محمد .. الرحمة الإلهية

" فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ "

إنها اللحظة التي يتوقف عليهم مجرى التاريخ.

إنها لحظة تقرر موقف السماء والأرض، لحظة الدعوة التي يتبيّن فيها الأفق الأبيض من الأسود وينبلج نور الإسلام ليطمس غياهب الكفر.

اللحظة التي تتطلع إليها الأزمان والأجيال وهم في برزخ الغيب، فعليها تتحدد حياتهم لتخرجهم من الضلال إلى الهدى، ومن العبودية إلى الحرية, من الذل إلى الكرامة, من الاستعباد إلى المساواة, من الاستبداد إلى الإخاء, من الظلم إلى العدل, من الرذيلة إلى الفضيلة, من الهاوية إلى النجاة. 

إنها اللحظة التي أشرقت فيها الحقيقة وانطلقت منها إلى الآفاق بالنور الذي نزل على صدر محمد حبيب إله العالمين فبددت الظلام الدامس وقشعت غياهب الجهل.

(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) .. وصدع محمد بأمر السماء ولكن قريشاً عتت وتجبّرت واستكبرت وعذبت المسلمين واضطهدتهم وأخرجتهم من ديارهم وكانت المواجهة الأولى بدر....ويستقبل رسول الله القبلة ويتجه بكل نفسه وروحه إلى ربه ويقول: (اللهم هذه قريش قد أتت بخيلائها تحاول أن تكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد).

ـ اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد ..

ويشرق الهدى على بريق سيوف علي والحمزة وعبيدة الذين سقوا غرس الإسلام ملبّين دعوة السماء لتشرق متوهّجة بالحقيقة واليقين الصادق على صدق الدعوة المحمدية وينظر عبيدة إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) وهو يبتسم غير آبه بالجراح، فقد أنسته فرحة النصر والنظر إلى وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألم الجرح فقال للنبي: لو كان أبو طالب حياً لعلم أنني أقررت عينه حين قال:

كذبتم وبيتِ اللهِ نُخلي محمداً   ***   ولما نطـاعن دونه ونناضلِ

وننصرُه حـتى نصرّعَ حوله   ***   ونذهلُ عن أبنائنا والحلائلِ

ما أروعها من لحظات تلك التي تحيل الإنسان فيها إلى عالم السمو والخلود، وبقي النبي ينشر الدعوة ويبين جوهر الرسالة، ووقف المسلمون برؤوسهم الشامخة وهم يعلنون كلمة الحق في الأفق، وينشرون دعوة السماء في الأرض، دعوة النور والهدى.

لقد أنجز الله وعده لرسوله ونصره وأيده بروح منه فأشرق نور الإسلام لمحق غياهب الجاهلية ووضعت اللبنة الأولى في تأسيس الإسلام وإرساء دعائمه ورسم منهجه القويم.   

محمد طاهر الصفار

المرفقات

: محمد طاهر الصفار