الخطبة الدينية للشيخ عبد المهدي الكربلائي من الصحن الحسيني الشريف بتاريخ 16 ذو الحجة 1438 هـ الموافق 08/09/2017 م

النص الكامل للخطبة الاولى

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله خالق الأشياء بحكمته، والدالّ بحدوثها على أزليّته، بارئ الموجودات على غير مثال، ومرشدها الى سبل الاستكمال، مؤتي النفس هُداها، وملهمها فجورها وتقواها، والحمد لله الذي جعلنا من المتمسّكين بولاية سيّدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)، فأكمل لنا بها الدين، وأتمّ علينا بها النعمة، ورضي لنا الإسلام بها ديناً، وأشهد أن لا إله إلا الله عالم السرّ ووليّ الأمر وأشهد أنّ محمداً(صلى الله عليه وآله) عبده ورضيّه ورسوله ونجيّه، اختاره ليختم به رسالته صلى الله عليه وآله أبواب الإيمان وأمناء الرحمن وتراجمة القرآن.. أوصيكم عباد الله تعالى وقبل ذلك أوصي نفسي بتقوى الله تعالى، واحمدوه على ما هداكم له من معرفته وأمدّكم به من توفيقه، وأوضح لكم من طريقه، وأخلصوا في العقيدة وأخلصوا في العمل، فإن الله تعالى لا يقبل من عباده إلا الإخلاص، واحذروا أن يغلبكم الشيطان بجنوده، واستعيذوا به من نزعات الشيطان الرجيم إنه رحيم بمن دعاه.

أيّها الإخوة والأخوات تمرّ علينا في الأسبوع القادم -أسبوع الولاية والإمامة- ذكرى أحداثٍ إسلامية مهمّة، لها مدخليّة في التأسيس لمسألة عقائديّة وجوهريّة مهمّة في حياتنا، حيث أنّه في الثامن عشر من ذي الحجّة الحرام تمرّ علينا ذكرى عيد الغدير، وفي الرابع والعشرين منه ذكرى المباهلة وفي الخامس والعشرين منه ذكرى نزول سورة (هل أتى على الإنسان حينٌ من الدهر)، هذه الأحداث المهمّة ليس من الصحيح أن نمرّ عليها مرور الكرام وأن نقرأها قراءة سطحيّة عابرة، بل لابدّ لكلّ مؤمن أن يكون له وعي وبصيرة بمداليلها ومضامينها، لأنها ليست أحداثاً تاريخية مرّت وإنما هي أحداث –كما بيّنّا- لها مدخليّة في التأسيس لمسألة عقائدية مهمّة، ليست مرتبطة بالماضي بل مرتبطة بحياتنا في الحاضر والمستقبل، ولها مدخليّة في التأسيس للحياة الإلهية الصحيحة في الدنيا ونتائجها في الآخرة، وأذكر أربع نقاط حتى أصل الى صلب الموضوع، حيث أن مسألة معرفة الإمام لها مدخليّة أساسية وارتباط بالعقيدة الحقّة، ثانياً أنه (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية)، حيث أنّ الأئمّة ومعرفتهم يُسأل عنها الإنسان في أوّل نزوله للقبر، وكذلك المعطيات الدنيوية والأخروية المترتبة على زيارة الأئمّة(عليهم السلام)، فزيارة المعصومين(عليهم السلام) مرتبطة بمعرفة الإمام وحقّ الإمام علينا.

تقرأون أيّها الإخوة والأخوات في كثير من الروايات (من زاره عارفاً بحقّه...) مثلاً (...أُوجبت له الجنّة)، وكذلك بقيّة الثمار في الدنيا والآخرة، كثير من الروايات تقيّد الحصول على هذه الثمار في الدنيا والآخرة بمعرفة الإمام، هنا نأتي حيث أن هذه الأحداث -عيد الغدير وحادثة المباهلة وحادثة نزول سورة (هل أتى) وفيمن نزلت في شأنهم- أحداث أساسيّة لها علاقة بمسألة معرفة الإمام ومسألة الإمامة والولاية التي هي مسألة جوهرية وأساسية، لذلك ينبغي علينا أن تكون لدينا دراسة ووعي وبصيرة بهذه الأحداث والمناسبات، بحيث من خلالها ومن خلال هذا الوعي والبصيرة ننطلق للوصول الى معرفة الإمام وحقّ الإمام علينا، حتى نصل الى صدق الولاية وصدق التشيّع لدينا، كما في بعض الروايات هناك تشيّع صادق وموالاة صادقة وتشيّع كاذب وموالاة كاذبة، فمن أجل أن نصل الى هذه الأمور لابد أن نقف عند هذه الأحداث وندرسها ونقرأها بتأمّل، ولا نمرّ عليها مروراً عابراً سطحيّاً، والأئمة(سلام الله عليهم) ندبونا الى بعض الأعمال، طبعاً الأئمّة وشيعتهم على مرّ التاريخ احتفوا احتفاءً كبيراً بهذه المناسبات، ونحن اقتداءً بهم علينا أن نحتفي بهذه المناسبات كاحتفائهم واهتمامهم، التفتوا إخواني.. من أهمّ مظاهر الاحتفاء بهذه المناسبات هي زيارة أمير المؤمنين(عليه السلام) لأنّ حادثة الغدير له، وهي تنصيبه من قبل النبيّ(صلى الله عليه وآله) إماماً وهادياً ووليّاً للمؤمنين، فزيارة أمير المؤمنين(عليه السلام) في هذا اليوم -يوم الغدير- وردت فيها عدّة زيارات، ولكن أهمّها وأشهرها الزيارة المرويّة عن الإمام الهادي(عليه السلام) حينما زار أمير المؤمنين هذه الزيارة، وحينما نزور أمير المؤمنين علينا أن نستذكر مجموعة من الأمور وننتبه ونلتفت اليها.

أوّلها طبعاً تعلمون إخواني من جملة الأمور المهمّة في الزيارة هي أن نجدّد العهد والبيعة مع الإمام صاحب الزيارة، في أننا نستمرّ على نهجه وتطبيق مبادئه، مسألة مهمّة أننا حينما نزور الإمام نذكّر بما كان عليه الإمام المعصوم من مواقفه ومآثره وفضائله، وأيضاً هذه الزيارة تعبيرٌ عن تجديد العهد منّا والبيعة للإمام على أننا سائرون على نهجك وسائرون على مبادئك في هذه الحياة، وهذا يتطلب أننا حينما نقرأ عبارات الزيارة نقرأها بتفكّر وتمعّن ونقف عند الكثير من مضامينها، في يوم الغدير هذه الزيارة التي ستزورون بها إن شاء الله هذه الزيارة المرويّة من أشهر الزيارات وهي الزيارة المرويّة عن الإمام الهادي(عليه السلام)، نقف عند بعض مقاطعها –التفتوا-، زيارة الإمام المعصوم ليست زيارة لشخص عادي أو شخص آخر غير المعصوم، وإنّما هي في جملة مفاصلها تذكير بالفضائل والمناقب والدور الذي اضطلع به الإمام في الدفاع عن الإسلام وحفظ الإسلام ورفع راية الإسلام وصيانة الإسلام من الضلال والتحريف، في هذه الزيارة هناك مقاطع كثيرة تذكّرنا بفضائل ومناقب الإمام(عليه السلام) وتذكّرنا بما يجب علينا أن نقتدي به من سيرة أمير المؤمنين(عليه السلام)، كما سأذكر في هذا المقطع من هذه المقاطع شيئين، حينما تقرأون مثل هذه المقاطع التفتوا الى شيئين:

