السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..

أنا طالبة في الجامعة، لي أخت تكبرني بعام ، لكننا ندرس بنفس المرحلة لالتحاقي بالمقاعد الدراسية مبكرًا ، عندما كنت صغيرة كنت الأولى على صفي، ومحل إعجاب المعلمين ، لكن منذ التحاقي بالثانوية تغير كل شيء، تدنت درجاتي مقارنة بما كنت أحصل عليه في السابق، كرهت الدراسة، وأصبحت أخاف منها وأتجنبها، أشعر في كثير من الأحيان أنني غبية جدًا ولا أصلح لشيء، ومن المستحيل أن أحصل على درجات جيدة، أصبحت أبتعد شيئًا فشيئًا عن الدراسة ، ووجود أختي المتميزة دراسيًا زاد الأمر سوءًا، فأنا دائما أقارن نفسي بها، مما يشعرني إني عديمة الفائدة ، وأصبحت أخاف الحوار في أمور دراسية وعندما يسألني أحدهم سؤالًا دراسيًا ـــ حتى لو كان تافهًا جدًا ـــ أتلعثم جدًا ولا أجد الإجابة، برمجت نفسي على أنني غبية، ولكنني مللت هذا الوضع وأريد فعلًا أن أستعيد نفسي، فما عساي أفعل؟

أرجوكم انصحوني .

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...

عزيزتي ... الثقة بالنفس هي أساس نجاح الإنسان في حياته، وهي من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى المرء بها لمواجهة العقبات والمشاكل التي قد تعترضه في حياته اليومية، كما أنها تساعده في معرفة نقاط ضعفه والتغلب عليها، فمصدر الثقة بالنفس ينبع من داخل الإنسان، وهي ليست صفة وراثية، وليست بالأمر الفطري الذي يولد مع الإنسان، بل هي صفة يكتسبها من خلال حياته اليومية .

وأن تكوني واثقة بنفسك فذلك يعني أن تكوني على إدراك تام بقدراتك وإمكانياتك التي ستوصلك إلى أهدافك، وأن تكوني مؤمنة بما تمتلكين من قدرات وإمكانيات، وأنك قوية بما يكفي للوصول إلى ما تريدين، فثقتك بنفسك تمنحك القوة في الدفاع عن أفكارك وقدراتك، وإليك بعض النصائح التي ستمكنك من إعادة ثقتك بنفسك من جديد :

ـــ          أحضري ورقة واكتبي مميزاتك، والتي لابد قد سمعت أحداً يقولها لك، ومع التجربة ستجدين أنك قادرة على تسجيل مميزاتك التي لا يعرفها أحد أكثر منك، بهذه الطريقة ستحفّزين الأمور الإيجابيّة فيك، وستتجاهلين الأمور السلبيّة وكأنّها لم تكن، ويمكن أن تضيفي إليها الأمور التي نجحت في الوصول لها لتعززي كونك فتاة ناجحة .

ـــ          ثقي بنفسك وبقدراتك ومهاراتك، واسعي بتنمية قدراتك ومواهبك، واحذري من التقليل من شأن نفسك, ازرعي في نفسك وفي فِكرك وعقلك ووجدانك أنّ الثِّقة بالنَّفس أحد حقوقك في الحياة، وتستطيعين اكتسابها متى أردت وسعيت لذلك، وازرعي في نفسك الإيجابية أيضًا؛ وذلك من خلال ترديد العبارات الإيجابية مثل : أنا أقدر، أنا أستطيع، وحاولي أن تجبري نفسك على هذه الإيجابيات وركزي عليها، وحاربي الأفكار السلبية بالتفكير الإيجابي، وتأكّدي بأنّك تمتلكين صفات تميّزك عن غيرك، وآمني بأنّ لكل شخص صفات ومميّزات تميّزه عن غيره .

ـــ          رافقي واقتربي من الأشخاص الإيجابيين والناجحين، وتعلّمي من تجاربهم؛ فهؤلاء الأشخاص يبعثون الأمل والتفاؤل في نفسك، وابتعدي عن الأشخاص المتشائمين واليائسين؛ لأنّهم سوف يبعثون اليأس في نفسك، ويحبطون من عزائمك، ولا تسمحي لأحد بإشعارك بالنقص، ولا تقللي من شأن نفسك، تحدثي بإيجابية عن نفسك، عن مستقبلك، وحول التقدم المحرز الخاص بك، ولا تخافي من إبراز نقاط قوتك وصفاتك للآخرين؛ لأنك من خلال ذلك أنت تعملين على تعزيز تلك الأفكار في عقلك، وتشجيع النمو الخاص بك في اتجاه إيجابي .

ـــ          تقبلي كل المديح من الآخرين، ولا تقولي في قلبك أن هذه مجرد مجاملات وتتجاهليها، بل ردي عليهم بالشكر وبالابتسامة .

ـــ          لا تضخمي الأمور ولا تعطيها أكبر من حجمها؛ فذلك سيشعرك دائماً بعقدة النقص وعدم القدرة على القيام بأي شيء، بل على العكس تجاهلي الأمور الصغيرة التي تحدث حولك ولا تيأسي، وأقنعي نفسك دائماً بأنك أقوى من كل الظروف المحيطة بك وأنك تملكين من الشجاعة والقوة ما يكفي لمواجهتها، وإياك والتحدث عن عيوبك أمام الآخرين، بل دائمًا حاولي إقناع نفسك أنك أقوى من كل الأشخاص المحيطين بك، ولا تدعي مشاكلك تتغلب عليك، وإنما واجهيها بكل ما تملكين من شجاعة وقوة، وابتعدي عن الكراهية والحقد، واغفري قدر استطاعتك أخطاء غيرك بحقك، ولكن لا تقلّلي من كرامتك وشأن نفسك .

ـــ          عليك دائما أن تقرني ثقتك بنفسك بثقتك بالله تعالى، فحتى لو كنت أقل من الآخرين بأي ناحية، لكن تذكري أن الله تعالى أنعم عليك بأعظم نعمة ألا وهي نعمة الإيمان، وتذكري دائماً نعم الله تعالى عليك؛ فهذا سيجعلك تشعرين بالقوة وعدم النقص؛ فإذن كوني راضية عن نفسك ولا تقارني نفسك بالآخرين، ولا تهتمي لما يقوله الناس، ولا تنسي جميع البشر لديهم العيوب بجانب المميّزات، أنت لست الوحيدة التي تحاول إخفاء عيوبك، بل يمكن القول أنّ جميع البشر يعملون على تحقيق ذلك، ولكن بطرق مختلفة؛ لذا حاولي أن تتذكّري دائماً صفاتك الحميدة والمهارات التي تبدعين فيها، وتذكري دائمًا أن كل شخص هو إنسان مثلك يمتلك نفس قدراتك، وربما أقل، ولكن يثق في قدراته أكثر منك، وهذا ما يحصل مع أختك؛ فهي فقط تثق في قدراتها وامكاناتها أكثر منك، ومتى آمنت أن رب العالمين عادل ولا يظلم أحدًا وأنه وزع النعم بتساوٍ على الناس، وأن مجموع كل إنسان يساوي مجموع إنسان آخر تكونين قد قطعت شوطًا كبيرًا في بناء ثقتك .

ـــ          ساعدي الآخرين من حولك، وحاولي إحداث فارق إيجابي في حياة الناس الآخرين؛ فهذه قوة إيجابية ستزيد الثقة بنفسك، واقتربي من أختك فهي لا ذنب لها بما يحصل معك من غيرة، ولا علاقة لها بهذه المقارنات التي يقوم بها من حولك .

ـــ          تجنبي الكمالية بشخصيتك؛ لأن الكمال يعيق حياتك ويمنعك من تحقيق أهدافك. وأخيرا اعلمي أنك لن تستطيعي إرضاء الجميع، ولكن المهم أن ترضي الله وترضي أنت عن نفسك، وأن استسلامك لآراء الآخرين يعوقك عن التفكير السليم في فهم ذاتك وتقديرك لقدراتك التي لا شكّ أنها كثيرة ، ولا تنسي ـــ يا عزيزتي ـــ أهمية التقرب إلى الله بالدعاء وتلاوة القرآن لما له من أثر على تهدئة النفوس واستقرارها؛ فلقد قال الله تعالى في كتابه الكريم : (( ألا بذكر الله تطمئن القلوب )) .

أسأل الله لك النجاح والتوفيق والرضا .

 

الاستشارية نور الحسناوي / مركز الإرشاد الأسري