مهما امتلكت البشرية نماذجا يُفتخر بها ، ومهما كانت للأمم حظوة من مجدٍ وتأريخ ناصع ، فلا يصل ذلك للمستوى الذي يذهل البشرية ويجعلها متغنيةً به على سبيل الدوام ويضطرها لكتابة أساطير ليست حقيقية عن ذلك ، لتبث فيها تطلعاتها للأمثل والأكمل ! أما أمتنا فما عادت تستقصي مجداً وكمالاً بل باتت تحصي أمجاداً وكمالات ، وتخطيء العد والحساب في كل مرة لكثرة ما أحصت!  فما عدنا نحتاج الى قصص وملاحم أسطورية لتجسيد الإنسان الكامل في شخصيات لا واقع لها ، ولا للبرهنة على خلود الإنسان بعمله بحكايةٍ خُرافيّة ؛ فقد أجادت أمّة علي ابن أبي طالب عليه السلام في أسطورتها الواقعية! ذات الشخصيّات الحقيقيّة ! .

نعم .. كُتبت هذه الأسطورة في القرن الحادي والعشرين ، كُتبت بواسطة رجل دين كأنه أسطوري أيضاً ، فقد أجاد كتابتها في الظلام ! ظلام القرطاس ، قرطاس الوطن الملغوم ، ظلام المتربصين، ظلام المراهنين على سكوت حرفه .. كتبها بأحرف أضاءت ما كان مظلماً وأكثر .. بلغ من الكبر عتيا لكنه ألهم شخصيات أسطورته فتوى وفتوةً حققتا نصراً مبينا .

إنها أسطورة طويلة ، فلا زالت تُكتب ! وسأنقل لكم منها سطراً ليس إلا.

 كانت بعض شخصياتها في أرض المعركة إذ اقتتلت الفئتان ، فئة استجمعت الخير كله ، وفئة استجمعت الشر كله ، الأولى أقل ما اتصفت به أنها لا تقطع وردة بغير حق ، وتسقي الهوام قبل البشر !!! .

 والثانية اقل ما اتصفت به الغدر والغيلة ، وقطع أعناق كل مخالف لهم.  

أرسلت الفئة الغادرة سيارة مفخخة الى معسكر الأولى ، واقتربت كثيراً منهم ، حتى أن البعض منهم قال : " لا مناص لنا من الموت "..  إلا أنهم لم يستسلموا .. كانوا يدعون ربهم دعاءً خفياً..  استمروا بإطلاق النار على السيارة الملغومة حتى نفدت كل ذخيرتهم ، ولم تتوقف عن السير باتجاههم. . فقام أحدهم على حين غفلة ممن معه!  شغّل سيارته العسكرية وذهب !!! .

ـــ       يا إلهي .. الى أين يتجه ؟

ـــ       إنه يتجه صوب العجلة المفخخة .

ـــ       مَن أمَرَه ؟

ـــ       لا أحد ، من تلقاء نفسه! !! .

 

أصطدم بها ، وأوقفها بدون أن تنفجر! !! .

ـــ       يا الله .. ما بك ؟ أتذهب إليها ؟ أتدري لولا لطف صاحب الزمان لانفجرت وما بقي من جسدك باقية ؟

ـــ       لم أصنع شيئاً ، إنما ذهبتُ لها كي أُنقذ إخوتي!!

 

هنا.. حار الجميع في جوابه. . وحِرنا نحن في وصفه .. وسنبقى حائرين ، وستحتار الأجيال بهم .. حيرة عن إكبار وذهول بالتضحية .. لكن الخوف كل الخوف من حيرة بعدم فهم التضحية وما يعيشه الآخر من إيثار للدين والإنسان على نفسه مما يجعله مسرعاً الى نفي ما لا يسعه الإدراك القاصر لعقله ؛ فكما أن مقولات مختلفة لاحت الشيعة والعراقيين بفعل إعلام الأعداء ، وعدم وعي الأصدقاء، مرة بالافتراء عليهم وتلفيق التهم كوصفهم بقتل أئمتهم ثم البكاء عليهم ، وأخرى بنفي الثابت لهم وسلب الصفات الإيجابية وجعلها أموراً مبالغ فيها ومن يسردها يُحسب على المغالين ، بل لاحت حتى سير المعصومين عليهم السلام ؛ لذا من المحتمل بل والمؤكد وبطيّ السنين ستُرمى بطولات الحشد الشعبي بـ"المبالغة" ويكون سَردها "غلواً" و"خرافة"، والطعن بها "تجديداً" و" إصلاحا " !!! .

 

 زهراء حسام