الامام علي بن الحسين (السجاد ) درب من دروب العقيدة الاسلامية والفكر المجيد

د. منى علي دعيـج 

م. احلام احمد عيسى

 

المقدمة :

ان الامام زين العابدين علية السلام قام باعمال سياسية كثيرة في سبيل الاهداف الكبيرة التي من اجلها شرع الدين وهو علية السلام , وان لم يستخدم السلاح الحديدي الا انه التزم النضال بكل الاسلحة الاخرى حتى لا تقل اهمية وخطوره عن السلاح الحديدي , فشهر سلاح اللسان بالخطب والمواعظ وسلاح العلم والفكر بالتثقيف والارشاد  وسلاح الاخلاق بالتربية والتوجية و وسلاح المال بالاعانات والانفاق وسلاح العدالة بالاعتاق وسلاح الحضارة بالعرفان ولذا كان سيدنا علي ابن الحسين السجادعلية السلام يخرج من مدرستة التربويه سنويا اعداد من الشباب المؤمن ومن مختلف البلدان والامم حتى انه كان يشتري العبيد ليربيهم التربية الصالحة ويقدمهم نماذج خيرة للمجتمع بالاضافة الى اعمالة في الوسط التربوي له اعمال في الوسط الاجتماعي فعلينا ان نقتدي بسيدي ومولاي علي ابن الحسين عليهم السلام لانهم مركز فكري وثقافي وحضاري وتاريخي .

المحور الاول : الامام علي بن الحسين ودورة القيادي

استلم الخلافة الإسلامية بعد أبيه الحسين(عليه السلام) هو الإمام السجـاد علي بن الحسين وكانت ظروف المجتـمع تسودها الكآبة والأحـــــزان على الواقعــة المؤلمة التي جرت على الحسين فـــي كربلاء وما تلت الواقعة من سبي النساء وحمل الرؤوس المقطعة على الرماح . وكذلك بعد ثورة المدينة وإباحتها من قبل جيش يزيد ـ تفاقمت المسألة فكان الإمام تحت المراقبة الشديدة من قبل أجهزة السلطة فلذلك بدأ بأسلوب جديد في أداء دوره القيادي في الأمة                      .(1)

فبدأ الإمام زين العابدين (عليه السلام) بالتربية لعامة الناس والتوعية السياسية مستثمراً حالـــة الحزن والانتباه للخطــــأ واليقظة لدى الناس والشعور بالذنب كذلك فكان يظـــــهر مظلومية أبيه الحسين(عليه السلام) بين الحين والآخر ويصور آلام الطف التي مــرت عليهم في يوم عاشوراء وهو آنذاك كان مريضاً سقط عنه الجهاد لحكمة ربانية فيروي آلام السبي والأسر ليلهب مشاعر الناس بالحماس والإيمان وحب الانتقام من الظالمين والاستقامة.(2)

هذا أسلوب جديد وناجح بالإضــافة إلى هذا الأسلوب اتبـــع طريقة مناسبة أيضاً لتلك الظروف العصيبة فقد اتبع أسلوب الدعاء لغرض التربية الروحية وامتصاص روح الهزيمة من النفوس بل ليستبدل الهزيمة بالنصر والإقدام والتهيؤ والإعداد للدور المستقبلي المنتظر وكـــان هذا الأسلوب في التربية هو الأنجح لتربية الأجــيال في مدرسة الإيمان والرسالة والإخلاص فقد كان يخــــرّج الإمام زين العابدين (عليه السلام) من مدرسته التربوية سنوياً أعداداً من الشباب المؤمــــن ومن مختلف البلدان والأمم حتى أنه كان يشتري العبيد ليربيهم التربية الصالحة ويقدمهم نماذج خيرة للمجتمع ويذكر العلامة المدرسي في كتابه (التاريخ الإسلامي) أن الإمام السجاد قام بتربية  ألف إنسان في حياته وقدمهم للمجتمع بالإضـــــافة إلى أعماله في الوســــط الاجتماعي لتنمية الروح الإيمانية والجهادية في النفوس ( لقد بث في الأمة الإسلامية روح الدين التي تحتوي فيما رفض الطواغيت والتهيئة من أجل إقامة حكم الله والعمل من أجل إنقاذ الإنســان من براثن الظلم والعبودية وبالفعل يكفي أن نعرف أن ثورة زيد بن علي المعروفة قادها ابن الإمام السجاد(عليه السلام) وقد رباه الإمام هذه التربية الصالحة في الشجاعة والجهاد ليثور على الظالمين. هذا وقد أشرف على ثورة المدينة المنورة وفي زمانه حدثت ثورة التوابين في العراق بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي ربيب الأئمة(عليهم السلام) ورعى الإمام السجاد ثورة المختار بالكوفة من بعيد مراعاة للظروف باعتباره يقود كل الثورات الثقافية والفكرية والجهادية في الأمة وكان يهيئ الأجواء للساعة الجهادية المناسبة حتى خافته السلطة ودست له السم فمات شهيداً مظلوما تاركاً آثار أسلوبه الرائع والمناسب لتلك الظروف العاتية برنامجاً لكل المخلصين عبر الزمن (3). وبذلك جسد لنا الامام علي ابن الحسين افضل واروع ما يجسدة الابطال من دور قيادي في دفع الظلم ومحاربة الطغات والوصول بالامة الى بر الامان .

المحور الثاني : مكانة الامام علي بن الحسين العلمية

لقد عاش علي بن الحسين في المدينة المنورة ، حاضرة الاِسلام الاُولى ، ومهد العلوم والعلماء،  في وقت كانت تحتضن فيه ثلّة من علماء الصحابة، مع كبار علماء التابعين. و مما قيل فيه قول الزهري : ( ما كان أكثر مجالستي مع علي بن الحسين، وما رأيت أحداً كان أفقه منه). وممن عرف هذا الاَمر وحدّث به الفقيه و من العلماء الذين تتلمذوا على يديه، و ينقلون عنه الحديث و كما أحصاهم الذهبي : ابنه أبو جعفر محمد الباقر وعمر، وزيد، وعبد الله، والزهري ، وعمرو بن دينار، والحكم ابن عُتيبة، وزيد بن أسلم، ويحيى بن سعيد، وأبو الزناد، وعلي بن جدعان، ومسلم البطين، وحبيب بن أبي ثابت، وعاصم بن عبيدالله، وعاصم بن عمر ابن قتادة بن النعمان، وأبوه عمر بن قتادة، والقعقاع بن حكيم، وأبو الاَسود يتيم عروة، وهشام بن عروة بن الزبير، وأبو الزبير المكي وأبو حازم الاَعرج، وعبد الله بن مسلم بن هرمز، ومحمد بن الفرات التميمي، والمنهال بن عمرو، وخلق سواهم . وقد حدّث عنه أبو سلمة وطاووس ، وهما من طبقته . غير هؤلاء رجال من خاصة شيعته من كبار أهل العلم، منهم  أبان بن تغلب، وأبو حمزة الثمالي ، وغيرهم ممن أخذوا عننه علوم الشريعة من تفسير القرآن الكريم والعلم بمحكمة ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وأحكامه وآدابه، والسُنّة النبوية الشريفة روايةً وتدويناً، إلى أحكام الشريعة، حلالها وحرامها وآدابها، إلى فضيلة الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر(4)....                                                                                              

