إن النهضة الحسينية ذات وجوه عديدة , ولها عدة جوانب وأبعاد , ومن وجوه هذه النهضة وثمراتها تلك الزيارة العظيمة التي ما انفكت تتعاظم وتكبر في عيون الشامتين قبل العاشقين , ومن الممكن جدا اعتبار تلك الزيارة عنصرا تبليغيا , فهي رسالة واضحة الى العالم , وطريق لإيصال رسالة الإسلام في العصر الحديث , حيث تحمل آلاف الرسائل والدعوات الموجهة الى آلاف المراكز والنواحي , ففي زمان التكنولوجيا والثورات الإعلامية المتواصلة , بدت مشاهد الزيارة الأربعينية متلألئة في التلفزيونات والقنوات العالمية , التي نقلت مشاهد مؤثرة تضع المشاهد من جميع أطياف المجتمع أمام تساؤل كبير , فما الذي يجعل هذه الجموع المليونية تزحف بهذا الإصرار نحو قبلة الأحرار والثائرين ؟ فيأتي الجواب مدويا انه الحسين وعظمة التضحية التي قدمها . ومن المعلوم إن هناك أربعة شروط لنجاح أي عملية تبليغية ( والمفروض هنا إن زيارة الأربعين مطلب تبليغي ) وهذه الشروط هي : 1-غنى واقتدار مضمون تلك العملية من جميع الجوانب , فان فظاعة فاجعة الطف حققت الأرضية الصالحة لاستثمارها لصالح المذهب الحق , وذلك برثاء سيد الشهداء واستذكاره في جميع المناسبات والزيارات ولاسيما زيارة الأربعين التي تحتفظ بوهج خاص لدى الموالين . وبعبارة أخرى إن رسالة الحسين تحتوي على قوة الجذب الكافية للعقل والقلب , وقدرتها على حل المشاكل , والقضايا المستعملة في الحياة. ونحن لا نقول إن الزيارة الأربعينية . تقوم بهذه الأدوار والمهمات لوحدها ، مبتورة عن باقي الأجزاء المكملة للنهضة الحسينية لكنها قطعا جزء مهم من باقي أجزاء النهضة الحسينية , والتي هي بدورها تتوفر بها كل تلك المميزات قطعا . 2-حيازة الإمكانات اللازمة , من وسائل وأدوات ووسائط الدعاية الحضارية , مع الأخذ بعين الاعتبار الشروط والظروف الاجتماعية المحيطة , وهذه النقطة قد يكون من السهل تحقيقها خاصة وان الأموال التي تنفق في سبيل ذلك من الكثرة بحدّ يلفت النظر , وبالخصوص في أربعينية الإمام ع سواء أكانت تلك الأموال على شكل مشاريع ثابتة – كالحسينيات والأوقاف العامة ونحوها – أم نفقات مصروفة لسد الحاجيات المتجددة كالإطعام , والاستضافة ومكافآت الخطباء والذاكرين وغيرها . 3- توفر الصلاحية الفنية والأخلاقية للمبلغ , ويمكن اعتبار الزائر هنا مطلقا عنصرا تبليغيا فاعلا لابد له من التحلي بتلك الصفات المذكورة. 4-استخدام منهج التبليغ واستغلال الأدمغة المفكرة التي تجعل من تلك الشعيرة , عنصرا تبليغيا قادرا على إيصال الرسالة التي كان لأجلها خروج الإمام والتضحية بنفسه الزكية . ان زيارة الأربعين بوصفها عنصرا تبليغيا قد أسهمت إسهاما كبيرا في نقل الصورة الايجابية عن أهل البيت ع عن طريق تلك المسيرات المليونية وما يرافقها من ذكر مآثر أهل البيت عليهم السلام وتضحياتهم في سبيل نصرة الإسلام , بما يتناسب وفهم المخاطبين من أتباع بيت النبوة , وحتى غير الأتباع ممن يتعاطف مع نهضة الحسين وخلودها . لقد أثبتت الأيام السابقة إن زيارة بحجم زيارة الأربعين عصية على الاندثار لأنها تجسيد لاستمرارية منهج الإمام الحسين وأهداف ثورته , فلاغرو إن قلنا إن هذه الزيارة اخذ يتسع ويشع نور ثوريتها الخلاقة , وهذا ما يدعونا إلى حث الجهات الرسمية والشعبية بكل فئاتها على اعتبار تلك المناسبة رمزا صالحا لتفعيل المنهج الرسالي وأهداف الحسين الخالدة التي هي أولا وآخرا أهداف رسالة الإسلام بعينها . فسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا .
اترك تعليق