منذ أن سقط دم الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه وهم يرفعون راية الرفض بوجه الظالمين أصبحت كربلاء قبلة للثوار وعاشوراء مشعلاً ينير درب الثائرين. ومنذ ذلك اليوم انطلقت الشعائر الولائية التي مثلت انعكاساً لهذا الرفض وامتداداً لتلك الثورة وبقيت دفقات الولاء التي تطلقها هذه الروح هي التي تعطي للثورة روح التواصل بينها وبين الأجيال وتصور المفاهيم التي ثار من أجلها الإمام الحسين (عليه السلام) وصارت الجماهير على امتداد التاريخ تزحف يوم عاشوراء إلى كربلاء لتجدد البيعة للإمام الحسين لأنها وجدت فيه أباً للأحرار ورمزاً للثوار.
لقد ترسّخت ثورة الإمام الحسين في قلوب وعقول الجماهير جيلاً بعد جيل وبقيت مثالاً لأسمى آيات الكرامة والإباء ولا زالت وستبقى الخطر الأكبر الذي يرعب الطواغيت في كل العصور ويقض مضاجعهم لأن منبع هذه الثورة وأساسها هو تجسيد كرامة الإنسان في الأرض وإقامة العدل والانتصاف من الطغاة والمتجبّرين وإرساء مبادئ الدين الإسلامي الحنيف.
فكان من الطبيعي أن تُحارب هذه الثورة التي تهدد الطغاة والمتسلطين فسعوا جاهدين لطمس كل أثر يمت بصلة لها وفي كل محاولة كان ذلك الصوت الهادر يزداد رسوخاً في قلوب الجماهير ويهدد عروش الطغاة (هيهات منا الذلة)...
نعم لقد أبى الله لهذا الصوت إلا علواً كما قالت الحوراء زينب (ع) (لا يدرس أثره، ولا يمحى رسمه على كرور الليالي والأيام، وليجهدن أئمة الكفر وأشياع الضلال في محوه وطمسه فلا يزداد أثره إلا علواً).
فلسفة الثورة
احتلت ثورة الحسين الذروة في ذاكرة التاريخ وعقول الأجيال وأصبحت مثالاً للتضحية والفداء لمصداقيتها وشرعيتها يقول عباس محمود العقاد: (مثل ــ أي الحسين (ع) ــ في حلة من النور تخشع لها الأبصار وباء بالفخر الذي لا فخر مثله في تواريخ بني الإنسان وحسبه أنه وحده في تاريخ الدنيا الشهيد ابن الشهيد في مئات السنين). (1)
إن خروج الحسين (ع) داعياً بحقيقة هدفه بعد أن نكص أغلب المسلمين خوفاً يسجل أول تحدٍ للطغاة وأول إنموذج ثوري في تاريخ المسلمين فتحوّل مقتله إلى شهادة وشهادته إلى شعلة غرست وجداً مستمراً من النضال والتضحية في سبيل المبدأ وكونت غضباً ثورياً لا يخمد أواره ولا تخفت فورته وقد تجلى في الثورات التي تعاقبت بعد ثورة الحسين (ع) والشعائر التي انبثقت منها وتطورت بموجبها واستمدت منها مقوماتها واستمراريتها.
النبي يقيم أول مأتم على الحسين
تقول المصادر التاريخية ان أول من أقام مأتماً على الإمام الحسين (ع) هو جده رسول الله (ص)، وقد أحصى العلامة الأميني عشرين مأتماً أقامها النبي (ص) على سيد الشهداء أبي عبد الله (ع) وقد وثق كل مأتم بأسانيد عديدة من كتب الصحاح والأحاديث لأهل السنة باسطاً البحث عن صحة أسانيدها من كتب الجرح والتعديل لديهم منها ستة مآتم في دار أم سلمة، وثلاثة مآتم في دار عائشة، ومأتم في دار زينب بنت جحش، ومأتمين في حشد من الصحابة ومأتم في داره (ص) ومأتم في دار أمير المؤمنين (ع). (2)
إذن فقد كان رسول الله هو أول من بكى على سبطه الإمام الحسين (ع) وحض على ذلك وكذلك الأئمة الهداة (ع) ابتداءً بأمير المؤمنين. (ع) وحتى الإمام المهدي (ع)، ولهم (ع) أحاديث كثيرة في فضل زيارة الحسين (ع) والبكاء عليه والدعاء لزواره والحض على إقامة المآتم من خلال وصاياهم (ع) لأصحابهم. ولا يمكن ذكرها هنا لكثرتها فمن أرادها فليراجعها من مصادرها في ذلك.
التوابون
أما أصداء ثورة الحسين (ع) وإقامة الشعائر الحسينية من قبل الجماهير فإن المصادر التاريخية تفيد بأن التوابين الذين قاموا بأول حركة ثورية ضد الحكم الاموي بعد ثورة الحسين (ع) كان شعارهم (يا لثارات الحسين) فأصبح هذا الشعار هتاف جماهيري تطلقه آلاف الحناجر بوجه السلطة الأموية وأخذ يكبر يوماً بعد يوم فشكل أول نواة لإطلاق هذه الشعائر ولم تنفع أساليب القمع التي استخدمتها الأمويون لإبادة هذه الثورة في إسكات هذا الشعار الذي صار شعاراً للعديد من الثورات التي تلت ثورة التوابين.
المختار
كان المختار بن أبي عبيد الثقفي قائد الثورة ضد الأمويين يعقد المآتم في داره بالكوفة على الإمام الحسين (ع) فيقام الندب وتتحرك المشاعر التي تتحول إلى غضب يدفعهم ويحضهم على الأخذ بثأر الحسين (ع) من قاتليه وكان الشيعة الأوائل يجتمعون حول قبر الحسين (ع) ويظهرون الأسى والندم ويقدمون العزاء والسلوى لأهل البيت (ع).
فكانت هذه المراسيم هي شرارة الثورات والانتفاضات ضد الظلم والانحراف وقد استمدت منها قوتها وحيويتها وتوالت المجالس الحسينية فكان الشيعة في تلك السنوات يجتمعون في شهر محرم من كل عام في بيت من بيوت الأئمة (ع) من أهل البيت أو في بيت واحد من أنصارهم للبكاء على الحسين (ع) واستذكار يومه الدامي حيث ينشد أحد الشعراء قصيدة في رثاء الحسين (ع) وتقديم عزاء لأهل البيت (ع) ثم أخذت هذه المجالس بالاتساع...
أول المقاتل في المآتم الحسينية
في القرن السابع للهجرة دخلت قراءة (مقتل الحسين (ع)) لابن نما الحلي، ثم السيد ابن طاووس ضمن منهاج المجالس، وهذان المقتلان هما من أوائل المقاتل التي تتحدث تفصيلياً عن المآسي الدامية لواقعة كربلاء وكان القراء يقرؤون المقتل بصوت شجي يستدر دموع المستمعين.
الشعائر في العصرين الأموي والعباسي
مرت المجالس الحسينية بأدوار شتى على امتداد تاريخها وتعرضت لظروف قاسية نتيجة السياسات المتعاقبة فكانت السلطات الأموية تمارس أقسى أساليب القمع والاضطهاد ضد مقيمي هذه المجالس مما اضطر الشيعة لإقامتها خفية خوفاً من القتل أو الاعتقال وعندما قام العباسيون كانوا قد روّجوا لدعوتهم على أساس الأخذ بالثأر للإمام الحسين (ع) من بني أمية وكانت دعوتهم للرضا من آل محمد (ص) فاستغلوا نقمة المسلمين وسخطهم على الأمويين نتيجة التنكيل والاضطهاد الذي مُورس ضدهم وما إن اعتلوا العروش حتى نكصوا على أعقابهم لأنهم وجدوا أن ثورة الحسين (ع) لم تكن ضد الأمويين فحسب، وإنما كانت ضد كل الظالمين وفي كل العصور فأصبح اسم الحسين (ع) يقض مضاجعهم ويهدد مصالحهم بصورة مباشرة وبنفس الاسلوب الذي هدد به مصالح بني أمية فعمدوا إلى محاربة هذا الاسم ومداهمة أي بيت أو مجلس يذكر فيه هذا الاسم والتنكيل بمن فيه فمرت هذه الشعائر بأقسى من الظروف السابقة وكانت حقبة المتوكل العباسي أقسى فترة مرت بها الشعائر الحسينية حيث أمر المتوكل بهدم قبر الحسين (ع) والتنكيل بزواره وممارسة أشد العقوبات بحقهم.
