146 ــ ياسين التوبي (1416 هـ / 1996 م)

 

قال من قصيدة (معنى الماء) وهي إلى أبي الفضل العباس (عليه السلام)

وَصَلّى عندَ صَمتِ النهرِ ثَغرًا يُفَكِّرُ في الخشوعِ بِصُورَتَيهِ

أقامَ بـ (كربلاءَ) على جراحٍ *** يراجـــعُ ما رآهُ بـريشتيهِ

وما ظَمَأُ الفـراتِ لأيِّ شيءٍ *** سـوى ظَــمَأٍ يُقَبِّلُ رَاحَتَيهِ

وقال من قصيدة أخرى:

عَمَدُ السما في (كَربَلا) بـقَـتـلِـهِ يُـكسَرْ

يروي عموداً نازِفَاً في ساعَةِ المَحْشرْ

كَـ ابـنَ الـطُـفيلِ وزيدُهُمْ بِجَهَنَّمٍ يُحشَرْ

الشاعر

ياسين عدنان عبد الحسن التوبي ولد في مدينة غمّاس (الديوانية) وهو حاصل على البكالوريوس في الصيدلة من جامعة القادسية ــ كلية الصيدلة ــ عام ٢٠١٩

نشأ التوبي في بيت له وشائج للولاء لأهل البيت (عليهم السلام) وجذور مع الشعر الحسيني والأجواء العاشورائية، فجده عبد الحسن كان شاعراً حسينياً فورث منه التوبي هذا الحسّ الديني والأدبي فبدأ مشواره مع الشعر ــ وكانت بدايته حسينية ــ عام (2015) واستطاع أن يطور تجربته ويواكب النشاط الشعري في مدينته بعد أن وجد الفرصة المناسبة للتطوير من خلال تشجيع أهله وبعض الشعراء الذين كانوا يزرعون فيه الأمل على تخطي الصعاب والاستمرار مع الشعر منهم الشاعر قاسم العابدي، والشاعر معتصم السعدون، والشاعر مرتضى التميمي والأستاذ جعفر الخطاط ، والشاعر محمد الصفار القطيفي، ورغم تخصصه في مجال الصيدلة إلا أن هاجس الشعر كان يسكنه حتى أفاض به وأبدع فيه

حصل على المركز الثالث على العراق، ومن خلال هذا الفوز حصلت جامعته على المركز الأول في المهرجان السنوي الأول للشعر الفصيح المقام في البصرة بمشاركة (٥٢) مشاركاً من مختلف جامعات العراق.

حصل على درع الإبداع من اتحاد الأدباء في الديوانية

مُحاضر خارجي في كلية الصيدلة جامعة القادسية في مادة الصيدلة السريرية.

شعره

قال من قصيدة (إصبع تبوصل المعنى)

أحتاجُ حنجرةً وفكرةَ شاعِرِ *** وجميعَ دمعٍ في العيونِ معاصِرِ

وهوى نَبِيٍّ في غياهبِ جُبِّهِ *** وحقيقةً تُخـــــــــفى بغَيبَةِ طائِرِ

ودخانَ نيرانٍ بخيمةِ مُرضعٍ *** وبكاءَ أطفــــالٍ وكسرةَ خاطِرِ

وعيونَ يعقوبَ المُرتلِّ حُزنَهُ *** وجوابَ عمَّـارٍ لصرخةِ ياسِرِ

ومدادَ محبرةِ السماءِ وصفحةً *** بيـضــــاءَ مِنْ دُرٍّ بمقلةِ ناظِرِ

وَيَدًا هناكَ بإصبعٍ مبتورةٍ *** حتّى أُفَسِّرَ في الحُسَينِ مشاعِرِيْ

وقال من قصيدة (بين عهد وندبة) وهي إلى أمل الإنسانية .. المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

حبيبٌ وَيَتْلُوهُ الزَمَانُ بِغَيبَةِ *** وشَـمـسُ رسَـالاتٍ وهـيبَةُ ثَورَةِ

وبَدرٌ يُصَلِّيْ الأرضَ فَرضَ تَمَامِهِ فَكيفَ تُصَلِّيهِ السَماءُ بِحَيرَةِ !

