انتهاك حقوق المرأة والطفل في واقعة عاشوراء (ج1: مكانة المرأة والطفل وحقوقهما)

مقدّمة

 

لعلَّ المستشرف تاريخ البشرية وما جرى عليها منذ نشأتها إلى يوم الناس هذا لا يجد عناءً كبيراً في الوقوف على الكثير الكثير من الصفحات السود المشوبة برائحة الدم، في هذا التاريخ الضارب في القِدم والمليء بالمواقف القاسية التي تنمّ عن قساوة قلوب الكثير من بني الإنسان، الذي إنّما أوجده خالقه جلّ وعلا على الأرض لغرض إعمارها، وإنشاء حكومة الله تعالى عليها، وبسط الأمن والعدل في ربوعها.

 

لكن خلف ذاك الوجه القاسي للبشرية الذي عجَّ بالصراعات والمنازعات، يختبأ الوجه الآخر الذي يمثِّل العاطفة والرّقة والبراءة والصفاء، والذي يشكِّل كلٌّ من المرأة والطفل دعامتيه الأساسيّتين.

 

إذ الملاحظ في طبيعة المرأة «إرهاف العاطفة وسرعة الانفعال، وشدّة الحنان، وقد خُلِقَت هذه الصفات في المرأة لتستطيع بها أن تؤدّي وظيفتها الأُولى وهي: الأُمومة والحضانة»[1]. فالمرأة مثار الرقّة والعاطفة، وهي جزء علّةٍ في حفظ النوع الإنساني؛ لذا كان التفاعل الإيجابي مع المرأة ورعايتها موافقاً تماماً للفطرة الإنسانية، وما عداه خروج عنها، ودخول في حدود البهيمية.

 

أمّا الطفولة؛ فهي الركن المشرق الآخر لوجه البشرية المخفي؛ إذ بنعومتها وبراءتها تمثّل بساطة الإنسان الفطرية التي فُطِر عليها؛ لذلك عُدَّ ظلم الطفل والقسوة عليه من أبشع صور انتهاك حقوق الإنسان، إذ الطفل كائن غاية في الضعف، فالإساءة إليه إساءة لكل القيم الإنسانية؛ ولذا كان وأد البنات أمراً مستهجناً قبيحاً لجأت إليه بعض القبائل في الجاهلية تخلّصاً ـ بظنّهم الخاطئ ـ من احتمال السبي والعار.

 

والغرض من هذه المقدّمة ـ والبحث ككل ـ تسجيل حالات انتهاك حقوق المرأة والطفل في واقعة عاشوراء، وذلك في خصوص عيال الحسين عليه السلام  وعيال أهل بيته وأصحابه، ومحاولة إلقاء الضوء على ما حدث في تلك الملحمة التي غيَّرت وجه التاريخ، وإثبات أنّ كل ما صنعه المعسكر المعادي للإمام الحسين عليه السلام  كان أمراً خارجاً عن حدود الفطرة الإنسانية، ومصنَّفاً ضمن أفعال السباع الضواري ووحوش القفار، بل لعلّه أبشع من ذلك بمراتب كثيرة كما لا يخفى.

 

وعليه نعقد بحثنا هذا في محورين:

 

المحور الأوّل: مكانة المرأة والطفل وحقوقهما

 

قبل عرض الانتهاكات البشعة لحقوق المرأة والطفل التي حصلت في يوم عاشوراء لا بدّ من الوقوف ـ أوّلاً ـ على مكانتهما لدى ذلك المجتمع التي حصلت فيه تلك الانتهاكات، بغضّ النظر عن الشريعة الإسلامية وأحكامها وقوانينها، ثم النظر ـ ثانياً ـ إلى تلك الانتهاكات بالنظر إلى قوانين الشرع الإسلامي؛ باعتبار أن المنتهِك يدّعي الانتماء إلى الإسلام. ثمّ التطرّق ـ ثالثاً ـ إلى تلك الانتهاكات من وجهة نظر القوانين الوضعية ومنظمات حقوق الإنسان؛ لنستخلص من جميع تلك الصور بشاعة ما جرى على النساء والأطفال في ذلك اليوم المهول.

 

المبحث الأول: مكانة المرأة والطفل عند عرب الجاهلية

 

1ـ مكانة المرأة عند عرب الجاهلية

 

لقد اقتسم هذا الموضوع فريقان لا ثالث لهما، ففريق نظر للمرأة على أنّها موضوع غزل الشعراء ومفتتح المعلَّقات، وإنّ العربي شديد الاهتمام بها؛ إذ يقف على أطلالها ويفيض شاعريته بذكراها، وهذه هي الصورة الشاعرية الحالمة. يقول في ذلك أحد الباحثين المعاصرين: «يحاول الكثير من الكتّاب أن يرسموا صورة سوداوية لحالة المرأة العربية قبل الإسلام، فهم يشيرون إلى صور لمعاملة المرأة عند العرب قبل الإسلام، ومنها: أنّ العرب في تلك المدّة لم يكونوا يورِّثون المرأة؛ لأنّهم لم يروا للمرأة حقاً في الميراث، بل جعلوها تُورَث مع ما يُورَث؛ أي: إنّ الولد يمكن أن يرث عن أبيه نساءه، بل ويمكنه أن يتزوجّهن، ويقولون: إنّ العربي لا ينظر إلى زوجته إلّا على أنّها خادمة في بيت زوجها تُنجب له الأولاد... إنّنا لا ننكر [والكلام للباحث] صحّة بعض ما ورد منها آنفاً، لكن هؤلاء الكتّاب يأخذون ما جرى من حالات فردية في وسط شبه جزيرة العرب ويستشهدون بها ويعممونها على كل الجنس العربي، وهذا غير صحيح إطلاقاً، فضلاً عن هؤلاء الكتّاب أنفسهم يشيرون إلى العربي بالكثير من الصفات الحميدة التي كان يتمتّع بها قبل الإسلام، ولعلّ في مقدمتها غيرة الرجل العربي على نسائه، وتوفير الحماية اللازمة للمرأة، بل إنّه كان يثأر إذا ما امتهنت كرامة امرأته. أمّا الأمثلة التي ساقها هؤلاء الكتّاب دليلاً على انحطاط كرامة المرأة فهي حالات فردية تركَّزت وسط شبه جزيرة العرب عند أُسرٍ فقيرة. في بعض القبائل... كانت المرأة العربية قبل الإسلام تحظى بمكانة اجتماعية مرموقة، إذ كان الشعراء يفتتحون قصائدهم بوصف محاسن المرأة... وكان للمرأة العربية في تلك الحقبة حرّية اختيار الزوج...»[2].

 

أما الفريق الآخر المعارض لتلك النظرة، فلديهم من النصوص القرآنية والتاريخية ما يكفيهم لإثبات مدّعاهم بكل وضوح، فقد وردت نصوص قرآنية تُشير إلى عادة وأد البنات، وحالات ردّ الفعل السلبي عند أغلب الناس آنذاك حينما تُولَد له أُنثى، كما وردتْ نصوص مأثورة عن كيفية التعامل المتدنّي مع المرأة وأنّها كالمتاع تتنقّل من المورِّث إلى الوارث.