في عصر البويهيين
وإذا كان الشيعة في تلك العصور لم يستطيعوا أن يعبّروا عن حزنهم العميق بمأساة كربلاء تعبيراً كاملاً فإن الظروف اختلفت عليهم ومال ميزان القوى لصالحهم فيما بعد، فقد أهلك الله تلك الحكومات واستطاع الشيعة لأول مرة من إقامة العزاء الحسيني بشكل كامل وعلني في بغداد حيث خرج الناس إلى الشوارع وأغلقت الأسواق ونصبت المآتم ونظمت المواكب ولبس السواد ووضعت الجرار لسقي الماء ثم سار الناس حفاة الأقدام حاسري الرؤوس إلى كربلاء لزيارة قبر الإمام الحسين (ع) وكذلك فعل أهالي كربلاء حتى التقوا عند قبر سيد الشهداء (ع) فأقاموا مواكب العزاء بشكل كامل وعلني وكان ذلك في يوم عاشوراء من عام (353هـ/963م) في أيام معز الدولة البويهي الذي كان أول من جعل مراسيم العزاء الحسيني عادة تتبع سنوياً في بغداد.
وكانت هذه الفترة من أهم الفترات في تاريخ نشوء وتطور الشعائر الحسينية لأنها أقيمت لأول مرة بشكل علني فقد أصبح الطريق معبّداً أمام الشيعة لإعلان شعائرهم بدون رقيب حيث كانت تمارس قبل ذلك بشكل سري ومحدود.
تنوع الأدوار
ما إن جاء السلاجقة حتى أعلنوا الحرب على هذه الشعائر وصار الشيعة يتخذون احتياطاتهم لإقامة العزاء الحسيني. غير أن الوضع تغير عند مجيء الصفويين إلى السلطة إذ اعطوا للشيعة مطلق الحرية في ممارسة شعائرهم. ولكن ما إن جاء العثمانيون واستلموا مقاليد الحكم حتى أصدروا أوامرهم بمنع إقامة العزاء الحسيني فاضطر الشيعة إلى إقامة مجالس العزاء في البيوت بصورة سرية بالرغم من المنع الذي فرضته السلطات العثمانية والعقاب الشديد الذي ينتظرهم جرّاء إقامتهم لهذا العزاء.
غزو الوهابيين
وحينما غزا الوهابيون مدينة كربلاء ذلك الغزو البربري الوحشي عام (1802م) واستباحوها قتلاً ونهباً وتدميراً وأحرقوا المرقد المقدس بعد أن سرقوا كل ما فيه من كنوز ونفائس وقتلوا كل من وجدوه فيه حتى وصل عدد القتلى إلى أكثر من خمسمائة شخص كانت صدور الشيعة موغرة جرّاء المظالم التي يتعرّضون لها والتكتم الشديد على إقامة شعائرهم فزاد ذلك الحادث الأليم الذي أعاد مأساة كربلاء عليهم مرة ثانية من حزنهم وغضبهم وتمسكهم بالشعائر الحسينية فأفرغوا فيها ما اعتمل في صدورهم من غضب في خطبهم وقصائدهم ومراثيهم التي امتزجت بشعائر العزاء الحسيني فألهبت حماس الأهالي في الدفاع عن أرضهم ومقدساتهم وما إن أعاد الوهابيون الكرة عام (1807م) حتى تصدّى لهم أهالي كربلاء وطردوهم بعد أن تحصّنوا تحصيناً منيعاً ردّوا به الهجمات الوهابيين واستبسلوا في الدفاع عن أرضهم المقدسة.
داود باشا
كان الوالي العثماني على العراق داود باشا والذي حكم من (1817-1831) من أشد الولاة تضييقاً على الشيعة وقد شدد من منعه إقامة العزاء الحسيني وقد اضطر الشيعة آنذاك إلى إقامة مجالس التعزية في السراديب بعيداً عن العيون والأسماع وقد عرف في ذلك الوقت الشاعر الخطيب محمد نصّار النجفي الذي نظم كثيراً من قصائد الندب والرثاء التي ألقاها وأنشدها بنفسه في المجالس الحسينية وقد بقيت قصائده التي كتبها بالفصحى والعامية تتداول في مجالس العزاء الحسيني من قبل القراء والخطباء إلى الآن.
بعد المماليك
بعد الاطاحة بالمماليك وسقوط داود باشا تولى الحكم علي رضا الذي تطلبت سياسته في ذلك الوقت استمالة الشيعة بعد عهود القهر والتسلط التي مارسها من سبقه عليهم، فكانت هناك فسحة لإقامة الشعائر الحسينية مما أعطى دافعاً قوياً لتطوّرها وانتشارها فامتدت إقامة المجالس الحسينية بعد ذلك إلى المساجد والمدارس الدينية وأضرحة الأئمة (ع)، وفي ذلك الوقت نشأت مواكب المسيرات الشعبية (اللطم) وكان أول موكب هو للشيخ محمد باقر أسد الله المتوفي سنة (1840) في الكاظمية، أما في كربلاء فإن أول من موكب (للطم) كان بأشراف آية الله الشيخ محمد جواد البلاغي وعنه أخذت وتوسعت إلى ما هي عليه الآن.
واستمرت مجالس العزاء والمواكب وبقيت الشعائر الحسينية تمارس بعد حكم الوالي علي رضا إذ كان الولاة بعده على خطه حتى جاء مدحت باشا الذي حاول منع هذه الشعائر ولكن محاولته باءت بالفشل، فقد ترسّخت هذه الشعائر وأخذت طابعاً جماهيرياً وخاصة في المدن المقدسة (النجف الأشرف وكربلاء والكاظمية) فإلى جانب مجالس التعزية، أقيمت مواكب اللطم وضرب الزنجيل والتطبير والتشبيه ــ أي التمثيل واقعة الطف ومقتل الإمام الحسين (ع) ــ.
أول حسينية
في عام (1876م) بُنيت أول حسينية في الكاظمية وهي الحسينية الحيدرية، وفي كربلاء تم بناء أول حسينية عام (1906م)، ثم تعددت الحسينيات في المدن المقدسة واستمرت مواكب العزاء الحسينية خلال الاحتلال الإنكليزي للعراق، وبعد تأسيس المملكة العراقية عام (1921) أعلنت الحكومة العراقية يوم عاشوراء عطلة رسمية في عموم العراق لأول مرة وسمحت بإقامة مجالس العزاء والشعائر الباقية.
ولكن مع بداية كل محرم كانت الانفعلات تشتد مع اشتداد مراسيم العزاء الحسيني الذي يتحوّل إلى تظاهرة ضد الظلم فكانت السلطات بدورها تحاول السيطرة على مواكب العزاء ومنع البعض منها واتخاذ إجراءات صارمة ضد خطباء المجالس الحسينية الذين يرفعون أصواتهم منددين بالظلم.
محاولة وفشل
في عام (1928) حاولت السلطات منع الشعائر الحسينية لكن الجماهير التي تعودت حناجرها على الهتاف يا حسين كسرت طوق المنع وخرجت الجماهير والمواكب لتؤكد إن ثورة الحسين لم تكن مجرّد معركة بين فئتين في انعزال عن المجتمع, بل إنها كانت تمثل رفضاً قاطعاً وتحدّياً لكل أنواع الظلم والاستبداد، وموقفاً ثورياً أعاد إلى الإنسان كرامته المهدورة فكانت هذه الشعائر تزيد مبادئ الثورة رسوخاً في الواقع الاجتماعي والسياسي.
وبعد سلسلة من المحاولات اليائسة في العهد الملكي للتضييق على الشعائر الحسينية عادت مواكب العزاء عام (1958)، وفي عام (1968) أظهرت السلطات تسامحاً تجاه العزاء الحسيني في محاولة لاستمالة الجماهير واحتواء مشاعرها لكنهم بعدها بدأوا يضيّقون الخناق تدريجياً في محاولات دنيئة لطمس الشعائر الحسينية وتقييد حركتها ومراقبتها وتحديد مدة اللطم في المواكب وكذلك تحديد مكبّرات الصوت التي تنصب في الحسينيات ومواكب العزاء، كما كانت هناك محاولات لتمرير شعاراتهم البغيضة من خلال الشعائر الحسينية.
