14 ــ ابن الخلفة (ت 1247 هـ / 1831 م)

ابن الخلفة (توفي 1247 هـ / 1831 م)

قال من قصيدة تبلغ (80) بيتاً في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

أيبيتُ مولايَ الحسينُ بـ (كربلا)     صادٍ ودمعي بالمحاجرِ يُحجرُ

لو كان من يرضى بدمعي منهلاً     ها من عيـــــوني أعيُنٌ تتفجَّرُ

لكنها ســــــــــــــالتْ نجيعاً قانياً     والمــــــاءُ ينهلُ حينَ لا يتغيَّرُ (1)

وقال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (94) بيتاً

لو عــــــــاينتْ عيناكَ يومَ تألّبوا      في (كربلا) عصبُ الخنا وتجمَّعوا

قتلوا الحـسينَ فيا لها نوبٌ دهتْ      للعلمِ والــــــــتقوى وخطبٌ مفضعُ

أردوهُ ظامٍ بالعراءِ وحوضكَ الـ     ـطامي غداً للـــــــــواردينَ مُدعدعُ (2)

وقال من قصيدة تبلغ (80) بيتاً أيضاً وفيها يصور الاعتداء الوحشي الذي قام به الوهابيون على مدينة كربلاء وانتهاكهم حرم الإمام الحسين (عليه السلام) سنة (١٢١٦ هـ/ 1802 م):

فيا (كربلا) كم فيــكِ كرَّ من البَلا     فما أنتِ إلّا للحــــــــوادثِ مهيعُ

وما أنتِ إلا بقعةً جــــــادَ رسمُها     غمائمَ غـــــــــــمٍّ بالنـوائبِ تهمعُ

فكمْ في رُباكِ رُوِّعـتْ لابنِ فاطمٍ     حَصَانٌ وبالصمصـامِ جُدِّلَ أروعُ (3)

ومنها يصور عقيدتهم المنحرفة في تكفير المسلمين والأعمال الإجرامية التي قاموا من القتل والسلب والنهب:

ينادونَ بالإعلانِ يا أهلَ (كربلا)     أتيناكمُ عودوا عن الشركِ وارجعوا

فكمْ في نداهمْ سُــــــبَّ لله حُرمةً     وكمْ في مـداهمْ جُـــــــزَّ للآلِ منزعُ

فطلّوا دماءً واستــــحلّوا حرائراً     وغُودرَ مـــــــــــــالُ اللهِ فيهمْ يُوزَّعُ

وفيها يستغيث بالإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ويستنهضه من هول الجريمة التي راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء على يد الوهابيين:

فصِلها وعجِّلْ حيثُ لمْ ترَ راحماً     وأرحـامُها بالمشرفيةِ قُطّعوا

وفي (كربلا) عرِّج يريكَ مؤرِّخاً     ألوفكَ يا للهِ بالتُربِ صُرِّعوا

عليكَ عزيزٌ أن تـرى ما أصابهمْ     ولكنما حكمُ القضا ليسَ يُدفعُ

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين تبلغ (90) بيتاً:

لتذكُّري داراً بعــــرصة (كربلا)     دَرَستْ معالمُها لفقدِ حُماتِها

دارتْ رحاةُ الحربِ فيها فاغتدت     آلُ النبيِّ تــدورُ في لهواتِها

جاءتْ تؤمِّلُ إرثَها لــــــــــــكنها     تتقاعسُ الآمـالُ عن غاياتِها (4)

ومنها:

ما الأرض ؟ قالوا: ذي معالم (كربلا)     ما بالُ طرفكَ حادَ عن طرقاتِها

قالَ انزلوا: فالحكمُ في أجــــــــــــداثِنا     أن لا تشـــقَّ سوى على جنباتِها

حطّ الرحالَ وقامَ يُصـــــلحُ عضبَه الـ     ـماضي لقطعِ البيضِ في قـمَّاتِها

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (87) بيتاً:

كلُّ المنازلِ من همومي (كربلا)     وجـميعُ أيّــامي كيومِ مُحرَّمِ

يومٌ به كُسِفَتْ ذكــــاءُ فأصبحَ الـ     ـثقلانِ فـــي ليـلٍ بهيمٍ مُظلمِ

يومٌ به قمـــــــــــــرُ الدجنّةِ غاله     خسفٌ عقيبَ نقيصةٍ لمْ تتممِ (5)

ومنها:

يومٌ به أمسى المسيــــحُ بمهدِهِ     بســـــوى فصيحِ النوحِ لم يتكلّمْ

يومٌ به هجرَ الجنــــــانَ محمَّدٌ     وبغيرِ عرصةِ (كربلا) لم يلحمِ

ينعى لهتفِ الجنِّ في غيطانِها     وهديلِ طيـــرٍ في الوقيعةِ حُوَّمِ

ومنها:

يومٌ أتى فيه الحسيــــــنُ لـ (كربلا)     كالبدرِ وابـناءُ الكرامِ كأنجمِ

يومٌ عليه تألّبتْ عُصــــــــــبُ الخنا     من كـــلِّ عبدٍ أكوعٍ ومزنَّمِ

لمْ أنسَ وهوَ يخوضُ أمواجَ الوغى     كالليثِ ممتطياً جزارةَ أدهمِ

الشاعر:

الشيخ محمد بن إسماعيل البغدادي الحلي الملقب بـ (ابن الخلفة). ولد ببغداد وهاجر أبوه إلى الحلة وكان ابنه لا يزال طفلاً، كان أبوه يتوقع له مستقبلاً باهراً في فن البناء وهو يرى مهارته وموهبته في هذا الفن تشبُّ معه منذ صغره فكان يعدّه لأن يحلّ محله في حرفته التي اشتهر بها حتى طغت على اسمه فعرف بـ (الخِلفة) وهي كلمة عامية تطلق على من يدير شؤون العمل في البناء في العراق.

كان الابن يتلقّف من أبيه ما يعلّمه إيّاه ويقلّده في صناعته ببراعة وذكاء تُشعر الأب بارتياح نحو مستقبل ابنه الوحيد فاصطحبه معه من بغداد إلى الحلة وهو يحلم بالنجاح الباهر الذي سيحققه ابنه الموهوب في هذه المدينة.

لكن (الخِلفة) لم يدرِ إن ابنه ستسرقه أضواء الأدب والشعر من حرفته في الحلة وإنه لن يبني فيها دوراً وبيوتاً، بل سيصوغ فيها أبياتاً وقصائد، وإنه لن يضع لمساته في فن البناء، بل سينقش اسمه في سماء الأدب الخالدة، فقد كان ذهنه المتوقّد وروحه المتوثبة أميل فطرياً، وتلقفه أسرع نفسياً للأدب حتى ذاع صيته ونافس كبار شعراء عصره، وهو مع ذلك لم يحضر دروساً على يد أستاذ ولم يتعلم من معلم سوى ما كان يسمعه من محاضرات ومساجلات كانت تدور في النوادي الأدبية في الحلة، ولم تقتصر موهبته على الشعر، فقد برع في فن (البند) حتى حاز به على مركز الصدارة في عصره. (6)

قالوا فيه

قال السيد محسن الأمين: (الشيخ محمد بن إسماعيل المعروف بابن الخلفة الحلي صاحب الركبانية المشهورة كان شاعراً مجيداً يتحرّف بصنعة البناء ويعرب الكلام على السليقة). (7)

وقال السيد جواد شبر: (كان أبوه يحترف فن البناء وقد مهر فيه فتوطن بها وقد شب وليده في الفيحاء يقلد والده في صناعته ويتبعه في عمله غير أن مواهبه الأدبية أبت عليه إلا أن يكون في مصاف الخالدين والشعراء المطبوعين فكان وهو يساند والده اسماعيل ويساعده يتطلع إلى المليح من القول الرقيق من الشعر وبذلك نمت روحه الوثابة إلى كسب الأدب عن طريق الميل الفطري حتى إذا صار يفاجئ السامعين بنوادر له وملح كانت تلتقطها الآذان بشوق وقوة وذاع صيته الذي وصل إلى الأمراء والولاة، أخذ يواصل نثره ونظمه باللغتين الفصيح والدارج فيبدع ويسحر، وهو إلى كل ذلك لم يحضر على أستاذ ولم يتعلم عند معلم سوى ما كان يتلقفه من النوادي والمجالس من سماع المحاضرات والمساجلات التي تدور في دار السيد سليمان الكبير وأولاده ولإبداعه وتقدمه في الإنتاج اتصل بأعلام كان منهم الشيخ أحمد النحوي وولده محمد الرضا والشيخ شريف بن فلاح فقد شاركهم في كثير من المناسبات وفاز وعرف من بينهم كعضو له قيمته ووزنه ، ورمقه الكثير من أدباء عصره فكانوا يحترمون جانبه وينزلونه المكان السامي ...

