كثيرا ما تختلط المفاهيم على عامة الناس ، وتشتبك لديهم تخريجاتها ، فضلا عمن يعتبر نفسه الأصلح لكل مكان وربما زمان ، وأكثر ما يختلط عليهم هو الفرق بين الإدارة والقيادة ، فإدارة مشروع او مجموعة عملية ما ؛ غير قيادتها ، لذا سيدتي الكريمة ، ستجعلك واحة المرأة في رؤية واضحة بخصوص ذلك ، على أمل ان تستفيدي من ذلك في حياتك المهنية والعملية .

الإدارة: التزام التعليمات والقرارات والأوامر في تسيير فريق العمل ، سواء كان ذلك مؤسسة او دائرة او تجمع ، على ان يكون لها نظام عمل محدد سلفا بما يصيره منهج عمل لجميع أعضاء الفريق ، وهذا هو السبب الحقيقي وراء توصيف العمل الإداري بالروتين المبني على التعامل الفوقي والانغلاقية الإدارية وربما التعسف والصرامة فيها ، فضلا عن كونه يستهدف الجانب الميكانيكي من العطاء الفردي وليس الجانب الفكري في الأغلب الأعم .

القيادة: هي الإدارة الرشيدة المبنية على التفاعلية بين أعضاء الفريق الواحد ، حيث يدير القائد مؤسسته ببنية هيكلية متكاملة قوامها الجانب الروحي والفكري بل وحتى العاطفي ، فضلا عن الميكانيكي لأعضاء الفريق ، وصولا لتحقيق أهدافها المحددة ، وبذلك فأن عماد القيادة هو توظيف الطاقة والفكر أيا كان مصدره من فريق العمل وبذلك يوصف العمل على أنه مبني على أسس من التعاون والمحبة .

ان الأصل في الإدارة وجود قائد لأي تجمع إنساني بما يمد بعمره ويسير أعماله ويبقيه آمنا ، وهذه الحاجة فيه ـــ التجمع ـــ أكثر مما للمدير ، بداعي ان أفكار المرء منهم قد تُحد ولا تصمد إمام روتينية الإدارة وهي بنقيض ذلك إمام مبدأ القيادة ، باعتبار ان القائد له القدرة على إخراج العمل من نفق الروتينية من خلال تسييره وتنشيطه وتطويره .

لذا فحري بنا ان نؤسس لعمل قيادي مبني على اللغة المهنية والتوجيه المسؤول ، بعد التخلص من عمل الإدارات وروتينها القاتل للإبداع  .

المدير القائد  ...

ثمة عناصر ما ، إذا وجدت في فرد ما ؛ يمكن وصفه عندها بالمدير القائد وسيكون عندئذ له تأثير روحي وفكري وأخيرا أداري على من هم ضمن فريقه، وستكون طاعتهم له طوعية مبنية على القناعات أكثر مما على المنصب، ومنها السلطة المبنية على مكانة المدير في نفوس مرؤوسيه كونه أحق منهم في القيادة وأقدرهم على التأثير، من خلال إعطاءه الأوامر والتوجيهات لهم على اختلاف مستوياتهم الفكرية فضلا عن تقدمهم في تنفيذ الإعمال كواحد منهم، على العكس من مفهوم الإدارة البحتة الذي يعتمد فيه المدير على التأثير بفريق عمله متوسلا بوسيلة الفوقية من قرارات وأوامر .  

في حين أن القيادة الإدارية ، او ما يسمى بالإدارة الرائدة فإنها تعتمد على مبادئ التوجيه والإقناع والترشيد فضلا عن الحوار الفرقي بين الرئيس والفريق وهو ما يمنحهم شعورا بالمحبة والمسؤولية والهدفية .

ومن أهم أسس القيادة الإدارية ، ما يلي :

ـــ   الموسوعية المهنية والمعرفة والحكمة وأخيرا الخبرة التي يمتلكها المدير ...

ان اتسام المدير القائد بسمة الخبير والعارف وسطوته المعرفية كحكيم مهني ، تشعر الفريق بأنه مستشارهم ومدرهم اذا ما ضعفوا او نكلوا ، وهي سلطة التخصص المهني لأن التجارب والدخول لميادين الحياة يّسلم المدير القائد عصا التحكم بأفكار وعمل فريقه ، وهذا هو سبب نشوء ما يسمى بـ " النظرية الإدارية " التي تقوم على التخصص الذي يمنح المدير  " القائد الإداري " سلطاته وتأثيره على الفريق من خلال أنظمة وقوانين معينة .

وتعد السلطة المعرفية والخبروية أهم مقاييس قيادة المؤسسات ولا تقتصر على المدراء فحسب بل العاملين كذلك ، وكل حسب مستواه لأن طابعها الرئيس هو العقلانية المبنية على الاعتقاد بحقائق العلم وأحقية بل وشرعية المدير القائد كونه عارفا بمعاييره وطرقه .

ـــ   المسؤولية الأدبية ـــ الإجتماعية ـــ والشعور العالي بالمسؤولية اتجاه الأفراد أكثر مما هو اتجاه العمل ...

وتنبع هذه السلطة من موقعية المدير ، إذ إنها تستند على المركز الوظيفي في الدوائر الرسمية الذي يستند هو الأخر على الترتيب الهرمي ، وهذا مغاير تماما للمدير في المؤسسات الاجتماعية والثقافية كونه يستند على دور المدير فيها إذ نجد فيها الرئيس اقل أهمية من المرؤوسين .

وهناك من المدراء من يحصر الصلاحيات لنفسه بقبضة حديدية ولا يسمح لأحد في التدخل بها ، في حين يوجد نوع اخر منهم ممن يوزع الأدوار ويشرك الآخرين بقراره كمستشارين ومساعدين .

ـــ   الكاريزما القيادية وما يسمى بقوة الشخصية لدى المدير القائد ...

لا تكمل هذه السلطة الا بعد ان يفرض المدير موقعه في قلوب فريق عمله بناء على ما يمتاز به من مؤهلات كثيرة ومتواترة بحيث يسلم لها الآخرون كقدرته على  إدارة الفريق برؤية عميقة وقدرته على اتخاذ القرارات وتطبيقها ومتابعتها ، فضلا عن حسه الإداري المرهف وأخلاقه النبيلة ومعايير عدالته وإنصافه لمن تحت قيادته وإخلاصه في العمل ونزاهته وجدية تفكيره وتفانيه ومحبته لمن حوله .

غادة العلوي