آثارة العلمية

الصحيفة السجادية كتاب يحوي على الأدعية التي يطلب فيها العفو من الله تعالى وكرمه والتوسّل إليه. وقد قال الشيخ الطنطاوي صاحب التفسير المعروف : " ومن الشقاء إنا إلى الآن لم نقف على هذا الأثر القيم الخالد في مواريث النبوة وأهل البيت، وإني كلما تأملتها رأيتها فوق كلام المــخلوق، دون كلام الخالق" مقدمة الصحيفة بقلم العلامّة المرعشي ) (5)) . وهي رسائل في أنواع الحقوق، حيث يذكر الإمام فيها حقوق الله سبحانه على الإنسان، وحقوق نفسه عليه، وحقوق أعضائه من اللسان والسمع والبصر والرجلين واليدين والبطن والفرج، ثمّ يذكر حقوق الأفعال، من الصلاة والصوم والحج والصدقة والهديهتى. التي تبلغ   خمسين حقا آخرها اقوالة اصبحت مطلوباً بثمان : الله يطالبني بالفرائض، والنبي بالسُنّة، والعيال بالقوت، والنفس بالشهوة، والشيطان باتّباعه، والحافظان بصدق العمل، وملك الموت بالروح، والقبر بالجسد.. فأنا بين هذه إذا رأيتم الرجل قد حسُنَ سمتُه وهديه(6)، وتمادى في منطقه وتخاضع في حركاته، فرويداً لا يغرنكم، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب الحرام فيها، لضعف بنيته ومهانته وجبن قلبه، فنصبَ الدين فخاً له، فهو لا يزال يُختل الناس بظاهره، فإنّ تمكن من حرام اقتحمه، وإذا وجدتموه يعفّ عن المال الحرام فرويداً لا يغرّنّكم، فإنّ شهوات الخلق مختلفة، فما أكثر من يتأبّى من الحرام وإن كثر، ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة، فيأتي منها محرماً، فإذا رأيتموه كذلك، فرويداً حتى لا يغـرّنّكم عقده وعقله، فما أكثر من ترك ذلك أجمع ثمّ لا يرجع إلى عقل متين، فيكون ما يفسده بجهله أكثر مما يصلحه بعقله... فإذا وجدتم عقله متيناً فرويداً لا يغرنكم حتى تنظروا أيكون هواه على عقله، أم يكون عقله على هواه ؟ وكيف محبته للرياسة الباطلة وزهده فيها ؟ فإنّ في الناس من يترك الدنيا للدنيا، ويرى لذّة الرياسة الباطلة أفضل من رياسة الأموال والنعم المباحة المحللة، فيترك ذلك أجمع طلباً للرياسة، حتى إذا قيل له اتق الله أخذته العزّة بالاثم فحسبه جهنم وبئس المهاد... فهو يحلّ ما حرم الله، ويحرم ما أحلَّ الله لا يبالي ما فات من دينه إذا سلمت له الرياسة التي قد شقي من أجلها(7) ، فاولئك الذين غضب الله عليهم ولعنهم وأعدّ لهم عذاباً اليما أيُّها الناس، اتقوا الله ، واعلموا أنكم إليه راجعون، فتجد كلّ نفسٍ ما عملت من خيرٍ محضراً... ويحذّركم الله نفسه ويحك ابن آدم، إن أجلك أسرع شيء إليك، ويوشك أن يدركك، فكأنك قد أوفيت أجلك ، وقد قبض الملك روحك، وصُيّرت إلى قبرك وحيداً... فان كنت عارفاً بدينك متّبعاً للصادقين، موالياً لاَولياء الله، لقّنك الله حجتك، وأنطق لسانك بالصواب، فأحسنت الجواب، وبُشّرت بالجنّة والرضوان من الله، واستقبلتك الملائكة بالروح والريحان، وإن لم تكن كذلك تلجلج لسانك، ودُحضت حجتك، وعييت عن الجواب وبُشرت بالنار، واستقبلتك ملائكة العذاب بنُزُلٍ من حميم، وتصلية جحيم انا ابن الخيرتين وسبب ذلك أن النبى قال فيما روى " لله من عباده خيرتان، فخيرته من العرب قريش، وخيرته من العجم فارس وعلي زين العابدين قرشى الأب وفارسي الأم ومن اقواله أيضا القصيدة الرائعة ((ليس الغريب)) التي مطلعه (8) لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّأمِ واليَمَنِ * إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ والكَفَن                            

إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتـِهِ * على الْمُقيمينَ في الأَوطــانِ والسَّكَن

المبحث الثالث // جهاد الامام السجاد (علية السلام )

