86 ــ الحسن بن راشد الحلي توفي (830 هـ / 1426 م)

الحسن بن راشد الحلي (توفي بعد 830 هـ / بعد 1426 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (69) بيتاً:

وقد كربتْ في (كربلا) كربُ البلا      وقد غُـلبتْ غلبُ الأسودِ الهمارسُ

فلله ذا مـن فـــــــــادحٍ مــا أجـلُــه     ورزءٍ لـه عـرشُ الـمـهيمنِ رائسُ

يُصدُّ عن الوِردِ المباحِ مع الصدى      ومـن دمِه تُروى الرماحُ النوادسُ (1)

وقال من حسينية أخرى تبلغ (117) بيتاً:

لمْ أنســه في فيافي (كربلاءَ) وقد     حامَ الحِمـامُ وسُـــــدَّتْ أوجهُ الحِيَلِ

فـي فتيةٍ من قريشٍ طابَ محتدُها      تغشى القراعَ ولا تخشى من الأجلِ

من كلِّ مُـكـتـهـلٍ فـي عزمِ مُقتبلٍ     وكـلِّ مُـقـتــــــــبـلٍ في حزمِ مُكتهلِ

 

الشاعر

الشيخ تاج الدين الحسن بن راشد الحلي، عالم وفقيه وأديب وشاعر، من تلاميذ المقداد السيوري (3)

قال عنه الحر العاملي: (الحسن بن راشد فاضل فقيه شاعر أديب له شعر كثير في مدح المهدي وسائر الأئمة ع ومرثية في الحسين ع وأرجوزة في تاريخ الملوك والخلفاء وأرجوزة في تاريخ القاهرة وأرجوزة في نظم ألفية الشهيد وغير ذلك..) (4)

وقال عنه عبد الله الأصفهاني: (الشيخ تاج الدين الحسن بن راشد الحلي الفاضل العالم الشاعر من أكابر الفقهاء وهو من المتأخرين عن الشهيد بمرتبتين تقريباً والظاهر أنه معاصر لابن فهد الحلي ورأيت بعض أشعاره في مدح الأئمة ع وغيرهم في بلدة أردبيل في مجموعة بخط بعض الأفاضل وكانت من كتب السيد نور الدين العاملي أخي صاحب المدارك ورأيت فيها أيضا قصيدة له في الرد على من ذكر في تاريخ له مدح معاوية وسائر ملوك بني أمية وكانت القصيدة بخط الشيخ محمد بن علي بن الحسن الجباعي جد الشيخ البهائي وفي مجموعة أخرى بخط الشيخ عبد الصمد ولد الشيخ محمد الجباعي المذكور) (5)

وقال عنه الشيخ جعفر سبحاني: (مهر في الفقه والكلام، ونال حظاً من المعرفة بالتفسير والتاريخ والأدب. وقرض الشعر، فكان ذا نفس طويل فيه..) (6)

مؤلفاته

قال السيد الأمين بأن له (ستة كتب) وهي:

1 ــ مصباح المهتدين في أُصول الدين

2 ــ الجمانة البهية في نظم الألفية في فقه الصلاة للشهيد الأوّل

3 ــ حواش على حاشية اليمني على الكشاف

4 ــ أرجوزة في تاريخ الملوك والخلفاء

5 ــ أرجوزة في تاريخ القاهرة

6 ــ شعر كثير في أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) لم يجمع في ديوان (7)

شعره

ذكر كل من ترجم له من الأعلام أن له شعر كثير في أهل البيت لكن لم تذكر له المصادر سوى قصيدتيه السينية واللامية التي قدمنا مقطعاً لكل منهما يقول في الأولى:

مصابُ خيرِ الورى السبطِ الحسينِ شهيـ     ـدِ الطـــفِّ نجلِ أميرِ المـؤمنينَ عـلي

الفارسُ البطلِ ابن الفــــــارسِ البطلِ ابـ     ـنُ الفارسِ البطلِ ابنُ الفـارسِ الـبطلِ

سليلُ حيدرٍ الهـادي وفـاطـــــــــــــمةِ الـ     ـزهـراءِ أفضلُ سبطي خاتـمِ الـرسـلِ

نورٌ تكـوَّنَ مـن نــــــــــــوريـنِ ذاتـهـمـا     مـن جــوهـرٍ بـمـحــلِ القـدسِ مُتّصلِ

ســرُّ الإلهِ الذي مـا زالَ يــــــظـهـرُ بـالـ     آيــاتِ مــع أنـبـيـاءِ الأعــصـرِ الأوَلِ

شمسُ الهدى علّة الدنيــا الــتـي صدرُ الـ     ــوجـــــــودِ من أجلها عن عـلّةِ العللِ

الجوهـرُ النـبــــــــويُّ الأحـمديُّ أبــو الـ     أئــمــةِ الـســادةِ الهــاديــنَ لــلـسـبـــلِ

سبط النبيِّ حبيبُ اللهِ أشـــــــــــــرفُ مَن      يمشي على الأرضِ من حافٍ ومنتعلِ

به يُجــابُ دعا الداعي وتُــــــــــــقبلُ أعـ     ـمالُ العبــادِ ويُـسـتـشـفـى مـن الـعلـلِ

للهِ وقعة عـــــــــــــــــــاشــوراء إنَّ لـهـا     فـي جـبـهــةِ الـدهرِ جرحاً غيرَ مندملِ

ومنها في أمير المؤمنين (عليه السلام):

لقد نجا من لظى نارِ الجحــــيمِ غداً     في الحشرِ كلُّ موالٍ للإمامِ علي

مـــولىً تعالى مقاماً أن يُحــــيط به     وصـفٌ وجلَّ عن الأشباهِ والمثلِ

لولا حدودُ مواضيهِ لما انـــتـصبتْ     ولا اســتقامتْ قناةُ الدينِ من مِيلِ

سَلْ يومَ بدرٍ وأحدٍ والنضيرِ وصفّـ     ـينٍ وخيـــبــرَ والأحزابَ والجَمَلِ

وسَلْ به العلمـاءَ الراسـخيـــنَ ترى     له فضائـــــلُ ما جُمّعنَ في رجلِ

قلْ فيه واسمعْ به وانظرْ إليـــهِ تجد     مِلء المســـــامعِ والأفواهِ والمُقلِ

ويقول من القصيدة الثانية في مدح الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف):

وأعددتُ ذخراً للمعـــــــــــادِ قصــائـداً     تعطرَ مـنها في النشيـــدِ الـمجالسُ

بمدحِ الإمـــــــــامِ الـقـائـمِ الـخلفِ الذي     بمظهرِهِ تحيا الرســـومُ الـدوارسُ

صراط الهدى المهديُّ مـن خوفِ بأسِه      تُذلُّ عزازُ المشركـــينَ الغـطارسُ

إمامٌ له مما جهــــــــــــــــــلنا حقيـقـــة     وليسَ له فيما علــــمـنـا مــجـانـسُ

وروحُ علاً في جـسـمِ قــــــــدسٍ يمدُّها     شعاعٌ من الأعـــلى الإلـهيِّ قـابسُ

ومعـنـىً دقيقٌ جـلَّ عـن أن تـــــــــناله     يدُ الفـكـرِ أو تـــدنو إلـيهِ الهواجسُ

تساوى يقينُ النـــــــــاسِ فـيـهِ ووهمُهم     فأعظمهـــمْ علماً كمـنْ هو حارسُ

إذا العقلُ لمْ يأخذْ عن الوحــــي وصفَه     يظلُّ ويـــضحي تعتريـه الوساوسُ

وسـرٌّ سمـــــــــــــــاويٌّ ونــورٌ مُجسَّدٌ     وجـــوهـرُ مجـدٍ ذاتــــه لا تـقـايَسُ

له صفوةُ المجدِ الرفيــــــــــعِ وصـفوةٌ     ومحضُ المعالي والـفخارُ القدامسُ

فخارٌ لو أنَّ الشمسَ تُــــــكـسـى سناءه     لمـــــا غيَّبـتها الـمظلماتُ الدوامسُ

تولّدَ بين المصـــــــــــــطـفـى ووصيِّهِ     ولا غروَ أن تـزكـو هناكَ الغرائسُ

سيجلو دجى الديـــــــنِ الحنيفِ بعزمةٍ      هيَ السيفُ لا ما أخلصته المداعسُ

ويدركُنا لطــفُ الإلـــــــــــــهِ بــدولــةٍ     تـزولُ بـها البلوى وتُشفى النسائسُ

أمــاميــةٌ مــهــديــــــــــــــةٌ أحــمـديـةٌ     إذا نطـقـتْ لـم يـبـقَ للـكـفـرِ نـابـسُ

وميزانُ قسطٍ يمحــــــقُ الجـورَ عدلُها     إذا نصـبـــــــتْ لم يبقَ للحقِّ باخسُ

يُشادُ بها الإســـــــــــــلامُ بعد دثــورِهِ     ويضحي ثناهـا في حلى العزِّ رائسُ

ويجبرُ مكســورٌ وييــأسُ طــــــــامـعٌ     ويُــــكســرُ جـــبَّــارٌ ويطمــعُ آيــسُ

إذا ما تجلى في بــــــــــروجِ سـعـودِه     علينا انــــجلتْ عنا النجومُ الأناحسُ

ومنها في وصف ظهوره (عليه السلام):

كأنّي بأفواجِ الملائـــــــكِ حوله     مســــــوَّمةً يومَ الصياحِ مـداعـسُ

كأنّي بميكائيلَ تحتَ ركـــــــابِه     يــــــنـاجيهِ إجلالاً له وهوَ نـاكـسُ

كأنّي بإسرافيلَ قد قــــــامَ خلفه     وجبريلُ من قدّامِهِ وهــــــوَ جالسُ

كأنّي به في كــــــــعبةِ اللهِ قانتاً     يواهـسُه ربُّ الــــــــعلى ويواهـسُ

كأنّي بعيسى في الصلاةِ وراءه      تباركَ مـــــــرؤوسٌ كريـمٌ ورائسُ

كأنّي به من فوقِ منبــــــرِ جدِّهِ     لـــــــبردتِه عند الخطـــــابةِ لابـسُ

كأنّي بطيرِ النصرِ فـــوقَ لوائِه      ومن تحتهِ جيشٌ لـــــــهامٌ عكامسُ

خضمٌّ من الفتحِ المبيـــنِ رعيله      تضيقُ به الفتــــــحُ القفارُ الأمالسُ

له زجلٌ كاليمِّ عبَّ عــــــــــبابه      يصكُّ صماخَ الرعدِ منه الهساهسُ

هديرُ قرومٍ يرهبُ الموتَ بأسُه      وزأرُ ليـــــــــــوثٍ أفلتتها الفرائسُ

تظللها عندَ المسيـــــرِ نسورُها     ويـقــــــــدمها عند الرحيلِ الهقالسُ

ومنها في وصف أصحابه (عليه السلام):

تؤمُّ وصـــيَّ الأوصيـاءِ ودونُــــه     مــلائـكـــةٌ غـرٌّ وشــوسٌ أحامسُ

غطاريفُ طلّاعون كلَّ ثـــنــــــيةٍ     فليسَ لهم عن ذروةِ المـجدِ خالسُ

مغاويرُ بسَّامونَ في كـــلِّ مــأزقٍ      وجــوهُ المنـــايا فيهِ سـودٌ عوابسُ

كرامٌ أهانوا دونَ ديـــــنِ مــحــمدٍ     نفوسَـهمُ وهيَ النفـــــوسُ النفائسُ

فوارسُ في يومِ القـــراعِ قــوارعٌ     أسودٌ لأشلاءِ الأســـــــودِ فوارسُ

وموضونةٌ زغفٌ وجردٌ سـلاهبٌ      وبيــضٌ مصاليتٌ وسمـرٌ مداعسُ

وضربٌ كما تهوى الظبا متداركٌ      وطــعنٌ كما تهوى الـقـنا متكاوسُ

شعارهمُ يا ثــأرَ آلِ مـحــــــــــمدٍ     إذا اسعَّرتْ نارُ الوطيسِ الفوارسُ

ثم ينتقل الشاعر إلى ذكرى الطف حيث عاشوراء الدامي:

يجدلهمْ ذكرُ الطفوفِ صـــــــواهلٌ     ســوابحُ فــي بحرِ الوغى تتـــقامسُ

كما جدَّدَ الأحزانَ شــــــهرُ مـحرَّمٍ     فـناحَ لــرزءِ السبطِ رطبٌ ويــــابسُ

إلى القائمِ المهديِّ أشـــــكو مصيبةً     لها لــهــــــبٌ بين الجوانــــحِ حابسُ

أبثّكَ يا مولايَ بلـــــــوايَ فاشـفِـها     فأنـــتَ دواءُ الـــداءِ والــــداءُ ناخسُ

تلافَ عليلَ الـديـــــــنِ قـبـلَ تلافِه     فـــقـدْ غاله من عـــلّةِ الــــكفرِ ناكسُ

فخُذْ بيدِ الإســـــلامِ وانعشْ عثارَه      فحاشاكَ أن ترضى لــــه وهو تاعسُ

أمولايَ لولا وقعةُ الطفِّ ما غدتْ     معالمُ دينِ اللهِ وهـــــــــــــيَ طوامسُ

ولولا وصايا الأولينَ لما اجـترتْ      على السبطِ في الشهرِ الحرامِ العنابسُ

أحاطوا به يا حجَّــــةَ اللهِ ظـامـيـاً     ومـــــــــــا فيـهمُ إلا الـكفـورُ الموالسُ

وأبدتْ حقوداً قبلَ كـــــانتْ تكنُّها      حذارَ الردى مــــــــنهمْ نفوسٌ خسائسُ

وطافَ به بين الطفوفِ طــوائفٌ      بهم أطفئتْ شهبُ الـهدى والنـــــبارسُ

بغوا وبغوا ثــاراتِ بدرٍ وبادروا      وفي قتـــــــــــــلِ أولادِ النبيِّ تجاسسوا

ومنها في أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام):

فقامَ بــنصرِ السبطِ كلُّ سمـــــــــــــــيدعٍ     وثـيقِ العــرى عن دينِه لا يدالسُ

مصــابيحُ للساري مـــــــجاديحُ للــحجى      مساميحُ في اللأواءِ والأفقُ تارسُ

صنــاديدُ أقـــــــيـالٌ منـــــــــاجيـدُ سـادةٌ     مـــذاويــدُ أبطــالٌ كـمـاةٌ أشـاوسُ

بهاليلُ إن سِيموا الردى لـــــــم يسامحوا      وإن سُئلوا بــذلَ الندى لم يماكسوا

إذا غضبوا دون العـــــــلا فسيـــــــاطهمْ     شفارُ المواضي واللحودُ المحابسُ

لبيضِ مواضِيهـــــــم وسمرِ رمـاحِــــهم     مغـامدُ مــن هــــامِ العدى وقلانسُ

وصالوا وقـــــــد صامتْ صوافـنُ خيلِهم      وصــلّتْ لوقعِ المرهفاتِ القوانسُ

وقد جـــــــرَّ فوقَ الأرضِ فضــلَ ردائِه      غمـــامُ الردى والنقعُ كالليلِ دامسُ

ســـــــحائبُ حتـفٍ وبلُــــها الــدمُ والظبا      بـوارقُ فيـها والقــــــسيُّ رواجسُ

فلمّا دعــــاهمْ ربُّـــــــــــــــــــهم للقــائِـهِ     أجـابـوا وفـي بـذلِ النفوسِ تنافسُوا

وقد فوَّقتْ أيدي الحـــــــوادثِ نحــــوهم     ســــــهامَ ردىً لم ينجُ منهنَّ تارسُ

فاضحوا بأرضِ الطفِّ صرعى لحومهم      تمـــــــزِّقها طلسُ الذئابِ اللغاوسُ

وأكفـــــــــــانُهم نسجُ الريـاحِ وغســلـهـم     من الدمِ مـــــا مُجّتْ نحورٌ قوالسُ

ويقول في نهايتها:

ألا يا وليَّ الثأرِ قد مــــسَّنا الأذى     وعانــــدنا دهرٌ خؤونٌ مُدالسُ

وأرهقنا جورُ الليـالــي وكُـــــلـنـا     فقـــيــرٌ إلـى أيـامِ عـدلِكَ بائسُ

متى ظُلمُ الظلمِ الكــثيـــفةِ تـنجلي     ويبسمُ دهري بعدْ إذ هوَ عابسُ

ويصبحُ سلطانُ الهدى وهو قاهرٌ      عزيزٌ وشيطانُ الضلالةِ خانسُ

لأبـذلَ في إدراكِ ثأركَ مــــهجتي     فمـا أنا بالـــنفسِ النفيسةِ نافسُ

........................................................

1 ــ أدب الطف ج 4 ص 277 / الدر النضيد ص 200 / البابليات ج 1 ص 127 / أعيان الشيعة ج 5 ص 69 / ديوان القرن التاسع ص 203 ــ 211

2 ــ أدب الطف ج 4 ص 272 / الدر النضيد ص 260 / البابليات ج 1 ص 126 / أعيان الشيعة ج 5 ص 67 / ديوان القرن التاسع ص 264 ــ 278

3 ــ أعيان الشيعة ج ٥ ص ٦٥

4 ــ أمل الآمل ج 2 ص 65 رقم 178

5 ــ رياض العلماء ج 1 ص 181

6 ــ موسوعة طبقات الفقهاء ج 3 ص 322

7 ــ أعيان الشيعة ج ٥ ص 67

 كما ترجم له:

الشيخ أغا بزرك الطهراني / الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج 5 ص 131 رقم 542

السيد أحمد الحسيني / تراجم الرجال ج 1 ص 260 رقم 495

السيد جواد شبر / أدب الطف ج 4 ص 267

الشيخ محمد علي اليعقوبي / البابليات ج 1 ص 123 ــ 129

المرفقات

: محمد طاهر الصفار