تحدث سماحة السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة في 6/محرم/1441هـ الموافق 6 /9 /2019 م عن سيرة الحسين عليه السلام وما يمكننا ان نستفيد منه فقد بدا خطبته قائلا:
اودّ ان اتحدث عن مقولة الامام الحسين (عليه السلام) عندما عُرضت عليهِ البيعة وهو لا زالَ في المدينة.. بعد حوار طويل بينهُ وبين الوليد ذكرَ هذه الجملة: قال (عليه السلام) : (ومثلي لا يُبايعُ مِثله..) ثم ذكر حديثاً آخر..
هذه الجملة الشريفة من الامام الحسين (عليه السلام) حقيقة تمثّل خطاً عريضاً وواضحاً لمسألة وهو ان الامام الحسين (عليه السلام) قال : (ومثلي لا يُبايع مثله)، تارة الامام الحسين (عليه السلام) يقول (اني لا ابايعهُ)، هذا له ُ مطلب معنى الامام الحسين (عليه السلام) لا يبايع الطرف الاخر لاختلاف واضح بين سيد الشهداء وبين ذلك الطرف، وتارة الامام (عليه السلام) عبّر (ومثلي لا يبايع مثله) كأن أشار الى نقطة واخرى وهذه النقطة الاخرى عامة يعني يمكن ان تنطبق على ما تفوه بهِ (عليه السلام) ويمكن ان تنطبق على ما قبله وممكن ان تنطبق على ما بعده..
وتاكيده على عدم التقاء الحق مع الباطل قال: الامام (عليه السلام) في هذه الجملة الشريفة جعل هناك خطيّن متوازيين لا يلتقيان ابداً، خط مِثلهِ (عليه السلام) والخط الآخر هو خط مُثلهُ ذاك الطرف المقابل..، والبيعة هي عبارة عن عدم الالتقاء اصلا ً انا لا ابايع، انا لا التقي معكَ اصلاً..
لا شك ان هذا الطراز من البلاغة لهُ من الاهمية ايضاً بمكان..، هذا شِعار الامام الحسين (عليه السلام) بيّن طريقة واضحة للتعامل مع الطرف المقابل انهُ مثلي لا يبايع مثله تحت أي ضغط من الضغوط لماذا؟؟
لأن هذا منهج وهذا منهج - التفتوا جيداً ماذا أقول- يُضادهُ فلا يمكن ان يجتمعا..
الامور المضادة حتى الاطفال يعرفونها الان عندما يأتي طفل وتقول لهُ هذه الورقة سوداء وبيضاء.. لا يصدّق! يقول لا يمكن السواد والبياض لا يجتمعا في ورقة واحدة هي سوداء وهي بيضاء أما سوداء واما بيضاء..
واستطرد في خطبته قائلا: الامام (عليه السلام) اراد ان يبين ان هذه المثلية هي عبارة عن منهج وهذا المنهج منهج مُمتد والمنهج الآخر ايضاً منهج مُمتد لكن هذان لا يمكن ان يلتقيا بينهما تمام المنافرة وبينهما تمام المضادة وان ادّى ذلك الى سفك دمهِ..، مسألة بيعة التقاء هذا لا يمكن ان يحصل..
ولذلك نقرأ هذه القضية بإمعان حتى نعرف ان نتيجتها ماذا؟ نتيجتها شهادة كربلاء، الامام (عليه السلام) العالِم يُقدّم سمعتهُ وخطهُ ويُقدّم فكرهُ على حياتهِ.. انَ مثلي لا يبايع مثله، هذه مسألة مفروغ منها هذا لا يمكن ان يجتمعا لأن هناك عند الامام صلاحٌ والطرف الآخر عندهُ فساد والصلاح والفساد لا يجتمعا، عند الامام (عليه السلام) استقامة الطرف الآخر هو عندهُ اعوجاج وعندهُ انحراف فكيف تجتمع الاستقامة مع الاعوجاج والانحراف؟؟!! اما الامام (عليه السلام) عندهُ امانة وهؤلاء عندهم خيانة فلا يجتمع الامين مع الخائن..
ليؤكد سماحته على ان خط الحسين عليه السلام هو نفس خط بقية الائمة عليهم السلام فذكر: لاحظوا الامانة الامام السجاد لهُ مقولة وانا اتكلم عن منهج قال الامام السجاد (عليه السلام) : لو ان الشخص الذي قتل ابي الحسين اودعني السيف الذي قتل بهِ وقال هذا السيف امانة، انا ارجعها، امير المؤمنين (عليه السلام) مسكَ الماء قال: اتركوهم يشربون من الماء، فقالوا له هؤلاء اعداءنا! قال لهم اتركوهم يشربون من الماء انا منهجي يختلف..