ولد الامام زين العابدين علي ابن الحسين (علية السلام ) في السنة الثامنة والثلاثين من الهجرة النبوية فحضي برؤية جده سيد الوصيين امير المؤمنين (ع) وترعرع في كنف والده سيد الشهداء (ع) ووعى فترة امامة عمه الحسن (ع ) واحس ببعض معاناتة ومهاناة اهل بيت النبوه وشيعتهم وكان القدر قد حكم عليه بان يعيش فاجعة كربلاء بكل تفاصيلها وامتد به العمر الى سنة خمس وتسعين فكانت امامتة اربعا وثلاثين سنه عاصر فيها عتاة بني اميه : يزيد بن معاوية ومروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك (9), لقد كانت كربلاء اهم محطة في حياة الامام السجاد (ع) وكان في اثناء المنازله عليلا ضعيفا فلم يشارك في القتال هكذا اقتضت حكمة الله تبارك وتعالى للابقاء على مسيرة الامامة بحفظ شخص الامام , والحديث عن معاناة الامام السجاد (ع) في كربلاء ولقائة قادة الجريمة واجلاف المحاربين حديث ذو شجون وهو المأساة بكل معانيها فقد اثر في نفسة (ع) واطرها بالحزن ومع ذلك كان القوي المحتبس المهيأ تحمل الاعباء لا يتراجع امام الظروف الصعبة ولم يحفل بتتابع الملمات وهو الامتداد الطبيعي لابائه ولجده رسول الله (ص) فهو صاحب رسالة وعلية ان يختار الطريقة التي يوصل بها الرسالة الى الناس وكان قدره ان يستعيض عن الجهاد بالسيف لعدم توفر مستلزمتاته , وهو ما يسمى بالجهاد الاصغر – بالجهاد الاكبر , جهاد النفس وهو فارس ميدانه والمثل الاعلى لتكامل اركانه فقد تكاملت في روحة الطاهرة كل صفات الكمال الانساني وعصمته الاراده العليا من كل نقص ووجد في نقل كمالات الدين والخلق الرصين المستند الى الحكمة والتقوى والامانة التي تشكل جانبا فاعلا في سيرتة ونشاطاته اليومية الى المجتمع لتحقيق ما يمكن من الرسالة التي صدع بها جده سيد المرسلين (ص) وامن بها وجاهد من اجل عمه النبي (ع) ثم ابوه سيد الشهداء (ع) ومن معه في كربلاء (10).