إصرار
وفي عام (1975) منعت السلطات البعثية جميع المواكب الحسينية من القيام بشعائرها ليلة العاشر من محرم غير أن المواكب في النجف الأشرف ضربت القرار البعثي عرض الحائط وخرجت بعد منتصف الليل إلى الصحن الحيدري الشريف لإداء مراسيم العزاء فحصلت مواجهات مع السلطة تم خلالها اعتقال عدد من الأشخاص، وفي العشرين من صفر من العام التالي قامت السلطة البعثية بمنع مسيرة السير على الأقدام من النجف الأشرف إلى كربلاء المقدسة لزيارة الأربعين غير أن الجماهير تحدت السلطة فخرج الآلاف وواصلوا مسيرهم إلى كربلاء وهي تهتف يا حسين.. يا حسين..
وتكرر المنع في العام التالي ولكن الجماهير أبت إلا أن تقيم هذه الشعيرة المقدسة فخرجت تظاهرة عارمة من مدينة النجف الأشرف وهي تهتف: لو قطعوا أرجلنا واليدين نأتيك زحفاً سيدي يا حسين، وقد أحيطت هذه التظاهرة بالجنود والدبابات وأفراد من الجيش الشعبي وعندما وصلت إلى منطقة خان النص على طريق كربلاء اصطدمت بمجموعة من الجنود التي حاولت أن تمنع التظاهرة من مواصلة مسيرتها وقد سقط عدد من القتلى والجرحى وتم اعتقال مئات من الأشخاص وصدرت بحق عدد كبير منهم عقوبات بالإعدام كما تم قتل بعض المعتقلين تحت التعذيب.
وبالرغم من الاصطدامات الدموية تلك فقد نزلت مواكب النجف الأشرف مرة أخرى إلى صحن الإمام الحسين في كربلاء وقامت بمراسيم العزاء، وفي السنوات التالية اتخذت السلطة البعثية إجراءات صارمة وقمعية مشدّدة لمنع المواكب والضغط عليها وتقييد وحريتها في الحركة حتى تم منع جميع أنواع الشعائر التي تقام عادة في شهر محرم وصفر في كل عام سنة (1980) وبدأت السلطة باعتقال عدد كبير من مقيمي المواكب والخطباء والشعراء والرواديد وإعدام الكثير منهم كما قامت بإغلاق الحسينيات والمدارس الدينية.
وانقشع الظلام
أخيراً انتهت هذه الفترة المظلمة التي كانت أشد فترة عاشتها الشعائر الحسينية على امتداد تاريخها عام (2003) بسقوط الصنم فعادت الحناجر العاشقة والقلوب الوالهة التي عشقت الحسين (ع) تهتف باسمه لتؤكد للتاريخ إن هذه الشعائر التي استمدت من ثورة سيد الشهداء (ع) ديمومتها واستمراريتها لن تموت ابداً ما دام فيها ذكره (ع) وسيتوارثها الموالون جيلاً بعد جيل.
لقد بقيت الثورة الحسينية رغم مضي أربعة عشر قرناً وستبقى أبد الدهر شمساً للحرية تنير درب الثائرين والمقهورين الذين وجدوا فيها خير معبّر عن آلامهم وآمالهم في إقامة العدل ورفع الظلم وقد اتخذوا من الشعائر الحسينية أفضل وسيلة للرفض والتحدي والمقاومة وجسراً للتعبير عن الذات والوجود واستماتوا في الدفاع عنها وحمايتها مستمدين من هذه الثورة المباركة قوتهم واستبسالهم فهي النبع الصافي الذي تستقي منه الثورات على طول التاريخ رفضها للظلم والاستبداد لتوكد أن كل زمان ومكان يحملان حسيناً ويزيداً وهما في صراع أزلي بين الحق والباطل
محمد طاهر الصفار
...................................................................................
1 ــ أبو الشهداء ص 229
2 ــ سيرتنا وسنتنا
اترك تعليق