مَا قِيْلَ فِيْ الفَنِّ الحُسَيْنِيّ

                                     مَا قِيْلَ فِيْ الفَنِّ الحُسَيْنِيّ

      المتغيرات التي طرأت على المجتمع الإنساني ؛ أحدثت بدورها تأثيراتها الكبى في المنظومة الثقافية عموماً ، وبذلك أخذ الفن بدوره يواكب تلك المتغيرات ويصوغ رؤية ابداعية تتجدد بحسب طبيعة وعمق هذه المتغيرات ، التي بدورها دفعت الفكر الإنساني أن يتجدد في التطلُّع والاجتهاد في تحصيل المعرفة ، ولطالما أسهم الفن بشكل فاعل طوال المسار التاريخي في اثراء الفكر من خلال طرحه المتنوع القائم على الأسلوب الإبداعي كصيغة خطابية وهوية لها مميزاتها الخاصة دون غيرها .

     مر الفن خلال مساره التاريخي بأطوار متعددة كنسق معرفي وفكري ، وكأداة مؤثرة في الفضاء الثقافي ، فكانت اطلالاته عبر التاريخ تنوعت حسب البيئة والثقافة والرؤية ، وكانت له فلسفته وعمقه الإبداعي الواسع ، الذي يعكس مدى عمق وسعة الفكر الإنساني الذي لا يفتر عن البحث والتطلُّع ، الذي بدوره جعل الفن يتمثل للواقع في صور مختلفة ومتعددة ،  وهذه الإطلالات التي تبناها الفن تبين مدى العلاقة الوثيقة بين الفن والمجتمع ، ومدى تأثر الفن بالتطلعات الفكرية والنتائج التي يتوصَّل إليها الإنسان في جميع المراحل التي مرَّ فيها ، وبهذا فإننا أمام واقع متنوع في ثقافته الفنية ورؤيته الفكرية ومفهومه للإبداع ؛ وهو التحدِّي الكبير الذي يواجهه كل ابداع جديد ؛ ومدى تأثيره في الواقع الفني المُعاصر .

      كان الفن الحسيني حصيلة رؤية تعمقت في رحم واقعنا المعاصر وتحولاته وتطوراته ، فالفن الحسيني هو محاولة معالجة افتقار تاريخ الفن الاسلامي للمادة الفنية والابداعية الحقيقية ؛ التي تمثل وتطرح قضايا الواقع الاسلامي وتاريخه ، فالتاريخ الاسلامي ذلك الفضاء الواسع والعميق في رؤيته وطرحه ؛ أخفق الفنان الاسلامي على مدار التاريخ في طرحه الإبداعي والكمِّي بما يتوافق مع قيمة وضخامة هذا التاريخ ؛ قياساً بفنان الأمم الأخرى ، فلم ينتج الفنان العربي الاسلامي فناً وابداعاً يُغطي ويناقش قضايا تاريخنا الاسلامي ، فالفن الحسيني هو مشروعٌ فني رائد ، وكإشراقة ابداعية انبثقت من روض ( العتبة الحسينية المقدسة ) لإثراء التاريخ الاسلامي بالإبداع الفني الحقيقي ، الذي يعمد إلى منافسة قوَّة الفن الغربي وطرحه للمضمون الدِّيني ، فالفن الحسيني هو مشروع فني ابداعي يعمل على إعادة المضمون الديني للفن العربي والاسلامي ، بإبداع حقيقي وبمضمون هادف ، وهذا بحد ذاته يُعد مساراً يعكس تحدياً كبيراً ؛ وله ابعاده الثقافية في ظل فضاءات ثقافية معاصرة لها توجهاتها المختلفة والمتضادة ، أثرت تأثيراً كبيراً على رؤية وتصورات وتوجهات المتلقي المعاصر ، وفي خضم هذا المضمار المزدحم والمتراكم ، وتداعي الأصوات وخطاباتها ، كان للفن الحسيني صوته المؤثر والمُعبِّر في المتلقي المعاصر على اختلاف درجات ثقافته واختصاصه ومراحله العُمريَّة ، الذين أدلوا برأيهم حول ابداعات الفن الحسيني ومدى تأثيرها في الساحة الفنية المعاصرة ، وسنطوف مع مقتطفات من كلام الذين عبَّروا عن رؤيتهم وقراءتهم لمشروع ( الفن الحسيني ) التابع للعتبة الحسينية المقدسة :

ــ الفنان كريم محمود عبد الله ـ من الكويت ، قال :( أرى أن الفن الحسيني ابداع تاريخي يملأ فراغاً تاريخياً طال امتداده ) .

ــ الفنان جلال أمير علي ـ من لبنان ، قال ( توجهات الساحة الفنية في ظل الحداثة عكست بتأثيراتها على رؤية الفنان المعاصر الذي صار مغلغلاً بتوجهات الثقافة الغربية ، وهيمنتها على الساحة الفنية التي أصبحت أسيرة القوانين الحداثوية ، وتلاعباتها بمعايير الجمالية الفنية والإبداع ، ومشروع الفن الحسيني هو ابداع حقيقي رصين ، وثورة مشرقة في عالم الحداثة وما وراء الحداثة ، ومعالجة ملهمة وروحية تعيدنا للفن الحقيقي الأصيل  ، وكنتاج ابداعي نتفاخر به ) .

ــ الدكتور هشام حميد ـ من البحرين ، قال : ( رأيت الكثير من ابداعات الفنانين واطروحاتهم المختلفة ، ولكن بمجرَّد التقت عيني بلوحات الفن الحسيني ، وانغمست بسحرها المُلهم ، واستطردت رؤيتي في خلجاتها وأعماقها ؛ شعرت حينها بحقيقة الفن الآسر ، وجماله المُلهم ) .

ــ الشيخ طلال عباس أمجد ـ من مدينة البصرة : ( الفن الحسيني ؛ بطرحه الهادف ، وبمضامينه الفريدة ، وبإبداعه المُبهر ، صوتٌ دعوي للقضية الحسينية المقدسة ، له تأثيره الوجداني والروحي المميز والفريد من نوعه في الساحة الاسلامية عموماً ) .

الفنان يونس عماد محمد ـ من كندا ، قال : ( إن القضية الحسينية قد تنوَّع طرحها وتناولها بشكل مستفيض في واقعنا المعاصر من عدَّة محاور وفضاءات فنية وثقافية ، لا سيما من خلال اللوحات الفنية التي انتجها ابداع الفنان الذي طالما ألهمته القضية الحسينية ، بغض النظر عن الأسلوب الفني الذي اعتمده هؤلاء الفنانين ، ولكني رأيت في لوحات الفن الحسيني شيئاً فريداً ومغايراً تماماً لما هو مألوف ومتداول في واقعنا المعاصر ، إنه بحق اسلوبٌ يُذهل كل من رآه ، ويأسر وجدان من يقف أمامه ، فنٌ حقيقي ومُبهر يستطيع أن يُحلِّق بفكر المتلقي لفضاءات لما وراء العالم الذي نعيشه ، ليعود بنا لواقع طالما نتصل به روحاً وعاطفة وإيمانا ، ليكون الفن الحسيني بحق ، ناطق عن اعماقنا ) .

ــ المواطن حسين كاظم طالب ـ مدينة بغداد ؛ قال : ( منذ طفولتنا ونحن نذرف الدمع لمصاب أئمة آل البيت عليهم السلام ، حين سماعنا قصيدة يقرأها رادودٌ حسيني ، أو حين سماعنا لخطيب يقص علينا أحداثاً تاريخية أليمة ، أو حين قراءتنا لكتاب يسرد ما تعرض له أئمتنا عليهم السلام من محن واعتداء ، ولكني اليوم أكتشف شيئاً فريداً ، وابداعاً مبهراً امتلكني بطرحه وسرده وألوانه ، إنها لوحات الفن الحسيني ؛ التي ذرفت الدموع عندها ، كونها فناً وابداعاً لا مثيل له في عالمنا العربي والعالمي ) .   

                                                                              بقلم الفنان : حسن حمزة شاهر

 

المرفقات