أوّلاً تذكير النفس بمقام الإمام وفضائله ومآثره ودوره في الإسلام، وثانياً تذكير أنفسنا بالإمام ومبادئه وسيرته حتى نقتدي به ونلتزم بهذه المبادئ، ففي مقطع من هذه المقاطع يقرّ الزائر بهذه المناقب والمآثر والفضائل للإمام (وأشهد أنك لم تزل للهوى مخالفاً...) لم يبتدئ مباشرة بذكر الصفات وإنّما هو إقرار من الزائر واعتراف من الزائر حتى يعرف مقام الإمامة بصفات الإمام هذه، ويذكّر نفسه بهذه الصفات حتى يقتدي به لاتّباع هذه الصفات، (وأشهد أنك لم تزل للهوى مخالفاً، وللتقى محالفاً، وعلى كظم الغيظ قادراً، وعن الناس عافياً غافراً، وإذا عُصي الله ساخطاً، وإذا أُطيع الله راضياً، وبما عَهد اليك عاملاً، راعياً لما استُحفظت، حافظاً لما استودعت، مبلّغاً ما حُمّلت، منتظراً ما وُعدت...) هذا ذكرٌ لصفات الإمام(عليه السلام) التي نال بها هذا المقام، كيف صار التنصيب الإلهي للإمام؟ ليس اعتباطاً إنما كانت هناك صفات ومؤهّلات جعلت الإمام يستحقّ هذا المقام، وهي المبادئ السامية التي نادى بها النبيّ(صلى الله عليه وآله)، فيقول: (وأشهد أنك لم تزل للهوى مخالفاً) مخالفة الهوى من المقوّمات الأساسية والجوهرية في شخصيّة الإنسان المؤمن فضلاً عن شخصية القائد في الإسلام، لذلك كان النبيّ(صلى الله عليه وآله) أشدّ ما يخاف على أمته –لاحظوا- أشد ما يخاف على أمته وعلى الإسلام والمسلمين من خصلتين، (أشدّ ما أخاف على أمتي اتّباع الهوى وطول الأمل)، أمير المؤمنين(عليه السلام) منذ أول حياته الى يوم استشهاده، كان في كلّ مفاصل حياته مخالفاً لهوى نفسه وهناك شواهد كثيرة تدلّ على ذلك.

(وللتقى محالفاً) نذكر هنا زهده في الدنيا ومخالفته للهوى، كثير من الأحاديث التي وردت عن أمير المؤمنين(عليه السلام) تبيّن هذا المقام وهذه الصفات التي أهّلته لكي ينال هذا المقام، (ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه وطُعمه بقرصيه، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني..) أي لا تقدرون على بلوغ هذا المقام (..ولكن أعينوني بورعٍ واجتهاد، وعفّة وسداد..) هذه مخالفة الهوى والزهد في الدنيا (..فو الله ما كنزت من دنياكم تبراً، ولا ادّخرت من غنائمها وفراً، ولا أعددت لبالي ثوبي طمراً)، ثم يقول: (وللتقى مخالفاً) لاحظوا بلوغ القمّة في طاعة الله تعالى، كيف يصف الإمام(سلام الله عليه) في مسألة طاعة الله تعالى وعدم الاقتراب من معصيته وإن كانت صغيرة جداً، حتى أنه فيما رُوي عنه (عليه السلام) لا يعصي الله تعالى في نملة يسلبها جلب شعيرة، هذا الطعام الصغير للنملة لا يسلبه منها فيقول: (والله لو أُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله...) الدنيا كلّها لو تُعطى لأمير المؤمنين على أن يعصي الله بمعصية صغيرة جدّاً ما فعل ذلك، (...على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته، وإنّ دنياكم عندي..) لاحظوا قيمة الدنيا وقيمة الرئاسة والمناصب عند أمير المؤمنين(عليه السلام) (..وإن دنياكم عندي لأهون من ورقةٍ في فم جرادة تقضمها، ما لعليٍّ ولنعيمٍ يفنى ولذّة لا تبقى).

ثمّ يبيّن (سلام الله عليه) أنه ما دعانا الى طاعة إلّا وسبقنا اليها، وما نهانا عن معصية إلّا وسبقنا في الانتهاء عنها، هذا القدوة الذي يدعو الى الطاعة هو الأوّل وهو السابق في الطاعة، والذي ينهى عن المعصية هو السابق في الانتهاء عن المعصية من شدّة تقواه وورعه عن المحارم، (أيّها الناس والله ما أحثّكم على طاعة إلّا وأسبقكم إليها، ولا أنهاكم عن معصية إلّا وأتناهى قبلكم عنها)، ثم نذكر بقية الصفات التي بيّنت منزلة ومناقب أمير المؤمنين(عليه السلام) ونتوقّف عندها في القراءة، ونذكّر أنفسنا هل أننا نخالف هوانا حينئذٍ نكون من الشيعة حقّاً ومن الموالين حقّاً، إن كانت التقوى حليفنا كنّا من الشيعة حقّاً، وإن كنّا قادرين على كظم الغيظ والسيطرة على الانفعالات والعفو عن المسيء كنّا من شيعة أمير المؤمنين(عليه السلام)، نذكّر أنفسنا بهذه المبادئ لقدوتنا وأسوتنا وإمامنا الذي يجب اتّباعه، تذكير النفس بهذه الصفات حتى نتّبع الإمام ونطبّقها في حياتنا فلعلّ الكثير منا هجر هذه المبادئ وتركها لأسباب عديدة، فتأتي هذه المناسبة التي تذكّره بها.

أيضاً من الأمور التي أُلفت نظر الإخوة لما ينبغي فعله يوم الغدير هي المؤاخاة في الله، هذا فعلٌ فيه الكثير من المعطيات الدنيويّة والأخرويّة، منها لفت النظر الى ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن في علاقاته مع الآخرين وفي أخلاقه مع الآخرين، وما ينبغي أن يكون عليه المؤمنون في علاقة التعامل فيما بينهم من التوادد والتحابب والتآخي والابتعاد عن الإحن والتباغض والتناحر والتهاجر والتدابر، هناك ممارسة دعانا اليها الأئمة(عليهم السلام) هي مسألة المؤاخاة في الله، كثير منّا لم يرتقِ الى مستوى الموالاة الحقيقية والتشيّع لأمير المؤمنين(عليه السلام)، كثير منّا يحمل في قلبه مشاعر وعواطف نهى عنها الأئمة(عليهم السلام) وقالوا إنها تتنافى مع صدق الموالاة والتشيّع لأهل البيت(عليهم السلام) مثل التقاطع والتهاجر والتدابر والإحن والأحقاد والحساسية والفجوة بين المؤمنين، فيأتي مثل هذا اليوم ليذكّر بما ينبغي أن يكون عليه المؤمنون في توادّهم وتصافيهم في علاقاتهم، وينبغي أن تكون علاقة الأخوّة هي جزء من دائرة الموالاة، بمعنى آخر إخواني المؤمنون كلّهم في دائرة هي دائرة الموالاة، البعض أحياناً يخرج من دائرة الموالاة لأسباب فعليه أن يعود، الإحن والأحقاد والبغضاء والتقاطع خروج عن هذه الدائرة، الدخول اليها والحفاظ على أن يكون في ضمن دائرة الموالاة والتشيّع لأمير المؤمنين(عليه السلام) أن يحافظ على علاقة الأخوّة والمودّة، الحياة مليئة بالمشاكل والنزاعات والاختلافات التي تؤدّي الى الإحن والأحقاد والتناحر والهجران، الأئمة المعصومون(عليهم السلام) يريدون من أتباعهم ومواليهم أن تكون دائماً علاقة الأخوّة هي العلاقة السائدة فيما بينهم، تأتي أيّام يتوجّه فيها الإنسان في هذه المناسبات لاستشعار صدق الولاء لأهل البيت(عليهم السلام)، كيف؟ ليست الموالاة أن أردّد على لساني أن عليّاً وليّ الله أو أنني موالٍ وأنني شيعيّ، ليست الموالاة والتشيّع الحقيقيّ عبارات وشعارات تُردّد على الألسن وتُكتب على اللافتات، ليست كذلك!! إنما الموالاة الحقيقية هي عمل وسلوك ومشاعر صادقة في المحبّة، فتأتي مثل هذه الأيام لكي يعود الإنسان الى دائرة الولاية التي خرج منها في يوم من الأيام بسبب مشكلة أو نزاع أو خلاف مع أخيه المؤمن، المؤاخاة ممّا ينبغي أن يُفعل في مثل هذا اليوم أن يأتي المؤمن خصوصاً –إخواني- من كانت بينكم وبينه عداوة وقطيعة وهجران وتحسّس وفجوة، لكي تكون أنت السابق له الى الجنّة تدعوه الى هذه المؤاخاة، وتضع يدك -التفتُوا الى المعاني التي يُراد من هذه المؤاخاة- تضع يدك اليمنى على يده اليمنى وتقول: آخيتك في الله وصافيتك في الله، ثم تعاهده وتعاهد الله والملائكة والأنبياء والرسل على أنك إن دخلت الى الجنّة فلا تدخل إلّا وهو معك، يُراد من ذلك هو أن يحمل الإنسان شعور المحبّة الحقيقية الصادقة الى أخيه المؤمن، وأن لا يرضى لنفسه سعادةً ونعيماً إلّا وأراد إشراك أخيه المؤمن في هذه السعادة والنعيم، عهدٌ يعاهده إذا سبقه الى الجنة يقف عند باب الجنّة ويقول: إلهي لا أدخل الى أن يأتي أخي المؤمن، ربما عليه حساب أو عليه عقاب، فلا أدخل الى الجنة إلّا وأخي معي. هذه أمور يراد منها إظهار وإبراز وتفعيل مشاعر الاحترام والمحبّة والمودّة مع بقية الإخوة المؤمنين.

هذه مرحلة من مشاعر المحبّة بدلاً من مشاعر البغض والحقد والعداوة والحسد ضد إخوانه المؤمنين، ثمّ مرحلة أخرى وهي مرحلة العفو عن الإساءة والعفو عن التجاوز وإسقاط الحقوق، ربّما هذا أخي تجاوز عليّ أو له عليّ حقوق، في هذه المؤاخاة أُسقط عنه هذه الحقوق لأُعبّر عن كرم أخلاقي، تارةً الكرم بالمال وتارةً بالأخلاق، أعبّر عن سموّ أخلاقي وكرم أخلاقي كما كان عليه أمير المؤمنين(عليه السلام) والأئمة الأطهار في عفوهم عن أعدائهم لا للموالين لهم فقط، ثم يقول: أسقطت عنك جميع حقوق الأخوّة، حقوق كثيرة قصّر فيها أخي المؤمن وتجاوز عليّ أسقط هذه الحقوق عدا حقّ الدعاء والشفاعة والزيارة، هذه مسألة مهمّة لتقوية أواصر الأخوّة، وعلينا أن نلتفت الى هذه الممارسات التي تجعلنا من الصادقين في ولائنا وتشيّعنا للأئمة الأطهار(عليهم السلام).

أيضاً من الأمور المهمّة التي ينبغي الالتفات اليها ونبّهنا عليها الأئمّة(عليهم السلام) هذا الحديث الذي نذكره دائماً للإمام الباقر(عليه السلام) الذي يقول فيه لجابر الجعفي: (يا جابر أيكتفي لمن اتّخذ التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت؟...) تعبيرٌ دقيق! هل يكفي في صدق التشيّع مجرّد المقولة أو مجرّد أن أقول وأردّد بلساني أنني من شيعة أهل البيت(عليهم السلام)؟ ومن الموالين لأمير المؤمنين(عليه السلام)؟ هل هذا فيه كفاية لصدق التشيّع؟! الإمام يقول: لا.. إذا أردت أن تكون صادقاً في موالاتك لنا لابدّ من مجموعة من الصفات، إذا لم تتحلَّ بها فأنت كاذب في دعواك، ويذكر الإمام(عليه السلام): (فوالله) وهو قسم! لماذا المعصوم يقسم؟ لكي يؤكّد على هذه المضامين وأن اتّباعها هو الذي يُعطي صدق التشيّع والموالاة لا مجرّد القول باللسان (...فوالله ما شيعتنا إلّا من اتّقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون إلاّ بالتواضع، والتخشّع، وأداء الأمانة، وكثرة ذكر الله، والصوم والصلاة، والبرّ بالوالدين، والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكفّ الألسن عن الناس إلاّ من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء) هذه عبارة أيضاً دقيقة يعني في عشيرته أو في محلّته عُرف واشتُهر أنّه يا ناس إذا أردتم أن تضعوا أماناتكم وتحفظوها اذهبوا الى فلان، فلا يكفي ذلك الحب والدعوة الى الإنسان، فلو قال: إني أحبّ الرسول ثم لا يتّبع سيرته ولا يعمل في سنّته ما نفعه حبّه إيّاه، فإنّ أحب العباد الى الله عزّ وجلّ وأقربهم اليه أتقاهم وأعملهم بطاعته.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا لاتّباعهم ومحبّتهم والتشيّع لهم كما أحبّوه وأرادوه إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيّبين الطاهرين.

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات