريرةً *** بـمـشـاهـدٍ لذوي الضميرِ معذِّبة

لـكـنّـك الأعـلى مقاماً لم تُرِدْ *** إلا رضـا الـربِّ الـجليلِ ومكسبه

ترجـمـتَ مِـنْ لُـغـةِ الخلودِ حكايةً *** أزلـيّـةَ الـمـعنى بفِيكَ مُذهّبة

ونَقَشْتَ من دَمِك الـمـقـدّسِ آيـةً *** حمراءَ لا ترقى لغيرِك مرتبة

تـبـقـى تُـنِيرُ الثائرينَ طرائقًا *** للبوحِ عن رفضٍ قصائدَ مُطرِبة

وتكربلُ الـناياتِ نَغْمَةَ نهضةٍ *** أعـظِـمْ بـهـا لـلـحـقِّ تـبقى مأدُبة

فعليك مسكُ اللهِ مِنْ عبقِ الشذى * أرجو تكونُ بها الشفاعةُ موجِبة

وسام العبيدي

المرفقات

: د. وسام حسين العبيدي