الخطبة الدينية للشيخ عبد المهدي الكربلائي من الصحن الحسيني الشريف بتاريخ 15 محرم 1439 هـ الموافق 06 /10 /2017 م

النص الكامل للخطبة الاولى

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان اللعين الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي عَظم حتى امتنع عن العقول ان تتصوَّره وظهر حتى استحال على البصائر ان تنكره، وقهر حتى قام كل شيء به، واتجه كل كائن اليه ودل كل موجود عليه، وأشهد أن محمداً (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله شرَّف ببعثته البشر وأنار بشريعته الفكر وأتم بكتابه النظر، صلى الله عليه وعلى آله الأطياب الميامين.

أوصيكم عباد الله تعالى وقبل ذلك اوصي نفسي بتقوى الله تعالى فإنها الوصية العظمى التي أمركم بها ربكم وسببُ نجاتكم وسبيل فوزكم وحصنكم الآمن، واعلموا أنكم في أيام تفتح فيها ابواب السماء ويتجلى الله تعالى برحمته لمن يقيم مراسم العزاء، فاغتنموا فرصة ايامكم هذه واحيوها كما اوصى بها ائمتنا (عليهم السلام) بذكر سيرتهم وما جرى عليهم من مظالم وهتك للحرمات وسفك للدماء، واجعلوا ذلك وسيلة للتقرب اليهم بتقوى الله تعالى وطاعته والانتهاء عن معاصيه.

أيُّها الاخوة والاخوات ما زلنا في هذه الايام، ايام المصيبة والعزاء لسيد الشهداء ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) نودُّ التنبيه على مبدأ مهم من المبادئ الأساسية التي أكَّدَ عليها الائمة (عليهم السلام) في زيارتنا للإمام الحسين (عليه السلام) ونجد أن هناك اهتماماً وتركيزاً على مجموعة من المبادئ المهمة التي لها دور أساسي في حفظ الاسلام والدفاع عنه وترسيخ الإيمان بالقرآن الكريم والنَّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والائمة الاطهار (عليهم السلام) ومن جملة هذه المبادئ المهمة التي ورد التأكيد عليها في زيارة الامام الحسين (عليه السلام) مبدأ المولاة لله تعالى ولرسوله وللائمة الاطهار، والبراءة من اعدائهم.

كما أكَّد الأئمة (عليهم السلام) على جملة من الزيارات ومن هذه الزيارات زيارة عاشوراء، فحينما تقرؤون هذه الزيارة تجدون ان هناك تركيزاً وتكراراً لهذا المبدأ، وهو مبدأ قرآني.

انا سأذكر ابتداء في سبيل حثَّكم وتشجيعكم وترغيبكم لهذه الزيارة ويا ليت ان المؤمن الحسيني الصادق في حبه وتفجُّعه للإمام الحسين وهو يريد أن يعبِّر عن شدة الولاء والحب للإمام الحسين (عليه السلام) يزور الامام بهذه الزيارة في كل يوم من أيام السنة وليس في المناسبات فقط، أي ليس في يوم عاشوراء فقط أو في ليالي الجمع، ففيها الكثير من الآثار في الدُّنيا والآخرة، وهذا ما دعا اليه الائمة (عليهم السلام) كما ورد عن الامام الباقر والامام الصادق (عليهما السلام) تأكيدهم على شيعتهم بزيارة الامام الحسين (عليه السلام) حتى في دورهم وفي اي مكان يتواجد الموالي لهم، وستجدون ان شاء الله تعالى من الاثار في الدنيا قبل الاخرة ما يجعلكم في شوق ورغبة لها في كل يوم بحيث أنكم تستأنسون بهذه الزيارة وتستوحشون ان تركتموها في اي يوم من الايام.

لاحظوا ما ورد عن الامام الباقر (عليه السلام) لعلقمة وهو احد رواة زيارة عاشوراء، وله دعاء بعد الزيارة يعرف باسمه ، يقول الامام الباقر (عليه السلام) ان استطعت ان تزوره في كل يوم بهذه الزيارة في دارك فافعل، فيريد أن يبيِّن له أن الزيارة ليست محصورةً في مرقد الإمام فحسب، فان كنت في حضر او سفر او في اي حال من الاحوال، قم بزيارة الامام (عليه السلام) لما في ذلك من الفوائد، وكذلك قال الامام الصادق(عليه السلام) لصفوان الجمّال: يا صفوان كلما كانت لك حاجة عند الله توجه اليه تبارك وتعالى بقراءة هذه الزيارة، وفي أي مكان، وادعُ بهذا الدعاء -دعاء علقمة- ففيه الكثير من المطالب والحاجات للإنسان المؤمن، وسل حاجتك تأتيك من الله، فالإمام عليه السلام يعده بأن الله سيقضي له هذه الحاجة والله غير مخلف وعده ورسوله والحمد لله رب العالمين.

نأتي الان الى ما ذكرناه من هذا المبدأ المهم، لاحظوا في هذه الزيارة التكرار لهذا المبدأ، مبدأ المولاة بجملتها (واتقرب الى الله ثم اليكم بمولاتكم ومولاة وليِّكم وبالبراءة من اعدائكم والناصبين لكم الحرب وبالبراءة من اشياعهم واتباعهم، اني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم وولي لمن والاكم وعدو لمن عاداكم) وكذلك في عبارة اخرى (فأسأل الله الذي اكرمني بمعرفتكم ومعرفة اوليائكم ورزقني البراءة من اعدائكم ان يجعلني معكم في الدنيا والاخرة) هنا نلتفت الى نقطة مهمة وهي أن هذه الزيارات لاسيما زيارة عاشوراء تحتاج منا الى قراءة بتأمل و تدبّر وتفكّر في عباراتها.

هناك تلازم في هذه العبارات بين مبدأ الموالاة والبراءة، كأن الامام عليه السلام يقول: لا يكفي انك تحب الامام وانك تدافع عنه وعن قضيته وانك تناصره، فهذا كله يحتاج الى أمر يلازم هذه المحبة والوقوف مع الامام، وهو التبري من اعدائهم، والبغض لأعدائهم مقاطعة منهج اعداء الله تعالى وتبيانهم والوقوف بوجههم فهذان امران متلازمان، هل هناك انفكاك حاصل عن بعض المؤمنين؟ نعم، احيانا نجد انساناً مؤمناً عنده موالاة، لكن ليس عنده براءة؛ لأن البراءة من اعداء الله ومن الظالمين ومن الطواغيت أشد خطورة وصعوبة ففيها تضحيات اكبر، فلذلك يحصل انفكاك عند بعض المؤمنين بين الموالاة لأولياء الله والبراءة من أعدائهم.

أكد الائمة سلام الله عليهم هذه الملازمة، من أن الموالاة لأولياء الله مقترنة بالبراءة من أعدائهم فلا يكفي انك تحب الامام الحسين (عليه السلام) فحسب، فلا بد ان تبغض اعداء الله واعداء رسوله واعداء الامام الحسين عليه السلام وتتبرَّأ منهم.

نحتاج ان نعرف ما معنى التولي الصادق، فالكثير منا لديه نقص في فهم هذا المعنى، ولا يعرف المعنى الكامل والشامل له، لذلك لا يتجسد عنده، ولأسباب عديدة من جملتها عدم الوعي وعدم الفهم لمعنى التولي الذي اراده الائمة، هذا المبدأ القرآني الذي أكدَّت عليه الكثير من الآيات القرآنية ومنها: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) وفي نفس الوقت هناك آيات تدعو الى التبرؤ من اعداء الله كما في سورة المجادلة أية 22 (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) فلا يوجد انسان مؤمن يود و يحب ويقف مع عدو الله ورسوله حتى لو كان اباه أو ابنه أو من عشيرته، فمن يفعل ذلك فهو ليس بمؤمن، فقد تجد عند هؤلاء أفكارا ومواقف معادية لله ورسوله وللأئمة الطاهرين.

لاحظوا في الزيارة الجامعة يبين الامام عليه السلام اهمية الموالاة في حياتنا (بِمُوالاتِكُمْ عَلَّمَنَا اللهُ مَعالِمَ دِينِنا، وَاَصْلَحَ ما كانَ فَسَدَ مِنْ دُنْيانا، وَبِمُوالاتِكُمْ تَمَّتِ الْكَلِمَةُ، وَعَظُمَتِ النِّعْمَةُ، وَائْتَلَفَتِ الْفُرْقَةُ، وَبِمُوالاتِكُمْ تُقْبَلُ الطّاعَةُ الْمُفْتَرَضَةُ) اتضح لنا مدى اهمية هذه الموالاة والتبري، نأتي الان لنتعرف على مقومات الولاية، فهذه المقومات اربعة مقومات وهي (المحبة والموقف والنصرة واتباع المنهج) فان توفرت هذه المقومات حصلت الموالاة التي ارادها الله تعالى والائمة الاطهار، والتبري من الأعداء يكون بالعكس تماماً (بغض وخذلان ووقوف بوجههم وترك منهجهم) وعلينا ان نعرف من هم اعداء الله فليس دائما هم البشر، الشيطان ايضا هو عدو الله تعالى، وعلينا أن نعرف الآليات والوسائل التي يجب اتباعها لتحقيق هذا المبدأ الاسلامي، والولاية التي جسدها انصار الامام الحسين (عليه السلام) بكل مقوماتها الاساسية، فيحتاج الموالي الحقيقي الى فهم معنى الولاية لله تعالى ولأوليائه، والبعض يتصور ان مسألة التولي هي محبة بقوله: انني احب الله تعالى احب النبي صلى الله عليه وآله وسلم احب الائمة احب الامام الحسين عليه السلام فحسب، وهذا الفهم خاطئ، لأنه محتاج الى استيعاب وفهم معنى التولي بكل عناصره التي ذكرناها، الامر الثاني هو قوة الانتماء وقوة الايمان فأحيانا الانسان فاهم واعٍ لكن ليس لديه قوة ايمان لهذا المبدأ لذلك لا يجسده، الامر الثالث هو صدق الانتماء والتعبير عن هذا الانتماء بالسلوك العملي.

نأتي الان لمعرفة المحبة ثم بعد ذلك الموقف ثم النصرة والدفاع ثم الاتباع، هذا الذي نستكشفه من خلال الاحاديث الذي بينت معنى التولي :

أولا: المحبة للائمة سلام الله عليهم المحبة الصادقة نابعة من اعماق القلب، فأحيانا يحب الانسان من حوله اكثر من الامام، يحب والديه يحب زوجته يحب ابناءه يحب المال يحب الشخصية الفلانية يحب العشيرة، ويتجسد ذلك في سلوك العمل، فالحب الحقيقي الصادق هو ان تحب اولياء الله أكثر من غيرهم مهما كان غيرهم قريباً منك وصاحب فضل عليك وله دور في حياتك، هذا الحب الحقيقي النابع من معرفة الله تعالى ومعرفة مقام النبي صلى الله عليه واله معرفة مقام الامام الحسين عليه السلام ومرتبته ومنزلته عند الله تعالى، كيف ان الامام عليه السلام بمنهجه يأخذ بأيدينا الى السعادة والراحة والكمال في الدنيا والاخرة؟ فعند فهم هذه المقامات والمنزلة ومعرفتها يتولد لدينا الحب الشديد الذي يوصلنا الى بقية المراتب.

الأمر الثاني: الموقف عندما أحب الامام لابد ان يكون عندي موقف لكي اكون مع الامام وانصر الامام وادافع عن مبادئ الامام وفي كل زمان ومكان، هناك مبادئ هناك افكار، هناك ثقافات، هناك عادات، هناك تقاليد، هناك منهج يمثل امتداداً لمنهج الامام الحسين عليه السلام ان كان لي موقف عملي مع هذه المبادئ والثقافات حينئذ اكون قد جسدت المحبة الحقيقية والأمر الآخر هو ان ابدي استعدادي للإمام في موقفه في جهاده في دفاعه في نصرته للحق.

الامر الثالث: وهو النصرة والدفاع ان احول هذا الموقف الى نصرة ودفاع عن هذه المبادئ حتى وان تطلب ذلك التضحية ببعض الامور الدنيوية او التضحية بالتعرّض للسجن او التنكيل او التشريد او التجويع او القتل أو غير ذلك من الامور، يجب ان يتحول الموقف الى نصرة ودفاع، وبمعنى اخر اقول للإمام: ايها الامام الحسين انا على استعداد للعطاء وللتضحية وللبذل في سبيل ان ادافع عن هذه المبادئ وادافع عن الاسلام ونظم الاسلام.

الامر الرابع: المهم وهو الاتباع للمنهج، فكثيرا ما أكّد الائمة عليهم السلام على هذه المسألة وبينوا أن التولي لله تعالى وللأولياء وللإمام الحسين عليه السلام لا يكون في الادعاء فحسب، أي ان تدعي انت ايها المؤمن ايها الشيعي وتقول انا شيعي باللسان، وانما يحتاج الى اتباع المنهج ويبين الامام عليه السلام ان التولي الحقيقي انما يكون باتباع منهج الائمة سلام الله عليهم كما في هذه الاحاديث، نذكر بعضا من هذه الاحاديث الذي سبق ان ذكرنا أن الأئمة عليهم السلام كثير ما يؤكدون لأصحابهم ويسألونهم احيانا يقولون: كيف احوال الشيعة؟ ماهي صفاتهم؟ فأحيانا يأتون الشيعة من مختلف الامصار والمناطق كالكوفة من بلدان اخرى ويسألونهم عن بعض الصفات هل تتوفر هذه الصفات لدى قومكم؟ احيانا يجيبون بـ(لا)، يقولون أن هؤلاء ليسوا بشيعة.

هناك احاديث كثيرة تبين ما معنى التشيع الصادق لنأخذ وصية الامام الباقر لجابر الجعفي يقول عليه السلام (يا جابر أيكتفي من انتحل التشيع او اتخذ التشيع ان يقول بحبنا اهل البيت؟) لاحظوا اخواني هل الحب لوحده يكفي لبلوغ مقام التشيع؟ لان التشيع مرتبة ومقام عظيم، عندنا حب، عندنا مولاة عندنا تشيع، ثم يبين الامام عليه السلام ويمهد لبيانه بالقسم ويقسم بالله تعالى بقوله (فو الله ما شيعتنا الا من اتقى الله واطاعه) ثم يذكر مجموعة من الصفات ثم يبين هذا المعنى الذي نريد الوصول اليه وهو موضوع الشاهد، يريد الامام أن يقول: يتوهم من يفكك بين الحب وبين الاتباع بالوصول الى الموالاة والتشيع الموالاة الحقيقية والصادقة والتشيع الحقيقي والصادق له امران متلازمان لا ينفك الثاني عن الاول (حب واتباع) ليس بشيعي وليس بموال صادق من كان حبه ينفك عن الاتباع، فيقول الامام عليه السلام (من كان لله مطيعاً فهو لنا وليٌّ، ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو) ويقول: (يا جَابِرُ لا تَذْهَبَنَّ بِكَ الْمَذَاهِبُ، حَسْبُ الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ أُحِبُّ عَلِيّاً وَأَتَوَلاهُ، ثُمَّ لَا يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ فَعَّالاً، فَلَوْ قَالَ إِنِّي أُحِبُّ رَسُولَ اللَّهِ، فَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ(ع)، ثُمَّ لا يَتَّبِعُ سِيرَتَهُ وَلا يَعْمَلُ بِسُنَّتِهِ، مَا نَفَعَهُ حُبُّهُ إِيَّاهُ شَيْئاً. فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْمَلُوا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ، لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ أَحَدٍ قَرَابَة. أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَكْرَمُهُمْ عَلَيْهِ أَتْقَاهُمْ وَأَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِهِ .يَا جَابِرُ، وَاللَّهِ مَا يُتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَّا بِالطَّاعَةِ، وَمَا مَعَنَا بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَلَا عَلَى اللَّهِ لِأَحَدٍ مِنْ حُجَّةٍ .مَنْ كَانَ لِلَّهِ مُطِيعاً، فَهُوَ لَنَا وَلِيٌّ، وَمَنْ كَانَ لِلَّهِ عَاصِياً، فَهُوَ لَنَا عَدُوٌّ وَمَا تُنَالُ وَلَايَتُنَا إِلَّا بِالْعَمَلِ وَالْوَرَعِ)، يبين الإمام عليه  السلام أن البعض يدعي الحب باللسان ويقول هذا لا يكفي، انما ولايتنا تنال بالحب اولا الذي يستتبعه العمل بسيرتنا ونهجنا والورع عن محارم الله تعالى والكف عن معاصيه، وفي حديث عن الامام الصادق عليه السلام يبيّن ايضا هذا المعنى ( ليس من شيعتنا من وافقنا بلسانه وخالفنا في اعمالنا واثارنا، فشيعتنا من وافقنا بلسانه وقلبه واتبع اثارنا وعمل بأعمالنا أولئك من شيعتنا) ، وروي ان رجلا جاء للإمام الصادق  عليه السلام وقال: جعلت فداك ان الشيعة عندنا كثيرون، جاء هذا الرجل من بلد من البلدان ويريد أن يفرح الامام بقوله هذا، فالإمام اراد أن ينبهه على معنى التشيع الصحيح ومواصفات الشيعة الصادقة الحقيقية، وما معنى أن الشيعة كثيرون، وهل الحال كما تقول؟ فسأله: هل يعطف الغني على الفقير؟ وهل يتجاوز المحسن عن المسيء؟ ويتواسون؟ وهن ثلاث صفات لا غير عطف الغني على الفقير والمحسن يتجاوز عن المسيء ويعفو عن من أخطأ بحقه ويعفو عنه مواساة فيما بينهم بالمال وغير ذلك، هل لديهم هذه الصفات الثلاث؟ قال: لا، لا توجد هذه الصفات لديهم، فقال الامام عليه السلام –لاحظوا الجواب- ليس هؤلاء بشيعة، فهؤلاء مجرد محبين لاغير، فالامام نبهه على صفات الشيعة الحقيقية.

الائمة سلام الله عليهم نبهوا على ان التولي هذا الذي نردده وندعيه لابد ان يكون فيه هذه الامور الاربعة الاساسية التي ذكرناها سابقاً المحبة ثم اتخاذ الموقف وترجمة المحبة الى موقف النصرة والدفاع عن مبادئ الامام الحسين عليه السلام ثم الاتباع لنهجهم بطاعة الله تعالى واجتناب معاصيه حينئذٍ ان جمعنا هذه المقومات الاربعة اصبحت موالاتنا حقيقية.

في الختام اوصيكم اخواني اخواتي بزيارة عاشوراء كما أوصى بذلك الامام الباقر والامام الصادق (عليهما السلام) فهي لا تكلفنا كثيرا من وقت وجهد في مقابل أمور أخرى ضرورية من مأكل وغيره، فضلا عن أمور غير ضرورية تصل الى درجة التفاهة نحن لاهون بها لدرجة انها تأخذ الكثير من وقتنا اليومي.

اقرؤوا هذه الزيارة امتثالاً لتوصية الامام عليه السلام لكي تعيشوا مع الامام سلام الله عليه مصيبته وتعيشوا معه مبادئه ولتتواصلوا معه من خلال هذه الزيارة وفي اي مكان وزمان، ستجدون ان شاء الله تعالى اثارها في الدنيا فضلاً عن الاثار العظيمة في القبر وفي الاخرة.

بسم الله الرحمن الرحيم (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (1) اللهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ )

المرفقات