مسجد الميقات.. اول النُسك

قال الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام (من تمام الحجّ والعمرة أن تُحرم من المواقيت).. وقال عليه السلام (وجب الاحرام لعلّة الحرم) ...

الميقات في الحج يكسب المرء ذلك الشعور الداخلي بالاستعداد للقاء رب العالمين في بيته الحرام.. وبالتأكيد ان لقاء العزيز الكريم يمتاز بالقداسة والطهارة ونظافة الروح، وعليه ينبغي لمن قصده حاجاً او معتمراً أن يغتسل قبل إحرامه ويتهيأ للأحرام من الميقات بعد أن يصلّي صلاة الإحرام ويترك ملابسه بقصد تخليته وتجرّده من الذنوب والمعاصي والرذائل.. ليلبس لباساً أبيضاً طاهراً مباحاً استعداداً للقاء العزيز وتذكرة للإنسان بنهايته حينما يلف بكفن أبيض غير مخيط عند الموت، فضلاً عن الاشارة إلى المساواة بين بني البشر..

لقد خصصت الشريعة الإسلامية المطهرة اماكن للإحرام منها قبل اداء مناسك الحج او العمرة ، ويجب أن يكون الإحرام من تلك الأماكن ويسمى كل منها ميقاتاً،  فقد حدد الإسلام مواقيت مكانية ليبدأ حجاج بيت الله إحرامهم فيها حسب البلدان او الطرق التي أتوا منها، وهي مسجد الشجرة( ذو الحليفة او آبار علي) كميقات لأهل المدينة ومن ينزل فيها متوجها للحج، ويلملم (السعدية) وهو ميقات أهل اليمن، وقرن المنازل (السيل الكبير) وهو ميقات أهل نجد، وذات عرق كميقات لأهل العراق، والجحفة كميقات لأهل الشام والمغرب ومصر ومن جاء عن طريقهم.

مسجد الشجرة..

سمي بهذا الاسم حسبما ورد في الروايات كونه مبني في موضع الشجرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتفيأ تحتها في المدينة، ويقال له مسجد ذي الحليفة ايضاً لوقوعه في منطقة ذي الحليفة بفتح الحاء وكسر اللام وهي اسم لماء بين بني جشم بن بكر من هوزان وبين بني خفاجة رهط توبة.. وهي قرية بينها وبين المدينة اثنا عشر كيلاً ويطلق عليها اليوم تسمية مسجد آبار علي سلام الله عليه  نسبة الى الآبار التي حفرها عليه السلام عندما أقام في ذي الحليفة.. وسمي ايضاً بمسجد الميقات او الإحرام.

يتموضع المسجد ضمن امتداد الجانب الغربي من وادي العقيق وهو واد مبارك كما أطلق عليه رسولنا الكريم صلوات الله عليه وآله،  ويبعد عن المسجد النبوي الشريف قرابة 14 كيلو متراً وقد شُرع في بنائه في عهد عمر بن عبد العزيز اثناء ولايته على المدينة عام 87 /93 هـ، وجدد بناءه في العصر العباسي ثم بالعهد العثماني في زمن السلطان محمد الرابع عام 1058هـ وكان  ذو مساحة صغيرة جداً وجدرانه وسقوفه من اللبن والحجارة ولم يكن الحجاج والمعتمرون في المواسم يجدون راحتهم فيه حتى جدد واعيد اعماره وتوسعته من قبل الحكومة السعودية في الوقت الحاضر.

لقد روعي في بناء هذا المسجد المبارك - اضافة الى توفير سبل الراحة للحجيج - إبراز التراث الاسلامي المعماري، فقد صُمم هيكله البنائي على  شكل مربع طول ضلعه الواحد قرابة  770 م، ويحتوي على فضاء وسطي مساحته 1000م2 تقريباً ليستوعب اكثر من(5000) مصل ومحرم، وتبلغ المساحة الكلية للمسجد بالساحات المحيطة به (90000م2) وقد شيد المسجد وملحقاته على (26000 م2) منها، أما المساحة الباقية وهي (64000 م2) فهي عبارة عن الطرق والأرصفة والمواقف والأراضي المشجرة.

ويتكون المسجد من سلسلة صفوف من الأورقة المزينة بالنقوش والزخارف الاسلامية وهي مرتبة على التوالي ومفصولة بمساحة (6م2)، والمسافة المكررة لعقود الرواق هي 9ر6م وقد صممت محمولة على أعمدة ضخمة لتكسبها جمالية استثنائية ومتانة للسقوف والجدران.. اما صفوف الأروقة فترتفع من فوقها مجموعة من القباب الطويلة يصل ارتفاع الواحدة منها الى قرابة (16م) من مستوى الأرض ويصل عددها الى المائة قبة، وهناك قبة واحدة فقط محمولة على قاعدة مربعة بضلع (4ر5م) فوق المحراب، وارتفاعها (28م)، أما المنارة الحديثة الطراز فارتفاعها (64م)، وقد غطيت أرضية المسجد بالرخام والجرانيت المزخرف، وصممت الأبواب من اجود انواع الخشب لتفتح على مدار اليوم للمصلين والمحرمين .

اعداد: سامر قحطان القيسي

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

 

المرفقات