عند صبيحة اليوم الثامن عشر من ذي الحجة الحرام وفي العام العاشر من الهجرة النبوية وعند رجوع المصطفى من حجة الوداع إلى المدينة المنورة، أمر صلوات الله عليه وآله بالتوقّف عن المسير وأن يردّ من تقدّم من القوم ويبقي من تأخّر منهم في ذلك المكان، فنزل (صلى الله عليه وآله) والمسلمون من حوله، فأمر بتجمع الناس من حوله وجمع الرحال ووضع بعضها فوق بعض.
ثم أمر صلى الله عليه وآله مناديه فنادى في الناس: الصلاة جامعة، فاجتمعوا إليه وإن الرجل منهم ليضع بعض ردائه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدّة الحرّ.
ارتقى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منبرا من الرحال وأحداج الابل، وخطب فيهم خطبة عظيمة بيّن فيها فضل الإمام علي ومقامه في الأمة، ثم قال:
معاشر الناس! ألست أولى بكم من أنفسكم؟
قالوا: بلى.
قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه.
فاعلموا معاشر الناس، أن الله قد نصبّه لكم ولياً وإماماً مفترضاً طاعته على المهاجرين والأنصار، وعلى التابعين لهم بإحسان، وعلى البادي والحاضر وعلى الأعجمي والعربي، والحر والمملوك، وعلى كل موحّد. معاشر الناس، إنه آخر مقام أقومه في هذا المشهد، فاسمعوا وأطيعوا، وانقادوا لأمر ربّكم، فإنّ الله هو مولاكم وإلهكم، ثم من بعده رسوله محمّد وليّكم القائم المخاطب لكم، ثم من بعدي علي وليّكم وإمامكم بأمر ربّكم، ثم الإمامة في ذرّيتي من ولده إلى يوم تلقون الله ورسوله، لا حلال إلاّ ما أحلّه الله، ولا حرام إلاّ ما حرّمه الله، عرّفني الله الحلال والحرام وأنا أفضيت ما علّمني ربّي من كتابه وحلاله وحرامه إليه ـ إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
ثم رفع يده نحو السماء ودعا له ولمن ينصره ويتولاه فقال:
( اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ).
ثم نزل رسول الله وكان وقت الظهيرة فصلّى ركعتين ثمّ زالت الشمس، فأذّن مؤذّنه لصلاة الظهر فلما أتم الصلاة أمر صلوات الله تعالى عليه فنصبوا خيمة وأجلس أمير المؤمنين فيها وأمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً يهنّئوه بالولاية ويسلّموا عليه بإمرة المؤمنين ويبايعوه على ذلك، ففعلوا ما أُمروا وهم يقولون له: بخّ بخّ لك يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة .
هنيئاً لنا ولكم هذا العيد الاغر .. والحمد لله والشُّكر له على إكماله لدينه وإتمامه لنعمته.. وجعلنا الله وإياكم من المتمسِّكين والثَّابتين على ولايته وولاية المعصومين من ولده عليهم السَّلام ورزقنا وإياكم شفاعتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون .
اعداد : سامر قحطان القيسي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق