اشار ممثل المرجعية الدينية العليا في الخطبة الأولى من صلاة الجمعة في الصحن الحسيني الشريف بتاريخ (21 /4 /2017) "تمرُّ علينا في يوم الاحد القادم ذكرى استشهاد سابع ائمة الهدى، الامام المُحيي ليله بالسهر الى السحر بمواصلة الاستغفار وحليف السجدة الطويلة والدموع الغزيرة والمناجاة الكثيرة والمضطهد بالظلم والمقبور بالجور والمعذّب في قعر السجون وظُلَم المطامير ذي الساق المرضوض بحلق القيود الذي صبر على غليظ المحن وتجرّع غُصص الكُرَب الامام الكاظم للغيظ وباب الحوائج موسى بن جعفر (عليه السلام)".
وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي "وبهذه المناسبة وتطبيقاً وعملا ً بما ورد عن اهل بيت العصمة بإحياء امرهم بذكر شيء من احاديثهم نذكر بعضاً مما ورد عنه (عليه السلام) في مجال تربية النفوس واصلاحها وتهذيبها".
واضاف انه (عليه السلام) قال لبعض ولده : (يا بني اياك ان يراك الله في معصية نهاك عنها، واياك ان يفقدك الله عند طاعة امرك بها، وعليك بالجد، ولا تخرجنّ نفسك من التقصير في عبادة الله وطاعته، فان الله لا يعبد حق عبادته، واياك والمزاح، فانه يذهب بنور ايمانك ويستخف مروءتك واياك والضجر والكسل، فانهما يمنعان حظك من الدنيا والاخرة)"، موضحا "يرتكب الكثير من الناس المعاصي لغفلتهم وجهلهم بها او لجرأتهم على الله تعالى وعدم خشيتهم وخوفهم من الحساب الالهي، والامام (عليه السلام) يحذر بعض ولده من هذا التجرئ على الله تعالى بارتكاب المعاصي".
واستدرك ان "هذا يتطلب معرفة مواضع المعصية وذلك من خلال التفقه في الدين ومعرفة الحلال والحرام واستذكار الموت والحساب وعذاب الاخرة، او يشتبه في تطبيق مفهوم المعصية على مصاديقها بتسويلات الشيطان او هوى النفس وغير ذلك كالغيبة والنميمة وغيرها، ويمكن ان ينتبه الى جميع المعاصي من افعال واقوال وغيرها، فان ذلك سبب لغضب الله تعالى وعقوبته".
وبخصوص ماورد عنه "(واياك ان يفقدك الله عند طاعة أمرك بها) (وعليك بالجد، ولا تخرجنّ نفسك من التقصير في عبادة الله وطاعته)، موضحا انه يستلزم معرفة الطاعات وتطبيقاتها بالجد والهمة والعزيمة والارادة القوية والتفكر فيما اعده الله سبحانه وتعالى للعبادة من الثواب العظيم، وان لا يكسل الانسان ويتقاعس عن عبادة الله تعالى فانه مهما قدم من طاعات وعبادات وقربات لا يتصور انه اوفى الله حقه من العبادة والطاعة".
واشار الشيخ الكربلائي انه "مما روي عنه عليه السلام انه مر برجل من اهل السواد دميم المنظر، فسلم عليه ونزل عنده، ثم عرض عليه نفسه في القيام بحاجة ان عرضت له، فقيل له: يا ابن رسول الله أتنزل الى هذا ثم تسأله عن حوائجه وهو إليك أحوج؟، فقال (عليه السلام) : (عبد من عبيد الله وأخ في كتاب الله وجار في بلاد الله، يجمعنا واياه خير الآباء آدم (عليه السلام) وأفضل الأديان الاسلام ولعل الدهر يردّ من حاجاتنا إليه، فيرانا – بعد الزهو عليه- متواضعين بين يديه)".
واوضح ان "الكثير من الناس يقيّم الاخرين ويبني تقديره واحترامه لهم على ما يملكون من مال وثروة او مقام او جاه اجتماعي او منصب ونحو ذلك، ويستضعفون ويستحقرون الفقراء او الذين ليس لهم مثل هذه الحظوظ الدنيوية ولا يعيرون لهم اهمية واحتراماً"، مبينا ان "الامام (عليه السلام) يعلمنا كيف نتواضع للناس ونسعى في احترامهم وقضاء حوائجهم وان كانوا من المستضعفين او ذوي المهن الحقيرة ونحو ذلك".
وتابع انه ورد عنه (عليه السلام) : (لا تستكثروا كثير الخير، ولا تستقلّوا قليل الذنوب، فإن قليل الذنوب يجتمع حتى يصير كثيراً...)، موضحا ان الانسان مهما عمل من طاعات وعبادات وقربات وجهاد في سبيل الله واكثرَ من ذلك لا يعتبر ذلك كثيراً فان ذلك سيؤدي به الى الغرور والعجب واحباط العمل، ولا يستحقر ويستصغر الذنوب، فان قليل الذنوب يجتمع حتى يصير كثيراً".
واردف ان " الامام (عليه السلام) قال لفضل بن يونس: (أبلغ خيراً وقل خيراً ولا تكن امّعة قال: وما الامّعة؟ قال: لا تقل: أنا مع الناس وأنا كواحد من الناس، إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إنّما هما نجدان نجد خير ونجد شر فلا يكن نجد الشرّ أحبّ إليكم من نجد الخير)، مشيرا الى ان الامام (عليه السلام) يبين ان الانسان امام مسؤولية شرعية واخلاقية واختيار صحيح يقوده اليه الشريعة الواضحة والعقل السليم والتفكير الناضج والرؤية الثاقبة والدقيقة للامور".
واكد ممثل المرجعية الدينية العليا على ان تكون اختيارات الانسان في مواقفه وآرائه وقرارته مبنية على الدراسة واعمال العقل والاستقلال والرجوع الى الشرع الحنيف، ولا يكون متبعاً للاخرين يقلدهم في كل شيء، وان لا يهمل عقله وارادته واختياراته بل عليه ان يحترم ما منحه الله تعالى من عقل وقدرة على التفكير".
واوضح انه لاينبغي للانسان ان يخضع لتأثيرات الجو العام في المواقف والاراء او يخضع لكل ما يقرأه ويسمعه ويشاهده، بل لابد ان يحكم عقله وتفكيره ويحاكم مواقف الاخرين وارادتهم وقراراتهم حسب الموازين العقلية والشرعية، لان الاخرين قد يخطأون ويشتبهون او يخضعون لشهواتهم واهوائهم وآرائهم الفاسدة او لهم متبنيات فكرية ضالة ومنحرفة، ولابد حينما يريد اتخاذ موقف او رأي او قرار ان يدرسه جيداً من جميع جوانبه وان يشاور الاخرين من اصحاب العقل والنضج في التفكير".
حيدر عدنان
تحرير: ولاء الصفار
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق