إن الانفتاح الكبير للأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة حول الثقافات العالمية والعربية والتلاقح المعاصر لجميع الفنون الإنسانية لأجل إيصال الصوت الحسيني المشرق الهادف لجميع الدول جعلها تخطو الخطوة الجبارة لتأسيس مشاريع ثقافية كبيرة كان من ضمنها (المرسم الحسيني )، مراسل الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة زار المرسم ليسلط الضوء عليه ويقرب الصورة للمتلقين من الزائرين وغيرهم بهذا الحوار المباشر مع الفنان (حسن حمزة شاهر) مسؤول شعبة الفن الحسيني ليتحدث عن فكرة إنشاء المعرض الحسيني وآلية التواصل مع الفن بصورة حضارية، فقال : وجّه سماحة الأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) بتأسيس مشروع يتناول فن الرسم الحسيني سنة 2009م وفتح أبواب الدعم اللامحدود له حتى أصبح واقعاً حقيقياً له تأثيراته الكبيرة جداً على جميع الأصعدة الثقافية الإعلامية، مبيناً أن المشروع جريء وخطير بنفس الوقت ويواجه تحديات عظيمة خصوصاً في تطورات ساحة الفن نفسها، فكان من الطبيعي أن ننطلق بهذا المشروع بإمكانيات ضعيفة.
- ما نوع الانطلاقة...؟ وما هي الأسباب للبدء بمشروع كبير بإمكانات ضعيفة...؟
-بسبب الظروف الاقتصادية التي يمر بها البلد وعدم وجود مجتمع حقيقي ثقافي يحتضن . مما جعل الفنان العربي أو العراقي على وجه الخصوص يهاجر إلى بلاد الغرب أو المهجر فبالتالي نواجه صعوبة في الحصول على الفنان الحقيقي الذي يمتلك مهارات تقنية عالية جداً , فمثلاً ابتداء هكذا مشروع رصين أسّس أعمال فنية توازي الفن الغربي وتنافسه إن لم أقل تفوقه , لهذا يتطلب مني أن لا أجلب فناناً لا يجيد إلا الفن التجريدي أو الفن التشكيلي هذا الفنان لا يرتقي إلى المستوى الذي نقدمه في مشروعنا مع ذلك ترى الساحة الإعلامية الثقافية الفنية جميعها تتغنى بالمدارس الفنية الحديثة.
-ما الرؤية التي اعتمدها المرسم الحسيني ضمن برنامجه التطويري للفن ؟
-لا توجد هناك رؤية دقيقة في مسايرة عجلة التطور الفني بمدارسه وحركاته وتياراته وما بين التمييز بين رصانة الفن وتصنيفه حسب الأصناف ,لكن كتقنية الموضوع يختلف تماماً هذا النوع من الفنانين صعوبة الحصول عليهم بسبب حتى الأكاديميات ومعاهد الفنون الجميلة في العراق أصبحت تتأثر وتخرج لنا أجيال من الفنانين متأثرين بالفلسفات الجديدة للفن والعزوف عن الفن الرصين والحقيقي الذي غزى العالم قديماً وحديثاً.
-كيف يتم استقطاب الفنانين للخوض في تجربة الرسم الحسيني ؟
- نعم تم الحصول على بعض الفنانين وإن كانوا لا يمتلكون المهارات العالية فنحن هنا في الفن الحسيني نطور هذه الإمكانيات ونقوم بإعطاء الدروس له ونرفع من شأنه بعد ذلك يرتقي إلى هذا المستوى العالي حتى يدخل في جميع دهاليز المدارس والنظريات عندما نريد أن نطرح أي مضمون , وحالياً أربع رسامين متواجدين في (شعبة الفن الحسيني) لكن هذا العدد هو بين الزيادة والنقصان حسب الظروف للفنانين الموجودين لكن رؤيتنا للفنانين ربما المحترفين لا تتوقف عند حد معين نستقطب كل الفنانين الجيدين .
