دقَّتْ ساعة الغليان في الشارع الكربلائي لتنطلق صيحة الانتفاضة الشعبانية ظهر الثلاثاء 16 شعبان 1411هـ المصادف 5 آذار 1991م...انطلاقا مثخناً بالجراح البعثية والمتخمة بهموم الأبرياء تحت المشرحة الصدامية الدامية، والطائفية المقيتة التي انتهجتها الحكومة تجاه أبناء شعبها؛ فكانت كربلاء مسرحاً لسقوط الظلم والاستبداد، ليسدل أبناء مدينة الحسين الستائر على الوجود البعثي النتن بصيحة المجاهدين الأبطال : (ياحسين).
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة يفتح ملف أوجاع وجراح أهالي كربلاء ليعيد صرخة الصوت الحسيني باستذكار الانتفاضة الشعبانية من خلال معاصريها وشهود عيان لتلك الأيام العصيبة على المؤمنين يقول عنها المواطن ( احمد العبيدي) احد شهود العيان : إن أسباب نشوب الانتفاضة الشعبانية هو الضغط الذي مارسه النظام الصدامي تجاه السكان الأصليين في العراق حيث كان الضغط عليهم شديداً وذا صور متعددة أبرزها هو زج أبناءهم في حروب لا ناقة لهم فيها ولاجمل طوال ثمان سنوات راح ضحيتها كثير منهم كذلك زج الشيعة في حرب هي الأخرى أسوأ من سابقتها وهي حرب الخليج التي أفقدت العراق أبناءه الحقيقيين وأضافت لهم مالم يكن في الحرب السابقة من الذل والخيبة والخسران أيضاً إذلال الشيعة بشتى الصور على خلفية طائفية سياسية ومذهبية واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية بل أسوء من ذلك أيضاً الوضع الاقتصادي فبعد تسريح الجنود وانتهاء الحرب الأولى لم تكن الأوضاع الاقتصادية جيدة خصوصاً للجنود الذين باتوا لايفقهون سوى الحرب وقد ضعفت قوتهم عن ممارسة كل عمل لذا فإن الوضع بات هشاً ومحاولات السيطرة أصبحت مرهقة للناس جداً جداً ، فانفجروا حين سنحت الفرصة التي لطالما كانوا ينتظرونها وقد كان ذلك أمراً تدريجياً .
أما التشكيلات التي قادت الثورة هي الشعب نفسه ولم تكن هناك تشكيلات بالمعنى الحزبي أو العسكري فهؤلاء وإن كان بعض أفرادهم منظّمين في حركة الثورة والانتفاضة إلا إنه لم يكن لهم اسم تنظيمي ومما يؤيد ذلك أن النظام ذو سطوة قاسية جداً مقيدة بشدة حركة هذه الأحزاب والحركات كذلك لم يكن هناك سلاح بوفرة كدعم لوجستي للثورة لذا فإن الناس منهم من استولى على سلاح الشرطة والجيش الذي كان منتشراً في المدينة قبيل الانتفاضة وبعضهم كان يحمل الأدوات البسيطة كالسكاكين والقامات والعصي ويمكن تأكيد هذه الحقيقة كما قال قائد الاستخبارات العسكرية آنذاك اللواء( وفيق السامرائي) في بعض كتبه: إن الانتفاضة فشلت لأنها كانت فاقدة للحليف الاستتراتيجي وهذا يعني أن لاوجود لأي نوع من أنواع الارتباط بما وراء الحدود لاحزبياً ولادولياً ويكفيها بذلك فخراً.
نعم الانتفاضة أدت دورها بكسر حاجز الخوف لدى المواطن العراقي الذي كان يحسب حساباً لكل من يلبس البدلة العسكرية ذات اللون الزيتوني وها قد أضحوا ممزقين على أيديهم سواء كان في بداية الأمر وهروبهم كالجرذان أو في صد هجوماتهم ومقاومتها مقاومة صلبة كبّدت الدولة خسائر فادحة في العدة والعدد ، ومايثبت ذلك عدم وجود قيادة سياسية تتكلم وتطالب باسمها لا في الداخل ولا في الخارج.
فيما قال الأستاذ (حسين الحسيني) أحد المشاركين في الانتفاضة : تعد الانتفاضة الشعبانية في عام 1991 م انعاطفة كبيرة للشعوب العربية والإسلامية فهي كانت عفوية ولم يكن لها تخطيط مسبق فكانت هناك أسباب أدّت إلى نشوب الانتفاظة ومنها الحكم الظالم والتسلط الديكتاتوري من قبل النظام الصدامي المقبور وكذلك دخول العراق إلى الحروب مع الدول المجاورة ومنها إيران والكويت حيث أدى دخوله إلى الكويت إلى قتل الآلاف من الجنود العراقيين وكذلك الإعدامات التي مورست بحق المواطنين ومن أهم كبار الشخصيات التي شاركت في الانتفاضة الشعبانية (السيد جعفر أبو يحيى ) وكان من الشخصيات البارزة وكان له دور في تحفيز الشباب على حمل السلاح ومقاومة النظام البائد عندما أراد دخول المدينة بعسكره المتوحش وفي يوم 5/3 / عام 1991 م قام البعثيون والحرس الجمهوري بضرب المدينة المقدسة وقاموا بمحاصرة المدينة من جميع الجهات حيث بداية الأمر استخدموا الضرب بالطائرات الحربية ومن ثم جاءت قوة كبيرة من العاصمة بغداد مكونة من الحرس الجمهوري وجلاوزة البعث المقبور حاملين معهم مختلف الأسلحة وقاموا بضرب المدينة ومن ثم الإعدامات الكبيرة للمواطنيين الأبرياء والمقابر الجماعية وضرب كل من يخرج إلى الشارع فشهدت المدينة في تللك الفترة حصاراً كاملاً إلا أن الأهالي من المدينة المقدسة التجأوا إلى حرم الإمام الحسين( عليه السلام) وكذلك إلى حرم أبي الفضل العباس (عليه السلام) من جرّاء القصف الصدامي للمدينة بالهاونات والدبابات والطائرات ولكن المجاهدين من أبناء مدينة كربلاء تصدّوا وببسالة لأعداء الإسلام من جلاوزة النظام البعثي المقبور وكانت هناك معركة دامية لم يستسلم فيها المجاهدون من أبناء المدينة ودافعوا ببسالة وشرف ولكن نفاذ الأعتدة وقلة الأسلحة جعلت الانتفاضة تخمد ومن ثم قمعت بشكل كامل وراح ضحيتها الآلاف من المواطنين الأبرياء وقتلوا على يد النظام البعثي المقبور ومن ثم ضربت المقدسات الشريفة بالمدفعية وأخذ جميع من كان يتحصن في مرقد أبي عبد الله الحسين وأخيه أبي الفضل العباس (عليهما السلام) وعزلت العوائل من النساء والأطفال وقتل الشباب وحتى كبار السن لم يسلموا من بطشهم وأعمالهم الوحشية .
إبراهيم العويني
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق