اسس الإسلام مناهجاً مشتركة بين جميع أعضاء الأُسرة , ودعاهم إلى تطبيقها على واقع حياتهم حتى تخيم عليهم السعادة , ويعيشون جميعاً في نعيم وارف وهي :

1.     الحب والمودة :

ودعا الإسلام إلى سيادة الحب والمودة والتألف بين أفراد الأسرة ، وأن يتجنبوا كل ما يعكر صفو الحياة والعيش , وتقع المسؤولية بالدرجة الأولى على المرأة كون لها استطاعة بأن تحول البيت إلى روضة أو جحيم , فإذا قامت بواجبها , ورعت ما عليها من الآداب كانت الفذة المؤمنة ، فقد أثر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ان شخصاً جاءه فقال له: " أن لي زوجة إذا دخلت تلقتني, وإذا خرجت شيعتني, وإذا رأتني مهموماً قالت ما يهمك ؟ إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل به غيرك , وإن كنت تهتم بأمر آخرتك فزادك الله هماً ، فانبرى صلى الله عليه وآله يبدي أعجابه وإكباره بها قائلا : بشّرها بالجنة , وقل لها ، إنك عاملة من عمَال الله . (مكارم الأخلاق: ج1، ص229 )  .

وإذا التزمت المرأة برعاية زوجها, وأدت حقوقه وواجباته ، شاعت المودة بينهما وتكوّن رباط من الحب العميق بين أفراد الأسرة ، الأمر الذي يؤدي إلى التكون السليم للتربية الناجحة .

2. التعاون :

وحث الإسلام على التعاون فيما بينهما على شؤون الحياة , وتدبير أمور البيت ، وأن يعيشوا جميعاً في جو متبادل من الود والتعاون, والمسؤولية تقع في ذلك على زعيم الأسرة وهو الزوج ، فقد طلب الإسلام منه أن يقوم برعاية زوجته ويشترك معها في شؤون منزله ، فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتولى خدمة البيت مع نسائه ، وقال: " خدمتك زوجتك صدقة" ، وكان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يشارك الصدّيقة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام في تدبير شؤون المنزل ويتعاون معها في إدارته ، ومن الطبيعي أن ذلك يخلق في نفوس الأبناء روحاً من العواطف النبيلة التي هي من أهم العناصر الذاتية في التربية السليمة.

3. الاحترام المتبادل

وحثّ الإسلام على تبادل الاحترام، ومراعاة الآداب بين أفراد الأسرة ، فعلى الكبير أن يعطف على الصغير ، وعلى الصغير أن يقوم بإجلال الكبير ويوقره ، فقد اُثر عن النبي صلى الله عليه وآله ، أنه قال في جملة وصاياه العامة : " فليعطف كبيركم على صغيركم، وليوقر صغيركم كبيركم ... " .

إن مراعاة هذه الآداب تخلق في داخل البيت جواً من الفضيلة والقيم الكريمة، وهي توجب تنمية السلوك الكامل في نفس الطفل ، وتبعثه إلى الانطلاق في ميادين التعاون مع أسرته ومجتمعه ، وقد ثبت في علم التحليل النفسي بأن قيم الأولاد الدينية والخلقية إنما تنمو في محيط العائلة . (كيف تساعد أبناءك في المدرسة: ص193 ) .

وإذا منيت الأسرة بعدم الانسجام والاضطراب فإن أفرادها يصابون بآلام نفسية ، واضطرابات عصبية ، وخصوصاً الأطفال فإنهم يمنون بفقدان السلوك والانحراف ، وقد اظهرت الدراسات والبحوث التربوية الحديثة أن من أهم الأسباب التي تؤدي إلى انحراف الأحداث هو اضطراب الأسرة، وعدم استقرارها ، فتنشأ منه الأزمات التي تؤدي إلى انحرافهم .

4. مراعاة الفرق بينهما

إن الفوارق بين الرجل والمراة الجسدية والمعنوية والشرعية ثابتة قدرًا وشرعًا وحسًّا وعقلاً ، بيان ذلك أن الله سبحانه خلق الرجل والمرأة شطرين للنوع الإنساني ، ذكرًا وأنثى ، يشتركان في عمارة الكون ، كلّ فيما يخصه ، ويشتركان في عمارته بالعبودية لله تعالى بلا فرق بين الرجال والنساء في عموم الدين ، في التوحيد والاعتقاد وحقائق الإيمان والثواب والعقاب ، وبلا فرق أيضًا في عموم التشريع في الحقوق والواجبات كافة ، و لما قدر الله وقضى أن الذكر ليس كالأنثى في صفة الخلقة والهيئة والتكوين ، كان من آثاره الاختلاف بينهما في القوى والقدرات الجسدية والعقلية والفكرية والعاطفية والإرادية ، وفي العمل والأداء والكفاية في ذلك ، إضافة إلى ما توصّل إليه علماء الطبّ الحديث من عجائب الآثار من تفاوت الخلق بين الجنسين .

ولهذا الاختلاف بين نوعيهما أنيطت بهما جملة كبيرة من أحكام التشريع ، أوجبها الاختلاف والتفاوت والتفاضل بين الرجل والمرأة في بعض أحكام التشريع ، و في المهمات والوظائف التي تلائم كلّ واحد منهما في خلقته وتكوينه ، وفي قدراته وادائه واختصاص كل منهما في مجاله من الحياة الإنسانية ؛ لتتكامل الحياة ، وليقوم كل منهما بمهمته فيها ، ولو حصلت المساواة في جميع الأحكام مع الاختلاف في الخلقة والكفاية لكان هذا انتكاسًا في الفطرة ، ولكان هذا هو عين الظلم للمرأة و الرجل ، بل ظلم لحياة المجتمع الإنساني ؛ لما يلحقه من حرمان ثمرة قدرات الرجل وثمرة قدرات المرأة ، والإثقال على المرأة فوق قدراتها .

إضافة أن تجاهل الفروق الطبيعية بين الرجل والمرأة ، والخلط بين أدوارهما هو موقف غير حضاري على الإطلاق ،  ومضاد للفطرة ، وهدم للحياة الإنسانية ، وسبب حقيقي في بؤس الحياة الاجتماعية للإنسان .

والحرية هي أن يتلقى كل إنسان المعرفة التي تناسبه والتي تؤهله لعمل يناسبه ، في حين ان الدكتاتورية هي أن يتعلم الإنسان معرفة لا تناسبه ، وتقوده لعمل لا يناسبه ، إذ إن العمل الذي يناسب الرجل لي دائماً هو العمل الذي يناسب المرأة ، والمعرفة التي تناسب المرأة ليست هي المعرفة التي تناسب الرجل ، وعليه فليس هناك فرق في الحقوق الإنسانية بين الرجل والمرأة والكبير والصغير ، بل هي مساواة تامة بينهما فيما يجب أن يقوما به من واجبات .

د . مواهب الخطيب