مثلما لا تنمو النبتة أو تثمر إلا إذا وجدت الأرض المناسبة لها فقد لا يقدّر لإنسان أن يكتشف نفسه وحقيقتها إلا إذا وجد من يجلو عنها غياهبها لتظهر جلية ناصعة.
هكذا كان حال الشاعر مهيار الديلمي في صحبته للسيد الشريف الرضي وتلمذته على يديه, فقد كان الشريف تلك الأرض الخصبة التي احتضنت بذرة مهيار فنمت وترعرعت في ظله وكنفه حتى اكتشفت قدراتها.
لقد قيّض لمهيار أن يلتقي بالشريف ليجد فيه ضالته التي يبحث عنها, فلازمه وتلقى العلم منه وترك مجوسيته وأسلم على يديه واعتنق مذهبه فتملّك التشيّع شغاف قلبه وخالط لحمه ودمه فجنّد نفسه له, فكان جندياً اميناً ومدافعاً مخلصاً عن مذهبه العلوي.
ولعل السبب في ذلك يعود إلى أن النفوس النيّرة تنعكس على ذاتها فتخرج تأملاتها قولاً وفعلاً وشعراً. هكذا كان حال مهيار عندما تعرف أهل الأدب في العقد الأخير من القرن الرابع الهجري على شاعر فارسي الأصل ترك دين المجوس واعتنق الإسلام عن طريق أهل البيت (ع) ليشق طريقه في عالم الأدب والشعر وهو ثابت الإيمان، راسخ العقيدة. وليتخذ الشعر رسالة وهدفاً لقول الحق وأي رسالة وهدف أعظم من مناصرة قضية أهل البيت (ع) ؟
ولد أبو الحسن مهيار بن مرزويه الديلمي البغدادي عام 334 هـ في عصر يموج بالاضطرابات السياسية والاجتماعية والفكرية حيث المشاحنات والمنازعات قائمة على قدم وساق. ولكن رغم هذا الوسط الموبوء ورغم هذه الفوضى والاضطرابات وضعف السلطة فقد كان هناك قبساً ينير هذه الظلمات تمثل في نفر من أعلام الفكر والأدب.
ففي ذلك الوقت نبغ الشيخ الرئيس ابن سينا والمتنبي والصابي وابن نباتة والشريفان المرتضى والرضي وتبعهم مهيار الديلمي الذي أصبح الشاعر الوحيد بعد وفاة السيد الرضي.
ينتسب مهيار إلى أرض الديلم، قال ياقوت الحموي: إن الديلم ينسبون إلى أرضهم بهذا الإسم لا إلى أب لهم. والديلم شعب من ذراري الفرس ينسبون إلى أرضهم التي تقع في القسم الشمالي من بلاد فارس ويحدّها من الشمال جبال الجولان ومن الشرق طبرستان ومن الغرب آذربيجان أما من الجنوب فمنطقة قزوين.
وفي هذه المنطقة (قزوين) عاش والدا مهيار وكانا فقيرين فنزحا في طلب الرزق إلى بغداد التي كانت خاضعة يومئذ للنفوذ البويهي وكانت الخلافة العباسية تعيش حالة الاحتضار. والبويهيون ديالمة فأرتقب الوالد خيراً في ظل بني عمه فهو الذي تربطه بهم وشائج القربى.
وكان البويهيون أسبق إلى الإسلام من والدي مهيار إذ كانا مجوسيين إلى أن بايعوا عليهم الحسين بن زيد العلوي سنة 250 هـ فأسلم قسم منهم وأسلم القسم الثاني على يد علوي آخر وهو الحسن بن علي الأطروش جد الشريف الرضي لأمه.
لم يحالف الحظ والدي مهيار في توفير لقمة العيش لابنهما الذي لم يكن بأسعد حظ من أبيه فلازمه الشقاء منذ طفولته وحتى شبابه وسقاه الدهر كأس المرارة حتى الثمالة فكان مهيار يشكو الدهر والفقر والناس:
عيشٌ كلا عيــــــــشٍ ونفسٌ مالها *** من لذّةِ الدنيــــــــــا سوى حسراتِها
إن كان عـنــــــــدكَ يا زمانُ بقيةً *** مما يضــامُ بها الكــــــــــرامُ فهاتِها
وقد رأى والده بعد أن أعياهُ توفير حياة رغيدة لولده أن السبيل إلى ذلك لن يكون إلا عن طريق العلم فأكب على تثقيف ولده.
وكانت بغداد في ذلك الوقت جنة الدنيا وبهجة الناس أو كما قيل: (بغداد في البلاد كالأستاذ في العباد) وموارد الرزق فيها للفئة المثقفة متوفرة, فهي دور الخلفاء ودوائرهم إن صح التعبير ففي قصور الخلفاء والأمراء كانت تلتقي النخبة من الكتاب والشعراء ليصيبوا حظاً وافراً من الثروة والشهرة وهذا ما كانت تصبو إليه نفس مرزويه فدفع بولده مهيار إلى الكتاتيب والمدارس الموجودة في بغداد ليتثقف ابنه ثقافة عربية خالصة تكون سبيله إلى العيش في الحياة.
وأظهر مهيار ذكاءً وقدرة على العلم فاقت تصورات والده حيث ألمّ بكثير من شوارد اللغة وحفظ دقائق التاريخ وامتاز بذاكرة عجيبة ساعدته على استيعاب الكثير من المعرفة ولكن ظن مرزويه خاب في السبيل الذي سلكه ابنه إذ كان الوالد يتوقع ابنه أن يكون من شعراء البلاط العباسي يرخص كرامته ويتذلل في سبيل المال ويستعطف ويتودد الخلفاء والأمراء !!
لكن مهيار آثر طريقاً آخر هو طريق العقيدة والمبدأ طريق نصرة الدين والحق فقد استحكم حب أهل البيت (ع) في قلبه فلم يمدح أياً من الخلفاء العباسيين الذين عاصرهم وهم الطائع والقادر والقائم, بل أظهر حق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) في شعره مستقياً في شعره من حياته (ع) المعارك التي خاضها في سبيل توطيد أركان الدين والفضائل التي اختص (ع) بها دون سواه من سائر الصحابة وكذلك تمجيد الثورة المباركة التي قادها أبو الأحرار الإمام الحسين (ع) في كربلاء ضد الباطل واستذكار المآسي والفجائع التي حلت بأهل البيت (ع).
ويرجع كل ذلك إلى التأثير الكبير الذي طرأ عليه، ففي فترة تعليمه وتثقيفه اتصل بالشريف الرضي وهو أهم حادث أثر في شخصيته وشاعريته على السواء فالشريف يومذاك حجة الأدباء والأشراف, ونقيب الطالبيين, وأمير الحاج, وكان كريماً محبوباً لدى كل طبقات الناس, وله هيبة في النفوس تتضاءل عندها هيبة الخلفاء والأمراء, فأثر في نفس مهيار كثيراً.
ولقد أحب الشريف مهيارَ وأخذ يسعى في سبيل خدمته والإحسان إليه فسعى بما له من منزلة في تعيين مهيار كاتباً بديوان الخلافة ببغداد, ولكن مهيارَ سرعان ما صرفه عن الكتابة الشعر الذي ملك نفسه, وكان الشريف يتوسّم في مهيار الذكاء والنبوغ والشاعرية فكان يغدق عليه من إحسانه وفضله فأسلم مهيار على يديه واعتنق التشيّع وأصبح المدافع الذي يتّقد حماساً عن دينه ومذهبه.
وبقي مهيار في كنف أستاذه الشريف إلى أن لاقى الشريف ربه عام 406 هـ وكان طوال حياته الحامي الأمين والصديق المعين لمهيار وقد أحسّ شاعرنا بالفجيعة التي ألّمت به فمضى يرثي أستاذه برثائيات مفجعة في قصائد عديدة وفي مناسبات شتى، قال في إحداها:
أقريــــــــــــــــش لا لفـــــمٍ أراكِ ولا يدِ *** فتواكلــــــي غــــــاض الندى وخلا الندي
بكر النعـــــــــــي, فقـــال: أُرديَ خيرُها *** إن كان يصدقُ فالشريـــــــــف هو الردي
وفي هذه القصيدة تفجّع أليم وشعور بالمصاب عظيم فمهيار يبكي من كان عونه وساعده في الحياة, لكن مهيارَ بعد وفاة الشريف الرضي وابن نباتة السعدي أصبح رجل الأدب والشعر في بغداد بدون منازع. حتى عدّ في الرعيل الأول من ناشري لغة الضاد وموطّدي أسسها.
قال عنه الباخرزي: هو شاعر له في مناسك الفضل مشاعر, وكاتب تحت كل كلمة من كلماته كاعب, وما في قصائده بيت يتحكم عليه بلو وليت, وهي مصبوبة في قوالب القلوب, وبمثلها يعتذر الدهر المذنب عن الذنوب. (1)
ويقول عنه الخطيب البغدادي إنه: كان شاعراً جزل القول، مقدماً على أهل عصره.
وهناك كثير من الكلمات والأقوال في حقه في كثير من المصادر والمراجع اللغوية والتاريخية.
أسلم مهيار عام 394 هـ وكان هواه علويّاً شيعياً قبل أن يسلم فكان التشيّع مرقاته إلى الإسلام الصحيح فهو قد ولج الإسلام من بابه الصحيح الواسع وسلك طريقه المستقيم اللاحب.
وله من قصيدة قالها عام 387 هـ أي قبل أن يسلم بسبعة أعوام:
ما برحتْ مظــــلمةٌ دنيـــــــــــــاكمُ *** حتى أضـــــــــــــــاءَ كوكـــبٌ من هاشمِ
حللتمُ بهديــــــــــــهِ ويُمــــــــــــــنهِ *** بعد الوهــــــــــــــــادِ في ذرى العواصمِ
ثم قضــــــــى مسلّمــــــــاً من ريبةٍ *** فلمْ يكنْ من عـــــــــــــــــــــــذركمْ بسالمِ
نقضتُم عهـــــــــــــــــــودَه في أهلِهِ *** وحلتُم عن سُنــــــــــــــــــــــــنِ المراسمِ
وقد شهدتـــــــــــــــمْ مقتلَ ابنِ عمِّه *** خير مصـــــــــــــــــــــــــلٍّ بعده وصائمِ
وما استحـــــــلَّ بــــــــــاغياً إمامكم *** يزيــــــــــد بالطــــــــــــفِّ من ابن فاطمِ
ويتضح لنا من هذه الأبيات إنه يتلهف على قتلى أهل البيت (ع) ويذم الذين نكّلوا بهم من أعدائهم قبل أن يسلم بعامين أي سنة 392 هـ
وكتب قصيدة ضمّنها حقيقة شعوره نحو أمير المؤمنين وأولاده الأئمة الطاهرين (ع) فقال:
جوىً كلّما استخفى بنجـــــــدٍ أهـــــــــاجَه *** سنا بــــــارقٍ من أرض كوفـــــــان خاطفِ
يذكّرني مـثــــــــــــــوى علــــــــيٍّ كـأنني *** سمعتُ بـــــــــذاكَ الــــــرزءِ صيحة هاتفِ
أبا حســـــــــــنٍ إن أنكـروا الـحق واضحاً *** على أنه والله إنكـــــــــــــــــــــــــارَ عارفِ
أخصّكَ بالتفضـــــــــــــــــــــــيلِ إلّا لعلمه *** بعجزهمُ عن بــــــــــــــــعضِ تلكَ المواقفِ
سلامٌ علـــــــــــــــــــى الإسلامِ بعدكَ إنّهم *** يسومــــــــــــــــــــونه بالجورِ خطةَ خاسفِ
هواكمْ هو الدنــــــــــــــــــــــــيا وأعلم أنه *** يبيّــــــــــــــضُ يـومَ الحشرِ سودَ الصحائفِ
وهكذا يتبين أن مهيارَ لم يدخل الإسلام إلّا بعد أن عرف أهله (ع) ولم يتخذ الدين وسيلة للوصول إلى غاية ما كما زعم بعض الكتّاب من الذين حاولوا تشويه صورة مهيار لا لشيء سوى لأنه عرف الحق فاتبعه ووجد الطريق فسلكه فغاظهم ولاؤه الخالص لأهل البيت الطاهرين (ع). فما إن اعتنق الاسلام حتى زها سروراً كبيراً ويتضح ذلك من خلال هذين البيتين:
هوَ المنقذي من شركِ قومــــــي وبـــاعثي *** على الرشدِ إن أُصـــــــــفي هوايَ محمَّدا
وتاركِ بيــــــــــــــــــتَ النارِ يبكي شرارَه *** عليَّ دماً إن صــــــــــــــــارَ بيتيَ مسجِدا
فدخل مهيار الإسلام دخول الواثق المطمئن بل أنه يفخر بذلك ويعتقد أنه خير دين ونرى ذلك من خلال إحدى قصائده الكثيرة في هذا المجال حيث يقول:
قد قبســـــــــــــتُ المجدَ من خيـــــــــرِ أبِ *** وقبستُ الديــــــــــنَ مـــــن خيرِ نبي
وضممـــــــــــــــــــــــتُ الفخرَ من أطرافِهِ *** سؤددَ الفـــــــــــــــرسِ ودينَ العربِ
وهناك قصيدة لها دلالة واضحة على هذه الغبطة العظيمة الصادقة التي شعر بها بانتقاله من دين الكفر إلى دين الايمان ومذهب الحق فقال مخاطباً قومه:
تبـــــــــــــــــدّلت من نارِكـــــــــم ربَّها *** وخبــــــــــــثَ مواقـــــــــدِها الخلدَ طيبا
أفيئوا فقــــــــــــــــــــــــــد وعدَ الله في *** ضلالةَ مثلـــــــــــــــــــــــــــكمُ أن يتوبا
وإلّا هلمــــــــــــــــــــــــــــــوا أُباهيكمُ *** فمَن قـــــــــــــــــــامَ والفخرَ قامَ المصيبا
أمثل محمـــــــــــــــــــــــــدٍ المصطفى *** إذا الحـــــــــــــــــــــــــــكم وليتموه لبيبا
أما شعره في التشيّع فكان برهنة وحججاً على أحقية ومظلومية أهل البيت (ع), فلا تجد فيه إلا حجة دامغة, أو دليلاً قاطعاً, أو ثناءً صادقاً, أو تظلماً مفجعاً, صبّها في أسلوب رصين, وقصد مبتكر, وتصوير بارع, وضع مهيار في مصاف شعراء الشيعة الكبار أمثال السيد الحميري والكميت ودعبل فمن قصيدة له يمدح أهل البيت يقول:
بآلِ عليٍّ صــــــــــــــــــروفُ الـزمـــــــــانِ *** بسطنَ لســــــــــــاني لذمِ الصروفِ
مصابي على بـــــــــــــــــــــــــعدِ داري بهمْ *** مصـــــــــــــابُ الأليفِ بفقدِ الأليفِ
وليسَ صديـــــــــــــــــــــــــقيَ غير الحزينِ *** ليومِ الحسيـــــــــــــنِ وغير الأسيفِ
هوَ الغصنُ كانَ كمــــــــــــــــــــــــــــيناً فهـــــــــــــــبّ لدى كربـــــــلاءَ بريحٍ عصوفِ
قتيلٌ به ثــــــــــــــــــــــــــــــارَ غلُّ النفوسِ *** كما نغرَ الجــــــــــرحَ حكُّ القروفِ
ومن قصيدة يذكر فيها أمر الخلافة وما جرى بعد وفاة الرسول توضح اعتقاده:
هذي قضـــــــــــــــــايا رســــــــــولِ اللهِ مهملةً *** غدراً, وشمـــــــــــلُ رسولِ اللهِ منصدعُ
والناسُ للعــــــــــــــــــــــهدِ ما لاقوا وما قربوا *** وللخيــــــــــــــــانةِ ما غابوا وما شسعوا
وآلهِ وهمُ آلُ الإلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــهِ وهمْ *** رعـــــــــاةُ ذا الدينِ ضِيمُوا بعده ورُعُوا
وبينَ مقتنـــــــــــــــــــــــــــــصٍ بالمكرِ يخدعه *** عن آجلٍ عاجـــــــــــــــــلٌ حلوٌ فينخدعُ
وقائلٌ ليْ: عـــــــــــــــــــــــــــــــليٌ كان وارثه *** بالنصِّ منه، فهـــــــــل أعطوهُ أم منعوا
وهي قصيد طويلة يقول فيها ايضاً:
بأيِّ حكــــــــــــــــــــــــــــــــــــمٍ بنوهُ يتبعونكمُ *** وفخركمْ أنــــــــــــــــــكمْ صحبٌ له تبعُ
وكيف ضـــــــــــــــــــــاقتْ على الأهلين تربته *** وللأجــــــــــــــانب في جنبيهِ مضطجَعُ
وكان مهيار شديد الحب للإمام الحسين (ع) الشهيد بكربلاء فإذا ما تكلم عن مأساته جاء بالشعر البليغ المؤثر ولا عجب من ذلك: (فصادق الحب يملي صادق الكلم) كما يقال فقصائده في الحسين تزخر بالعاطفة الجياشة والحزن والأسى فمن ذلك قوله:
أ تحملُ فقـــــــــــدكَ ذاكَ العظيــــــــم *** جوارحُ جسمــــــــي هذا الضعيفْ
كأن ضريـــــــــــــــــحَكَ زهرُ الربيع *** هبّتْ عليه نسيـــــــــــــــمُ الخريفْ
أحبــــــــــــــــــــــــكمُ ما سعى طائفٌ *** وحنّت مطــــــــــــوّقةٌ في الهتوفْ
والقصائد في ذكرى يوم الطف وذكر الحسين (ع) ومقتله كثيرة لدى مهيار تفجّع فيها وتألم, ومن روائع قوله في ذلك:
وشهيدٌ بالطـــــــــفِّ أبكى السمــــــــــاوات وكادتْ لهُ تزولُ الجبــالُ
يا غليــــــــــــلي وقد حُرّمَ المـــــــــــــــاءُ عليه وهو الشرابُ الحلالُ
لم تنجِ الكهــــــــــولُ ولا الشــــــــــــــــــــــبّانُ زهدٌ ولا نجا الأطفالُ
وبلغ من حبه لأهل البيت (ع) أن يجد صلة تربطه بهم ليفخر بها وهذه الصلة ترده إلى جذور قديمة حيث يرجعها إلى سلمان الفارسي الصحابي الجليل الذي كان موالياً لأمير المؤمنين (ع) وإلى ذلك يشير مهيار بقوله:
علاقـــــــــة لي بكم سابقة *** لمجد سلمــــــــان إليكم تتصلْ
هذه العلاقة رددها في كثير من المواضع في شعره ليدل على إخلاصه الصادق وولائه المحض وعقيدته الراسخة وحبه لأهل البيت (ع):
سلمــــــــــــانُ فيها شفيعي وهو منك إذا الآبـــاءُ عندكَ في أبنائِهمْ شفعوا
لقد اخلص مهيار لأهل البيت (ع) رغم كونه من غير قومهم, ولكن الشريف كما يقول يحن إلى الشريف:
وإن كنتُ من فارسٍ فالشـريف *** معتلقٌ ودّه بالشــــــــــريفِ
والكريمُ بطبعهِ يجد الكرام الأبعدين أدانيا:
هذا لهم والقـــــــــــــــوم لا قومي هم *** جنساً وعقر ديـــــــارِهم لا داريا
إلا المحبــــــــــــــــــة فالكريمُ بطبعِهِ *** يجدُ الكـــــــــــرامَ الأبعدين أدانيا
ويعترف بفضل أهل البيت (ع) عليه بعد أن اهتدى بهداهم إلى الإسلام:
وفيكـــــــــم ودادي ودينـــي معاً *** وأن كـــــان فـي فـــارسٍ مولدي
خصمتُ ضــــــلالي بكم فاهتديـــــــــــــــت ولولاكــــــــمُ لم أكـنْ اهــتدي
وجردتمـــــــــوني وقد كنت في *** يدِ الشـــــــــركِ كالصارمِ المغمدِ
وما فــــــــاتني نصركمُ باللسانِ *** إذا فاتني نصــــــــــــــــركمُ باليدِ
كان مهيار غزير المادة قل من جاراه من شعراء العربية في كثرة شعره سوى ابن الرومي وإن كان ابن الرومي يقصر عنه في بعض الأحيان ولا يجاريه في نفسه الطويل فكانت بعض قصائده تقارب الثلاثمائة بيت وهكذا اجتمع لديه ديوان ضخم في أربعة أجزاء جمع بين دفتيه (20969) بيتاً موزعة على (409) قصيدة دلت على شاعرية فذة وإبداع أصيل فتربع على رأس الحركة الأدبية في أواخر القرن الرابع الهجري وحتى وفاته عام 428 هـ.
محمد طاهر الصفار
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
................................................................................
1 ـــ دمية القصر وعصرة أهل العصر ص 76
2 ـــ تاريخ بغداد ج 13 ص 267
اترك تعليق