لقد وجد فيها الوسيلة الانجح لتحقيق الاهداف في ظل حكم جائر مستبد , وضع كل المواقع وجند زبانيتة للرقابة واحصاء الانفاس على كل ما تعرض لسلطان ال ابي سفيان , فكان كلام الامام سيفا والدعاء درسا وتقويم السيره والسلوك جزءا من المهمه الاصلاحية وقبل الولوج الى ادوات الجهاد التي استعان بها الامام السجاد (ع) يجدر بنا الاشارة الى كيفية وثوق المجتمع المتدين بدين ملوكه والممتد بين طاقة مغريات الدنيا والاعتقاد بحساب الاخره بصواب دعوه الامام الى الصلاح والسير على نهج الشريعة المقدسة , فتلقى كثير من الناس افكاره بالقبول , واستمعوا الى توصياته بالاهتمام ووجدوا فيه المثال الامثل للمسلم المؤمن الوديع التقي الحليم (يقابل السباب بالاغضاء , والاعتداء بالتسامح والجراه بالتفائل والعنف بالتفاهم حتى قيل له : الله اعلم حيث يجعل رسالته وحتى استمع الى من يقول انك من اولاد الانبياء ) واختار الامام السجاد (ع) لغة الوعظ والارشاد والبحث بطريقة (اياك اعني واسمعي يا جاره ) فصاغ ما يريد ايصالة الى العامة بالدعاء الذاتي مخاطبا ربه بقولة (ع) (اللهم انت المدعو وانت المرجو , رزاق الكرب ومذلل كل صعب ومبتدى النعم قبل استحقاقها ويا من مفزع الخلق الية وتوكلهم عليه , امرت بالدعاء وضمنت الاجابة فصل على محمد واله (11), وافتح لي رب باب الفرج بطولك واكسر عني سلطان الهم بحولك , وانلني حسن النظر فيما شكوت واذقني حلاوه الصنع فيها سألت , وهب لي من لدنك رحمة ومخرجا هنيئأ واجعل لي من عندك مخرجا ), لقد عاش الامام علي ابن الحسين السجاد في فتره تتقاطع تماما مع ما انزل به القران المجيد وصرح به الرسول الكريم (ص) فقد جاء في الذكر الحكيم (لا ينال عهدي الظالمين ) فهل هناك اظلم من احفاد ابي سفيان ومروان واولاده الذين عاثوا في الارض فسادا فعرفوا السنه وستباحوا الحرمات واذلوا المؤمنين وسفكوا الدماء بدون وجه حق وقال فيهم رسوال الله (ص) كما حدث بذلك الامام الحسين (ع) : (لقد سمعت جدي رسوال الله ص يقول : الخلافة محرمة على ال ابي سفيان ))  ولكنهم اخذوها بالغزو والقهر وشراء الذمم وايهام البسطاء وتضليل العامة وتفريق الصفوف , واستغلال مقتل الخليفة الاموي عثمان بن عفان والدعوه للثأر من قاتلية ثم كان حكم يزيد بن معاوية الذي شكل وصمة عار في جبين الدولة الاموية ولم يكن حكم مروان بن الحكم واولاده اقل اساءه للعرب والمسلمين في مثل هذه البيئة المريضة وغياب العدل كانت فتره امامة علي ابن الحسين (ع ) ولم يتحقق ما يمكن تحقيقة من الارشاد الى الصراط المستقيم وكشف سلبيات المستبدين وتحفيز الاحرار للتمرد على السلطة الجائرة وتهيئة عوامل الانهيار فيتوجه بالدعاء الى الله تعالى قائلا (اللهم قد قصدت اليك بطلبي وقرعت باب فضلك يد مسألتي , وناداك بالخشوع والاستكانه قلبي .. اللهم وقد شملنا زيغ الفتن , واستولت علينا عشوه الحيرة وقارعنا الذل والصغار وحكم في عبادك غي المؤمنين على دينك , فابتز امور ال محمد من نقض حكمك وسعى في تلف عبادك المؤمنين فجعل فينا مغنما , وامانتنا ميراثا , واشتريت الملاهي والمعازف بسهم الارملة واليتيم والمسكين (12), فرتع في مالك من لا يرعى لك حرمة وحكمفي ايثار المسلمين اهل الذمة , اللهم فاتح له من الحق يدا حاصده ) وكان المحظ السياسي عصيبا على الامام وكانت وطأته بعيده الاثر اذ توجية الحياه الاسلامية كما اراد لها الله تبارك وتعالى فالامام معطل في ظل ارهاب دموي طائش وحكم عشائري متسلط فلجا الامام الى اساليب جديده في الدعوه والدعاء والتزم الصمت السياسي ظاهرا ودأب الى الاصلاح الاجتماعي فابتكر من الظواهر الفلكية ابعادا جديده ادى بازائها واجباته , وسنحت للامام فرصة عندما انشغل الحزب المرواني بالحزب الزبيدي واتسعت رقعة الازمات السياسية فاستغل الامام الظرف وتفرغ لمسؤوليته العلمية فافتى وفسر ودعى وشرع وبين , وحدب على مجموعه من تلامذته تيسير الاحكام وفسر القران ويفقة المتعلمين , وكان مجموعة تلامذتة في شتى الفنون والعلوم مائة واربعة وستين تلميذا لقد تمكن الامام (ع) من تثبيت الاسس للاصلاح الاجتماعي والالتزام العقيدي فترك الى جانب الكنز الثمين من الدعاء سيرته الذاتية التي حمته من سطوه الجبارين كما ترك الوثيقة الاخلاقية والتربوية الدائرة والتي سميت برسالة الحقوق وقد اشتملت على خمسين حقا , رسالة رسم الامام فيها معالم الشخصية الصالحة التي ينشدها الاسلام ويتبناها ولا يزيد هنا تكرار ما كتبة السابقون عن اختلاف الامام زين العابدين علي بن الحسين السجاد (ع) وعبادتة وتقواه فهو من ائمة اهل البيت (ع) الذين اجمعت الدنيا على تميزهم بالكمالات وقال العارفون فيهم ما لم يقل في غيره من الانفرادات والسمو في عالم القداسة (13), ويكفي ان نشهد بقول الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الانصاري ( والله ما رؤي في اولاد الانبياء بمثل علي بن الحسين ) وقال الخليفة الاموي عمر بن عبد العزيز : ( سراج الدنيا وجمال الاسلام زين العابدين ) وقال الفرزدق الشاعر عندما اثار احترام الناس في الحج للامام زين العابدين (ع) وانفراجهم له عن الحجر الاسود اهتماما شامي في الوقت الذي لم يفعل الناس مثل ذلك لهشام بن عبد الملك – قبل ان يستخلف , فسأل هشاما عنه فأجابة : لا اعرفة فقال الفرزدق : انا اعرفه وانشد قصيدتة الخالده -

, ومنها : هذا الذي تعرف البطحاءُ وطأتَه هذا ابن خير عباد الله كلِهم إذا رأته قريشٌ قال قائلها والبيت يعرفه والحل والحرمُ هذا التقي النقي الطاهر العلم إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

والقصيدة معلّقة ذهبيّة ونادرة أدبية , وشهادة لا تقبل النقض لصدق محتوياتها وإحاطتها بأعلى مراتب الكمال والسؤدد الذي عُرف به الإمام زين العابدين(ع)) . ((وتقع في واحد وأربعين بيتاً))  نعود إلى رسالة الحقوق لنقف عند بعض فقراتها التي تمثل الدروس الواجب الالتزام بها لكل مسلم صادق الإيمان . وأولها : حق الله : فإنك تعبده ولا تشرك به شيئاً .. ثم حق النفس : وعليك أن تستوفيها في طاعة الله .. وحق اللسان بإكرامه عن الخنى وتعويده على الخير وحمله على الأدب . وحق السمع بتنزيهه عن أن تجعله طريقاً إلى قلبك إلا لكريمة أو كسب خُلق كريم . وحق البصر , فغضه عما لا يحل لك . وحق اليدين بأن لا تبسطهما إلى ما لا يحل لك , ولا تقبضهما مما افترض الله عليهما (14). وحق الرجلين بأن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك . وحق البطن بأن لا تجعله وعاء لقليل من الحرام ولا لكثير وأن تقتصد له في الحلال  . وحق الفرْج بحفظه مما لا يحل لك والاستعانة عليه بغض النظر . وحق الصلاة بأن تعلم أنها وفادة إلى الله وأنك قائم بها بين يدي الله .. وحق الصوم بأن تعلم أنه حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك ليسترك به من النار وحق الهدي والحج : فريضة عبادية على مـــــن استطاع , ولها طابعها السياسي والمالي والبدني . وحق الصدقة بأن تعلم أنها ذخرك عند ربك , وحق الزوجة بأن الله جعلها سكناً ومستراحاً وأنساً وواقية . وحق الأُم وحق الأب وحق الولد وحق الأخ .. وإلى مختلف الحقوق المتصلة بالمجتمع (15).

وتحت عنوان (( مبادئ الإمام والإعلان العالمي لحقوق الإنسان )) يقول الأستاذ الدكتور محمد حسين الصغير ما هذا مختصره : ( الإعلان العالمي يتكون من ثلاثين مادة .. ويتضمن حقوقاً عديدة – مدنية , سياسية , اقتصادية , اجتماعية وثقافية . وقد حفلت المواد الثلاثون بحقوق الجانب المادي من الإنسان وأغفلت بشكل متعمد لا يليق , الجانب الروحي من الإنسان , وبذلك اعتبر الإنسان آلة جامدة .. بينما نجد رسالة الحقوق عند الإمام تعالج الجانب المادي إلى جنب الجانب الروحي , وتجعل من الإنسان ذاتاً متكاملة في معيار الوعي والتفكير وشؤون الحياة . كما أن الإعلان العالمي يفرّط بمبادئ كثيرة في الصميم من حياة الإنسان العامة كالعلاقة بين الآباء والأبناء والزوج والزوجة وحقوق الجار والرحم والصديق , وفي البر والإحسان والصدقات والتجارة والمعاملات والحب والمودة وحقوق الجوارح وأداء الطقوس الدينية والشعائر المقدسة , فهي وإنْ أشارت إلى شيء من بعض هذه المبادئ فإشارتها عابرة . .. توفي الإمام السجاد علي بن الحسين زين العابدين(ع) في الخامس والعشرين من شهر محرم الحرام سنة 95 هجرية , مسموماً بإيعاز من الحاكم الأموي الوليد بن عبد الملك بن مروان , ودفن في بقيع الغرقد مع عمه الإمام الحسن بن علي(ع) , وقد هدم الوهابيون قبره وقبور بقية أئمة أهل البيت(ع) (16). .

 

 

الاستنتاجات

عاش الامام علي ابن الحسين في المدينة المنوره حاضرة الاسلام الاولى ومهد العلوم والعلماء . كان الامام علي ابن الحسين حاضرا في كربلاء اذ شهد واقعة الطف بجزيئاتها وتفاصيلها . للامام ادعية كثيرة نحو الاسلام والتربية والفكر والثقافة الدينية ومنها الصحيفة السجادية . توفي الامام السجاد في البقيع الى جانب قبر عمة الحسن بن علي عليهم السلام .

التوصيات

على الجميع منا وخاصة الشباب ان يتمسكوا بخطى مولاي علي ابن الحسين علية السلام لانهم مركزا العلم والحلم والتسامح والفصاحةوالشجاعة والمحبة . مولاي علي ابن الحسين الفكر والمنهج على مدى الايام والسنين لانه ابن علي المرتضى ابن من ضرب بين يدي رسوال الله السبطين وطعن برمحين وهاجر الهجرتين وبايع البيعتين وقاتل ببدر وحنين ولم يكفر بالله طرفة عين . للامام زين العابدين علي ابن الحسين علية السلام تأثير عظيم في النفوس وتاثير ساميا حيث كان الفرزدق ابيات بحق الامام علي ابن الحسين على الشعراء والادباء والمفكرين ان يستمدوها بنشر ادب وتراث ودين اهل البيت والامام علي ابن الحسين علية السلام .

المصادر

الدكتور محمد حسين علي الصغير , موسوعة اهل البيت الحضارية – الامام زين العابدين ص20/2 السيد محسن الامين العاملي , الصحيفة السجادية – الدعاء 49 ص 128-129 تصنيف نهج البلاغة ص348 علي محمد دخيل / السلسلة الشهرية في الائمة الاثني عشر – الامام علي بن الحسين السيد عباس علي الموسوي , رسالة الحقوق ص 13 الامام علي بن الحسين  , دار الرسالة , سلسلة المعارف الاسلامية ص42 نظرية الامامة / صبحي الصالح :349 وحياة علي بن الحسين :320 وثورة زيد / ناجي حسن :  30:30والفكر الشيعي والنزاعات الصوفية :17 تاريخ اليعقوبي 244.243:3 , دار صادر , بيروت الكامل في التاريخ ,ابن الاثير :45:3 شرح نهج البلاغة / ابن ابي الحديد 274:15 الامام زين العابدين / عبد الرزاق المقرم :42. سيرة الائمة الاثني عشر , هاشم معروف الحسني :155 حياة الامام زين العابدين / باقر شريف القريشي :203 انظر المناقب / ابن شهر آشوب ٤ : ٣٠٢, وبحار الأنوار ٤٦ : ٩٥. والآية من سورة الحج٢٢ / ٣٨ تاريخ دمشق , الحديث 128 مختصرة لابن منظور 24:17 الامام علي بن الحسين (دراسة تحليلية ) دار الرسالة , سلسلة المعارف الاسلامية , ص77

 

المرفقات