ثم يقول: وابن الخلفة في شعره يبدو كشاعر ملهم تأثر ببيئته وامتزج بروح أبناء عصره لم يقرأ كتاباً ولم يطلع على قواعد العربية من نحو وصرف بل كان يستمد ذلك من ذوق خاص به). (8)

وقال الشيخ علي كاشف الغطاء: (كان أديباً شاعراً يعرب الكلام على السليقة ولم يحصل على العربية ليعرف المجاز من الحقيقة، وكان يتحرّف بالبناء على أنه ذو اعراب ويطارح الشعراء في غير كتاب، وله شعر في الأئمة الأطهار وفي مدح العلماء والأشراف وكانت له اليد الطولى في فن البند توفي في أول الطاعون الكبير عام (1247هـ) في الحلة ونقل جثمانه إلى النجف الاشرف فدفن فيها) (9)

وذكره السماوي فقال: (كان أديباً وشاعراً يعرب الكلام على السليقة، ويتجنب مجاز النحو فيصيب الحقيقة، وكان يتحرّف بالبناء على أنه ذو إعراب، وله شعر كثير في الأئمة الأنجاب). (10)

وكما أبدع ابن الخلفة في الشعر فقد برع في فن البند ــ المقامة ــ وتنوّع في فنونه حتى عُدّ من أبرز مرتاديه. ولبراعته في هذا الفن، اختار السيد مهدي السيد داود شيخ شعراء عصره، إحدى مقاماته وأرسلها إلى الشاعر السيد راضي القزويني البغدادي, كما أثبتها السيد مهدي في كتابه (مصباح الأدب الزاهر)، ونقلها عنه ابن أخيه السيد حيدر الحلي (11)

وهذا البند أو المقامة التي اختارها أرباب الشعر والأدب في ذلك الوقت قالها ابن الخلفة في مديح للإمامين الهمامين موسى الكاظم ومحمد الجواد (ع)، يقول فيها:

(مثل إعلاني بمدحي للإمامين الهمامين التقيين، الوفيين الصفيين، من اختارهما الله على الخلق، وسنا منهج الحق ومن شأنهما الصدق بل الرفق، هما السر الحقيقي، هما المعنى الدقيقي، هما شمس فخار خلقا في ذروة المجد، هما عيبة علم ما له حد، فأسماؤهما قد كتبا في جبهة العرش بلا ريب، هما قد طهرا بالذكر من رجس ومن عيب، هما قد أحرزا يوم رهان وسط مضمار المعالي قصب السبق، حكى جودهما الودق، إذا جادا على الروضة تحدوه النعامى، رفع الله على هام الثريا لهما قدراً وفخراً ومقاما، ليت شعري هل يضاهي فضل موسى كاظم الغيظ، بعلم أو بحلم أو بجود أو بمجد ونداه قد حكى البحر طمى في لجة الغيض، هو العالم والحاكم والفاصل والفاضل والقائم والقاعد والراكع والساجد والضارع خدّاً خشية الله، فمن أوضح للدين الحنيفي لدى العالم إلاه يرى البشر لدى الحشر، إمامٌ طافت الأملاك في مرقده إذ هو كالحج، وللتقوى هو النهج، وللجدوى هو الموج، في طلعته البدر إذا تمّ، ومن راحته اليمّ، كذا المولى الجواد البطل الليث الكميّ اللوذعي الزاهد الشخص السماوي ومشكاة سنا النور الإلهي، عماد الدين موفي الدين، وهاب الجياد القب الجرد لدى الوفد ببذل زائد الحد، فتى جل عن الند شذاه، وعلى البدر سخاه، فهما عقد ولائي ومنائي وغنائي وسنائي بهما يكشف كربي وبدنياي هما عزي وفخري، بل وذخري حين لا يقبل عذري بهما صدق اعتقادي بودادي. إذ في غد أعطى مرادي حين أسقى من رحيق السلسل السائغ كأساً من يدي جدهما الطهر، ومن كف الذي يدعى له بالأخ وابن العم، والصاحب والصهر، لمدحي لهما قد أصبح المسك ختاماً، وبحبي لهما أرجو لي القدح المعلى وأنل فيه من الغبطة قصداً ومراماً، حاشا لله غداً أن يرضيا لي لولائي لهما غير جنان الخلد داراً ومقاما) (12)

وله مجموعة كبيرة من البنود متنوّعة الأغراض قالها في تعظيم الله تعالى والثناء على الرسول ومدح العترة الطاهرة وقد نقل بعضاً منها السيد محسن الأمين (13)

شعره

شعره من الطراز الرفيع الذي يدل على شاعرية كبيرة يقول السيد جواد شبر: (كان من بارزي الأدباء في عصره، وقد تمشى في العمر طويلاً وعاصر طبقات منهم ولعله في غنىً عن الإطراء بعد أن ذكره شيخ شعراء عصره السيد مهدي السيد داود). (14)

يقول ابن الخلفة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدته التي تبلغ (80) بيتاً:

لمنِ الركائبُ بالعشــيـــــــــــةِ ثُوِّروا     عنفاً تُزَجُّ وبالأسنـــــــــــــــةِ تُزجَرُ

إنّي أرى بسما الـــــــــــحدوجِ وأهلهِ     تخفى وطوراً تستهــــــــــــلُّ فتزهرُ

وكواكباً أبــــــــــــراجُها قتبُ المطي     حسرى وفي بــــــــــوغاءِ نقعٍ تُسترُ

أحداثهمْ رفقاً فإنَّ حشـــــــــــــــاشتي     تحدي عـــــــــلى إثرِ الظعونِ فتعثرُ

فاستوقفوها واحبسوا مـــقنـــــــاصَها     لوث الإزارِ وإنْ سُئـــــــــلتمْ خَبِّروا

ما هذه العيرُ التــــــــــــــي حفَّتْ بها     من كلِّ ناحيةٍ عتـــــــــــــــاقٌ ضُمَّرُ

وأرى حَصَـــــــــاناً بالسيـــاطِ تقنّعتْ     بيدِ الطغاةِ وهنَّ ثكـــــــــــــلى حُسَّرُ

هلْ هنَّ من حرمِ النجـــاشيْ غُودرت     أيدي سبــــــــــــــا لمَّا سبَاها قيصرُ

قالوا استفقْ واذرِ الدمـــــوعَ فإنَّ ذي     حرمُ النبيِّ بكــــــــــــــــلِّ قفرٍ تُشهرُ

وكرائمُ المولى الحسيــــــــنِ بنتْ بها     أطلالها فغدتْ تُــــــــــــــــذلُّ وتقهرُ

غدرتْ به أرجاسُ حـــــــــربٍ غيلةً     وبنو الفواجــــــــرِ شأنهم أن يغدروا

لو شمتهُ في الغاضريةِ ظـــــــــــامياً     لانســـــــابَ وجـداً من جفونِكَ جعفرُ

وارتْ به من كلِّ فجٍّ عـصــــــــــــبةٌ     يحصى الحصى وعـديدُها لا يحصرُ

فأذاقهمْ ضرباً بأبيـــــــــــــــضَ فاتكٍ     فـي الروعِ يصحبــــــه كعوبٌ أسمرُ

رقماً قضاءُ الحتفِ فوقَ جــــبـــاهِهم     فـالرمحُ ينقط والمهــــــــــذّبُ يسطرُ

في كفِّهِ اختلفـــــــــــــــــا فهـذا ناظمٌ     حـبَّ القلوبِ وذا رؤوســـــــــــاً ينثرُ

وذويهِ قد جعلتْ لها أجــــــــــــمُ القنا     خبأ وهمْ فيهِ ليــــــــــــــــــوثٌ تزأرُ

وصوارمُ الأنصارِ يخـطـبُ برقُها الـ     أبــصارَ وهيَ دماً نجيـــــــــعاً تُمهرُ

فيها تطولُ على الكماةِ ولـــــــم تجدْ     رهباً من الحربِ العـــــــوانِ وتقصرُ

وتذودُ عن آلِ النبــــــــــــــيِّ وهكذا     شأنُ الموالي للموالي تنــــــــــــــصرُ

حتى دنا الأجلُ المتاحُ فغُـــــــودروا     صرعى كما جُزرَ الأضاحي جزَّروا

كلٌّ بسافي العاصفــــــــــــاتِ مُرمَّلٌ     ومخلّقٌ بدمـــــــــــــــــــــــائِهِ ومعفَّرُ

وهمُ الأكارمُ للصلاةِ تــصـــــــوَّروا     بلْ في محاريبِ الصـــــــلاةِ تسوَّروا

قتلوا لعمركَ والذوابــــــــــــلُ شرَّعٌ     والــجوُّ مسوَّدُ الجــــــــــــوانبِ مكدرُ

بقيَ الإمامُ تــــــــــــؤمُّهُ خيلُ العدى     والشــوسُ خيفةَ بــــــــــــــأسِهِ تتقهقرُ

فكأنه وكأنهمْ يوم الـــــــــــــــــــــلقا     حمرُ النياقِ من العفـــــــــــــرنى تنفرُ

وكأنّهم ليــــــــــــــــــلٌ بـــهيمٌ حالكٌ     وجبينُه الوضَّـــــــــــاحُ صــبحٌ مُسفرُ

أو كالسحابِ الجَونِ جــــــادوا سيبه     فـوقَ ابنِ فاطمةٍ سهـــــــــــــاماً يمطرُ

وكأنما نهــــــــــــــــــرانُه في إثرِها     رعـدٌ يقعقعُ تــــــــــــــــــارةً ويزمجرُ

فسطا على فرســــــانِها فــــتقاعستْ     رعـباً وكــــــــــــــــلٌّ قـالَ: هذا حيدرُ

فاغتاله سهمُ المنيَّةِ فـــــــــــــــانثنى     عن سـرجهِ لما أصــــــــــــيبَ المنحرُ

قسماً بربِّ السمــــــــــــهريَّةِ والظبا     والسـابـغاتِ إذا عـــلاها المــــــــــغفرُ

والراقصاتِ إلى المـحصَّبِ من مِنى     تطـــوي الـــرُّبى وعن السرى لا تفترُ

لولا قضاءُ اللهِ ما ظفــــــــــــرتْ به     كفُّ الـبـــــــــغاثِ ضحىً بصقرٍ يظفرُ

ذا ما سألتَ وذي حــــــرائرُه بها الـ     أنــــضـاءُ تنــجـــــــدُ في القفارِ وتغورُ

فغدوتُ أهتفُ هتــــــــفَ ورقٍ ثاكلٍ     وجـــداً تُـردِّدُ نــوحَــــــــــــــها وتكرِّرُ

أبتي أبي جلَّ المصـــــــــابُ وآن أن     أذري المــدامـــعَ فاعذلوا أو فاعذروا

أيبيتُ مولايَ الحســـيــنُ بـ (كربلا)     صـادٍ ودمعـــي بــالمحــــــاجرِ يحـجرُ

لو كانَ من يرضى بدمــــعـي منهلاً     هــــا مـن عيوني أعـيُنٌ تتفــــــــــــجَّرُ

لكنها سالتْ نجيـــــــــــــــــــعاً قانياً     والــــمـــــــــــــــاءُ ينـهلُ حينَ لا يتغيَّرُ

عجباً له يرِدُ المنيَّــــةَ ظـــــــــــامياً     ولـــه الشـــفاعـــــــةُ فـي غدٍ والكوثرُ!

عجباً لسيــــــــــــفِ الحقِّ ينبو حدُّه     بغيــــاً وكســـرُ الديــــــــــنِ فيه يُجبرُ!

عجباً لآلِ محمـــــــــــــدٍ بيدِ العِدى     تُــــــسبى وعــينُ اللهِ فيهـــــــــمْ تنظرُ!

عجباً لمن تُحمــى الثغـــــورُ بثغرِهِ     خدٌّ له للصــــــــــــــــــــاعرينَ يصعَّرُ!

عجباً لبدرِ التـــــــــمِّ لمْ يخسفْ لفقـ     ـدِ شقيـــــــــــقـهِ وذكاءُ لا تتــــــــكوَّرُ!

عجباً لهـــذي الأرضِ لمْ لا زلزلتْ     وكذا السمـــــــــــــــاءُ علـيهِ لا تتفطرُ!

اللهُ أكبرُ كيــــــــــــــــف يُقطعُ كفُّه     وبكلِّ عضــــــــــوٍ منه عضـبٌ مشهرُ؟

صدرُ المعالي كــيف غُودرَ صدرُه     تغدو عليه العـاديــــــــــــــــاتُ وتصدرُ

عُقرتْ أمـــــــــا علمتْ لأيِّ مُعظّمٍ     وطأتْ فوا عجـبــــــــــــــــاهُ لِمْ لا تعقرُ

وكريمُه من فـــــوقِ خرصانِ القنا     كالبدرِ وهــــــــوَ مـن الثنـــــــــا لا يفترُ

يا يومَ عاشــوراءِ كمْ لكَ في الحشا     نارٌ متى أخمــــــــــــــــــــــــدتها تتسعَّرُ

لا حرُّها يُطــفى وليس مدى المدى     تُــــــــنسى فلا جــــــــاءتْ بمثلكَ أشهرُ

إني أقولُ ولســـــــــــــتُ أوَّلَ قائلٍ     قولاً ثوابـــــــــتُ صـــــــــــدقِهِ لا تنكرُ

تاللهِ ما قــتلَ الحـــسينَ سوى الألى     قدماً على الهــــــــادي عتوا واستكبروا

هم أسَّسوا فبنــتْ بنــــو حربٍ وقد     هـــــــــدموا الرشـــادَ وللضلالةِ عمَّروا

سفهــــــتْ حـــلومهمُ وظلّوا والذي     ضـــــــــاعتْ بصيــــــرةُ قلبِهِ لا يُبصرُ

فلسوفَ يُــــــجزونَ الذي قد قدَّموا     بحيــــــــــاتِهمْ يومَ المعـــــــــادِ وأخَّروا

يومٌ بهِ الأفـــــــــــــواهُ تختمُ لم تَفه     واللسنُ تُطوى والصحـــــــــــائفُ تُنشرُ

فمتى أرى شمسَ الشريعةِ أشـرقتْ     وضيـــــــــاؤها بشعابِ مَكّةَ يـــــــظهرُ

وأرى المنابرَ قد زهــــتْ أعـوادُها     ومؤذنُ الـــــــــدينِ الحنيــــــــــفِ يُكبِّرُ

وأشاهدُ الرايــــــــاتِ يخفقُ عـدلُها     في الخــــــــــافقينِ يحفُّ فيهـــــا عسكرُ

والقائمُ المهديُّ قائدُه وفــــــــــي الـ     أحـكـــــــــامِ يَنهى منْ يشــــــــاءُ ويأمرُ

ويُمكِّنُ الصمصــــــــامُ من أعـدائهِ     والوحـــــــــــــــــيُ يعلنُ بالنداءِ ويُجهرُ

ظهرَ الإمامُ اليـــومَ، أرضُ اللهِ مِن     أعدائِهِ بشبـــــــــــــــــــــا الحسامِ تُطهَّرُ

ويعودُ دينُ محمدٍ بمــــــــــــــــحمدٍ     يبدي التبــــــــهرجَ وهــوَ غضٌّ مُزهـرُ

يا من بهمْ بطـــــــحاءُ مكةَ شُـرِّفتْ     والمروتانِ وزمـــــــــــــــزمٌ والمِـشعـرُ

والركنُ والبيتُ المعــظمُ والـصــفا     ومنى وطيـــــــــبةُ والنــــــقى ومُحـسَّرُ

يا من إذا ما عدَّ فخـرٌ فــي الـورى     لذوي النّهى فالفخـــــــــــــرُ فيهمْ يفـخرُ

كلُّ الرزايا أنْ تعــــــــاظمَ خـطبُها     لجليــــــــــلِ رزئكمُ تـــــــــذلُّ وتَصـغرُ

رزءٌ أشبَّ بمهجتي نـــــارَ الأسى     برداً وسحــــــــــبُ مدامـــــــعي تتوجَّـرُ

لا الوجدُ باخَ ولا المــدامـعُ أقلعتْ     حزناً وجرحُ حشــــــــــــــاشتي لا يُسبرُ

يا سادتي جُرِّعتُ من أعــــــدائكمْ     بولاكمُ صبـــــــــــــــــــراً إلى كمْ أصبرُ

ويقول في آخرها:

ما لي سوى اللعنِ المضاعفِ للأولى     نقـضوا الكتابَ وحـــرَّفوهُ وغيَّروا

فمبدحكمْ والرجمُ في أعــــــــــــدائكمْ     مـهما أفوهُ فإنني لمُـــــــــــــــقصِّرُ

إن فاتني في الطــــــــفِّ نـصرَ مهنَّدٍ     فبمـذودٍ عنــــــــــــكمْ أذودُ وأنصِرُ

فخذوا من الجاني (محــــــمد) مدحةً     تعنو لها عبسٌ وتخــــــــضعُ حِمْيَرُ

بدويةُ الألفـــــــــــــــــاظِ بكراً يممتْ     لكمُ بأثوابِ الفصــــــــــاحةِ تخطرُ

وبحليةٍ راقتْ ورقَّ نـظـــــــــــــامُها     وزكتْ وفيكمْ طابَ منهــا العـنصرُ

فكأنّها أخبارُ نجــــــــــــدٍ في الورى     تزدادُ حسنـــــــــــــــــاً كلما تتكرَّرُ

صلى الإلهُ عليــــــــــكمُ ما أسبغَ اللـ     ـيلُ البهيــــــــــمُ ولاحَ صبحٌ مُسفرُ

ولابن الخلفة قصائد في حق أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول من إحداها وتبلغ (64) بيتاً:

للمرتضى الكــرَّارِ صـنــوِ محمدِ الـ     ـمختارِ مما نابني ودهــــــــــاني

فهوَ المعدُّ لكلِّ خــــــــــــــطبٍ فادحٍ     وهوَ الرجا لمخافتي وأمـــــــاني

مولىً له رُدَّتْ ذكاءُ بطيــــــــــــــبةٍ     وببابلٍ أيضاً رجـــــــــــــوعٍ ثانِ

مــــــولىً رقى كَتِفَ النبيِّ مـــشمِّراً     لتكسَّرِ الأصنــــــــــــامِ والأوثانِ

مــــــــولىً كسا الأبطالَ قـــاني حُلّةٍ     منسوجةٍ بعـــــــــواطلِ الأشطانِ

مــــولىً يتوقُ إلى الوعيــــدِ وغيرُه     لسماعِ غانيةٍ وضـــــــــربِ قيانِ

قرَنَ الإلهُ ولاءه بنبــــــــــــــــوَّةِ الـ     ـهادي النبيِّ المــصطفى العدناني

هوَ خيرُ خـــــــــــــــلقِ اللهِ بعدَ نبيِّه     مـن ذا يقاربُ فــضــــــلَه ويُداني

يكفيهِ مدحُ اللهِ جــــــــــــــــاءَ مُنزَّلاً     ومـفصَّلاً فــــــــــي محكمِ القرآنِ

سلْ سورةَ (الأحـزابِ) لـمَّا فرَّقَ الـ     أحــزابَ حينَ تـراءتِ الجمــــعانِ

ولعمـــــــــــــــــــــرِها لمَّا عليٌّ قدَّهُ     بمهندٍ صافي الحديـــــــــــدِ يماني

جبريلُ أعلنَ في الســــماواتِ العُلى     طوعاً لأمرِ مــــــــــكوِّنِ الأكوانِ

لا سيفَ إلا ذو الفقــــــــارِ ولا فتى     إلّا عليٌّ فـــــــــــــــارسَ الفرسانِ

لو صاحَ في الأفــــلاكِ وهي دوائرٌ     يومـــــــــــاً لعطّلَهـا عـن الدورانِ

في الحربِ بســــامٌ وفي مــــحرابِهِ     يــــــبكي رجاً من خــشيةِ الرحمنِ

يا منكراً فضلَ الوصــــــــيِّ جهالةً     سلْ (هلْ أتى حينٌ علــى الإنسانِ)

فيها هوَ الممدوحُ والمعــــنــــي بلا     شــكٍّ وذا قد نصَّ في القـــــــــرآنِ

وبمكةٍ (إنّا فتــــــــــــــــحنا) أنزلتْ     بمـديـحهِ في أوضــــــــــحِ التبـيانِ

سلْ عنه في صفينَ مــا فعلت يدُ الـ     ـكــرار حين تـــــــــــلاقتِ الفئتانِ

و(النهروان) وقد تخــــــــــلّق ماؤه     بنجيــعِ كلِّ معــــــــــــــــاندٍ خوَّانِ (15)

 

ويعدد الشاعر بعض خصال أمير المؤمنين (عليه السلام) التي لم تتوفر لدى غيره:

يُرجى ويُحذرُ في القراعِ وفي القِرى     في يومِ مسغبةٍ ويـــــــــومِ طعانِ

إن أقلعَ الـــــــــــــــورقُ الملثُ فكفُّه     هطلٌ كصوبِ العـــــارضِ الهتّانِ

أمخاطبَ الآسادِ في غابـــــــــــــاتِها     ومكلِّمَ الأمــــــــــواتِ في الأكفانِ

لو كانَ ربٌّ للبريـــــــــــــــــــةِ ثانياً     غاليـــــتُ فيكَ وقـــلتُ: ربٌّ ثاني

أعليُّ يا طودَ المفــــــــــاخرِ والعُلى     يا من بحبّـــكَ ذو الجـــلالِ حَباني

إنّي بمدحِكَ مُغــــــــــــــــــرمٌ ومتيَّمٌ     ما دمتُ في سرِّي وفــــي إعلاني

وبمدحِ عترتِكَ الكــــــــرامِ وآلكَ الـ     ـغـرِّ العظامِ غداً رجــــــوتُ أماني

همْ فُلكَ نــــــــوحٍ فازَ راكبُها، ومَن     عـنــها تخلّف خاضَ فــي الميزانِ

إنِّي بحبــــــــــــــــلِ ولائهمْ متمسِّكٌ     حـســبي به عن غيــــــرهِ وكفاني

صدقَ اعتقادي ســــــوفَ أبديهِ ولم     أحــفــلْ بكلِّ مــــــــــكذِّبٍ شيطانِ

إنَّ النجـــــــــــــــــاةَ بأحمدٍ وبحيدرٍ     وابنيهِ ثمَّ بـــواحدٍ وثمــــــــــــــانِ

وبفاطمِ الزهراءِ بضــــــعةِ أحمدِ الـ     ــمختارِ صــفـــــــــوةِ ربِّنا الديَّانِ

فبهمْ إلهُ العـــــــــــــرشِ يغفرُ زلّتي     وبهمْ يتــوبُ اللهُ عن عصيــــــاني

خُذها أمير المؤمنيـــــــــــــن قلائداً     نُظــمت وفيها من علاكَ معــــاني

منظومـــــــةً في سلكِ فكرِ (محمدٍ)     تزري بــنظمِ الدرِّ والمــــــــرجانِ

إنْ صــــــادفتْ حسنَ القـبولِ فحبَّذا     فهوَ المــرادُ وكــــــــلُّ شيءٍ فاني

لا زلتُ أحــــــكمُ في مديحِكَ سيدي     إحكام منـظمـــــــتي وسحرِ بيـاني

حاشى يحيطُ بــــــجودِ مجدِكَ مادحٌ     لكنْ علـــــــــى قدري أباحَ لسـاني

وعليكمُ صلّى المهيــــــمنُ ما شدتْ     ورقٌ وما سجعتْ على الأغصـانِ

وقال من قصيدته في اعتداء الوهابيين على حرم الإمام الحسين (عليه السلام) سنة (١٢١٦ هـ / 1881 م)

أبيتُ وطرفي ســــــــــــــــاهرٌ ليسَ يهجعُ     وقلبي لفرطِ الوجدِ مضنىً وموجعُ

وجذوةُ حزني لا يبــــوخُ ضـــــــــــرامُها     وعـارضُ دمــــــعي يستهلُّ ويدمعُ

إذا ما خبتْ تاللهِ في فــــــــــــــــلذةِ الحشا     يهيـــــــجُ لـها ريحٌ من الهمِّ زعزعُ

فيا قاتلَ اللهُ الليـــــــــــــــــــــــالي فكمْ لها     خطوبٌ تـنوبُ الخلقَ والجــوُّ أسفعُ

دهتنا ولم نعلمْ بأعظمِ فــــــــــــــــــــــادحٍ     يكادُ له صمُّ الـصـــــــــــفا يتصدَّعُ

رمتنا بقوسِ الغدرِ ســـــــــــــــــهمَ رزيةٍ     سقى نـصــــلّه سـمٌّ من الحتفِ منقعُ

غداةَ بنو صخرِ بن حــــــــــــــربٍ تألّبوا     على قتلِ سبطِ المـصطفى وتجمَّعوا

وقد حلّلوا في عشرِ شهرِ محـــــــــــــرّمٍ     دمــاهُ وعهدَ اللهِ خـــــــانوا وضيَّعوا

له يمَّمتْ زحفــــــــــــــــــــاً بوادرُ خيلِها     كتيَّــــــــــــــــارِ بحـرٍ مـوجُه يتدفَّعُ

فجادلها والنقعُ جونُ سحــــــــــــــــــائبٍ     وفيه بـروقٌ لـلصــــــــــــــوارمِ لُمَّعُ

إذا زمجرتْ للشوسِ فيهِ زمـــــــــــــاجرٌ     تصوبْ سـهاماً وِدقُها لـــــــيسَ يُقلّعُ

فجدَّلَ منها كل أرعنَ حـــــــــــــــــــازمٍ     ببيضِ المواضـي والقنا الخـطّ شرَّعُ

إلى أن دنا الحــــــــــــتفُ الذي قط ماله     عـن الخلقِ في الدنيا إيـــابٌ ومرجعُ

رموهُ على الرمضاءِ عارٍ وفــــــــي غدٍ     بسـندسِ جنَّــــــــــــــــاتِ النعيمِ يُلفَّعُ

فيا (كربلا) كمْ فيــــــــــــكِ كرَّ من البلا     فما أنـتِ إلا للحـــــــــــــوادثِ مُهيعُ

وما أنتِ إلا بقعةٌ جـــــــــــــــــادَ رسمَها     غمائمَ غمٍّ بالـنــــــــــــــــوائبِ تهمعُ

فكمْ في رباكِ رُوِّعــــــــــــتْ لابنِ فاطمٍ     حَصَانٌ وبالصمصـــــامِ جُدِّلَ أروعُ

وأطفالُها من قبلُ حينَ فصـــــــــــــــالِها     عراها فطامٌ وهيَ فـي الحيـنِ رُضَّعُ

وكمْ فيكِ أكبـــــــــــــادٌ تلظّت من الظما     وكأسُ المنايا من حشـا السيفِ تكرعُ

لربعِكِ قدمــــــــــــــــــــاً قد قذفنا بفادحٍ     له زجّ خطبٍ من ذوي الضغنِ أشنعُ

وفي منتهى ألفٍ وميتيـــــــــــــــن حجةٍ     وسبعٍ تليها خمســـــــــــــــةٌ ثم أربعُ

بكِ الدهـــــــــــــــــــرُ أيمُ اللهِ جدَّدَ وقعَه     أجلَّ من الأولـــــــى وأدهـى وأفظعُ

ويشير إلى هول الفاجعة التي حلت بكربلاء وعظم الجريمة التي ارتكبها الوهابيون فيها حتى عدها كربلاء ثانية:

لئن قُـــتلتْ في تلكَ سبـــــــــــــعونَ نسمةً     فستةُ آلافٍ بـــــــذي المـوتِ جُرِّعوا

وأضحتْ أضاحي شهرِ ذي الحجِّ في منىً     لها اليــوم في واديــكِ مـغنىً ومربعُ

وهلْ جــــــــــــازَ نحرُ البُهمِ من آلِ هاشمٍ     لأهــــلِ الردى والبُهـمُ فـي البيدِ رُتَّعُ

فسحقاً لهذا الديــــــــــــــــنِ بلْ ريبِ أهلِهِ     وتعــساً لمَن سنُّوا الضــلالَ وأبدعوا

مسيلمةٌ أوصى ابنَ سعدٍ لنـــــــــــــــحسِهِ     بإمضــــــــــــائه إذ ســرُّه فيهِ مُودعُ

غشى نينوى والصبحُ جرَّدَ صـــــــــارماً     بغربيِّهِ زنجي الظــــــــــــــلامِ يُجدِّعُ

بعيسٍ كأمثـــــــــــــــــالِ النعامِ إذا سرتْ     حثيثاً لحصباءِ البسيــــــــــــــطةِ تقلعُ

تقلُّ على الأكوارِ شــــــــــــــــــعثاً كأنّهمْ     جنادبُ نجدٍ في المـشــــــــــارعِ وُقَّعُ

ينادونَ بالإعــــــــــــلانِ يـا أهل (كربلا)     أتيناكمُ عُودوا عـن الشـركِ وارجعوا

فكمْ في نداهمْ سُبَّ للهِ حـــــــــــــــــــرمةٌ     وكمْ في مـــــــــداهم جُـزَّ للآلِ مَنزعُ

فطلّوا دماءً واســـــــــــــــــتحلّوا حرائراً     وغُودرَ مالُ اللهِ فيـــــــــــــــهمْ يُوزَّعُ

فذي ثاكلٌ خمصاءُ بطنٍ مـــــــن الطوى     ومن شلوِ هاتيــــكَ الجـــــــوارحُ شُبَّعُ

وتلكَ لفرطِ الحزنِ تــــــــــــذري مدامعاً     وصيِّبُها فـــــي واسعِ القفـــــــرِ ضِيَّعُ

وقد شتتـــــوا في الأرض شرقاً ومغرباً     فرادى ولـــم يجمعْ لهم قطّ مــــــــجمعُ

وأخرى تنـــادي لم يُجبْها سوى الصدى     كمـــا رنَّ فوقَ الأيكِ ورقٌ مُــرجَّـــــعُ

وكمْ كاعبٍ بالكــــــــــــــفِّ تستـرُ أبلجاً     أبى اللهُ في غيرِ الحيــــــــــــــا لا يُقنَّعُ

وفي حضرةِ القدسِ التي جــــــلَّ قدرُها     بها الملأ الأعلى ســـــــــــــجودٌ ورُكّعُ

تذبَّحُ خـــــــــــــــــدامٌ لـها في عراصِها     ويأمنُ فيها الخــــــــــــــــائفُ المتروِّعُ

أسَفٌ ولمْ أأسفْ عـــــــلى مـن تقوَّضتْ     بهم يعملاتُ الـبينِ تخــــــــدي وتُسرعُ

لئن حُرموا الدنيا بأخــــــــــراهمُ حظوا     وبالحورِ والولدانِ في الخــــــــلدِ مُتِّعُوا

ولكن شجى الأحشاءِ هدرُ دمـــــــــائِهمْ     ولا مستثيــــــــــرٌ دابرَ القومِ يَقـــــــطعُ

سوى فرقةٍ مثلي على الضيـــــــمِ سَنَّها     بأنملِــــــــــــــها مـن لاعجِ الوجدِ تقرعُ

وأسيافُها تشكو الصـــــــــــدى وعتاقُها     سوابقُ إلا أنّــــــــها اليــــــــــــومَ ضُلّعُ

فيا غيرةَ الله استفزي بما لــــــــــــــقتْ     ثمودُ من التـــــــــــــــــــدميرِ مِنكِ وتُبَّعُ

أتهدمُ للنـــــــــــــــــــــــورِ الإلـهيِّ قبةٌ     على الفَلـــــكِ الـدوَّارِ تسمــــــــو وتُرفعُ

ويُقلعُ بابُ اللهِ عن مستــــــــــــــــــقرِّهِ     وعـــــــــــــــــن كل داعٍ لا يردُّ ويَردِعُ

وتُهتكُ حــــــــجبُ اللهِ عن أوجِهِ التُّقى     عتاةٌ بغيرِ الشـــــــــــــــــــركِ لا تتبرقعُ

وتُنهبُ من بغــــــــــــيٍّ خزائنُ من له     من العبدِ خزَّانُ النعيـــــــــــــــمةِ أطوعُ

وتطفى قناديلٌ كشهـــــــــــــــبٍ منيرةٍ     تطوفُ قناديلٌ بــــــها وهـــــــــيَ خُضَّعُ

ويُحطمُ شباكُ النـــــــــــــــــبوَّةِ بالظبا     جذاذاً وصنـــــــــــدوقُ الإمـــــــامةِ يُقلعُ

كساهُ إلهُ العرشِ أنوارَ قدسِــــــــــــــهِ     عجيبٌ يُمـــــــــــــــاط السرُّ عنه ويُنزعُ

ويَحملُ سيفَ اللهِ عاتقُ مــــــــــــارقٍ     ومن طبعِ ذاكَ السيــــــــفِ للشركِ يُطبعُ

ويأخُذُ أعلاماً لأعـــــــــــــــــلامِ دينِهِ     ضحىً ولها النصرُ الإلــــــــــــــهيُّ يَتبعُ

ويَنبشُ قبراً لو تكــــــــون السما ثرى     لحط له في قنَّةِ العــــــــــــــرشِ موضعُ

أيا ابنَ الذي أنوارُ شرعـــــــــتِهِ بدتْ     ولاحَ لنا لئـــــــــــــــــــــــلاؤها يتشعشعُ

أيفعلُ ذا الباغي ولا منكَ دعــــــــــوةٌ     أبى اللهُ عنــــــها ما لها الحُــــــجبُ تمنعُ

تبيدُ بها نجداً ولـــــــــــــــم حلقتْ بها     قوادمُ فتخاءٍ إلى الجــــــــــــــــــــــوِّ تقلعُ

لناديكَ من صنعاءَ أمَّتْ ركــــــــــابَها     وفيهِ ترى مـــــــــــا يُســـــتباحُ ويُـصنعُ

وتوسِعُها حلماً وأنـــــــــتَ ابنُ ضيغمٍ     بغيطــــــــــانِها من سيفِهِ الجــــــنُّ تفزعُ

أتعجزُ لا والله أنْ تُطبقَ الســـــــــــما     عليهمْ فركنُ الشمسِ بالغيِّ ضعضـــــعُوا

وشقوا عصا الإسلامِ بالبيـــضِ والقنا     وبالسبِّ والتثليـــــــــــــبِ والقذفِ شنَّعُوا

إلى مَ وهذا الصبرُ إن كنــــتَ صابراً     فلسنا بهذا الضيــمِ نرضــــــــــــى ونقنعُ

بنا شمِتَ الأعدا وقالوا إمـامــــــــــكم     كما قد علمنا لا يضـــــــــــــــــــرُّ وينفعُ

فماذا جوابُ الكاشـــــــــــحينَ أبِنْ لنا     لنبسط عذراً أن يصـــــيخُوا ويســـــمعُوا

فإن قلتَ: عفواً، فليـــــــكن عفوَ قدرةٍ     وإن قلتَ: حلـــــماً، فهــوَ من ذاكَ أوسعُ

أمولايَ صفحاً فهتُ من نــارِ حُرقتي     بما فهتُه إذ أنتَ للصــــــــــــــــــفحِ منبعُ

خدعتكَ في ذا العتبِ كي تهلك العدى     بما فعلوا والنــــــــــــــدبُ بالعتبِ يُخدعُ

متى يا إمامَ العصــــــــــرِ تـقدمُ ثائراً     تقومُ بأمرِ اللهِ بالحــقِّ تصـــــــــــــــــدعُ

وتُردي بمسنونِ الفرارِ عـصـــــــائباً     مدى الدهرِ قد سنّــوا الضــــلالَ وأبدعوا

وتنظرُ أشياعاً عفاةً جســــــــــــومُها     لفرطِ الأسى والـــــــــــــــقلبُ منها مُشيَّعُ

فصلها وعجِّلْ حيث لم تـرَ راحـمــــاً     وأرحامُها بالمشـــــــــــــــــــرفيةِ قُطّعُوا

وفي (كربلا) عرِّجْ يريـــــكَ مؤرِّخاً     ألوفَكَ يا للهِ بالتـربِ صُــــــــــــــــــرِّعُوا

عليكَ عزيزٌ أن ترى ما أصــــــابهمْ     ولكنّما حكـمُ القضــــــــــــــــــا ليسَ يُدفعُ

أيا بنَ رسـولِ اللهِ وابـــــــــنَ وصيِّهِ     إليكَ بجـــــــــرمي في القيــــــــامةِ أفزعُ

فرِدْ عبدَكَ (الحليَّ) مـــــولايَ شربةً     لأنَّ لكمْ فـي الحشـرِ حـوضٌ مُـــــــدعدعُ

(محمدُ) لا تحرمهُ منكَ شـفـــــــاعةً     سواكَ فمـــــــــــــــــــنْ ذا للبـريَّةِ يشـــفعُ

فخذها لفرطِ الحزنِ خنسـاءَ ثـــاكلاً     إذا أنشدتْ يوماً بـــــــــها الصـخرُ يصدعُ

عليكَ سلامُ ما مغنّــــــــــاكَ لعلعتْ     حداةُ ركــــــــــــــــــــابٍ ما زرودٌ ولعـلعُ

وقال من قصيدة في أبي الفضل العباس بن علي (عليه السلام) تبلغ (55) بيتاً:

وحشــــــــــاشتي كــمـــــداً تقيَّدُ مثلما     حُـزناً على (العباسِ) دمعي مطلقُ

الفارسُ البطلُ الـذي يـــــردي العدى     من كــــــــفِّهِ ماضي الغرارِ مُذلّقُ

فهوَ الذي بالمكـــــــــــــرماتِ مُتوَّجٌ      فخراً وبالمــــــــجدِ الأثيلِ ممنطقُ

صمصامُ حقٍّ ليــــــــــــسَ ينبو حدَّهُ     وجوادُ سبـقٍ فـــــي الندى لا يلحقُ

لمْ أنسَ من خـذلَ الأنــــــــامُ شـقيقَه     مُـذ شاهـدوا ريـــبَ المنونِ وحقَّقوا

في نفسهِ واسـى الحســــــــينَ فيالها     نفسٌ عـلـى مرضــــــــاةِ ربٍّ تنفقُ

لمَّا رأى فـي الغاضــــــــــريةِ نسلَه     يُبسَ الثغــورِ من الــظمــا لا تنطقُ

فاعـتدَّ شوقاً للمنايا وامـــــــــــتطى     طــرفاً لأريـاحِ العواصـــــفِ يسبقُ

ومضى لـشاطي العــــلقميِّ بقــربةٍ     كيمـــــــــــــا لها عذباً فـــراتاً يغبقُ

لما رأتـه علوجُ حــــربٍ مقبــــــلاً     لا طائشاً عــقـــــلاً ولا هــوَ مُرهقُ

زحـفتْ عليه كتــــــــائبٌ ومواكبٌ     كعبـابِ بحرٍ خـــيلُهـــــــــــــا تتدفقُ

ملتفةَ الأطرافِ إلا شــــــــــــوسَها     بظبـاهُ أيَّ مُمـــــــــــــزَّقٍ قـد مَزَّقوا

فكأن أسهمَـــــــــــها له قـد سَـدَّدَتْ     ورقَ الجنــــــادبِ بالمشــارعِ حُدَّقُ

فسطا عليها ثم صــــاحَ فكـادتِ الـ     أمـلاكُ من تلــــكِ الزمــاجرِ تُصعقُ

شكّتْ عواملُه صـدورَ صـدورِهــا     ورؤوسُهـــــــــــا بشبا الحسامِ تُـحلّقُ

هذا عليه الزاغبيــــــةُ أخـــــــلفتْ     ضــرباً وهـذا بــــــــــالنجيعِ مُــخلّقُ

فاغتاله علجٌ بحاسـمةِ بَـــــــــــرَتْ     مــنه اليميـنُ وطــارَ مـنها المِــرفقُ

فانصاعَ يحملُ شنَّـه بــشمــــــــالِهِ     حــذِراً وخـوفاً مــاؤه لا يــــــــهرقُ

فبرى لها بـريَّ اليــراعِ كــأختِــها     في غـــربِ منصــلهِ عـدوٌ مخنــــقُ

فغدا يكابدُ بـالثنـــــــــــــــايا حملَه     وله العــــدى بشبا الــضغائنِ خَرَّقوا

وأصابَ مـفرقَ رأسِــه بعمودِهِ الـ     ـشــــــاميُّ نسلُ العاهــراتِ الأزرقُ

فهوى كـبدرٍ في المحاقِ ولـمْ أخلْ     أن البـــــــدورَ بليلِ نقعٍ تُمحـــــــــقُ

وغـدا ينادي للحسيـــــــــــنِ برنَّةٍ     ثبتُ الجِنـــــــانِ يكادُ منها يـقـــــــلقُ

فأتى لمصرعِهِ كرجعِ الطـرفِ لا     يـــــثنيهِ جيــشٌ للطغـــــــــاةِ وفـيلقُ

فرآهُ ملقىً فوقَ بوغاءِ الثــــــرى     وعليهِ غــربــــــانُ المنيِّـــــــــةِ تنعقُ

فبكى وناجاهُ بأعظمِ حـــســــــرةٍ     صـــــبراً أخــيَّ فـإنني بكَ مُــــــلحَقُ

للهِ درُّهُ مِن وفيٍّ نــــــــــــــاصحٍ     بالــــــذبِّ والأقــوالُ عني تـــــصدقُ

جاهدتَ دوني المارقينَ بعـــزمةٍ     من وقعِـــــــهــا صمُّ الصـــــلادِ يُفلّقُ

أردوكَ ظامٍ لا سُقوا قطرَ النـدى     في النشـــــــأتينِ ولا سحــــابٌ مُغدقُ

اللهُ أكبرُ من رزايــــــا عمَّتِ الـ     ـدنيـــــا فـزُلزِلَ غربُها والـــــــمِشرقُ

اللهُ اكبرُ يــــــــــــا له خطـبٌ له     ليسَ الجـــــــيــوبُ بلِ القلــوبُ تُشقّقُ

واكسرةٍ في الدينِ ليـــسَ يقيمُها     جبرٌ وفـــــــتـــقٌ في الـهــدى لا يرتقُ

أتُجذّ قبلَ القتلِ إيمــــــانٌ الـندى     منّا وفيــنا كـــــــــــــــــــلُّ جـيدٍ يُعتقُ

وتُسدُّ في الدنيا مذاهبُنــــــا وأبـ     ـوابُ السما بوجــــــــــــــوهِنا لا تُغلقُ

وتبيتُ أبنــــــائي فلا يحنــو لها     من مشفقٍ هيهـــــــــــــاتَ قلَّ المُشفقُ

أكبادُهم حرَّى وآلُ أمـــــــيــــةٍ     ريَّانةٌ ولها المــــــــــــــــــــــدامُ يُروَّقُ

ويزيدُ تُرفعُ للسمــــــــاكِ قبابُه     فخراً وفســــــــطاطُ النــــــــبوَّةِ يُحرقُ

لفَّوا جميـعاً حيـث ما ثبتتْ لهم     فينا عهــــــــودٌ للنبيِّ ومَــــــــــــــوثقُ (16)

ويقول في آخرها:

قد صاحبوا الدنيا الــــدنيَّــةِ حينَ للـ     أخرى ثلاثاً بالغــــــــــوايةِ طلّقوا

إنْ يقتلوا ابنَ أبــــي وأقــتــــلَ بعدَه     وبأسرتـي أسرى تسيـــــرُ الأنيقُ

فلسوفَ يدركُ ثــــارَنـا المهديُّ من     ولـدي وداعي الحتفِ فيهمْ يزعقُ

ويبيدهمْ بحــــســــــــــامِهِ ولو انهمْ     للـجوِّ مَعْ عنقـــــــاءِ غَربٍ حلّقوا

يا بـنَ السوابقِ والسوابغِ والظبا الـ     ـلائي لنصرِ الديــــــنِ حـقاً تمشقُ

خذها أبا الفضـــــــلِ العميمِ خريدةً     لسوى مديحِــــكَ والثــنا لا تعشقُ

حسناً خدلــــــــــــــجةُ كعـوباً غادةُ     بكراً تُشنَّفُ بالـــــــــولا وتقرطقُ

(حِلِّيَّةُ) الأعــــــــــــــــراقِ إلا أنها     بخلالِ زوراءِ العــــــراقِ تمنطقُ

يرجو بها الجاني (محمد) منكَ عر     فَ الفوزِ في جنَّــــاتِ عدنٍ تنشقُ

صلى عليك اللهُ مــــــــا أن أرَّخوا     (نجمٌ أنيـــــــــرَ ولاحَ بدرٌ يشرقُ)

وقال من تائيته في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

لتذكري داراً بعــــــــــرصة (كربلا)     درستْ معالمُها لفقدِ حُمـــــــــــــاتِها

دارتْ رحاةُ الحــربِ فيهــــا فاغتدتْ     آلُ النبيِّ تدورُ في لـــــــــــــــهواتِها

جاءتْ تؤمِّلُ إرثَـــــــــــــــــــها لكنها     تتقاعسُ الآمـــــــــــــالُ عن غاياتِها

فتكتْ به من آلِ حــــــربٍ عـــــصبةٌ     غدرتْ وكان الغدرُ من حـــــــالاتِها

هزَّتْ قناةَ محــــــــــــــــمدٍ ظلماً وقد     طعـنتْ بنيهِ الغــــــــــــــرِّ في لبَّاتِها

قد عاهدتْ فيه النبـــيَّ ومـــــــا وفتْ     فلبئـسمـــــــــــــا ذخرتْ ليومِ وفاتِها

سيما ابن منجبةٍ سليــــــــــــــلِ محمدٍ     أبـــــــــدتْ به المَخفيَّ من ضغناتِها

بعثتْ بزُورِ الكُتْبِ سِرْ واقــــــدمْ إلى     نحوِ الـعراقِ بمكرِها ودهــــــــــاتِها

هذي الخلافةُ لا ولـــــــــــــيّ لها ولا     كفؤٌ وإنـكَ من خيــــــــــــــارِ كُفاتِها

فأتى يزجُّ اليعملاتِ بمـــــــــــــــعشرٍ     كالأسْـدِ والأشطــــــــانِ من غاياتِها

وحَصَانَ ذيلٍ كــــــــالأهلّةِ أوجُـــــهاً     بسنـــــــــــــــــائِها وبهائِها وصفاتِها

ما زالَ يخترقُ الفـــــلا حتــــــى أتى     أرضَ الـطفوفِ وحلَّ في عرصاتِها

وإذا به وقفَ الجوادُ فقــــــــــــــال يا     قـــومُ أخـبروني عن صدوقِ رواتِها

ما الأرض؟ قالوا: ذي معالم (كربلا)     ما بـــــــالُ طرفِكَ حادَ عن طرقاتِها

قال انزلوا: فالحكـمُ في أجــــــــــداثِنا     أن لا تـشــــــــقّ سوى على جنباتِها

حطّ الرِّحــــالَ وقامَ يُصلحُ عـضبَه الـ     ــماضي لقطـــــعِ البيضِ في قمَّاتِها

بينا يجيلُ الطـــــــــــرفَ إذ دارتْ بهِ     زمرٌ يلوحُ الغدرُ مـــــــــــن راياتِها

ما خلتُ أنَّ بدورَ تمٍّ بــــــــــــــــالعرا     تمسي بنو الزرقاءِ من هــــــــالاتِها

قال الحسينُ: لصحــــــبِهِ مـذ قُوِّضتْ     أنوارُ شمسِ الكونِ عن ربـــــــواتِها

قوموا بحفظِ اللهِ سيـــــــروا واغـنموا     ليلاً نجــــــــــــــاةُ النفسِ قبلَ فواتِها

فالقومُ لم يبغوا سوايَ فأســـــــــرِعوا     ما دامتِ الأعـــــــــداءُ في غــفلاتِها

قالوا: عهدنا الله حاشــــــــــــــــا نتَّبعْ     أمّارةً بالسوءِ في شــــــــــــــــهواتِها

نمضي وأنتَ تبيتُ ما بينَ الـعِـــــدى     فرداً وتطلبُ أنفسٌ لنجــــــــــــــــاتِها

تبغي حراكاً عنكَ وهـــــــــي علـيمةٌ     أبداً عذابُ النفسِ من حـــــــــــركاتِها

ما العذرُ عندَ محمــــــــــدٍ وعليُّ والـ     ـزهراءِ في أبنــــــــــــــــائِها وبناتِها

لا بدَّ أن نَرِدَ العدى بصــــــــــــوارمٍ     بيضٍ يدبُّ الموتُ في شفــــــــــراتِها

ونذودُ عن آلِ النبيِّ وهــــــــــــــــكذا     شأنُ العبيدِ تذودُ عن ســــــــــــاداتِها

فتبادرتْ للحربِ والتقـــــــــتِ العدى     كالأسْدِ في وثبـــــــــــــــــاتِها وثباتِها

جعلتْ صقيلاتِ التـــــــــــرائبِ جُنَّةً     كيما تنـــــــــــــــــالَ الفوزَ في جنَّاتِها

كمْ حلّقتْ بالسيفِ صــــــــــدرَ كتيبةٍ     وشفتْ عليلَ الصـــــــدرِ في طـعناتِها

فتواترَ النقط المضـاعفُ خــــــــــلته     حُلقَ الدلاصِ به على صفـــــــــحاتِها

فتساقـــطتْ صَرعى ببوغــاءِ الثرى     كالشُهـــــــــــبِ قد أفِلتْ برحبِ فلاتِها

ما خلتُ ســـــــــــربَ قطا بقفرٍ بلقعٍ     إنَّ التراثَ تكــــــــــــــونُ من لقطاتِها

رحلتْ إلى جــــنَّـــاتِ عدنٍ زُخرفتْ     سكنتْ جوارَ اللهِ في غـــــــــــــرفاتِها

بقيَ الإمامُ فريدَ يـــهــــــتفُ في بني     حربٍ وقد خفتتْ ذُرى أصــــــــواتِها

ويلٌ لكمْ هل تعرفونــــــــــي مَن أنا     هلْ تُنكرُ الأقمـــــــــــــارُ عـنـد وفاتِها

انا نجلُ مكّةَ والـمشاعرِ والصــــــفا     وبِمنْ مِنى والخيفِ من عـــــــــرفاتِها

أنا نجلُ من فيه البراقُ سَــــرى إلى     ربِّ الطبـــــــــاقِ السبعِ وابـنُ سراتِها

قالوا: بلى أنتَ ابن هـادي الـخلقِ للـ     ـنجلِ القويمِ وأنتَ نجــــــــــــلُ هداتِها

لكنْ أبوكَ قضــــى عــــلى أشيـاخِنا     واليومَ نطلبُ منكَ في ثـــــــــــــاراتِها

وأتته أسهمُها كما رســـــــلُ الـقضا     بغياً فيا شُــلّتْ أكفُّ رمـــــــــــــــــاتِها

أصمتْ فـؤادَ الدينِ ثمَّ واطــــــــفأتْ     أنـوارَ علمِ اللهِ في مشكــــــــــــــــــاتِها

فـسطا عليهمْ سطـــــــــــــوةً علويَّةً     تتزلـزلُ الأطـوادُ من عزمـــــــــــــاتِها

أبكـى بعــــــــــادلةٍ سـوابغَها دمــــاً     مُذ أضـحـكَ الصمصـــــامَ من هامَاتِها

فكـأنَّ صارمَه خــــطيبٌ مـــــصقعٌ     وسنامَ مـنبرِهِ ذُرى قامــــــــــــــــــاتِها

وكأنّـما سُمُّ الوشيجِ بـــــــــــــــــكفِّهِ     أيْمُ النقى والــحتــــــــــــفُ في نفـثاتِها

كمْ فيـلقٍ أضحى مخــــافةَ بــــــأسِهِ     كالشاةِ مُذ فُجـــعتْ بفقدِ رعـــــــــــاتِها

والخيلُ تعثرُ بالشـكيمِ عـــــــــوارياً     مِمَّنْ تثيــرُ النقعَ في صـــــــــــــهواتِها

فكأنّه يومَ الطفـــــــــــــوفِ أبوه في     ليلِ الهريــرِ يبيدُ جمعَ عـــــــــــــداتِها

ما زالَ يقتحمُ العــــــجاجَ ويَصطلي     نارَ الوغــى ويخوضُ في غمـــــراتِها

حتى أتاهُ الصــــــكُّ أنْ أنجِزْ بــوعـ     ـدِكَ حيث نــفسُكَ حانَ حينَ ممـــــاتِها

فهناكَ أحـلمَ غبَّ مقدرةٍ فـــــــــــــأر     دوهُ على ظـــــمأ بشــــــــــــطِ فراتِها

تاللهِ ما قضــــــــتِ الــعدى منه منىً     لولا القضا لقضــــــــــتْ دوينَ مناتِها

فهوى فضُعضعتِ السمــاواتُ العلى     وتعطّــلَ الأفلاكُ عن حـــــــــــركاتِها

وهمــتْ لمصرعِهِ دماً والعـــــالمُ الـ     ـعـلويُّ أبدى النوحَ فــــــــــي طبقاتِها

والجــنُّ في غيطـــــــانِها رنَّتْ أسىً     وبــكتْ عـليهِ الطيــــــــرُ في وكنـاتِها

وعدا الــجوادُ إلى معـــــــرَّسِ نسوةٍ     نــادى مُنـادي جمعِها بشتـــــــــــــاتِها

فخرجنَ مــن خللِ الستورِ صوارخاً     كلٌّ تــسحُّ الـدمعَ في وجـنـــــــــــــاتِها

فرأينَه قاني الوريدِ وجســـــــــــــمُه     عارٍ ومـــنه الــــــــــرأسُ فـوقَ قناتِها

وقبابُها تعدو النهيــــــــــــــبَ قبابَها     اللهُ كيفَ تقـــــــــــــــــالُ من عثراتِها؟

وسروا بهنَّ على الـــمـطيِّ وقد علا     لتواتــرِ المسرى رنيــــــــــــنُ حداتِها

يا للحميَّةِ من ذؤابةِ هــــــــــــــــاشمٍ     بلْ يا ليــوثَ اللهِ في غابـــــــــــــــاتِها

أتطلّ ما بينَ الطلـــــــــــولِ لكمْ دماً     أمـــــــــــــــــويةٌ والجبـنُ مـن عاداتِها

آلُ النبيِّ تئنُّ في أصفـــــــــــــــادِها     كَمَداً ومــــــــــــــالُ اللهِ مـن صـفداتِها

قد أنزلتها عن مــــــــــــراتبِ جدِّها     ورقتْ طــرائـدَها على مــــــــــرقاتِها

محرابُها ينعى لفقدِ صَـــــــــــــلاتِها     ووفودُها تبـــكي لفقـــــــــــدِ صِــلاتِها

حـــملتْ بأطرافِ الأسنةِ والقـــــــنا     مـــن تعجبُ الأملاكُ من حمـــــــلاتِها

وبنـــاتُ فاطمـةِ البتـــــــــولةِ حُسَّراً     وبنــاتُ رملةَ في ذُرى حُجــــــــراتِها

قد ألبـــستْ نقـطَ الحجازِ جســـومَها     وغرائــبُ التيجـــــــــانِ في جبـهـاتِها

والعودُ يـــضربُ في أكــــفِّ قيانِها     وتقهقهُ الـــراووق في كــــــــــاســاتِها

لُعنتْ على مـــرِّ الدهورِ لأنَّــــــــها     باعتْ هدايـــةَ رشدِها بعمـــــــــــــاتِها

فإلى مَ يا بـنَ العسكــريِّ فطالتِ الـ     أيــــامُ وانفصمتْ عُرى أوقـــــــــــاتِها

فانهضْ لهــــا مـــولايَ نهضةَ ثائرٍ     واشفِ غليـــلَ النفسِ من كربــــــــاتِها

واقدمْ بشيعتِكَ الكـــــــرامِ ومَكِّنِ الـ     ـعضبَ المهــنّدَ من رقابِ بُغـــــــــاتِها

يا ســـــــــادةً جـــلّتْ مزايا فضلهمْ     إن تــدركَ الأوهامُ كنهَ صفــــــــــــاتِها

لي فيـــكمُ مدحـــــاً أرقُّ من الصَّبا     تـــهدي عبيرَ الفوزِ من نفحـــــــــــاتِها

فتقبَّلوا حـــسناءَ تـــــــــــرفلُ بالثنا     (حــسَّان) مفتقراً إلى فقـــــــــــــــراتِها

(حِليَّةٌ) حكـــتِ النضـــــارَ نضارةً     وحلــتْ وقد فاقتْ على أخـــــــــــواتِها

يرجو بها الجــاني (محمدُ) سادتي     منكمْ نــجاةَ النـفسِ غبَّ وفـــــــــــــاتِها

إن قدَّمَ الأقوامُ بـــراً وافــــــــــــراً     نفسي ولاكــمْ قـدَّمتْ لحيــــــــــــــــاتِها

صلى الإلــــــــــهُ عليكمُ ما أرخوا     (حفّتْ حمـــامُ الأيكِ في وكنـــــــــاتِها)

وقال من ميميته:

كلُّ المنازلِ من همــــــومي (كربلا)     وجميعُ أيامي كيومِ محــــــــــــــرَّمِ

يومٌ به كُسفتْ ذُكــــــــــاءُ فأصبح الـ     ـثقلانِ في ليـــــــــــــــلٍ بهيمٍ مُظلمِ

يومٌ به قمـــــــــــــــــــرُ الدجنّةِ غالَه     خســــــــــفٌ عقيبَ نـقيصةٍ لم تُتممِ

يومٌ به حُبسَ السحـابُ عن الحيــــــا     ومن السماءِ نجيعُ دمـــــــعٍ قد هُمي

يومٌ به الأملاكُ عـــــن حركــــــاتِها     قد عُطِّلتْ والكـــــــــــــونُ لم يتـقوَّمِ

يومٌ به جبريلُ أعـلنَ فـــــــــي السما     قُتلَ ابنُ مكّـــــــــةَ والحطيمِ وزمزمِ

يومٌ به الأمـــــــــــلاكُ كلٌّ مــــــنهمُ     بــــــــــــــدلاً عـن التسبيحِ قامَ بمَأتمِ

يومٌ به الأرضـونُ والأطــــــوادُ ذي     مادتْ وتلكَ لـهولِهِ لـــــــــــــم تشمَمِ

يومٌ به غاضَ البحــــــــــارُ فبتُّ في     عجبٍ لزاخـــــــــــرِ موجِها لمْ يُلطمِ

يومٌ به قد باتَ آدمُ بـــــــــــــــــــاكياً     كأبي العزيزِ غروبَ طرفٍ قد عُمي

يومٌ به نوحٌ همتْ أجفـــــــــــــــــانُه     دمــــــــــــــعاً يسيلُ كسيلِ دارٍ مفعمِ

فكأنّما لمَّا طغتْ أمــــــــــــــــــواجُه     طوفانُه بعبـــــــــــــابِ طوفانٍ طمي

يومٌ بقلبِ أبي الذبيحِ بــــــــدتْ لظى     بسوى يدِ النكباءِ لـــــــــــــم تتضرَّمِ

إن كانَ قدماً حرُّها بــــــــــــــرداً له     أضـــــــــــحى فمِن ذي قلبهِ لم يسلمِ

يومٌ به أمسى المسيـــــــــــــحُ بمهدِهِ     بـسوى فصـــــــــــيحِ النوحِ لم يتكلّمِ

يومٌ به هجرَ الجنـــــــــانَ مــــــحمدٌ     وبغيـــــــرِ عرصةِ (كربلا) لم يلحمِ

ينعى لهتفِ الجـــــــــنِّ في غيطانِها     وهـديــــــــــلِ طيرٍ في الوقيعةِ حُوَّمِ

يومٌ به الكــــــــــــرَّارُ ينفثُ نفثةَ الـ     ـمصدورِ كاللـــــــيثِ الكميِّ الضيغمِ

يومٌ به الزهراءُ خُــضِّـبَ شـــعرُها     بدمٍ وتشكو ربَّها بتـــــــــــــــــــــظلمِ

يومٌ به قد أصبحَ الــحـــسنُ الرضا     يبدي الكآبة عن حـشــــــــــاشةِ مُعدَمِ

يومٌ بركنِ الديـــــــــــــنِ أوقعَ ثلمةً     أبداً على طـــــــــــولِ المدى لم تلحمِ

يومٌ به للمؤمنيــــــــــــــــــنَ رزيةٌ     وبه كعيدٍ للطغاةِ ومـــــــــــــــــــوسمِ

يوم أتى فيه الحـــــسينُ لـ (كربلا)     كالبدرِ وابنـــــــــــــــاءُ الكرامِ كأنجمِ

يومٌ عليهِ تألّبتْ عُصَـــــــــبُ الخنا     من كلِّ عبدٍ أكوعٍ ومــــــــــــــــــزنَّمِ

لم أنسَ وهوَ يخوضُ أمواجَ الوغى     كالليثِ ممتطيــــــــــــــاً جزارةَ أدهمِ

فإذا خبتْ للشـــــــــوسِ نارُ كريهةٍ     بسوى الوشيــــــــــــجِ بكفِّهِ لم تُضرَمِ

كمْ فارسٍ ألقاهُ يفحـــصُ في الثرى     وبفيهِ غير هضـــــــــــــــابِها لم يكدمِ

ما زالَ يفني المارقيـــنَ بـمارقِ الـ     ـحربِ العوانِ بغـربِ عضـــبٍ مخذمِ

حتى دنا المقـدورُ والأجـــــلُ الذي     يأتي الفتى من حيـــــــــثُ مـا لمْ يعلمِ

زحفتْ عليهِ كتــــــــائبٌ ومـواكبٌ     ورمته من قوسِ الفناءِ بــــــــــــأسْهُمِ

شُلّتْ أناملُها، رمتــــــــه ولـم تخلْ     قلبَ الهُدى من قبلُ أن يُــــرمى رُمي

أصمتْ فـؤادَ الدينِ واعجباهُ مِــــن     ركـــنِ التقى لمصــــــــــــابِهِ لمْ يُهدمِ

فهوى كطـودٍ هدَّ فارعَه عــــــــلى     وجهِ الثرى من فوقِ ظـــــــهرِ مُطهَّمِ

قسماً ببيضِ ظباً رتعنَ بــــجـسمِهِ     معْ كلِّ مطّرِدِ الكعـــــــــــــــوبِ مقوَّمِ

لولا القـضاءُ، به لمَا ظفرتْ وهـل     ظفرَ البغاثُ بصيــــــــدِ نـسرٍ قشــعمِ؟

ساموهُ بـعدَ العـزِّ خسفاً وامتــطـوا     لقتالِ خيرِ الخلقِ كلَّ مُــــــــــــــــسوَّمِ

ألفوهُ ظـــامي القلبِ يجرعُ علـقماً     والماءُ يلـمعُ طـــــــــــــامياً في العــلقمِ

حطِمَتْه خيلُ الظالمينَ ومــا سوى     صدرِ المـعالي خـيلُها لم تحــــــــــــطمِ

عقرتْ بحدِّ المشــرفيِّ فهـلْ درتْ     وطأتْ سنــــــــــــــــــابكُها لأيِّ معظّمِ

بقيَ الإمامُ على الصــعيدِ مُــجدَّلاً     عارٍ ومنه الشيــــبُ خُـــــــــضِّبَ بالدَّمِ

ما أن بقي مُـــلقىً ثلاثاً في الثرى     لا نـــــــــــــــــــــاقصاً قدراً ولا بِمُذمَّمِ

لكن ملائكةَ السمــــاءِ عليه مــــن     قبــــلِ الثلاثِ صــــــــــــــلاتُها لمْ تُتممِ

وعدا الجوادُ إلى مُعرَّسِ نســـــوةٍ     ينعى الجــوادُ برنَّةٍ وتحـمـــــــــــــــحمِ

فخرجنَ ربَّاتُ البــــــــدورِ نوادباً     كلٌّ تشيرُ بـــكــــــــــــــــــفِّها والمِعصَمِ

ويقلنَ لـــــــلمهرِ الكميتِ وسرجُه     قد مالَ وهوَ لـــمعــــــــــــــركٍ لمْ يُلجَمِ

يـا مهرُ أينَ سليـــلُ من فوقَ البرا     قِ رقى الطباقَ الســــــبـــــعَ ليسَ بسُلّمِ

يـــــا مهرُ أينَ ابنُ الــذي بصلاتِهِ     يعطي الصِّـــــــــــــــــلاتِ بعفةٍ وتكرُّمِ

يــــــا مهرُ أينَ ابنُ المــبيدِ كماتِها     يومَ الهريــرِ بصـــــــــــــــــارمٍ لمْ يُثلمِ

يــــــا مهرُ أينَ ابنُ الذي مَهرُ أمِّه     مـاءُ الفــــــــــــــــراتِ وقلبُه منه ظمي

وهكذا يسترسل ابن الخلفة في رسم وقائع الفاجعة التي أبكت السماء والأرض:

فبكى لندبِ الطاهراتِ على الفتى الـ     ــندبِ الكميِّ دمــــــــــــــاً وإن لم يفهمِ

ولهنَّ دلَّ على القتيلِ إشـــــــــــــارةً     وهوَ الصمــــــــــــــــوتُ دلالةَ المتكلمِ

فرأينَه في التربِ يكــــــــــرعُ بالقنا     بيدٍ المنيَّةِ مرَّ كــــــــــــــــــــأسِ العلقمِ

وعليه للخرصــــــــانِ نــسجُ سوابغٍ     حُلَقٍ لها طولُ المــــــــــــدى لم تفصمِ

اللهُ أكبرُ يــا له من فـــــــــــــــــادحٍ     جَللٍ لعمرِ أبـــــــــــــــي وخطبٍ مدهمِ

ماءُ الفــــراتِ عــلى الحسينِ مُحرَّمٌ     وعلى بني الطلقاءِ غيـــــــــــــرُ محرَّمِ

وابــنُ الدعيَّةِ فـــــــــي البلادِ مُحكّمٌ     وابنُ النبيِّ الطــــــــــــــهرِ غيرُ مُحكّمِ

وبناتُ رملةَ في القصـورِ وعترة الـ     ـمختارِ لم تُحجـــــــــــبْ بسجفِ مُخيمِ

لُعنتْ عتاةُ أمــــــــــــــــيَّةٍ لعناً على     مرِّ الجديـــــــــــــــــــــدِ لأنَّها لمْ تحلمِ

قسماً بمن لبَّى الحجيـــــــــــجُ ببـيتِهِ     مِن كلِّ ســـــــاعٍ في الطوافِ ومُحرمِ

ما سنَّ قتلَ الآلِ يومَ الطــــفِّ فـــي     سيفِ الضلالِ بكــــــــــفِّ علجٍ مُجرمِ

إلا الألى نقضوا الكتابَ وأخّـــــروا     فصلَ الخطابِ وغيرُهــــــــــم لمْ يقدمِ

همْ أسَّــسوا وبنتْ أميةُ بعـــــــــدهمْ     ويلٌ لهمْ من حرِّ نــــــــــــــــــارِ جهنمِ

فمتى أرى الـمهديَّ يظهرُ مــــــعلناً     للحقِّ يوضحُ بالحســـــــــــــــامِ وبالفمِ

ويسيرُ في أمِّ الـقُرى في فيـــــــــلقٍ     لجبٍ وجيشٌ كالأســــــــــــودِ عرمرمِ

ومواكبٌ ترِدُ الـمجــــــــرَّةَ خـــيلُها     وسوى فواقعِ زهرِهـا لم تطــــــــــــعمِ

يحملنَ آساداً كأنَّ سـيـــــــــــــــوفَها     برقٌ تلألأ في سحــــــــــــــــابٍ مظلمِ

ويطهِّرُ الآفــاقَ من عــقبٍ غــدا الـ     إيـــــــــــــمانُ عنـــــدهمُ يبــاعُ بدرهمِ

يا سادةً في الذكرِ جبريـــــــــلٌ لهمْ     من عالمِ الشهداءِ جـــــــــــــــاءَ بمُحكمِ

فيكمْ (محمد) قد أجادَ فرائـــــــــــداً     فلغيرِ جيدِ مديــــــــــــــــــحِكمْ لمْ تنظمِ

قد ذابَ أقصى القلبِ منه حــين في     تأريخِها (طيرٌ شـــــــــــــــــــدا بترنُّمِ)

.......................................................................

1 ــ أدب الطف ج 6 ص 89 / شعراء الحلة للخاقاني ج 5 ص 182 / ديوان القرن الثالث عشر ج 4 ص 102 / الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 178

2 ــ شعراء الحلة ص 188 ــ 192

3 ــ أدب الطف ج 6 ص 102 / شعراء الحلة ج 5 ص 192 / ديوان القرن الثالث عشر ج 6 ص 87

4 ــ أدب الطف ج 6 ص 109 / شعراء الغري ج 5 ص 174 / الطليعة ج 2 ص 186 / ديوان القرن الثالث عشر ج 2 ص 154

5 ــ شعراء الحلة ج 5 ص 198 ــ 202 الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 181 ــ 185

6 ــ شعراء الغري ج 5 ص 169

7 ــ أعيان الشيعة ج 9 ص 122

8 ــ أدب الطف ج 6 ص 89

9 ــ الحصون المنيعة في شعراء الشيعة ج 9 ص 335

10 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 552

11 ــ العقد المفصل ج ١ ص ١٠٧     

12 ــ شعراء الحلة ج 5 ص 173

13 ــ معادن الجواهر ج 3

14 ــ أدب الطف ج 6 ص 96

15 ــ شعراء الحلة ج 5 ص 202 ــ 204

16 ــ شعراء الحلة ج 1 ص 196

المرفقات

: محمد طاهر الصفار