- نشاهد تنوع المدارس الفنية في اللوحات المعروضة...؟ هل هناك آلية في اختيار مضمون اللوحات؟
- الفن الحسيني لا يقتصر على اللوحة الحسينية ذات المضمون الديني ولا يقتصر على لوحة الصوت الإسلامي الديني وإنما يتعدى إلى كل المضامين التي كان لها الدورالفاعل في حياة الفنان أو المتلقي العربي أو العراقي فترى أعمال الفن الحسيني ارتقت إلى مستويات أخرى فمثلاً مناقشة موضوع معاناة السجناء العراقيين خصوصاً السجناء الذين واجهوا الضغوط والاضطهاد من قبل الحكومات الديكتاتورية في محاربة القضية الدينية ومحاربة الرجل الملتزم بعقيدته من خلال الحكومات التي تمثل قوة ضاربة وسوط يبطش بكل من يقول كلمة (لا) فهذه الكلمة تجسدت على أعتابها مسارح من الدم وارتأينا في عدة معارض أقيمت خارج العراق إقامة معرض سياسي بتسليط الأضواء عليه برؤية فنية على ما حوته جدران السجون العراقية بالتحديد, وقمنا بتجسيد بعض الأعمال التي تناولت هذه الفترة المؤلمة بحياة الشعب العراقي
- إذن المرسم لا يعتمد على المضمون الديني فقط ...؟
- المضمون الديني يتناول جميع قضايا الشارع المقدس من ضمنها القضايا العامة والسياسية وهي أساساً تحدٍ لطغاة العصر، ناهيك عن التحدي التقني المعاصر، لذا عمد الفن الحسيني إلى تجسيد الجانب الديني برؤية معاصرة وجانب السياسة بذات الرؤية وتبقى لغة الطرح هي اللغة المتنوعة بين أطياف هذا الفن الناطقة
-هل هناك مشاركة للمرسم الحسيني في المعارض الدولية والعالمية ؟ وما مستواها على الصعيد المحلي ؟
-بالنسبة للفن الحسيني أصبح واجهة ثقافية لها رونقها وثقلها الفني فأصبح شيئاً مرموقاً ويشارك في جميع الأنشطة التي تقام من هنا وهناك , وهناك أنشطة كثيرة تأتينا من الخارج عن طريق معاهد وكليات الفن الحسيني يشارك ويلبي الطلب ، خصوصاً ارتأت في الآونة الأخيرة الكثير من المؤسسات خارج نطاق العتبة الحسينية أن تدعو ما وصلته آلية العتبة المقدسة من قاعدة ثقافية عظيمة تشارك وتعزز رصانة هكذا فعاليات ، فنجد العتبة قد أصبحت توجه لها الكثير من الدعوات إضافة إلى بعض المهرجانات التي تخطت حدود قطر العراق للدول العربية ،في لبنان وإيران والهند وغيرها من البلدان يشارك الفن الحسيني هكذا أعمال في تلك الدول ، فعندما أقيم (مهرجان خوزستان) في إيران أقمنا المعرض الأول للمضمون السياسي كان مشاركتنا هي عبارة عن افتتاح معرض لأول مشاركتنا به قبل مشاركتنا بغير فعاليات , بينما الحدود الخارجية والدول الغربية هذا شغلنا الشاغل وديدننا الأساس إن الفكرة في مخاطبة المجتمعات التي انبثق منها هذا الفن وبنفس الوقت إيصال الصوت المكنون في ذلك المضمون المقدس خصوصاً الذي يناقش قضايا والقيم التي طرحها أئمتنا المعصومون (عليهم السلام) فالفكرة إنه توجد الإعداد لكن لم يحدث على أرض الواقع لكن هناك إعدادات جادة لإقامة معارض رصينة في دول غربية .
ما دور المرأة في المرسم الحسيني؟
-الوقت الحاضر أقول لا يوجد ضمن الكادر فنانات ولم تحدث مشاركات لكن الآفاق التي تنبثق من رؤية الفن الحسيني تشمل الكل دون استثناء , فنحن ننقب عن الفنان سواء كان رجلاً أو امرأة والباب مفتوح كذلك , لدينا نشاطات عن قريب ، هناك مسابقة ضخمة جداً وهي مشاركة المبدعين وننتظر فنانين أو فنانات والباب مفتوح على مصراعيه لهم وهناك أنشطة كثيرة تنطلق من روضة الفن الحسيني أيضاً مشاركات للكل مفتوحة .
-ما مدى الإقبال على شراء اللوحات الفنية المعروضة ؟
-كانت نتاجات الفن الحسيني في الوقت الحاضر على قسمين : القسم الأول اللوحة الأصلية فظروف تكوينها وإيجادها يتطلب أثماناً غالية وأخرى بأثمان بسيطة، والأعمال الغالية قلَّ من يقيّمها لكن قيمتها الفنية محفوظة حتى إن هناك لوحات فنية لا نستطيع أن نفرط بها لأن صعوبة إعادة هيكلتها من جديد تتطلب وقتاً وجهوداً وهذه الأعمال إن دفع لها الثمن المناسب تباع , أما الأعمال المناسبة للمتلقي فهناك كم كبير بيع إلى جنسيات مختلفة حتى من دول غربية اشتروا هذه الأعمال الفنية .
-هل هناك نشاطات أخرى للمرسم؟ وما هي برامج الشعبة في المستقبل القريب ؟
- طبع المطبوعات المختصة بالفن الحسيني ، كمعلومات ثقافية عن تاريخ العراق في طباعة اللوحة, وطريقة الفن الحديث والمتداولة هي (الفلكسات) إضافة إلى المطابع القديمة أو تكنيك الطباعة في بلدنا.ومن برامجنا وصول المطبوعات الخاصة بالفن الحسيني إلى جميع البلدان والأمصار العالمية بشكل عام ولا يقتصر على البلاد العربية. وهناك مشروع (معهد التعليم الفني) هو معهد ينافس (معهد وأكاديمية الفنون الجميلة) بتخريج كوادر فنية على المستويين النظري والعمالي، ومشروع على قيد التنفيذ والمشروع الآخر هو إعادة أمجاد فن النقش والخط العربي والزخرفة بجميع أنواعها في خدمة القضية الدينية ليس في خدمة القضية الجمالية .
ياسر الشّمّريّ
الموقع الرّسميّ للعتبة الحسينيّة المقدّسة
اترك تعليق