ليته يفهم بأنها زوجة له , شريكة حياة , رفيقة رحلة , أم , صديقة وحبيبة . ليته يفهم أنها وجوه كثيرة بأنثى واحدة ؛ ليس لأنها متلونة ولكن للمرأة قدرة على أن تتشكل على قدر الحب والانسجام فتتخذ أي دور في الحياة يمكنها أن تهب من خلاله زخم عطاءها وتمدد المسافة ببوصلة وجودها . ليته لم يقسِ عليها بما منحه الله من بأس ؛ فغضبها أحيانا ليس لتمرد وليس لكسر قارورة كيانها الغض وليس للاختلاف وليس للعناد ؛ غضبها ربما يكون لحاجتها لدفئ الكلمات ولمعاملة طيبة ورغبة بلمسة يد تربت على كتف ألألم , فالمرأة خلقت من رحمة يمكنها أن تحتوي عالم بأسره في رحم صبرها . المرأة مشاعر تتجدد وتتكاثر بانشطار الحب والتقدير وهي محور رئيسي تدور حوله الحياة بكامل أبعادها وأفلاكها , وحينما تهدد سعادتها القسوة والإهمال تمسي زهرة بعيدة عن ساقها الذي يمدها بالحياة ويربطها بجذور الأمان ويتربص بها الوقت ليشتت تماسكها ويختزل لونها ويبدد عطرها ويقتل جمال عطائها , وليت ذلك الرجل يفهم أن الزهور لا تُقطف إلا بداعي الأنانية .

ليته يتنعم بجمالها ويستنشق شذاها كل صباح بقبلة على جبين الرضا وليته يمسي عليها ليذر في حجرها التعب فهي جديرة بالحمل إن كان لها سند . ليت جدران قلبه تشهد على اقترافه جريمة اللامبالاة بحق رغبتها للبوح له دون سواه وسرورها بنظرة أعجاب تنصبها ملكة على عرش رجولته . وليت الصمت يفر هاربا من أسواره العالية , وليته يطلق سراح الأمل بحياة لا تشوبها الحسرة ويحجم عن ندب حظه العاثر في حضور امرأة تطعنها كلماته لتُغرس في صميم كبريائها وجعا . وليتها تفصح له عن مخاوفها وتخبره بأن لا أمان سوى عند ثنايا روحه المحبة , ليتها تكف عن ممارسة دور القوية وتسمح لضعفها أن يكون طفلا شقيا يقفز لأحضان غروره ويشد أنفه المتعالي ويسرق من ملامحه ابتسامة تصير لحظة الجمود إلى نبض إيقاعات عواطف هادرة بالود والرحمة . ليتهم يفهمون أن الحياة منحتهم كل أدواتها الشرعية وتركت لهم مهمة أنتاج السعادة .

 

إيمان كاظم الحجيمي