الامام الحسين (عليه السلام) الحر يجعجع بهِ بألف.. الامام (عليه السلام) قال: اسقوهم، قالوا لهُ هؤلاء آذونا في الطريق، فقال لهم (عليه السلام) اسقوهم..
منهج الامام (عليه السلام) يختلف منهج استقامة وامانة وعدل ورحمة..
وعندما مسكوا المشرعة : لا تذوق الماء منعوا عن العائلة والاطفال والنساء الماء.. هذا منهج.. كيف يلتقي هذا مع هذا؟؟!!
الامام (عليه السلام) في الامانة ويعلمنا النزاهة ويعلمنا الصدق ونأخذ منهُ هذه المعارف.. المقابل يسرق ويغصب ويقتل.. كيف يجتمع هذا مع هذا؟!!
الامام (عليه السلام) منتهى العدل لا يمكن ان يظلم..
حتى في واقعة الطف وضع خده على ولده علي الاكبر ووضع خدهُ على جون مولى ابي ذر وكان يأتي لهذا المقاتل كما يأتي لولدهِ..
الطرف المقابل ظالم غشوم يقتل النفس المحترمة المحرّمة.. كيف يستقيم هذا مع هذا؟!
هذا الكلام عام مقولة الامام الحسين (عليه السلام) في ذلك الوقت مستمرة الى ان يرث الله الارض و من عليها لابد ان تكون هناك (ومثلي لا يبايع مثله)، استحالة التقاء الفضائل مع الرذائل.. ولذلك ذكرنا في اكثر من مناسبة المنازعة الدينية لا تقبل المصالحة تختلف عن المنازعة الدنيوية لأن المنازعة الدينية هذا شعارها (مثلي لا يبايع مثله) عليهِ ان يتحلى بما عندي أهلا ً وسهلاً عليهِ ان يترك القتل والسرقة والنفاق والدجل والظلم عليه ان يترك أهلا ً وسهلاً..، اما ان نكون بهذين الخطين المتنافرين الذي احدهما يرفض الاخر فيستحيل ان يلتقي.. فهذه قاعدة ضربها سيد الشهداء (عليه السلام) وبالنتيجة هي مستقاة من جدهِ المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)..
اخواني الجاهل مشكلة.. الجاهل او المتجاهل وقد المتجاهل يكون شأنهُ اصعب..
كانوا يعرضون على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كل شيء مقابل ماذا؟ اترك الدعوة..، هذا أمر خارج عن اترك وان ما اترك.. انتم الان في الكعبة تعبدون الاصنام و تتخذون آلهة.. وانا منهج توحيد وهذا غير هذا لا يمكن ان يجتمعا وامير المؤمنين (عليه السلام) مرّ بقصص من هذه القصص.. وسيد الشهداء (عليه السلام) بيّنها وهو في المدينة (ومثلي لا يبايع مثله) انا اختلف منهجياً ولاحظوا لا الامام السجاد (عليه السلام) يبايع المقابل و لا الامام الصادق وحتى الامام الرضا تعرفون جيداً تلك المعاناة التي مرّ بها (عليه السلام) ..
وهذه (مثلي لا يبايع مثله) لاءات سيد الشهداء (عليه السلام) نرجو ان نقف عندها هذه ليست لاءات شعارات وانما لاءات حقيقية، الانسان عندما تكون هناك عندهُ مصداقية وحقّانية وحقيقية يقترب من سيد الشهداء خطوة خطوة..
(لا اُعطيكم بيدي) حقيقة شعار حقيقي ولم يُعط، (لا اقر) لم يُقر، (ومثلي لا يبايع) لم يبايع، لماذا؟! لأن هذا المنهج يختلف عن هذا المنهج..
لينبه الجميع بان هذا المنهج لا زال حاضرا بيننا بقوله: في كل اوقاتنا وازماننا وعصورنا هذان المنهجان موجودان هما امتداد الى صراع قابيل وهابيل الى الحق والباطل والى الخير والشر ، الخير لا يخضع الى الباطل وان كان الباطل اقوى وان كان الباطل استعدى وان كان جنود الباطل اكثر لكن الحق لا يخضع اطلاقاً وبحمد الله اليوم نرى سيد الشهداء (عليه السلام) هو الصوت الاقوى بعد ان كان قبل 2014 كما يتصورون – وهو دائماً الصوت الأقوى- يتصورون ان المكنة لهم لماذا..؟! لأن هذا الخط لا يمكن ان يكون تحت هذا الخط..
نسأل الله سبحانه وتعالى بمن نحن بجوارهِ صاحب هذه المقولة (ومثلي لا يبايع مثله) ان نكون من الذين يستنون بُسنتهِ وتكون فيهم كل المُثل من القيم التي جاء بها (عليه السلام) وان يبعدنا واياكم عن الظالمين والمنافقين والحاسدين والكائدين وكل جهات الانحراف.. الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق