صوت الثورة..

من البديهي أن للمراقد كما للمساجد دوراً بارزاً في تطور المدن الإسلامية عمرانياً واجتماعياً، اذ أنها قطب رحاها والركيزة الأولى لانطلاق البناء والتطور، ويستند تخطيط المدينة الى وجوده فتتوافد الناس اليه وتقصده وترابط عنده وحوله فيكون أساسا للمدن الحضرية الجديدة، والمراقد تتسم بتنوع الفنون الابداعية.. ولهذا فهي تصبح مصدر جذب للزائرين من كافة انحاء العالم للتقرب الى الله بالصلاة والدعاء وللتبرك بها كمراكز دينية مقدسة، اضافة الى كونها مراكز سياحية وأثرية وفنية واقتصادية هامة، وخير دليل  على ذلك زيارة قبور الائمة من أهل بيت النبوة الاطهار سلام الله عليهم الذين تعلمنا من حياتهم دروس في التضحية والفداء واعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى وجعلها العليا.

المصورة اعلاه تمثل الشباك الشريف لمرقد السيدة زينب بنت علي بن ابي طالب عليهما السلام.. وهو صندوق من الفضة متوج بالذهب يتوسط الحرم المطهر.. قوامه أغصان متنوعة الاتجاه مع أزهار بسيطة ومركبة، ومزين بآنية من الفضة والذهب مع اشكال رمزية لأصابع بشرية .

الصندوق الفضي مطعم بالذهب الخالص ومحلى بنوادر الاحجار الكريمة.. يقبع بداخله صندوق زجاجي ثم صندوق خاتم مزخرف وضع فوق الجسد الطاهر للسيدة زينب عليها السلام.. وهو من خشب الابنوس المعطر النادر ومقطع كالفسيفساء، وايضاً هو مطعم بالعاج والاسلاك الذهبية الجميلة وقد احيط بقفص من الواح البلور الجميلة الرائعة مما يجعله من اروع التحف الفنية وأبهاها صورة.

تم تقسيم الإنشاء الزخرفي المكون لتفاصيل الشباك واشكاله المجتمعة مثل بقية شبابيك الأضرحة في العتبات المقدسة إلى ثلاثة أقسام رئيسة، وهي التكوينات الزخرفية المنفذة على الواجهة ، والأفاريز ، والتاج .

وقد نظمت الواجهة بوحدة أساسية هي المستطيل وبحجمين.. تضمن المستطيل ذو المساحة الأكبر اشكالا من العقود المفصصة والمدببة النهايات ، وهي ذات قوام من زخارف نباتية متماثلة على جانبي العقد، ويضم كل جانب منها أزهاراً بسيطة ذات فصوص ومتراكبة بمقاطع جانبية ورأسية مع أغصان ذات حركة حلزونية وأوراق نباتية ملتفة .

 تحتل مركز السيادة في هذا التكوين زهرة متراكبة كلياً على طبقات محززة يظهر من أحد طبقاتها نصف زهرة بسيطة لإضفاء التنوع المظهري وابعاد المشاهد عن الملل، ويحيط بها أوراق نباتية معرقة وذات طبقات متراكبة.. تظهر من نهاية كل طبقة أنصاف أزهار بسيطة مفصصة وتنتهي بهيئة ملتفة، وتتصل بها ورقة أخرى تنتهي بشكل حلزوني، يتوجها أزهار بسيطة مع أوراق نباتية معرقة.. وتؤلف هذه الأوراق النباتية هيئة مظهرية لقلب ذي تناظر ثنائي، ويحتضن العقد مشبك فضة بينما يؤطره زخرفة قوامها غصنان مصمتان من الفضة تحمل في طياتها حركة موجية ذات اتجاه غصني متعاكس وتزين ثناياه أزهار متراكبة ذات طبقتين، وتؤلف الأزهار المتعددة الاتجاهات والمقطع مع الحركة الغصنية المنتظمة إيقاعاً جمالياً يسود المستطيل الاكبر.

أما المستطيل الأقل مساحة فقوامه أنصاف أعمدة اسطوانية ذات أخاديد طولية ترتكز على مربعات، قوامها أزهار متراكبة كلياً ومعرقة الأوراق وذات طابع إشعاعي تضم ثلاث طبقات ، بينما تضم قاعدة كل عمود أزهاراً متراكبةً كلياً ومكررة بأسلوب التناوب مع أوراق نباتية بثلاث طبقات، ويتوج العمود أوراق نباتية معرقة لها ثلاث طبقات وعلى جانبيها حركة غصنية متعاكسة.

يعلو كل عمود آنية بارزة محززة البدن ذات فوهة عريضة تتفرع منها أغصان تحمل أزهاراً بسيطة مسننة مع أوراد ذات محاكاة واقعية مع أوراق نباتية يتوجها طوق فضة مفصص.. أما الأعمدة التي تزين الأركان فقد زخرف بدنها الاسطواني بأشكال من أزهار نباتية مع قلوب لوزية الشكل.

يؤطر الواجهة إفريز قوامه أشكال هندسية مفصصة ذات حجمين.. يضم الأصغر منهما باقة من الأوراد ذات المحاكاة الواقعية، بينما تضم الأكبر نصوصاً شعرية بخط الثلث نفذت على مهاد ازرق مزخرف.

اما تاج الشباك فقد شغل بثلاثة أفاريز اثنان منهما قوامهما نصوص قرآنية بخط الثلث على مهاد أخضر مزخرف، وثالثهما نفذ على مهاد ازرق مزخرف، ويتوسط تلك الفاريز إفريز اخر مختلف الهيئة وقد شغل بالأزهار المركبة والأوراق النباتية الملتفة.. التي تضم بين طياتها أزهاراً بسيطة مع حركة غصنية حلزونية عند وسطها وطرافها.. اذ نظمت بأسلوب التكرار المتبادل مع قلوب لوزية من الذهب تحتضن أسماء الأئمة الاثني عشر بخط الثلث على مهاد ازرق مزخرف بألوان متباينة، كما زُين الإفريز بأشكال رمزية لأصابع بشرية تمنح إحساساً جمالياً قد تقترب مرة وتبتعد مرة أخرى عن محاكاة الواقع .

 واخيراً وليس آخراً يعلو التاج الذهبي للشباك المطهر شرفات مورقة يتمركز فوقها اشكال بيضوي خطت بها بتقنية المينا أسماء الله الحسنى على مهاد ازرق مزخرف، أما زوايا التاج فقد زُينت بأربع آنية مجسمة من الذهب ذات رقبة منتفخة نفذت بتقنية التخريم .

سامر قحطان القيسي

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات