تستوقفني لافتات كثيرة ؛ خط عليها أسماء الشهداء ، وطبعت عليها صورهم ؛ فتفتش عيني عمن يكون هذا الشاب ممن ارتسمت على محياه بسمة عجيبة ؟ وكأنه يقول لي اقرأي ما كُتب على اللافتة ! فاقرأ : "الشهيد السعيد فلان الفلاني" الذي استشهد دفاعا عن الوطن ومقدساته .

المح لافتة أخرى ؛ وأرى ذات الابتسامة العجيبة بوجه مختلف ! وثالثة ، ورابعة و ... ، لتخنقني العبرة وأهمس بيني وبين نفسي : " يا لشبابهم ! لهف نفسي عليهم ! فاستذكر أمهاتهم وزوجاتهم وأخواتهم ؛ فأخجل من كلامي ووجعي .. فتلك الأم التي حثت ولدها على اللحاق بصفوف الجهاد ؛ أربط جأشا من ان تثني عزم فلذة كبدها ، وتلك الزوجة التي أخذت على عاتقها مسؤولية تربية الأولاد حتى يلتحق الأب المجاهد قرير العين وهمه الوحيد محاربة الظلم ودرء الخطر عن مقدساته ووطنه وأبناء وطنه .

استذكرت كل ذلك ؛ وفي طريقي إلى البيت الملم شتات الأفكار وامسك قلمي وورقات حال وصولي ، فأهم اكتب سطوري هذه لأخوتي المجاهدين رسالة أخت ترفع رأس عزها وتثبت خدرها بعزيمة إخوتها .

" أخوتي الأكارم ... يا فرسان الهيجاء وأبطال الوغى ... يا قوة الله الضاربة .

هنيئا لكم وانتم تسطرون أروع البطولات ، وتلحقون الهزيمة في صفوف أعداءكم ؛ ليس الهزيمة فحسب ؛ بل الخذلان والعار .

إخوتي الأفاضل .. إن كان أمر الجهاد قد رفع عنا نحن أخواتكم ؛ فلا يخالجنكم الشك ان أقلامنا عن بطولاتكم ، فلئن هدأت وسكت صوتها وخرست كلماتنا فبقوة الله وفضله سوف تدوي لتكون عزما يضاف إلى عزمكم ، وصوتا يخترق المسافات ... فكل حر أبي يتمنى الفوز بما نلتم من مكانة وحظوة ؛ فمن استنطاق " إيمان " لكواليس اللوحة الفنية وتعبيرها المموسق في رسم لوحتها الفنية عنكم برؤيا جميلة ؛ وحتى شتلات ورد الياسمين الذي أصر " عبد الله " ان تكونوا عطرها وشذاها ، التي صيرتكم منها " نغم " أوسمة فخر على جيود الحرائر ودواة مجد في  خواطر " عبد العظيم " ، ومهما يكن ... فلارتباطكم بالحسين عند " زهراء " شذى يفوق شذى كل الجنان وطعم لبيك يا حسين من أصواتكم تفوح رائحة خبز الفجر في كلمات " زينب " ، ولستم كذلك وحسب بل لقيدكم الثائر في حنايا قلم " بلاسم " أكبر الأثر في عبورنا بقوة الله حيث بر الأمان الذي رسمته ريشة " لبنى " .

إخوتي البواسل ... يا من ارتبطتم بالحسين الشهيد ونهلتم من روحه وجذوة ثورته المعطاء ، كونوا على عهدكم أبدا ؛ وارفعوا راية الحق عالية ترفرف واعلموا أن الله ناصركم ومثبت أقدامكم ... فكأني أرى من رزق الشهادة منكم يغبطونكم ليس حبا بالرجوع إلى الدنيا بل ما لعملكم من فضيلة وأجر وشرف .

أخوتي الأشاوس ... يا أبناء عمومتي .. يا أبناء بلدي .. يا كل الفخر .. ويا شموعا تعطي من روحها لتبقى مضيئة تنير الظلمة ... شكرا لك لأنكم رسمتم بتضحياتكم صورا خلابة ستحكي عنها الأجيال ، فلم تبغوا دنيا وزخارف .. ولم تطلبوا منصبا ولا جاها ... بل أردتم ان يعيش هذا البلد بأمن وسلام .. وأن تبقى راية الله هي العليا .. وإن وعد الله حق ونصره قريب . نعم ... سيكون النصر حليفكم ؛ والعز والشرف رداءكم ... لأنكم اتبعتم الحق ونصرتم الدين وساهمتم في دحض الشر والباطل ، وأن الله عز وجل وعد عباده الصالحين بالنصر والغلبة مهما كان عددهم وعدتهم ، حيث قال عز وجل في كتابه الكريم  (( ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فأن حزب الله هم الغالبون )) ( المائدة ـــ 56 ) ، وانتم الغالبون بأذنه تعالى ؛ لأنكم اجتمعتم على صلاح دنياكم وأخرتكم ودينكم الحق ؛ وتحملتم الصعوبات في سبيل الله ؛ وكنتم أنصار الله ورسوله وحماة الوطن والمذهب فحباكم الله بسؤدد دائم وشرف منيف بعد ان رفعتم رؤوسنا وأثلجتم صدورنا ... فلولا فضل الله بجهادكم المقدس هذا الذي زلزل صروح أعداءكم وجعل قلوبهم ترتجف فرقا من هيبتكم ورباطة جأشكم ؛ فلا نتوقع أبدا من أحفاد آكلة الأكباد وأعداء الدين غير الفساد وسفك الدماء واللعب بمقدرات البلاد والحقد والطغيان ...

أخوتي انصار الحسين وأحباؤه ... أمضوا إلى نصركم فإنه لا محالة قريب ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..                                                                                            

                                                                                                                                                                                                                                                                                                 أختكم رشا عبد الجبار ناصر

 

 

ملاحظة : تدخلت ادارة الواحة في اختيار عنوان المقال بتشبيهها لكاتبته السيدة " رشا عبد الجبار ناصر " بالسيدة " طوعة " جزاء لقلمها الذي فاح عبقا في نصرة القضية وترسيخ الهوية .