وَكَيفَ لقلبِ الكونِ هذا مُحَاوِلًا *** جـميعَ فَمٍ حتّى يَرَاهُ بِصُحبَةِ

تَرَاهُ ضياءً منْ عمامةِ أحمدٍ *** وكـفِّ عـلـيٍّ بـينَ بأسٍ وَهَيبَـةِ

وتسمعُ صوتَ الليلِ يتلوهُ حرقةً  تـفزُّ على قلبِ الصباحِ بحرقَةِ

يفزُّ بقلبي الشوقُ كلَّ عَشِيّةٍ *** فأُخفيْ سماءاتِ الفراقِ بحسرَةِ

أَعُدُّ سنيـنَ الغائبـيـنَ وأشتهيْ *** لقـاءً ألـيماً بيـنَ نـحــرٍ وتَـلَّـةِ

وأكتبُ عمرَ الدربِ قبل مجيئهِ * أحاولُ وجهَ اللهِ في كلِّ جُمْعَةِ

ودربَ اشتهاءاتٍ وفكرَ عمامةٍ ** مَسَيْحيَّةٍ حمراء بينَ فريضَةِ

وذنبَ الدياناتِ الكئيبةِ حاملًا *** وختمَ قريشٍ في ستـارةِ مَكَّةِ

وألفَ نبيٍّ عن رسالةِ عاشقٍ *** يفتِّشُ عمراً بيــنَ عهدٍ ونُدبَةِ

لعلَّ يراني الغيبُ زلَّةَ جاهلٍ *** فيأمرُهُ الأعـلـى لقلبــي بطلَّةِ

كأنَّ برأسِ العـاشقينَ يتيمُهم *** وينظرُ كفَّ القادميـنَ بمسحَةِ

وكلُّ ليالي النادبينَ تسمَّرتْ *** بدمعِ يتيمٍ وانتحــــــــابَةِ مقلَةِ

فأيُّ سبيلٍ نحوَ وصلِ قلوبنا *** فيُزهرُ وجهُ الكائنـاتِ بحجَّةِ

وقال من قصيدة (معنى الماء) وهي إلى أبي الفضل العباس (عليه السلام)

هو المعــــنى يَفِرُّ إلـى يَدَيهِ *** وَيُحرِمُ في مَـسَـافَـاتٍ لَدَيهِ

يَحِجُّ بِصَمْتِ حنجـرةٍ ونهرٍ *** تَدَفَّقَ يَـسـأَلُ القُــربى عَلَيهِ

يُـلَـوِّنُ كَـفَّ كـلِّ يَدٍ حَبَاهَا *** وَيُبحِرُ في النفـوسِ بِقِـربَـتَيهِ

رمى بِيَدٍ وَألحَقَـهَا بِـأُخرى *** وَأَجْزِلَ في العطاءِ بِـمُـقْلَتَيهِ

فَــأَفـحَـمَ لـفـظَ تـاريـخٍ وَمـاءٍ *** بِـكُـلِّ دَمٍ أَقَـامَ بِـرَافِــدَيــهِ

وَصَلّى عندَ صَمتِ النهرِ ثَغرًا يُفَكِّرُ في الخشوعِ بِصُورَتَيهِ

أقامَ بـ (كربلاءَ) على جراحٍ *** يراجـــعُ ما رآهُ بريشتيهِ

وما ظَمَأُ الفـراتِ لأيِّ شيءٍ *** سوى ظَــمَأٍ يُقَبِّلُ رَاحَتَيهِ

وقال من قصيدة (آية الحزن) هي إلى سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام)

خَلفَ اشْتهـاءِ الموتِ نحرٌ يكبَرُ *** وَفَـمٌ بـشـهـوةِ موتِهِ يَتَفَطَّرُ

فَبِأَيِّ صـوتٍ يُستفزُّ تُـرابُ هـذيْ الأرضِ حينَ رأتْ دَمًا يَتَقَطَّرُ

وَبِأَيِّ آياتِ المَجَـازِ تَلَـعثَمَتْ *** كلُّ اللُغَاتِ ، بِــــــــأَيِّهَا تَتَعَثَّرُ

طفلٌ هو المعنى ويحملُ نبلةً ** وَيُسَامِرُ الصرخاتِ ماءٌ أصفرُ

وَلِكُلِّ كفٍّ للنقاءِ (تَحَـرمَلَتْ) *** سيكـونُ نحرٌ للحقيقةِ أحــــمرُ

سيكونُ طفلٌ في غياهبِ صدرِهِ * نَـفَـسُ الإمامةِ والرئاتُ تُعَفَّرُ

سيكونُ تاريخُ المياهِ مُخضّبٌ *** بِفجـيعةٍ لِفَمِ السمــــــا تَتَقَهقَرُ

وإذا رضيعٌ في القيـامةِ واقفٌ *** وَبـِنَبلَةٍ في نحــــــرِهِ تَتَكسَّرُ

سترى يَداً لمُـحمَّدٍ قُطِعِتْ بما ** قَـالتْهُ أسيافُ الذينَ (تَشَمَّرُوا)

وترى بجنبِ العرشِ آيةَ حزنهِ بـمـقامِ (رأسٍ) لا (حجازَ) يُكبِّرُ

وترى كتاباً في السماءِ مُوثَّقًا عنوانُهُ في الطفِّ: (قالَ الخنصرُ)

وقال من قصيدة (إشراقة من نجوى الطف) وهي إلى سيد الشهداء الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)

أراكَ سماواتٍ تفيضُ قوافِيَا ** ونـهراً تـلى في الـمُعجزاتِ أسامِيَا

أراكَ نقيّــاً فــي رداءِ مُحَمَّدٍ *** فكيفَ يراكَ الناسُ جرحَكَ شاكِيَا

أراكَ عَلِيًّا فـي قــداسـةِ فـاطِـمٍ *** وقـلـبـاً عـراقِــيّـاً يـفيضُ أمانِيَا

