كنت أنتظر لمستك الحانية، لكن الفقد صيّر الأصابع إلى مخالب موت مزقت قلبي بوحشية، لتتركني مع الغياب والوحدة والحب، أردد في نفسي (وجعلنا الليل سكنا)، وأتساءل: أما حان أوان السكون؟!!.
في الليل تكثر آلامي وكأن الجرح ينزف من جديد، أبحث عن أي شيء كي أغير أفكاري بعيدا عن الألم،  دون جدوى، فأنت في كل مكان يحيط بي ..كيف يمكنني نسيانك وأنت في كل زاوية من زوايا أمكنتي، كنت تضحك وتبكي معي، هنا كنت تُقّبل يدي وأدعو لك بالنجاح، لم أعرف بأن نجاحك هذا سوف يبهرني بهذه الصورة ويفقدني صوابي وراحة بالي.
كنت أعرف أن دعاء الأم مستجاب، ولكن لم أكن مستعدة لهذا الوسام قط، لا زلت أسمع صوتك في أرجاء المنزل، أ تعرف أن دفئ البيت مذ غيابك تحوّل الى بردٍ قارس حتى وإن كنا تحت بهاء الشمس.
عن أي شمس أتكلم ودنياي وأزمنتي كلها ليل؟ لقد ضاعت كلماتي منذ رحيلك، كأنك أخذت كل شيء معك، أليس هذا ظلماً! لم أحسب أنك هكذا أبداً؟ فمنذ أن أصبحت في رحاب السماء نسيتَ أهل الأرض، نسيت هناك والدة بانتظارك، نسيت أنها لا تملك أحداً في دنياها غيرك، ولأنك كنت الحياة بالنسبة لي امتحن الله قلبي بك.
ألن تعود إليّ؟؟ أغمض عيناي كي لا تفيض ولكن عندما يلتهب القلب لا ملجأ لي سوى البكاء، لابد وأن تفيض الدموع.

وينشدوني السكون .. عن أي سكن يتكلمون وأنا أبحث عنك في دهاليز الأمل الصاخبة بالشوق ، أحقا رحلت؟ أتمتم، أردد، أتحرك كي أنام  دون جدوى، لا يمكنني النوم وأنت بعيدا عني، أفكر بك وأتساءل إذا كنت مطمئنا سعيدا؟ هل يناسبك مكانك في السماء؟ أتشعر بالبرد؟ أتعرف؟ لا زلت أذهب إلى غرفتك دون إرادة مني كي أطمئن عليك خوفا من أن تكون نائماً دون غطاء .
وفجأة أجد نفسي في سجن الوحدة والغربة مرة أخرى، أحقا ذهبت في رحيل أبدي؟ كيف عشت لحظاتك الأخيرة؟ أتساءل كيف ودعت الحياة؟ وبينما كنت أبكي على فراقك وأقلب أشياءك وجدت ورقة غيّرت حالي وهزّت كياني، كأنني أصبت بالسكتة القلبية.

 تلك الورقة التي كتبتها في صغرك التي بسببها خجلت من جزعي عليك حد الندم وتداركت إحساسي بالظلم من غيابك لأنك قلت لي بها آنذاك هذه أول هدية عيد أهديها لكِ، أنتِ الأجمل يا حنونة أحبكِ ماما ورسمت صورة لنا أنا وأنت, والدة تبتسم وتأخذ بيد ولدها الجميل وولد يبتسم لأنه يعني لأمه الدنيا وما فيها، هذه كانت أول هدية منك وآخر هدية كنت أنت .. مغطى بعلم الوطن تدوس أعتاب البيت وأنت تحلق في سماء الشهادة والعظمة وأنا أردد كل عام وأنا الأجمل لأنك ولدي...

 

فهيمة رضا