 

ويمكن القول: بأنّ المرأة وإن عومِلت على مدى التاريخ عند أغلب الأُمم معاملة العبد أو المتاع؛ لكونها بطبيعتها وتكوينها تمثّل الكائن الأضعف المقاد، إلّا أنّ في المقابل كانت أُمم أُخرى أخفّ وطأةً في ذلك، ففي الوقت الذي نظرت فيه إلى المرأة على كونها الكائن الأدنى والأضعف، وسلبتها الكثير من حقوقها، لكنّها بالوقت ذاته عُدَّت ـ عند هذا البعض ـ من أهمّ الحرمات، ومن أعظم المصونات. فخُذ عرب الجاهلية مثلاً لذلك، فمع أنّ بعض القبائل منهم كانت تئدّ البنات، وبعضهم إذا بُشّر بالأُنثى ﴿ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ﴾[3]، لكن مع كل هذا فإنّ المرأة عندهم كائن له خصوصيّاته وأحكامه؛ لأنّها تمثِّل العرض والشرف، فهضم حقوقها لا يعني أبداً جعلها عرضة للابتذال والمهانة إبان ذلك العهد المظلم؛ لذا صانوها بالأستار، حتى عُدَّ الخمار، والقناع، والبرقع، واللثام[4] من الألبسة المشهورة عند عرب الجاهلية، بل وصارت هذه موضوعاً لشعر الشعراء آنذاك، فقال قائل منهم يصف زوجته:

 

ولقد أعجبتني لا سقوطاً قناعها إذا ما مشت ولا بذات تلفت[5]

 

وافتخر النابغة الجعدي بأنّه وقومه إذا ما غلبوا أعداءهم في وقعةٍ ما، صانوا وحافظوا على حجاب النساء، فقال:

 

ملكنا فلم نكشف قناعاً لحرّةٍ                      ولم نستلب إلّا الحديد المسمّرا

 

ولو أنّنا شئنا سوى ذاك أصبحت                كرائمهم فينا تُباع وتُشتَرى[6]

 

فالمرأة ـ عند العرب ـ لا تؤاخذ بقولٍ ولا تُضرب ولا تُثار ولا تُهيَّج ولا يُرعَد عليها قالت ما قالت. وعُدَّ هذا من كرائم صفات العربي قبل الإسلام، بل عُدَّ ضربها عاراً يبقى في الأصلاب، وتتناقله الأجيال، كما عبَّر عن ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام  حيث يقول في وصيّته لعسكره قبل لقاء العدو بمعركة صفين: «ولا تُهيِّجوا النساء بأذًى وإن شتمن أعراضكم وسببنَ أُمراءكم... وإن كان الرجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالفهر[7] أو الهراوة[8] فيُعيَّر بها وعقبه من بعده»[9].

 

فقول الإمام عليه السلام  يكشف عن أنّ العرب في الجاهلية كانت ترى من العار ضرب المرأة؛ إذ أنه ليس من الشجاعة في شيء، إن لم يكن علامة على عكسها؛ لذا فقد ذهب قول حاتم الطائي مثلاً حين لطمته امرأة فقال: لو غير ذات سوار لطمتني[10]، إذ أبت له شهامته وغيرته أن يلطم امرأة لطمته حينما جاءته ببعير ليفصده لها فذبحه خطأً فلطمت وجهه، فأعرض عنها قائلاً تلك الكلمات التي تنمّ عن نُبله ورفعته.

 

فإذا كان هذا حال ضرب المرأة ولطمها، فما القول في إشهار السلاح بوجهها أو ترويعها، وقتلها؟! بل إنّ بعض العرب خاف من لحوق العار به في نساءٍ أسّرهن في أحد الحروب فأطلقهنّ حذراً من ذلك، كما نقل لنا اليعقوبي في تاريخه حين وقعت حرب بين قبيلة طي وبني أسد قبل الإسلام، فأسّرت بنو أسد زيد الخيل ـ وكان كبير طي ـ مع نسائه وأطفاله، فخاطب زيد الخيل كبار بني أسد وهم قيس بن نوفل وقيس بن أهبان وقيس بن جابر قائلاً:

 

ألا أبلغ الأقياس قيس بن نوفل وقيس بن أهبان وقيس بن جابر

 

بنو أسدٍ رُدّوا علينا نساءنا وأبناءنا واستمتعوا بالأباعر

 

وبالمال إنّ المال أهون هالكٍ إذا طرقت إحدى الليالي الغوابر

 

ولا تجعلوها سنّة يقتدي بها           بنو أسدٍ وأعفوا بأيدٍ قوادرِ [11].

 

فسارعت بنو أسدٍ إلى إطلاقه وإطلاق نسائه وأطفاله معه خوف العار والشنار.

 

2ـ مكانة الطفل عند عرب الجاهلية

 

لا بدّ قبل عرض هذا الموضوع من التعرّف إلى ما تعنيه كلمة الطفل في لغة العرب؛ لأنّها جزءٌ من تكوين المفهوم لديهم، فقد جاء على لسان أحد أهل اللغة بأنّ «الصبي يُدعى طفلاً حين يسقط من بطن أُمّه إلى أن يحتلم»[12]. وقال صاحب التحقيق في كلمات القرآن الكريم: «إنّ الأصل الواحد في هذه المادة: هو نعومة في حداثة، سواء كانت في إنسان أو حيوان أو نبات أو شيء يُفرض فيه تولّد وحداثة، ومن أتمّ مصاديقه الوليد الصغير من الإنسان ما دام بدنه ليّناً ناعماً»[13].

 

فالطفولة مثار الشفقة والرحمة، وقد بلغ من اعتزاز العرب بأطفالهم أنّهم «إذا ما تصالحوا بعد حربٍ وتحالفوا بعد حرب تبادلوا تربية أطفالهم؛ ليكون رمزاً للود ورهائنَ ضدَّ كل مَن تُسوِّل له نفسه التنكيل بالصلح والحلف، وهو دليل يشير بوضوح إلى عمق ما يكنّونه من الاعتزاز بهم؛ بحيث إنّهم لم يتحالفوا على مالٍ ولا غيره من متاع الحياة؛ لأنّهم قد يغدرون به، إلّا الطفولة فهي الوثاق الأمتن الذي يربطهم إلى حلفهم ويُبعدهم عن الغدر»[14].

 

ونحن إنّما نتحدَّث عن ذلك باعتبار أنّ المجتمع الذي حدث فيه انتهاك للطفل في واقعة عاشوراء كان مجتمعاً عربياً، تمسّك بأُصول وقواعد عريقة قبل الإسلام، اعتبرها أُسساً وضوابط من العار الخروج عليها، كالكرم والشجاعة والغيرة، ومنها عدم إيذاء الطفل أو الاقتصاص منه أو قتله أو ترويعه؛ لأنّ ذلك لا يُعدّ شجاعةً ولا فخراً، بل هو وصمة عارٍ تلحق فاعليه إلى الأبد، فعرب الجاهلية قبل الإسلام كانوا ينظرون إلى الطفل على أنّه «رجل الغد وشيخ المستقبل، وهو سلاحهم في الاستمرار والبقاء»[15]، و«لم تختلف نظرة الجاهليين إلى الطفل عن غيرهم من الأُمم، بل كانت امتداداً لها، فأحاطوا أطفالهم بحالةٍ من القداسة... وأوجدوا الكثير من الطقوس لحمايتهم»[16].

 

فهم مع بداوة الكثير منهم، وقساوة بيئتهم، وجشوبة عيشهم، إلّا أنّ لهم مع الطفل والطفولة نوع تراحم وتواد، فهذا شاعرهم يصف بنيّاته فيقول:

 

لولا بنياتٍ كزغب القطا                      حططن من بعضٍ إلى بعضِ

لكان لي مضطرب واسع                   في الأرض ذات الطول والعرض

وإنّما أولادنا بيننا                               أكبادنا تمشي على الأرض

لو هبّت الريح على بعضهم                 لامتنعت عيني من الغمضِ[17]

 

فالميل نحو الطفولة والطفل أمرٌ فطريّ بعدّة لحاظات، منها: لحاظ الحاجة والضعف، فالنفس الإنسانية بطبعها ـ لو خُلّيت ونفسها دون تأثير العوامل الطارئة المخالفة للفطرة ـ ميّالة إلى الحنو والتفاعل مع الضعيف حتى يقوى. ومنها: أنّ الإنسان السوي يتذكَّر في الطفل طفولته وبراءته، وهذا دافع إنسانيّ يدفع المرء للتفاعل الإيجابي مع الطفل، ومنها رؤية الطفل على أنّه إنسان المستقبل ـ رجل كان أم امرأة ـ فيدفع بالإنسان نحو رعاية الطفل والطفولة؛ فحفظ النوع من الدوافع الفطرية الغريزية التي تدفع بالإنسان للقيام بالكثير من الأعمال.

 

وعليه؛ يُعدُّ انتهاك حقوق الطفل أمراً مخالفاً للفطرة البشرية، ولا يتماشى مع الأعراف والقيم الإنسانية.

 

المبحث الثاني: نظرة إجمالية عن حقوق المرأة والطفل أثناء الحرب في نظر الإسلام

 

 إنّ واقعة عاشوراء لمّا كانت قد حدثت في سنة إحدى وستين للهجرة المباركة؛ أي: في الصدر الأوّل للإسلام، وكان الطرف المعادي للإمام الحسين عليه السلام  يدّعي انضواءه تحت خيمة الإسلام، بل حاول تأطير أفعاله بإطار ديني لخداع الناس آنذاك بأنّ حربه مشروعة، فلا بدّ ـ لمعرفة عظم بشاعة الانتهاكات التي قام بها ذلك المعسكر المناوئ للإمام الحسين عليه السلام  ـ من مقايسة تلك الأفعال الشنيعة بما ضمنه الإسلام للمرأة والطفل من حقوق في زمن الحرب، ومعرفة مدى عمق الانتهاكات والتجاوزات التي وقعت على النساء والأطفال في ذلك الحدث العظيم. فما هي حقوق المرأة التي يجب أن تُكفَل بأيّ حال من الأحوال في نظر الإسلام، والتي لا يمكن تخطّيها لأيّ مسلم مهما كانت المبرّرات؟ وما هي حقوق الطفل التي ينبغي أن تكون خطّاً أحمرَ لا يجوز تجاوزه؟

 

1ـ حقوق المرأة أثناء الحرب في نظر الإسلام

 

لمّا كان كيان المرأة مبنيّاً على الضعف والرقّة والعاطفة ـ وذلك ليس نقصاً فيها أبداً، بل ذلك كمال لها ليمكّنها من أداء وظيفتها العظيمة في تربية وحضانة الأجيال على أتمّ وجه، حتى إنّ نبيّنا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم  كان في أُخريات عمره الشريف يشير إلى ضعف المرأة قائلا: «أوصيكم بالضعيفين: النساء، وما ملكت أيمانكم»[18]ـ فلذلك كفل المشرِّع الإسلامي للمرأة أبان الحروب حقوقاً يُعدّ تجاوزها تجاوزاً على التشريع، ومعصيةً للمشرِّع جلّ وعلا ويمكن إجمالها بما يلي:

 

أ حقّها في الحياة: فلا يجوز قتل المرأة، أو المساس بحقّها في الحياة؛ فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  أنّه نهى عن قتل نساء الكفّار في دار الحرب[19]، وروي عن الإمام الصادق عليه السلام  في حديث حفص بن غياث قال: «وسَأَلْتُه عَنِ النِّسَاءِ كَيْفَ سَقَطَتِ الْجِزْيَةُ عَنْهُنَّ ورُفِعَتْ عَنْهُنَّ؟ فَقَالَ: لأَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم  نَهَى عَنْ قِتَالِ النِّسَاءِ والْوِلْدَانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ إِلَّا أَنْ يُقَاتِلُوا فَإِنْ قَاتَلَتْ أَيْضاً فَأَمْسِكْ عَنْهَا مَا أَمْكَنَكَ ولَمْ تَخَفْ خَلَلاً..»[20]. فهكذا أمر المشرّع الإسلامي بالتعامل مع نساء الكفّار؛ فقد حثّ على التحاشي والإمساك عن قتل الكافرة ما أمكن. وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم  يبعث البعث إلى الكفّار ويوصيهم بأن «لا تقتلوا شيخاً فانياً ولا صبياً ولا امرأة...»[21].

قال العلّامة الحلّي رحمه الله : «لا يجوز قتل صبيان الكفّار ونسائهم إذا لم يقاتلوا؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم  نهى عن قتل النساء والصبيان...»[22].

 

ويجمع كل ما تقدّم قول الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ...﴾[23]. وقال العلّامة الطباطبائي في تفسير ذلك: «سياق الآيات الشريفة يدلّ على أنّها نازلة دفعة واحدة، وقد سيق الكلام لبيان غرض واحد وهو تشريع القتال لأوّل مرّة مع مشركي مكّة... على أنّه تعالى قيّد القتال بالقتال في قوله: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾،وليس معناه الاشتراط؛ أي: قاتلوهم إن قاتلوكم وهو ظاهر، ولا قيداً احترازياً، والمعنى: قاتلوا الرجال دون النساء والولدان الذين لا يقاتلونكم كما ذكره بعضهم؛ إذ لا معنى لقتال مَن لا يقدر على القتال حتى ينهى عن مقاتلته. ويقال: لا تقاتله، بل إنّما الصحيح النهي عن قتله دون قتاله»[24]. وقال السيّد الخوئي في ذلك: «قد استُثني من الكفّار الشيخ الفاني والمرأة والصبيان؛ فإنّه لا يجوز قتلهم»[25].

 

كلّ ما تقدم كان في شأن المرأة الكافرة، أمّا المرأة المسلمة فقد أجمع علماؤنا [26] على عدم جواز سبي حتى ذراري البغاة[27] أو تملّك نسائهم.

 

ب حقّها في عدم مسّها بأيّ أذى: وهذا الأمر أيضاً ممّا اقتضته الفطرة الإنسانية السليمة؛ لأنّ المرأة ـ كما تقدّم ـ مثار الضعف والاحتياج، والفطرة السليمة تتفاعل مع كل ضعيف لرفع ضعفه، ويعضد هذا الحكم الذي تقتضيه الفطرة الإنسانية الصافية تأكيدات جمّة من الشارع المقدّس ومن الناطقين باسمه عليهم السلام  الكاشفين عن أحكامه، فهذا أمير المؤمنين علي عليه السلام  يوصي جنده في حرب صفين قائلاً: «...وإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا ستراً، ولا تدخلوا داراً، ولا تأخذوا شيئاً من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم، ولا تُهيِّجوا[28] إمراةً بأذى[29] وإن شتمن أعراضكم وسببن أُمراءكم، فإنّهنّ ناقصات القوى والأنفس والعقول، وقد كنّا نُؤمَر بالكفّ عنهنّ وهنّ مشركات...»[30].

 

والنهي عن تهييج النساء بأذى يمكن أن يستبطن عدّة أُمور:

 

أوّلاً: شتم المرأة أو سبّها أو أهانتها؛ إذ كل هذه الأُمور تُعدّ تهييجاً بالأذى لها، وهو مخالف لوصية أمير المؤمنين عليه السلام  المزبورة، قال أحد شرّاح نهج البلاغة: «نهى عليه السلام  عسكره أن يُثيروا غضب النساء البغاة وشرورها ويحركوهنّ ويؤذوهنّ مطلقاً، حتى إنّهنّ إن شتمن أعراضهم وسببنَ أمراءهم وجب عليهم الإمساك عن ردّ السّب إليهنّ والكفّ عنهنّ، وعدم الاعتناء بشتمهنّ وسبّهنّ»[31]. فعلى هذا؛ فإنّ السبّ والشتم يُعدّان مصداقين واضحين من مصاديق الأذى.

 

ثانياً: تخويف المرأة وترويعها؛ فإنّ التخويف والترويع يُعدّان من المصاديق الجليّة للأذى، كيف ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  قد أهدر دم هبّار بن الأسود وذلك قبل فتح مكّة؛ لأنّه أخاف زينب ربيبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  حين خروجها من مكة مهاجرة إلى المدينة، فأشار لها بالرمح وروّعها به وهي في هودجها، وكانت حاملاً فألقت ما في بطنها وأسقطت جنينها؟![32].

 

فأيّ أذًى أشدّ من الترويع والتخويف؟! فقد يؤدّي بالحامل إلى وضع حملها، فهذا أمير المؤمنين علي عليه السلام  قد حكم على عمر بن الخطّاب بثبوت ديّة السقط عليه حينما روّع حاملاً أثناء حكمه في المدينة فأسقطت ومات سقطها[33].

 

وقد ورد من طرق الفريقين روايات تنهى عن تخويف المؤمن والمسلم وترويعهما بشكل عام، روى الشيخ الصدوق بسنده إلى الإمام الرضا عليه السلام  عن أمير المؤمنين عليه السلام  قوله: «لا يحلّ لمسلم أن يروِّع مسلماً»[34]. وفي رسالة الإمام الصادق عليه السلام  لعبد الله النجاشي قال: «يا عبد الله، إيّاك أن تُخيف مؤمناً، فإنّ أبي محمد بن علي حدّثني عن أبيه عن جدّه عن علي بن أبي طالب عليه السلام  أنّه يقول: مَن نظر إلى مؤمنٍ نظرة ليخيفه بها، أخافه الله يوم لا ظلّ إلّا ظلّه...»[35]. وفي مسند أحمد مرويّاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  أنّه قال: «إنّ الملائكة تلعن أحدكم إذا أشار لأخيه بحديدة، وإن كان أخاه لأبيه وأُمّه»[36]. فكيف إذا كانت المروَّعات بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟!

 

ثالثاً: إمرار النساء على قتلاهنَّ؛ فإنّه من المصاديق الصارخة للأذى، فقد ورد في الأثر نهي نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم  عن ذلك مع نساء الكفّار المحاربين في أثناء الحرب، فما بالك بالنساء المسلمات المؤمنات؟! فقد روى ابن إسحاق في سيرته قال: «لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  ـ حصن ابن أبي الحقيق ـ[37] أُتي بصفية ابنة حَيِي، ومعها ابنة عمّ لها، جاء بهما بلال، فمرّ بهما على قتلى من اليهود، فلمّا رأتهم التي مع صفيّة صكّت وجهها وصاحت، وحثت التراب على رأسها... وقال[أي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ]: يا بلال، نُزِعَت منك الرحمة حين تمرُّ بامرأتين على قتلاهما؟!»[38].

 

رابعاً: سلب الأموال، ويُعدّ ذلك من أوضح مصاديق الأذى، لا للمرأة فحسب، بل لكل إنسان؛ لأنّ المال أحد الحرمات التي يذود عنها الإنسان، وهذا ما تقتضيه الفطرة الإنسانية، فهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام  ـ وهو المرآة الصافية التي تعكس الإسلام المحمدي الأصيل ـ يُبدي غاية أسفه وغمّه وحزنه لغارة شنّها جماعة من جيش معاوية على بعض أطراف دولته عليه السلام ، إذ دخل أُولئك الجند على المرأة المسلمة، والمرأة الذمّية المعاهدة فسلبوهنّ حليّهنّ، فلم يستطعنّ الامتناع منهم، بل أضاف عليه السلام  أنّ ذلك الغمّ والحزن لو أدّى إلى موت المحزون والمغموم جرّاء تلك المصائب فإنّ ذلك ليس محلاً للّوم عنده عليه السلام ، فقال في خطبته بهذا الصدد: «هذا أخو غامدٍ[39] قد وردت خيله الأنبار، وقد قتل حسان بن حسان البكري، وأزال خيلكم عن مسالحها، ولقد بلغني أنّ الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأُخرى المعاهدة[40] فينتزع حجلها وقُلبها[41] وقلائدها ورعاثها[42]، ما تمتنع منه إلّا بالاسترجاع والاسترحام[43]، ثمّ انصرفوا وافرين، ما نال رجلاً منهم كَلْم[44]، ولا أُريق له دم. فلو أنّ امرأً مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً، بل كان به عندي جديراً، فيا عجباً ـ والله ـ يميت القلب، ويجلب الهمّ من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم، وتفرّقكم عن حقكم...»[45].

 

فسلب المال ظلماً من أشنع الأفعال، ويزداد قبحاً وشناعةً بالنسبة للمرأة؛ لأنّ المرأة ـ كما تقدّم ـ ممّا يجب أن تُصان ولا تُمسّ بأيّ نوعٍ من أنواع الأذى على العموم، فكيف والحال أنّ النساء ـ في محلّ بحثنا ـ هنّ من أشرف النساء؟! فهنّ عقائل النبوّة وبنات الوحي والرسالة.

 

2ـ حقوق الطفل أثناء الحرب من وجهة نظر الإسلام

 

لعلَّ الكثير من الحقوق الآنفة الذكر في المرأة يمكن أن يُقال بها للطفل أيضاً، وقد تقدّم نهي المشرع الإسلامي عن قتل أولاد الكفّار حال كونهم كذلك، وحال كونهم في دار الحرب، وكذا ذراري البغاة، بل لا يجوز أسرهم و«قد حُكِي إجماع أصحابنا الإمامية ـ بل إجماع المسلمين ـ على عدم جواز سبي النساء والذراري، وعدم اغتنام ما لم يحوها العسكر من أموالهم»[46]، «والذي يراه الفقهاء من الوظيفة الفعلية هو عدم جواز التعرّض للنساء والذراري من البغاة وعدم سبيهم»[47]. هذا كلّه في أطفال البغاة الخارجين على المعصوم، فكيف يجب التعامل مع أبناء الوحي والرسالة إذا ما سُبوا ظلماً وعدواناً؟!

 

وقد روى الشيخ الصدوق رحمه الله  في أماليه: أنّ أمير المؤمنين عليه السلام  دفع مالاً من مال المسلمين ـ كغرامةٍ ـ لبني المصطلق لفزع وخوف نسائهم وصبيانهم؛ لما فعله بهم خالد بن الوليد حينما بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  لجباية أموال الصدقة منهم ـ وكان في صدر خالد حقداً عليهم أيام الجاهلية ـ فغدر بهم وقتل منهم رجالاً على حين غِرّةٍ وأرهب النساء والأطفال، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  إلّا أن بعث علياً عليه السلام  ليصلح ما أفسده خالد، فسارع أبو الحسن عليه السلام  لتنفيذ أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فلمّا رجع إليه قال صلى الله عليه وآله وسلم : «يا علي، أخبرني بما صنعتَ. فقال عليه السلام : يا رسول الله، عمدتُ فأعطيتُ لكل دمٍ ديّة، ولكلّ جنين غرّة[48]، ولكل مالٍ مالاً، وفضلت معي فضلة فأعطيتُهم لميلغة[49] كلابهم، وحبلة[50] رعاتهم، وفضلت معي فضلة فأعطيتُهم لروعة نسائهم وفزع صبيانهم، وفضلت معي فضلة فأعطيتُهم لما يعلمون ولما لا يعلمون، وفضلت معي فضلة فأعطيتُهم ليرضوا عنك يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي، أعطيتَهم ليرضوا عنّي، رضي الله عنك يا علي، إنّما أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيَّ بعدي»[51].

 

حقّاً إنّ مثل هذه المحطّات الوضّاءة تُعدّ دُرراً زيَّنتْ وجه التاريخ الإنساني الذي سوّدته أيادي الظلمة، بل في واقعة مشابهة قال عليه السلام  لمن أُصيب من المسلمين بظلم خالد: «خذوا.. فاكسوا عيالكم وخدمكم ليفرحوا بقدر ما حزنوا...»[52]؛ لذا قال أحد كبار المؤرِّخين: «وهذا تأصيل لمعنى جديد لا بدّ من مراعاته في مجالات التعامل مع الناس، ولم يكن هذا المعنى معروفاً، ولا مألوفاً قبل هذه الحادثة... كما أنّنا لم نجد أحداً قد راعى هذا المعنى في معالجته لآثار العدوان على الآخرين»[53].

 

وعلى أيّة حال، فإنّ ترويع الطفل وإخافته أمرٌ لا تقبله الفطرة الإنسانية السليمة، ولا تقرّه الشرائع السماوية ولا الأرضية، فهو من أوضح مصاديق الظلم، وقد روي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : «لا تروّعوا المسلم؛ فإنّ روعة المسلم ظلمٌ عظيم»[54].

 

كما لا ينبغي في الحروب أن يفرَّق بين الأُم وولدها إذا وقعا في الأسر حتى لو كانا كافرين، بل حرّمه بعضهم ـ وهو الشيخ الطوسي في كتابه الخلاف ـ[55]. وقال آخرون بكراهة ذلك[56]، حتى روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  قوله: «مَن فرّق بين والدةٍ ووَلَدها فرّق الله بينه وبين أحبّته يوم القيامة»[57].

 

المبحث الثالث: حقوق المرأة والطفل إبّان الحروب من وجهة نظر المنظمات الدولية

 

قبل الخوض في غمار هذا المبحث لا بدّ من الإشارة إلى أمرٍ في غاية الأهمّية، وهو أنه قد يُقال: ما الغرض من ذكر النصوص التی اتّفقت عليها المنظّمات الدولية في الوقت الحاضر، والحال أنّ الحدث الذي نريد إسقاط تلك الاتفاقيات عليه كان قد جرى قبل ما يقرب من 1300 سنة مضت وانقضت؟! وهو سؤال جدير بالاهتمام والإجابة.

 

فيقال في ذلك: إنّ الكثير من تلك الاتفاقيّات التي تمّ التعاقد عليها وإصدارها من قِبل تلك المنظمات الدولية الفاعلة، إنّما هي قوانين وأحكام عقلائية تتلاءم مع الفطرة الإنسانية التي أودعها الله تعالى في نفس الإنسان. وهذا لا يعني أبداً كفاية الفطرة في ذلك، بل إنّ أغلب الأحكام الجزئية لا يمكن للفطرة أن تتناولها من دون مرشدٍ هادٍ وهم الأنبياء وأوصياؤهم، فالفطرة يمكنها أن تحكم بأحكام كلّية عامة. قال أحد العلماء ـ في خصوص كون الإسلام دين الفطرة وعلاقة الفطرة بالدين ـ ما نصّه: «عندما نقول: إنّ الإسلام دين الفطرة، فهذا لا يعني أنّ كل حكم جزئي منه يوافقها، بل يعني أنّ الأُصول الكلّية في مجالي العقائد والشريعة تنسجم مع الفطرة وتومي إليها بشكل واضح؛ ولذلك كانت تعاليم الأنبياء ـ وفي مقدّمتهم الشريعة الإسلامية ـ تُثير مكنون الفطرة، لذا فهم [أي: الأنبياء] قبل أن يكونوا معلِّمين كانوا مذكِّرين بما أودع الله سبحانه في فطرة الإنسان من ميول نحو العبودية لله سبحانه، والانشداد إلى ما وراء الطبيعة، والجنوح إلى العدل ومكارم الأخلاق، والنفور عن الظلم ومساوئ العادات. فكأنّ الفطرة أوّل مدرسةٍ يتعلّم فيها الإنسان أُصول المعارف ومكارم الأخلاق وآدابها من دون معلِّم، وهذا لطفٌ وامتنان منه سبحانه لعباده، ويُعدّ الحجر الأساس لسائر الهدايات الإلهية الواصلة إليهم عن طريق أنبيائه ورسله، وإلى ذلك يشير قوله سبحانه ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله...﴾؛ فإنّ المراد من الدين في الآية مجموع العقيدة والشريعة، كما فسّره به مشاهير المفسِّرين، وكلمة فطرة الله ـ التي نُصِبَت على الاختصاص ـ تفسير للدين، فالدين ـ بتمام معنى الكلمة ـ يوافق فطرة الإنسان، بالمعنى الذي عرفت؛ أي: إنّ أُصوله وكلّياته تنسجم مع الفطرة، وليست الآية وحيدة في بابها، بل لها نظائر في الذكر الحكيم تؤكّد مضمونها، وتثبت بوضوح كون معرفة المحاسن والمساوئ ـ والفجور والتقوى، والميل إلى الفضائل، والانزجار عن الرذائل ـ أمراً فطريّاً إلى حدٍّ يقول سبحانه: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾[58]. وفي آيةٍ أُخرى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾[59]. فالإنسان الطبيعي الذي لم يتأثّر بالمناهج البشرية يُدرك المحاسن والمساوئ، والفجور والتقوى، والخير والشر، كرامةً من الله إليه.

 

ومن روائع الكلم ما روي عن الإمام علي عليه السلام  حول تحديد دعوة الأنبياء، وإنّ دورهم في مجال التربية تذكيرهم بمقتضيات الفطرة، يقول عليه السلام : فبعث الله فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكّروهم منسي نعمته، ويحتجّوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول...[60].

 

وعلى ذلك؛ فالشريعة ـ وفق الفطرة ـ مصباحٌ يُنير الدرب لكل ساعٍ في طلب الحق، وكلّ فكرةٍ أو مَيلٍ توحي إليهما الفطرة هو آية كونه حقاً، وكلّ فكرةٍ أو جنوحٍ يناقض الفطرة وترفضهما فهو آية كونه باطلاً؛ ولأجل ذلك تخلّينا عن الرهبانية والتعزّب ووأد البنات؛ لأنّها تخالف مقتضى الفطرة»[61].

 

إذن؛ فالفطرة جوهرة أودعها الله جلّ وعلا في ضمير الإنسان، تستطيع أن تميّز ـ بشكل عام ـ الظلم من العدل، والحقّ من الباطل، هذا إذا لم تتلوّث وتُمسَخ بفعل الذنوب والجرائم والموبقات؛ ولذلك ترى أنّ الأحكام العقلائية هي أُمور تنسجم مع الفطرة السليمة غير الملوّثة بشوائب الجهل أو العصبية أو العُقَد الأُخرى، وجاء الدين ليؤكِّد أحكام الفطرة تلك؛ ويُوسّعها ويُعمّقها ويُذكّر المنسي منها، ويُشير إلى مواطن الخلل فيها عند انحرافها؛ لذا فجميع أحكام الدين منسجمة مع الفطرة السليمة، والفطرة السليمة منسجمة مع الدين كذلك. فالدين مُكمِّل ومُعمِّق للفطرة، والفطرة تُشير وتؤدّي إلى الدين.

 

وعليه؛ ففي معرض الإجابة عن التساؤل المتقدّم يُقال: إنّ أحكام هذه المنظّمات إن كانت أحكاماً عقلائية نابعة من الفطرة السليمة غير الملوَّثة؛ فتلك الأحكام غير خاضعة للزمان والمكان، فالفطرة تشخّص الظلم سواء عند بدء الخليقة، أم حالاً أم بعد مرور آلاف السنين، فلو أنّ تلك المنظّمات كانت حاضرة أيّام وقوع فاجعة كربلاء، ورأت ما جرى على عيال الإمام الحسين عليه السلام  وإخوته وأولاده وأصحابه، لصرخت بملء فيها مستنكرة ذلك الظلم والجور.

 

إذن؛ لنرى ما هي الحقوق التي كفلتها تلك المنظّمات أثناء الحرب للمرأة والطفل والتي تمّ انتهاكها في واقعة كربلاء، ومن خلال ذلك سوف يمكننا مخاطبة ضمير الإنسان بما هو إنسان ـ بغضّ النظر عن لونه وجنسه ومعتقده ـ بأنّ ما حدث في تلك البقعة مأساة بكل المقاييس، الأرضية منها أم السماوية، ثمّ لتكون درساً للإنسانية جمعاء في مكافحة الظلم ومناوأته، ونصرة المظلوم ومؤازرته، كما أنّ الأمر لا يخلو من دقّ ناقوس الفطرة والتذكير بأحكامها وأوّلياتها التي أودعها الله فيها.

ويمكننا النظر إلى حقوق النساء والأطفال أثناء اندلاع الحروب من وجهتين رئيسيتين:

 

الوجهة الأُولى:حقوقهم باعتبارهم أُناساً مدنيين

 

وهذه الحقوق لا تختلف عن حقوق الإنسان ـ المدني المسالم غير المقاتل ـ التي كفلتها المنظمات الدولية أثناء اندلاع الحروب. فالمرأة والطفل في الحرب يُعدّان من المدنيين[62].

 

وقد جاء في مبادئ قانون لاهاي ـ الذي يُعدّ من مبادئ القانون الدولي الإنساني ـ عدّة بنود، منها: «مبدأ التفرقة بين المدنيّين والأهداف العسكرية: ينصّ المبدأ أنّ المدنيين [بما فيهم النساء والأطفال] لا يمكن أن يكونوا عرضة للهجوم الذي ينبغي أن يقتصر على الأهداف العسكرية؛ أي: القوات العسكرية بما في ذلك المقاتلين والمنشآت التي تساهم في تحقيق هدف عسكري؛ وبالتالي لا يمكن مهاجمة الأموال المدنية...» [63].

 

وجاء أيضاً في المبادئ الأساسية لقانون جنيف:

 

«أ حصانة الذات البشرية: ليست الحرب مبرّراً للاعتداء على حياة مَن لا يشاركون في القتال، أو الذين لم يعودوا قادرين على ذلك.

 

ب منع التعذيب بشتّى أنواعه، ويتعيَّن على الطرف الذي يحتجز رعايا العدو أن يطلب منهم البيانات المتعلّقة بهويّتهم فقط، دون إجبارهم على ذلك.

 

ج احترام الشخصية القانونية: فضحايا الحرب الأحياء ممّن يقعون في قبضة العدو يحتفظون بشخصيّتهم القانونية، وما يترتّب عليها من أعمال قانونية مشروعة.

 

د احترام الشرف والحقوق العائلية والمعتقد والتقاليد...

 

هـ الملكية الفردية محميّة ومضمونة.

 

و عدم التمييز: فالمساعدة والعلاج ومختلف الخدمات، والمعاملة بصورة عامّة تُقدَّم للجميع دون فرق، إلّا ما تفرضه الأوضاع الصحّية والسن.

 

ز توفير الأمان والطمأنينة، وحظر الأعمال الانتقامية، والعقوبات الجماعية، واحتجاز الرهائن، وإذا ارتكب شخص ـ يحميه القانون الإنساني ـ جريمة فإنّه يعاقَب وفقاً للنصوص المعمول بها مع مراعاة الضمانات القاضية على مستوى الإجراءات قبل التحقيق وبعده وعند المحاكمة وبمناسبة تنفيذ الحكم.

 

ح حظر استغلال المدنيّين واستخدامهم لحماية أهداف عسكرية.

 

ط منع النهب والهجوم العشوائي والأعمال الانتقامية.

 

ي منع أعمال الغش والغدر» [64].

 

وجاء أيضاً في اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيّين في وقت الحرب، والتي تمّ المصادقة عليها من قِبل جميع الدول الأعضاء في 12 آب 1949م وفي المادة 3 ما يلي: «الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية بمن فيهم أفراد القوات المسلَّحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأيّ سبب آخر، يُعامَلون في جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أيّ تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس أو المولد أو الثروة، أو أيّ معيار مماثل آخر.

 

ولهذا الغرض تحظر الأفعال التالية فيما يتعلّق بالأشخاص المذكورين أعلاه، وتبقى محظورة في جميع الأوقات والأماكن:

 

أ الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصةٍ القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية والتعذيب.

 

ب أخذ الرهائن.

 

ج الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطّة بالكرامة.

 

د إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكَّلة تشكيلاً قانونياً، وتُكفَل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدّنة.

 

هـ يُجمَع الجرحى والمرضى ويُعتَنى بهم»[65].

 

وقد أضاف الملحق البروتوكول الثاني الإضافي ـ الذي أُلحِقَ عام 1977م لاتفاقيات جنيف المعقودة في 12 /8 /1949م، المتعلِّق بحماية ضحايا المنازعات المسلَّحة غير الدولية ـ عدّة بنود أُخرى في هذا الصدد منها:«المادة 4: الضمانات الأساسية:

 

1ـ يكون لجميع الأشخاص الذين لا يشتركون بصورة مباشرة، أو الذين يكفون عن الاشتراك في الأعمال العدائية ـ سواء قيّدت حرّيتهم أم لم تقيَّد ـ الحق في أن تُحتَرم أشخاصهم وشرفهم ومعتقداتهم، وممارساتهم لشعائرهم الدينية، ويجب أن يعاملوا في جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أيّ تمييز مجحف، ويُحظر الأمر بعدم إبقاء أحد على قيد الحياة.

 

2ـ تُعدّ الأعمال التالية الموجّهة ضد الأشخاص المشار إليهم في الفقرة الأُولى محظوراً حالاً واستقبالاً وفي كل زمان ومكان، وذلك دون الإخلال بطابع الشمول الذي تتسم به الأحكام السابقة:

 

أ الاعتداء على حياة الأشخاص وصحّتهم وسلامتهم البدنية أو العقلية، ولا سيما القتل والمعاملة القاسية كالتعذيب أو التشويه، أو أيّة صورة من صور العقوبات البدنية.

 

ب الجزاءات الجنائية.

 

ج أخذ الرهائن.

 

د أعمال الإرهاب.

 

هـ انتهاك الكرامة الشخصية، وبوجهٍ خاص المعاملة المُهينة والمُحِطَّة من قدر الإنسان و... وكلّ ما من شأنه خدش الحياء.

 

و الرق وتجارة الرق بجميع صورها.

 

ز السلب والنهب.

 

ح التهديد بارتكاب أيّ من الأفعال المذكورة...»[66].

 

فيتّضح من كلّ ما سبق أنّ المدنيين ـ ومنهم المرأة والطفل ـ مكفولون من قِبل المنظمات الدولية، ولا يمكن التعامل معهم معاملة الرجل المقاتل.

 

الوجهة الثانية: حقوق المرأة والطفل بما هم كذلك

 

فقد صدرت عدة وثائق وقوانين دولية تشرّع حقوق المرأة والطفل بما هم كذلك بنصوص صريحة، إن دلّت على شيء فإنمّا تدلّ على تعاطف الفطرة الإنسانية معهما؛ لأنّهما مثار الضعف والشفقة، منها القرار الصادر عن الجمعية العامّة للأُمم المتحدة بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والنزاعات المسلَّحة بتاريخ 14 /12 /1974م، والذي أصدرته تلك الجمعية نتيجة استشعارها لعظيم القلق من معاناة المرأة والطفل من السكّان المدنيين الواقعين كضحايا للحروب؛ وتضمَّن عدّة فقرات مهمّة، منها:

 

الفقرة الأُولى: «يحظر الاعتداء على المدنيّين وقصفهم بالقنابل؛ الأمر الذي يلحق آلاماً لا تُحصى بهم، وخاصّة بالنساء والأطفال الذين هم أقل أفراد المجتمع مناعة. وتُدان هذه الأعمال.»[67].

 

الفقرة الرابعة: «يتعيَّن على جميع الدول المشترِكة في منازعات مسلَّحة، أو في عمليات عسكرية، في أقاليم أجنبية أو في أقاليم لا تزال تحت السيطرة الاستعمارية، أن تبذل كلّ ما في وسعها لتجنيب النساء والأطفال ويلات الحرب. ويتعيَّن اتخاذ جميع الخطوات اللّازمة لضمان حظر اتخاذ تدابير كالاضطهاد والتعذيب والتأديب والمعاملة المُهينة والعنف، وخاصّة ما كان منها موجَّهاً ضدّ ذلك الجزء من السكّان المدنيين المؤلَّف من النساء والأطفال»[68].

 

الفقرة الخامسة: « تُعتبَر أعمالاً إجرامية جميعُ أشكال القمع والمعاملة القاسية واللاإنسانية للنساء والأطفال، بما في ذلك الحبس والتعذيب والإعدام رمياً بالرصاص، والاعتقال بالجملة، والعقاب الجماعي، وتدمير المساكن، والطرد قسراً التي يرتكبها المتحاربون... »[69]

 

الفقرة السادسة: «لا يجوز حرمان النساء والأطفال ـ من بين السكّان المدنيين... ـ من المأوى أو الغذاء أو المعونة الطبيّة أو غير ذلك من الحقوق الثابتة وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإعلان حقوق الطفل، وغير ذلك من صكوك القانون الدولي»[70].

 

وورد في خصوص الطفل توصيات مهمّة من تلك المنظّمات؛ باعتباره أشدّ بني الإنسان ضعفاً واحتياجاً، فقد ورد في إعلان حقوق الطفل الصادر من الجمعية العامّة للأُمم المتحدة لعام 1959م: «إنّ للطفل على الإنسانية أن تمنحه خير ما لديها... لتمكينه من التمتع بطفولةٍ سعيدة ينعم فيها لخيره وخير المجتمع»[71].

 

كما جاء في اتفاقية حقوق الطفل الصادرة من الجمعيّة نفسها:

 

«المادة 37: أ/لا يُعرَّض أيّ طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية أو المُهينة.

 

ب/ لا يُحرَم الطفل من حرِّيّته بصورة غير قانونية أو تعسّفية...»[72].

 

وبعد هذه الجولة السريعة في العهود والمواثيق الدولية بشأن رعاية حقوق المرأة والطفل بصورة عامّة، أو أثناء الحرب خاصة، يمكن للبصير أن يستشفّ من تلك القوانين ـ التي منبعها إمّا نصوص دينية متقدّمة عليها زماناً، أو فطرة إنسانية أودعها الله تعالى في ضمائر بني البشر ـ أنها ممّا يقتضيه الطبع البشري، فالعمل ضدّها يُعدّ خروجاً عن الفطرة الإنسانية، وإن تَلبَّس الخارج عنها ثوب البشر.

 

الكاتب: الشيخ محمد جليل الكروي القيسي

مجلة الإصلاح الحسيني – العدد التاسع

مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية

_________________________________

[1] الشلبي، أحمد، مقارنة الأديان: ص222.

[2] قيس حاتم هاني، رؤية إسلامية في الأوضاع الاقتصادية للمرأة العربية قبل الإسلام: ص1ـ2. وهذا هو رأي الباحث محمد فروخ في كتابه تاريخ الأدب العربي أيضاً.

[3] النحل: آية 58.

[4] احتمل بعض المحقّقين أنّ أصل الحجاب أخذه العرب من أهل الديانات الحنیفية آنذاك، ووافق هوى أنفسهم وغيرتهم العربية فألزموا المرأة به، فالحجاب أمرٌ متّفق عليه عند أهل الديانات. اُنظر: العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح من سيرة النبي الأعظم: ج14، ص155.

[5] للشاعر الشنفرى المتوفّى سنة510 ميلادي.

[6] السبكي، عبد الوهاب، طبقات الشافعية الكبرى: ج1، ص248.

[7] الفهر: حجر أملس يكسر به الجوز مثلاً.

[8] الهراوة: العصا، أو شبه الدبوس من الخشب.

[9] محمد عبده، شرح نهج البلاغة: ج3، ص15.

[10] اُنظر: الميداني، أحمد، مجمع الأمثال: ج2، ص153. ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج11، ص369.

[11] اليعقوبي، أحمد، تاريخ اليعقوبي: ج1، ص230.

[12] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج11، ص402.

[13] المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج7، ص93.

[14] البياتي، عادل، الطفولة ومشاهدها المتغيّرة في التراث والأدب، مجلّة آفاق عربية: العدد4، السنة 1979م.

[15] شحادة، ربى، صورة الطفل في الشعر الجاهلي رسالة ماجستير: ص20.

[16] المصدر السابق.

[17] ابن قتيبة الدينوري، عبد الله بن مسلم، عيون الأخبار: ج3، ص109.

[18] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج7، ص52.

[19] دار الحرب: هي بلاد الكفّار المحاربين، يقابلها دار الإسلام. اُنظر: فتح الله، أحمد، معجم ألفاظ الفقه الجعفري: ص186.

[20] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج5، ص28.

[21] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج15، ص58.

[22] العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج9، ص64.

[23] البقرة: آية 190.

[24] الطباطبائي، محمد حسين، تفسير الميزان: ج2، ص60.

[25] الخوئي، أبو القاسم، منهاج الصالحين: ج1، ص371.

[26] المحقّق الحلّي، جعفر بن الحسن، شرائع الإسلام: ج1، ص257.

[27] البغاة هم: المسلحون الذين خرجوا على إمام زمانهم الشرعي وبغوا عليه وقاتلوه ظلماً وعدواناً.

[28] قال ابن منظور: «هاج الشيء يهيج هيجاً وهياجاً وهيجاناً... ثار لمشقةٍ أو ضرر.. والهيجاء: الحرب... لأنّها موطن غضب». لسان العرب: ج2، ص394 ـ 395.

[29] قال محمد عبده أحد شرّاح نهج البلاغة في خصوص هذه الفقرة: «هذا حكم الشريعة الإسلامية، لا ما يتوهّمه جاهلوها من إباحتها التعرّض لأعراض الأعداء نعوذ بالله».

[30] الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، ج15 ص95.

[31] الهاشمي، حبيب الله، منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: ج18، ص116.

[32] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج19، ص351. البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف: ج1، ص397.

[33] اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج29، ص267. والبيهقي، أحمد بن الحسين، السنن الكبرى: ج6، ص123. ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني: ج12، ص149.

[34] الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا: ج2، ص75.

[35] الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج17، ص209.

[36] ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد بن حنبل: ج2، ص256.

[37] وهو أحد حصون خيبر ويدعى القموص.

[38] ابن إسحاق المطلبي، محمد، سيرة ابن إسحاق السير والمغازي: ص246.

[39] وهو سفيان بن عوف الغامدي من أصحاب معاوية وقوّاده.

[40] أي: المرأة الذمّية النصرانية التي تعيش في ظلّ وحماية دولة الإسلام.

[41] القُلْب: السوار.

[42] الرعاث: القرط.

[43] الاسترجاع: إما قولها: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، أو هو: ترديد الصوت بالبكاء والعويل. الاسترحام: المناشدة بالرحم.

[44] الكَلْم: الجرح.

[45] محمد عبده، شرح نهج البلاغة: ج1، ص68.

[46] المنتظري، حسين علي، نظام الحكم في الإسلام: ص578.

[47] الأنصاري، محمد علي، الموسوعة الفقهية الميسرة: ج2، ص166.

[48] الغرة: معناها هنا العبد أو الأَمة؛ أي: مقابل كل جنين سقط يُعطَى عبداً أو أَمةً ملكاً للمتضرر.

[49] الميلغة: الإناء الذي يشرب به الكلب.

[50] الحبلة: الجنين الساقط من مواشيهم ودوابهم.

[51] الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص237، وروي براءة النبي صلى الله عليه وآله وسلم  من فعل خالد بن الوليد في صحيح البخاري: ج8، ص118.

[52] ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج1، ص391.

[53] العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح من سيرة الإمام علي عليه السلام : ج6، ص23.

[54] الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج6، ص253.

[55] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، كتاب الخلاف: ج5، ص531.

[56] اُنظر: العلّامة الحلّي، يوسف بن المطهر، تذكرة الفقهاء: ج9، ص172. الجواهري، محمد حسن، جواهر الكلام: ج24، ص221.

[57] ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد بن حنبل: ج5، ص413.

[58] الشمس: آية 7ـ8.

[59] البلد: آية 8ـ10.

[60] محمد عبده، شرح نهج البلاغة: ج1، ص23.

[61] السبحاني، جعفر، في ظلال التوحيد: ص231ـ233.

[62] المدنيّون: غير المقاتلة من نساء وأطفال وفلّاحين وغيرهم. اُنظر: الزحيلي، وهبة، العلاقات الدولية في الإسلام: ص66.

[63] القاضي جمال شهلول، القانون الدولي الإنساني: ص5، موقع: www.ao.academy.org.

[64] المصدر السابق: ص6ـ7.

[65] حقوق الإنسان، مجموعة صكوك دولية، المجلد الأوّل، الأُمم المتّحدة، نيويورك، السّنة 1993.

[66] موقع مركز المعلومات في منظمة الصليب الأحمر.

67 حقوق الإنسان، مجموع صكوك دولية، المجلد الأول، الأُمم المتحدة، نيويورك 1993.

68 المصدر السابق.

69 المصدر السابق.

[70] المصدر السابق

[71] الإعلان العالمي لحقوق الطفل، قرار رقم 1386 الصادر عن الجمعية العامة للأُمم المتّحدة. مع العلم أنّ هذا الإعلان لم يكن ذا إطار قانوني مُلِزم للدول الأعضاء.

[72] اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الجمعية العامة للأُمم المتحدة للعام 1989. علماً أنّها الإطار القانوني المُلِزم للدول الأعضاء.

 

المرفقات