فيا لكَ مِن شمسٍ تجلَّتْ فأشعلتْ ** قلوبَ الأنامِ البيضَ فيكَ تناجِيَا

قمينٌ بك الشعرُ العظيمُ وناقصٌ  مِنَ الشعرِ ذاكَ الكان عنكَ مُجافِيَا

فأنتَ حـقـيـقيُّ الوجودِ وكلُّنـا *** سـرابٌ وزيـفٌ يستبيحُ الرواسِيَا

وكلُّ الـدنـا لـمّـا أتيتَ بلحظةٍ *** تَـجـرّعـنَ نـوراً وَاستحلنَ أغانِيَا

وإنَّا الحُسَينِيُّونَ وجهكَ نبتغي *** فصرنا طريقاً دونَ نورِكَ داجِيَا

وصرنا نَبِيِّينَ الهوى فيكَ، لم نَعُدْ *** نريدُ حبيباً آخــراً وَغــــوالِيَا

ولم نَرَ إنسانًا كمــثلِكَ مشرقاً *** وكلُّ أُنَاس الكــونِ صـاروا ليالِيَا

ولم نَرَ إنســـاناً سواكَ بقلبِهِ *** يضخُّ جمالاً كــيْ يــــــزيدَ جمالِيَا

لأنَّكَ يا ابنَ العالياتِ مُحَمَّلٌ *** بسَعْي نبيٍّ جـــــــــاءَ عندكَ حافِيَا

منحتَ وجودَ الكونِ طعم بقائهِ *** وكنتَ على متنِ الحقيــقةِ والِيَا

لأنَّ جميعَ الناسِ خلفَ أَمَامِهِمْ *** أكونُ عظيــــماً إذ تكونَ أَمَامِيَا

فيا لكَ من قلبٍ يفيضُ سماحَةً *** ويعطي دروساً بالمــــحبَّةِ ثانِيَا

ويعطي فراتاً لو رآنـي بشدَّةٍ *** ومن قبلِ أن اتلو عــلــيهِ سؤالِيَا

ويمسحُ قلبي عند اوَّلِ نخــلةٍ *** تُسَاقِطُ بدراً يســــــتبيحُ الدياجِـيَا

عرفتُكَ سلطانَ القلوبِ ونبضَـــهَا *** وكفًّا سمــاوِيّاً ولفظًاً مُشَافِيَا

وآمنتُ إيقانـاً بأنَّكَ جوهرٌ *** فصارتْ رئـاتُ الــمُرسلاتِ خوالِيَا

وقال من قصيدة (ترتيلة الرأس المقدس) وهي إلى السيدة زينب (عليها السلام) في رحلة السبي

بِغَيرِ سَمَا جِرَاحِكَ ما صَبَرتُ *** حَمَلتُ سِهَامَ صَدرِكَ ثُمَّ رُحتُ

اُرَتِّـلُ رأسَـكَ (الأعـلى) بِعيني *** وأتلـو خُنصُــرَاً إذ مــا وَقَفتُ

وَأَحمِلُ نــــار قهرٍ فـوقَ متني *** وبينَ يـــديّ نَهـرٌ لــو عَثَـرتُ

حَبيبي يا حُسيـنُ وروح روحي *** وعينِكَ كلُّ ذاكَ ومـا سَقَطتُ

فكم مِـنْ طَعـنَـةٍ حُبِسَتْ كلاماً *** وفي شورى الرئاسَةِ قد نَطَقتُ

وكم مِنْ طِفلَةٍ رُويتَ عـذاباً *** ولكنَّ العــــذابَ كـمــــا رَوَيتُ !

فَمَنْ يروي الإباءَ بغيــرِ سِترٍ *** ففي سِتـرِ الإبـــاءِ أَنا وُضِعتُ

أنا سِترُ الحجابِ وأيُّ عقلٍ *** يُمَثِّلُني بِشَــــــــــــيءٍ قـد وَجَدتُ

وإضافة إلى القصيدة العمودية ذي القوالب الخليلية فقد كتب التوبي القصيدة المنبرية وأجاد فيها وأبدع ومن قصائده المنبرية قصيدته في ذكرى استشهاد الصديقة الكبرى (فاطمة الزهراء) صلوات الله عليها يقول فيها:

أيُّ ضلـعٍ كَسَرُوهُ *** أيُّ بـــدرٍ عَصَرُوهُ

يا فاطِمة

آيَةٌ مـن وَحي قُـــــرآنِ الغـــــرامِ تَفَطَّرَتْ

إذ لها صوتٌ كما كسرِ الضـلوعِ تَكَسَّرَتْ

دمعةٌ من بــابِهَا المَخنوقِ صـخراً فَسَّرَتْ

أيُّ نارٍ تلكَ في (بابِ الرجــــاءِ) سُجِّرَتْ

أَهْيَ نــادَتْ يـا عَلِيْ أم أدمعتْ وتَحَسَّرَتْ

حينها الدمــعُ تلـى وإذا الجِبَـــالُ سُـيِّـرَتْ

صارَ بابُ الدارِ نارَا *** كلّهُ الكونُ استَجَارَا

يا فاطِمَةْ

كَـسرَةٌ لِلكَـــونِ كـــانـــتْ لا تَلِيــهَا  كَسرَةُ

كيـفَ لا تُكوى ضـلـوعٌ وَهْيَ فـيـنـا جَمرَةُ

كيـفَ لا أكسِـــرُ ضِلــــعِاً وبكــى حـيـدَرَةُ

حيـدرٌ في بَــابَـــهِا بـانــتْ عليـهِ  الصُفرَةُ

وَهْـوَ يــدري أنَّ مـسـمارَ المَنــايـا شَـفـرَةُ

شقَّ صدرَ الحقَّ وانعَصَرَتْ عليهِ الزَهرَةُ

أيُّ مسمارٍ أذاكِ *** إنني روحي فداكِ

يا فاطمةْ  

قالَ يا زهراءُ قولي يا عليْ ثمَّ  انظُرِيْ

أقلِبُ الكونَ جهنَّمَ فـوقَــهُـمْ لــو تـأمُرِيْ

أنزِعُ الأرواحَ منهم نـزعَ بـابٍ خيبَرِي

نظرةٌ مِنِّي سَتَطعِمُهُمْ حـريـقَ الـمـحشَرِ

قـنبَرٌ يكفي عليــهم لا صليـــلَ الأشــتَرِ

فاطِمٌ إنِّـــيْ عليٌّ خـــاطِري لا تَكسُرِي

أظلمَ البيتُ انتِحَابَا *** أعلَنَتْ روحي غِيَابَا 

يا فاطِمَةْ

كفُّ مَنْ ذاك الـــذي قد أدمـعَ الأعتابا

كفُّ مَنْ قال افتَحِـي قسراً عـليكِ البابا

وَهوَ يـدري فضلـها عمَّ الدنا ورحـابـا

أيُّ كــفٍّ ذاكَ صـــار لــدارِهَا حطَّابا

يا فـلانُ أتختشي أن نــذكـــرَ الأنسابا

لو أزيحَ بلحظةٍ عن ذي الفعالِ حِجَابا

أيُّ كفٍّ ناصِبِيِّ *** قد رمى بنتَ النبِيِّ

يا فاطمةْ

كلُّ هذا الكونِ مرهونٌ بدعوةِ فاطِمَةْ

عالِمٌ والِـــدُهَا وَهْيَ تمـــامــــاً عالِمَةْ

أنَّها لـــو رَفَعَتْ كـفَّـاً سَيُفنِي عَــالَـمَهْ

تُصبِحُ الأكوانُ في بابٍ لفاطمِ جاثِمَةْ

فاطمٌ تـــدعو وتبـكي أنْ تَمهّل سالِمَةْ

حسرتي تلكَ عيــونٌ في لهيبِ هائِمَةْ

ضلعُ صدري فاقْلَعِيهِ *** دونَ تقصيري خذيهِ

يا فاطِمَة

قُل أيا بـــاب المصائـبِ كيــف كـان أنينُهَا؟

أم هل شعـــرتَ برقّـةً لـمـا أتـــــاك حنينُهَا؟

أم هل صُعِقتَ بنورِ وجهٍ حينَ طاح جنينُهَا؟

سورةٌ من (شمس)ـها نــــاراً بـكـتـهُ عيونُهَا

حسرةٌ في الدارِ كانتْ، مـا تـقـولُ شـجونُهَا؟

كيفَ هذي الأرضُ حُزناً لا يُـجَنُّ جنونُهَا؟!

عينُ هذا البابِ تبكي *** تشْتَكِي للهِ عنـــكِ

يا فاطِمَةْ

ومن منبرياته قصيدته في حق أبي الفضل العباس (سلام الله عليه)

كـــافٌ هــــاءٌ يـاءٌ عـيـنٌ صـادْ

كانَ العبَّاسُ لَهُمْ موتاً بالمرصادْ

كالموتِ كانا *** يحْوي المكانا

قد جاءَهُم موتــاً كـبيراً حامــلَ العَزْمِ

في عَينِهِ تروى القيامةُ عن دِما الهَزْمِ

لمْ يَبـقَ فيهمْ لَثغَةٌ تَـكـفِـي إلـى الـسِـلمِ

فَــــرُّوا بِـرُعـبٍ كُلُّهُمْ مِن هَيبَةِ الِإسمِ

خوفٌ صمتٌ موتٌ صوتٌ صاحْ

يا رعبَ الطَفِّ وسيفَ الإصـلاحْ

كالموتِ كانا *** يحْوي المكانا

كانَ يُقَلِّبُ جـيـشـهمْ في قبضةِ السيفِ

ذاتَ اليمينِ ضربةً مِن سورةِ الخوفِ

ذاتَ الشَّمَالِ كَقَبلِهَا تـرويـهِ بـالـحَـتفِ

وَشِمْرُهُــــمْ إذْ باسِـــــطٌ كَفَّيـهِ بالطَفِّ

نارٌ غَضَبٌ عَتَبٌ فيهمْ قـالْ

لا يضربُ سيفي إلا الأنذالْ

كالموتِ كانا *** يحْوي المكانا

هَرَبُوا وكُـسِّرَ رأسُـهُـم مـن لَـعـنَـةِ الذُّلِّ

ما ظَلِّ مِن جَمعِ العدا خوفاً سوى النَعلِ

أعطـى لـمَـلـكِ الـمـوتِ أمـراً نافَذَ القَتلِ

لَمَّا قـضى صاحوا دخيلكَ يا أبا الفَضْلِ

أمـــرٌ قولٌ طـوعٌ نهجٌ صارْ

مـكـتوباً فوقَ جبينِ الأنصارْ

كالموتِ كانا *** يحْوي المكانا 

قَصَدَ الجيـوشَ بِـكَفِّهِ كي يحملَ النَهرَا

فَيُهينُ وجـهَ الـموتِ لو أبــدى لَهُ نُكرَا

ألقى الفُـراتَ لأصْلِهِ ما إنْ رأى نَحرَا

فـرأى الـحُـسَينَ وطِفلَهُ تَبكِيهُمُ الزَهْرَا

نَـهـرٌ نَـحرٌ طِفْلٌ شِمرٌ ماءْ

قُتِلَ الأنقى ذَبحَاً يا زَهرَاءْ

كالموتِ كانا *** يحوي المكانا

يا أعظَمَاً مِنْ سِــورةٍ في ليـــلـةِ القَـدْرِ

ظَهْرُ النَخِيلِ أَجَازَ قَتْلَ الفَضْلِ بالـغَـدْرِ

يا وَيلَتِيْ لَمَّا أطــــاحَ المـــوتُ بـالفَجرِ

قد زُلْزِلَتْ أرضُ الطُفُوفِ بِلَحظَةِ البَتْرِ

نَـخـلٌ غدرٌ كَفٌّ فَجرٌ كانْ

بَينَ الحَوراءِ وبينَ النِيرانْ

كالموتِ كانا *** يحْوي المكانا

عَمَدُ السما في (كَربَلا) بـقَـتـلِـهِ يُـكسَرْ

يروي عموداً نازِفَاً في ساعَةِ المَحْشرْ

كَـ ابـنَ الـطُـفيلِ وزيدُهُمْ بِجَهَنَّمٍ يُحشَرْ

شُلَّتْ يَـدَا فـي قـتـلـكـمْ مَـنْ عَـقـلُهُ فَكَّرْ

ويـلٌ لـيـلٌ سَـيـلٌ حُـزنٌ دمــعٌ طـالْ

ذُلَّتْ أسماءُ من كفرٍ في طفٍّ إذلالْ 

 كالموتِ كانا *** يحوي المكانا

يا سَهمُ عينِ الروحِ بل يا سورةَ الصَمتِ

أوصتْ لنــا زَهرَاؤنَا فِي ســـالفِ الوَقتِ

لا تَذْكُرُوا سَهمَ العيـــونِ بـسـاعةِ الموتِ

لَـكِنَّنَــــا كَجَمــــرَةٍ مِــنْ شِـــــدَّةِ الـكَـبـتِ

كافٌ هاءٌ ياءٌ عينٌ صـــادْ

كانَ العَبَّاسُ هُنَا كالأوتادْ

كالموتِ كانا *** يحوي المكانا

وقال من منبرية أخرى:

