لم يجد ما يخدم به زوار الحسين (عليه السلام) سوى مبخرة ورثها عن أبيه الذي كان يستخدمها لنفس الغرض اقتربت منه وهو يهيم بين الزائرين يعطرهم ويغرد بالتهليل على محمد وآل محمد أخذني الفضول الصحفي والحمية الحسينية أن أوثق هذا الرجل الذي تجاوز من العمر الستين سنة، بعد أن بخرني ونظر في عيني وكأنه عرف غايتي،وبدأ الحديث عن نفسه فقال : قدمت من محافظة ديالى قرية (خرنابات) إحدى قرى قضاء بعقوبة، أحمل عدة التبخير من فحم درجة أولى وأنواع مختلفة من أجود البخور الفاخرة في العالم خاصة من الهند والإمارات أعطر فيها زوار ابن الزهراء سليب الرداء ومخضب الشيبة بالدماء، وأسأل الله أن يتقبل مني هذا القليل في خدمة الإمام الحسين الجليل.
ويكمل الزائر (ناظر سعدون علي الدليمي) :هذا عملي كل سنة في زيارة الأربعين،يبدأ مشواري من منطقتي باتجاه كربلاء حاملاً المبخرة التي أصنعها بنفسي، مشّاء لسيدي وأميري الحسين عيني تبكي على مصيبة زينب ورجوع السبايا إلى كربلاء ويدي تحاول من خلال مبخرتي تطييب النفوس والأبدان ،وهذا ما يشعرني بالزهو والراحة النفسية ولا أهتم لطول الطريق أو خوف من (كيان داعش الإرهابي) فروحي لسيدي الحسين فداء... تأخذه لحظة ألم ويبكي بجزع وهو ينادي ( يا زينب ، يارقية ، يا سكينة؟) يا سيدي السجاد كيف كان هذا اليوم عليكم أي وجع كنتم به بفراق سيد شباب أهل الجنة.
هذه اللحظات المؤلمة التي عشتها مع الزائر (ناظر الدليمي)، وسط الحشود المليونية التي تتمايل أمواجاً يميناً ويساراً دون أن ينزعج أحد أو يتذمر شخص من دفعه الآخر ، فعالم الحسين وكرمه وقوة زائريه أصبحت عنواناً لرسالات إلهية تتناثر في كل ركن من أركان كربلاء (فناظر الدليمي) الرجل المسن هو رسالة إلى جانب رسائل كثيرة من السلام تعلنها كربلاء لتبثت أن الدين لله وأن الحسين قائد دين الله منذ أن نحر في طف كربلاء على يد أشقى الأشقياء.
وضع الدليمي يده على كتفي وأخرى بخر بها راسي ليقول دعني أتجول بين الحرمين وأدخل إلى حرم أبي عبد الله الحسين وأخيه أبي الفضل العباس (عليهما السلام) فلدي موعد مع (موكب أهالي ديالى - أهالي خرنابات) أتمنى أن يطول عمري وأن أستمر بهذا العمل خدمة للدين والمذهب، وأن أخدم زوار الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) في (25رجب) لأنني نذرت هذه المبخرة التي أهديت ثوابها لمولاتي فاطمة الزهراء (عليها السلام) أن أطوف في كل مراقد أبنائها نيابة عنها عسى الله أن يجزيني على ذلك أجراً.
ياسر الشّمّريّ
الموقع الرّسميّ للعتبة الحسينيّة المقدّسة
اترك تعليق