تَسبِيحَةُ المَدمَعِ *** فـي فرضكَ الأفجَعِ

بالعمرِ ناحتْ مَعِيْ * صلَّتْ بفرضِ الآهْ

في هَوَاكْ ... في هَـوَاكْ ... صـوتَ اللهْ

حُزنُ القلوبِ انْكَشَفْ *** والنَوحُ فيهِ اعْتَكَفْ

ينعى أبا الأحرارْ

في مُقلَةٍ سائِلَةْ *** عنْ دمعَةٍ هاطِلَةْ

مِن حسرةِ الأشعارْ

عاشورُهُ ما أتى *** إلا تلا (هل أتى)

حُزناً على الأبصارْ

مجالسٌ لاطِمَةْ *** عزَّتْ بني فاطِمَةْ

سَمَّتهُمُ الأنصارْ

يا صرخةً للسنا *** سمتْ برأسِ القنا

فاهْتَزَّ وجهُ الدُنَا **صاحَ الدُجى ويلاهْ

في هَوَاكْ ... في هَوَاكْ ... صوتَ اللهْ

بالعصرِ والكوثَرِ *** وسورةِ المشعَرِ

حجَّتْ إليكَ الروحْ

لَبَّيكَ يا سيِّدي *** نادتكَ في الموعِدِ

نادتْ بآيِّ النوحْ

سَعَى إليكَ القضا *** بين الدما والفضا

لَبَّيكَ يا مذبوحْ

يا موتُ خُذْ واكْتَفِي *** هذا حسينٌ وَفِيْ

أوفى دَماً مسفوحْ

يا سيّدَ الجنَّة *** هذي الدموعُ التيْ

سالت مِنَ الأمَّةِ ** حرّى لمن تنعاهْ

في هَوَاكْ ... في هَوَاكْ ... صوتَ اللهْ

مُذ كنتُ طفلاً أرى *** نحركَ فوقَ الثرى

في غصّةِ الأطفالْ

كفُّك إن تُرفعِ *** "مبتورةَ الإصبعِ"

في مدمعي الهطّالْ

إذا بصدرِ التقى *** رفسُ الخيولِ الْتقى

على الضلوعِ انْهَالْ

صدركَ ذاق الأَمَرْ *** داستْ عليهِ الزُمَرْ

فمُ السيوفِ اسْتَقَـرْ *** لـمّـا جـوًى صَـلّاهْ

في هَوَاكْ ... في هَوَاكْ ... صوتَ اللهْ

أتاكَ سرُّ الدما *** أُسريْ بهِ للسما

ما كانَ بالإعجازْ

وَضَعتَ جيشَ العدا *** بين الردى والردى

واحْتارَ بالألغازْ

هل أنتَ حيٌّ هنا *** هل كنتَ فوق القنا

لنحركَ الإيجازْ

على مرورِ الزمنْ *** سمت بكفّ المِحَنْ

أنّ حسيناً فازْ

أعجزتَ فكرَ الدمِ *** رسمتَ نهجاً سَمِيْ

لك المـدى أنـتمِيْ *** عــبــدٌ إلـى مـولاهْ

في هَوَاكْ ... في هَوَاكْ ... صوتَ اللهْ

عن خدمةِ المذهبِ *** في آلِ بيتِ النبيْ

على مدى الأيامْ

أكملتُ عمرَ الصِبَا *** حتى بشيبٍ شبا

رأسي من الخُدّامْ

رادودِ أمِّ الحَسَنْ *** أو شاعرٍ للحَزَنْ

أو أنني اللطّامْ

أموتُ في خدمتيْ *** هذي مُنى منيتيْ

محرم الألآم

تسبيحةُ الشاعِرِ *** عن حبِّكَ الناضِرِ

في مقلةِ الناظِرِ *** تُنمى لصوتِ اللهْ

في هَوَاكْ ... في هَوَاكْ ... صوتَ اللهْ

محمد طاهر الصفار

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار